ترشيحات الرئاسة اللبنانية: من الفراغ إلى المؤتمر التأسيسي

لم تستطع القوى اللبنانية انتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ عام 2014 وتعيش البلاد حالة فراغ دستوري قد تجعل من لبنان دولة فاشلة أو قد تقوده نحو تعديل اتفاق الطائف أو استبدال آخر به يعيد رسم المشهد السياسي اللبناني وعلاقاته الداخلية والخارجية.
1 فبراير 2016
20162181832154734_20.jpg
التحضير لمؤتمر تأسيسي جديد يستدعي من حزب الله تحطيم العلاقة الدستورية بين بري-جنبلاط-الحريري (الجزيرة)
ملخص
انتهت ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، عام 2014، لتكشف أن التبدل العميق في التحالفات السياسية المحلية بعد اغتيال الحريري، عام 2005، والتحولات الإقليمية بالثورة السورية، عام 2011، قد أدخلت لبنان في جمود سياسي يحول دون انتخاب رئيس جديد. فاللبنانيون منقسمون على بعض المكاسب الداخلية والخيارات الإقليمية، فهناك قوى 8 آذار من مؤيدي سوريا وإيران وبمقابلهم خصومهم من قوى 14 آذار. ولكن بالموازاة هناك خلاف آخر مضمَر يتجاوز هذا الانقسام ويدور حول الطائف؛ حيث يميل سعد الحريري (8 آذار) ونبيه بري (14) نحو استمرار اتفاق الطائف وأن لا يُمَسَّ جوهره، في حين يراهن حزب الله مع زعيم التيار الوطني الحر، ميشال عون، على تعديل الطائف عميقًا أو استبدال مؤتمر تأسيسي آخر به. وبسبب التناقضات التي نشأت عن وجود هذا الخلاف المركب في لحظة سياسية واحدة، لم تستطع كل من 8 أو 14 آذار الإجماع على مرشح واحد للرئاسة؛ ما يضعها جميعًا أمام اختبار صعب، إمَّا انتخاب رئيس للطائف أو رئيس لمؤتمر ما بعد الطائف أو تعديله.

شهد لبنان في المرحلة الفاصلة ما بين انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، 5 مايو/أيار 2014، وإلى حين إعلان رئيس القوات اللبنانية، سمير جعجع، ترشيحه زعيم التيار الوطني الحر، ميشال عون، للرئاسة 18 يناير/كانون الثاني 2016، فراغًا كبيرًا لم تستطع الأحزاب اللبنانية خلاله انتخاب رئيس جديد ولا إجراء انتخابات نيابية جديدة واكتفى مجلس النواب بالتمديد لنفسه(1)، كما شغرت مناصب ووظائف عدَّة في الدولة، مدنية وعسكرية، بسبب الخلافات الحادَّة بين الأطراف اللبنانية(2)، وقد تغوَّل الفراغ حتى أثَّر على الأداء اليومي للأجهزة الرسمية للدولة، ووصل الأمر إلى حدِّ عجز الدولة عن إيجاد حلٍّ لأزمة النفايات(3)، كما حذَّر وزير المالية مرة من عجز الدولة عن تسديد رواتب موظفيها لأسباب تتصل بالفراغ(4).

وما زال مجلس النواب اللبناني عاجزًا عن الاجتماع وفق النصاب المكتمل لانتخاب رئيس للجمهورية، رغم أن قوى 14 آذار انتهت إلى ترشيح شخصيتين من قوى 8 آذار؛ فزعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، طرح ترشيح رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، وسمير جعجع رشح ميشال عون، وهما مرشحان كان من المفترض أن يكون مجمَعًا عليهما وأن تسعى قوى 8 آذار لتحقيق النصاب وانتخاب أيٍّ منهما، أو هكذا من المفترض أن تبدو الصورة.

بين المحلي والإقليمي

هناك رأيان كثيرًا ما يترددان في لبنان: أحدهما أن الفراغ سيبقى مرتبطًا بتطورات الإقليم، وأنه لم يعد مقتصرًا في ذلك على ما يجري في سوريا بل تعداها إلى اليمن وإلى مجمل العلاقات السعودية-الإيرانية المتوترة. ورأي آخر يقول: إنه صنيعة لبنانية لأن التسوية لا تضر أيًّا من الطرفين الإقليميين وإنهما تركاها للبنانيين ولتقديراتهم بما يحقق مصالحهم في إطار هذا النزاع وما الفراغ بالنسبة لهما راهنًا إلا تفصيلًا محليًّا. وهذا لا ينفي أن دوافع القرار بإطالة عمر الأزمة وأمد الفراغ، سواء كانت محلية أو إقليمية، لن تُحل إلا بطريقة ترضي الأطراف الإقليمية وتطمئن الأطراف المحلية على مكاسبها، لأن المصالح بين البعدين متداخلة ولا يمكن فصلها.

وفي هذا السياق، يرى تيار المستقبل أن استمرار الفراغ يخدم حزب الله لبنانيًّا، لأنه كلَّما غابت الدولة تعزَّز موقف هذا الأخير، ويخدم إيران إقليميًّا حيث يلعب لبنان دورًا مفتاحيًّا في حروبها الإقليمية لاسيما في سوريا، كما إنه ينال من شرعية اتفاق الطائف الذي يتآكل بحكم الواقع يومًا بعد يوم بسبب خرقه أو الاختلاف على تفسير مواده؛ ما يحتِّم المبادرة لانتخاب رئيس دون إطالة الانتظار أكثر، ولن يتم ذلك إلا بتحفيز الساحة المسيحية لتتوافق أو تتفاوض في سبيل ذلك، في حين أن شريكه جعجع كان يفضِّل التزام مرشح آخر من خارج قوى 8 آذار(5).

أمَّا حزب الله الأكثر فاعلية في قوى 8 آذار، فإن الأولوية الإقليمية لديه تتقدم على الأولويات المحلية، بسبب استغراقه في الحرب السورية، وأعطى حلفاءه الحصة الأكبر في تقرير الخيارات المحلية الأنسب لهم، وهم مختلفون في ما بينهم فلم يستطيعوا أن يجتمعوا ولو على مرشح واحد منهم، فلديهما مرشحان: ميشال عون وسليمان فرنجية. أمَّا الراعي الإيراني فإنه حريص على أن يكون وريث سوريا في اتفاق الطائف وهو حاصل بلا نقاش وتكرَّس باتفاق الدوحة(6)، وأن يكون شريكًا في أية صيغة قد تحل مكان الطائف، "وترك التفاصيل المحلية لحزب الله وهو قادر على التعامل معها".

وبهذا، فإن قوى 8 و14 بغضِّ النظر عن المسارات الإقليمية، يجد كل منها في داخله مسارين على الأقل وفي اتجاهين مختلفين، ليكون بهذا استمرار الفراغ أحد العوامل المهدِّدة لاستقرارهما ودليلًا على عجزهما ولو بتفاوت فيما بينهما. كما أن مبادرة كل منهما إلى ترشيح مرشحه المفضل لم تُطرَح بجدية من قبل حلفائهما الإقليميين أي السعودية وإيران، وبسبب التداخل بين البُعدين المحلي والإقليمي لن يكون الحل إلا بمبادرة هي مزيج من كليهما.

الفراغ واختبار التحالفات

كان زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي النائب الدرزي، وليد جنبلاط، أول من أدرك قدوم الفراغ الرئاسي نتيجة جمود الوضع السياسي على الانقسام بين ثنائية 14 و8 آذار، وحاول الخروج بمبادرة تنهي هذا الجمود قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وأعطى نجيب ميقاتي الثقة ليكون رئيس حكومة (16 يونيو/حزيران 2011) -وصفها المستقبل بأنها حكومة حزب الله-، وأطلق معه إلى جانب رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، ما يشبه تحالفًا وصفه جنبلاط بالتيار "الوسطي" وليعلن بهذا عمليًّا خروجه من قوى 14 آذار إلا أنه لم يلتحق بقوى 8 آذار بل حاول أن يستميل القوة الشيعية الثانية، رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل، نبيه بري، إلى الوسط(7)، لكن حكومة ميقاتي لم تُعمَّر طويلًا(8) (22 مارس/آذار 2013) حيث نشبت خلافات بينه وبين قوى 8 آذار كما هو شأنه مع قوى 14 آذار، ومع زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بوجه خاص، وانتهى هذا التحالف تمامًا بانتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.

وقد يقال: إن ما فعله جنبلاط في رئاسة الحكومة بترشيحه ميقاتي بدلًا من الحريري، يبدو أن جعجع يفعل مثله على صعيد الترشيح لرئاسة الجمهورية؛ فرشَّح عون في مقابل فكرة ترشيح الحريري لفرنجية، ولكن جعجع يصرُّ على عدم خروجه من 14 آذار، لأنها كما يقول، مجموعة مبادئ لا يزال يلتزمها كما هو شأن تيار المستقبل وحزب الكتائب وبقية مكوناتها، مع تأكيده على اختلاف وجهات النظر بخصوص مرشح رئاسة الجمهورية.

وهذا يقود إلى أن في خلفية ترشيح جعجع للجنرال عون مسارًا سياسيًّا فرضه الحريري، الذي "لم يُحسن إدارة المرحلة كما لم يحسن ما قبلها"، فمنذ ما بعد "ثورة الأرز" عام 2005 دخل في التفاهم الرباعي أو التحالف الإسلامي كما يحلو لبعض المسيحيين تسميته(9)؛ حيث تم التفاهم بين حركة أمل وحزب الله وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، على حكومة واحدة أُلحق بها المسيحيون دون أن يكون لهم كلمة وازنة فيها؛ ما دفع الجنرال عون للخروج من 14 آذار لأنه أدرك أن عدم إعطائه الحيثية التي يستحقها في هذا التحالف يعني من باب أولى أن لا يكون مرشحًا لأية انتخابات رئاسية في الأفق المنظور.

وما جرى مع الحريري ينطبق على قوى 8 آذار من جهة أخرى، حيث لا يوجد في الأصل انسجام بين عون ورئيس حركة أمل نبيه بري، وما يجمع الطرفين هو التحالف مع حزب الله(10)، وليس سرًّا أن التيار الوطني الحر لم ولا يرغب بالتجديد لبري رئيسًا لمجلس النواب ما استطاع(11)، واختلف معه في أكثر من محطة لها علاقة بقضايا داخلية لبنانية حتى إنه -أي عون- طعن بشرعية التمديد الأخير للمجلس النيابي ما أثار غضب بري(12) كما احتدم الخلاف بين الطرفين حول جواز التئام البرلمان للتشريع رغم عدم انتخابه رئيسًا للجمهورية، فعون كان يرفض ذلك أمَّا بري فرأى أن هناك ضرورات تحتِّم ذلك وهو ما تم له بتسهيل من حزب الله. إن ثقة عون بحزب الله كبيرة حتى اللحظة وعبَّر عنها مرارًا باستجابته لوساطة الحزب بينه وبين بري وقدَّم تنازلات لهذا الأخير(13)، ويبني ذلك على تقديراته لقوة الحزب -فضلًا عن نفوذ إيران- في الطائفة الشيعية، وأن الحزب إذا ما قرَّر فإنه يستطيع أن يُقنع بري في نهاية المطاف بالتنازل وترشيح عون أو عدم معارضة هذا الترشيح على الأقل. مع العلم بأن عون لا يزال ملتزمًا بموقفه الأساسي كما يظهر ويعبِّر عنه عند اختلافه مع بري من حين إلى آخر، وملخصه: أن بري هو الوجه الآخر للحريري ولكن في 8 آذار، فهو من صانعي الطائف مع الحريري الأب وفق الصيغة السورية السابقة، الاتفاق الذي كرَّس هيمنة المسلمين على المسيحيين بحسب رواية عون، ويريد بري استمرار هذه الهيمنة ولو بالشراكة مع المستقبل(14).

وبهذا، فإن الترشيحات للرئاسة ليست متوافقة مع التحالفات القائمة (8 و14 آذار)؛ فهي مبنيَّة على تقديرات مختلفة داخل التحالف الواحد ومتأثرة جدًّا بتجربة اتفاق الطائف، ولكن في الوقت نفسه يُظهر كل طرف حرصه على التزام تحالفه؛ ما أسهم في إطالة أمد الفراغ وليبدو أن لا نهاية له في الأفق، إلا إذا تغيرت قواعد اللعبة الحالية.

الترشيح للرئاسة والطائف

قد يبدو سياق الخلاف داخل الساحة المسيحية على الرئاسة شخصيًّا لاسيما أن كلًّا من المرشحيْن المطروحين جدِّيًّا هما من قوى 8 آذار، كما أن اختلاف بري مع حزب الله في ترشيح عون قد يكون لتفضيله الأولوية المحلية بخلاف أولوية الحزب الإقليمية، وقد يكون ترشيح الحريري لفرنجية بخلاف بعض حلفائه وعدم تفضيله عون لمبررات تتصل بضعف ثقته بعون.

ولكن هذا الخلافات أعمق وترتبط بمستقبل الإقليم وبعلاقة الطوائف اللبنانية بعضها ببعض، أي باتفاق الطائف وما يمكن أن يلحق به من تغيير أو أن يحل مكانه آخر. صحيح أن المرشحين (فرنجية وعون) للرئاسة اللبنانية أقرَّا بانتظامهما تحت اتفاق الطائف ليكونا مقبوليْن بالحدِّ الأدنى من قوى 14 آذار، إلا أنهما يعكسان يأس المسيحيين من مستقبل التغيير في المشرق العربي؛ حيث أخذ الطائف من صلاحياتهم (خاصة صلاحيات رئيس الجمهورية) وامتيازاتهم في الدولة اللبنانية، كما أن ما يجري في المنطقة لا يُنبئ بأن التغيير في الإقليم سيكون لمصلحة تحسين ظروفهم في لبنان أو الحفاظ على ما أبقاه لهم الطائف من صلاحيات.

لذا، فإن أقصى ما يطمح إليه كل من الأحزاب المسيحية عمليًّا وراهنًا، إيجاد الحليف الذي يمهِّد السبيل إلى الرئاسة، ولكن على أن يكون في الأساس ضامنًا للوجود المسيحي في المشرق قبل كل شيء، وهو ما كان في اتفاق الطائف بعد إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية(15). وهو ما نجده أيضًا وإن ضمنًا بوثيقة عون مع حزب الله(16)؛ حيث بدت في لحظة إعلانها وكأنها ضمان "شيعي إيراني" للوجود المسيحي إذا ما عجز الطائف -الذي سقط أحد أعمدته "سوريا"- لسبب ما عن توفيره، وهو حاضر أيضًا في الصورة التي قُدِّمت فيها وثيقة جعجع-عون(17)، وكأنها التزام مسيحي من الطرفين في مواجهة ما يتهدد وجودهم في هذه اللحظة.

 وهكذا، عندما يكون الخلاف دستوريًّا أو يرتبط بصلاحيات المواقع الثلاث رئاسة الوزراء (للسنَّة) ورئاسة الجمهورية (للموارنة) ورئاسة مجلس النواب (للشيعة)، فإن الانقسام بين اللبنانيين ينتهي إلى خلاف مسيحي-مسلم، ويتصدر الفعل السياسي أولئك الذين صنعوا الطائف وهم يشكِّلون فعليًّا حتى اللحظة البنية التحتية له، الحريري (14 آذار) بري (8 آذار) وجنبلاط (وسط) ويبدون وكأنهم يد واحدة، وهم يفضِّلون فرنجية، لأنه الشريك المسيحي الأفضل لمقاييس الطائف ومصلحة استمراره، وإلا فليكن البديل رئيسًا توافقيًّا من خارج الانقسام السياسي أي من خارج قوى 8 و14 آذار. أمَّا عون، فإن طموحه لتحسين شروط الطائف لصالح الرئاسة يجعله من دعاة تعديل الطائف أو حتى إسقاطه، وقد خبروا تصلبه واستعداده للذهاب بعيدًا في المفاوضات التي أفضت إلى اتفاق الدوحة عام 2008، وهم جادُّون في الحؤول دون وصوله للرئاسة ما استطاعوا ذلك.

أمَّا انقسام فريقي 8 و 14 آذار فهو لم ينشأ في الأصل بسبب الخلاف على الطائف ولا صلة له به، فقد نشأ بسبب الخلاف السياسي حول حصص ومغانم داخلية وحول الموقف من قضايا إقليمية ولكن تحت سقف الطائف، حتى إن هاتين القوتين قد تدخلان في مواجهات فيما بينهما ولو اتسمت بالعنف أحيانًا، لكنها تعود إلى الطائف وبمزيد من التفسيرات والشروح كي لا تخرج عليه.

وربما هذان المستويان من الانقسام، يفسِّران الطرح الإيراني بالمُثالثة(18)، أي أن يقوم النظام اللبناني على سُنَّة وشيعة ومسيحيين بدلًا من مسلمين ومسيحيين مناصفة كما هو الطائف راهنًا، ليكون الانقسام على النظام أي الدستوري مطابقًا للانقسام السياسي والإقليمي، وسيسمح للشيعة بتحالفات طويلة تتسم بالاستراتيجية كما هي تكتيكية أحيانًا، وذلك بعيدًا عن الشريك السُّنِّي وعن المحيط العربي.

وبهذا الاعتبار، فإن مَن يبدو راهنًا أنه يحول دون المُثالثة هو الطرف المسيحي في 14 آذار، ومَن يحول دون انهيار الطائف تمامًا هو نبيه بري في 8 آذار، وبهذا، فإن الخلاف على الرئاسة إذا ما امتدَّ فإن كلًّا من تحالفي 8 و14 هما عرضة للتغيير ولو تحت سقف الطائف، أو ربما ينهار على الجميع إذا ما صادف لحظة تغيير إقليمية.

وعليه، فإن ما يمكن توقعه في مسار أزمة الرئاسة هو أن يفضي بمبادرة إقليمية محلية إلى انتخاب رئيس جديد وفق الطائف وبالتالي التمديد عمليًّا لهذا الاتفاق. أو استمرار الفراغ بغية التحضير لمؤتمر تأسيسي جديد طالما دعا إليه حزب الله ولو مواربة، ويستدعي هذا الأمر من حزب الله بالضرورة تحطيم العلاقة الدستورية بين الأطراف الرئيسية الثلاثة التي صنعت الطائف، أي جنبلاط-بري-والحريري، سعيًا إلى "المثالثة" أو ما يشبهها، وليتحول النزاع بكل المقاييس السياسية والدستورية إلى نزاع مذهبي، سُنِّي-شيعي، وسيكون على الآخرين أن يعيدوا تحالفاتهم على هذا الأساس، رغم أن ما سيكون معروضًا عليهم –خاصة المسيحيين منهم- أقل مما حصلوا عليه من الطائف بكثير(19).

استنتاجات وخلاصات

إن مصلحة المسيحيين تكمن في الالتزام باتفاق الطائف وربما كل اللبنانيين كذلك، خاصة في ظل الوضع المتفجر في المنطقة، ولكن حسابات الأطراف اللبنانية تقوم على التكهنات حول التغيير القادم، وهو الكامن وراء الجمود السياسي الذي يشهده لبنان. ويمكن استخلاص النقاط التالية التي تشرح مآل الوضع اللبناني:

  1. قد يكون تيار المستقبل الأكثر حرصًا على الانتخابات بأقل الخسائر لكن حزب الله وإيران يبحثون عن أفضل المكاسب، وهو الأمر الذي أطلق لعبة الترشيح والترشيح المضاد للرئاسة وبالتالي استمرار التعطيل، ما يحيل الأزمة إلى الرعاة الإقليميين، مع أن وقت المساومة واقتراح الحلول الإقليمية لم يحن بعد.
  2. أن موقف حزب الله من الترشيح لرئاسة الجمهورية مرتبط بما يسمح به الوضع الإقليمي وليس مستعجلًا له، لكنه حريص على أن لا يخسر حلفاءه المسيحيين، عون وفرنجية، وأولويته الحفاظ عليهما وليس الرئاسة. وهو يدرك أيضًا أن ترشيح حلفائه جاء من قوى 14 آذار، وسيسعى لتغيير الصورة ليكون المرشح الذي سيفوز من حلفائه إن حصلت الانتخابات، من ترشيحه هو قبل سواه. 
  3. لا يريد تيار المستقبل التفريط بجعجع مع حرصه على استمرار العلاقة مع فرنجية إذا لم يكن تعزيزها، كما أن جعجع حريص على تمتين العلاقة مع عون لأن في ذلك مصلحة لكليهما، فعون يريد الرئاسة أمَّا جعجع فقد عاد لصدارة المشهد السياسي اللبناني كأحد صُنَّاع الرؤساء وليس مجرد مرشح على الورق بيد 14 آذار لمساومة عون.
  4. أن رفض بري لترشيح عون يربك ساحة حزب الله، ويؤكد أن بري ما زال ملتزمًا الطائف، وهو بمثابة تنبيه لحزب الله بأن بري مستعد للتمايز عند الحاجة، كما فعل إبَّان مفاوضات الدوحة -التي جاءت في أعقاب سيطرة حزب الله على بيروت في 7 مايو/أيار- وأفضت إلى انتخاب ميشال سليمان وليس ميشال عون.
  5. أن استمرار الشغور في منصب الرئاسة سيترك شهية إيران وحزب الله مفتوحة على المثالثة، أمَّا إذا ما حسمت الأطراف المسيحية وأعلنت تجديد تأييدها للطائف وبتأكيد غربي أو دولي، فإن حظوظ انتخاب رئيس جديد ستكون عالية جدًّا، وعندها سيكون لوثيقة جعجع-عون، دلالة سياسية وليست مجرد غطاء لمناورة محدودة لن تستمر طويلًا.

في الختام، إن ترشيح جعجع لعون إذا ما انتهى بجذب الأخير ولو للتقارب مع قوى 14 آذار فإنه سيفتح الباب نظريًّا أمام إعادة التحالفات السياسية مع تكريس لاتفاق الطائف. أمَّا إذا انجذب جعجع إلى قوى 8 آذار، فإن ذلك سيرفع من حظوظ الدعوة لمؤتمر تأسيسي جديد لتعديل الطائف أو إلغائه، وهو ما يدركه رئيس مجلس النواب الذي يمسك بمفتاح المجلس النيابي كما بمفتاح الطائف، ولهذا قال إنه آخر من سيقول رأيه بترشيح جعجع لعون(20)، لأنه يدرك أن ما يجري في الإقليم سيقرر المسار في لبنان: رئاسة وتمديد العمل بالطائف، أو مؤتمرًا تأسيسيًّا ومرحلة ما بعد الطائف، وكلاهما يسيران جنبًا إلى جنب في المسار اللبناني، وكلاهما محفوف بمخاطر حروب صغيرة أو حرب أهلية كبيرة.

أمَّا الاحتمال الأبعد؛ ففي أُفُقه نظرية افتراق مصالح إيران عن روسيا وهو ما تأمله أطراف لبنانية لاسيما أن روسيا أصبحت في الجوار اللبناني القريب بتدخلها في سوريا، وحينها قد تضع التطورات الإقليمية فرنجية وبري في منطقة وسطى قريبًا من روسيا وباستقلالية أكبر عن إيران، وحينها ستختلف حسابات الأطراف المحلية مرة أخرى.
____________________________________
شفيق شقير - باحث متخصص في المشرق العربي والحركات الإسلامية

الهوامش
1- صحيفة النهار اللبنانية، مجلس النواب يمدد لنفسه سنة و5 أشهر.. "صُدِق"، 31 مايو/أيار 2013.
http://www.annahar.com/article/37588-مجلس-نواب-يمدد-لنفسه-سنة-و5-اشهر..-صدق
تاريخ الدخول 21 يناير/كانون الثاني 2016.
2- انظر على سبيل المثال: التعيينات العسكرية، كيف تتم التعيينات في المجلس العسكري؟، تليفزيون إم تي في اللبناني، 7 يناير/كانون الثاني 2016:
http://mtv.com.lb/news/specials/556734/%D9%83%D9%8A%D9%81_%D8%AA%D8%AA%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%AA_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%9F
وموقع النشرة، حناوي: تعيينات المجلس العسكري تحتاج إلى توافق سياسي، 23 يناير/كانون الثاني 2016:
http://www.elnashra.com/news/show/954887/%D8%AD%D9%86%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A-%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D8%A7%D8%AC-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D9%81%D9%82-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A
تاريخ الدخول 21 يناير/كانون الثاني 2016.
3 – انظر: شفيق شقير، تداعيات الحراك الاجتماعي في لبنان وأبعاد الفراغ، مركز الجزيرة للدراسات، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2015:
http://studies.aljazeera.net/reports/2015/10/2015101510501542507.htm
تاريخ الدخول 21 يناير/كانون الثاني 2016.
4 - انظر المؤتمر الصحافي لوزير المالية حسن الخليل، الوكالة الوطنية للإعلام، 5 أغسطس/آب 2015:
http://nna-leb.gov.lb/ar/show-news/172719/nna-leb.gov.lb/ar
تاريخ الدخول: 21 يناير/كانون الثاني 2016.
5 - انظر حوار جعجع على قناة إم تي في اللبنانية في برنامج بموضوعية، 20 يناير/كانون الثاني 2016:
https://www.youtube.com/watch?v=gLaUGoeQcfQ
تاريخ الدخول: 21 يناير/كانون الثاني 2016.
6- انظر: أفضى اتفاق الدوحة الذي عُقد بين 16-21 مايو/أيار 2008، بقوى 8 و14 آذار اللبنانية إلى انتخاب رئيس جمهورية جديد، قائد الجيش ميشال سليمان، وإقامة انتخابات برلمانية جديدة، وإلى تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري. يمكن الاطلاع على بعض وثائق الاتفاق على  الموقع الرسمي له، على الرابط الآتي: http://www.qatarconferences.org/lebanon/
تاريخ الدخول: 21 يناير/كانون الثاني 2016.
7- انظر موقع الوكالة لوطنية للإعلام نقلًا عن صحيفة اللواء اللبنانية، وفيه: جنبلاط يكشف عن "حلف رباعي"، 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2012:
http://nna-leb.gov.lb/ar/show-news/5802/nna-leb.gov.lb/ar
تاريخ الدخول: 21 يناير/كانون الثاني 2016.
8 - انظر الجزيرة نت، ميقاتي يستقيل ويدعو لحكومة إنقاذ، 23 مارس/آذار 2013:
http://www.aljazeera.net/news/pages/91809f9a-441a-4b51-a31b-5343527412c4
تاريخ الدخول: 21 يناير/كانون الثاني 2016.
9 - انظر محمد بلوط، ماذا بقيَ من 14 آذار منذ «ثورة السفير بولتون» إلى اليوم؟، الديار اللبنانية، 11 آذار 2014:
http://www.addiyar.com/article/618036-%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A8%D9%82%D9%8A-%D9%85%D9%86-14-%D8%A2%D8%B0%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D9%86%D8%B0-%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D8%A8%D9%88%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85%D8%AE%D8%B1%D9%88%D8%AC-%D8%B9%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%B7-%D8%A3%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B2%D9%86%D8%A7
تاريخ الدخول 21 يناير/كانون الثاني 2016.
10 - انظر ناجي يونس، عون قد لا يدعم التجديد لبري عام 2013، موقع ناو، 4 أغسطس/آب 2012:
https://now.mmedia.me/lb/ar/%D8%A3%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D9%81/%D8%B9%D9%88%D9%86_%D9%82%D8%AF_%D9%84_%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%85_%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF_%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A_%D8%B9%D9%85_%D9%A2%D9%A0%D9%A1%D9%A3
تاريخ الدخول 21 يناير/كانون الثاني 2016.
11 - إن موقف عون المتحفظ على تجديد رئاسة بري للمجلس النيابي قديم، انظر موقع ليبانون فايلز، العماد عون: بري حليف حليفي ولن أعطي جوابًا بشأن انتخابه رئيسًا للبرلمان المقبل، 27 مارس/آذار 2009:
http://www.lebanonfiles.com/news/112338
تاريخ الدخول 21 يناير/كانون الثاني 2016.
12-  انظر بهذا الخصوص صحيفة الديار اللبنانية، القوات وفرنجية غطَّوا التمديد مسيحيًّا وعون ضده وبري مستاء منه، 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2014:
http://www.addiyar.com/article/819726-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%85%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A-%D9%82%D8%B7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA
تاريخ الدخول 21 يناير/كانون الثاني 2016.
13 - انظر نقولا ناصيف، نصر الله يدخل على خط نزاع بري-عون، صحيفة الأخبار، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2015:
http://www.al-akhbar.com/node/245756
تاريخ الدخول 21 يناير/كانون الثاني 2016.
14- انظر صحيفة الأخبار اللبنانية، بري وعون: إبراهيم على خط العلاقة المستعصية، 10 أغسطس/آب 2015:
http://www.al-akhbar.com/node/239608
تاريخ الدخول 21 يناير/كانون الثاني 2016.
15 - جعلت الأطراف الدولية والإقليمية الراعية لاتفاق الطائف، مجموع "المسلمين" كطرف واحد من جهة ومجموع "المسيحيين" كطرف آخر من جهة أخرى وجعلت السلطة بينهما بالمناصفة. ولكن المسلمين بحسب الطائف، هم: السُّنَّة والشيعة والدروز والعلويون، أمَّا "المسيحيون" فهم بقية الطوائف المسيحية، وبهذا كل الطوائف اللبنانية خاصة الإسلامية منها لديها التزام بالطائف وما فيه من ضمانات للمسيحيين ويشملها جميعًا بوضوح ولا سبيل لأيٍّ منها أن ينقلب عليه.
16- انظر نص وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر المعلنة بتاريخ 6 فبراير/شباط 2006، موقع المقاومة الإسلامية، بدون تاريخ:
http://www.moqawama.org/essaydetailsf.php?eid=467&fid=19
تاريخ الدخول 20 يناير/كانون الثاني 2016.
17- أهم ما تضمنته تأكيدها على التزام اتفاق الطائف و"ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانية-السورية في الاتجاهين، وعدم السماح باستعمال لبنان مقرًّا أو منطلقًا لتهريب السلاح والمسلحين". ولم تتضمن أية إشارة لسلاح "حزب الله"، لكنها تضمنت التأكيد على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها و"عدم اللجوء إلى السلاح والعنف". انظر نص بنود التفاهم والتي جاءت تحت اسم "إعلان النوايا" في موقع حزب القوات اللبنانية، والتي أُعلنت على الرابط أدناه:
https://www.lebanese-forces.com/2016/01/18/geagea-32/
تاريخ الدخول 20 يناير/كانون الثاني 2016.
18- ميشال نصر، مخاوف المثالثة تجمع جنبلاط بالحريري بعد حسم المستقبل لحدود التفاهم مع عون، الديار اللبنانية، 8 يونيو/حزيران 2014:
http://www.addiyar.com/article/757942-%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%88%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A9-%D8%AA%D8%AC%D9%85%D8%B9-%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%B7-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AF-%D8%AD%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%85-%D9%85%D8%B9-%D8%B9%D9%88%D9%86%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D8%A9
غسان حجار، المثالثة مطلب شيعي قديم، النهار اللبنانية، 10 يونيو/حزيران 2014
http://newspaper.annahar.com/article/140282-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A9-%D9%85%D8%B7%D9%84%D8%A8-%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D9%8A-%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85
تاريخ الدخول 20 يناير/كانون الثاني 2015.
19- لأنه ببساطة، ليست المناصفة كالمثالثة، إذا ما اتفق السنَّة والشيعة سيفوقون المسيحيين قوة، بينما مع الطائف إذا ما اختلف المسلمون فإنهم يضعفون أمَّا إذا اتفقوا فإنهم يعادلون المسيحيين قوة نسبيًّا. انظر: إميل خوري، الموارنة قد يخسرون إذا عُدِّل الطائف: المناصفة تُصبح مثالثة والرئاسة الأولى مداورة، النهار اللبنانية، 28 إبريل/نيسان 2015:
http://newspaper.annahar.com/article/232488-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B1%D9%86%D8%A9-%D9%82%D8%AF-%D9%8A%D8%AE%D8%B3%D8%B1%D9%88%D9%86-%D8%A5%D8%B0%D8%A7-%D8%B9%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B5%D9%81%D8%A9-%D8%AA%D8%B5%D8%A8%D8%AD-%D9%85%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%AF%D8%A7%D9%88%D8%B1%D8%A9
تاريخ الدخول 25 يناير/كانون الثاني 2016.
20- انظر  صحيفة المستقبل اللبنانية، بري: سأكون آخر من يتخذ موقفًا من ترشيح جعجع لعون، 21 يناير/كانون الثاني 2016:
http://www.almustaqbal.com/v4/Article.aspx?Type=NP&ArticleID=690803
تاريخ الدخول 23 يناير/كانون الثاني 2016.

نبذة عن الكاتب