جنوب السودان بين الإشكاليات الداخلية والتسويات الخارجية

هل اندلاع الحرب الأهلية صار احتمالا وشيكا في جنوب السودان أم أن الفشل سيطبع تنفيذ اتفاق السلام؛ بسبب تعنُّت الزعيمين الأزبرين سيلفاكير ومشار؟ وهل ستنجح القوات الأممية في تحقيق أهدافها بما يمهِّد لتنفيذ بنود اتفاق السلام؟ هذا ما يحول هذا التقرير نقاشه.
7ac0602ffef84bfdb2cd13e38efa593b_18.jpg
دولة جنوب السودان بين احتمالات السلام وتجدد الحرب الأهلية. رويتيرز

التطورات المتسارعة الأخيرة التي شهدتها جنوب السودان طرحت العديد من الإشكاليات حول أسباب تجددها من ناحية، وسبل تسويتها من ناحية ثانية، والسيناريوهات المتوقعة من ناحية ثالثة. فتجدُّد الاشتباكات يرجع إلى البُعديْن الإثني "المتمثل في الخلاف التقليدي بين الدينكا ولاعبها الأبرز الرئيس "سيلفا كير"، والنوير ولاعبها الأبرز "مشار"، فضلًا عن الخلاف السياسي المتمثل في التنازع حول الهيمنة والزعامة. هذه الصراعات أسهمت في عرقلة تنفيذ بنود اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه العام الماضي في أديس أبابا، والذي يقضي بمجموعة من الترتيبات أبرزها تقاسم السلطة بين قوات الطرفين، لكن عرقلة كير تنفيذه، دفعت المجتمع الدولي للبحث في كيفية احتواء هذا الصراع، وهنا برزت فكرة تعزيز القوات الدولية الموجودة هناك منذ استقلال البلاد قبل خمس سنوات، أو إرسال قوات إقليمية من قِبل دول المنظمة الحكومية للتنمية "إيجاد" باعتبارها قد تكون أكثر قبولًا من القوات الدولية التي فشلت حتى في تأمين النازحين الذين لجؤوا إليها؛ هربًا من الحرب رغم استناد قرار تأسيسها للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ويبدو أن الاتجاه الثاني كان الأقرب للحدوث، خاصة في ظل رفض كير لفكرة التدويل. وتبقى هناك عدة إشكاليات تواجه عمل هذه القوات الإقليمية، ربما أبرزها قدرتها على تأمين العاصمة جوبا، وإخراج المتقاتلين، وعودة مشار لممارسة مهام عمله كنائب أول للرئيس. هذه التطورات تجعلنا أمام ثلاثة سيناريوهات، منها: تحقيق الاستقرار المنشود وإتمام تنفيذ اتفاق أديس أبابا للسلام "أغسطس/آب 2015"، أو تخلص المجتمع الدولي من كلٍّ من مشار وكير باعتبارهما سبب الأزمة، أو دخول البلاد في أتون حرب أهلية مفتوحة.

مقدمة

يبدو أن شهر يوليو/تموز بات يحمل من الذكريات الأليمة لدولة جنوب السودان الوليدة أكثر مما يحمل من ذكريات سعيدة، فرغم أنه شهر الاستقلال عن الخرطوم عام 2011، إلا أنه شهد أيضًا اغتيال قائد الجنوب ومهندس الاستقلال جون جارانج في حادث تحطُّم مروحية غامض عام 2005، وذلك بعد أشهر معدودة من توقيع اتفاقيات نيفاشا التي مهَّدت لهذه اللحظة التاريخية. وبعد الاستقلال بعامين فقط "أي 2013"، اندلعت بوادر الحرب الأهلية بين شركاء الأمس الرئيس سيلفا كير، ونائبه رياك مشار التي يبدو أنها بدأت ولم تنتهِ حتى الآن؛ حيث قام الأول بإعفاء الثاني من منصبه بدعوى السعي لتقويض حكمه، خاصة بعدما أعلن مشار نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية 2015؛ مما أسفر عن مصرع أكثر من عشرة آلاف شخص. وفي يوليو/تموز 2016، ورغم دخول مشار العاصمة جوبا كنائب أول للرئيس بموجب اتفاقية السلام الموقعة في أديس أبابا "أغسطس/آب 2015"، إلا أن الاشتباكات اندلعت بين الجانبين مجددًا خلال لقاء جمع بينهما في القصر الرئاسي بجوبا لبحث تنفيذ باقي استحقاقات الاتفاق، وكان واضحًا استهداف مقر مشار في منطقة الجبل على بُعد 5 كيلومترات فقط من القصر الرئاسي، لكن قواته نجحت في إبعاده عن منطقة الخطر.

هذا الصراع يطرح عدة تساؤلات حول أسباب تجدُّده، وسبل تسويته، لاسيما بعدما أسند مجلس الأمن في العاشر من أغسطس/آب 2016 لقوات الحماية الإقليمية التابعة للهيئة الحكومية للتنمية "الإيجاد" Inter-governmental Authority on Development التدخل من أجل احتوائه، رغم وجود قوات دولية هناك. كما يطرح في الأخير تساؤلًا حول السيناريوهات المتوقعة، والتي تدور ما بين تفعيل اتفاق السلام أو اندلاع الحرب الأهلية مجددًا، وبينهما يقف خيار رحيل كير ومشار باعتبارهما أساس المشكلة.


الأسباب الداخلية للصراع

يمكن القول بأن الصراع في جنوب السودان ليس صراعًا سياسيًّا فحسب، وإنما صراع إثني أيضًا؛ مما يجعل عملية تسويته معقدة للغاية، إذ لا تتوقف على التوصل إلى اتفاقيات سياسية هنا أو هناك في إطار مفاهيم تسوية الصراع CONFLICT SETTLEMENT، بقدر احتياجه لعملية حل الصراع من جذوره CONFLICT RESOLUTION في إطار عملية بناء السلام PEACE BUILDING، والتي تعدُّ أكثر تعقيدًا من عملية حفظ السلام الراهنة PEACE KEEPIMG.

 

البعد الإثني

يضم جنوب السودان ثلاث مجموعات إثنيَّة رئيسة، أبرزها النيليون الذين يشكلون 65% من مجموع السكان، وتضم ثلاث قبائل أساسية هي: الدينكا، والنوير، والشلك.

1- قبيلة الدينكا: وهي كبرى المجموعات الإثنية في السودان، وتشكل 40% من إجمالي السكان، وينحدر منها السلطات الحاكمة في الحركة الشعبية منذ الحرب الأهلية عام 1983 مثل جون جارانج، سيلفا كير، دينق ألور، وغيرهم.

2- قبيلة النوير: وهي ثاني أكبر قبيلة بعد الدينكا، حيث تشكل 20% من مجموع السكان. ويسكن النوير في فضاء جغرافي يقع أساسًا في ولايات أعالي النيل والوحدة "حيث مناطق النفط" ومنطقة جونجلي، التي كان يفترض أن يتم فيها إنشاء قناة جونجلي؛ لإمداد مصر والسودان بعدة مليارات من مياه نهر النيل. وينحدر من النوير عدد من القيادات الحاكمة أيضًا، وإن جاؤوا في مرتبة تالية للدينكا، ومن أبرزهم رياك مشار النائب الأول لرئيس البلاد، ونائب رئيس الحركة الشعبية. وهناك صراعات تاريخية بين النوير والدينكا على السلطة السياسية، وربما يفسِّر هذا الصراع الأخير بين سيلفا كير "الدينكا"، ورياك مشار "النوير".

3- قبيلة الشلك: وهي أقل المجموعات الثلاث تعدادًا "5% من حجم السكان"، وتعيش على الضفة الغربية والشرقية للنيل الأبيض، وهي ذات نظام سياسي مركزي تحت قيادة ملك أو سلطان يُطلقون عليه لقب "الرث". ومن أبرز قياداتها وزير الخارجية الأسبق لام أكول، والأمين العام للحركة باجان أموم(1).

ويلاحظ أن وجود القبيلة ترتَّب عليه عدة أمور سلبية، لعل من أبرزها الولاء لها على حساب الدولة من ناحية، فضلًا عن حدوث حالة من عدم الاستقرار السياسي عندما يتم تسييس الخلافات القبلية، وإذا كان الخلاف الأساسي بين الدينكا والنوير، إلا أن هذا لا يعني عدم وجود خلافات أخرى مثل خلافات النوير والمورلي بشأن ملكية الماشية، وكذلك الخلاف بين الدينكا وقبيلة الفراتيت التي تحالفت مع حكومة الخرطوم قبل الانفصال؛ مما جعل كير يضطهدها بعد ذلك برفضه ضم شبابها إلى جيش الجنوب(2). وبالتالي ستظل المشكلة الإثنية من أخطر المشكلات التي تواجه قضية الاندماج القومي في هذه الدولة الوليدة. ومن ثَمَّ فإن جنوب السودان لا يحتاج فقط لتسوية الصراع بقدر الاحتياج لحله أيضًا.

 

دولة جنوب السودان بين احتمالات السلام وتجدد الحرب الأهلية. رويتيرز

البعد السياسي

ويقصد به الخلافات التي تدور بين النُّخبة السياسية في الجنوب والمغلفة أحيانًا بالبعد الإثني، لكنها ربما تتجاوزه أيضًا؛ بسبب الأطماع السياسية لشركاء الأمس. فالشخصيات الثلاث البارزة على الساحة الآن "سيلفا كير، رياك مشار، لام أكول" بالرغم من اختلافها القبلي "الأول ينتمي للدينكا، في حين ينتمي الثاني للنوير، بينما الثالث ينتمي للشلك"، إلا أنها تحالفت معًا في فترة من الفترات؛ فعقب انشقاق مشار عن الحركة الشعبية أوائل عام 1990 فيما عُرف بانقلاب الناصر، قام بتشكيل حركة جديدة عُرفت باسم حركة تحرير جنوب السودان، أغلبها من النوير، لكنها ضمت أيضًا كلًّا من لام أكول (الشلك)، وكاربينو كوانين أحد المؤسسين للحركة الشعبية مع جارانج، والرئيس الحالي سلفا كير "الدينكا"، وأعلنت الحركة أنها تسعى لانفصال جنوب السودان، كما عملت على سحب البساط من الحركة الشعبية بزعامة الدينكاوي جارانج؛ مما ترتب عليه الدخول في حرب أهلية جنوبية- جنوبية بين الحركتين، والقبيلتين المواليتين لكل منهما "الدينكا التابعة لجارانج، النوير التابعة لمشار"؛ ترتب عليها سقوط عدد من القتلى أكبر من هؤلاء الذين سقطوا خلال الحرب مع الخرطوم. وبعد رحيل جارانج عام 2005، تولى كير منصب رئاسة الحركة والنائب الأول للرئيس البشير بموجب اتفاقيات نيفاشا، وكذلك منصب رئيس حكومة الحكومة، حتى تم الاستقلال النهائي أوائل عام 2011، فتولى منصب رئاسة البلاد والحركة في آنٍ واحد، في حين تولى مشار منصب نائب رئيس البلاد ونائب رئيس الحركة، إلى أن قام كير بإقالته من منصبه في يوليو/تموز 2013(3).

ومما يعمِّق هذه الخلافات، التباينات الشخصية بين كير ومشار سواء من حيث المؤهلات العلمية والأكاديمية، أو من حيث الأفكار والطباع؛ فكير كان قائدًا ميدانيًّا يقود العمليات العسكرية، بينما مشار تنقل من القيادة الميدانية إلى القيادة العليا مع جارانج باعتباره حاصلًا على الدكتوراه في التخطيط الاستراتيجي من بريطانيا، ومنظرًا وقائدًا في معارك التفاوض بين الحركة والحكومة السودانية، في حين أن كير رجل عسكري صارم قليل الصبر على معالجة الملفات، وفي الغالب يحسم مشاكله مع الآخرين بالقوة التي تصل إلى استخدام السلاح في بعض الأحيان(4)! ولعل هذا يفسِّر أسباب اتهام مشار لكير بممارساته غير الديمقراطية، مقابل اتهام الأخير له بتدبير انقلاب ضده أواخر 2013 لاسيما بعد إعلان مشار رغبته في تولي الرئاسة والترشح في الانتخابات الرئاسية التي لم تجرِ حتى الآن(5).

ورغم الخلافات الأصيلة السابق الإشارة إليها، إلا أن الصراع تجدَّد مؤخرًا؛ بسبب عدم تطبيق بنود اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه في أغسطس/آب الماضي بأديس أبابا، خاصة ما يتعلق بشقِّه السياسي الخاص بالصلاحيات المشتركة لكير ومشار وكذلك الشق الأمني؛ مما جعل مشار يتأخر في العودة للبلاد لمدة ثمانية أشهر "إبريل/نيسان 2016"، ولم يستمر بها سوى ثلاثة أشهر فقط حتى اندلع الصراع الأخير، خاصة بعد تعمُّد كير عدم تطبيق بنوده ورغبته في الهيمنة المنفردة على مقاليد الأمور، ومن ذلك قيامه بإعادة تقسيم الولايات في البلاد لتصبح 28 بدلًا من 10، رغم أن الاتفاق ينصُّ وفق المادتين 8-1-1، 8-1-2 على أنه لابد من أن تحظى قرارات الرئيس بموافقة نائبه الأول في بعض القضايا ومنها تعيين محافظي الولايات(6)، فضلًا عن قيامه بعزل مشار وتعيين نائبه تعبان دينق ليحل محله.


التسويات الخارجية للصراع

لقد كان المجتمع الدولي حريصًا على إنجاح تجربة الدولة الوليدة التي ربما تمهِّد لحالات مماثلة لاسيما في الشرق الأوسط؛ لذا وافق مجلس الأمن في قراره رقم 1996 في 8 يوليو/تموز 2011 "أي قبل الاستقلال بيوم واحد" على نشر قوات أممية وفق الفصل السابع يبلغ قوامها 7 آلاف من العسكريين، 900 من رجال الشرطة لضمان استقرار الأوضاع هناك والتي يمكن أن تهدد السلم والأمن الدوليين، ومساعدة حكومة الجنوب على منع نشوب النزاعات(7). ثم صدر قرار آخر في ديسمبر/كانون الأول 2013 بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ومقتل العديد من قوات حفظ السلام، يقضي بزيادتها لتصبح 12500، منهم 1173 من الشرطة والباقي من العسكريين من دول عديدة منها بعض الدول الإفريقية، مثل: رواندا، أوغندا، مالي، كينيا، تنزانيا، مصر.

ورغم كبر الحجم النسبي لهذه القوات، فضلًا عن التفويض الممنوح لها، إلا أنها فشلت حتى في تأمين المدنيين النازحين إليها في المخيمات التابعة لها. فلم تتمكن من وقف الاشتباكات التي حدثت بالقرب من مقرها في ولاية ملكال فبراير/شباط الماضي، كما فشلت من قبل في وقف اشتباكات مماثلة حدثت في إبريل/نيسان 2014 عندما هاجم بعض المسلحين من الدينكا معسكرات للنازحين تأوي آلاف من النوير في منطقة بور؛ مما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 150 شخصًا، وهو ما حدا بالمنظمة الدولية للهجرة لاتهام هذه القوات بالفشل في توفير الحماية للنازحين(8).

ومن هنا بات التساؤل عن إمكانية تعزيز هذه القوات مرة ثالثة، مع تعديل مهامها لتشمل استخدام القوة ضد الطرف المعتدي "كير في هذه الحالة"، وهو نفس الطلب الذي نادت به قيادات جنوبية أبرزها باجان أموم الأمين العام لـ"الحركة الشعبية" المقال، ولام أكول رئيس "الحركة الشعبية" المعارضة، كما برزت دعوات أخرى وجَّهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمام مجلس الأمن لتعزيز هذا الإجراء بفرض حظر للسلاح على الجنوب السودان، ومعاقبة القادة السياسيين والعسكريين الذين يعرقلون تنفيذ اتفاق السلام(9).

هذا الاتجاه الداخلي والدولي السابق بشأن هذه القوات، قُوبِل بالرفض من قِبل كير الذي يبدو أنه لم يكن لديه خيار آخر سوى القبول ببديل إفريقي "إقليمي" من خلال الإيجاد، وإن كان قد أصرَّ على أن تخضع مسائل التفويض، التمويل، المهام المنوطة بها إلى التشاور. وهو ما يفسِّر أسباب رفضه المبدئي لقرار مجلس الأمن رقم 2304 الصادر في 12 أغسطس/آب الماضي، والذي تضمَّن حجمها "4 آلاف" ومدتها "4 أشهر قابلة للتجديد"، ومهامها "تأمين العاصمة جوبا بالأساس وغيرها حسب الاقتضاء". وربما الذي يقلقه هو إعطاء القرار هذه القوة الحق في استخدام جميع الوسائل اللازمة، بما في ذلك اتخاذ إجراءات حازمة لتحقيق أهدافها في مواجهة أي جهة يعتقد أنها تُعِدُّ لهجمات أو تشارك في هجمات ضد مواقع حماية المدنيين التابعة للأمم المتحدة وغيرها من المباني التابعة للمنظمة الدولية وموظفيها والجهات الفاعلة الإنسانية الدولية والوطنية أو المدنيين(10)، وعلى اعتبار أن قوات كير وقبيلته الدينكا، هي المسؤولة بالأساس عن ذلك؛ لذا رفض القرار في البداية.

ورغم أن القرار أعطى لهذه القوات صلاحيات واسعة تحت إشراف القوات الدولية الموجودة هناك، إلا أن هناك عدة إشكاليات ربما تواجهها، لعل بعضها يرتبط بمدى قدرتها على تحقيق المهام المنوطة بها، والتي تضمنها البند التاسع من قرار رؤساء الإيجاد في اجتماعهم بأديس أبابا في 7 أغسطس/آب، والتي تشمل ما يلي(11):

1- حماية المدنيين والنازحين.

2- حماية المنشآت الأساسية.

3- تجميع القوات المتحاربة خارج جوبا.

4- نزع سلاح أي فصيل يستهدف المدنيين، قوات حفظ السلام، العاملين في المجال الإنساني، وأي فصائل مسلحة محددة تهدِّد السلم والأمن، وكذلك تأمين مطار جوبا الدولي بالتعاون مع السلطات السودانية. مع التحكم في تدفق اللاجئين إلى جوبا؛ لتقليل حدة المواجهات العرقية.

كما أن هناك إشكالية أخرى تتعلق بمدى تحييد الخلافات الأيديولوجية بين دولها، لاسيما السودان وإثيوبيا من ناحية، وأوغندا من ناحية ثانية، لاسيما في ظل انحياز الأخيرة لكير، والتدخل المباشر لدعمه، وهل ستؤثر هذه الإشكاليات على أدائها(12).

وأخيرًا وليس آخِرًا، مدى استعداد كير للتعامل معها، لاسيما أنها تمهِّد لعودة مشار منتصرًا في هذه الحالة لجوبا، وللمرة الثانية يشعر كير بأن المجتمع الدولي لم يقف بجانبه، مرة إبَّان توقيع اتفاقية السلام العام الماضي ورفض تحفظاته بشأنها، وهذه المرة بعدما بات هو الطرف الأساسي الذي يعرقل تطبيقه.


السيناريوهات المتوقعة

وإزاء هذا الوضع المتأزم، يمكن القول بوجود عدة سيناريوهات متوقعة:

الأول: نجاح هذه القوات في تحقيق أهدافها بما يمهِّد لتنفيذ باقي بنود اتفاق السلام.

الثاني: الفشل في تنفيذ اتفاق السلام؛ بسبب تعنُّت كير ومشار، وبالتالي قد يكون الحل في رحيلهما.

الثالث: اندلاع الحرب الأهلية مجددًا. 

ويمكن القول: إن ترجيح أيٍّ من هذه السيناريوهات يحتاج مزيدًا من الوقت، وربما علينا الانتظار أربعة أشهر على الأقل هي مدة التفويض الممنوح للقوات الإقليمية؛ لكي نستطيع القول في أي اتجاه "سيناريو" تسير سفينة البلاد.

نبذة عن الكاتب

مراجع
1- لمزيد من التفاصيل حول البعد الإثني أنظر د. بدر حسن شافعي، خارطة الصراع في جنوب السودان وسيناريوهات المستقبل، موقع البشير على النت نقلا عن مركز العربية للدراسات ، 1 يناير 2014 الرابط http://www.islamtoday.net/albasheer/artshow-13-194429.htm  )تاريخ الدخول 23 أغسطس 2016 (

2- منى عبد الفتاح جنوب السودان... توالي السقوط ، العربي الجديد"لندن" 6 يوليو 2016الرابط https://www.alaraby.co.uk/opinion/2016/7/5/%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-1#sthash.76nWYwzC.dpuf  )تاريخ الدخول 23 أغسطس 2016(

3- بدر حسن شافعي، مرجع سابق.

4- لمزيد من التفاصيل أنظر ، خالد حسن سملتو هل دخلت دولة جنوب السودان الوليدة مرحلة الانقلابات،موقع سودانيز أون لاين: الرابطhttp://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1387737761)تاريخ الدخول 23 أغسطس 2016(.

5 -Irit Back, IGAD1 and South Sudan: Success and Failure in Mediation , TEL AVIV NOTES ,( TEL AVIV: Moshe Dayan Center for Middle Eastern and African Studies (MDC), , Vol, 8, No. 23, 25 December, 2014,)PP,3-4
6 - حول هذه البنود وغيرها أنظر نص الاتفاقية
AGREEMENT ON THE RESOLUTION OF THE CONFLICT IN THE REPUBLIC OF SOUTH SUDAN ADDIS ABABA, ETHIOPIA 17 AUGUST 2015 , link http://www.smallarmssurveysudan.org/fileadmin/docs/documents/IGAD-Compromise-Agreement-Aug-2015.pdf  ( retrieved 23 AUG,2016)

7- الأمم المتحدة، قرار مجلس الأمن 1996 ، 8 يوليو 2011 ، وثيقة S/RES/1996

8- United Nations Mission in South Sudan link ( retrieved 23 AUG,2016)

9- جنوب السودان أمام خطر العودة إلى مربع الحرب ، العربي الجديد، 15 يوليو 2016 الرابط https://www.alaraby.co.uk/politics/2016/7/14/%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%AE%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B1%D8%A8%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8#sthash.WcX43clY.d6yKCU1K.dpuf ) تاريخ الدخول 23 أغسطس 2016(

10- مجلس الأمن يعتمد قرارا بشأن إنشاء قوة حماية إقليمية بجنوب السودان، مركز أنباء الأمم المتحدة "عربي" ، 12 أغسطس 2016 الرابط http://www.un.org/arabic/news/story.asp?newsID=26806#.V7yzQZh97IV  ، تاريخ الدخول 23 أغسطس 2016

11- حول هذا القرار أنظر 
WHAT IGAD LEADERS DECIDED ON SOUTH SUDAN, COMMUNIQUE OF THE ASSEMBLY OF HEADS OF STATE AND GOVERNMENT OF THE IGAD PLUS ON THE SITUATION IN SOUTH SUDAN, Aug 7, 2016 link http://watchdog.co.ug/what-igad-leaders-decided-on-south-sudan/  
( retrieved 23 AUG,2016)
12- حول هذه الإشكاليات أنظر
South Sudan: Keeping Faith with the IGAD Peace Process ,International Crisis Group, Africa Report No, 228, 27 July 2015, PP-I-II