من المتوقع أن تعرف غامبيا، في يوم 19 يناير/كانون الثاني 2017، حلحلة المشكلة السياسية التي عصفت بالبلاد منذ الإعلان عن فوز مرشح المعارضة آدما بارو، وما تلا ذلك من رفض الرئيس المنتهية ولايته، يحيى جامي، نتائج الاقتراع بعد إعلان اللجنة الوطنية للانتخابات عن بعض الاختلالات التي وقعت، والتي لا تغيِّر في حقيقة الأمر النتيجة العامة للانتخابات. وقد هبَّت دول غرب إفريقيا للوساطة من أجل التغلب على الأزمة بفريق يقوده الرئيس النيجيري محمدو بوهاري. ولعل الكثيرين يتمنون أن يتنحى جامي طواعية وهو ما قد يتأكد لتفادي إراقة الدماء المحتملة. إلا أن إغراء المنصب والخوف من الملاحقة القضائية والحفاظ على المصالح الشخصية قد تضطر جامي لمناورات. لكنْ مع وجود مزيج من التهديد والتنازل والعقوبات من قبل قادة غرب إفريقيا والمجتمع الدولي فإن جامي قد يقتنع بالتنحي طواعية. ولن يؤدي رفض جامي سوى لشيء واحد: التدخل الخارجي، وهو احتمال سيكون صعبًا على يحيى جامي وعلى البلد الذي حكمه 22 عامًا.
وقد توقع العديد من المراقبين أن يقول القضاء الغامبي كلمته الفصل في الموضوع، وأن يكون حكمًا بين المتنازعين، خصوصًا أن وساطة دول الإكواس تنحو إلى التصالح وإيجاد أرضية تفاهم بين الأطراف الغامبية. وقد لوحت السنغال وهي الدولة المحيطة بدولة غامبيا من جميع الجهات، ما عدا جهة واحد تطل منها غامبيا على المحيط الأطلسي، إلى تدخل عسكري، وهو سيناريو تم استبعاده.
كما أن قيام الجيش بانقلاب عسكري تحت ذريعة تصحيح المسار السياسي المتعثر احتمال يحيط به الكثير من الشكوك، وقد لا يكون هو الاحتمال الأبرز.
مقدمة
"إني لأنتهز هذه الفرصة لأُهَنِّئ السيد آدما بفوزه، إنه نصر واضح، أتمنى له وللشعب الغامبي عامة كل خير". بهذه العبارات بالضبط، اعترف الرئيس الغامبي، يحيى جامي (الذي أعلن ذات مرة أنه سيحكم مليون عام)، للسيد آدما أبارو، المرشح عن ائتلاف المعارضة، بهزيمته في الانتخابات التي جرت في الأول من ديسمبر/كانون الأول لعام 2016(1). بعد اعترافه المبدئي بالنتيجة، تراجع جامي لاحقًا زاعمًا أن هنالك خروقاتٍ جمة في العملية الانتخابية وحرَّر عريضة احتجاجية للمحكمة العليا. وقد تعهد بتمسكه بالسلطة رغم موجة التنديد المحلية والدولية والتهديد باحتمال الحسم العسكري. من جانبه تعهد السيد بارو بأنه سيضطلع بمهامه كرئيس في 19 من يناير/كانون الثاني 2017. باتت غامبيا الآن في ورطة سياسية قد تتحول إلى فوضى عارمة. ويحاول هذا التقرير البحث في الأزمة السياسية الحاصلة في غامبيا، كما يستقصي الواقع والعوامل التي أدت إلى تفجر ا?زمة وسياقاتها، ويعرض للتوجهات العامة الكفيلة بحلها؛ حيث يتناول كذلك السيناريوهات الخمسة المحتمل حدوثها في الأيام والأسابيع المقبلة.
انتخابات الأول من ديسمبر/كانون الأول تحت المجهر
منذ استيلائه على السلطة عشية انقلاب عسكري سنة 1994، ظل يحيى جامي يحصد الفوز الساحق تلو الآخر في الاقتراعات الأربعة الماضية. وفي الأول من ديسمبر/كانون الأول 2016، جرت انتخابات رئاسية في هذه الدولة غرب الإفريقية الصغيرة، غامبيا؛ حيث كان جامي مرشحًا عن التحالف من أجل إعادة التوجيه والبناء الوطني (APRC)، أما السيد آداما بارو فعن ائتلاف المعارضة في حين كان ماما كانديه عن الكونجرس الديمقراطي الغامبي (GDC).
وفي الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2017، أعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات عن النتائج الرسمية بتأكيد فوز السيد بارو بأصوات بلغت 263515 صوتًا (45.5%) وعن حصول جامي على 212099 صوتًا، أي نسبة 36%، بينما حاز ماما كانديه على 102969 من الأصوات أي نسبة 17.8%(2). وحتى قبل الإعلان عن النتائج النهائية، تحدث جامي بحماسة في اتصال متلفز، إلى السيد بارو، معترفًا بهزيمته، قائلًا: "اتصلت لأتمنى لكم كل التوفيق، لقد صرَّح الشعب الغامبي بموقفه"(3). توقفت فجأة الاحتفالات العارمة التي صاحبت الإعلان في البلد غرب الإفريقي الصغير، بعد أربعة أيام عند رفض جامي للانتخابات برمتها مُنِوِّهًا "بخروقات غير مقبولة" في الانتخابات. وفي نفس الوقت دعت منظمات محلية، وإقليمية ودولية، كالأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ومنظمة التعاون الإسلامي وكذا قوى غربية كالولايات المتحدة وفرنسا، يحيى جامي إلى قبول نتائج الاقتراع وضمان انتقال سلمي للسلطة إلى السيد بارو. كما هدد تحالف دول غرب إفريقيا (الإيكواس) باستخدام القوة إذا لم يتنحَّ جامي في الأجل المحدد بالتاسع عشر من يناير/كانون الثاني 2017. كما تقدم حزب التحالف من أجل إعادة التوجيه والبناء الوطني الحاكم بزعامة جامي مؤخرًا، بطعن لدى المحكمة العليا متحديًا نتائج الاقتراع. وقد أصرَّ جامي على انتظار حكم المحكمة قبل التنحي عن السلطة. كما وصف تهديد (الإيكواس) بأنه إعلان للحرب. وقد زادت هذه الوضعية من القلق حول ما يمكن أن يترتب على هذا التغير المفاجئ لجامي.
الأسباب المحتملة للأزمة السياسية
نتجت الأزمة السياسية الغامبية الحالية عن ثلاثة عوامل على الأقل، مترابطة فيما بينها، وهي: الخطأ التقني من قبل اللجنة المستقلة للانتخابات، والاستهزاء السياسي لقادة المعارضة، وثالثها: الهاجس الأمني للرئيس جامي.
الخطأ التقني: يعتبر ضعف عملية فرز وحساب نتائج الانتخابات العامل الرئيسي وراء الأزمة السياسية القائمة. فالجدير بالذكر أن اللجنة المستقلة للانتخابات كانت قد أعلنت في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2016، عن فوز السيد بارو بالانتخابات بنسبة 263515 من الأصوات. بينما قامت بإعلانين صادمين.
- أولًا: أن عدد الناخبين كان حقيقة أقل بنسبة 9.1% من العدد المعلن عنه سابقًا.
- ثانيًا: أنه كانت هناك أخطاء في عملية الحساب حيث إن أصواتًا حُسِبت لصالح بارو هي في الواقع لجامي.
بناء على ذلك فقد أجرت اللجنة جردًا جديدًا للنتائج أظهر أن بارو حاز 227708 أصوات، أي إن الخطأ كان بزيادة 35807 أصوات. وأظهرت أن نتيجة جامي التي هي 212099 صوتًا ينبغي أن تزيد بما قدْرُه 3612 صوتًا. وبهذا يتقلص فارق الأصوات من 51416 إلى 19212 صوتًا(4). عند هذا الإعلان شعر الرئيس المنتهية ولايته، يحيى جامي، وبعد تسلمه لمراجعة النتائج أن الانتخابات قد تم التلاعب بها؛ لذلك رفض النتائج وطالب بإعادة الاقتراع.
نصر سياسي أم مهزلة؟: عامل آخر ذو صلة بالأزمة ويتمثَّل في التصريحات المبكرة لقادة المعارضة، والتي كانت مليئة بالاستهزاء وضعف الحنكة السياسية. فبعد أن تملَّكتهم فرحة تنحي حاكم يوصف في الإعلام بالمستبد، بدأ بعض أعضاء تحالف المعارضة، بالتعليق على احتمال التحقيق في انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل حكم جامي، كما صرَّح بذلك جالو تامبا غانغ، وهو أحد قادة المعارضة السياسية، قائلًا: "سوف يُحاكَم (يقصد جامي)؛ لا أقول خلال سنة بل ربما في أقل من ذلك"(5). كما أبدت المعارضة نيتها في عودة غامبيا لعضوية محكمة الجنايات الدولية التي كان جامي قد جمَّد عضوية غامبيا بها. كما صرحت المعارضة بأن المتابعات المحتملة لنظام جامي ستكون على أساس اتهامات لقوات أمن الدولة بحملات تعذيب وقتل بعض الصحفيين ورموز المعارضة وشخصيات دينية. قد يكون التهديد بالمتابعة القضائية لنظام جامي تسبَّب بانزعاج في قطاعات عدة، خاصة بين تشكيلاته السياسية، وحلفائه من رجال الأعمال وبعض الشخصيات في هرم المؤسسة العسكرية. وفي ظل هذا التصعيد لم تُجْدِ الجهود المبذولة من طرف بعض قيادات المعارضة لطمأنة جامي على عدم ملاحقة نظامه شيئًا في تغيير الوضعية.
شك أم هاجس أمني؟: ومن الوارد أن يكون جامي قد علم بمخطط المعارضة هذا؛ حيث إن الشعور بعدم الأمان الذي صاحب هذه التهديدات كان قد تسرَّب إلى عصبة جامي العسكرية. وعندما اعترف جامي مبدئيًّا بالانتخابات، هنَّأ قائدُ الجيش، الجنرال عثمان باجي بدوره، بارو وأعلن الولاء له ليتراجع مع تراجع جامي. وفي الرابع من يناير/كانون الثاني 2017، أكد باجي مرة أخرى للرئيس المنتهية ولايته، جامي، دعم ومساندة القوات الغامبية المطلق له(6). ومن المتوقع أن يكون هاجس الملاحقة هو الذي أدى إلى تراجع جامي عن اعترافه بالنتائج.
آفاق حل الأزمة السياسية الغامبية
استقطب التطور الحاصل في الأزمة الأنظار داخل غامبيا وخارجها؛ حيث ظهرت ثلاثة تصورات حول كيفية حل الأزمة، وهي: تصور التدخل العسكري، وتصور يقوم على التنازل (الإقناع بالتنازل)، والتصور القانوني (القانون كفيصل).
- التصور التدخلي: يفضِّل أصحاب هذا التصور خيار التدخل الخارجي لتنحية جامي بالقوة من المنصب دون أي ضمانات تُعطَى له. يؤمن هذا التصور بشرعية اقتراع الأول من ديسمبر/كانون الأول 2016؛ "فالمسألة ليست قابلة للتفاوض، وآدما بارو يجب أن يُنصَّب في أسرع وقت ممكن"، على حدِّ تعبير الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند(7). ومرجعية هذا التصور أن التهديد أو الاستخدام الحالي للقوة أو العقوبات ضد جامي، بات أمرًا محوريًّا لإنهاء الأزمة السياسية.
- التنازل: يؤيد هذا التصور بناء اتفاق مع جامي لإقناعه بالتنازل ويُنحِّي التدخل العسكري كخيار أفضل؛ حيث يخشى من أن يتسبب أي تدخل كهذا في لجوء جامي ومؤيديه لحرب العصابات وحملات الإرهاب(8). فهو إذن تصور يرى الإقناع جوهريًّا من أجل حل سلمي للخلاف.
- التصور القانوني: يقوم هذا التصور على اللجوء إلى القانون كمرتكز لحل الأزمة معترفًا بسيادة غامبيا وإعطاء الأولوية لقانونها في حلحلة الأزمة؛ حيث أكد نائب رئيس مجلس الشيوخ، إكي أكورمادو أنه "إذا كانت القوانين والتشريعات الانتخابية تسمح بدور قضائي في حلحلة النزاع الانتخابي، فيجب السماح للمحكمة الدستورية الغامبية بالنطق في حل الأزمة"(9). وتنص المادة 49 من دستور 1997 والمادة 100 من قانون الانتخابات الغامبية على أن عريضة احتجاج انتخابية هي المسلك القانوني لأي نزاع انتخابي في البلد. ويخشى القائلون بهذا التصور من أن أي انتهاك للسيادة الغامبية بتدخل عسكري قد يفجِّر أزمات غير مسبوقة في شبه المنطقة.
وتُظهر هذه التصورات الثلاثة وجهات النظر المهمة والمتباينة حول الأزمة الحالية. كما تبين الطبيعة السياسية المعقدة للأزمة والسبل الكفيلة بحلحلتها.
الطريق أمام غامبيا
هناك احتمال كبير أن تنتج عن الأحداث الدائرة في غامبيا أزمة سياسية جدية. ولعل بعض السيناريوهات المختلفة قد تظهر في الأيام والأسابيع المقبلة، نظرًا لمصالح ومواقف الأطراف الرئيسية في الأزمة (انظر الجدول 1). وهذه السيناريوهات المقترحة هنا إنما هي تفصيل وتحليل لآفاق الحل التي عرضناها آنفا. وعلى الرغم من أن السيناريو الأنسب لحل الأزمة، لم يتضح بعد. إلا أن مؤشرات عدة لبعض هذه السيناريوهات بدأت تأخذ حيز التنفيذ.
السيناريو/رقم |
المحرِّكون |
التوصيف |
الصورة |
مستوى الاحتمال |
1 |
|
القبول بقرار المحكمة العليا حول النزاع الانتخابي من طرف الجانبين (جامي وبارو). |
تحكيم |
الأكثر احتمالًا |
2 |
|
خروج الرئيس جامي بالتفاوض مع فريق وساطة دول الإيكواس بقيادة الرئيس النيجيري محمدو بوهاري. |
وساطة |
احتمال كبير |
3 |
|
غزو عسكري لقوات الأكواس المتأهبة للتدخل وإزاحة الرئيس جامي من السلطة بالقوة. |
الغزو |
محتمل جدًّا |
4 |
|
أن يقوم عناصر من القوات الأمنية والعسكرية بانقلاب يُخرج جامي من السلطة. |
اغتصاب السلطة (الإطاحة).
|
مستبعد |
5 |
|
موت أحد أو كلا الفاعلين الأساسيين (جامي أو بارو) لأسباب طبيعية أو بالاغتيال. |
الإقصاء
|
محتمل |
السيناريو الأول: أول السيناريوهات المحتملة هو تحكيم القضاء. وهي الحالة التي تُصدر فيها المحكمة العليا الغامبية، وبموافقة مسبقة من الحزبين المتنافسين، حُكمًا على النزاع الانتخابي. والحكم إما أن يعلن فوز أحدهما أو أن يطلب إعادة الاقتراع. وهذا ما سيمكِّن من تفادي خرق القانون، إذا ما قرر الفاعلون الرئيسيون الخضوع لقرار المحكمة ودعوا مؤيديهم لاحترامه.
ورغم الخشية الكبيرة من نزاهة المحكمة، إذا علمنا أن جامي يتحكم في أغلب مؤسسات الدولة الغامبية، ففي 30 من ديسمبر/كانون الأول 2016 مثلًا، قام بتعيين ستة قضاة أجانب، في المحكمة للانضمام إلى القاضي الرئيس ولكي يتولوا البتَّ في شكواه(10). على الرغم من هذا كله، فإن المحكمة قد تتقدم بقرارها قبل 19 من يناير/كانون الثاني. إلا أن هذا قد لا يجلب السلام للبلد، خاصة إن كان (القرار) مُلغيًا لانتخابات الأول من ديسمبر/كانون الأول 2016.
السيناريو الثاني: السيناريو التالي هو أن تنجح الوساطة في احتواء الأزمة. فبعد رفض جامي للاقتراع، كلفت دول الإيكواس، الرئيس النيجيري محمدو بوهاري، ونظيره الغاني جون ماهاما، بالتوسط من أجل انتقال سلمي للسلطة. ومن المحتمل أن تركز جهود الوساطة على خلق محفزات وضمانات للرئيس جامي كي يتنحى، قد يكون ذلك مقابل حصانة. إلا أنه، وبالنظر إلى أهمية المؤسسة العسكرية والأمنية في ضمان انتقال سلمي، فإن مجال الوساطة قد يتسع ليشمل مصالح الجيش(11). وهنالك ضغوط مشتركة على جامي، من هيئات دولية ومن سفراء غامبيين (في الخدمة) ومن بعض المنظمات المجتمعية، قد تحمله على قبول حلٍّ توافقي للتخلي عن السلطة. إذا حدث أن امتنع جامي عن تسليم السلطة في 19 من يناير/كانون الثاني، فإنه قد يتعرض لعقوبات تزيد من عزلة بلده وتجبره على التفاوض. هذا السيناريو عالي التوقع ويحمل أكثر الوسائل لتحقيق السلم.
السيناريو الثالث: يتمثل في التدخل العسكري وذلك عندما تقرر "الإيكواس" نشر قواتها الاحتياطية لتنحية جامي. ورغم أن دول غرب إفريقيا لا يزالون يواصلون التفاوض فإنه تم اقتراح استخدام القوة العسكرية في البند الأول من القرارات السيادية، لرؤساء الدول والحكومات، المبرمة في 17 ديسمبر/كانون الأول. وكانت "الإيكواس" قد اختارت السنغال لقيادة أية عملية عسكرية. وقد أعلنت السنغال في وقت سابق أن التدخل العسكري هو الخيار الأخير. على أن هذا السيناريو محتمل جدًّا بالنظر إلى عناد جامي، وربما يشجِّع عليه ضمان مساندة قائد أركان الجيش الغامبي. وإن حدث وحصل هذا فإن جامي سوف يعوِّل على الألف عنصر الغامبية المسلحة لصد أي هجوم خارجي.
السيناريو الرابع: وهو المتعلق بالإطاحة (اغتصاب السلطة). وذلك في حالة قيام بعض العناصر الساخطة، داخل القوات المسلحة، بانقلاب للإطاحة بالرئيس جامي. على رغم من إحكام جامي قبضته على أجهزة الجيش والمخابرات والأمن، لا تزال هناك علامات للتذمر والإحساس بالتهميش العرقي، وهي عوامل قد توقد النار في الهشيم. وعلاقة جامي بالمجتمع الدولي لم تكن حميمية بسبب اتهامه بانتهاكات لحقوق الإنسان، وقمع المعارضة السياسية والعنف ضد مثليي الجنس. ومنذ توليه السلطة، أحبط جامي ثماني محاولات انقلابية، على الأقل، وآخر هذه المحاولات كانت في 2014 وكانت نهايتها حزينة(12). ومع ذلك يبقى سيناريو الإطاحة واردًا خاصة إذا لقي موافقة القوى الإقليمية والغربية.
السيناريو الخامس: وهناك سيناريو أخير قد يحدث وهو التصفية الجسدية. وهو يتوقف على موت أحد أو كلا الفاعلين الرئيسيين، ميتة طبيعية أو اغتيالًا. فالموت قد يأتي في أي وقت وحين ولأسباب مختلفة. وفي حال الموت الطبيعي لأي من الطرفين، قبيل 19 يناير/كانون الثاني 2017، فإن إمكانية الانتقال السلمي للسلطة مرتفعة جدًّا. أما إذا نتجت وفاة أي من الطرفين عن اغتيال سياسي، فإن ذلك قد ينهي الأزمة السياسية، لكن احتمال الوقوع في فخ الفوضى كبير جدًّا. وسيعتمد ذلك بشكل كبير على إدارة المرحلة الانتقالية، ودعم القوات المسلحة وعلى مستوى الإجماع النخبوي لغامبيا. ومما يجعل هذا السيناريو محتملًا، هو هاجس الموت المحتوم لأحد الطرفين.
خاتمة
مع اقتراب الموعد النهائي، وهو 19 من يناير/كانون الثاني، دونما نتائج تُذكر لوساطة فريق بوهاري فإن الكثيرين يتمنون أن يتنحى جامي لتفادي إراقة الدماء المحتملة. إلا أن إغراء المنصب والخوف من الملاحقة القضائية والحفاظ على المصالح الشخصية قد تضطر جامي للتمسك بالسلطة. لكنْ مع وجود مزيج من التهديد والتنازل والعقوبات من قبل قادة غرب إفريقيا والمجتمع الدولي، فإن جامي قد يقتنع بالتنحي طواعية. ولن يؤدي رفض جامي سوى لشيء واحد: التدخل الخارجي(13)، وهو احتمال سيكون صعبًا على يحيى جامي وعلى البلد الذي حكمه 22 عامًا.
1 – For this election, seven of the eight opposition parties formed a coalition and supported Adama Barrow
2 – BBC News, (2016) “Gambia's Jammeh loses to Adama Barrow in shock election result”, 2 December, http://www.bbc.com/news/world-africa-38183906 (accessed 6 December 2016)
3 – https://www.youtube.com/watch?v=vbUMGUCnCAY
4 – O. Lakemfa، (2016) “The Banana Peels of the Gambia”، Premium Times، 30 December، http://opinion.premiumtimesng.com/2016/12/30/banana-peels-gambia-owei-lakemfa/ (accessed 31 December 2016).
5 – R. Maclean، (2016) “The Gambia’s new rulers vow to prosecute outgoing President، The Guardian، 7 December، https://www.theguardian.com/world/2016/dec/07/the-gambias-new-rulers-vow-to-prosecute-outgoing-president (accessed 10 December 2016).
6 – . Bavier (2017) “Gambia army chief stands by embattled President Jammeh”، 4 January، http://af.reuters.com/article/topNews/idAFKBN14O1DR? (accessed 5 January 2017).
7 – AFP، (2016) “France urges Gambia’s Jammeh to accept election defeat”، 20 December، http://guardian.ng/news/france-urges-gambias-jammeh-to-accept-election-defeat/?F (accessed 31 December 2016).
9 – Vanguard، (2016) “Acknowledge that Gambia is a sovereign state، Ekweremadu warns”، 3 January 2017 http://www.vanguardngr.com/2017/01/acknowledge-gambia-sovereign-state-ekweremadu-warns/ (accessed 5 January 2017).
10 – The Nation، (2016). “Jammeh appoints six foreign judges to Supreme Court to hear his petition”، 30 December، http://thenationonlineng.net/jammeh-appoints-six-foreign-judges-supreme-court-hear-petition/ (accessed 5 January 2017).
11 - M. Dwyier، (2016) “Gambia: Why the army may be the key to getting Jammeh to step down”، African Argument، 16 December، http://africanarguments.org/2016/12/16/gambia-why-the-army-may-be-the-key-to-getting-jammeh-to-step-down/ (accessed 20 December 2016).
12 – S. Allison، (2015) “The Gambia coup didn’t just fail. It backfired”، The Guardian، 7 January، https://www.theguardian.com/world/2015/jan/07/gambia-failed-coup-encourage-president-jammeh (accessed 4 June 2015).
13 - S. Allison، (2015) “The Gambia coup didn’t just fail. It backfired”، The Guardian، 7 January، https://www.theguardian.com/world/2015/jan/07/gambia-failed-coup-encourage-president-jammeh (accessed 4 June 2015).