الانتقال الديمقراطي في العالم العربي في ضوء التجارب العالمية

يحاول هذا الملف تسليط الضوء على صيرورة التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي، ومحاولة فهم آلياتها والعوامل المتحكمة في سرعة أو بطئ تفاعلاتها، ودور الأطراف الداخلية الفاعلة والقوى الإقليمية والدولية المؤثرة في مساراتها، كما يستكنه أسباب نجاح أو فشل بعض تجارب التحول الديمقراطي العربية والأجنبية.
2013124143138471734_20.jpg
 

محرر الملف: محمد عبد العاطي
مركز الجزيرة للدراسات

يأتي هذا الملف بعد عامين من اندلاع ثورات الربيع العربي التي أطاحت بأنظمة حكم استبدادية حكمت البلاد لعقود طويلة من الزمن، وتحاول تلك الدول جاهدة أن تستأنف ما فاتها وتلحق بركب الدول الديمقراطية، غير أن الطريق نحو الديمقراطية ليس معبدا إذ تعترضه الكثير من العقبات وتكتنفه العديد من الصعوبات والتحديات، ومن هنا جاءت فكرة هذا الملف الذي يحاول تسليط الضوء على صيرورة التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي، ومحاولة فهم آلياتها والعوامل المتحكمة في سرعة أو بطئ تفاعلاتها، ودور الأطراف الداخلية الفاعلة والقوى الإقليمية والدولية المؤثرة في مساراتها، كما يستكنه أسباب نجاح أو فشل بعض تجارب التحول الديمقراطي العربية والأجنبية. 

وتتوزع أوراق الملف الذي شارك في إعداده نخبة من الكتاب والباحثين العرب على المحاور والموضوعات التالية:

إطار نظري 
 

المفهوم والمصطلح والسياق
الهدف من هذه الدراسة تسليط الضوء على بعض المفاهيم والأطروحات النظرية التي تؤصل لعملية الانتقال الديمقراطي من خلال التعريف بالمفهوم، ورصد وتحليل أسباب الانتقال، وطرق أو أساليب عملية الانتقال، ومخرجات هذه العملية، لا سيما فيما يتعلق بترسيخ الديمقراطية في مرحلة ما بعد الانتقال.

 إشكالات وتحديات 
   العدالة الانتقالية
لا يمكننا القول إن كل تجارب لجان الحقيقة والمصالحة التي تأسست لتحقيق العدالة الانتقالية قد نجحت في أداء مهمتها، فبعضها عرف الفشل، وبعضها كان مختلط النتائج، وبعضها نجح وساهم في تأمين وترسيخ التحول الديمقراطي، وستتطرق هذه الورقة لتجربتي جنوب إفريقيا والمغرب في محاولة لاستخلاص الدروس منهما.
  الاقتصاد والتنمية
تحتاج الدول العربية لفترة زمنية لتطوير آليات الديمقراطية، لكن الشيء الثابت أن المجتمعات العربية تجاوزت فكرة من أين تبدأ؛ فقد جربت منح "الزعماء الوطنيين" فرصة قيادة المجتمعات، فكانت النتيجة أن الدول العربية باتت في أسفل قوائم التنمية، ولعله آن الأوان لاستعادة دور المؤسسات ومنح الشعوب فرصة للمشاركة.
  الأجهزة الأمنية
كثر الحديث بعد الثورات العربية حول ضرورة إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية لتصبح أكثر قدرة على أداء واجباتها بما يتماشى مع المبادئ الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان ومتطلبات التحول الديمقراطي، ولعل الحالة التونسية والمصرية واليمنية إلى حد ما قريبة من ذلك.
  الأقليات الدينية والعرقية
على الدول العربية بعد ربيع ثوراتها أن تمر إلى مرحلة بناء ثقافة سياسية قائمة على التعدد الثقافي واللغوي والديني تعطي لكل الأقليات حقوقها وتعترف بخصوصيتها. إن الاعتراف الدستوري بالتنوع اللغوي والثقافي والحرية الدينية كفيل بضمان حقوق الأقليات مع العمل على نشر قيم التسامح والحوار بين مكونات المجتمع.
  العامل الإقليمي والدولي
ولربما من ضمن العوامل المهمة التي تجعل من التغيير أكثر صعوبة ما أظهرته حالتا بن علي ومبارك من صعوبة حصولهما على ملجأ سياسي، وتجميد أرصدتهما، وملاحقتهما جنائيًا. هذا درس تعلمه الحكام الآخرون في انعدام الخيار الآمن بعد مغادرة السلطة مما دفعهم دفعهم إلى الاستماتة ومقاومة التغيير حتى باللجوء إلى العنف.
 تجارب ونماذج 
  السوادن
تجارب السودان الغنية في الانتقال حافلة بالدروس والعبر لحاضر السودان ومستقبله ولكل القوى المشاركة في الربيع العربي، وتلك التي تنتظر. وإذا كانت تجارب السودان تظهر في آن واحد مخاطر تسييس الهوية وما يمكن أن تولده من عنف، فإنها أيضا كشفت طبيعة الإستراتيجيات التي تسمح بتجاوزها، كما حدث في التحالفات التي سبقت الثورات أو أعقبتها. وهي تكشف بذلك السرعة التي يمكن أن تتدهور بها الأوضاع حين يتحول خلاف شخصي داخل حزب أو كتلة إلى صراع سياسي يتطور فيما بعد إلى استقطاب مدمر.
الجزائر
لم تنجح عملية الانتقال الديمقراطي في الجزائر في بداية تسعينات القرن الماضي بسبب معارضة التحالف "غير الطبيعي" الذي ضم، إلى جانب بعض الأحزاب الصغيرة التي كانت ترى أن مصيرها مهدد في ظل حكم ديمقراطي، قوى دولية كانت تنادي بالديمقراطية لكن مصالحها الظرفية تعارضت مع ما أسفرت عنه الدورة الأولى لنتائج انتخابات 1991 التشريعية من نتائج. كما أن الجيش الذي وجد في الإصلاح مخرجا لينسى مسؤوليته في أحداث أكتوبر/تشرين الأول 1988، تراجع بعد ذلك حين وجد فرصة للعودة بقوة إلى السلطة تحت شعار حماية الدولة والدفاع عن الديمقراطية.
 تونس
تعاني تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس من اختلال توازن القوة بين التيار الإسلامي من جهة وبقية المكونات الأخرى، وستظل هذه الحالة مستمرة إلى أن تتحول التيارات الفكرية إلى تكتلات سياسية لها شعبية حقيقية على أرض الواقع مثل التيار الليبرالي واليساري والعروبي. وإلى أن يحدث ذلك لن يكون هناك من سبيل إلى توازن آخر غير التوافق والتآلف على الحد الأدنى وهو ما جمع بين مكونات الترويكا الحاكمة في هذه المرحلة الانتقالية بكل تعقيداتها.
  مصر
لم تكن ثورة الخامس والعشرين من يناير أول ثورة مصرية تثير قضية الديمقراطية، وقد لا تكون الأخيرة. فقد حاولت قوى سياسية واجتماعية مصرية في أكثر من مرة أن تنجز تجربة متكاملة للتحول الديمقراطــي، إلا أن محاولاتـها لم تكتمل لدواع مختلفة.
  خاتمة
خاتمة الملف
طوَّف بنا هذا الملف في موضوع عملية الانتقال الديمقراطي في العالم العربي، فدرس إشكالات هذه العملية في دول الربيع العربي، وألقى الضوء على التحديات والعقبات التي تعترض مسيرتها، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، كما استعرض عديد التجارب العالمية التي نجحت أو فشلت في عبور المرحلة الانتقالية، وانتهت دراسات الملف إلى خلاصات سنتطرق إليها في هذه الورقة.