لماذا تواصل إيران المأزومة اقتصاديًّا دعم حلفائها؟

تبحث هذه الورقة في الدوافع والأسباب التي تجعل إيران تواصل دعم حلفائها في الخارج بالمال والسلاح على الرغم من الكلفة العالية لهذا الدعم، وعلى الرغم مما تشهده إيران من أزمة اقتصادية بفعل العقوبات وتراجع أسعار النفط.
18 فبراير 2015
20152189826135734_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
تتناول هذه الورقة الدوافع والأسباب التي تجعل إيران تواصل دعم حلفائها في الخارج بالمال والسلاح على الرغم من الكلفة العالية لهذا الدعم. وتناقش فيما إذا كانت العقوبات الاقتصادية وكذلك تراجع أسعار النفط قد تركا تأثيرا سلبيًّا على النفوذ الإيراني الإقليمي أو قادا لإضعافه، وتجادل الباحثة بأن العقوبات لم تحُلْ دون دعم إيران لنظام الأسد بالمال والسلاح والمقاتلين، فضلاً عن التأكيد بمواصلة الدعم على الرغم من الانخفاض في أسعار النفط. وكذلك الحال بالنسبة إلى الميلشيات الشيعية في العراق وميلشيا أنصار الله الحوثية في اليمن، وغيرها من المجموعات الموالية لإيران في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من المأزق الاقتصادي الذي تمرُّ به إيران، استطاع الرئيس الإيراني حسن روحاني أن يقر موازنة حكومته للعام المالي الجديد بنحو 294 مليار دولار، بزيادة 4.3% عن موازنة العام المالي الجاري، وزادت الميزانية المخصصة للحرس الثوري إلى الثلث.

وتخلص الورقة إلى أن العقوبات وكذلك تراجع أسعار النفط لم يُحْدِثَا تأثيرًا سلبيًّا عميقًا على دعم إيران للموالين لها. ولا ترى الباحثة وجود أية مؤشرات تدل على تراجع إيران مستقبلاً عن دعم الموالين لها بالمال والسلاح والتدريب؛ حيث يرى صانع القرار الإيراني في هذا الدعم ضرورة للأمن القومي الإيراني، وكذلك لتحقيق مزيد من النفوذ بما يعزز مكانة إيران ودورها الإقليمي.

يساعد في فهم وتفسير السلوك السياسي الخارجي الإيراني، ومن ذلك الدعم الذي تقدمه إيران لحلفائها في الخارج، الرجوع إلى نظرية الدور، انطلاقًا من كون السياسة الخارجية الإيرانية باتت محكومة بثنائية التهديد والفرصة، كما أنها في وجهها الإقليمي تحوي ثلاثة أبعاد؛ هي: التركيبة وعامل الأرض، وعامل الجغرافيا في البعد الجيوسياسي، والعامل الإنساني في بُعْد الوساطة.

ويشكِّل البحث الإيراني عن دور إقليمي ودولي معترف به مدخلاً مهمًّا لمعرفة خلفيات إصرار صانع القرار الإيراني على مواصلة تقديم الدعم للحلفاء في الخارج؛ وذلك على الرغم مما تعانيه البلاد من وضع اقتصادي حرج فرضته العقوبات المفروضة على إيران منذ عقود. إن ما يسميه هولستي (K. Holsti) القيام بالدور؛ وينطلق بصورة أساسية من ما تحمله النخبة السياسة من تصورات للدور الوطني، ويأتي ذلك محكومًا بعدد من الخصائص الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية للدولة(1).

وقد يُسهم في الفهم -أيضًا- اللجوء إلى نظريات سلوك الدولة (Theories of state behavior)، ونظريات العلاقات الدولية التي تسعى لفهم سلوك الدولة وشرح دوافع ومحركات هذا السلوك الخارجي؛ الذي يرتبط بصورة كبيرة بالمحيط الذي يحيط بتلك الدولة وتتحرك داخله ومن خلاله.

وتبدو نظرية الواقعية الكلاسيكية (Classical Realism)، مفيدة على هذا الصعيد؛ خاصة فيما يتعلَّق بالهدف، فهي تجادل بأن البحث عن القوة والأمن هو هدف كل الدول(2)، وهو المحرك الأساسي لسلوك الدولة، ويُظهر الأداء السياسي الإيراني ميلاً واضحًا للحصول على القوة والأمن، ولتحقيق هذا الهدف تسعى إيران إلى زيادة في قوتها بالتزامن مع إضعاف الخصوم والأعداء، وعليه فإن مجمل أداء إيران يأتي في إطار جمع ومضاعفة عناصر القوة، ويجري النظر إلى كل دولة من الدول الأخرى كمنافسين؛ باعتبار أن القوة إذا لم تكن في يد الدولة ذاتها فهي خطر عليها(3).

ويلتقي ذلك -أيضًا- مع ما يُطلق عليه: المصلحة الذاتية للدولة التي تُصاغ بعبارات دينية مألوفة تتعلَّق بعضها بـ"القانون الإلهي"، ويتعلَّق بعضها الآخر بـ"القانون الطبيعي"(4)، ويمكن توسيع نموذج الدور؛ بحيث يشمل المستويين الداخلي والخارجي؛ حيث يتمُّ في الأول بحث الأدوار السياسية في إطار الأنساق السياسية من الداخل، وبحث هيكل الأدوار وتوزيعاتها وتفاعلاتها فيما يتعلَّق بالأنساق الفرعية أو بالنسق الكلي، ورَبْط ذلك بالمستوى الثاني، بحيث يجري بحث الأدوار السياسية في إطار النسق السياسي الدولي/الخارجي، والتركيز على الأدوار التي يشغلها السياسيون/الدول/الجماعات(5).

تبحث هذه الورقة في الدوافع والأسباب التي تجعل إيران تُواصل دعم حلفائها في الخارج بالمال والسلاح على الرغم من الكلفة العالية لهذا الدعم.

الدولة المرهقة اقتصاديًّا

لم يكن انخفاض الإيرادات متوقعًا؛ وهو ما جعل الرئيس الإيراني حسن روحاني يعمد إلى خفض كبير في الميزانية، والبحث عن موارد أخرى، وبدأ روحاني خطة لتقليل الاعتماد على النفط الإيراني، وإن كان يُدرك أن مستقبله السياسي مرتبط بشكل أو بآخر بأسعار النفط، وما يمكن أن تسفر عنه نتائج المحادثات بين إيران والدول الكبرى (5+1) بشأن ملفها النووي.

في ديسمبر/كانون الأول الماضي قدَّم الرئيس الإيراني ميزانية حكومته لعام 2015 على أساس أن متوسط سعر النفط هو 72 دولارًا للبرميل نزولاً من نحو 100 دولار للبرميل في ميزانية 2014؛ لكن النفط واصل انخفاضه إلى ما دون 50 دولارًا، وقد يستقرُّ عند ذلك لفترة ليست بالقصيرة، وبناء عليه خفضت الحكومة السعر المتوقَّع مرة أخرى إلى 40 دولارًا للبرميل، ويأتي انهيار أسعار النفط في وقت تعاني فيه إيران من تحديات سياسية واقتصادية خطيرة بسبب سوء الإدارة والفساد والعقوبات الدولية، ولا يزال التضخم مشكلة حقيقية على الرغم من انخفاضه عن معدلاته السابقة، ومع نهاية عام 2014 رفعت إيران أسعار الخبز ضمن خطة للإصلاح الاقتصادي أقرت مراحلها الأولى في عهد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد. وتعالت حدَّة المخاوف من فشل حكومة روحاني في خفض معدل التضخم إلى 20% خلال العام الجاري 2015، وهو ما كان مخططًا له في برامج الحكومة ووعودها، وتقول الحكومة: إن معدل التضخم تراجع من 35% في عام 2013 إلى 25% في العام الماضي 2014(6).

ويعتقد روحاني ووزير النفط في حكومته بيجان زنكنه أن انهيار أسعار النفط هو "مؤامرة سياسية" تستهدف إيران، ويحذِّر من أن ذلك يرتب تبعات اقتصادية على الدول المنتجة وفي مقدمتها السعودية والكويت(7)، ووجهت إيران دعوات متكررة للسعودية لخفض الإنتاج من أجل رفع الأسعار(8)، مع تحذيرات بأن "التلاعب بأسعار النفط سينتهي في غير مصلحة السعودية"(9).

وعلى الرغم من أزمة النفط، والاتهامات التي كالها روحاني لأوبك بأنها وراء "افتعال هذه الأزمة"، فإنه أقرَّ موازنة للعام المالي الجديد بنحو 294 مليار دولار، بزيادة 4.3% عن موازنة العام المالي الجاري، وزادت الميزانية المخصصة للحرس الثوري إلى الثلث.

وعَكْس كثير من التكهنات التي قالت بتأثيرات كبيرة فإن انهيار أسعار النفط منذ يونيو/حزيران 2014 لم يترك إلى الآن سوى تأثير متواضع على إيران وأدائها السياسي(10)، ومن الملاحظ أنه عندما كانت أسعار النفط عالية في السنوات الأخيرة، فإن العقوبات ألحقت ضررًا كبيرًا بالاقتصاد الإيراني؛ ولكن تلك العقوبات نفسها كانت سببًا في تخفيض الأثر السلبي على إيران نتيجة انخفاض أسعار النفط. فقد عمدت إيران في السنوات الأخيرة بصورة ذكية إلى عقد صفقات النفط في بلدان العملاء، وتستخدم عائدات النفط لدفع ثمن السلع والخدمات التي تنتجها تلك البلدان. ولأكثر من عامين، كانت إيرادات النفط الإيراني تتراكم في البنوك الخارجية بسبب العقوبات، وفي أوائل عام 2015 بلغت عشرات المليارات من الدولارات في الصين والهند وغيرها من عملاء كبار للنفط الإيراني. وما فعله انخفاض أسعار النفط أنه قلل من كمية المال الذي يودع في الحسابات الخارجية، وعمدت طهران خلال السنوات الأخيرة إلى تقديم شروط ائتمان سخية للعملاء حتى لا يكون هناك تأخير بين تسليم النفط والسداد.

العقوبات.. أسعار النفط وحلفاء إيران

تعترف إيران بأن العقوبات الدولية على قطاعي الطاقة والمالية الرئيسية في إيران أضرت بالاقتصاد الإيراني، وقد أسهمت هذه العقوبات بشكل كبير في دفع إيران إلى القبول بفرض قيود على برنامجها النووي مقابل تخفيف متواضع ومحدود للعقوبات المفروضة، وهو ما تضمَّنه اتفاق جنيف النووي المؤقت؛ الذي جرى التمديد له مرتين، وما زال قائمًا حتى (6 من يوليو/تموز 2015) الموعد النهائي لتوقيع اتفاق شامل.

واستهدفت العقوبات بصورة قوية صادرات النفط الخام الإيراني، وقد انخفضت إلى حوالي 1.1 مليون برميل يوميًّا في نهاية عام 2013، أقل جدًّا من 2.5 مليون برميل يوميًّا صدَّرتها إيران خلال عام 2011، وقاد ذلك انكماش الاقتصاد الإيراني بنحو 5% في عام 2013، كما انخفض أداء القطاع الخاص الإيراني، وأصبح العديد من عملياته ومن القروض متعثرًا، كما قَلَّصَت العقوباتُ قدرة إيران على شراء المعدات النووية والصاروخية؛ إضافة إلى استيراد برامج الأسلحة التقليدية والمتقدمة؛ ومع ذلك فإن العقوبات لم تَحُلْ دون دعم إيران لنظام الأسد بالمال والسلاح والمقاتلين، وكذلك الحال بالنسبة إلى الميلشيات الشيعية في العراق، وميلشيا أنصار الله الحوثية في اليمن، وغيرها من المجموعات الموالية لإيران في الشرق الأوسط(11).

ما الآثار التي تركتها العقوبات على النفوذ الإيراني في المنطقة؟ وهل قادت لإضعافه؟
من الواضح أنه لا العقوبات ولا تراجع أسعار النفط التي هبطت إلى نحو 50% منذ يونيو/حزيران 2014 قد أظهرت مؤشرات تدلُّ على تراجع إيران عن تسليح الحركات الموالية لإيران في الشرق الأوسط؛ لكن ذلك بالتأكيد أثَّر على إنفاق هذه الحركات وشبكاتها الاجتماعية ومشاريعها الاقتصادية؛ ففي سوريا واصلت إيران توفير المعدات العسكرية والمستشارين لنظام الأسد، وأكَّدت أن هذا الدعم سيتواصل على الرغم من الانخفاض في أسعار النفط(12).

وتتحدَّث تقديرات عن أن المساعدات الإيرانية للنظام في سوريا تتراوح بين مليار وملياري دولار شهريًّا، ويتم إنفاق نحو 500 مليون دولار على المساعدات العسكرية، يذهب معظمها إلى قوات الدفاع الوطني، التي باتت تدار بصورة أو بأخرى من قِبَل قادة تابعين لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، وعند حساب الودائع البنكية والمنحة النفطية إضافة إلى المساعدات العسكرية ترتفع التقديرات إلى 10 مليارات دولار شهريًّا. ودون استمرار هذه المساعدة لن يكون نظام الأسد قادرًا على البقاء(13)، وأَخَذَ الدعمُ الإيراني شكلاً أكثر وضوحًا للميلشيات العراقية، وواصلت إيران تصدير الأسلحة إلى الحوثيين في اليمن؛ وهي المساعدة التي عززت من موقع الميلشيا الحوثية في اليمن، ووسَّعت من نطاق سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء، وهو ما أجبر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على الاستقالة في يناير/كانون الثاني 2015.

حزب الله
مع تراجع أسعار النفط تمَّ تقليص المنحة المالية التي كانت تُدفع لحزب الله من إيران، واضطر الحزب إلى خفض رواتب أعضائه وموظفيه، وتأجيل دفع المساعدات الشهرية لأصدقائه وحلفائه السياسيين في لبنان، وأعطت إيران الأولوية في الدعم لسوريا ومواجهة تنظيم الدولة في العراق(14)؛ لكن لا توجد مؤشرات تدلُّ على أن الصعوبات المالية التي يواجهها الحزب تمثِّل تهديدًا مباشرًا لمكانته وعلاقاته في لبنان(15).

ولا يمكن إعطاء أرقام دقيقة لمقدار الدعم المالي الذي تُقدِّمه إيران سنويًّا للحزب؛ لكن التخمينات تتحدَّث عن ميزان مساعدات يتراوح بين 60 و200 مليون سنويًّا خلال العقد الماضي(16)، ونقل موقع إيراني عن صحيفة كويتية القول: إن الدعم السنوي يصل إلى 350 مليون دولار سنويًّا، وأشار إلى العقوبات المفروضة على إيران دفعت الحزب إلى البحث عن مصادر دخل بديلة؛ منها الحصول على تبرعات من رجال الأعمال الشيعة في الخليج ومناطق أخرى في العالم(17).

ويبدو أن التخفيضات لن تطول البنى الأساسية للحزب؛ لكنها ستطول تحالفاته ومشاريعه المتعلقة بالبنى التحتية في جنوب لبنان والمناطق المحرومة، وعلى سبيل المثال فقد تمَّ خفض المساعدة الشهرية لأحد حلفاء الحزب، وهو جنرال لبناني سابق من 60 ألف دولار إلى 15 ألف دولار شهريًّا(18).

وخلال دعمها للحزب -خاصة عقب المواجهة مع إسرائيل في عام 2006- عمدت إيران إلى صرف مساعدات من مصادر أخرى غير عوائد النفط، وتمت المساعدة بإعادة إعمار الضاحية الجنوبية في بيروت ومناطق في جنوب لبنان بأموال صُرِفَت من صندوق الإمام الرضا بأمر مباشر من مرشد الثورة علي خامنئي(19).

العراق
منذ ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية"، تضاعف الاهتمام الإيراني بالعلاقات مع الحكومة والأطراف الفاعلة في العراق، وعَبَّر هذا الاهتمام عن نفسه بدعم مالي ولوجستي للحكومة العراقية والأطراف التي تُواجه "داعش"، ومن أبرزها قوات "البيشمركة" الكردية، وأصبح الحرس الثوري هو المدير الفعلي والمؤثِّر للملف العراقي، وعلى الرغم من العلاقة القوية مع الحكومة فإن الحرس يفضِّل الاعتماد بشكل كبير على الميلشيات الشيعية التي تربطها مع إيران علاقات وثيقة(20)، وتُرَتِّب هذه العلاقات التزامات مالية على شكل مساعدات نقدية وعينية تُقَدِّمها إيران إلى حلفائها في هذه الميلشيات. وشَكَّل هذا الدعم بصورة أو بأخرى منفذَ إيران لتصبح الدولة الخارجية الأكثر نفوذًا في العراق.

وتدعم إيران ميلشيات مختلفة بتسميات وقيادات مختلفة، ويجمع بينها أنها ميلشيات شيعية؛ ومن أهمها وأكبرها: ميلشيات بدر، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وجماعات متفرقة من جيش الصدر.

ومنذ احتلال العراق من قِبَل الولايات المتحدة الأميركية عام 2003 حرصت إيران على إحاطة تواجدها الأمني والعسكري بالسرية والكتمان، ومع نهاية عام 2013 وطوال عام 2014 بدأ مجريات الأحداث تكشف عن حضور إيراني يتجاوز مزاعم مساعدة العراق على التعافي، كما يتجاوز النفوذ في الأوساط السياسية إلى حضور عسكري؛ فقد بدأت إيران في تشييع عناصر من الحرس قضوا في العراق، وتعمَّدت الدعاية الإيرانية التركيز على شخصية الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، والمكلف بالمهمات الخارجية، وجرى الاحتفال بصورة له مع مقاتلين أكراد يواجهون "داعش"، ويتخذ التدخل الإيراني في العراق عنوانًا يركِّز على حماية المراقد الشيعية المقدسة في سامراء والنجف وكربلاء؛ لكنه في حقيقته يتجاوز الديني إلى السياسي؛ فتطورات الوضع في العراق وصعود "داعش" كان فرصة لإيران لتُثبت مزاعمها بأنها قوة مهمَّة في الشرق الأوسط، وينبغي الاعتراف بها کمفتاح أساسي في حلِّ معضلات المنطقة، وهو ما جعل عشر دول تطلب مساعدتها رسميًّا في مواجهة "داعش"(21).

بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، أدَّت إيران دورًا كبيرًا في تدريب وتسليح الميلشيات الشيعية؛ لكن في الوقت ذاته سلحت إيران مجموعات سنية مناوئة للولايات المتحدة الأميركية(22)، ومع الانسحاب الأميركي من العراق في عام 2011 بدأ البلد الذي يشهد انقسامًا طائفيًّا حادًّا يدخل في تحولات خطيرة كان أبرزها صعود قوة تنظيم "داعش" وتمدده عام 2014؛ لقد أوجدت هذه التطورات أهدافًا مشتركة للطرفين الإيراني والأميركي.

وعلى الرغم من أن إيران تستخدم هذه المداخل للإمساك بمزيد من الأوراق الرابحة؛ التي تستثمرها في قضايا عديدة، بما في ذلك المفاوضات النووية، فإنها تعمد لإعطاء ذلك صبغة إنسانية قيمية "لقد أدرك العالم حقيقة أن البلد الأول الذي يهرع لمساعدة الشعب العراقي في المعركة ضد التطرف والإرهاب كانت جمهورية إيران الإسلامية"(23).

ولم يقتصر الدعم المالي الإيراني على الميلشيات الشيعية التابعة لها، التي كان الكثير من قادتها يقيمون في إيران؛ بل نجحت إيران في استمالة مقتدى الصدر وجماعته؛ الذين عارضوا في البداية تدخُّل إيران في العراق، وقد دعمت إيران في مؤسسة قوات الصدر وفي بناء شبكة خدمات اجتماعية لمناصري الجماعة(24)، وتحدثت تقديرات أميركية جاءت في وثيقة مسربة لويكي ليكس عن أن الدعم المالي الإيراني للميلشيات العراقية تراوح بين 100 و200 مليون دولار سنويًّا(25).

اليمن
يميل الخطاب السياسي الإيراني بشأن اليمن إلى توصيف ما يحدث اليوم كونه حراكًا يمنيًّا خالصًا، دون تدخل منها: "البلد الذي كان يعدُّ الساحة الخلفية للسعودية والقاعدة، تبلور اليوم تيار ثوري تأسيًا بالثورة الإسلامية في إيران، وتمكن من إزاحة النظام المستبد العميل السابق، وهو الآن بصدد تأسيس حكومة شعبية مستقلة"(26).

ويبدو الدعم الإيراني للحوثيين سابقًا على السنوات الثلاث الأخيرة، ومنذ عام 2004 وحتى عام 2009 قدَّمت إيران مساعدات مالية وعسكرية للحوثيين، وساندتهم في حربهم ضد نظام علي عبد الله صالح(27)، وتصاعد الدعم الإيراني خلال السنتين الأخيرتين، وخلال العام الماضي 2014؛ دربت إيران العشرات من العناصر الحوثية في قاعدة تابعة للحرس الثوري قرب قم، فضلاً عن إرسال عشرة من الخبراء الإيرانيين لمساعدة قادة الميلشيا الحوثية على الأرض في اليمن.

وتبدو إيران غير عازمة على تخفيض مساعداتها لليمن، وتشير بعض المعلومات(28) إلى أن إيران ضاعفت من مساعدتها للحوثيين خلال الأشهر الأخير، وعقب احتلال العاصمة صنعاء، وتتضمن خطة الدعم الإيرانية بنودًا اجتماعية ومشاريع تتعلق بالبنية التحتية؛ وذلك لتعزيز دور ومكانة جماعة الحوثي في المجتمع اليمني(29).

الدعم وتغيير موازين القوى

تنظر إيران إلى التكلفة البشرية والاقتصادية لوجودها العسكري الخارجي؛ وذلك بوصفه خيارًا لابُدَّ منه لضمان أمنها القومي؛ ففي التاسع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال علي شمخاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أثناء مراسم تشيع الجنرال حميد تقوي(30) القائد في الحرس الثوري: "لقد ضحى تقوي بدمائه حتى لا نقدِّم دماءنا في طهران، إذا لم يقدم (التقويون) دمهم في سامراء، يتعين علينا أن نقدم دمائنا في سيستان وأذربيجان وشيراز وأصفهان"(31).

وتراهن إيران على أن هذا الوجود خطوة في سبيل تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة، وهو ما عَبَّر عنه بوضوح نائب قائد الحرس الثوري، الجنرال حسين سلامي، بقوله: "في العراق، لدينا جيش شعبي متصل بالثورة الإسلامية، ويفوق تعداده حزب الله في لبنان عشرات المرات، فضلاً عن مقاومة حلقة المقاومة المركزية في سوريا، على الأرض هناك جيش من الناس المعبئين والمرتبطين بالثورة الإسلامية.. إن حاصل هذه المجاهدة العاشورائية من شأنه أن يغير موازين القوى لصالح الجمهورية الإسلامية"(32).

فالدلائل على تصدير الثورة الإسلامية إلى عدد من المناطق كما يقول قائد فيلق القدس قاسم سليماني "باتت واضحة للعيان؛ حيث وصلت إلى كل من اليمن والبحرين وسوريا والعراق وحتى شمال إفريقيا"(33)، ولولا هذا الدعم لم يكن لإيران أن تتحدَّث عن أن "نفوذها بات يمتد من اليمن إلى لبنان"(34).

 خلاصات

  • لم تُحْدِث العقوبات ولا تراجع أسعار النفط التي هبطت إلى نحو 50% منذ يونيو/حزيران 2014 تأثيرًا على دعم إيران للموالين لها، ولم تظهر أية مؤشرات تدل على تراجع إيران عن تسليح الحركات الموالية لها في الشرق الأوسط؛ لكن ذلك بالتأكيد أثر على إنفاق بعض الموالين مثل حزب الله في إطار شبكاته الاجتماعية ومشاريعه الاقتصادية، دون أن يطول ذلك جانب الدعم العسكري.
  • جرت عملية إعادة توجيه للمساعدات من منطقة إلى أخرى تبعًا لما تمثله من فرصة (كما في اليمن)، أو تهديدٍ للجمهورية الإسلامية (كما في سوريا والعراق).
  • يعود الإصرار الإيراني على مواصلة تقديم الدعم إلى أسباب، أهمها:
    • تنظر إيران إلى التكلفة البشرية والاقتصادية لوجودها العسكري الخارجي بوصفه ضرورة لابُدَّ منها لضمان أمنها القومي.
    • تراهن إيران على هذا الوجود كخطوة في سبيل تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة، والتأثير على ميزان القوى بما يصب في صالح دورها الإقليمي، وتحسين وضعها التفاوضي مع الغرب.

___________________________________
د. فاطمة الصمادي: باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات، متخصصة في الشأن الإيراني.

المصادر والهوامش
1- Holsti, K. J., “National Role Conceptions in the Study of Foreign Policy”, International Studies Quarterly, Vol. 14, No. 3 (Sep., 1970), pp. 233-309:
http://maihold.org/mediapool/113/1132142/data/Holsti.pdf
2- باوتشر،دايفد ، النظريات السياسة في العلاقات الدولية، ترجمة: رائد القاقون، المنظمة العربية للترجمة، ط1، بيروت، 2013، ص 29.
3 – Toledo, Peter, Classic Realism and the Balance of Power Theory, Glendon Journal of International Studies, Vol 4 (2005),pp52-62:
http://pi.library.yorku.ca/ojs/index.php/gjis/article/viewFile/35205/31924
4- باوتشر،دايفد ، النظريات السياسة في العلاقات الدولية، ترجمة: رائد القاقون، مرجع سابق، ص 275، 276.
5- Adigbuo, Ebere Richard, National Role Conceptions: A New Trend in Foreign Policy Analysis, chapter 2 of doctoral thesis titled Nigeria?s National Role Conceptions: the Case of Namibia (1975-1990).submitted to the University of Johannesburg –South Africa in 2005:
http://www.wiscnetwork.org/porto2011/papers/WISC_2011-647.pdf

6 – شوقي، فرح الزمان، اقتصاد إيران يختنق بتبخر أسعار النفط، العربي الجديد، 4 من يناير/كانون الثاني 2015، تاريخ الدخول يناير/كانون ثاني 2015
http://www.alaraby.co.uk/economy/e144d636-7951-4d02-8413-b453c2a9cd37

7 – Moghtader, Michelle, Iran's Rouhani says countries behind oil price drop will suffer, reuters, Jan 13, 2015:
http://www.reuters.com/article/2015/01/13/us-energy-iran-rouhani-idUSKBN0KM0PE20150113
8 – Moghtader, Michelle, Iran says Saudi Arabia should move to curb oil price fall, Reuters, Jan 1, 2015 accessed 13 February2015:
http://www.reuters.com/article/2015/01/01/us-iran-saudi-idUSKBN0KA1OP20150101
9- بازي دو سر باخت عربستان با قيمت نفت/توطئه نفتي بي‌ سرانجام عربستان وآمريکا، (لعبة السعودية الخاسرة مع أسعار النفط.. المؤامرة النفطية ستنتهي في غير مصلحة السعودية وأميركا) وكالة فارس، 8 من فبراير/شباط ،2015، تاريخ الدخول 10 فبراير/ شباط 2015:
http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13931118001525#sthash.6K5Ta2fW.dpuf
10- Reed,Matthew M., How Iran Is Coping With Sagging Oil Prices,Newsweek, Jan 30 ,2015 accessed 13 February2015:
http://www.newsweek.com/how-iran-coping-sagging-oil-prices-303298
11- Katzman, Kenneth, Iran Sanctions, Congressional Research Service, January 28, 2015 accessed 30 February 2015:
http://www.fas.org/sgp/crs/mideast/RS20871.pdf
12 - Al-Khalidi, Suleiman, Exclusive: Iran's support for Syria tested by oil price drop, Dec 19, 2014:
http://www.reuters.com/article/2014/12/19/us-mideast-crisis-syria-iran-idUSKBN0JX21420141219
13 – Blanford,Nicholas, Correspondent, How oil price slump is putting a squeeze on Hezbollah, Iran's Shiite ally, The Christian Science Monito, January 4, 2015 accessed 13 February 2015:
http://www.csmonitor.com/World/Middle-East/2015/0104/How-oil-price-slump-is-putting-a-squeeze-on-Hezbollah-Iran-s-Shiite-ally
14- کاهش قيمت نفت وفشار بر حزب الله، (تراجع أسعار النفط والضغوطات على حزب الله) سايت روز، سه شنبه ?? دى:
http://www.roozonline.com/persian/tarjomeh/tarjomeh-item/article/-ad9132e184.html
15 - Blanford,Nicholas, Correspondent, How oil price slump is putting a squeeze on Hezbollah, Iran's Shiite ally, The Christian Science Monito, January 4, 2015 accessed January 4, 2015:
http://www.csmonitor.com/World/Middle-East/2015/0104/How-oil-price-slump-is-putting-a-squeeze-on-Hezbollah-Iran-s-Shiite-ally
16- کاهش قيمت نفت وفشار بر حزب الله، (تراجع أسعار النفط والضغوطات على حزب الله) مرجع سابق.
17- سهند خوانساري، جمهوري اسلامي سالانه3?0 مليون دولار به حزب ‌الله لبنان کمک مي‌کند، (الجمهورية الإسلامية تقدم مساعدات سنوية لحزب الله لبنان بقيمة 350 مليون دولار)، موقع خود نويس، ??/مهر/????تاريخ الدخول 20 يناير/كانون أول 2015:
https://khodnevis.org/article/46891#.VNh4Xi5PiRp
18 - Blanford,Nicholas, Correspondent, How oil price slump is putting a squeeze on Hezbollah, Iran's Shiite ally, The Christian Science Monito, January 4, 2015:
http://www.csmonitor.com/World/Middle-East/2015/0104/How-oil-price-slump-is-putting-a-squeeze-on-Hezbollah-Iran-s-Shiite-ally
19 - معلومات من مصادر خاصة بالباحثة.
20 - Nader Alireza, What Are the Iranians Doing in Iraq?, Newsweek, Jan 29,2015:
http://www.newsweek.com/what-are-iranians-doing-iraq-303107
21- سردار همداني مطرح کرد نامه 10 کشور به ايران براي گرفتن کمک فکري در مقابله با تکفيري‌ها، (القائد همداني كشف عن طلب 10 دول مساعدة إيران لمواجهة التكفيريين) وكالة أنباء فارس، 8 من فبراير/شباط 2015، تاريخ الدخول 8 من فبراير/شباط 2005:
.http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13931118000332#sthash.8QyiZTcN…
22 – Levitt, Matthew, Hezbollah Finances: Funding the Party of God, washingtoninstitute, Feb 2005 accessed 13 February2015::
http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/hezbollah-finances-funding-the-party-of-god
23- Iran will stand by Iraq until end of anti-ISIL fight: Zarif, Press Tv, Sun Dec 7, 2014 accessed 15 February2015:
http://www.presstv.ir/detail/2014/12/07/389192/iran-will-back-iraq-in-antiisil-fight/
24 – Bazzi, Mohamad, Iran will do what it takes to fight ISIS, January 4, 2015 accessed 15 February2015:
http://edition.cnn.com/2015/01/03/opinion/bazzi-iran-iraq/
25- Iran's Efforts In Iraqi Electoral Politics, Embassy Baghdad (Iraq)Fri, 13 Nov 2009 accessed 10 February2015:
https://cablegatesearch.wikileaks.org/cable.php?id=09BAGHDAD2992
26 - المدير العام لـ"فارس": المؤامرة النفطية هي الوجه الآخر للحظر ضد إيران، وكالة فارس للأنباء، 7 من فبراير/شباط  2015 تاريخ الدخول 10 فبراير/شباط 2015:
http://arabic.farsnews.com/iran/news/13931118001680
27 - جزئياتي از کمک‌هاي مالي وتسليحاتي إيران به حوثي‌هاي يمن، (تفاصيل المساعدات المالية والتسليحية الإيرانية للحوثيين في اليمن) العربية فارسي، 16 من ديسمبر/كانون الأول 2014م تاريخ الدخول 10 فبراير/شباط:
http://farsi.alarabiya.net/fa/middle-east/2014/12/16/%D8%AC%D8%B2%D8%A6%DB%8C%D8%A7%D8%AA%DB%8C-%D8%A7%D8%B2-%DA%A9%D9%85%DA%A9-%D9%85%D8%A7%D9%84%DB%8C-%D9%88-%D8%AA%D8%B3%D9%84%DB%8C%D8%AD%D8%A7%D8%AA%DB%8C-%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D9%87-%D8%AD%D9%88%D8%AB%DB%8C-%D9%87%D8%A7%DB%8C-%DB%8C%D9%85%D9%86.html
28- معلومات من مصادر خاصة بالباحثة في طهران.
29- معلومات من مصادر خاصة بالباحثة في طهران.
30- قتل البريجادير جنرال حميد تقوي، القائد في الحرس الثوري، وأحد مؤسسي ما يُعرف بـ"سرايا الخرساني" في مواجهات بمدينة سامراء العراقية في ديسمبر/كانون الأول 2014.
31- شمخاني در مراسم تشييع پيکر "شهيد تقوي": "سردار تقوي در سامرا خون داد تا در تهران خون ندهيم/آينده منطقه روشن است" (شمخاني في مراسم تشيع "الشهيد تقوي": القائد توقي قدَّم دماءه في سامراء حتى لا نقدِّم دماءنا في طهران/ مستقبل المنطقة واضح)، وكالة مهر للأنباء، (8 دي 1393 شمسي) 29 من ديسمبر/كانون الأول 2014 تاريخ الدخول 10 فبراير/شباط 2015:
http://www.mehrnews.com/news/2451623/%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D8%A7%D8%B1-%D8%AA%D9%82%D9%88%DB%8C-%D8%AF%D8%B1-%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A7-%D8%AE%D9%88%D9%86-%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D8%AA%D8%A7-%D8%AF%D8%B1-%D8%AA%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AE%D9%88%D9%86-%D9%86%D8%AF%D9%87%DB%8C%D9%85-%D8%A2%DB%8C%D9%86%D8%AF%D9%87-%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D9%87
32- سردار سلامي در همايش نقش انگليس در فتنه ??: ارتش مردمي عراق متصل به انقلاب با کميتي ?? برابر حزب‌الله است/ أنصار لله يمن منطبق انقلاب إسلامي حرکت مي‌کند، (القائد سلامي في ندوة دور بريطانيا في فتنة 88: الجيش الشعبي العراقي المرتبط بالثورة 10 أضعاف تعداد حزب الله/أنصار الله في اليمن يتحركون وفقًا لمبادئ الثورة الإسلامية)، وكالة فارس للأنباء، (9دي 1393) 30 من ديسمبر/كانون الأول 2014 تاريخ الدخول 10 فبراير/شباط 2015:
http://www.farsnews.com/newstext.php?nn=13931009000551
33-شوقي،فرح الزمان ، إيران تبارك تقدُّم "الحوثيين" وتتحدث عن تصدير ثورتها، العربي الجديد، 4 من يناير/كانون الثاني 2015، تاريخ الدخول يناير/كانون ثاني 2015:

http://www.alaraby.co.uk/politics/ef925853-131f-4a78-b665-38c964705c9a
34- ولايتي يتحدث عن نفوذ إيراني من اليمن إلى لبنان، صحيفة الحياة، 16 ديسمبر/كانون الأول 2014 تاريخ الدخول 11 فبراير/ شباط 2015:
http://alhayat.com/Articles/6281398/%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%AA%D9%8A-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%B9%D9%86-%D9%86%D9%81%D9%88%D8%B0-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86

نبذة عن الكاتب