سياسة الدفاع الجماعي عن النفس في اليابان: طبيعتها وأهدافها

جاء تبني اليابان لسياسة الدفاع الجماعي بإعادة تفسير المادة 9 "السلمية" من الدستور، لتحمل أعباء توفير أمنها الذاتي نتيجة لتزايد الضغوط من الحليف الأميركي بهذا الاتجاه، وللإسهام في الأمن الدولي، وحذرًا من تعاظم الحضور الصيني في المنطقة.
2014821114830481734_20.jpg
رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي (غيتي)
ملخص
ينبغي النظر إلى اعتناق اليابان لسياسة الدفاع الجماعي عن النفس في سياق القلق المتزايد إزاء صعود قوة الصين العسكرية وتعزيزها لحضورها السياسي في شرق آسيا، وهي لا تعني عودة سياسة اليابان "العدوانية" التي كانت في ثلاثينات القرن الماضي. وجاءت مستندة إلى تفسير جديد للمادة 9 من الدستور -الذي وضعه محامون أميركيون- والذي يعد آخر التفاسير، وهو تطور تاريخي مهم؛ ينبغي النظر إليه في سياق سياسة أمنية يابانية ما زالت تتدرج منذ عام 1947. وبالأخذ بالاعتبار أن الأسطول الصيني سوف يواصل جهوده لفرض حضوره في المنطقة، فإن واشنطن وطوكيو ستمضيان قُدمًا في استراتيجية الاحتواء المرتكزة على سياسة الأمن الذاتي الجماعي اليابانية؛ ما يستدعي تطوير إجراءات بناء الثقة بين الصين واليابان لتجنب الانزلاق إلى أية مواجهة بين الطرفين.

إن فهم التفاعل مع الأخبار المتعلقة بإعادة تفسير (وليس مراجعة) المادة 9 من الدستور الياباني، داخل اليابان وخارجها، مهمة معقدة تحتاج إلى تفكيك؛ فقد وُضعَ الدستور الياباني إجمالاً على أيدي محامين أميركيين أثناء الاحتلال الأميركي، وتنصُ المادة على أن اليابان تنبذ الحرب واستخدام "القوة وسيلةً لتسوية النزاعات الدولية"، كما تمنع اليابان من الاحتفاظ بقوات برية أو بحرية أو جوية(1).

ويُنظر إلى إعادة التفسير تلك، والتي ترفع القيود عن القوات اليابانية للدفاع عن النفس، بشأن تقديم المساعدة العسكرية لشركائها في حال تعرضت الدولة لتهديد مباشر، على أنها تأتي إما في سياق تحول تدريجي في السياسات الأمنية تجاه ديناميات القوة الإقليمية المتغيرة أو هي تحول مثير للقلق (إلى الخلف) باتجاه عسكرة الأمة. وتعكس ردة الفعل، من وجوه عديدة، رأي المتابع في رئيس الوزراء الحالي شينزو آبي، وفي المادة 9 نفسها.

والجدير بالذكر أن الفقرة "المسالمة" في الدستور خضعت لإعادة التفسير عدة مرات كي تسمح ببناء قوات الدفاع عن النفس. ولذلك فبينما يُمثل الوضع الحالي تطورًا تاريخيًا مهمًا، فإنه أقل راديكالية مما قد يفترض البعض. ولقد اشتقت اليابان سياساتها الأمنية من "مذهب يوشيدا" (نسبة للسياسي شيغيرو يوشيدا الذي شغل منصب رئيس الوزراء مرتين بين 1946-1947 و1948-1954) الذي ظهر بعد الحرب وركز على النمو الاقتصادي والتعافي في ظل الحماية الأمنية الأميركية، ثم من "مذهب فوكودا" (سياسة أعلن عنها رئيس وزراء اليابان عام 1977 تاكيو فوكودا) ،أواخر السبعينات، والذي أكد على التعاون الإقليمي في شرق آسيا(2).

ومع ذلك، فقد حَدَّ غيابُ الثقة والمصالح المتنافسة من بناء العلاقات الإقليمية، ولقد آذنت نهاية الحزب الديمقراطي الياباني اليساري في عام 2012 -والذي حاول أن يبني علاقة ندية مع الولايات المتحدة ويطور علاقات أكثر تقاربًا مع الصين وفاعلين آخرين في المنطقة- آذنت بعودة شينزو آبي كقائد لليابان للمرة الثانية.

ورغم أن هذا القرار لم يكن بأية حال حتميًا فإن قوة الصين الصاعدة، والتوترات في بحر الصين الشرقي، والضغط من أجل زيادة المساعدات العسكرية الأميركية، وفشل الحزب الديمقراطي الياباني- كل هذا شكَّل السياق لإعادة التفسير الأخيرة للمادة 9. ومن المهم التنبه إلى أن اعتناق سياسة الدفاع الجماعية عن النفس قد تمت تحت قيادة آبي. وهذا التطور الأخير هو جزءٌ من الاستراتيجية الأميركية واليابانية تجاه احتواء التوجهات العسكرية الصينية المتزايدة في المنطقة. ومن الضروري التأكيد على أن حق الدفاع الجماعي عن النفس ليس عودة إلى نزعة عدائية عسكرية يابانية؛ فاليابان دولة ديمقراطية مستقرة ولها سجل سلوك مسؤول منذ الحرب العالمية الثانية، كما أن جزءًا كبيرًا من المجتمع الياباني يعتنق المُثلَ السلمية.

نشوء وتطور المادة 9 وسياسة اليابان الأمنية (1947-2012)

مثَّلت المادة 9 (وهي كذلك من وجوه عديدة) من الناحية الرمزية والواقعية والمثالية والبراغماتية تراثًا أميركيًا للبعض، كما مثَّلت للكثيرين أيديولوجية اعتنقها اليابانيون الذين عانوا ويلات حرب المحيط الهادي. فمن منظور براغماتي، استطاعت اليابان أن تبني اقتصادها المتهالك بعد الحرب العالمية الثانية وذلك من خلال رفع الدعم عن التسليح ذي التكاليف العالية. ووفرت اليابان الأمن عن طريق الولايات المتحدة وذلك بتوقيع معاهدة الأمن الأميركية-اليابانية في عام 1951 والتي تم تعديلها عام 1961؛ حيث وُقِّعت من أجل تأكيد "التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن اليابان ضد أي هجوم خارجي مقابل أن تستخدم الولايات المتحدة القواعد العسكرية اليابانية من أجل الدفاع عن اليابان والسلم والأمن في الشرق الأقصى"(3). وبالنسبة لسياسيين محافظين ومؤثرين مثل يوشيدا، فقد كانت أفضل طريقة لخدمة اليابان هي أن تتم عملية إعادة بناء جيش عادي بشكل تدريجي بمجرد تعافي الاقتصاد. ومن منظور مثالي، فإن الاشتراكيين اليابانيين والشيوعيين الذين هُمّشوا واضطهدوا أثناء الحرب العالمية الثانية، كانوا متحمسين لفكرة يابان منزوعة السلاح. هذا الموقف من اليسار الياباني، الذي كان متأثرًا بالأفكار الإنسانوية العالمية، كان أبقى من غيره.

لقد كان هناك معارضة رغم ذلك في البداية من القوميين المحافظين المتنفذين، مثل جَد شينزو آبي، كيشينوبوسكا، الذي كان يريد لليابان أن تستمر في أن يكون لديها حضور عسكري قوي. وبعد فترة قصيرة من توقيع الدستور الياباني في عام 1947، تصاعدت حدة الحرب الباردة وضغطت الولايات المتحدة على الحكومة اليابانية كي تعيد بناء القوات اليابانية للدفاع عن النفس، وذلك من خلال "إعادة تفسير المادة 9 بحيث تسمح بوجود قوات مسلحة من أجل أهداف دفاعية(4). ولم يكن بمقدور اليابان إرسال قوات دفاع خارج حدودها إلا في التسعينات من القرن الماضي.

وكان الانتقاد الدولي الذي تعرضت له اليابان في بداية التسعينات من القرن الماضي لغياب أثرها في "تحمل التبعات" في المجتمع الدولي، قد أظهر أن اليابان كانت في حاجة إلى إعادة النظر في دورها في عالم ما بعد الحرب الباردة. تعرضت اليابان لهذا النقد رغم أنها ساهمت بـ13 مليار دولار في حرب الخليج الأولى (1990-1991)(5). وتم تمرير قانون التعاون الدولي من أجل السلام في يونيو/حزيران 1992، وشاركت اليابان لأول مرة في عملية حفظ سلام حيث أرسلت "كتيبة هندسة لقوات الدفاع البرية اليابانية والتي أُرسلت كي تنضم إلى الحكومة الانتقالية التابعة للأمم المتحدة في كمبوديا"؛ وذلك في أكتوبر/تشرين الأول من تلك السنة(6). وقد جُوبه المشروع بمعارضة خاصة من حزب كوميتو والذي قام بمراجعات منعت اليابان من المشاركة في "مهمات مفصلية" مثل مراقبة نزع التسلح وتسيير الدوريات في المناطق العازلة، وتم "حصر المشاركة في توفير الدعم اللوجستي بما ذلك العناية الصحية، والتدابير الخاصة بالصرف الصحي والمواصلات، والاتصالات والبناء"(7).

وكانت هجمات 11 سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة قد أسفرت عن تحديات جديدة للأمن العالمي، اقتضت مشاركة اليابان في جهود مكافحة الإرهاب، فوجدت بغيتها في قانون الإجراءات الخاصة بشأن مكافحة الإرهاب وآخر بشأن المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار(8). وباستخدام ذلك القانون كان باستطاعة اليابان أن تقدم الدعم اللوجيستي لعملية "الحرية الدائمة" في أفغانستان إلى جانب تقديم المساعدات الإنسانية وتلك الخاصة بإعادة الإعمار في العراق. وهذه أول مرة ترسل فيها اليابان وحدات من قوات الدفاع اليابانية "أثناء صراع قائم، وكان لديها في تلك اللحظة تخويل باستخدام السلاح ليس في مجال الدفاع عن النفس فحسب ولكن في الدفاع عن العاملين تحت مسؤوليتها، بما في ذلك اللاجئون والعاملون الأميركيون"(9).

عودة شينزو آبي والأمن الجماعي

أظهر آبي في أول فترة له كرئيس وزراء لليابان نزعته المثالية القومية الزائدة، كما أثبت قدرته على اتخاذ قرارات براغماتية. ويرى المؤرخ غافان ماكورماك أن آبي ليس محافظًا إلا من الناحية الاسمية وينبغي النظر إليه على أنه شديد النزعة القومية أثناء فترته الأولى في رئاسة الوزراء والتي "تميزت بالإنكار (التاريخي)" بشأن مسؤولية اليابان الحربية(10). أما ريتشارد كاتز وبيتر إنيس فيشيران إلى أن آبي حسَّن العلاقات مع الصين وكوريا الجنوبية من خلال حوارات الغرف المغلقة، والرحلات إلى بكين وسول وأكثر من ذلك بعدم زيارة ضريح ياسوكوني كرئيس للوزراء(11).

حتى قبل أن يعود للسلطة، فإن آبي والحزب الليبرالي الديمقراطي أظهرا رغبة بمراجعة الدستور لاسيما المادة 9 والمادة 96 (والتي تنص على الحاجة إلى أغلبية الثلثين في غرفتي البرلمان وانتخابات خاصة كي يتم تعديل الدستور)، لكنه قررَ أي آبي، أن يركز في المقام الأول على الاقتصاد وبناء شعبية قوية ومتسقة في استطلاعات الرأي العام، وهو ما تعلمه من فترته الأولى في الحكم.

وبينما كانت استطلاعات الرأي بشكل عام إيجابية تجاه آبي، وتجاه مجلس وزرائه والطريقة التي يسير بها الاقتصاد، فإن الجماهير اليابانية لا تزال مترددة في تأييد مراجعة الدستور. حتى الشريك الرئيسي في ائتلاف الحزب الليبرالي الديمقراطي، حزب كوميتو الجديد، لا يزال مترددًا في مراجعة الطبيعة "الهادئة" للدستور. وفي هذا الجو من عدم اليقين بشأن النجاح في الحصول على أغلبية الثلثين في غرفتي البرلمان والاستفتاء -وهي متطلبات من أجل مراجعة الدستور- تنازل آبي عن "المراجعة الواضحة وتحول إلى المراجعة عن طريق التفسير"، وذلك في الوقت الحالي على الأقل(12). ويبدو أن هذه الخطوة، ووفقًا لحساباته في اللحظة الراهنة، لن تُعرِّض رأس ماله السياسي لخطر حقيقي على رغم ما تنطوي عليه من مخاطر.

بل إن مصادقة آبي في مجلس الوزراء على إعادة تفسير الدستور في 1 يوليو/تموز 2014 قد جوبهت باحتجاجات عبر البلاد(13). وبحسب استطلاع رأي نشرته صحيفة أساهي شمبون، من يسار الوسط، في إبريل/نيسان فإن 29% فقط من الذين شملهم الاستطلاع أرادوا التخويل باستخدام قوة الدفاع الجماعية. ولكن تفسير استطلاعات الرأي ليس عملية دقيقة ومستقيمة، والإجابة عادة ما تعتمد على كيفية صياغة السؤال. يرى كل من مايكل غرين وجيفري هورننغ أن الرأي العام الياباني يؤيد بقوة تحسين التعاون بين اليابان والولايات المتحدة؛ ولذلك فعندما "تم السؤال عن تمكين قوات الدفاع عن النفس من أجل مزيد من التعاون مع الولايات المتحدة، وإن كانت مجالات التعاون في مناطق بعيدة مثل خليج هرمز، فإن التأييد العام للدفاع عن النفس زاد على 50%(14).

وبيّنت الاستطلاعات على الدوام كيف أن مخاوف الشعب الياباني تزداد من صعود قوة الصين وإرادتها العسكرية. وترى جنيفر لند، الباحثة في العلوم السياسية والخبيرة في سياسات اليابان الأمنية، أن هذا التطور الأخير يمكن أن يُرى على أنه جزء من ردة فعل يابانية وأميركية للأسطول الصيني الحديث و"هيمنته المتنامية" فيما يتعلق بالنزاعات الإقليمية في المنطقة "كما أنه يشكِّل تحديًا للتحركات الأميركية العسكرية في شرق آسيا"(15).

العلاقات اليابانية-الصينية و"محور" الولايات المتحدة تجاه آسيا الهادي

زاد النزاع الإقليمي بين الصين واليابان على جزر في بحر الصين الشرقي واستراتيجية الولايات المتحدة لاحتواء قوة الصين العسكرية، من التوترات في المنطقة. ورغم تأسيس علاقات دبلوماسية، وتعاون تجاري واقتصادي بين الصين واليابان منذ 1972، فلا تزال بعض الإحن التاريخية تشكِّل تحديًا للعلاقات، وتتجدد مع تجدد أي نزاع إقليمي بين البلدين، ومن ذلك قضية الجزر الخمسة الصغيرة في بحر الصين الشرقي؛ حيث يدعي كل من البلدين إضافة إلى أخرى ثالثة سيادته عليها بناءً على روايات تاريخية متعارضة؛ فهي بالنسبة لليابان جزر سنكاكو، وللصين اسمها دياويو، بينما تطلق عليها تايوان اسم دياويوتاي. وفي ظل محاولات دبلوماسية حديثة العهد بين الصين واليابان فيما يتعلق بالجزر، فإن كل جانب اتخذ موقفًا قوميًا متصلبًا تجاه الجانب الآخر.

ويعتقد رينهارت أن الصينيين كانوا هم المعتدين في هذه الأزمة وأن اليابانيين عادة ما كان "موقفهم دفاعيًا"(17). ويرى أن الموقف قد تدحرج إلى "لعبة خطرة" وبدون أية إجراءات بناء ثقة بين القوتين المسلحتين فإن هناك احتمالاً للصدام كنتيجة لـ"حدث عسكري أو مدني غير متوقع، أو خطأ في الحسابات أو توتر عنيف في مستويات القيادة الدنيا"(17).

في هذا السياق من التوتر المتزايد، بدت إدارة أوباما واضحة في نيتها استخدام استراتيجية "الاحتواء" تجاه انعكاس قوة الصين، بينما تحافظ على علاقات تجارية قوية معها. وفي السنوات القليلة الماضية، وسّعت الولايات المتحدة حضور قواتها العسكرية في أستراليا وذلك بموجب اتفاقية أمنية بين أستراليا ونيوزيلاند والولايات المتحدة (آنزوس)، ومتّنت علاقتها مع إندونيسيا والهند وفيتنام بينما عززت من التحالف الأميركي-الكوري(18).

وبعد علاقات شابها التوتر مع الولايات المتحدة أثناء حكم الحزب الديمقراطي الياباني (2009-2012)، وجدت إدارة أوباما في آبي شريكًا سلسًا. ولم يكن من المفاجئ أن يعبَّر الناطق باسم الخارجية الأميركية، جين بساكي، عن دعم الولايات المتحدة لقرار يسمح لليابان بالدفاع الجماعي عن النفس وكذلك التأكيد على أن الحكومة اليابانية لديها "كل الحق لإعداد نفسها بما يتلاءم مع ما تراه ضروريًّا. وإننا نشجعهم على ذلك بشكل واضح، وسنظل على تواصل معهم بشأن هذه القضايا المهمة"(19). وهنا، ليس من المفاجئ أيضا إعلان الصين أن التحرك الياباني قد يعرِّض المنطقة للقلاقل(20).

وعلى غرار أميركا، تحركت اليابان لتطوير شراكة استراتيجية في المنطقة مع قوة مناهضة للصين. فقد حوَّل آبي تركيز شراكة اليابان إلى الفلبين من أجل تعزيز "القدرات الدفاعية لأسطول الفلبين في بحر الصين الجنوبي(21). وبالإضافة إلى اتفاقية مع أستراليا من أجل "التشارك في التكنولوجيا البحرية والعسكرية الأخرى"؛ فقد عقد آبي شراكة مع فيتنام بحيث يمكن "لأساطيل اليابان وفيتنام أن تقوم بتعاون أفضل وترسخ العلاقات بين الصناعات العسكرية في كلا البلدين"(22).

الخاتمة

وكما تشير لند بحق، فإن تحول اليابان إلى سياسة الدفاع أمر "ملحوظ وروتيني في نفس الوقت". إن تقدم اليابان في القوة العسكرية ومداها ينبغي النظر إليه على أنه عملية تدريجية في تاريخها بعد الحرب وذلك من خلال سلسلة من محاولات إعادة التفسير للمادة 9 "السلمية" من الدستور، وتأتي في ظل ضغط من حليف مهم، أي: واشنطن، من أجل تحمل اليابان مسؤولية تأمين نفسها في منطقة تزداد فيها التوترات الأمنية، وهذه التطورات كانت أمرًا متوقعًا لدى كثيرين. فرغم وجود معارضة من اليسار الياباني، والاحتجاجات في كل البلاد، فإنه كان من المحتم أن يتخذ آبي قرارًا بتبني سياسة الأمن الجماعي. وفي المحصلة، فإن الحزب الديمقراطي الياباني وعد في العام 2009 عندما تولى السلطة، بإعادة ترتيب العلاقة مع الولايات المتحدة وبناء علاقات أقوى مع شرق آسيا.

لقد شهدت علاقات اليابان بالصين فترات صعبة من قبل؛ ولكن الشعور العام يشي بأن الأمور لم تكن بهذا السوء كما تظهر على السطح. غير أنه من المثير للقلق أن الأسطول الصيني سوف يواصل في المستقبل القريب فرض إرادته، وعليه فسوف تواصل كل من الولايات المتحدة واليابان المضي قدمًا في استراتيجية الاحتواء. ورغم عدم وجود ما يدل على أن هناك أزمة عسكرية في المنطقة، فإن هناك حاجة ماسة لتطوير إجراءات بناء الثقة بين الصين واليابان لتجنب أي سوء فهم قد يؤدي إلى مواجهة مؤسفة بين الطرفين.
_____________________________________
سميع صديقي - متخصص في الدراسات اليابانية وشرق الآسيوية الحديثة

ملاحظة: النص بالأصل أعد لمركز الجزيرة للدراسات باللغة الإنكليزية، وترجمه إلى العربية محمود محمد الحرثاني، محاضر الدراسات الثقافية والترجمة بجامعة الأقصى، غزة، فلسطين.

المراجع
1. J. Dower (1999), Embracing Defeat (New York: W.W. Norton & Company), p. 394.
2. P. Harris (2014), ‘Japan's Embrace of Collective Self-Defense: A Worrisome Turn from the Past?’, The National Interest, May 27, http://nationalinterest.org/blog/the-buzz/japans-embrace-collective-self-defense-worrisome-turn-the-10539  (Accessed July 20 2014).n
3. L. Norman (1993) ‘The Strategic Dimensions of Japanese Foreign Policy’, in G. Curtis (ed.), Japan’s Foreign Policy after the Cold War: Coping with Change (London: M.E. Sharpe), p.205.
4. J. Lind (2014),‘China’s growing assertiveness transforms Japan’s security policy’, July 19,  East Asia Forum, http://www.eastasiaforum.org/2014/07/19/chinas-growing-assertiveness-transforms-japans-security-policy/  (Accessed July 25 2014).
5. When Cash Alone Won't Carry: Japan's Kaifu proposes significant departure from checkbook diplomacy’ (1991), The Los Angeles Times, April 28, http://articles.latimes.com/1991-04-28/opinion/op-1305_1_checkbook-diplomacy  (Accessed July 10 2014).
6. M.Kamiya (2001),‘Pacifism and the Japanese Attitude towards the United Nations’, in P.Regmier and D. Warner (ed.) Japan and Multilateral Diplomacy (Aldershot: Ashgate), p. 181.
7. Kamiya, ‘Pacifism and Japanese Attitude’, p. 183.
8. Anti-Terrorism Special Measures Law, http://www.kantei.go.jp/foreign/policy/2001/anti-terrorism/1029terohougaiyou_e.html  (Accessed, July 20 2014).
9. C. Hughes (2004), Japan’s Re-emergence as a ‘Normal’ Military Power(London: Oxford University Press), p. 133.
10. G. McCormack (2012), ‘Abe Days are Here Again: Japan in the World’, December 24, The Asia-Pacific Journal, Vol. 10-52-1, http://www.japanfocus.org/-Gavan-McCormack/3873  (accessed 28 July 2014).
11. R. Katz and P. Ennis (2007), ‘How Able is Abe?’, Foreign Affairs, Vol. 86-2, March-April, p. 75.
12. H. Bix (2014), ‘Abe Shinzo and the U.S.-Japan Relationship in a Global Context’, April 28, The Asia-Pacific Journal, Vol. 12-17-1, http://japanfocus.org/-Herbert_P_-Bix/4110  (Accessed July 28 2014).
إن زيارة رئيس الوزراء الياباني لهذا الضريح تثير موجة اعتراضات دولية بسبب وجود رفات بعض "مجرمي الحرب العالمية الثانية" من اليابانيين فيه. 
13. Asahi Shimbun Special Public Opinion Poll (2014), The Maureen and Mike Mansfield Foundation, April 7, http://mansfieldfdn.org/program/research-education-and-communication/asian-opinion-poll-database/listofpolls/2014-polls/asahi-shimbun-special-public-opinion-poll-040714/  (Accessed July 20 2014).
14. M.Green and J.Hornung, ‘Ten Myths About Japan’s Collective Self-Defense Change’, July 10, The Diplomat, http://thediplomat.com/2014/07/ten-myths-about-japans-collective-self-defense-change/  (Accessed July 20 2014).
15. Lind, ‘China’s growing assertiveness’.
16. R. Drifte, ‘The Japan-China Confrontation over the Senkaku/Diaoyu Islands—Between “shelving” and “dispute escalation”’, July 28, The Asia-Pacific Journal, Vol. 12-30-3, http://www.japanfocus.org/-Reinhard-Drifte/4154 ,  (Accessed July 28 2014).
17. Ibid.
18. Bix, ‘Abe Shinzo and the U.S.-Japan relationship.’
19. Daily Press Briefing (2014), United States State Department, June 30, http://www.state.gov/r/pa/prs/dpb/2014/06/228570.htm  (July 28 2014).
20. M.Green and J.Hornung, ‘Ten Myths About Japan’s Collective Self-Defense Change.’
21. Bix, ‘Abe Shinzo and the U.S.-Japan relationship.’
22. Ibid 

نبذة عن الكاتب