الانتقال الديمقراطي: إطار نظري

الهدف من هذه الدراسة تسليط الضوء على بعض المفاهيم والأطروحات النظرية التي تؤصل لعملية الانتقال الديمقراطي من خلال التعريف بالمفهوم، ورصد وتحليل أسباب الانتقال، وطرق أو أساليب عملية الانتقال، ومخرجات هذه العملية، لا سيما فيما يتعلق بترسيخ الديمقراطية في مرحلة ما بعد الانتقال.
fb391429abce4da0b52931eb9c36f09f_18.jpg
الانتقال الديمقراطي: إطار نظري (الجزيرة)

مقدمة

لقد شكلت قضية "الانتقال الديمقراطي" (Democratic Transition) أو عملية "الدمقرطة" (Democratization) مبحثا رئيسا في علم السياسة منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية ظهر عدد كبير من الكتب والدراسات والتقارير التي تناولت هذه القضية على مستويات مختلفة: نظرية وتطبيقية، كمية وكيفية، دراسات حالة ودراسات مقارنة. وطرحت أدبيات "الانتقال الديمقراطي" العديد من المفاهيم والمقولات النظرية والمداخل المنهاجية والتحليلية لمقاربة هذه الظاهرة. كما اهتمت بفحص ومناقشة طائفة واسعة من القضايا والمتغيرات ذات الصلة بعملية الانتقال سواء من حيث مدخلاتها (الأسباب)، أو أنماطها (طرق الانتقال)، أو مخرجاتها (طبيعة النظم السياسية في مرحلة ما بعد الانتقال) (1).

وقد جاء هذا التراكم الأكاديمي الضخم مقترنا بما سُمي بـ"الموجة الثالثة للتحول الديمقراطي"، والتي انطلقت منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين من جنوب أوروبا (البرتغال، إسبانيا، اليونان)، ثم امتدت خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات لتشمل العديد من بلدان أميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا وشرق ووسط أوربا، فيما بقي العالم العربي يُنظر إليه على أنه يمثل "استثناءً" ضمن هذه الموجة (2).

 وعلى الرغم من وجود طفرة هائلة في الأدبيات المتعلقة بظاهرة الانتقال الديمقراطي على المستوى العالمي، ووجود مراكز بحثية ودوريات عالمية متخصصة في دراسة قضايا الديمقراطية والانتقال الديمقراطي في مناطق مختلفة من العالم، إلا أن الكتابات العربية التي اهتمت بالتأصيل لهذه الظاهرة ودراستها سواء على المستوى النظري، أو على مستوى الدراسة المقارنة ظلت بصفة عامة قليلة إن لم تكن نادرة (3)، الأمر الذى بات يمثل فجوة حقيقية في حقل السياسة المقارنة في الجامعات ومراكز البحوث العربية.

والهدف من هذه الدراسة هو تسليط الضوء على بعض المفاهيم والأطروحات النظرية التي تؤصل لعملية الانتقال الديمقراطي، وذلك من خلال التعريف بالمفهوم، ورصد وتحليل الأسباب التي تؤدي إلى الانتقال، والطرق أو الأساليب التي تتم من خلالها عملية الانتقال، ومخرجات هذه العملية، لا سيما فيما يتعلق بترسيخ الديمقراطية في مرحلة ما بعد الانتقال.

في التعريف بمفهوم "الانتقال الديمقراطي"

يشير مفهوم "الانتقال الديمقراطي" في أوسع معانيه إلى العمليات والتفاعلات المرتبطة بالانتقال أو التحول من صيغة نظام حكم غير ديمقراطي إلى صيغة نظام حكم ديمقراطي. ومن المعروف أن هناك عدة أشكال أو أنماط لنظم الحكم غير الديمقراطية، فهي يمكن أن تكون شمولية أو تسلطية مغلقة، مدنية أو عسكرية، حكم فرد أو حكم قلة...إلخ. كما أن هناك حالات ومستويات متعددة للنظام الديمقراطي الذى يتم الانتقال إليه. فقد ينتقل نظام تسلطي مغلق إلى نظام شبه ديمقراطي يأخذ شكل ديمقراطية انتخابية، ويمكن أن يتحول نظام شبه ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي ليبرالي أو يكون قريبا منه. كما أن الانتقال إلى النظام الديمقراطي يمكن أن يتم من أعلى، أي بمبادرة من النخبة الحاكمة في النظام غير الديمقراطي أو الجناح الإصلاحي فيها، أو من أسفل بواسطة قوى المعارضة المدعومة بتأييد شعبي واسع، أو من خلال المساومة والتفاوض بين النخبة الحاكمة وقوى المعارضة لها، أو من خلال تدخل عسكري خارجي (4). وكل ذلك يؤكد على مدى التعدد والتنوع في تجارب وخبرات الانتقال الديمقراطي.

وبناءً عليه، فإن مفهوم "الانتقال الديمقراطي" يشير من الناحية النظرية إلى مرحلة وسيطة -تشهد في الأغلب الأعم مراحل فرعية- يتم خلالها تفكيك النظام غير الديمقراطي القديم أو انهياره، وبناء نظام ديمقراطي جديد. وعادة ما تشمل عملية الانتقال مختلف عناصر النظام السياسي مثل البنية الدستورية والقانونية، والمؤسسات والعمليات السياسية، وأنماط مشاركة المواطنين في العملية السياسية...إلخ. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية قد تشهد صراعات ومساومات وعمليات تفاوض بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين (5).

وحسب كثير من الأدبيات السابقة، فإنه يمكن اعتبار عملية الانتقال الديمقراطي قد اكتملت متى ما توفرت عدة مؤشرات منها: وضع ترتيبات دستورية ومؤسسية بالتوافق بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين بشأن النظام السياسي الجديد وبخاصة فيما يتعلق بإصدار دستور جديد، وتشكيل حكومة من خلال انتخابات عامة تكون حرة ونزيهة، على أن تمتلك هذه الحكومة القدرة والصلاحية على ممارسة السلطة وإقرار سياسات جديدة تعكس حالة الانتقال إلى الديمقراطية، فضلا عن عدم وجود قوى أخرى تنازع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية صلاحياتها واختصاصاتها (6).

ونظرا لأن عملية "الانتقال الديمقراطي" هي عملية معقدة بطبيعتها، تتداخل في تشكيل مساراتها ونتائجها عوامل عديدة، داخلية وخارجية، فقد تكون مصحوبة بمرحلة جديدة تتمثل في ترسيخ النظام الديمقراطي، وقد لا يترتب عليها قيام نظام ديمقراطي في مرحلة ما بعد الانتقال، وذلك في حال حدوث ردة أو انتكاسة تقود إلى نشوب صراع داخلي أو حرب أهلية أو ظهور نظام تسلطي جديد (7). كما أن مرحلة الانتقال قد تفضي إلى ظهور نظم سياسية هجين، بمعنى أنها نظم لا تُعتبر غير ديمقراطية بالمعنى الكلاسيكي، شمولية أو تسلطية مغلقة، ولا تكون في الوقت نفسه ديمقراطية كاملة أو راسخة، أي تجمع بين بعض عناصر النظم غير الديمقراطية وبعض ملامح وعناصر الديمقراطية. وقد حدث هذا في كثير من الحالات لدرجة أن هذه النظم الهجين باتت تشكل ظاهرة على الصعيد العالمي على نحو ما سيأتي ذكره.

وبناءً عليه، يمكن القول: إن النظم التي تمر بمرحلة انتقال إلى الديمقراطية تنتشر على خط متصل، يقع على طرفه الأول النظام غير الديمقراطي في صورته النموذجية سواء أكان شموليا أو سلطويا مغلقا، مدنيا أو عسكريا، حكم فرد أو حكم قلة...الخ، ويقع على طرفه الآخر النظام الديمقراطي في نمطه المثالي، والذى تُعد النظم الديمقراطية الليبرالية الراسخة في الدول الغربية أقرب النماذج إليه.

في أسباب الانتقال الديمقراطي

أكدت الموجة الثالثة للانتقال الديمقراطي على أن هناك مجموعة من الأسباب الداخلية والخارجية التي أدت إلى الانتقال، وأن هذه الأسباب تختلف من حالة إلى أخرى، بحيث أن ما يمكن اعتباره أسبابا حاكمة في هذه الحالة أو تلك قد لا يكون كذلك في حالات أخرى. ومن هنا تأتى أهمية دراسة حالات الانتقال الديمقراطي من منظور مقارن.

وبصفة عامة، فإنه لا يمكن تفسير الانتقال الديمقراطي بعامل أو بسبب واحد فقط، فعادة ما يكون ذلك نتاجا لعوامل عديدة ومتداخلة بعضها جوهري والآخر ثانوي، بعضها داخلي والآخر خارجي، بعضها يتعلق بالعوامل البنيوية الموضوعية (الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والدينية) التي تشكل بيئة الانتقال، وبعضها الآخر يتصل بالفاعلين السياسيين من حيث هوياتهم واختياراتهم وإستراتيجياتهم. وفى ضوء ذلك، فإنه يمكن تصنيف الأسباب الداخلية للانتقال الديمقراطي إلى ثلاث مجموعات (8):

  • أولاها، أسباب تتعلق بتفاقم حدة الأزمات الداخلية وعجز النظام غير الديمقراطي عن مواجهتها بفاعلية. وهذه الأزمات قد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية. كما يمكن أن تتأزم الأوضاع الداخلية نتيجة هزيمة عسكرية خارجية. وعندما يعجز النظام عن مواجهة هذه الأزمات بفاعلية وكفاءة فإنه يفقد شرعيته، وبالتالي تتصاعد حدة المعارضة ضده. وهنا قد تلجأ النخبة الحاكمة في هذه الحالة إلى تبني نوع من الانفتاح السياسي أو التحرك على طريق الديمقراطية لاستيعاب المعارضة. وقد تحدث ثورة أو انتفاضة شعبية واسعة تطيح بالنظام  التسلطي وتدشن لمرحلة الانتقال الديمقراطي. ولكن إذا كانت الأزمات الداخلية تدفع في اتجاه الانتقال الديمقراطي في بعض الحالات، فإن بعض الانجازات الاقتصادية والاجتماعية التي يحققها النظام غير الديمقراطي في بعض الفترات قد تعزز من فرص وإمكانات الانتقال الديمقراطي في فترات تالية، فالتنمية الاقتصادية، وزيادة متوسط دخل الفرد، وارتفاع معدلات التعليم، كلها عوامل تسهم في خلق بيئة ملائمة للانتقال الديمقراطي.
  • وثانيتها، أسباب تتعلق بطبيعة الفاعلين السياسيين من حيث هوياتهم وميزان القوة النسبي فيما بينهم. ويتضمن ذلك عناصر عديدة منها: درجة تماسك النخبة الحاكمة، وموقف كل من الجيش وقوات الأمن منها، وحجم التأييد الشعبي لها، وطبيعة قوى المعارضة السياسية ومدى فاعليتها في تحدى النخبة الحاكمة. وفي هذا السياق، يمكن القول: إن القيادة السياسية أو الجناح الإصلاحي في النخبة الحاكمة قام في بعض الحالات بدور حاسم في عملية الانتقال الديمقراطي. ويحدث ذلك عندما تصل القيادة السياسية إلى قناعة مفادها أن التحرك على طريق الدمقرطة هو المسلك الآمن لتجنب احتمالات تغيير النظام بالقوة. كما أن وجود معارضة سياسية قوية وقادرة على التنسيق فيما بينها وتحريك الشارع ضد النظام الحاكم يعزز من فرص المساومة والتفاوض مع الحكم بشأن الانتقال الديمقراطي، وربما إطاحته من خلال انتفاضة أو ثورة شعبية، بحيث يصبح الطريق ممهداً للانتقال بعد ذلك.
  • وثالثتها، أسباب تتعلق بطبيعة المجتمع المدني، ومدى فاعلية قواه ومنظماته في ممارسة الضغوط من أجل الانتقال الديمقراطي. ففي عديد من الحالات قامت قوى ومنظمات المجتمع المدني بما في ذلك الكنيسة الكاثوليكية (في بعض الدول) بدور هام ومؤثر في عملية الانتقال. وكل ذلك يقترن بمدى وجود طلب مجتمعي على الديمقراطية، يقوم المجتمع المدني بدور رئيس في تعزيزه وتوسيع نطاقة (9).

أما بخصوص العوامل الخارجية التي أسهمت بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة في دفع عمليات الانتقال الديمقراطي خلال الموجة الثالثة، فإن من أهمها: بروز دور القوى الغربية والتكتلات الكبرى في دعم عمليات الانتقال الديمقراطي، سواء من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية للدول التي تمر بمراحل انتقال، أو تقديم الدعم المادي والفني للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، أو ممارسة الضغوط السياسية وفرض العقوبات على النظم التسلطية...إلخ. ويمكن في هذا المقام الإشارة إلى دور كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوربي في نشر وتعزيز الديمقراطية في مناطق مختلفة من العالم وبخاصة في جنوب وشرق ووسط أوروبا بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وفى أميركا اللاتينية بالنسبة للولايات المتحدة، فضلا عن قيام الاتحاد الأفريقي بدور ما في دعم الانتقال الديمقراطي على مستوى القارة الأفريقية (10).

وثمة عوامل خارجية أخرى أثرت بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة في عملية الانتقال الديمقراطي، منها: تنامي دور مؤسسات التمويل الدولية وبخاصة صندوق النقد والبنك الدوليين في دعم سياسات التحرير الاقتصادي والسياسي والتحول الديمقراطي في بلدان القارات الثلاث وشرق ووسط أوروبا، وذلك من خلال أدوات ووسائل عديدة لا يتسع المجال للخوض فيها. كما أن تمدد دور المجتمع المدني العالمي متمثلا في المنظمات الدولية غير الحكومية المعنية بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان كان له دوره في نشر الديمقراطية على الصعيد العالمي، حيث تقوم منظماته بتقديم أشكال مختلفة من الدعم لمنظمات المجتمع المدني ومراقبة الانتخابات في البلدان التي تمر بمراحل الانتقال الديمقراطي، وفضح ممارسات النظم التسلطية وممارسة الضغوط عليها...إلخ. أضف إلى ذلك أن انتشار قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان على الصعيد العالمي وبخاصة في ظل موجة العولمة وثورة المعلومات والاتصالات التي تجتاح العالم قد أسهم في خلق بيئة دولية ملائمة لدعم الانتقال الديمقراطي في مناطق مختلفة من العالم. كما أن نظرية الدومينو أو عامل العدوى أو الانتشار شكل عنصرا دافعا لعملية الانتقال الديمقراطي على الصعيد الإقليمي في بعض الحالات، حيث أن نجاح دولة ما في تأسيس نظام ديمقراطي مستقر يمكن أن يلقى بتأثيراته على الدول المجاورة لها على النحو الذى يشجع النخب والقوى السياسية فيها على السير في نفس الاتجاه. كما يمكن أن يحدث الانتقال الديمقراطي من خلال الحرب والاحتلال الأجنبي على غرار ما حدث في كل من ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية (11).

لكن هناك نقطتان هامتان تتعين الإشارة إليهما بخصوص دور العوامل الخارجية في دعم الانتقال الديمقراطي:

  • أولاهما، أن درجة تأثير العوامل الخارجية في عملية الانتقال الديمقراطي تختلف من حالة إلى أخرى حسب اختلاف إستراتيجيات الفاعلين الدوليين، وطبيعة الظروف والعوامل الداخلية في البلدان المستهدفة. وقد أكدت دراسات عديدة على أن العوامل الخارجية لا تؤتى تأثيراتها الإيجابية بهذا الخصوص أو تكون تأثيراتها محدودة في حال عدم وجود قوى وعوامل داخلية محركة للانتقال الديمقراطي، مما يعنى أن الأصل في عملية الانتقال هو العوامل الداخلية أما العوامل الخارجية فإن دورها يكون مسانداً (12).
  • وثانيتهما، أن بعض العوامل الخارجية لعبت دوراً هاماً في دعم وترسيخ النظم التسلطية وليس دعم الانتقال الديمقراطي. وتتمثل الحالة النموذجية لذلك في دور الولايات المتحدة الأميركية في دعم ومساندة النظم التسلطية في المنطقة العربية على مدى العقود الماضية طالما استمرت هذه النظم تتوافق مع مصالحها، أي أن سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة تجاه المنطقة العربية قامت في جانب هام منها على التضحية بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان من أجل المصالح، ولذلك فإن جهود واشنطن من أجل نشر الديمقراطية في المنطقة في مرحلة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عانت من معضلة "عدم المصداقية" (13).

 في طرق الانتقال إلى الحكم الديمقراطي

إذا كانت عملية الانتقال إلى الحكم الديمقراطي تحدث نتيجة عوامل عديدة، داخلية وخارجية، يتفاوت تأثيرها من حالة إلى أخرى، فإن طبيعة الفاعلين السياسيين وميزان القوة النسبي بينهم هو الذى يحدد في الغالب طريقة أو أسلوب الانتقال. ومع التسليم بصعوبة تصنيف طرق الانتقال إلى الحكم الديمقراطي نظراً لتعددها وتداخلها، فإنه من واقع خبرات وتجارب الدول التي شهدت انتقالا ديمقراطيا خلصت بعض الأدبيات إلى بلورة أربعة طرق رئيسة للانتقال تختلف مسمياتها من باحث إلى آخر، وهي: الانتقال من أعلى، أي الذى تقوده النخبة الحاكمة أو الجناح الإصلاحي فيها. والانتقال من أسفل، وهو الذى تقوده قوى المعارضة على أثر انهيار النظام الحاكم أو إطاحته من خلال انتفاضة أو ثورة شعبية. والانتقال من خلال التفاوض والمساومة بين الحكم وقوى المعارضة. والانتقال الناجم عن تدخل عسكري خارجي. 

الانتقال من أعلى (Transition from Above)
هو انتقال تقوده وتهندسه القيادة السياسية أو الجناح الإصلاحي في النخبة الحاكمة. أي أنه انتقال يتم من داخل النظام القائم. وعادة ما تبدأ عملية الانتقال عندما تتوفر عوامل وأسباب موضوعية تؤثر سلبا على شرعية السلطة، وتخلق لدى النخبة الحاكمة قناعة مفادها أن كلفة الانفتاح والتحول الديمقراطي أقل من كلفة الاستمرار في الممارسات التسلطية. وفي بعض الحالات كان للجناح الإصلاحي داخل النخبة الحاكمة دور كبير في عملية الانتقال.

ومع الأخذ بعين الاعتبار حقيقة وجود تباينات بين تجارب الدول التي شهدت انتقالا ديمقراطيا من أعلى، فإنه يمكن القول: إن عملية الانتقال طبقا لهذا المسلك غالبا ما تتم بإحداث تحول تدريجي للنظام السياسي عبر مراحل متعددة ومتداخلة، تبدأ بالتحرك على طريق الانفتاح السياسي، ويكون ذلك مقدمة للانتقال الديمقراطي. وقد تأتي بعد ذلك مرحلة أخرى تتمثل في ترسيخ الديمقراطية. وبصفة عامة ، فإنه في ظل حالات الانتقال الديمقراطي من أعلى غالبا ما يكون ميزان القوى لصالح النخبة الحاكمة، فيما تتسم قوى المعارضة بالضعف، ومن ثم محدودية القدرة على التأثير في إدارة عملية الانتقال. ومن بين الدول التي شهدت انتقالا ديمقراطيا من أعلى: إسبانيا والبرازيل (14).

الانتقال من أسفل (Transition from Below)
يأخذ هذا النمط للانتقال شكلين رئيسيين. أولهما، الانتقال نتيجة لتكثيف الضغوط على النظام الحاكم من خلال التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي تقودها وتشارك فيها قوى المعارضة الديمقراطية، بحيث تجبر النظام في نهاية المطاف على تقديم تنازلات تفتح الطريق للانتقال الديمقراطي على غرار ما حدث في كل من الفلبين وكوريا الجنوبية والمكسيك (15). وثانيهما، الانتقال الذى تقوده قوى المعارضة على أثر انهيار النظام غير الديمقراطي أو إطاحته بواسطة انتفاضة أو ثورة شعبية. ففي أعقاب ذلك تبدأ مرحلة تأسيس نظام ديمقراطي جديد يحل محله.

وبصفة عامة، يعكس هذا النمط من الانتقال حدوث خلل كبير في ميزان القوى بين الحكم وقوى المعارضة لصالح الأخيرة، وبخاصة في حالة انهيار شرعية السلطة، وتصدع النخبة الحاكمة، وتخلى الجيش عن مساندة النظام التسلطي، ووجود تأييد شعبي واسع للمعارضة. وعادة ما تتوافق قوى وأحزاب المعارضة على خطوات وإجراءات لتأسيس نظام ديمقراطي على أنقاض النظام التسلطي. وقد حدث الانتقال وفقا لهذا النمط في بلدان عديدة من بينها: البرتغال واليونان والأرجنتين ورومانيا (16).

الانتقال من خلال التفاوض بين النخبة الحاكمة وقوى المعارضة (Negotiated Transition)
يحدث الانتقال هنا على أرضية اتفاق أو تعاقد (Pact) يتم التوصل إليه عبر المفاوضات والمساومات بين النخبة الحاكمة وقوى المعارضة. وغالبا ما يأتى ذلك كمحصلة لوجود نوع من التوازن النسبي في ميزان القوى بين الطرفين، فالنخبة الحاكمة تصل إلى قناعة مفادها أنها غير قادرة على الاستمرار في السياسات المغلقة والممارسات القمعية بسبب الضغوط الداخلية والخارجية، وأن كلفة الانفتاح السياسي والانتقال إلى صيغة ما لنظام ديمقراطي ضمن اتفاق مع المعارضة يضمن بعض مصالحها -أي النخبة الحاكمة- هي أقل من كلفة الاستمرار في السياسات غير الديمقراطية.

وعلى الطرف المقابل، تبدو قوى المعارضة غير قادرة على إطاحة النظام، وبالتالي تجد أنه لا بديل أمامها غير التفاوض والمساومة مع النخبة الحاكمة من أجل الانتقال إلى الديمقراطية. ويُلاحظ أن المفاوضات والمساومات بين الجانبين جرت في كثير من الحالات على خلفية تظاهرات واحتجاجات شعبية حركتها قوى المعارضة، وممارسات قمعية من جانب السلطة. وقد حدث هذا النمط من الانتقال في بلدان عديدة منها: بولندا وجنوب أفريقيا والسلفادور ونيكاراجوا (17).

الانتقال من خلال التدخل العسكري الخارجي (Foreign Military Intervention)
غالبا ما ارتبط هذا النمط من الانتقال بحروب وصراعات، تؤثر فيها وتحكمها مصالح وتوازنات داخلية وإقليمية ودولية. وهو يحدث في حالة رفض النظام الحاكم للتغيير، وعدم بروز جناح إصلاحي داخله، وعجز قوى المعارضة عن تحديه وإطاحته بسبب ضعفها وهشاشتها نتيجة لسياساته القمعية. وفى ظل هذا الوضع لا يكون هناك من بديل لإطاحته والانتقال إلى نظام ديمقراطي سوى التدخل العسكري الخارجي الذى يمكن أن تقوم به دولة واحدة على نحو ما فعلت الولايات المتحدة الأميركية في كل من جرينادا وبنما في ثمانينيات القرن الماضي، أو تحالف يضم مجموعة من الدول على غرار الحرب التي قادتها واشنطن بمشاركة دول أخرى ضد أفغانستان في عام 2001، وضد العراق في عام 2003.

وعادة ما يحدث التدخل العسكري الخارجي لأسباب وذرائع مختلفة منها إلحاق الهزيمة بنظام ديكتاتوري، والتدخل لأسباب إنسانية، ووضع حد لحرب أهلية طاحنة...إلخ. ويُلاحظ أنه في غالبية حالات التدخل العسكري الخارجي لم يكن هدف تأسيس نظام ديمقراطي هو الهدف الرئيس أو المبدئي، بل كانت هناك أهداف ومصالح أخرى (18). وإذا كان الانتقال الديمقراطي من خلال التدخل العسكري الخارجي قد نجح في بعض الحالات كما هو الحال في ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، فإنه فشل في حالات أخرى كثيرة أحدثها أفغانستان والعراق. وقد اهتمت دراسات عديدة بتفسير ظاهرة فشل التدخل العسكري الأجنبي في تحقيق الانتقال الديمقراطي في عديد من الدول (19).

وبصفة عامة فقد أكدت خبرات وتجارب الانتقال الديمقراطي على أن طريقة الانتقال تؤثر على نوعية أو طبيعة النظام الديمقراطي الوليد، وعلى فرص واحتمالات استمراره وترسخه في مرحلة ما بعد الانتقال، حيث أن الانتقال السلس والسلمي الذى يتم بمبادرة من النخبة الحاكمة، أو من خلال التفاوض بين الحكم والمعارضة، أو بعيد إطاحة النظام بواسطة انتفاضة أو ثورة شعبية سلمية غالبا ما يكون مصحوبا بدرجة أعلى من الديمقراطية، وفرص أفضل لاستمرار وترسخ النظام الديمقراطي الناشئ. وبالمقابل، فإن الانتقال العنيف يكون في الغالب مقرونا بدرجات أدنى من الديمقراطية، وفرص أقل لاستمرارية النظام الديمقراطي واستقراره، بل إنه تزداد في مثل هذه الحالة احتمالات الارتداد إلى شكل من أشكال التسلطية، أو وقوع البلاد في صراع داخلي أو حرب أهلية. أما الانتقال الناجم عن التدخل العسكري الخارجي فقد نجح في حالات قليلة، وفشل في حالات أخرى كثيرة. وقد كان لكل من النجاح والفشل ظروف ومعطيات خاصة (20).

في ترسيخ الديمقراطية وتنامى ظاهرة النظم السياسية الهجين

على الرغم من أن هناك حوالى مائة دولة شهدت انتقالا ديمقراطيا على مستوى العالم خلال الموجة الثالثة، إلا أنه بعد مضى ما يقارب الأربعة عقود على انطلاق هذه الموجة فإن كثيرا من الدول التي شملتها لم يشهد قيام نظم ديمقراطية مستقرة وراسخة، بل شهد ظهور أشكال من النظم السياسية الهجين (Hybrid Regimes)، التي لاهي نظم ديمقراطية كاملة، ولاهى نظم غير ديمقراطية خالصة، بل تجمع بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة بين بعض عناصر الديمقراطية وبعض عناصر النظم غير الديمقراطية على نحو ما سبق ذكره. وهذا يعنى أن مرحلة ما بعد الانتقال الديمقراطي يمكن أن تكون مفتوحة على عدة مسارات، لكل منها شروطه ومعطياته. أولها، التحرك على طريق ترسيخ النظام الديمقراطي. وثانيها، تبلور صيغة نظام سياسي هجين أو مختلط يكون قادرا على الاستمرار. وثالثها، العودة إلى شكل من أشكال النظم غير الديمقراطية أو دخول البلاد في مرحلة من الصراع الداخلي (21).

ويشير مفهوم ترسيخ الديمقراطية (Consolidation of Democracy) في أوسع معانيه إلى عملية تطوير وتعزيز النظام الديمقراطي حتى يتحول إلى نظام مؤسسي مستقر، يكون قادرا على الاستمرار، ويجسد بشكل حقيقي وفعال قيم الديمقراطية وعناصرها وآلياتها. وبلغة أخرى، فإن الترسيخ يتضمن معانى تعميق الديمقراطية واستكمالها ومأسستها على النحو الذى يجعل من الصعب انهيار النظام الديمقراطي أو الانقلاب عليه. وقد استخدم "أودونيل" مفهوم الانتقال الثاني (Second Transition) للتعبير عن عملية ترسيخ الديمقراطية، وهو حسب رأيه يشير إلى الانتقال من حكومة منتخبة ديمقراطيا تنتهى عندها فترة الانتقال إلى نظام ديمقراطي مؤسسي راسخ (22).

وثمة عدة عوامل ومؤشرات تدل على رسوخ الديمقراطية، بعضها يتمثل في العناصر المؤسسية والتنظيمية ذات الصلة باستقرار أسس وقواعد اللعبة الديمقراطية بما في ذلك تكرار الانتخابات والقبول بنتائجها، ورسوخ المؤسسات السياسية الديمقراطية مع استمرار قدرتها على التكيف مع مستجدات البيئة المحيطة بها. وبعضها الآخر يتصل بإستراتيجيات وممارسات الفاعلين السياسيين الرئيسيين من حيث التزامهم النهائي والأصيل بأسس وقواعد الممارسة الديمقراطية حتى في فترات الأزمات الاقتصادية والسياسية، وهو ما يعني أن أيا من هؤلاء الفاعلين لا يفكر في الانقلاب على الديمقراطية أو العمل خارج أطرها وقواعدها.

وهناك مؤشرات وعوامل أخرى تتعلق بالقيم والاتجاهات السياسية للمواطنين، بحيث تكون الغالبية العظمى منهم على قناعة بأن الإجراءات الديمقراطية هي الطريق الوحيد للتغيير السياسي والوصول إلى السلطة، وبذلك تتجذر شرعية النظام الديمقراطي في الوعي الجمعي للمواطنين، ناهيك عن وجود درجة مقبولة من التطور الاقتصادي والاجتماعي على النحو الذى يخلق بيئة ملائمة لاستمرار النظام الديمقراطي وترسخه، وبالطبع فإن فاعلية النظام الديمقراطي تلعب دورا في خلق هذه البيئة. كما أن رسوخ المؤسسات والممارسات ذات الصلة بتحقيق حكم القانون، والشفافية، والمساءلة، واحترام الحقوق السياسية والحريات المدنية للمواطنين هو دليل آخر على رسوخ الديمقراطية (23).

وعموما، فقد ربطت أدبيات متخصصة نجاح عملية ترسيخ النظام الديمقراطي باعتبارات وعوامل عديدة منها: طبيعة المؤسسات السياسية ومدى فاعليتها في أداء وظائفها، وكفاءة السياسات الاقتصادية والاجتماعية، ومدى القدرة على نشر وإشاعة ثقافة الديمقراطية على مستوى المجتمع، وفاعلية منظمات المجتمع المدني، واستقرار الدولة وروسخ شرعيتها لدى مختلف الفئات والجماعات التي تعيش على أراضيها، واستمرار التزام الفاعلين السياسيين بقواعد الديمقراطية حتى يتحول ذلك إلى تقليد ثابت يصعب تجاوزه مع مرور الوقت، فضلا عن وجود عوامل خارجية، إقليمية ودولية، مواتية تسهم في ترسيخ الديمقراطية (24).

وقد انتقد البعض مفهوم "ترسيخ الديمقراطية" من عدة جوانب منها: أنه يجعل النظم الديمقراطية الليبرالية بمثابة المنتج النهائي للديمقراطية والذى يجسد معنى رسوخ الديمقراطية، وهذا غير صحيح لأنه حتى في الديمقراطيات الغربية المستقرة هناك بعض أوجه القصور التي تتفاوت في طبيعتها ومدى تأثيرها من دولة إلى أخرى. كما تعرف هذه الدول بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة وجود فجوات بين النظم والقواعد الديمقراطية من ناحية والممارسات العملية من ناحية أخرى. ومن الانتقادات الأخرى للمفهوم أنه يقوم على تصنيف النظم الديمقراطية إلى ديمقراطيات كاملة راسخة وأخرى غير كاملة أو مشوهة. وهذا غير صحيح، حيث لا يوجد نظام ديمقراطي وصل إلى درجة الكمال أو إلى الصيغة المثالية أو النموذجية للديمقراطية حتى وإن بدا مستقرا وراسخا. ولذلك فإن عملية تطوير النظام الديمقراطي يجب أن تكون عملية مستمرة حتى يقترب أكثر وأكثر من النموذج المثالي للديمقراطية الذى يجسد القيم والمثل العليا للديمقراطية، وتتطابق فيه النظرية مع التطبيق (25).

وعلى خلفية الانتقادات التي وُجهت إلى مفهوم "ترسيخ الديمقراطية" فقد طرح البعض مفاهيم أخرى للوقوف على درجات ومستويات التطور الديمقراطي. ومن هذه المفاهيم مفهوم "نوعية الديمقراطية" (Quality of Democracy)، وهو مفهوم مرن ومتعدد الأبعاد، حيث يشير إلى ضرورة الاستمرار في تحسين نوعية الديمقراطية حتى بالنسبة للديمقراطيات المستمرة منذ فترات طويلة، والتي باتت راسخة. وبالتالي فهو ليس بديلا لمفهوم "ترسيخ الديمقراطية"، ولكنه يساعد من وجهة نظر القائلين به على فهم أفضل وديناميكي لتطور النظام الديمقراطي والمقارنة بين حالات التقدم والتراجع، لا سيما في ظل مؤشرات تم تطويرها لقياس نوعية الديمقراطية (26).

وهناك من طرح مفهوم الديمقراطية الجيدة (Good Democracy)، وهو يشير إلى النظام الديمقراطي الذى يحقق الحرية والمساواة لجميع المواطنين من خلال مؤسسات وآليات شرعية ومستقرة تؤدي وظائفها بفاعلية وكفاءة. وبلغة أخرى فإنه استنادا إلى مفهوم "الديمقراطية الجيدة" يمكن تقييم النظام الديمقراطي من حيث الإجراءات والمحتوى والنتائج، وذلك بالاعتماد على مؤشرات عديدة منها: حكم القانون، والمساءلة، واستجابة الحكومة المنتخبة لطلبات المواطنين، وكفالة الحقوق السياسية والحريات المدنية للجميع، والحد من التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية (27).

أما بخصوص النظم السياسية الهجين، فهي تنتشر عادة في الدول التي يصنفها بيت الحرية (Freedom House) في تقريره السنوي عن "الحرية في العالم" على أنها دول "حرة جزئيا" مقارنة بمجموعتي "الدول الحرة" و"الدول غير الحرة"، وذلك استنادا إلى مقياس يبين مدى توفر الحقوق المدنية والحريات السياسية للمواطنين. وطبقا لتقرير عام 2012 فقد بلغ عدد الدول الحرة (87) دولة من إجمالي (194) دولة شمها التقرير، فيما بلغ عدد الدول الحرة جزئياً (60) دولة، وعدد الدول غير الحرة (47) دولة، وهو ما يعنى أن حوالى 55% من دول العالم تقع ضمن فئتي الدول غير الحرة والحرة جزئياً (28).

ونظرا لتعدد أشكال النظم السياسية الهجين التي برزت في مرحلة ما بعد الانتقال الديمقراطي في عديد من بلدان آسيا وأميركا اللاتينية وشرق أوربا وأفريقيا خلال الموجة الثالثة للتحول الديمقراطي، فقد اعتبرها البعض تقع في منطقة سياسية رمادية (Gray Political Zone) أو ضبابية ( Foggy Zone) بين الديمقراطية الكاملة من ناحية، والنظم غير الديمقراطية الخالصة بالمعنى الكلاسيكي من ناحية أخرى. وفى جميع الحالات، فقد بات من الواضح الآن أن النظم السياسية الهجين لا تمثل بالضرورة مرحلة للانتقال إلى الديمقراطية الكاملة، بل أصبحت تمثل أشكالا وأنماطا من النظم السياسية القائمة، التي استطاعت الحفاظ على قدر من الاستمرارية والتكيف مع بيئتها. ومن هنا، فإن عملية دراستها وتصنيفها أصبحت مطروحة كقضية رئيسة على أجندة البحث في مجال السياسة المقارنة (29).

وقد طُرحت مفاهيم عديدة لتصنيف النظم السياسية الهجين انطلاقا من مفهومي الديمقراطية والتسلطية كمفهومين مرجعيين. ومن هذه المفاهيم على سبيل المثال: الديمقراطية الانتخابية (Electoral Democracy)، والديمقراطية المشوهة أو غير المكتملة (DefectiveDemocracy). ومن أشكالها: الديمقراطية الإقصائية (Exclusive Democracy)، والديمقراطية الخاضعة للسيطرة (Domain Democracy)، والديمقراطية غير الليبرالية (Illiberal Democracy). فضلا عن مفاهيم أخرى مثل: التسلطية الانتخابية (ElectoralAuthoritarianism)، والتسلطية التنافسية (Competitive Authoritarianism)، وشبه التسلطية (Semi-Authoritarianism). وهناك جدل واسع  -لا يتسع المجال للخوض فيه-  بشأن هذه المفاهيم سواء من حيث تعريف كل منها،  أو الحدود التي تفصل فيما بينها، أو مدى حجيتها من الناحية العلمية (30).

خاتمة

في الختام يمكن التأكيد على عدد من النتائج:

  • أولاها، أن قضية الانتقال الديمقراطي سوف تظل ضمن أولويات الأجندات البحثية في حقل السياسية المقارنة لسنوات قادمة، وذلك لأن هناك آفاقا جديدة للبحث في هذا المجال من ناحية. كما أن الكثير من القضايا الفرعية المرتبطة به لم يتم حسمها بعد، ولاتزال محل جدل ونقاش على نطاق واسع من ناحية أخرى.
  • وثانيتها، أن عملية الانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي وترسيخه على النحو الذى يضمن استمراريته واستقراره هي في الأغلب الأعم عملية معقدة وتستغرق فترة زمنية طويلة نسبيا. ولذلك فإن مجرد الانتقال من نظام حكم غير ديمقراطي لا تعنى بالضرورة قيام نظام ديمقراطي راسخ ومستقر، حيث أن ذلك له شروط ومتطلبات عديدة لابد من توفيرها وإنضاجها.
  • وثالثتها، أنه لا توجد طريقة واحدة للانتقال إلى الديمقراطية، حيث أن خبرات وتجارب الانتقال الديمقراطي على الصعيد العالمي جرت من خلال طرق عديدة، كان لكل منها ظروف وسمات خاصة. وغالبا ما يؤثر أسلوب الانتقال على نوعية النظام الديمقراطي الوليد وحدود قدرته على الاستمرار.
  • ورابعتها، أن الانتخابات الحرة والنزيهة تمثل أحد الآليات الرئيسة للنظام الديمقراطي، إلا أنها لا تكفى بمفردها لقيام ديمقراطية حقيقية، فالأخيرة تستوجب توفر أسس وعناصر عديدة منها: التعددية السياسية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات مع تحقيق التوازن فيما بينها استنادا إلى مرجعية دستورية واضحة ومستقرة، وقدرة الحكومة المنتخبة على ممارسة السلطة والحكم، وسيادة حكم القانون، وفاعلية مؤسسات وإجراءات الشفافية والمساءلة، ووجود مجتمع مدنى فاعل ومستقل، وكفالة الحقوق السياسية والحريات المدنية لجميع المواطنين على قاعدة المواطنة المتساوية، وتعدد مصادر المعلومات مع حرية الوصول إليها (31).  
  • وخامستها، أن الديمقراطية لا تُفرض من الخارج. كما أنها لا تُصدر ولا تُستورد، بل لابد وأن تنمو وتتطور في الداخل مرتبطة بالتطورات والخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للدول والمجتمعات. ولكن الخارج يمكن أن يقوم بدور هام في دعم ومساندة التطور الديمقراطي في دول لديها معطيات وإمكانيات تجعلها أكثر قابلية للانتقال الديمقراطي.
  • وسادستها، أنه إذا كانت القيم والمبادئ العليا للديمقراطية واحدة ومطلقة حيث تشمل الحرية والعدالة والمساوة وسيادة القانون والتسامح السياسي والفكري واحترام الكرامة الإنسانية، فإن صيغ وأشكال النظم الديمقراطية متعددة، وتختلف من دولة إلى أخرى سواء من الناحية المؤسسية أو الإجرائية. وفى هذا الإطار، فإنه يمكن لكل دولة في مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية أن تطور صيغا مؤسسية وإجرائية لنظام ديمقراطي يجسد القيم العليا للديمقراطية من ناحية، ويتوافق مع ظروفها وخصوصياتها الاجتماعية والحضارية والثقافية من ناحية أخرى.
  • وسابعتها، أنه لا توجد وصفة سحرية جاهزة لنجاح عملية الانتقال الديمقراطي، لكن هناك العديد من الدروس التي يمكن تعلمها عربيا من تجارب الانتقال الناجحة على الصعيد العالمي، حيث تمثلت أهم شروط ومقومات النجاح في: الحفاظ على الوحدة الوطنية وترسيخها مما يحول دون حدوث انقسامات وصراعات داخلية خلال مرحلة الانتقال، وحسن تصميم المرحلة الانتقالية وإداراتها من خلال التوافق بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين على خارطة طريق واضحة لتأسيس نظام ديمقراطي، بما يعنيه ذلك من التوافق على صيغة النظام السياسي المستهدف، ومراحل الانتقال، والترتيبات المؤسسية والإجرائية الأكثر ملاءمة لظروف وخصوصيات الدولة والمجتمع. ومن الشروط أيضا: إصلاح أجهزة الدولة ومؤسساتها على النحو الذى يعزز من قدرتها على القيام بوظائفها وبخاصة فيما يتعلق باحتكار حق الاستخدام المشروع للقوة، وتقديم السلع والخدمات العامة للمواطنين، وتحقيق العدالة الانتقالية، فضلا عن تدعيم دور المجتمع المدني، وتعزيز الطلب المجتمعي على الديمقراطية ونشر ثقافتها في المجتمع، فلا ديمقراطية بدون ديمقراطيين، وإعادة صياغة العلاقات المدنية-العسكرية بما يتفق وأسس النظام الديمقراطي، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي ومن خلال التفاوض وإجراءات بناء الثقة بين المدنيين والعسكريين.

________________________________________
د. حسنين توفيق إبراهيم - أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وزايد

المصادر
1- لمزيد من التفاصيل حول بعض المفاهيم والمقتربات النظرية التي تم طرحها بهذا الخصوص، انظر:
Sujian Guo,”Democratic Transition: A Critical Overview,” Issues & Studies, Vol.35, No.4 (July/August 1999),pp.133-148; David Collier and Steven Levitsky,” Democracy With Adjectives: Conceptual Innovation in Comparative Research,” World Politics, Vol.49, No.3 (April 1997), pp. 430 – 451; Doh Chull Shin,” On the Third Wave of Democratization: A Synthesis and Evaluation of Recent Theory and Research,” World Politics, Vol.47, No.1(October 1994),pp.135-170.

2- لمزيد من التفاصيل حول الموجة الثالثة للتحول الديمقراطي  و" الاستثناء العربي" ضمن هذه الموجة، انظر:
Samuel P. Huntington, The Third Wave: Democratization in the Late Twentieth Century  (Norman: University of Oklahoma Press, 1991); Mary Fran T. Malone (ed.), Achieving Democracy: Democratization in Theory and Practice (New York: The Continuum International Publishing Group, 2011); Alfred Stepan and Graeme B. Robertson,” Arab, Not Muslim, Exceptionalism,” Journal of Democracy, Volume 15, Number 4 (October 2004), pp. 140- 146.

3- انظر على سبيل المثال: أحمد منيسي، التحول الديمقراطي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية: دراسة لحالات البحرين وسلطنة عُمان وقطر (أبوظبى: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ط1، 2009)، ص ص. 9-20؛ عبد الفتاح ماضي،" مداخل الانتقال إلى نظم حكم ديمقراطية،" في: على خليفة الكواري وعبد الفتاح ماضي (تنسيق وتحرير)، لماذا انتقل الآخرون إلى الديمقراطية وتأخر العرب؟ (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 2009)، ص ص. 31- 83.   

4- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Gary A. Stradiotto and Sujian Guo,” Transitional Modes of Democratization and Democratic Outcomes,” International Journal on World Peace, Vol. XXVII, No.4(December 2010), p.10.

5- لمزيد من التفاصيل، انظر :
Guillermo O’Donnell, Philippe C. Schmitter and Laurence Whitehead (eds.), Transitions from Authoritarian Rule: Comparative Perspectives (Baltimore: The Johns Hopkins University Press, 1986); Guillermo O’Donnell and  Philippe C. Schmitter, Tentative Conclusions about Uncertain Democracies (Baltimore: The Johns Hopkins University Press, 1986); Gerardo L. Munck,” Review Article: Democratic Transitions in Comparative Perspective,” Comparative Politics , Vol.26, No.3 (April1994), pp.355-375.

6- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Juan J. Linz & Alfred C. Stepan, Problems of Democratic Transition and Consolidation: Southern Europe, South America, and Post-Communist Europe (Baltimore: The Johns Hopkins University Press, 1996), p.3; Carsten Q. Schneider and Philippe C. Schmitter,” Liberalization, Transition and Consolidation: Measuring the Components of Democratization,” Democratization, Vol.11, No.5(December 2004), pp.65-66.             

7- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Jay Ulfelder and Michael Lustik,” Modeling Transitions To and From Democracy,” Democratization, Vol.14, No. 3( June 2007), pp.351-387.

8- لمزيد من التفاصيل، انظر :
أحمد منيسي، مرجع سبق ذكره، ص ص. 12 – 14. 
Jan Teorell, Determinants of Democratization: Explaining Regime Change (Cambridge: Cambridge University Press, 2010); Samuel P. Huntington, Op. cit.; chapter2; Graeme Gill, The Dynamics of Democratization: Elites, Civil Society, and the Transition Process (New York: St. Martin Press, 2000); Gerardo L. Munck,” Democratic Transitions in Comparative Perspective,” Comparative Politics, Vol.26, No.3(April 1994), pp.355- 375; Dankwart A. Rustow,” Transitions to Democracy: Toward a Dynamic Model,” Comparative Politics, Vol.2, No.3(April 1970),pp.337- 363.

9- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Rein Mullerson,” Democratisation through the Supply-Demand Prism,” Human Rights Review, Vol.10, No.4(2009),pp.531-567; Suh Doowon,” Civil Society in Political Democratization: Social Movement Impacts and Institutional Politics,” Development and Society, Vol.35, No.2 (December 2006), pp.173-195.

10- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Dirk Berg - Schlosser,” Neighborhood Effects of Democratization in Europe,” Taiwan Journal of Democracy, Vol. 4, No.2(December 2008), pp. 29- 45; James M. Scott and Carie A. Steele,” Sponsoring Democracy: The United States and Democracy Aid to Developing World, 1988- 2001,” International Studies Quarterly, Vol. 55 ( 2011), pp. 47- 69; Thomas Legler and Thomas Kwasi Tieku,” What Difference Can a Path Make?: Regional Democracy Promotion Regimes in the Americas and Africa,” Democratization, Vol.17, No.3 (June 2010),pp.465-491.

11- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Kristian Skrede Gleditsch and Michael D. Ward,” Diffusion and the International Context of Democratization,” International Organization, Vol.60, Issue 04 (Fall 2006), pp.911-933; Kunihiko Imai,” Internal Versus External Requisites of Democracy,” International Journal on World Peace, Vol. XXVII, No.3(September 2010), pp.49- 87; Peter T. Lesson and Andrea M. Dean,” The Democratic Domino Theory: An Empirical Investigation,” American Journal of Political Science, Vol. 53, No.3(July 2009), pp.533- 551; Nita Rudra,”Globalization and the Strengthening of Democracy in the Developing World,” American Journal of Political Science, Vol. 49, No.4(October 2005), pp.704-730; Joseph Wright,” How Foreign Aid Can Foster Democratization in Authoritarian Regimes,” American Journal of Political Science, Vol.53, No.3(July 2009), pp.552-571.

12- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Gustav Liden,” Democracy and Diffusion: Creating a Comprehensive Model for Explaining Democracy,” Social Science Reports from Mid Sweden University (2011); Rein Mullerson, Op. Cit., pp.545-549; Sonja Grimm,” External Democratization after War: Success and Failure,” Democratization, Vol.15, No.3(June 2oo8),pp. 525- 549; Hakan Yilmaz,” External-Internal Linkages in Democratization: Developing an Open Model of Democratic Change,” Democratization, Vol.9, No.2(Summer 2002),pp.67-84.

13- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Peter Purnell and Oliver Schlumberger,” Promoting Democracy - Promoting Autocracy?: International Politics and National Political Regimes, Comparative Politics, Vol.16, No.1(March 2010), pp.1-15; Marina Ottaway,” Promoting Democracy in the Middle East: The Problem of U. S. Credibility,” Working Papers, Democracy and Rule of Law Project, Carnegie Endowment for International Peace, Number 35, March 2003.

14- لمزيد من التفاصيل، انظر:
عبد الفتاح ماضي، مرجع سبق ذكره، ص ص. 47-57.
Gary A. Stradiotto and Sujian Guo, Op. Cit., pp.17-18; Gerardo L. Munck and Carol Skalnik Leff,” Modes of Transition and Democratization: South America and Eastern Europe in Comparative Perspective,” Comparative Politics, Vol.29, No.3(April 1997), pp.347- 351.

15- لمزيد من التفاصيل، انظر:
عبد الفتاح ماضي، مرجع سبق ذكره، ص ص. 63- 74.

16- لمزيد من التفاصيل، انظر:
عبد الفتاح ماضي، المرجع السابق، ص ص. 74 – 79.
Gary A. Stradiotto and Sujian Guo, Op. Cit., pp.18-19; Gerardo L. Munck and Carol Skalnik Leff, Op. Cit., pp.353-356. 

17- لمزيد من التفاصيل، انظر:
عبد الفتاح ماضي، مرجع سبق ذكره، ص ص.57- 58.
Gary A. Stradiotto and Sujian Guo, Op. Cit., p.18.

18- لمزيد من التفاصيل، انظر:
David Beetham,” The Contradictions of Democratization by Force: The Case of Iraq,” Democratization, Vol.16, No.3(June 2009),pp.443-454.

19- لمزيد من التفاصيل، انظر :
Wolfgang Merkel,” Democracy through War,” Democratization, Vol.15, No.3(June 2008), pp.478 - 508; Sonja Grimm, Op. Cit., pp.525 – 549; Minxin Pei and Sara Kasper,” Lessons from the Past: The American Record on Nation Building,” Policy Brief, Carnegie Endowment for International Peace, No.24(May 2003).

20- لمزيد من التفاصيل  حول تأثير طريقة الانتقال  على المخرجات، انظر:
Gary A. Stradiotto and Sujian Guo, Op. Cit., pp.11- 14, pp.31-32; Michael D. Ward and Kristian S. Gleditsch,” Democratization for Peace,” American Political Science Review, Vol.92, No.1 (March 1998), pp. 51- 61.

21- لمزيد من التفاصيل حول تقييم حالات الانتقال الديمقراطي خلال الموجة الثالثة، انظر:
Frances Hagopian and Scott P. Mainwaring (eds.), The Third Wave of Democratization in Latin America: Advances and Setbacks (Cambridge: Cambridge University Press, 2005); Larry Diamond and Marc F. Plattner (eds.), Democratization in Africa: Progress and Retreat - Second Edition (Baltimore: The Johns Hopkins University Press, 2010); Aurel Croissant and Wolfgang Merkel,” Introduction: Democratization in the Early Twenty - First Century,” Democratization, Vol.11, No.5(December 2004), pp.1-9.; Larry Diamond,” The State of Democratization at the Beginning of the 21st Century,” The Whitehead Journal of Diplomacy and International Relations,” Volume VI, Number 1, Winter/ Spring 2005, pp.13-18; Michael Macfaul,” The Fourth Wave of Democracy and Dictatorship: Non-Cooperative Transitions in the Post-Communist World,” World Politics, Vol.54,No.2(January 2002),pp.212-244; Aurel Croissant,” From Transition to Defective Democracy: Mapping Asian Democratization,” Democratization, Vo.11,No.5(December 2004),pp.156- 178; Thomas Carothers,” The End of Transition Paradigm,” Journal of democracy, Vol.13, No.1 ( 2002),pp. 5-21.

22- انظر:
Guillermo O’Donnell,” Delegative Democracy,” Journal of Democracy, Vol.5, No.1(January 1994), p.56.

23- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Andreas Schedler,” Measuring Democratic Consolidation,” Studies in Comparative International Development, Vol.36, No.1(Spring 2001),pp.66-92; Andreas Schedler ,” What is Democratic Consolidation,” Journal Of Democracy, Vol.9 , No.2 (1998), pp.91-107; Juan J. Linz & Alfred C. Stepan, Op. Cit., pp.5-6;  Carsten Q. Schneider and Philippe C. Schmitter,Op. Cit., pp.67-68.

24- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Carsten Q. Schneider, The Consolidation of Democracy: Comparing Europe and Latin America (New York: Routledge, 2009); Carsten Q. Schneider and Philippe C. Schmitter, Op. Cit., pp.67-68; Larry Diamond, Developing Democracy: Towards Consolidation (Baltimore: The Johns Hopkins University Press, 1999).

25- لمزيد من التفاصيل ، انظر:
Steven Friedman,” Beyond Democratic Consolidation: An Alternative Understanding of Democratic Progress,” Theoria (March 2011), pp.27-55.

26- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Steven Friedman, Ibid., pp.46-50; Larry Diamond and Leonardo Morlino, “ Introduction,” in: ; Larry Diamond and Leonardo Morlino(eds.), Assessing the Quality of Democracy (Baltimore: The Johns Hopkins University Press, 2005), Todd Landman (ed.), Assessing the Quality of Democracy: An Overview of the International IDEA Framework (Stockholm: IDEA,2008).

27- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Wolfgang Merkel and Aurel Croissant,” Conclusion: Good and Defective Democracies,” Democratization, Vol.11, No.5(December 2004),pp.199-213.

28- لمزيد من التفاصيل ، انظر:
Freedom House, Freedom in the World 2012: The Arab Uprising and Their Global Repercussions, 2012.
http://www.freedomhouse.org/report/freedom-world/freedom-world-2012

29- لمزيد من التفاصيل حول النظم السياسية الهجين، انظر :
Thomas Carothers,” The End of Transition Paradigm,” Journal of democracy, Vol.13, No.1 ( 2002),pp. 9-10; Heidrun Zinecker,” Regime-Hybridity in Developing Countries: Achievements and Limitations of New Research on Transitions,” International Studies Review, Vol.11(2009),pp.302-331; Matthijs Bogaards,” How to Classify Hybrid Regimes?: Defective Democracy and Electoral Authoritarianism,” Democratization,Vol.16, No.2(April 2009), pp.399-423; Mikael Wigell,” Mapping ‘Hybrid Regimes’: Regimes Types and Concepts in Comparative Politics, Democratization, Vol.15, No.2 (April 2008), pp.230-250; Larry Diamond,” Elections Without Democracy: Thinking About Hybrid Regimes,” Journal of Democracy, Vol.13. No.2(April 2002),pp.12-35; Andreas Schedler,” Election Without Democracy: The Menu of Manipulation,” Journal of Democracy,Vol.13,No.2(April 2002), pp36-50.

30- لمزيد من التفاصيل حول التعريف بهذه المفاهيم ، انظر:
Larry Diamond,” Elections Without Democracy…,”Op. Cit., pp. 27-29; Aurel Croissant,” From Transition…,” Op. Cit., pp.156-178; Wolfgang Merkel,” Embedded and Defectives Democracies,” Democratization, Vol.11, No.5 (December 2004), pp.49-50; Fareed Zakaria, The Future of Freedom: Illiberal Democracy at Home and Abroad (W.W. Norton & Company Inc., 2003), pp.89-118; Andreas Schedler (ed.), Electoral Authoritarianism: The Dynamics of Unfree Competition (Boulder: Lynne Rienner Publishers, 2006); Matthijs Bogaards, Op. Cit., pp. 406-408; Steven Levitsky and Lucan A. Way, Competitive Authoritarianism: Hybrid Regimes after the Cold War (Cambridge: Cambridge University Press, 2010), pp.3-9.

31- لمزيد من التفاصيل، انظر:
Michael Coppedge et als.,” Conceptualizing and Measuring Democracy: A New Approach,” Perspectives on Politics,Vol.9. No.2(July 2011).

عودة إلى الصفحة الرئيسية للملف

نبذة عن الكاتب