"النووي الإيراني": هل تنجح جهود صياغة النص النهائي؟

تناقش هذه الورقة، الهامش الذي تتحرك إيران من خلاله لتجاوز العقبات التي تعترض تدوين النص النهائي لاتفاق جنيف بشأن البرنامج النووي الإيراني قبل نهاية 20 يوليو/تموز القادم وفقًا للجدول الزمني الذي تضمنه الاتفاق المبدئي. وتبحث البنود موضع الخلاف وماهي الحلول التي جرى التوافق عليها.
8 مايو 2014
201458104417235734_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
يبدو أن إيران ودول مجموعة (5+1) قد عقدت العزم على إكمال المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق شامل حول البرنامج النووي الإيراني بحلول 20 يوليو/تموز القادم وفقًا للجدول الزمني الذي تضمنه الاتفاق المبدئي الذي وُقّع مع نهاية العام الماضي.

تناقش هذه الورقة الهامش الذي تتحرك إيران من خلاله لتجاوز العقبات التي تعترض إخراج الاتفاق الشامل إلى حيز الوجود، كما تناقش البنود التي كانت موضع تساؤل في الاتفاق المبدئي وما هي الحلول التي جرى التوافق عليها.

تُظهر الأطراف الغربية تفاؤلاً أكبر من الطرف الإيراني على هذا الصعيد، فبينما تتكهن التحليلات الغربية، استنادًا إلى موقف إيران بشأن مفاعل اراك والوثيقة التي أعدتها منظمة الطاقة الذرية، بفرص إيجابية لإنجاز الاتفاق، تشكّك التوقعات الإيرانية بإمكانية الوصول إلى حل بشأن القضايا المختلف عليها ضمن الزمن المحدد. ويأتي في مقدمتها مصير مفاعل فردو وإجابات إيرانية على أسئلة تتعلق بالأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني، والشكل الذي سيتم من خلاله تخفيف العقوبات المفروضة على إيران.

ويبدو أن التوجه الدولي يرمي إلى إلحاق المفاعلات النووية الإيرانية بإدارة دولية؛ ما يتطلب من إيران تعاونًا أكبر مع وكالة الطاقة الذرية ومنح المفتشين صلاحيات أوسع في التفتيش والرقابة. إن ما قُدّم من مقترحات يهدف إلى وضع البرنامج النووي الإيراني تحت مظلة الرقابة العالمية ضمن آلية تخرجه من إطار السريّة، وربما يهدف ذلك على المدى البعيد إلى تفكيك هذا البرنامج.

بدأت التحضيرات لتدوين النص النهائي لاتفاق جنيف بشأن البرنامج النووي الإيراني، فمع أواخر الشهر الماضي وصل حميد بعيدي نجاد المسؤول في وزارة الخارجية الإيرانية ورئيس فريق الخبراء للمفاوضات مع مجموعة 5+1 إلى نيويورك، تحضيرًا لعقد دورة جديدة من المحادثات بين إيران والغرب. ورغم أن السبب المعلن لزيارة بعيدي نجاد هو المشاركة في الاجتماع التحضيري لمؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية "إن بي تي" المقرر عقده العام القادم 2015، إلا أن التفاوض مدرج في جدول المسؤول الإيراني، وجرى عقد جلسة على مستوى الخبراء بين إيران ومجموعة (5+1) مقدمة لعقد الدورة الرابعة من المفاوضات بين الجانبين والتي تبدأ في جنيف مطلع الأسبوع القادم. ويبدو أن إيران ودول المجموعة 5+1 ملتزمة بإتمام المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق شامل حول البرنامج النووي الإيراني بحلول 20 يوليو/تموز القادم وفقًا للجدول الزمني الذي تضمنه الاتفاق المبدئي.

تناقش هذه الورقة الهامش الذي تتحرك إيران من خلاله لتجاوز العقبات التي تعترض إخراج الاتفاق الشامل إلى حيز الوجود، كما تناقش البنود التي كانت موضع تساؤل في الاتفاق المبدئي وماهي الحلول التي جرى التوافق عليها.

إرادة سياسية لإنجاح الاتفاق

تتحدث مصادر إيرانية عن مسافة كبيرة تفصل بين وجهات نظر كلا الطرفين بشأن عدد من القضايا الحساسة التي تضمنها اتفاق جنيف المؤقت. ومع ذلك يبدو أن الأطراف الفاعلة تميل إلى البدء بتدوين نص الاتفاق في نيويورك، تحسبًا لأية عقبات قد تنهي الاتفاق؛ مما يعطي جميع الأطراف هامشًا زمنيًا لتجاوزها. ورغم الخلافات إلا أن هناك إرادة سياسة للخروج بالصيغة الشاملة والنهائية للاتفاق حتى قبل المدة المقررة في الاتفاق المبدئي.

تبدو الأطراف الغربية أكثر تفاؤلاً من الطرف الإيراني على هذا الصعيد، فبينما تتكهن التحليلات الغربية، استنادًا إلى موقف إيران بشأن مفاعل اراك الذي يعمل بالماء الثقيل والوثيقة التي أعدتها منظمة الطاقة الذرية، بفرص إيجابية لإنجاز الاتفاق، تشكّك التوقعات الإيرانية بإمكانية الوصول إلى حل بشأن القضايا المختلف عليها ضمن السقف الزمني المحدد. ويأتي في مقدمة القضايا العالقة: مصير مفاعل فردو وإجابات إيرانية على أسئلة تتعلق بقضية الـ( (PMD الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني، والشكل الذي سيتم من خلاله تخفيف العقوبات المفروضة على إيران.

ورغم اختلاف التقديرات إلا أن الأشهر الثلاثة القادمة ستشهد جلسات مكثفة من المحادثات، تبدأ في نيويورك وتختتم في جنيف، بل إن بعض المواقع الإخبارية الإيرانية ومنها مواقع متخصصة بالملف النووي ألمحت إلى أن مسودة الاتفاق بصورته النهائية صارت على طاولة المشاركين في المحادثات، وأن ذلك تحقق بفضل محادثات سرية قادت إلى مخرجات يفضل الطرفان: الأميركي والإيراني الحفاظ على سريتها.(1)

وبالتزامن مع هذه التطورات جاءت زيارة سايمون غاس مندوب الحكومة البريطانية في مجموعة (5+1) إلى طهران، ويمكن تلخيص عدد من الأهداف لزيارة غاس، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه طهران(2):

  • من الواضح أن بريطانيا تسعى لعقد محادثات ثنائية، قبل البدء بالاجتماعات الرسمية، ولا تريد تفرد الطرف الأميركي برسم مسار التفاوض. ومن المتوقع أن تحذو الدول الأخرى حذو بريطانيا عبر سلسلة من المحادثات الثنائية بين إيران والدولة الغربية، ومن أبرز الدول التي ستخطو هذه الخطوة فرنسا صاحبة الموقف المتشدد في المفاوضات التي سبقت اتفاق جنيف المبدئي. 
  • جرى الحديث في طهران عن أن الضيف البريطاني جاء لبحث مخاوف إسرائيل بشأن الاتفاق ومحاولة الحصول على إجابات إيرانية بشأنها. 
  • تسعى الحكومة البريطانية إلى قراءة تطور العلاقات الإيرانية-الأميركية، ولذلك بدأت تتحدث بإيجابية عن فتح صفحة جديدة من العلاقات مع طهران، وإعادة فتح السفارة البريطانية، والتي أُغلقت عقب مهاجمتها من قبل مجموعات طلابية في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2011 وإغلاق السفارة الإيرانية في لندن. وتولت السفارة العمانية في لندن تمثيل المصالح الإيرانية في بريطانيا، والسفارة السويدية في طهران تمثيل المصالح البريطانية في إيران.
  • تريد بريطانيا أن تفتح بابًا للمحادثات مع إيران بشأن ثلاثة دول، هي: أفغانستان وسوريا والعراق، خاصة وأن الانتخابات الأخيرة في كل من أفغانستان والعراق قد جاءت بحلفاء لإيران.
  • في المقابل سعت إيران من خلال هذه الزيارة إلى قراءة توجه الحكومة البريطانية وموقفها من تعديل العقوبات المفروضة على إيران، إضافة إلى معرفة حدود الدور الذي يمكن أن تلعبه على صعيد العلاقات الاقتصادية بين إيران وأوروبا، خاصة مع تزايد التوقعات باستئناف هذه العلاقات في وقت قريب.

الإطار العام

وفي خضم الحديث عن هذه التحضيرات، يسترعي الانتباه أن هذه التطورات تتم دون إعلان واضح عن الإطار العام الذي حكم قضايا الخلاف وجرى حلها من خلاله، فمن غير الممكن البدء بعملية التدوين بدون ذلك، مما يرجح مقولة الجلسات السرية. وإذا ما صحت هذا التوقعات فإن أسئلة عدة يجب أن تطرح بشأن الطريقة التي حُلّت بها الخلافات أو ستُحل بها، ومن هو الطرف الرابح فيها، خاصة فيما يتعلق بالموضوعات التالية:

مفاعل اراك (الماء الثقيل): جرى التركيز بقوة على موضوع مفاعل اراك، وحتى وقت قريب بدا أنه موضوع خلاف جدي بين إيران ومجموعة 5+1، لكن مؤشرات عديدة تقول بأنه تم إحراز تقدم كبير على هذا الصعيد، وبات على إيران أن تتخذ تدابير فنية تحد من قدرة هذا المفاعل في مجال توليد البلوتونيوم. وهذا المسار وفقًا لمتخصصين في المجال النووي يتم على الأقل وفق ثلاثة أساليب(3):

  1. أولاً: عن طريق الحد من قوة مفاعل اراك إلى ما دون 40 ميغاواط.
  2. ثانيًا: أن يستخدم مفاعل اراك اليورانيوم المخصب بنسبة 5? كوقود بدلاً من اليورانيوم الخام.
  3. ثالثًا: التخلص من مخلفات الوقود المستخدم في هذا المفاعل بإخراجه من خلال حوض تبريد.

وبناء عليه، يتضح أن الحلول الفنية لمعضلة اراك باتت معروفة، لكن ذلك يقود إلى نتيجة مفادها أن هذه التغييرات سوف تُفقد المفاعل محل الخلاف جزءًا من وظيفته الحقيقية، وهو ما يرى فيه الفريق المعارض لاتفاق جنيف تنازلاً مجحفًا يقود لحرمان إيران من حقوقها النووية.

مؤخرًا جرى الترويج لمقترح قدمه متخصصون لحل مشكلة مفاعل اراك، بأن تقوم الولايات المتحدة الأميركية، وبشكل موازٍ ومتزامن مع تفكيك المفاعل، ببناء مفاعل آخر يعمل بالماء الثقيل وفق المواصفات المطلوبة. وهو ما أثار موجة من الانتقادات من قبل مختصين إيرانيين حذروا من القبول به، ورأوا فيه تكرارًا لتجربة مفاعل بوشهر مع الحكومة الروسية التي بقيت تماطل وتعوق إنجاز المشروع.(4) وهناك مقترح آخر يتضمن قيام خبراء من الولايات المتحدة بإعادة بناء المفاعل بصورة تحد من قدراته إلى الخُمس، ويشير محللون إيرانيون ناقشوا المسألة إلى أن إيران قد قبلت بهذا المقترح مع مجموعة (5+1)، وأن الولايات المتحدة رصدت مبلغ 70 مليون دولار لهذا الغرض.(5)

ويسوق محللون يحذرون إيران من مغبة القبول بهذا المقترح مجموعة من الأسباب؛ حيث يرون(6):

  • أن البلوتونيوم الذي يتم إنتاجه في مفاعل اراك، وكما أكد وزير الخارجية السابق والمفاوض الإيراني السابق علي أكبر صالح(7)، لايعد مناسبًا لإنتاج السلاح النووي. ولذلك فالسبب الذي تسوقه الولايات المتحدة الأميركية تنقضه الدلائل الفنية؛ مما يجعل الهدف الحقيقي يتجاوز مسألة توليد البلوتونيوم.
  • أن روسيا، ومن نواح اقتصادية واستراتيجية، هي الأقرب إلى إيران، ولا تصنّف الاستراتيجية الأمنية الإيرانية روسيا في خانة الأعداء، ومع ذلك فقد امتد بناء مفاعل بوشهر، لأسباب سياسية قبل أن تكون فنية لثلاثة عقود؛ فكم من الوقت سيستغرق بناء مفاعل تشرف عليه واشنطن!
  • أن مقترح إعادة الإنشاء مشروع صعب ويحتاج وقتًا طويلاً، يقتضي من إيران الإحجام عن القبول به.

تعداد أجهزة الطرد المركزي التي تستطيع إيران الاحتفاظ بها في النهاية: لقد أعلن المسؤولون الإيرانيون في السابق أن إيران لن تزيل أية منشآت نووية، في حين تحدث المسؤولون الأميركيون عن أن إيران ستكون ملزمة بعد ستة أشهر بخفض الأجهزة الفاعلة إلى أقل من 4000 جهاز. وهنا ينبغي التساؤل عن الآلية التي جرى فيها حل الخلاف. من المستبعد أن توافق الولايات المتحدة الأميركية على أكثر من 4000 جهاز من الجيل الأول، ومن المرجح أن لا يكون أمام إيران سوى الموافقة على ذلك، وهو يعني بصورة واضحة تراجعًا عن التصريحات الرسمية بحق إيران في تخصيب اليورانيوم.

ذخائر إيران من اليورانيوم: وتتعلق هذه النقطة بالمواد المخصبة بنسبة 5 بالمائة المسموح لإيران بتخزينها. لقد كررت إيران مرارًا بأن خروج هذا المخزون النووي يعد خطًا أحمر لن تسمح بتجاوزه، فكيف تم التوصل إلى توافق بشأن 7000 كلغرام من المخزون النووي؟ وما هو المقدار الذي سُمح لإيران بالاحتفاظ به؟ وماهو مصير الباقي منه؟

مصير منشآت فردو، وكيف حُسمت الشكوك بشأن استعمالها لأغراض عسكرية: يحتاج الحديث عن نص نهائي إلى معرفة كيفية تسوية هذه القضية، وماذا تقرر بشأنها.

العقوبات: تشير التصريحات إلى وجود خلافات بشأن الطريقة التي ستخفض بها العقوبات، والقطاعات التي سيطولها التخفيف والجدول الزمني لذلك. ويعمّق من شكوك إيران على هذا الصعيد أن ما حصّلته إلى الآن يوصف بالقليل مقارنة بما وُعدت به(8)؛ وهو ما ترك تأثيرًا واضحًا على النقاش الداخلي الإيراني وضيّق على وزير الخارجية محمد جواد ظريف؛ حيث بدأت ملامح عدم الرضى عن أدائه تطفو إلى السطح خاصة في الأوساط البرلمانية ذات التوجه الأصولي. ويتركز القلق الإيراني على هذا الصعيد من توجه أميركي لضبط مسألة العقوبات في خطة زمنية مشروطة تصدر وفق قرار لمجلس الأمن.

التفتيش والرقابة: وهي القضية التي تعيرها الولايات المتحدة اهتماما كبيرًا.

ويبدو أن الطرف الأميركي يميل إلى تجاوز الخلافات حول القضايا الفنية المتعلقة بالمفاعلات والذخائر وغيرها، ليس تقليلاً من أهميتها، بل لقناعته بأن النجاح فيها مرتبط بقضايا أخرى تفوقها أهمية، هي: الرقابة والتفتيش والعقوبات والجدولة الزمنية للاتفاق.(9)

أسباب حكومة روحاني

تسوق الحكومة الإيرانية دليلين على ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل ونهائي بشأن برنامج إيران النووي:

  • الأول: أن الوصول إلى هذا الاتفاق من شأنه إزاحة العقوبات التي أثقلت كاهل الاقتصاد الإيراني، وهو ما يبشر بحلول اقتصادية ومستقبل اقتصادي مزدهر.
  • الثاني: أن فشل الاتفاق سيقود إلى مزيد من العقوبات، التي ستكون أكثر حدة من الدورات السابقة، وستؤدي إلى إصابة الاقتصاد الإيراني بالشلل الكامل، فضلاً عن العزلة السياسية وتراجع الدور الإقليمي للجمهورية الإسلامية.

ويرى الفريق المعارض لسياسة روحاني وأدائه في المفاوضات، أن هذه الرؤية مفرِطة في التفاؤل إن حدث الاتفاق، والتشاؤم إن فشل؛ فالاتفاق حتى وإن جرى تدوينه بشكل جامع ونهائي لن يؤدي إلى زوال العقوبات بين ليلة وضحاها، كما أن تخفيف العقوبات التي جاءت على مدى عقود سيتم بصورة تدريجية وجزئية تطول بعض الجوانب دون غيرها. لقد كانت العقوبات طوال العقود الماضية العصا التي استخدمتها الولايات المتحدة الأميركية للضغط على الجمهورية الإسلامية، وإجبارها على إحداث تغيير في سياساتها. ولذلك لن يتم المساس بالعقوبات بصور جذرية ما لم تُقدِم طهران على تغيير ملموس ومقنع للإدارة الأميركية في عدد من القضايا التي يعتبرها معارضو الاتفاق خطوطًا حمراء، ومرتكزات أساسية في فكر الثورة الإسلامية. ولذلك أيضًا ستحافظ الإدارة الأميركية على قاعدة العقوبات وستُجري تغيرًا طفيفًا على هندستها، بما يتلاءم مع ما تقدمه طهران على هذا الصعيد. وستبقى تلك الأرضية قابلة للاستفادة وإعادة التفعيل كلما اقتضت الضرورة.

إن الرونق الاقتصادي الذي تتحدث عنه حكومة حسن روحاني في حال أُلغيت العقوبات، يبدو صعب المنال؛ فهناك إجماع على أن الاقتصاد الإيراني (الريعي) يعاني من مشكلات مزمنة، وهي مشكلات فاقمت منها العقوبات دون أن تكون سببًا في إيجاد عدد لا بأس به منها. ويصف خصوم روحاني تحذيره من مغبة فشل الاتفاق بأنه تضليل للجماهير التي تنتظر من روحاني حلولاً سحرية لا يملكها لمشكلات متراكمة تعاني منها بلاده على صعد عدة.

ويبدو أن حجة الخصوم تجد أرضية صلبة، فمضطرة بدأت حكومة روحاني بالمرحلة الثانية من خطة الإصلاح الاقتصادي(10) التي أطلقها نجاد، وهي الخطة التي تجبرها على خفض دعم الطاقة، وإلغاء ما يقرب من 30 بالمائة من مجموع من يتلقون الإعانات. ويرافق ذلك عجز في تغطية هذه الإعانات؛ إذ ورثت حكومة روحاني على هذا الصعيد ديونًا متركمة بلغت 72 مليار دولار.(11)

ولتطبيق خطة إعادة هيكلة الدعم في موازنة 2014-2015 فلا مجال أمام الحكومة الإيرانية سوى رفع أسعار الطاقة والوقود (مياه, كهرباء , غاز، مشتقات نفطية) بنسبة تقارب الـ90 بالمائة؛ وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المساكن والعقارات والكثير من البضائع الأخرى، ولن يقف الغذاء بعيدًا عن تداعيات ذلك.

 نتيجة

أيد الشعب الإيراني بأغلبيته اتفاق جنيف، وكان رفع العقوبات والوعود بنتائج إيجابية على الاقتصاد الإيراني سببًا رئيسيًا في تأييد الاتفاق، لكن ما تحقق إلى الآن لا يعطي دفعًا لروحاني في مواجهة معارضيه.

ويبدو أن التوجه الدولي يرمي إلى إلحاق المفاعلات النووية الإيرانية بإدارة دولية؛ وهو ما يتطلب من إيران تعاونًا أكبر مع وكالة الطاقة الذرية ومنح خبراء الوكالة صلاحيات أوسع في التفتيش والرقابة. إن ما قُدّم من مقترحات يهدف إلى وضع البرنامج النووي الإيراني تحت مظلة الرقابة العالمية ضمن آلية تخرجه من إطار السريّة، وربما يهدف ذلك على المدى البعيد إلى تفكيك هذا البرنامج.

قد يرى البعض أن من مصلحة إيران التخلي عن برنامجها النووي بصيغته الحالية، لكن ذلك مستبعد، بعد سنوات من المواجهة وتعبئة الرأي العام الداخلي بأن حيازة الطاقة النووية حق سيادي لها. إن حلاً يرتكز إلى المعطيات سابقة الذكر، سيثير عاصفة من المشاكل في طهران، حال الإعلان عنه. صحيح أن استطلاعات الرأي الإيرانية عكست تأييد الشارع لمسار التفاوض واتفاق جنيف، إلا أنها في الوقت ذلك كشفت عن تمسك المواطنين الإيرانيين بهذا البرنامج كحق لايُسمح للحكومة بالتفريط به.
___________________________________
د.فاطمة الصمادي: باحثة متخصصة في الشأن الإيراني

المصادر والهوامش
1- ماجراي آغاز نگارش متن توافق جامع چيست؟ (ماهي حكاية البدء بتدوين الاتفاق الشامل)، إيران هسته اى، 18- 1- 1393: http://irannuc.ir/content/2180
2- سايمون گس در تهران چه مي کند؟( ماذا يفعل سايمون غس في طهران)، إيران هسته اى، 93/2/8:
http://www.irannuc.ir/content/2215
3- اطلاعات جزئي از نحوه شکل بندي توافق نهايي ميان تيم مذاکره کننده ايرا ن( تفاصيل شكل الاتفاق النهائي بين فريق التفاوض الايراني)، إيران هسته اى، 93/1/21: http://irannuc.ir/content/2182
4- کارشناسان: اگر امريکا راست مي گويد يک راکتور آب سنگين جديد در ايران بسازد (خبراء: إذا كانت أمريكا محقة فلتبني مفاعلاً يعمل بالماء الثقيل في ايران)، إيران هسته اى ، 93/2/7
http://www.irannuc.ir/content/2213
5- کارشناسان: اگر امريکا راست مي گويد يک راکتور آب سنگين جديد در ايران بسازد (خبراء: إذا كانت أمريكا محقة فلتبني مفاعلاً يعمل بالماء الثقيل في ايران)، إيران هسته اى ، 93/2/7
http://www.irannuc.ir/content/2213
6- ملاحظاتي درباره مصالحه احتمالي بر سر راکتور اراک( ملاحظات حول الاتفاق المحتمل بشأن مفاعل )، إيران هسته اى، 93/2/5: http://www.irannuc.ir/content/2210
7- وزير خارجه سابق ايران:رهبر انقلاب براي مذاکره با آمريکا چهار شرط گذاشته بودند (وزير الخارجية الإيراني السابق: قائد الثورة وضع ثلاثة شروط للتفاوض مع أميركا)، سايت تابناك، 19 April 2014:
http://www.tabnak.ir/fa/news/394186/%D8%B1%D9%87%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%DB%8C-%D9%85%D8%B0%D8%A7%DA%A9%D8%B1%D9%87-%D8%A8%D8%A7-%D8%A2%D9%85%D8%B1%DB%8C%DA%A9%D8%A7-%DA%86%D9%87%D8%A7%D8%B1-%D8%B4%D8%B1%D8%B7-%DA%AF%D8%B0%D8%A7%D8%B4%D8%AA%D9%87-%D8%A8%D9%88%D8%AF%D9%86%D8%AF
8- تعليق تحريم هواپيمايي هم سمبليک از آب درآمد (تعليق رمزي للعقوبات المتعلقة بالطائرات)، موقع ايران هسته اي، 93/2/7: http://www.irannuc.ir/content/2212
9- Reza Akhlaghi, Candid Discussions: Kenneth Pollack on U.S. Policy in the Middle East, foreign policy,April 26th, 2014:
http://foreignpolicyblogs.com/2014/04/26/candid-discussions-kenneth-pollack-on-u-s-policy-in-the-middle-east/
10- آيا دولت به فكر برچيدن قانون هدفمندي است؟ (هل تنوي الحكومة تفكيك برنامج المعونة), تهران امروز, 1 آبان 1392:
http://www.tehrooz.com/1392/8/1/TehranEmrooz/1299/Page/6/?NewsID=141041
11- 15‌‌ميليون نفر از طبقه متوسط در معرض حذف يارانه نقدي,(15 مليون شخص معرضون للحذف من كشوف المساعدات النقدية)، روزنامه شرق, مهر 1392:
http://www.sharghdaily.ir/Modules/News/PrintVer.aspx?News_Id=23405&V_News_Id=&Src=Main

نبذة عن الكاتب