
شهدت العلاقات بين أفغانستان وباكستان خلال السنوات الأخيرة توترًا متصاعدًا يبعث على القلق، بلغ ذروته في عام 2025، مظهرًا مؤشرات واضحة على الانتقال إلى مرحلة من المواجهة العسكرية المباشرة. فقد شنَّ الجيش الباكستاني غارات جوية على المناطق الحدودية داخل الأراضي الأفغانية، ولاسيما في ولايات خوست، وكونر، وبكتیكا، بل وحتى العاصمة، كابل، يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول 2025(1)؛ الأمر الذي قوبل بردود حازمة من جانب إمارة أفغانستان الإسلامية ودفع بالمشهد السياسي والأمني بين البلدين نحو مستوى غير مسبوق من التوتر.
وتقف في صميم هذا التصعيد قضيتان متداخلتان: نشاط حركة طالبان باكستان (TTP) والنزاع التاريخي حول خط ديورند؛ وهما ملفان لا يهددان الأمن الداخلي للطرفين فحسب بل يفرضان تداعيات خطيرة على استقرار جنوب آسيا بأسره. وتشير البيانات الصادرة عن مصادر دولية إلى أنه ما بين عامي 2021 و2025 سُجِّل أكثر من 1200 حالة خرق حدودي و712 تجاوزًا للمجال الجوي الأفغاني من جانب باكستان(2)، وهي أرقام تعكس بوضوح حجم الأزمة واستمراريتها.
ولا شك في أن نطاق هذه التوترات يتجاوز الإطار الوطني الضيق ليكتسب أبعادًا إقليمية ودولية متشابكة، بالنظر إلى الأهمية الجيوسياسية التي يتمتع بها البلدان في جنوب آسيا. فأي مواجهة عسكرية مباشرة بينهما من شأنها التأثير بصورة مباشرة على مشاريع إستراتيجية كبرى، مثل الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني (CPEC)، فضلًا عن مسارات مكافحة الإرهاب وحركة اللجوء والهجرة عبر المنطقة. وتتابع دول الجوار -مثل إيران والهند والصين وروسيا- إلى جانب المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة، هذه المستجدات بقلق بالغ خشية انزلاقها إلى حالة أوسع من عدم الاستقرار الإقليمي. وقد دفعت هذه المخاوف أطرافًا إقليمية ودولية إلى تكثيف مساعي الوساطة؛ حيث عُقدت جولات تفاوضية في الدوحة بوساطة قطر وتركيا أفضت إلى هدنة شملت التعهد بعدم دعم الجماعات المسلحة واحترام السيادة الوطنية لكل طرف(3). غير أن دوام هذا الاتفاق يبقى مرهونًا بمتابعة دقيقة وإرادة سياسية صلبة من الجانبين.
وفي ضوء هذا السياق المعقد، تسعى هذه الدراسة إلى تحليل أسباب التوتر المستجد بين أفغانستان وباكستان، وقراءة أبعاده من منظور الطرفين عبر استعراض الرؤى الرسمية وغير الرسمية في كابل وإسلام آباد بغية تفكيك جذور الخلاف وتحديد العوامل المساهمة في تصعيده وبلورة فهم أوضح للكيفية التي يرى بها كل طرف مصادر التهديد ودوائر المصالح.
الخلفية التاريخية للعلاقات بين أفغانستان وباكستان
تقوم العلاقات بين أفغانستان وباكستان، منذ نشأتها وحتى اليوم، على أرضية مثقلة بعدم الثقة التاريخية والتنافس الجيوسياسي والتحولات الأمنية المتتابعة. ويعد خط ديورند أحد أبرز محاور الخلاف بين البلدين؛ إذ رُسم هذا الخط عام 1893 بين حاكم أفغانستان آنذاك، عبد الرحمن خان، وممثل حكومة الهند البريطانية، السِير مورتيمور ديورند، بوصفه اتفاقًا مؤقتًا لتحديد نطاق النفوذ بين الطرفين. وعلى الرغم من تثبيت هذا الخط في معاهدة راولبندي، عام 1919(4)، فإن أفغانستان لم تعترف به حدًّا دوليًّا بعد تأسيس باكستان عام 1947(5). وقد مثَّل هذا الرفض التاريخي مصدرًا دائمًا للتوتر كما تحوَّل في الوعي الوطني الأفغاني إلى رمز للمقاومة ضد الإرث الاستعماري.
في المقابل، تتمسك باكستان بشرعية هذا الخط وتعده أساسًا لتنظيم علاقاتها الحدودية. وقد أسهم هذا الخلاف الجذري في تفجر مواجهات متكررة داخل الأقاليم الحدودية والقبلية، ولا سيما في خوست، وكونر، وبكتیكا، ليبقى عاملًا ثابتًا في إنتاج عدم الاستقرار داخل مسار العلاقات الثنائية.
ومع مطلع ثمانينات القرن الماضي، تعاظم دور باكستان في الشأن الأفغاني، ليتحول إلى محدِّد رئيسي في المسار السياسي والأمني داخل أفغانستان. ففي مرحلة الجهاد ضد الاتحاد السوفيتي، قدمت إسلام آباد دعمًا واسعًا للفصائل الجهادية، ليس فقط في إطار اصطفافها مع الولايات المتحدة والغرب بل أيضًا بغية ترسيخ نفوذها ومنع قيام نظام أفغاني موال للهند. وبعد انسحاب الجيش السوفيتي وانزلاق البلاد إلى الحرب الأهلية، استمرت باكستان في دعم أطراف محددة وأسهمت خلال تسعينات القرن الماضي في صعود الإمارة الإسلامية (طالبان) بما ينسجم مع إستراتيجيتها المعروفة "بالعمق الإستراتيجي"، الهادفة إلى إيجاد أفغانستان منسجمة مع متطلبات الأمن القومي الباكستاني. وحتى بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 والتحولات اللاحقة في المشهد الدولي، بقيت باكستان فاعلًا رئيسيًّا في الملف الأفغاني، وإن اتسمت العلاقة مع الإمارة الإسلامية بقدر أكبر من التعقيد(6).
ومع عودة الإمارة الإسلامية إلى الحكم، عام 2021، بدت العلاقات الثنائية في بدايتها أقرب إلى الانفتاح والتنسيق، لاسيما عقب زيارة رئيس جهاز الاستخبارات في باكستان في ذلك الوقت، عاصم منیر، إلى كابل، غير أنها ما لبثت أن انتقلت إلى مرحلة جديدة أكثر هشاشة وتعقيدًا(7)، استُبدل فيها بالشراكة الإستراتيجية حالة من التنافس الأمني والريبة المتبادلة. فبينما تتهم إسلام آباد الإمارة الإسلامية بإيواء عناصر حركة طالبان باكستان داخل الأراضي الأفغانية(8) تؤكد كابل أن هذه الحركة منفصلة عنها، وتنفي وجودها رسميًّا داخل البلاد(9). وقد زادت هذه الاتهامات المتبادلة، إلى جانب الاحتكاكات الحدودية والغارات الجوية؛ من حدة التوتر ولاسيما في المناطق القبلية. وفي ضوء هذا المشهد، يتضح أن استشراف مستقبل العلاقات بين الطرفين يتطلب مراجعة معمقة للسياسات الأمنية وتفعيل قنوات الدبلوماسية الإقليمية وإنشاء آليات مشتركة لإدارة الأزمات. ذلك أن استمرار هذا المسار التصادمي لا يهدد فقط أمن البلدين، بل من شأنه أيضًا تعميق حالة عدم الاستقرار داخل جنوب آسيا بأسره.
التحولات الأخيرة وبداية المواجهات بین البلدین
شكَّل القصف الجوي الذي نفذته باكستان ليلة 9 أكتوبر/تشرين الأول 2025 على محيط تقاطع عبد الحق في كابل؛ نقطة تحول مركزية في مسار التوترات الأخيرة؛ إذ ادَّعت إسلام آباد أن الهدف من العملية هو زعيم حركة طالبان باكستان، نور ولي محسود(10)، وقد جاءت هذه الضربة بينما كان وزير الخارجية في الإمارة الإسلامية، أمير خان متقي، في زيارة دبلوماسية إلى الهند؛ الأمر الذي عدَّته كابل -ومعها جهات دولية عديدة- انتهاكًا صريحًا للسيادة الوطنية وخرقًا للترتيبات السابقة. وأعقب الهجوم دويُّ انفجارات عنيفة في عدد من مناطق العاصمة؛ ما أسفر عن إصابة عشرات المدنيين ووفاة بعضهم خلال نقلهم إلى المراكز الصحية.
ولم يؤد ذلك إلى تقويض ما تبقى من الثقة فحسب، بل فجَّر أيضًا سلسلة من التحركات العسكرية المضادة في الولايات الحدودية، مع تبادل الاتهامات ببدء الأعمال العدائية، وتزايد الانتشار الميداني والدوريات الجوية والبرية من كلا الجانبين. وقد أدى هذا التصعيد إلى تأزم المناخ الدبلوماسي وتنامي التحذيرات الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية.
ومن منظور القانون الدولي، فإن استناد باكستان إلى مبدأ "الدفاع الوقائي" يستلزم إثبات وجود تهديد مسلح وشيك، إلى جانب وجود اتفاقات أمنية رسمية تتيح العمل داخل أراضي دولة أخرى. وتنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على مشروعية الدفاع عن النفس حصرًا في حال وقوع "هجوم مسلح"؛ الأمر الذي يجعل أي تدخل عسكري خارج هذا الإطار، ومن دون موافقة الدولة المعنية، أقرب إلى توصيف العدوان(11). وتؤكد كابل أنه لا توجد آلية مشتركة أو تفاهم رسمي يسمح بهذا النوع من العمليات، بينما ترى إسلام آباد أن نشاط حركة طالبان باكستان داخل الأراضي الأفغانية يشكل تهديدًا مباشرًا يستدعي التدخل.
غير أن تقارير حقوقية دولية أعربت عن قلقها إزاء غياب التمييز بين الأهداف العسكرية والمناطق المأهولة، واستخدام القوة المفرطة في بيئات مدنية مكتظة. وقد عمَّق تضارب الروايات هذه البيئة من الاستقطاب ودفع باتجاه حرب دعائية متبادلة وأضعف آليات الشفافية والمساءلة، ما زاد من صعوبة احتواء التصعيد.
كما اتسعت التداعيات الإنسانية والاجتماعية والثقافية لهذا التصعيد بما يعكس انتقال الأزمة من المجال العسكري الصرف إلى نطاق "الأمن الإنساني" والنسيج الاجتماعي بين الشعبين. فقد توالت التقارير حول ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين وعمليات النزوح القسري، إلى جانب تأثيرات مباشرة على الأنشطة المدنية والرياضية، ومنها مقتل لاعبين أفغان في لعبة الكريكت، واستجابة اتحاد الكريكت الأفغاني بإعلان الانسحاب من المنافسات المقامة في باكستان(12). ودعت منظمات دولية -من بينها وكالات تابعة للأمم المتحدة- إلى ضبط النفس، وحماية المدنيين، وإعادة تفعيل قنوات الوساطة خشية تمدد دائرة التصعيد.
وقد أثبتت التطورات الأخيرة أن غياب نظام رقابي حيادي وموثوق تدعمه أطراف إقليمية أو دولية يجعل احتمالات تجدد المواجهات وتمددها نحو ساحات أوسع أمرًا قائمًا. ومن ثم، يتطلب احتواء الأزمة العمل على ثلاثة مسارات متوازية:
- الالتزام باتفاقات وقف إطلاق النار ومنع العمليات العابرة للحدود والالتزام الدقيق بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.
- إنشاء قنوات رسمية وشفافة للتحقيق والمساءلة بشأن الادعاءات المتبادلة.
- تفعيل دور الوساطة الإقليمية والدولية لإعادة بناء الثقة ومعالجة جذور الخلافات الأمنية والسياسية على المدى البعيد.
إن غياب هذه المقاربات قد يفضي إلى تعميق حالة عدم الاستقرار في جنوب آسيا، ويترك ملايين المدنيين في كلا البلدين عرضة لمزيد من المخاطر.
تبیین وجهات النظر المتقابلة في الأزمة الحدودیة بین البلدين
الرؤية الأفغانية: وتقوم في ضوء التطورات الأخيرة، على ثلاثة مرتكزات أساسية: الدفاع عن السيادة الوطنية، واتهام باكستان بدعم الإرهاب، وتحديد موقف الإمارة الإسلامية من حركة طالبان باكستان. وقد برزت هذه المرتكزات بوضوح في الخطابات الرسمية والمواقف الإعلامية عقب الضربات الجوية الباكستانية على ولايات خوست، وكونر، وننجرهار، وبكتیكا. وتؤكد الإمارة الإسلامية، التي تضطلع اليوم بدور الحكومة المركزية، أن هذه الهجمات تمثل "انتهاكًا صريحًا للأجواء والسيادة الوطنیة" لأفغانستان، واصفةً إياها بأنها "استفزازية" و"غير مسؤولة". كما استدعت وزارة الخارجية السفيرَ الباكستاني في كابل مشددة على أن "حماية المجال الجوي الأفغاني خط أحمر"، في محاولة لترسيخ مشروعيتها كسلطة ذات سيادة، رغم عدم حصولها بعدُ على اعتراف دولي رسمي(13).
وتندرج هذه الرسائل في إطار الدفاع السياسي، بقدر ما تعكس رسالة إلى الإقليم والعالم بأن الإمارة الإسلامية تعد نفسها ملتزمة بحماية سلامة الأراضي الأفغانية. وتفيد تقارير ميدانية بأن قوات الإمارة صدَّت هجمات باكستانية في منطقتيْ ناري بولاية كونر، وشینوار في ننجرهار؛ ما يشير إلى انتقال التوتر من طور الاشتباك غير المباشر إلى مواجهة عسكرية محدودة على الأرض.
وعلى مستوى أعمق، تتهم الإمارة الإسلامية باكستان بدعم تاريخي ومستمر لجماعات إرهابية، ترى كابل أنها تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الأفغاني، وتشمل حركة طالبان باكستان وبعض فروع تنظيم داعش، التي استُخدمت -وفق منظور كابل- ورقة ضغط جيوسياسي(14).
في المقابل، تتهم باكستان أفغانستان بتحولها إلى ملاذ آمن لهذه الجماعات، وتَعُدُّ عجز الإمارة عن احتوائها سببًا رئيسيًّا في تصعيدها العسكري. وقد أفضى هذا التراشق الاتهامي إلى اتساع رقعة انعدام الثقة، واستدعاء القوة العسكرية أداة ضغط موازية للدبلوماسية.
ويُعد موقف الإمارة الإسلامية من حركة طالبان باكستان من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا داخل منظومة الخلاف؛ إذ تنفي كابل وجود علاقة تنظيمية مع الحركة، وتؤكد أنها كيان مستقل لا يخضع لسلطتها. غير أن باكستان ادَّعت استهداف زعيمها، نور ولي محسود، داخل الأراضي الأفغانية، قبل أن يتبين لاحقًا أنه كان في المناطق القبلية داخل باكستان ولا يزال على قيد الحياة(15). كما تشير تصريحات صادرة عن مسؤولين أفغان إلى أنه ما بين عامي 2021 و2025 سُجِّل أكثر من1200 انتهاك حدودي و712 اختراقًا جويًّا نفذتها القوات الباكستانية داخل الأراضي الأفغانية، وهو ما تعده الإمارة دليلًا على سياسة تدخلية ممنهجة. وتؤكد في الوقت ذاته عدم سماحها بوجود حركة طالبان باكستان داخل الأراضي الأفغانية(16).
الرؤية الباكستانية: أما باكستان، فتستند في رؤيتها إلى ثلاثة مرتكزات مقابلة: الخشية من نشاط حركة طالبان باكستان انطلاقًا من الأراضي الأفغانية، والدعوة المتكررة إلى قيام الإمارة بإجراءات ملموسة ضدها، والتركيز على أمن الحدود المشتركة. ومنذ عودة الإمارة الإسلامية إلى السلطة، عام 2021، تزعم إسلام آباد أن الحركة تستخدم المناطق الحدودية الأفغانية ملاذًا للتخطيط لهجمات ضد الجيش الباكستاني. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عام 2025 وحده شهد أكثر من300 هجوم في إقليم خيبر بختونخوا، نُسِبَ العديد منها إلى حركة طالبان باكستان. وصرَّح وزير الدفاع الباكستاني، خواجه آصف، في مقابلة مع قناة "جيو نيوز"، بأن "البيئة معادية"، محذرًا من إمكانية تجدد المواجهة في أي لحظة(17).
وفي السياق الدولي، نقل رئيس الوزراء، شهباز شریف، هذا الموقف إلى الأمم المتحدة، مطالبًا الإمارة الإسلامية بضمان عدم تحويل الأراضي الأفغانية إلى منصة للهجمات ضد الدول المجاورة. بينما تعد كابل هذه القضية شأنًا داخليًّا باكستانيًّا، وتدعو إسلام آباد إلى حوار مباشر مع الحركة داخل أراضيها. وفي المحافل الثنائية، مثل مباحثات الدوحة واللقاءات الثلاثية في كابل، طالبت باكستان باتخاذ إجراءات يمكن التحقق منها ضد طالبان باكستان وجيش تحرير بلوشستان (BLA)، في حين شدَّدت الإمارة على وجوب تقديم معلومات استخبارية دقيقة حول مواقع هذه الجماعات. وفي مارس/آذار 2024، طلب المندوب الباكستاني لدى الأمم المتحدة من مجلس الأمن، الضغط على الإمارة لقطع صلاتها بالحركة(18). وبعد تعثر المسار الدبلوماسي، لجأت إسلام آباد إلى عمليات عسكرية أحادية، منها الهجمات الجوية داخل كابل، وخوست، وكونر، وبكتیكا؛ ما فاقم حدة التوتر. ويعكس هذا النهج إستراتيجية مزدوجة تقوم على الدمج بين الضغط السياسي واستخدام القوة المسلحة.
لقد دفعت هذه التطورات العلاقات الثنائية إلى مرحلة جديدة من التعقيد الإستراتيجي، بشكل يستدعي دبلوماسية نشطة وآليات رقابة إقليمية ومراجعة شاملة للسياسات الأمنية، منعًا لانزلاق الأزمة إلى مستويات أعمق.
الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع
إن التوتر القائم بين أفغانستان وباكستان لا يمكن اختزاله في كونه خلافًا ثنائيًّا فحسب، بل يعد أزمة متعددة المستويات ذات امتدادات إقليمية ودولية واضحة. فاستمرار هذا التصعيد، إذا ما طال أمده، من شأنه أن يحوِّله إلى تهديد مباشر لمعادلات الأمن والاستقرار في جنوب آسيا وما حولها. ويعد الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، وهو مشروع إستراتيجي يدخل ضمن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ويهدف إلى ربط غرب الصين بميناء "غوادر" على بحر العرب؛ أحد أبرز المجالات المتأثرة بتصاعد هذا التوتر. ومع أن الصين أبدت اهتمامًا بتمديد هذا الممر ليشمل الأراضي الأفغانية، أملًا في توسيع نفوذها الاقتصادي وتعزيز شراكاتها الإقليمية، فإن حالة انعدام الثقة والتدهور الأمني على الحدود قد وضعت هذه الخطط أمام عوائق حقيقية. ويدرك صانع القرار في بكين أن أي خلل أمني يهدد الممر سيفضي إلى انعكاسات سلبية على مصالحه الإستراتيجية، سواء من حيث حماية الاستثمارات أو من حيث مكانة الصين الجيوسياسية.
وعلى مستوى التفاعلات الإقليمية، تعكس مواقف الدول المجاورة والمؤسسات الدولية حجم القلق من احتمالية توسع دائرة الصراع. فقد دعت الأمم المتحدة، وعلى رأسها الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، إلى ضبط النفس وفتح حوار مباشر بين الطرفين، مع التشديد على ضرورة حماية المدنيين. وتشير التقارير الإحصائية إلى أنه منذ 9 أكتوبر/تشرين الأول 2025 قُتل عشرات المدنيين الأفغان وجُرح المئات، وهو ما رفع منسوب المخاوف الإنسانية. وفي السياق ذاته، حذَّر خبراء أمنيون من غياب آليات إقليمية فاعلة لإدارة الأزمات بين الطرفين؛ الأمر الذي يجعل احتمالات الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة أكثر حضورًا وتناميًا(19).
أما على المستوى الدولي، فإن معادلة الأمن الإقليمي بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، عام 2021، دخلت طورًا جديدًا من التنافس الجيوسياسي. فمن جهة، تتابع الولايات المتحدة الملف الأفغاني من زاوية مكافحة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود، مع توجيه اتهامات متكررة بوجود نشاط لتنظيمات مثل داعش وطالبان باكستان انطلاقًا من الأراضي الأفغانية. ومن جهة أخرى، تراقب روسيا المشهد من منظور حماية عمقها الإستراتيجي في آسيا الوسطى، وتسعى إلى تعزيز التنسيق الأمني الإقليمي لاحتواء المخاطر المحتملة. ويضاعف هذا التداخل بين الفاعلين الدوليين من تعقيد الأزمة؛ إذ أصبحت ساحة التوتر بين كابل وإسلام آباد نقطة التقاء بين الحسابات المحلية والصراعات الجيوسياسية الكبرى.
وعليه، يتبين أن احتواء هذه الأزمة لن يكون ممكنًا عبر معالجة أمنية منفردة، أو عبر ضغوط أحادية الجانب، بل يتطلب مقاربةً شاملة تقوم على احترام سيادة أفغانستان وتكريس الثقة المتبادلة وتعزيز التعاون الإقليمي لضمان عدم تحول الخلاف الحدودي إلى صراع يهدد البنية الأمنية برمتها في جنوب ووسط آسيا.
التحليل المحتمل لتداعيات استمرار الصراع بين البلدين
قد تؤدي الخلافات المستمرة والتصعيد العسكري المتبادل بين أفغانستان وباكستان خلال السنوات الماضية إلى انعكاسات عميقة ومتعددة الأبعاد، يمكن إجمالها في المحاور الآتية:
التداعيات الأمنية: ستحمل المواجهات الراهنة آثارًا أمنية بالغة التعقيد والتداخل. أول مظاهر ذلك هو انهيار الثقة الثنائي وتوقف قنوات التعاون الأمني بين الطرفين. فقد بُذلت في السابق جهود لإقامة آليات مشتركة لتبادل المعلومات وإدارة الحدود والتصدي للجماعات المسلحة، لكن الهجمات الجوية الباكستانية وردود الفعل العسكرية من قبل الإمارة الإسلامية عطلت هذه المسارات تمامًا وزادت من مستوى عدم الثقة بين كابل وإسلام آباد.
ونتيجة لذلك، لن يقتصر التأثير على تقليل التعاون في مكافحة الإرهاب فحسب، بل سيفتح أيضًا باب المنافسات المضرة في ميادين الاستخبارات والقدرات العسكرية وحتى الحرب السيبرانية. وسيؤدي تراجع التنسيق الأمني، لاسيما في المناطق الحدودية، إلى تعرض كلا البلدين لمخاطر إرهابية أكبر، وإلى ارتفاع احتمالات تصاعد الهجمات العابرة للحدود. كذلك، فإن حالة عدم الاستقرار في أقاليم مثل خيبر بختونخوا وبلوشستان؛ حيث تتداخل الجماعات العرقية وتتنشط فصائل مسلحة، قد تؤجج موجات من العنف الداخلي والإقليمي.
التداعيات المتعلقة بحقوق الإنسان: من زاوية حقوق الإنسان، ستترتب على الحرب تبعات إنسانية جسيمة تصيب المدنيين في المقام الأول. فالهجمات الجوية وتبادلات إطلاق النار في مناطق مثل بكتیكا، وخوست، وبكتیا أدت إلى نزوح آلاف العائلات الأفغانية قسريًّا. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024 وحتى الآن، اضطر أكثر من 1500 أسرة إلى النزوح أو العبور إلى خارج الحدود، وأن هذا الرقم ارتفع في العام 2025 إلى أكثر من 80 ألف شخص(20). وتخلق موجات الهجرة هذه ضغوطًا هائلة على البنى التحتية الإنسانية والخدماتية والاقتصادية للدول المستقبلة؛ مما يفاقم الأزمات الإنسانية على نحو واسع.
وإلى جانب ذلك، أدت الانتهاكات -بما فيها سقوط ضحايا من المدنيين والنساء والأطفال جرَّاء الضربات الجوية- إلى إدانات محلية ودولية قوية. ورغم دعوات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى الالتزام بحمايات القانون الدولي الإنساني، فإن غياب آليات رقابية فعالة أسهم في استمرار هذه الانتهاكات، مما يؤثر سلبيًّا على مصداقية الأطراف المتورطة على المسرح الدولي.
التداعيات الاقتصادية: سينعكس النزاع سلبيًّا على المشاريع الإقليمية والتنمية المحلية للطرفين. ويعد الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني من أبرز القطاعات المعرضة للخطر؛ إذ يجسد استثمارًا إستراتيجيًّا ضخمًا يهدف إلى ربط غرب الصين بميناء غوادر، وكان هناك حديث عن إمكانيات لتمديد مزايا المشروع إلى أفغانستان. ومع تفاقم حالة العنف على الحدود، تتعرض سلامة الطرق والمشاريع البنيوية للخطر، وهو ما دفع بكين إلى إبداء مخاوف جدية بشأن إمكانية امتداد الصراع وتأثيره على استثماراتها ومكانتها الإستراتيجية. كما سينجم عن الأزمة تراجع في الاستثمارات الأجنبية واضطراب في التجارة الحدودية وارتفاع تكاليف الإنفاق الأمني للدولتين؛ ما يعطِّل مسارات النمو والتنمية ويقلص آفاق التعاون الاقتصادي الإقليمي.
التداعيات الجيوسياسية والدولية: يزيد استمرار النزاع احتمالات تحويله إلى مواجهة بالوكالة، فحضور مصالح كبرى لفاعلين -مثل الصين، والهند، وإيران، وروسيا، والولايات المتحدة- في مساريْ أفغانستان وباكستان، يجعل من الممكن أن يدعم كل منها أطرافًا معينة لتحقيق مكاسب نفوذ إقليمي. فقد تلجأ نيودلهي إلى مبادرات لتقليص النفوذ الباكستاني في كابل، بينما قد تضطر بكين من أجل حماية "سپيك" ومصالحها إلى تبني مواقف أكثر فعالية، وربما أدوار أمنية أوسع إذا تدهورت ظروف الحماية للبنى التحتية. أما إيران، فنظرًا للروابط المذهبية والقبائلية عبر الحدود، قد تدخل الساحة بأدوات نفوذ خاصة بها، في حين يمكن للتنافس الاستخباري بين موسكو وواشنطن أن يفاقم استقطاب الأطراف المحلية ويعقِّد المشهد.
وترتب هذه الديناميات خطر تحويل النزاع إلى ساحة مواجهة بين حلفاء إقليميين أو دوليين؛ ما يجعل استقرار جنوب ووسط آسيا عرضةً لمخاطر أكبر. إن إدارة هذه الأزمة تتطلب مقاربة شاملة تقوم على دبلوماسية نشطة وإرساء آليات رقابية وإدارة أزمات إقليمية وتعاون متعدد الأطراف يهدف إلى احتواء التصعيد ومنع تحول الخلاف إلى صراع يهدد الاستقرار الإقليمي.
سيناريوهات أزمة أفغانستان وباكستان
نستعرض فيما يلي أربعة سيناريوهات محتملة لمسار الأزمة، كل منها يعكس مسارات بديلة عن التصعيد أو الحل:
الأول: في هذا السيناريو، يؤدي استمرار الضربات الجوية والعمليات البرية الباكستانية في المناطق العابرة للحدود، بما فيها أرجاء مدينة كابل والمناطق الحدية، مثل خوست وكونر وننجرهار وباجور، إلى إدخال أفغانستان وباكستان في حلقة من العنف المستفحل. وإذا كررت الإمارة الإسلامية موقفها القائل: إن "المجال الجوي الوطني خط أحمر" وهددت بالرد العسكري على أي اعتداء(21)، فإن احتمال اتساع رقعة الاشتباكات يزداد. وتتحول الحدود في هذه الحالة إلى ساحة لصراعات بالوكالة بين فاعلين إقليميين، مثل الهند وإيران والصين؛ ما يُفقد السيطرة على الجهات المحلية ويعقِّد المشهد الجيوسياسي. كما يؤدي استمرار القتال إلى زعزعة الأمن الداخلي في البلدين، وتهديد مباشر للمشاريع الاقتصادية والبنى التحتية الحدودية، بينما قد تبلغ التداعيات الإنسانية والاقتصادية والأمنية مستوى يجعل العودة إلى مسار السلام والحوار أصعب بكثير.
الثاني: في حال فشل المحادثات الدبلوماسية بين كابل وإسلام آباد، يترسخ طريق مسدود سياسي وأمني. وقد يبلغ الأمر حدَّ قطع العلاقات الدبلوماسية أو خفض مستوى التعاون؛ ما يؤدي إلى وقف تبادل المعلومات الاستخباراتية وإغلاق طرق التجارة وتصاعد سوء التفاهمات العسكرية. وفي ظل هذا الفراغ، قد تستثمر جماعات مسلحة مثل طالبان باكستان وداعش خراسان وجيش تحرير بلوشستان؛ الفرصة لتوسيع نشاطها مستغلة غياب التنسيق الأمني؛ ما ينذر بتدهور أوسع للأمن الداخلي في كلا البلدين.
الثالث: يركز هذا السيناريو على مسار تفاوضي يهدف إلى تهدئة الأوضاع، ويمكن أن ينجح عبر وساطات دول ثالثة مثل قطر وتركيا والصين، التي تحتفظ بعلاقات متوازنة مع الطرفين وتملك قدرة على خلق مناخ للحوار وبناء الثقة. وتمثِّل آليات مشتركة لإدارة الحدود وتبادل المعلومات الأمنية ورصد نشاطات الميليشيات أدواتٍ محوريةً لمنع اندلاع اشتباكات عَرَضية وتحسين الأمن المحلي.
وفي هذا الإطار، عُقدت، في أكتوبر/تشرين الأول 2025، مباحثات بين وفود أفغانية وباكستانية في الدوحة بوساطة قطر وتركيا، وأفضت إلى اتفاق على وقف فوري لإطلاق النار(22). وبالرغم من أن التفاصيل التنفيذية لم تُكشف بالكامل بعد، فقد بُرمجت جولات متابعة لضمان تنفيذ التفاهم. وتشير هذه الخطوة إلى أنه حتى في ظل الجمود، يمكن فتح نوافذ للتراجع عن التصعيد إذا توافرت الإرادة السياسية والدعم الإقليمي. ويُعد استئناف الحوارات الثنائية حول مكافحة الإرهاب مدخلًا ليس فقط لخفض وتيرة العنف، بل أيضًا لمد جسور تعاون أوسع في المجالات الاقتصادية والإنسانية والثقافية. وفي أفضل صور هذا السيناريو، تؤسس خطوات الثقة المتبادلة لأرضية تمكِّن من إبرام تفاهمات أمنية واقتصادية قصرية في الأجل القصير.
الرابع: هذا السيناريو هو الأكثر طموحًا وأملًا في الوقت ذاته، ويقوم على تحويل الخلاف إلى فرصة لإطلاق تعاون إقليمي شامل. وفيه تتكاتف أفغانستان وباكستان، بمشاركة جيرانهما كالشرق الأوسط الإقليمي (إيران) والهند وجمهوريات آسيا الوسطى، لتأسيس معاهدات أمنية جديدة في جنوب آسيا. ويمكن أن تشمل هذه الشراكات إدارة الموارد المائية المشتركة ومشروعات بنية تحتية إقليمية والتجارة عبر الحدود وتطوير قطاع الطاقة (التيار الكهربائي والغاز). كما يمكن لتعزيز دور آليات إقليمية -مثل "سارك" و"منظمة شنغهاي للتعاون"- أن يسهم في توحيد السياسات الأمنية والاقتصادية. وإذا رافق هذا المسار إرادة سياسية راسخة وبرامج ثقة بعيدة المدى، فثمة إمكانية حقيقية لانتشال البلدين من دوامة العنف وتحويل جنوب آسيا من ساحة تنافس إلى فضاء للتقارب الاقتصادي والأمني؛ حيث تحل المصالح المشتركة محل التصدعات التاريخية، وتتكون أسس تنمية مستدامة للأجيال القادمة.
خاتمة
إن النزاعات الأخيرة بين أفغانستان وباكستان لا تعكس فقط خلافات تاريخية وجيوسياسية بين البلدين بل تكشف أيضًا عن التعقيدات الناشئة في البنية الأمنية لمنطقة جنوب آسيا. فمن حدود دیورند إلى قضية حركة طالبان باكستان، ومن المنافسات الاستخباراتية إلى المشاريع الاقتصادية مثل الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني. وكل هذه العناصر لعبت دورًا في تشكيل الأزمة الراهنة. وقد أدت الغارات الجوية والاشتباكات البرية والتفاعلات العسكرية المتبادلة إلى تعزيز مناخ عدم الثقة إلى درجة جعلت حتى الجهود الدبلوماسية في بعض الحالات تواجه الشك والهشاشة. وفي هذا السياق، تواجه الأمنَ الداخلي لكلا البلدين تهديدات متعددة الأبعاد، في حين تستفيد الجماعات شبه المسلحة من الثغرات القائمة لتوسيع نفوذها. وهذا الوضع لا يضعف الاستقرار الثنائي فحسب، بل يعرِّض الأمن الإقليمي للخطر أيضًا.
مع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى أن مسار الدبلوماسية لم يغلق بالكامل، فقد أسفرت مفاوضات الدوحة، في أكتوبر/تشرين الأول 2025، التي جرت بوساطة قطر وتركيا، عن اتفاق هش لوقف إطلاق النار. ورغم محدودية هذا الاتفاق، فإنه يبيِّن قدرة الحوار على العمل حتى في ظل الظروف الحرجة.
ومع أن التنفيذ الفعلي لهذا الاتفاق يتطلب رقابة مستمرة وإرادة سياسية قوية، فإنه يمكن أن يشكل نقطة انطلاق لإعادة بناء الثقة وتقليل التوترات. كما أن دور الدول الثالثة في خلق بيئة للحوار، خصوصًا تلك التي تحافظ على علاقات متوازنة مع كابل وإسلام آباد، قد يكون فعالًا في تسهيل مسار السلام. فضلًا عن ذلك، فإن إعادة قراءة العلاقات الأمنية والاقتصادية ضمن إطار التعاون الإقليمي، يمكن أن تهيئ الطريق للخروج من الجمود والانتقال نحو استقرار دائم.
في النهاية، يعتمد مستقبل العلاقات بين أفغانستان وباكستان على مدى قدرة البلدين على تجاوز النزاعات التاريخية والتركيز على المصالح المشتركة. فكل من السيناريوهات المطروحة، بدءًا من تصاعد النزاعات إلى التعاون الإقليمي، يحمل تبعاته الخاصة، ويتطلب اختيارُ المسار الأنسب تحليلًا دقيقًا، ودبلوماسية فاعلة، ومشاركة متعددة الأطراف.
وفي ظل تصاعد المنافسات الجيوسياسية بين القوى العالمية، يجب على أفغانستان وباكستان تجنب أن تصبحا ساحة صراع بالوكالة، وأن تسعيا -بدلًا من المواجهة- إلى إيجاد آليات مشتركة لإدارة الأزمات وتعزيز التنمية الاقتصادية وحماية الأمن الإنساني. ومن خلال الحوار وبناء الثقة والتعاون الإقليمي، يمكن التوصل إلى رؤية يكون فيها السلام ليس حلمًا بعيدًا، بل واقعًا قابلًا للتحقق.
- Ministry of Foreign Affairs of Pakistan. “Full transcript of the press briefing by the spokesperson.” Ministry of Foreign Affairs Pakistan, 17 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak01
- Times of India. “Over 1,200 border breaches and 712 Afghan airspace incursions over the past four years according to Afghan sources.” Times of India, 19–20 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak02
- Pajhwok Afghan News. “Afghanistan, Pakistan agree on comprehensive truce in Doha talks.” 19 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak03
- “Durand Agreement between Abdul Rahman Khan and Sir Henry Mortimer Durand.” SATP-ORG, 12 Nov. 1893. https://bit.ly/afg-pak04
- Ministry of Foreign Affairs of the Islamic Republic of Afghanistan. “Statement on the Durand Line.” 5 Oct. 2017.
- Iyad, Adel. “Afghanistan and Pakistan approaches in the context of disputed borders.” Int. J. of Humanities and Social Sciences, no. 2222, 2023, pp. 52–58. https://bit.ly/afg-pak05
- Center for Strategic and Regional Studies (CSRS). “Tensions between the Islamic Emirate and Pakistan government; Impacts on bilateral relations.” 9 Jan. 2025. https://bit.ly/afg-pak06
- Syed, Baqir Sajjad. “Kabul shows ‘response’ to Pakistan’s concerns over TTP sanctuaries.” Dawn, 25 July 2025. https://bit.ly/afg-pak07
- “Spokesperson of the Islamic Emirate: TTP does not operate on Afghan territory.” Pamir Agency, 8 June 2023. https://bit.ly/afg-pak08
- “TTP leader stirs Pakistan-Afghanistan conflict debate.” The News, 17 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak09
- United Nations. Charter of the United Nations. New York: United Nations, 1945. https://bit.ly/afg-pak10
- Associated Press. “Afghanistan withdraws from Twenty20 cricket tri-series in Pakistan over military strikes.” 18 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak11
- Pajhwok Afghan News. “Pakistani mortar attack targets border areas, causing civilian casualties.” 12 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak12
- Pajhwok Afghan News. “Mujahid: Pakistan should expel or hand over ISIS-K leaders and affiliates.” 12 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak13
- Economic Times. “Pakistan’s Kabul strikes fail: Noor Wali Mehsud, Asim Munir’s top target in Afghanistan is still alive.” 16 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak14
- Times of India. “Over 1,200 border breaches and 712 Afghan airspace incursions…” Times of India, 19–20 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak15
- Khawaja Asif. “Khawaja Asif warns of worsening Afghan ties amid surge in terrorist attacks.” Geo TV, 11 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak16
- APP (Associated Press of Pakistan). “Pakistan urges UNSC to ask Afghan Taliban to cut ties with TTP.” Dawn, 7 Mar. 2024. https://bit.ly/afg-pak17
- UNAMA. “UNAMA welcomes Afghanistan-Pakistan ceasefire, urges protection of civilians.” 16 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak18
- UNHCR. “UN: Return of millions of Afghans comes with poverty, debt, and inequality.” Afghanistan International, Aug. 2025. https://bit.ly/afg-pak19
- Ministry of Foreign Affairs of Afghanistan. “Ministry warns Pakistan Chargé d’Affaires: Protecting Afghan soil is a red line for the Islamic Emirate.” 1TVNews, 26 Dec. 2024. https://bit.ly/afg-pak20
- Al Jazeera. “Afghanistan and Pakistan agree to ceasefire after talks in Doha.” Al Jazeera, 19 Oct. 2025. https://bit.ly/afg-pak21