مصر وحماس: علاقة شائكة تزداد تفاقما

لم تتصاعد الهجمة الإعلامية المصرية الرسمية خلال الشهور القليلة التالية لتعطل مسار المصالحة ضد حماس وحسب، بل وبدأت السلطات المصرية في ممارسة ضغوط متصاعدة على حكومة حماس وقيادتها في قطاع غزة، ضغوط أخذت في التأثير على حياة أهالي القطاع ومعاشهم.







بشير نافع


خلال جولة له في محافظة كفر الشيخ الشمالية (19 يناير /كانون أول)، تحدث الرئيس مبارك في شؤون داخلية وخارجية متفرقة. إحدى القضايا التي برزت في حديثه، كانت ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، التي ترعاها القاهرة منذ عامين. وقد فاجأ الرئيس رجال الإعلام بقوله أن الادعاء بأن مصر أجرت تعديلات في وثيقة المصالحة على ما تم الاتفاق عليه سابقاً بين الأطراف الفلسطينية، هو "كذب في كذب". ولم تكن ثمة حاجة لكثير من الذكاء لإدراك أن الرئيس مبارك يوجه هذا الاتهام الغاضب إلى حركة حماس، التي كانت قد رفضت التوقيع على الوثيقة المصرية للاتفاق في نهايات العام الماضي، "بسبب أن المسؤولين المصريين في جهاز المخابرات، الذين يديرون مباحثات المصالحة، أجروا صياغات جديدة في أكثر من موضع من الوثيقة".








بشير نافع
وفي كلمته في الاحتفال بعيد الشرطة المصرية (24 يناير/كانون الأول)، هاجم مبارك حركة حماس في شكل واضح، ورد على وصف رئيس حكومتها في قطاع غزة للتوتر على الحدود مع مصر بأنه ليس أكثر من سحابة صيف، قائلاً "ما أكثر سحابات الصيف في تعاملكم معنا، وما أكثر ما نلاقيه منكم من مراوغة ومماطلات وأقوال لا تصدقها الأفعال وتصريحات ومواقف متضاربة ترفع شعارات المقاومة وتعارض السلام". وبعد أن أشار الرئيس إلى استمرار بناء الجدار مع قطاع غزة، أكد على أن "أولويتنا ستظل لمصر أولاً، وقبل أي شيء وكل شيء آخر، في حدودها وسيادتها وأمنها ومصالحها ومقدرات شعبها."

في أحد أهم أبعادها، تكشف تصريحات الرئيس مبارك عن حقيقة العلاقات المتوترة بين مصر، جارة فلسطين الكبرى والدولة العربية المعنية أكثر من غيرها بالشأن الفلسطيني، وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تدير قطاع غزة منذ الانشقاق الفلسطيني الداخلي في صيف 2008. ولكن هذه التصريحات لا تمثل أكثر من تجل واحد لهذه العلاقة؛ الأبعاد الأخرى لهذه العلاقة أسوأ بكثير.


هذه الورقة محاولة لقراءة ما وصلت إليه العلاقة بين مصر وحماس، ودلالتها على توجهات مصر الإستراتيجية في هذه المرحلة.


شكوك عميقة وعلاقة شائكة
أزمة الورقة المصرية لاتفاق المصالحة
ضغوط  كبيرة ورد فعل حماس
اللحظة الراهنة


شكوك عميقة وعلاقة شائكة 


نظرت القاهرة بعدم اطمئنان إلى صعود التيار الإسلامي في الساحة الفلسطينية منذ الانتفاضة الأولى في 1987 – 1993. وقد لعبت مصر، على خلفية من هذه المخاوف، دوراً بارزاً في التمهيد لمؤتمر مدريد. بتوقيع اتفاق أوسلو وإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية، أصبح الموقف المصري أكثر تعقيداً. فمن ناحية، برزت مصر باعتبارها المظلة العربية الرئيسة لسلطة الحكم الذاتي الفلسطيني، وتحولت القاهرة إلى محطة رئيسة لتحركات الرئيس عرفات العربية والعالمية.


ولأن وجود السلطة ورغبة الفلسطينيين في إعطاء خيار التفاوض فرصة كاملة أضعف تأثير حركتي حماس والجهاد، فلم تعد الحركتان مصدر قلق كبير للقاهرة؛ وهذا ربما ما دفع مصر إلى معارضة تجريد الحركتين من السلاح في صورة حاسمة، كونهما إحدى ورقات الضغط التي لابد أن يتسلح بها عرفات في مفاوضات مسار أوسلو الشاقة والبطيئة.


وبانفجار الانتفاضة الثانية في خريف 2000، تغيرت الأوضاع الفلسطينية في شكل ملموس، وتغير الموقف المصري. فقد أبرزت الانتفاضة الثانية بشكل واضح قوة التيار الإسلامي، والصعود المثير لحماس، عسكرياً وسياسياً واجتماعياً، في كل من الضفة والقطاع. ولم ترحب مصر، القلقة دائماً من الحراك الشعبي والمقاوم في الجوار، بانفجار الانتفاضة الثانية؛ ولكنها بالرغم من ذلك قامت بواجبها في تقديم الدعم السياسي للانتفاضة في سنتها الأولى. ولكن ذلك لا يعني أن القاهرة شعرت بالارتياح لصعود الإسلاميين، وحماس على وجه الخصوص.


ويمكن إجمال مصادر القلق المصري من صعود التيار الإسلامي الفلسطيني في النقاط التالية:



  1. أن حماس تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، والدولة المصرية تخوض صراعاً معقداً ضد الجماعة في مصر. وقد وفر الصعود الإسلامي في فلسطين دعماً معنوياً بالغاً للتيار الإسلامي العربي، سيما الإخوان المسلمين.
  2. أن حماس والجهاد تتمتعان بعلاقات وثيقة مع إيران، التي نظرت مصر دائماً إلى نظامها الإسلامي باعتباره مصدر تهديد.
  3. أن حماس لم تخف نواياها في المنافسة على القيادة السياسية للحركة الوطنية الفلسطينية؛ ونظراً لأن قرار حماس مستقل عن القاهرة، بالرغم من أن الأخيرة أسست علاقات اتصال بحماس والجهاد منذ نهاية التسعينات، فقد خشيت الدولة المصرية من إفلات القرار الفلسطيني من التأثير المصري.
  4. أن استقرار قيادة حماس والجهاد في دمشق، وبالرغم من علاقات التحالف المصرية/ السورية/السعودية حتى 2003، أوحى بدور سوري منافس لمصر في القرار الفلسطيني.




أصبح الموقف المصري بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 أكثر صراحة في معارضته لاستمرار الانتفاضة، ولجانبها العسكري على وجه الخصوص، وهو ما اتضح في اجتماع شرم الشيخ الثلاثي (مصر، سورية والسعودية)، الذي استبطن رفع الغطاء عن العمليات الفلسطينية الاستشهادية.
أصبح الموقف المصري بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 أكثر صراحة في معارضته لاستمرار الانتفاضة، ولجانبها العسكري على وجه الخصوص، وهو ما اتضح في اجتماع شرم الشيخ الثلاثي (مصر، سورية والسعودية)، الذي استبطن رفع الغطاء عن العمليات الفلسطينية الاستشهادية.

وبوقوع غزو العراق واحتلاله، وعودة إدارة بوش إلى الاهتمام بالملف الفلسطيني، انفرط عقد التحالف الثلاثي العربي، وأصبحت مصر أكثر اقتراباً من التوجه السياسي الأميركي في المنطقة العربية، وسرعان ما تطور الموقف المصري إلى معارضة ليس لصعود الإسلاميين وحسب، ولكن أيضاً لقيادة عرفات للحركة الوطنية الفلسطينية. وكما الولايات المتحدة والدول الأوروبية، انحازت مصر في شكل صريح لإعطاء محمود عباس دوراً أكبر في القرار الفلسطيني.


وبالرغم من تراجع إدارة بوش السريع عن وعود التسوية وانشغالها بالمأزق العراقي، فقد رأت القاهرة في وفاة (أو اغتيال) الرئيس عرفات في نهاية 2004 فرصة كبيرة لإعادة إحياء المسار التفاوضي، فعملت القاهرة على احتضان عباس وتعزيز شرعيته، واستضافت مؤتمراً للحوار الفلسطيني وفر لعباس هدنة مع إسرائيل، وتوصل إلى ما عرف باتفاق القاهرة في ربيع 2005، الذي استهدف انضواء القوى الإسلامية تحت قيادة عباس. بيد أن الأوضاع لم تسر كما رغبت القاهرة، حيث استمر تراجع جهود التسوية والتفاوض وانهارت الهدنة، وتدهورت شعبية مواقف عباس وحركة فتح في شكل حثيث. وكما عباس عارضت القاهرة عقد الانتخابات الفلسطينية في مطلع 2006، سيما بعد أن أظهرت الانتخابات البلدية خلال 2005 تقدماً كبيراً لحركة حماس.


ولكن عندما فازت حماس في انتخابات 2006 التشريعية، أبدت القاهرة تفهماً للوضع الجديد، واستضافت اجتماع قيادات حماس في الخارج والداخل، الذي بحث في تسمية مرشح حماس لرئاسة الحكومة وتشكيل الحكومة الفلسطينية القادمة. في حقيقة الأمر، كان قلق القيادة المصرية من تطورات الوضع الفلسطيني قد بلغ ذروته، وبدأت القاهرة بالفعل في المشاركة في الخطة الأميركية المستهدفة إسقاط حماس وحكومتها، والمعتمدة على قوات الأمن الوقائي الموالية للقيادي الفتحاوي في غزة، محمد دحلان. ومررت شحنات أسلحة للقوات الموالية لدحلان عبر الحدود المصرية مع قطاع غزة، وبدأت مصر في تدريب عناصر مختارة من هذه القوات وإعادتها إلى قطاع غزة.


أفضى تشكيل حماس حكومتها الأولى إلى مقاطعة أورو/أميركية للحكومة، واكبتها مقاطعة عربية ضمنية. وخلال شهور، بدأت الحكومة تواجه عقبات داخلية متصاعدة، بما في ذلك اشتباكات متقطعة بين القوات الموالية لحماس وتلك التابعة لأجهزة السلطة الأمنية في قطاع غزة، التي رفض الرئيس عباس وضعها تحت أمرة رئيس الحكومة.


أدى تفاقم الأوضاع إلى مبادرة سعودية، وإلى عقد مؤتمر مكة بين قيادة حماس والرئيس عباس، ومن ثم التوصل إلى اتفاق مكة في فبراير/شباط 2007. وبالرغم من العلاقات المصرية/ السعودية الجيدة، فإن التدخل السعودي أثار امتعاضاً مصرياً ضمنياً (إضافة إلى امتعاض إدارة بوش). ولأن لا القاهرة ولا واشنطن كانت ترغب في إنجاح حكومة الوحدة الوطنية التي انبثقت عن اتفاق مكة، فسرعان ما عادت الاشتباكات بين القوات الموالية للحكومة والقوات الأمنية الموالية للرئيس عباس ودحلان في القطاع، وإلى تشديد المقاطعة والحصار الدوليين، بما في ذلك الحصار العربي، للحكومة ومناطق الحكم الذاتي.


في صيف 2008، حسمت قوات حماس الوضع الأمني في قطاع غزة، في مفاجأة كبيرة لرام الله والقاهرة وواشنطن، ووقع بالتالي الانشقاق الفلسطيني الجغرافي والسياسي. وقد بنيت السياسة المصرية على أساس تأجيل التدخل المصري للمصالحة انتظاراً لانهيار حكومة حماس في غزة أو إيصالها إلى حالة بالغة من الضعف، بفعل الحصار والمقاطعة، وتكريس القطيعة بين الحكومة وأهالي القطاع، والضغوط السياسية المتولدة عن إحياء مسار التسوية بعد مؤتمر أنابوليس في خريف العام نفسه.


ولكن أياً من هذه التوقعات لم تتحقق، وأدى صمود القطاع وتعثر مسار أنابوليس إلى انطلاق جهود المصالحة المصرية، بترحيب من الرئيس عباس. وليس ثمة شك أن مباحثات المصالحة أريد بها محاولة الالتفاف على حقيقة صمود القطاع وحكومته، وتحضير المشهد الفلسطيني لوعود أوباما في التحرك السريع نحو تسوية الصراع على فلسطين.


شاركت حماس في مفاوضات المصالحة من موقع قوة؛ فسوريا خرجت من سنوات الضغط الأميركي والغربي في وضع أفضل، وكذلك المقاومة اللبنانية، بينما أثبت قطاع غزة قدرته على الصمود. ولم يكن لدى حماس بالتالي استعدادا لتلبية مطالب السلطة والوسيط المصري.


في نهاية 2008، تعثرت مباحثات المصالحة في القاهرة، وهو ما أثار شبهات حول حقيقة الموقف المصري من الحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة في الأسابيع الأخيرة من 2008 ومطلع 2009. الأرجح أن مصر لم تتواطأ مع الإسرائيليين في الحرب، ولكن القاهرة، كما السلطة الفلسطينية في رام الله، توقعت أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي إلى انهيار حكومة حماس. ولذا، فقد سمح للموالين لدحلان من المتواجدين في القاهرة في التجمع على حدود قطاع غزة، انتظاراً للحظة المواتية لدخول القطاع وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل حسم حماس العسكري للموقف.


ولكن الأمور، مرة أخرى، لم تمض حسب التوقعات، وصمد القطاع أمام آلة الحرب الإسرائيلية، مما وفر لحماس وحكومتها في غزة رافعة قوية. وبذلك، دخلت علاقات القاهرة بحماس مرحلة جديدة، لم تتغير فيها السياسة المصرية التي استهدفت إسقاط حكومة حماس أو احتواءها، وإضعاف الحركة، ولكن ما تغير كان طريقة تنفيذ هذه السياسة. بكلمة أخرى، أصبح الموقف من حماس أكثر توتراً ودلالة على نفاد الصبر؛ وأكثر استعداداً لممارسة الضغوط السافرة.


أزمة الورقة المصرية لاتفاق المصالحة 





كان لحماس تحفظات هامة على الورقة المصرية، التي قالت حماس أنها تضمنت إعادة صياغة لما تم الاتفاق عليه بين الطرفين في عدة مواضع. ولكن وقتاً مضى قبل أن تحدد حماس موقفها، وعندما أعلنت هذا الموقف لم تقم بجهد كاف لتوضيح تحفظاتها للرأيين العامين العربي والفلسطيني.
في تشرين أول/ أكتوبر 2009، وبعد عدة جولات من التفاوض بين وفدي حركة حماس وحركة فتح (ممثلاً في الحقيقة لقيادة السلطة الفلسطينية)، أعلنت القاهرة أن الطرفين توصلا إلى اتفاق، سيقوم الوسيط المصري بصياغته وتقديمه للطرفين من أجل توقيعه. وأكدت المصادر المصرية المعنية أن الاتفاق غير قابل للمناقشة أو التعديل؛ بمعنى، أن على كل من الأطراف الفلسطينية قبوله أو رفضه. وما إن استلمت الأطراف الفلسطينية ورقة الاتفاق، حتى أعلنت حماس أنها بصدد دراسة الورقة وإعلان موقفها، ولكن حركة فتح سارعت خلال أيام من تسلمها إلى إرسال وفد إلى القاهرة لتوقيع الاتفاق.

كان لحماس، كما اتضح بعد ذلك، تحفظات هامة على الورقة المصرية، التي قالت حماس أنها تضمنت إعادة صياغة لما تم الاتفاق عليه بين الطرفين في عدة مواضع. وقد وجدت حماس في اعتراضها على الورقة المصرية دعماً قوياً وصريحاً من حركة الجهاد ومجموعة التنظيمات الفلسطينية المعارضة للسلطة الفلسطينية. ولكن وقتاً مضى قبل أن تحدد حماس موقفها، وعندما أعلنت هذا الموقف لم تقم بجهد كاف لتوضيح تحفظاتها للرأيين العامين العربي والفلسطيني؛ وبدا أن حماس فقدت زمام المبادرة، مما أفسح المجال لهجوم إعلامي عليها، سواء في الإعلام المصري أو إعلام السلطة الفلسطينية، وإلى تحميلها مسؤولية تعطيل المصالحة والخضوع لضغوط أطراف غير عربية (المقصود إيران)، لا ترغب في إعادة بناء اللحمة الوطنية الفلسطينية.


وفيما يلي، النص الأصلي لبعض أهم ملاحظات حماس (وليس كلها) على الورقة المصرية:


"أولا: ملاحظات عامة
أ- لا داعي للمقدمات واستعراض مواقف فتح وحماس، والبديل مقدمة عامة للاتفاق والتنويه بجهود مصر ثم تدرج بنود الاتفاق.


ب- البنود التي تم التوافق عليها خلال الحوار تدرج كما تم الاتفاق عليها (المنظمة، المصالحات الوطنية، ...) مع تعديلات لمواءمتها مع الاتفاق.


ثانياً: الملاحظات التفصيلية
1- القسم الخاص بالانتخابات
أ‌- يعدل البند الذي يقول (تجري الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني في توقيتات يتفق عليها في النصف الأول من عام 2010 يلتزم الجميع بذلك)، بإضافة، (وذلك في ضوء سير تطبيق الاتفاق على الأرض)، ويلتزم الجميع بذلك.


ب- يعدل البند (تتم الانتخابات التشريعية بالنظام المختلط على النحو التالي:



  1. 75% - قوائم.
  2. 25% - دوائر.
  3. نسبة الحسم 2%.
  4. الوطن 16 دائرة انتخابية - 11 دائرة في الضفة الغربية و5 دائرة في غزة).

لتصبح صياغته على النحو التالي:


تتم الانتخابات التشريعية بالنظام المختلط على النحو التالي:





















البديل الأول


 


البديل الثاني


1- 65% - قوائم.


أو


1- 70% - قوائم.


2- 35% - دوائر.


أو


2- 30% - دوائر.


3- نسبة الحسم 3%


أو


3- نسبة الحسم 3%


4- الوطن 16 دائرة انتخابية (11 دائرة في الضفة الغربية و5 دائرة في غزة.)


ج- يعدل البند (تجري الانتخابات تحت إشراف عربي ودولي)، بإضافة (مع اتخاذ كافة التدابير لضمان إجراء الانتخابات في ظروف متكافئة ومواتية للجميع وفي جو من الحرية والنزاهة والشفافية في الضفة والقطاع).


2- القسم الخاص بالأمن
أ- 
يعدل البند (تشكيل لجنة أمنية عليا يصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً بها تتكون من ضباط مهنيين بالتوافق، وتمارس عملها تحت إشراف مصري وعربي ومتابعة تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه في القاهرة)، إلى (تشكيل لجنة  أمنية عليا، يصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً بها، وتتكون من ضباط مهنيين بالتوافق، وتمارس عملها تحت إشراف مصري وعربي لمتابعة وتنفيذ  اتفاق القاهرة في الضفة والقطاع، وتكون مهمتها رسم السياسات الأمنية والإشراف على تنفيذها في الضفة والقطاع).


ب- يعدل البند (يتم إعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية بمساعدة مصرية وعربية، وسيشمل موضوع الهيكلة كل من الضفة الغربية وقطاع غزة)، إلى (يتم إعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية بمساعدة مصرية وعربية في كل من الضفة والقطاع).


ج- يعدل البند (تبدأ عملية استيعاب عدد ثلاثة آلاف عنصر في الشرطة والأمن الوطني والدفاع المدني في قطاع غزة بعد توقيع اتفاق المصالحة مباشرة على أن يزداد هذا العدد تدريجياً حتى إجراء الانتخابات التشريعية وفق آلية يتم التوافق عليها)، إلى (تبدأ عملية استيعاب عدد ثلاثة آلاف عنصر من منتسبي الأجهزة الأمنية السابقة في الشرطة والأمن الوطني والدفاع المدني في الأجهزة القائمة في قطاع غزة بعد توقيع اتفاق المصالحة مباشرة على أن يزداد هذا العدد تدريجياً حتى إجراء الانتخابات التشريعية وفق آلية يتم التوافق عليها).


د- إضافة الفقرات التالية لقضية الأمن: 1- إلى حين توحيد الأجهزة الأمنية، يتم إيجاد صيغة للشراكة في القرار الأمني بين فتح وحماس في كل من الضفة والقطاع. 2- عودة جميع المفصولين من الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية. 3- وقف سياسة التوظيف على أساس ما يعرف بالسلامة الأمنية (المسح الأمني).


3- القسم الخاص باللجنة المشتركة للإشراف على تنفيذ الاتفاق



من غير الصعب الاستنتاج بأن الورقة المصرية تحمل مصالحة ملغومة؛ فهي، من ناحية، تؤسس لعودة الأمور في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل الحسم العسكري في صيف 2008، أو ما يقرب من ذلك، بدون أن تمس الوضع في الضفة الغربية في شكل ملموس.
أ- يعدل البند (تتولى اللجنة المشتركة المساعدة في تنفيذ اتفاق القاهرة لوفاق والمصالحة لعام 2009، أو تنسيق المهام المتعلقة بتنفيذ الاتفاق، المقرر تطبيقه في الوطن من خلال التعامل مع الجهات المعنية المختلفة، بما في ذلك الآتي:)، إلى (تتولى اللجنة المشتركة تنفيذ اتفاق القاهرة للوفاق والمصالحة لعام 2009 في الضفة والقطاع، بما في ذلك الآتي).


ب- يتعدل البند الثالث من مهام اللجنة من (متابعة عمليات إعادة الإعمار في قطاع غزة)، إلى (المباشرة في عمليات إعادة الإعمار في قطاع غزة).


ج- ضرورة إضافة فقرة حول تشكيل اللجنة مرجعيتها.


4- القسم الخاص بقضية المعتقلين
أ- يعدل البند (تقوم كل من حركتي فتح وحماس بتحديد قوائم المعتقلين طبقاً لآخر موقف، ويتم تسليم مصر ومؤسسة حقوقية، يتفق عليها، نسخة منها بعد التحقق منها (تثبيت الأعداد والأسماء) وذلك حتى تاريخ يتم الاتفاق عليه)، إلى (تقوم كل من حركتي فتح وحماس بتحديد قوائم المعتقلين طبقاً لآخر موقف، ويتم تسليم مصر ومؤسسة حقوقية، يتفق عليها، نسخة منها بعد التحقق منها (تثبيت الأعداد والأسماء) وذلك حتى تاريخ يتم تحديده قبل توقيع الاتفاق).


ب- يعدل البند (يقوم كل طرف بالإفراج عن المعتقلين الموجودين لديه (كمبدأ) قبل تنفيذ اتفاق المصالحة)، إلى (يقوم كل طرف بالإفراج عن المعتقلين الموجودين لديه قبل توقيع اتفاق المصالحة).


ج- يعدل البند (في أعقاب عملية الإفراج عن المعتقلين، يقوم كل طرف بتسليم مصر قائمة تتضمن أسماء أولئك المتعذر الإفراج عنهم وحيثيات عدم الإفراج عنهم ، ورفع تقارير بالموقف لقيادتي فتح وحماس)، إلى (في أعقاب عملية الإفراج عن المعتقلين، يقوم كل طرف بتسليم مصر قائمة تتضمن أسماء المعتقلين المتعذر الإفراج عنهم، والذي ينبغي أن يكون عدداً محدوداً جداً، وحيثيات عدم الإفراج عنهم ، ورفع تقارير بالموقف لقيادتي فتح وحماس).


د- يعدل البند (بعد توقيع اتفاق المصالحة تستمر الجهود المبذولة بمشاركة مصرية لإغلاق ملف الاعتقالات نهائياً)، إلى (بعد توقيع اتفاق المصالحة تستمر الجهود المبذولة بمشاركة مصرية لإغلاق ملف الاعتقالات نهائياً، وذلك خلال شهرين منذ بدء تنفيذ الاتفاق).


هـ- تتضاف الفقرة التالية: (تحريم الاعتقالات السياسية).


5- القسم الخاص بمنظمة التحرير
أ- يضاف في نهاية القسم، وفيما يتعلق بمهام اللجنة المكلفة بتطوير منظمة التحرير، النص التالي (تعتبر هذه المهام أعلاه غير قابلة للتعطيل باعتبارها إجماعاً وطنياً تم التوافق عليه)."


فما الذي يمكن استخلاصه من هذه الملاحظات؟ إن نصوص ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات اللجان التي تناولت ملفات الخلاف الرئيسة في الساحة الفلسطينية غير متوفرة. ولذا، فمن المتعسر إجراء مقارنة بين الاتفاقات الأولية والصيغة التي انتهت إليها الورقة المصرية.


ولكن من غير الصعب الاستنتاج بأن الورقة المصرية تحمل مصالحة ملغومة؛ فهي، من ناحية، تؤسس لعودة الأمور في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل الحسم العسكري في صيف 2008، أو ما يقرب من ذلك، بدون أن تمس الوضع في الضفة الغربية في شكل ملموس. ومن ناحية أخرى، تبدو الورقة حبلى باحتمالات إجهاض مشروع المصالحة نفسها، نظراً لابتعاد كثير من بنود الورقة عن ما يمكن أن تقبله قواعد حماس على الأرض.


منطق الورقة، باختصار، هو الإعلان عن توكيد شرعية قيادة الرئيس عباس وحكومته والتفاف الشعب الفلسطيني حوله، بغض النظر عن المسافة التي يمكن أن يقطعها مشروع المصالحة، والإسراع بعقد انتخابات تشريعية جديدة، تعتقد القاهرة ورام الله أن حماس ستخسرها على نحو أو آخر.


تستبطن ملاحظات حماس، من جهتها، وضع الطرفين على قدم المساواة؛ الحرص على أن يكون الوضع في الضفة الغربية خاضعاً لعملية المصالحة، كما قطاع غزة؛ توكيد مشاركة حماس في جسم السلطة والحكم خلال المرحلة الانتقالية من حالة الانشقاق إلى تطبيع الوضع الفلسطيني؛ ومن ثم توفير مناخ عادل وموات لإجراء انتخابات تشريعية جديدة.


القسم الأفضل في الورقة المصرية، والذي يمكن بتعديلات ضئيلة أن يكون أساساً لتوافق وطني حقيقي، هو ذلك الخاص بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية. ولكن، وبالنظر إلى أن الرئيس عباس قد عمل منذ اتفاق القاهرة 2005 على تعطيل أي جهد لإصلاح وإعادة بناء المنظمة، فلم يكن من المتيقن أنه سيلتزم هذه المرة بالاتفاق حول مستقبل المنظمة.


في النهاية، على أية حال، لم تقبل القيادة المصرية النظر في ملاحظات حماس، وتحول الجهد المصري لتحقيق مصالحة فلسطينية إلى عامل إضافي، وعامل ثقيل الوطأة، في تعميق الشكوك بين حماس والقاهرة.


ضغوط  كبيرة ورد فعل حماس 





منطق الورقة، باختصار، هو الإعلان عن توكيد شرعية قيادة الرئيس عباس وحكومته والتفاف الشعب الفلسطيني حوله، بغض النظر عن المسافة التي يمكن أن يقطعها مشروع المصالحة، والإسراع بعقد انتخابات تشريعية جديدة، تعتقد القاهرة ورام الله أن حماس ستخسرها على نحو أو آخر.
لم تتصاعد الهجمة الإعلامية المصرية الرسمية خلال الشهور القليلة التالية لتعطل مسار المصالحة ضد حماس وحسب، بل وبدأت السلطات المصرية في ممارسة ضغوط متصاعدة على حكومة حماس وقيادتها في قطاع غزة، ضغوط أخذت في التأثير على حياة أهالي القطاع ومعاشهم.

أخذت الضغوط في البداية شكل تعطيل حركة قيادات حماس والجهاد الإسلامي عبر منفذ رفح، البوابة الوحيدة التي تربط قطاع غزة بالمحيط العربي. وسرعان ما اتسع نطاق التعطيل ليشمل بعض الفئات السكانية، مثل الطلاب الذين يسعون لإكمال دراستهم في جامعات عربية أو أجنبية، وبعض الحالات المرضية.


وبالرغم من أن مصر تفتح المعبر لحركة السكان المتنقلين بين جانبي الحدود لعدة أيام كل شهر، فقد رفضت كل النداءات الداعية إلى فتح كامل للمعبر. وقد انعكس تصاعد الضغوط المصرية على حماس في مزيد من التضييق على حملات الإغاثة والتضامن الدولية مع قطاع غزة، التي تسعى إلى كسر الحصار على القطاع، سواء على المستوى الإغاثي أو السياسي.


بيد أن أخطر مؤشرات التصعيد على الإطلاق كان البدء ببناء جدار فولاذي بعمق 18 متراً على الجانب المصري من الحدود مع قطاع غزة، معززا بقنوات مياه ومعدات إنذار إلكترونية، لوقف الأنفاق التي حفرها الفلسطينيون بين الجانبين نهائياً. والمعروف أن هذه الأنفاق تمثل شريان الحياة الضروري لقطاع غزة، تمر عبرها كافة البضائع من احتياجات الأهالي، إضافة إلى أموال الدعم لحكومة حماس، وربما بعض المعدات العسكرية لتنظيمات المقاومة. ثمة تقارير تفيد بأن بناء الجدار الفولاذي كان جزءاً من التفاهمات السرية بين الحكومتين المصرية والإسرائيلية خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في مقابل الانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا. والواضح، على أية حال، أن الأميركيين قاموا بدور ما في التجهيزات الهندسية لبناء الجدار.


مهما كان الأمر فلا يجب أن يكون هناك شك في أن خطوة بناء الجدار تعتبر انعطافة بارزة في علاقة مصر بفلسطين والمسألة الفلسطينية. فمواصفات الجدار تشير إلى فصل دائم وليس مؤقت بين مصر وقطاع غزة؛ وهو عمل غير مسبوق في تاريخ صلات مصر بشرقها. وقد بدأت أعمال البناء سراً وبدون إعلان في ديسمبر/ كانون الأول 2009، وظلت المصادر المصرية الرسمية تنكر حقيقة ما تقوم به في المنطقة الحدودية طوال أسابيع؛ مما يشير إلى إدراك القاهرة لفداحة ما تقوم به على الحدود مع قطاع غزة. وبالرغم من الاحتجاجات المصرية والعربية الواسعة، فقد أعاد الرئيس مبارك في كلمته في عيد الشرطة التوكيد على استمرار أعمال البناء إلى النهاية.


من جهة أخرى، تعاملت قيادة حماس مع الوضع الجديد بشيء من ضبط النفس. علاقة قطاع غزة، وفلسطين ككل، بمصر، هي علاقة حيوية، تاريخياً واستراتيجياً؛ ولم يكن بمقدور حماس الرد على الحملات الإعلامية الرسمية المتصاعدة من القاهرة، أو الاستجابة لإجراءات الضغط. ما قامت به حماس كان محاولة تعزيز وترميم علاقاتها العربية والإسلامية، واستخدام هذه العلاقات لموازنة القطيعة مع مصر أو الضغط على القيادة المصرية لإحداث تغيير في موقفها من الحركة وملف المصالحة الفلسطينية.


وكانت السعودية بالتأكيد هدف حماس الأهم في هذا المجال، سيما أن الرياض جمدت علاقاتها بالحركة منذ الحسم العسكري في قطاع غزة. في مطلع يناير/ كانون ثاني 2010، ونظراً لحاجة السعودية المتزايدة لدعم عربي وإسلامي في حربها الطويلة ضد التمرد الحوثي على الحدود مع اليمن، فتح طريق حماس إلى الرياض. وما أن اختتم وفد حماس زيارته للسعودية حتى فتحت أمام الحركة عواصم الكويت ودولة الإمارات والبحرين.


الواضح أن هدف حماس، الذي يعبر عنه بخجل أحياناً، هو توسيع نطاق الدائرة العربية المسؤولة عن الملف الفلسطيني، وكسر الاحتكار المصري الطويل لهذا الملف. ولكن، وبالنظر إلى الحساسيات العربية، والدعم الأميركي للسياسة المصرية، فالأرجح أن تحقيق مثل هذه الهدف ما يزال بعيداً نسبياً. لا السعودية، المرشحة أكثر من غيرها لاتخاذ خطوة جدية في هذا المجال، ولا أي دول عربية أخرى، تبدو في وارد مواجهة الدور المصري في الشأن الفلسطيني في المدى المنظور.


اللحظة الراهنة 





ما يمكن استنتاجه حالياً أن العلاقات بين حماس ومصر قد وصلت إلى ما يشبه القطيعة، وإن لم تكن قد قطعت كليا، نظراً لما تفرضه حقائق الجغرافيا على جانبي العلاقة.
ما يمكن استنتاجه حالياً أن العلاقات بين حماس ومصر قد وصلت إلى ما يشبه القطيعة، وإن لم تكن قد قطعت كليا، نظراً لما تفرضه حقائق الجغرافيا على جانبي العلاقة. ولكن ثمة اختلاف بين السمات الرئيسة لوضعي الطرفين، آخذين في الاعتبار أن مصر دولة راسخة، وأن حماس حركة مقاومة وطنية لشعب صغير، يعاني من انقسام قواه السياسية.

يستمر دور مصر العربي في التراجع منذ سنوات، ويعتبر بناء الجدار الفولاذي مع قطاع غزة رمزاً لكسب معسكر الابتعاد عن المشرق العربي في النخبة المصرية الحاكمة للجدل الدائر مصرياً حول خيارات البلاد الإستراتيجية ومسؤولياتها العربية. وتحمل هذه السياسة بطبيعتها احتمالات التضحية بمصالح عربية لصالح ما قد تبدو أحياناً أنها مصلحة مصرية.


ويلاحظ أن هذه السياسة تؤدي إلى إضعاف علاقات مصر العربية في شكل بطيء وتدريجي، بما في ذلك العلاقات بدول حليفة تقليدياً لمصر، مثل السعودية، وإلى تعثر المصالحة المصرية-السورية، التي كان يفترض أن تتبع مصالحة دمشق والرياض.


وربما يمكن القول أن سعي مصر لمعاقبة حماس وإخضاعها لم يأت ثماره، سيما أن عجلة التسوية سرعان ما تعثرت من جديد في نهايات 2009. والأرجح أن القاهرة جعلت من التوصل إلى تسوية ما للمسألة الفلسطينية هدفاً استراتيجياً لها، مهما كانت التكاليف، بما يحمله تحقيق هذا الهدف من تحرير الدولة المصرية من الأعباء السياسية والمعنوية للمسألة الفلسطينية. وهذا ما جعل علاقات القاهرة حتى بالرئيس عباس تتعرض للتوتر مؤخراً (وليس فقط بحماس)، بعد أن تصاعدت الضغوط المصرية على عباس لاستئناف التفاوض مع حكومة نتانياهو، بغض النظر عن التطورات في حقل الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية.


حماس، من جهتها، في وضع انتظار. ضرورات الجغرافيا تفرض على حماس التغاضي عن الضغوط المصرية، والظهور بمظهر الحريص على تحسين العلاقات مع القاهرة. ولكن حماس لا تستطيع الاستجابة للمطالب المصرية، وتسليم القياد الفلسطيني كلية للسلطة في رام الله، بالرغم من رغبة بعض قياداتها في قطاع غزة في إيجاد مخرج ولو شكلي للتوقيع على اتفاقية المصالحة في أقرب فرصة ممكنة.


ما تستطيعه حماس هو انتظار أن تعمل متغيرات الوضع العربي، وتعثر مسار التسوية، وصمود قطاع غزة في مواجهة الحصار، على تغيير الأولويات الإستراتيجية للقاهرة، بما في ذلك الموقف المصري من قطاع غزة وحركة حماس. والأرجح أن هذا الانتظار سيطول قليلاً.
_______________
مركز الجزيرة للدراسات