بوكو حرام والسياقات المتداخلة.. مبايعة البغدادي ومعارضة الانتخابات

بايعت حركة بوكو حرام أبا بكر البغدادي وتوسع ميدانها وزادت عملياتها فأجلت نيجيريا الانتخابات ستة أسابيع ليتفرغ الجيش للحركة، وهذه الفترة لا تكفي لتحقيق هذا الهدف وسيكون المستفيد الأساسي الرئيس المنتهية ولايته غودلاك لتحقيق مكاسب انتخابية ومن المتوقع أن تزداد قوة بوكو حرام على الأرض.
24 مارس 2015
2015324101540135734_20.jpg
(الجزيرة)
ملخص
أصبحت حركة بوكو حرام جزءا من تنظيمات جهادية عديدة أعلنت مبايعتها لأبي بكر البغدادي وهو ما سيضمن للحركة تضامن حركات جهادية عديدة في منطقتي الساحل والقرن الإفريقي، كما سيعطي دفعا إعلاميًّا لتنظيم الدولة الذي بات يتمدَّد في فضاءات بعيدة عن مركزه في العراق وسوريا؛ وستساعد هذه البيعة بوكو حرام في تجنيد المزيد من المناصرين في صفوفها. وتزامن إعلان بوكو حرام عن بيعة البغدادي مع خلقها وضعا ميدانيا على الأرض بعد تغلبها على الجيش في بعض المناطق بشمال نيجيريا وتغلغلها في مناطق حدودية في دولتي الكاميرون والنيجر المجاورتين. وقد وجدت الحكومة النيجيرية نفسها في معادلة صعبة خصوصا وأنها بصدد تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية قد لا يساعد الوضع الأمني المضطرب على إجرائها؛ لذلك تم تأجيلها ستة أسابيع بذريعة فسح المجال أمام الجيش النيجيري للقضاء على بوكو حرام. ومع أن الجيش لن يقضي على الحركة في هذه المدة فإن الانتخابات إن جرت في وقتها المحدد فستكون نيجيريا أمام تحد معقد حيث يصعب تأمين الاقتراع في شمال نيجيريا الذي تبسط بوكو حرام سيطرتها على بعض مناطقه وتهدد الأمن في أغلبها. وهذه الوضعية ستساعد الرئيس المنتهية ولايته غودلاك على الفوز وتحرم غريمه مرشح المعارضة بوهاري الذي تتركز قواعده الانتخابية في الشمال. ومن هنا تصبح حركة بوكو حرام جزءا أساسيا في المشهد الأمني والسياسي المؤثر في العملية الانتخابية النيجيرية الراهنة.

أعلن زعيم حركة بوكو حرام أبو بكر شيكاو مبايعة سميِّه أبي بكر البغدادي في فيديو يوم السبت 7 من مارس/آذار 2015؛ مما يعني أن بوكو حرام أصبحت تدور في فلك تنظيم الدولة، مجالها الميداني ولاية من ولايات ذلك التنظيم؛ وبالتالي أصبحت حركة بوكو حرام من الآن فصاعدًا جزءًا من مجموعٍ أكبر هو الدولة الإسلامية، وجاء هذا بعد أن أعلنت تنظيمات جهادية أخرى بيعتها؛ مثل أنصار الشريعة في بنغازي بغرب ليبيا ومجلس شورى شباب الإسلام وتنظيم البتار في الشرق الليبي اللذان اعتبرا منطقة درنة ولاية تابعة للبغدادي(1). وفي هذه الأثناء نفسها وخلال الأسابيع الماضية كانت بوكو حرام قد حقَّقت تقدُّمًا ميدانيًّا تجاوز شمال نيجيريا ليشمل مناطق حدودية في النيجر وفي الكاميرون(2). يأتي هذا التطور وقد مضى على تأسيس بوكو حرام ثلاث عشرة سنة؛ حيث انبثقت سنة 2002 في مايدوغوري بولاية بورنو على يد محمد يوسف الذي قُتِل سنة 2009، ويترأَّسُها الآن أبو بكر شيكاو. وتعني بوكو حرام (وهي الاسم الإعلامي للجماعة): التعليم الغربي ممنوع, إلا أن الحركة تفضِّل اسم: "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد"(3).

المحلي والعالمي في تقاليد بوكو حرام الجهادية

بوكو حرام حركة جهادية متشدِّدة ظلَّت مفردات خطابها في بعض مراحل تطوُّرها توحي بمرجعية محلية نيجيرية: حيث كانت الحركة تعتبر نفسها امتدادًا لحركة القائد عثمان دان فوديو الذي أنشأ خلافة في سكوتو بشمال نيجيريا، وكانت دولته تلك أكبر دولة إسلامية في العشرية الأولى من القرن التاسع عشر الميلادي بشمال نيجيريا(4). وقد ظلَّ هدف بوكو حرام المعلن هو تطبيق الشريعة الإسلامية في نيجيريا(5) تمامًا كما كانت الدولة الفودية تقوم بذلك.

كانت بوكو حرام في بدايتها أقرب للفرقة الدينية منها إلى الحركة؛ حيث نلاحظ تصلُّبًا في مواقف الأعضاء، وتقديسًا لقائدها وتعصبًا شديدًا ضد كل مَنْ يخالفهم(6). ومع توثُّق العلاقة بين الحركة وبين التنظيمات الجهادية العالمية انفتحت مرجعية الخطاب ومفرداته على مرجعية هذه التنظيمات، وأصبح الحديث داخل بوكو حرام عن مرجعية فكرية تعتمد كتب ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب(7)؛ فالمسار الفكري للحركة تطوَّر من مرجعية محلية إفريقية تأخذ منبعها من تاريخ الجهاد الإسلامي في غرب إفريقيا مع خليفة سكوتو عثمان فوديو إلى تماهي وتناغم مع الحركات الجهادية العابرة للدول.

تحدَّث العديد من التقارير عن روابط وثيقة جمعت زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن ببعض نشطاء بوكو حرام، وأن هذا التواصل يعود إلى سنة 2002(8)، وهو تواصل سيتكرس ويتعزز مع الوقت، فلن نصل إلى سنة 2010 حتى نجد حركة بوكو حرام تنسج علاقات وطيدة مع تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي ومع جماعة الدعوة والجهاد في غرب إفريقيا، فكلتاهما تنشط في منطقة الساحل عمومًا وفي شمال مالي خصوصًا، ونجد بعض عناصر بوكو حرام يقاتلون في سنة 2012 إلى جانب الجماعات الجهادية في شمال مالي خلال مواجهاتهم مع الجيش المالي ومع القوات الفرنسية(9)، ولن نصل إلى يوليو/تموز 2014 حتى نشاهد فيديو مسجلاً أعلن فيه قائد الحركة أبو بكر شيكاو دعمه لتنظيم الدولة؛ ليتطوَّر الموقف من دعم لتنظيم الدولة إلى مبايعة لقائدها أبي بكر البغدادي في 7 من مارس/آذار 2015(10). ويأتي هذا الإعلان -الذي رأت فيه وسائل الإعلام تطورًا جديدًا للمشهد الجهادي العالمي- في وقت توسَّعت فيه حركة بوكو حرام ميدانيًّا وتجاوزت حدود نيجيريا ليدخل بعض مسلحيها في الكاميرون والنيجر؛ حيث لم تَعُدْ بوكو حرام مجرَّد حركة متمرِّدة في شمال نيجيريا؛ بل أصبحت جزءًا من تنظيم جهادي عالمي، وتبسط نفوذها على مجال يشمل عدة دول في غرب إفريقيا. وبإعلان بيعته للبغدادي فإن زعيم بوكو حرام أبا بكر شيكاو يحقِّق هدفين: فمن جهة يحصل على تضامن ونصرة المحاور الجهادية في القارة الإفريقية المناصرة أو المنضوية تحت لواء داعش؛ مثل: حركة الشباب المجاهدين في الصومال، وأنصار بيت المقدس في سيناء، وأنصار الشريعة وشورى شباب الإسلام وتنظيم البتار  بليبيا، وجند الخلافة في أرض الجزائر؛ فضلاً عن كتيبة المرابطين وجماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا. ومن جهة أخرى تُحَقِّق هذه البيعة نصرًا إعلاميًّا لتنظيم الدولة؛ فكأنه يقول لمناصريه ومناوئيه على حد السواء: إن تنظيم الدولة الإسلامية يتمدَّد في فضاءات بعيدة من مركزه في العراق وسوريا؛ ومما لا شكَّ فيه أن هذه البيعة ستساعد بوكو حرام في تجنيد المزيد من المناصرين في صفوفها؛ بل ربما تحصل على دعم لوجستي وعلى تمويلات مادية من هذه المحاور الجهادية الإفريقية. ومن الملاحظ أن أشرطة الفيديو التي تبثها حركة بوكو حرام من حين لآخر ظلت في غاية الرداءة من حيث الإخراج إلا أنها ومنذ شهر فبراير/ شباط الماضي، أصبح إخراجها أجود وأكثر احترافية وقد تزامن هذا التطور في الأداء الإعلامي مع بداية توثيق علاقات بوكو حرام مع تنظيم الدولة.

 أساليب العمل والتمدد الميداني

تستهدف بوكو حرام في هجماتها المتكرِّرة مصالح الدولة النيجيرية كما تستهدف المدنيين النيجيريين أيضًا؛ خلافًا لبعض الحركات الجهادية التي تستثني المدنيين من أنشطتها العنيفة، وغالبًا ما تكون المباني الحكومية، والكنائس، والفنادق، والمحطات أهدافًا نوعية لبوكو حرام؛ فضلاً عن اختطاف الأجانب والفتيات في المدارس، وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد ذكرت في تقرير لها أن بوكو حرام قتلت أكثر من ألفي مدني في هجماتٍ بلغت نحو 95 هجومًا خلال النصف الأول من سنة 2014، وأنها قد قضت في السنوات الأربع الأولى من تمرُّدها على ثلاثة آلاف وستمائة شخص(11).

ضحايا بوكو حرام بنيجيريا ما بين 2009-2014

المصدر: مركز الجزيرة للدراسات(12)

تعتمد بوكو حرام أسلوب التفجيرات، وقد تطوَّرت تلك التفجيرات لتصبح في أغلبها تفجيرات أنثوية؛ أي تفجيرات تقوم بها فتيات كانت الحركة قد اختطفتهن، أو كنَّ عناصر في الحركة نفسها.

المحاولات والتفجيرات الانتحارية الفعلية ما بين يونيو/حزيران 2014 و11 من يناير/كانون الثاني 2015(13).

وفي مايو/أيار 2013 بدأت الحكومة النيجيرية حملة عسكرية واسعة ضد جماعة بوكو حرام؛ خاصة في معاقلها ببورنو ويوبي وآداماوا، وذكر حينها أنه تمَّ قتل الكثير من عناصر الحركة، وأسر الكثير(14)، ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2013 تحوَّل ميزان القوى لصالح الحركة، التي استطاعت القضاء على بعض النقاط العسكرية للجيش النيجيري، والحصول على الكثير من الأسلحة، وتلا ذلك في أغسطس/آب 2014 سقوط الكثير من المدن والقرى في شمال نيجيريا في أيدي الحركة، ومع بداية يناير/كانون الثاني 2015 أخذت الحركة قاعدة باغا الحدودية مع النيجر والواقعة قرب بحيرة تشاد، وقامت بحرق 16 قرية في المنطقة نفسها، وخلقت بذلك تطوُّرًا ميدانيًّا وتغلُّبًا على الجيش النيجيري غير مسبوق(15)؛ وقد أدَّى هذا التطوُّر العملياتي الميداني إلى انعقاد مؤتمر في الشهر نفسه في نيامي عاصمة النيجر، وقد ضمَّ ثلاث عشرة دولة لمواجهة الحركة وبشكل منسق ومدبَّر، وقد ضم هذا المؤتمر إلى جانب دول الإقليم الإفريقية كلاًّ من الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، وفي الفترة نفسها وقبلها بقليل تمدَّد نشاط الحركة ليشمل مناطق في الكاميرون قريبة من الحدود النيجيرية، ومع نهاية يناير/كانون الثاني الماضي بدأت المواجهات بين عناصر من الجيش التشادي جاءت لدعم نيجيريا والنيجر في مواجهة الحركة(16).

الخلفية الاجتماعية والتمويل

أغلب المقاتلين في بوكو حرام من إثنية "الكانوري"؛ وهي قبيلة كبيرة تشكل أغلبية سكان ولاية بورنو بشمال نيجيريا، ولها امتدادات وفروع بالنيجر والتشاد والكاميرون، ويُقَدَّر عدد الكانوري بمليونين ونصف المليون نسمة، يُعرف عن إثنية الكانوري أنها مسلمة منذ القرن الحادي عشر الميلادي، ويشتهرون في إفريقيا الغربية بمهاراتهم القتالية وفروسيتهم، ويقود حركة بوكو حرام مجلس شورى من 30 شخصًا(17).

لا نعرف بالضبط عدد مقاتلي حركة بوكو حرام، وتتحدَّث التقارير عن أرقام أقرب إلى التخمين منها إلى الضبط الحقيقي، وتتراوح تقديرات تلك التقارير من 6 إلى 30 ألف مقاتل: فمراكز البحث النيجيرية تذكر 30 ألفًا، وباحثون من جنوب إفريقيا يُقَدِّرون مسلحي بوكو حرام بـ15 ألفًا، ومراكز فرنسية تذكر 13 ألفًا، ويذهب مركز شاتام هاوس البريطاني إلى أنهم 8 آلاف، أما بعض التقارير الأميركية فتقدرهم بـ6 آلاف.. وفي اعتقادي أن الحركة تستنجد ببعض مناصريها من خلايا نائمة، ومن داعمين لها كلما دخلت في مواجهات؛ لذلك فإن عدد مقاتليها غير ثابت، يزيد وينقص بحسب الظروف والمواجهات الميدانية(18).

تذهب تقارير صادرة عن مراكز بنيجيريا إلى أن أهم تمويل للحركة هو من سياسيين وتجار بمادغوري عاصمة ولاية بورنو؛ حيث تأسست الحركة، كما أن لها تعاطفًا من لدن الكثير من السياسيين النيجيريين والعديد من عناصر الشرطة في العاصمة أبوجا، وفي العديد من ولايات الشمال ومنذ مواجهات 2013 بدأت الحركة تضع ضرائب على المواطنين القاطنين بالمناطق؛ التي صارت تحت سيطرتها في الشمال النيجيري، وقد تلقَّت الحركة فديات مالية كبيرة مقابل إطلاق سراح بعض المختطفين الغربيين، وتدير الحركة شبكة لتهريب البضائع في المنطقة حسب أكثر من تقرير(19).

وقد تحدَّث تقارير غربية مؤخَّرًا عن أن بوكو حرام تلقَّت أموالاً من زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وأن وثائق عَثَر عليها الأميركيون في مخبئه تؤكد صلة الحركة بقيادة تنظيم القاعدة؛ فقد ذكرت كلٌّ من صحيفتي الغارديان والواشنطن بوست أن الوثائق التي تتحدَّث عن علاقة بوكو حرام وتنظيم القاعدة الأم ستُدْرَج في دفعة صغيرة من الوثائق السرية المتعلِّقة بالغارة على مخبأ ابن لادن؛ ولكن تلك الوثائق لم تُدْرَج ضمن الوثائق السبع عشرة التي أُعلن عن نشرها من أصل مئات الآلاف التي تم رفع السرية عنها من قبل إدارة أوباما في عام 2012(20).

هل سيفوز الرئيس غودلاك بمأمورية رئاسية ثانية بسبب بوكو حرام؟

من بين عدة مرشحين للرئاسيات في نيجيريا تعاظم شأن مرشَّحَيْن اثنين؛ هما: الرئيس المنتهية ولايته جوناثان غودلاك، ومرشح أغلبية المعارضة محمدو بوهاري، وقد تمَّ تأجيل هذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية المصاحبة لها من ستة أسابيع لغاية 28 من مارس/آذار 2015 بعد أن كان إجراؤها مقررًا في 14 من فبراير/شباط 2015، وكان تأجيلها -وهو إجراء دستوري- بسبب طلبٍ من مؤسسة الجيش وجهاز المخابرات؛ اللذين أعلنا عدم قدرتيهما على تأمين عملية الاقتراع في منتصف فبراير/شباط الماضي، كما أن 26 حزبًا سياسيًّا من أصل 28 حزبًا قد أعلنت تأييدها لهذا التأجيل الذي عارضه حزبان، كما أنه لم يكن من رأي اللجنة المستقلة للانتخابات، وربما يُعطي تأجيل الانتخابات فرصة للجيش النيجيري للحدِّ من قوة جماعة بوكو حرام المتعاظمة، ويبقي السؤال مطروحًا وهو: هل سيكون هذا الترشيح في مصلحة غودلاك الرئيس المنتهية ولايته، أم سيزيد من شعبية مرشح المعارضة بوهاري، أم أنه سيصبُّ في مصلحة بوكو جرام التي تُعارض إجراء الانتخابات أصلاً؟

من الواضح أن هذه الانتخابات تأتي في وقت زادت فيه هجمات بوكو حرام داخل نيجيريا وقويت ميدانيًّا؛ بل توسَّع مجال نشاطها ليتجاوز حدود نيجيريا متوغِّلاً في دول مجاورة، وقد تعهَّد زعيم الحركة شيكاو في فيديو ظهر أخيرًا بتعطيل الرئاسيات مهما كان الثمن. وقد زادت هجمات بوكو حرام منذ إعلان تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية(21).

وقد ألقت التطورات الأمنية التي تقف وراءها بوكو حرام بظلالها على هذه الانتخابات؛ فشمال نيجيريا الذي ينحدر منه مرشح المعارضة بوهاري؛ الذي ستصوِّت أغلبية ناخبيه البالغين 15 مليون ناخب لهذا المرشح يتعرض منذ يناير/كانون الثاني 2015 لتفجيرات وهجمات قادتها بوكو حرام، وسقط جراءها ألفا قتيل، ومعلوم أن ثلاث ولايات شمالية هي: بورنو، وآداماوا، ويوبي، تستحوذ على 22% من القوة الناخبة في نيجيريا(22).

لو نجحت بوكو حرام في أن تُبقي شمال نيجيريا -حيث حواضنها الاجتماعية وحيث التعاطف معها- تحت رحمة هجماتها المتكرِّرة والمباغتة والعنيفة؛ فإنه سيكون مستحيلاً إجراء هذه الانتخابات بشقيها الرئاسي والتشريعي في الشمال في وقتها المحدد، وهو 28 من مارس/آذار 2015؛ وهذا يعني أن المعارضة سترفض أي نتيجة لهذه الاستحقاق؛ لأن قواعدها الشعبية ستكون محرومة من الإدلاء بأصواتها، وبالتالي فإن بوهاري لن يفوز بمقعد الرئاسة؛ بل إن سيناريو رئاسيات 2011 قد يتكرر؛ حيث فاز حينها الرئيس الحالي غودلاك على غريمه الحالي -أيضًا- بوهاري بعد حصوله على 58.9% من أصوات الناخبين. وفي الوقت الذي تتهم حملة غودلاك الانتخابية مرشح المعارضة بأنه جانح لبوكو حرام ومتعاطف معها؛ فإن حملة بوهاري ترى أن حصيلة غودلاك الأمنية السياسية والاقتصادية كانت كارثية بالنسبة إلى نيجيريا؛ فعلى المستوى الاقتصادي تراجعت عائدات النفط التي تُشَكِّل 60% من مصادر ميزانية الدولة إلى النصف في أغسطس/آب 2014؛ هذا فضلاً عن أن آفاق استغلال النفط لسنة 2015 غير مشجِّعة. وعلى المستوى الأمني فإن الجيش النيجيري في عهد غودلاك لم يعد قادرًا على السيطرة على الشمال بعد أن فرضت عليه بوكو حرام معادلة أمنية جديدة.

ومن الواضح أن تأجيل الانتخابات لن يكون كافيًا للقضاء على حركة بوكو حرام؛ فستة أسابيع لا تكفي الجيش النيجيري في أن يحيِّد حركة مثل بوكو حرام؛ فضلاً عن أن يقضي عليها، على الرغم من أن الجيش النيجيري من أكبر الجيوش العالمية عددا، إلا أن الفساد ينخر جسمه، كما أن تأمين صناديق الاقتراع في الشمال لن يكون أفضل في شهر مارس/آذار منه في شهر فبراير/شباط؛ بل الواضح أن هذا التأجيل ذو معنى سياسي، وليس له تأثير أمني ولا عسكري، وسيصب في أحسن الأحوال في صالح حملة الرئيس المنتهية ولايته غودلاك؛ حيث سيتمكَّن الحزب الديمقراطي الشعبي الحاكم من تأطير وتعبئة قواعده الانتخابية خلال هذه الأسابيع الستة، وتوزيع ما لم يتم توزيعه من بطاقات انتخابية على المقترعين لصالح غودلاك؛ فهنالك 69 مليون مسجل على اللائحة الانتخابية من أصل 173 مليون نسمة هي عدد سكان نيجيريا.
_________________________________________
د. سيدي أحمد ولد الأمير - باحث في مركز الجزيرة للدراسات.

الإحالات
(1) جريدة لوموند الفرنسية: ريمي، (جان فليب)، "بيعة ذات مخاطر عالية من بوكو حرام لدولة الإسلامية"، موقع جريدة لوموند.
See: Rémy, (Jean-Philippe), L’allégeance à hauts risques de Boko Haram à l’EI, Journal Le Monde du 9 mars 2015. In this link:
http://www.lemonde.fr/afrique/article/2015/03/08/en-declarant-l-allegeance-de-son-groupe-a-l-ei-boko-haram-a-passe-une-frontiere_4589599_3212.html
Was browsing in the March 11, 2015.
(2) جريدة نيويورك تايمز:
NOSSITER, (ADAM), Neighbors of Nigeria Take On Boko Haram, new York Times, MARCH 9, 2015. In this link:
http://www.nytimes.com/2015/03/10/world/africa/neighbors-of-nigeria-take-on-boko-haram.html?_r=0
Was browsing in the March 11, 2015.
(3) موقع مركز بناء موارد السلام النرويجي (Norwegian Peacebuilding Resource Centre):
See: Campbell, (John), Boko Haram: origins, challenges and responses, 20 October 2014. In this link:إضغط هنا
Was browsing in the March 12, 2015.
(4)  - د تيلدا أيو: استطلاع داخلي حول المرجعية الثقافية لبوكو حرام (بالإنجليزية)
See: TILDE, (Dr. Aiyu U), An inhouse survey into the cultural origins of boko haram movement in Nigeria. In this link:
http://www.gamji.com/tilde/tilde99.htm
Was browsing in the March 16, 2015.
(5) Wadlow, (René), A Pre-History of Boko Haram: The Long Shadow of Usman dan Fodio, Published: 09 February 2015, In this link:
http://www.towardfreedom.com/30-archives/africa/3808-a-pre-history-of-boko-haram-the-long-shadow-of-usman-dan-fodio
Was browsing in the March 16, 2015.
See also: Aresa, (Farouk Martins), The 2nd Coming of Usman Dan Fodio as Boko Haram, in this link:
http://pointblanknews.com/pbn/articles-opinions/the-2nd-coming-of-usman-dan-fodio-as-boko-haram/
 Was browsing in the March 16, 2015.
(6) Bensimon, (Cyril), Boko Haram, une secte islamiste radicale qui a basculé dans la folie meurtrière, LE MONDE Le 07.05.2014. Dans ce lien: http://www.lemonde.fr/afrique/article/2014/05/07/une-secte-islamiste-radicale-qui-a-bascule-dans-la-folie-meurtriere_4412787_3212.html
Visité le 16 mars 2015.
(7) Bederka, (Alan), Wahhabism and Boko Haram, in this link:
إضغط هنا. Was browsing in the March 16, 2015.
(8) موقع ذي ديلي بيست:
 See: Lake, (Ely), Boko Haram’s Bin Laden Connection,
In this link: http://www.thedailybeast.com/articles/2014/05/11/boko-haram-s-bin-laden-connection.html#
Was browsing in the March 12, 2015.
(9) Voir: Site Romandie.com, Nord-Mali: une centaine de combattants d'un groupe islamiste nigérian à Gao, du 9 avril 2012, dans ce lien: إضغط هنا
 Visité le 15 mars 2015.
(10) SITE Intelligence Group, Boko Haram Pledges Allegiance to IS Leader Abu Bakr al-Baghdadi, March 7, 2015. In this link: https://news.siteintelgroup.com/Jihadist-News/boko-haram-pledges-allegiance-to-is-leader-abu-bakr-al-baghdadi.html
Was browsing in the March 14, 2015.
(11) The Guardian site: Boko Haram insurgents kill 100 people as they take control of Nigerian town, Saturday 19 July 2014. In this link:
http://www.theguardian.com/world/2014/jul/19/boko-haram-kill-100-people-take-control-nigerian-town
Was browsing in the March 14, 2015.
(12) أونوا، (فريدوم)، بوكو حرام و"انتحاريات" نيجيريا.. انعكاسات توظيف النساء، موقع مركز الجزيرة للدراسات، الأحد الأول من مارس/آذار 2015، انظر الرابط التالي:
http://studies.aljazeera.net/reports/2015/03/2015318517555794.htm
تم تصفح الرابط يوم 17 من مارس/آذار 2015.
(13) المرجع السابق نفسه.
(14) Site Starafrique: L’armée nigériane annonce l’arrestation de 1.000 suspects de Boko Haram, publié: 09/08/2013.
Voir ce lien: http://fr.starafrica.com/actualites/larmee-nigeriane-annonce-larrestation-de-1-000-suspects-de-boko-haram.html
Visité le 14 mars 2015.
(15) Jeune Afrique, Nigeria: Damasak, à la frontière du Niger, entre les mains de Boko Haram, publié le 25/11/2014. Voir ce lien:
http://www.jeuneafrique.com/Article/ARTJAWEB20141125113048/
Visité le 14 mars 2015.
(16) Dehesdin, (Cécile), Massacres de Boko Haram: «Baga a disparu, tout est en lambeaux», 12.01.2015.
http://www.slate.fr/story/96731/rescapes-boko-haram-maiduguri
Visité le 15 mars 2015.
(17) Diffalah, (Sarah), NIGERIA. Comment Boko Haram déploie sa stratégie de chaos, 06-05-2014. Dans ce lien:
http://tempsreel.nouvelobs.com/monde/20140506.OBS6222/nigeria-comment-boko-haram-deploie-sa-strategie-de-chaos.html
Visité le 15 mars 2015.
(18) Berthemet, (Tanguy), L'ambition grandissante de Boko Haram, 04/09/2014. Dans ce lien:
http://www.lefigaro.fr/international/2014/09/04/01003-20140904ARTFIG00338-l-ambition-grandissante-de-boko-haram.php
Visité le 15 mars 2015.
(19) Caulderwood, (Kathleen), Fake Charities, Drug Cartels, Ransom and Extortion: Where Islamist Group Boko Haram Gets Its Cash, May 16, 2014. In this link:
http://www.ibtimes.com/fake-charities-drug-cartels-ransom-extortion-where-islamist-group-boko-haram-gets-its-cash-1585743
Was browsing in the March 14, 2015.
(20) موقع ذي ديلي بيست، مرجع سبق ذكره.
(21) موقع التايم:
Baker, (Aryn), Boko Haram Vows to Disrupt Elections as President Is Deserted by Key Supporter, published in Feb. 18, 2015
http://time.com/3713190/nigeria-jonathan-boko-haram/#3713190/nigeria-jonathan-boko-haram/
Was browsing in the March 18, 2015.
(22) Jeune Afrique, Report des élections au Nigeria: Goodluck peut-il encore l'emporter? publié le 09/02/2015. Voir ce lien:
http://www.jeuneafrique.com/Article/JA2821p022.xml0/boko-haram-goodluck-jonathan-muhammadu-buhari-pr-sidentielle-nigeria-2015report-des-lections-au-nigeria-goodluck-peut-il-encore-l-emporter.html
Visité le 15 mars 2015.

نبذة عن الكاتب