مقدمة
للمرة الثانية تبرز كينيا على الساحة الإفريقية كأحد النماذج التي يمكن الاقتداء بها في احترام القانون وأحكام القضاء بشقيه الوطني والدولي على حدٍّ سواء؛ ففي المرة الأولى مَثُل الرئيس "المنتخب"، أوهور كينياتا، أمام المحكمة الجنائية الدولية، عام 2014، بتهمة التحريض على أعمال عنف عقب انتخابات 2007؛ ليصبح أول رئيس إفريقي يمثُلُ أمام هذه المحكمة متخليًا عن فكرة الحصانة الرئاسية التي ربما استند إليها بعض نظرائه كالرئيس السوداني، عمر البشير، في عدم المثول أمام ذات المحكمة.
أما المرة الثانية، فهي امتثال كينياتا أيضًا لقرار المحكمة العليا في البلاد أوائل سبتمبر/أيلول 2017، بإلغاء نتيجة الانتخابات التي جرت في الثامن من أغسطس/آب وأسفرت عن فوزه بأغلبية مريحة "أكثر من 54%" على خصمه رايلا أودينغا 44%؛ وذلك رغم اعتراف العديد من المراقبين الأفارقة والأجانب بنزاهتها، فضلًا عن أن قرار المحكمة بالإلغاء لم يتهم حزبه "الحاكم" بتزويرها، وإنما اتهم اللجنة المستقلة للانتخابات والحدود the Independent Electoral and Boundaries Commission, (IEBC)التي أشرفت عليها بارتكاب بعض المخالفات القانونية والدستورية والإجرائية التي يترتب عليها إعادة الانتخابات.
هذا الحكم التاريخي الذي يُعدُّ الأول في إفريقيا، ولم يسبقه على مستوى العالم سوى أحكام مماثلة في النمسا وهايتي وأوكرانيا وصربيا وجزر المالديف يحمل مجموعة من الدلالات والإشكاليات، فضلًا عن طرحه تساؤلات حول السيناريوهات المتوقَّعة في ضوئه.
أولًا: دلالات إلغاء الانتخابات
هذا الإلغاء حمل مجموعة من الدلالات، لعل أهمها ما يلي:
- استقلال القضاء في مواجهة مؤسسات الدولة خاصة المؤسسة التنفيذية، وربما هذا يعود بالأساس إلى تعديلات الدستور عام 2010، والتي لعبت المعارضة دورًا مهمًّا في صياغتها خاصة ما يتعلق بتحقيق التوازن بين السلطات الثلاث الرئيسية خاصة القضائية في مواجهة السلطتين التشريعية والتنفيذية من ناحية، فضلًا عن إشراف البرلمان على بعض صلاحيات الرئيس مع الفصل بين السلطتين في إطار النظام الرئاسي على النمط الفرنسي والأميركي(1). ومن هنا، جاء قرار المحكمة على عكس مراد النظام الحاكم "تحالف اليوبيل الحاكم" (Jubilee Party) بزعامة كينياتا الذي ربما اتهم القضاء بأنه ضد السلطة التنفيذية.
- ولعل الدلالة الأخرى المرتبطة بالدلالة الأولى هي ثقة المعارضة في القضاء رغم تجاربها المريرة مع المحاكم في هذا الشأن، خاصة ما تعلَّق بانتخابات عامي 2007، و2013 اللتين خاضهما أودينغا ضد كل من كيباكي وكينياتا على التوالي، لكنه خسرهما، ولم تفلح دعاواه القضائية في إنصافه؛ حيث رفضت المحكمة في كلتيهما الادعاءات الخاصة به "في 2013، رفع أودينغا دعوى للتشكيك في نتيجة الانتخابات بحدوث خطأ إلكتروني في عملية فرز الأصوات وتقدم بطعن أمام المحكمة، لكن لم يصدر الحكم لصالحه". لذا كانت المعارضة أمام خيارين، إما اللجوء إلى المؤسسية والسلمية والقضاء من ناحية، أو اللجوء إلى التظاهرات والعنف من ناحية ثانية.
- الدلالة الثالثة مرتبطة بإيمان طرفي المعادلة السياسية "المعارضة والحكومة" بالنهج السلمي في عملية التغيير. ويبدو أن تجربة انتخابات 2007 المريرة كانت ماثلة في أذهان الجميع، لاسيما أن أعمال العنف أسفرت في حينها عن مقتل ما لا يقل عن 1100 شخص، مع إجبار حوالي 350 ألف شخص على الفرار من ديارهم. كما أن الاقتصاد شهد انخفاضًا ملحوظًا مع تراجع معدل النمو إلى 1.7% في عام 2008 مقابل 7.1% في العام الذي قبله. ويلاحظ أن هذه الذكرى الأليمة وما تمخض عنها من اتفاق سياسي بشأن المشاركة في الحكم عام 2008-2013 أسهمت في تقليل، بل وتراجع فكرة العنف بصفة عامة، وذلك في انتخابات 2013 الماضية، والانتخابات الأخيرة. فبالرغم من اعتراض أودينغا على النتيجة، إلا أنه أعلن أنه لن يلجأ إلى العنف، ودعا أنصاره إلى ذلك، وإن كان هذا لم يمنع من وقوع بعض الأحداث الفردية؛ حيث قال أودينغا لـ"سي إن إن": "لا نريد أن نرى أي عنف في كينيا؛ لأننا نعرف عواقب ما حدث في عام 2008، ولا نريد أن يتكرر ذلك....لا أتحكم في أي شخص، ما يحدث هو أن الناس يريدون فقط رؤية العدالة، ونأمل أيضًا ألا تستخدم قوات الأمن القوة المفرطة"(2). وفي المقابل، فإن نظام كينياتا يخشى من إعادة اتهامه بالتحريض على العنف في البلاد. وربما هذا ما يميز التجربة الكينية ويمكن أن يجعلها نموذجًا يمكن الاحتذاء به في أماكن أخرى؛ حيث السعي لتسوية الأمور بطرق سلمية بدلًا من اللجوء إلى العنف الذي قد يؤدي إلى استمرار حالة الفوضى، فضلًا عن بقاء النظام الحاكم وما قد يعتريه من فساد واستبداد نظرًا لهيمنته على وسائل البطش والقوة في البلاد "الشرطة والجيش"، مقابل إدانات إقليمية ودولية قد ترقى لتوجيه اتهامات له بانتهاك حقوق الإنسان.
- الدلالة الرابعة: وهي ذات مضمون سلبي تتعلق بالإشراف على القضاء ومدى نزاهة الانتخابات؛ فهذه الانتخابات كسابقتها وغيرها، خضعت لإشراف إفريقي وأوروبي وأميركي؛ حيث شارك في الإشراف عليها أكثر من 400 مراقب، وفي مقدمتهم بعثة الاتحاد الإفريقي برئاسة رئيس جنوب إفريقيا السابق، تابو مبيكي، الذي أشاد بنزاهتها في جميع مراحلها وأنها تمت وفق معايير الاتحاد "يمكننا القول: إن العملية الانتخابية وفق مراقبتنا مراحلها بدءًا من التصويت ومراقبة فرز الأصوات في مراكز الاقتراع ونقلها إلى اللجنة المستقلة للانتخابات وغيرها من المراحل، يمكننا القول: إنها جرت وفق معايير الاتحاد الإفريقي للانتخابات الديمقراطية"، كما أكد وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، الذي يقود بعثة مراقبة "مركز كارتر للانتخابات"، على سلامة العملية الإلكترونية للانتخابات. كما أشار رئيس بعثة الكومنولث لمراقبة الانتخابات والرئيس السابق لغانا، جون ماهاما، إلى أنه لا يوجد سبب للشك في قدرة اللجنة الانتخابية على تقديم انتخابات ذات مصداقية (3).
ومع ذلك، جاء حكم المحكمة بالطعن في الانتخابات ليحرج هذه المنظمات ويطعن في شهادتها، فهي إما غير حقيقية نتيجة غياب الكثير من المعلومات عنها، وإما أنها، وفق وجهة نظر أخرى، مسيَّسة تستهدف فوز كينياتا باعتباره عنصر الاستقرار في البلاد، لذا تجاهلت تقارير المجتمع المدني حول وجود انتهاكات صارخة يجب الالتفات إليها (4).
ثانيًا: إشكاليات إلغاء الانتخابات
أما إذا انتقلنا إلى الجزئية الخاصة بالإشكاليات التي ترتبت على هذا الحكم، فيمكن القول بأنها متعددة وتتراوح ما بين إشكاليات لوجيستية من ناحية، وقانونية من ناحية ثانية، وسياسية وتاريخية من ناحية ثالثة:
1- الإشكاليات اللوجيستية، وهي ثلاث أساسية ربما تلقي بظلالها على الانتخابات القادمة ما لم يتم حسمها خلال الفترة القليلة القادمة، أولها يتعلق بعملية تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات المكوَّنة من سبعة أشخاص من ناحية، وثانيها يتعلق بآلية عملية التصويت والانتقال من التصويت الورقي إلى التصويت الإلكتروني للمرة الأولى من ناحية ثانية، وثالثها إشكالية إعلان النتيجة في المراكز الفرعية وليس في اللجنة المركزية.
ففيما يتعلق بتشكيل اللجنة، كان يفترض أن يتم تشكيلها قبل عامين من الانتخابات كحد أدنى حتى تستطيع الترتيب للعملية الانتخابية ككل، ونظام التصويت الإلكتروني الجديد غير المعتاد، ومع ذلك لم يستجب النظام لمطالب المعارضة بتغيير اللجنة التي أشرفت على انتخابات 2013 إلا نهاية العام الماضي؛ وفوق ذلك تأخَّر تشكيل اللجنة الجديدة كثيرًا وأُلقي اللوم على البرلمان، وعلى السلطة التنفيذية، وكذلك الارتباك داخل الفريق الذي تم اختياره لمقابلة المفوضين الجدد. وقد باتت اللجنة التي تشكَّلت قبل الانتخابات بسبعة أشهر فقط تواجه صعوبات طويلة في إجراء انتخابات ذات مصداقية؛ ومن ثَمَّ وقعت في أخطاء أسهمت في إلغائها، وربما يصعب تجاوز هذا الخطأ بسبب المدى الدستوري المحدد لإعادة الانتخابات "60 يومًا"، وصعوبة تغيير أعضاء اللجنة كما تطالب المعارضة خشية إطالة أمدها عن المدة الدستورية من ناحية ثانية.
أما بالنسبة لإمكانية الجمع بين التصويت الورقي والتصويت الإلكتروني، فقد وافق البرلمان، في ديسمبر/كانون الأول 2016، على قانون بشأن اعتماد التصويت اليدوي كبديل في حال تعطل البديل الإلكتروني، كما حدث في حالات مماثلة كانتخابات غانا 2012، وانتخابات نيجيريا. وبالرغم من وجاهة هذا التعديل، إلا أنه قوبل بجدل قانوني من ناحية واعتراض شديد من المعارضة على اعتبار أنه لم يحظ باستشارات كافية داخل البرلمان (5). وربما كان عدم الخبرة الكافية للجنة بهذا الإجراء، أو التدريب الكافي للقائمين على العملية الانتخابية، سببًا في حدوث خطأ، أو ربما اختراق لأحد حسابات أعضاء اللجنة، مما أدى إلى إعلان بعض النتائج على خلاف الحقيقة، ويُخشى من تكرار الأمر مرة أخرى بسبب ضيق الوقت.
وبالنسبة لإشكالية إعلان النتيجة في المراكز الفرعية، فبالرغم من أنه كان أحد مطالب المعارضة التي تم الأخذ بها، إلا أن اللجنة بسبب حداثة تشكيلها، وصعوبة عملية اللامركزية، طالبت بالعودة للنظام المركزي في إعلان النتيجة. لذا، تقدمت بطلب إلى المحكمة في أبريل/نيسان 2017 لإلغاء هذا النظام، لكن طلبها قوبل بالرفض (6)؛ مما زاد الشكوك في نواياها من ناحية، ويجعل هناك احتمالية لحدوث خطأ مرة أخرى في عملية جمع الأصوات من ناحية ثانية.
2- الإشكاليات القانونية: وهي المتعلقة بقرار المحكمة، فرغم أنه اتهم اللجنة بالمسؤولية عن الخطأ في إعلان النتيجة، إلا أنه لم يطالب بتغييرها، بل كلَّفها بإعادة الانتخابات من جديد خلال 60 يومًا. وربما هذا ما دعا التحالف الوطني المميز المعارض "ناسا" the National Super Alliance (Nasa) للمطالبة بإقالة أعضائها وتهديد أودينغا بعدم خوض الانتخابات من جديد حال بقاء هؤلاء الأعضاء في مناصبهم، كما اقترح حلًّا وسطًا، ألا وهو اختيار أعضاء برلمانيين من كلا الجانبين، يقومون بتعيين أعضاء اللجنة التي ستُجري الانتخابات الجديدة (7). لكن هذا الاقتراح يواجَه بعقوبات دستورية ولوجيستية أيضًا لاسيما في ظل عدم وجود المؤسسات المنوط بها اختيار أعضاء هذه اللجنة، فالبرلمان المنوط به عملية التعيين يحتاج إلى تصديق الرئيس على عملية الاختيار. لذا، وبحسب خبراء قانونيين، فإن هذا الحكم يضع البلاد على مفترق طرق؛ لأن أي تمديد للوقت أكثر من 60 يومًا، سيُعدُّ غير دستوري، وسيتطلب تشكيل حكومة مؤقتة لإدارة شؤون البلاد لحين الانتهاء من تشكيل اللجنة الجديدة. وبالتالي، كان البديل هو قيام رئيس اللجنة ذاته بإدخال بعض التعديلات عليها؛ حيث أعلنت اللجنة أنها ستُجري تغييرًا في أعضائها استعدادًا للانتخابات الجديدة.
3- الإشكاليات السياسية والتاريخية: وهي المرتبطة بتاريخ كلا الرجلين؛ ففضلًا عن كونهما نجلي أول رئيس للبلاد، جومو كينياتا، وأول نائب له، ياراموجي أودينغا، فضلًا عن خوضهما منافسة شرسة في انتخابات 2013، إلا أن كليهما يخشى الخسارة، فكينياتا "55 عامًا" لا يرغب في أن يصبح أول رئيس يفشل في إعادة انتخابه، وفي المقابل فإن أودينغا "72 عامًا"، والذي خاض العديد من الانتخابات السابقة "2007، 2013"، يخشى ألا تتاح له الفرصة ثانية بعام 2022 بسبب العمر ومن ثم فهو يرى نفسه الأحق بالرئاسة لاسيما أن الكثيرين يرون فيه ممثِّلًا للفئات المهمَّشة في البلاد.
ثالثًا: السيناريوهات المستقبلية
وإزاء هذه الإشكاليات، يبقى الحديث عن السيناريوهات المتوقعة. وهنا، يمكن القول بأننا أمام ثلاثة سيناريوهات محتملة:
الأول: إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2017، مع مقاطعة المعارضة لها بسبب عدم الاستجابة لمطلبها الخاص بتغيير أعضاء لجنة الانتخابات. لكن لا شك أن هذا الإصرار ربما يقابَل برفض إقليمي ودولي من ناحية، فضلًا عن احتمال حدوث قلاقل وعودة للعنف من ناحية ثانية.
الثاني: تأجيل الانتخابات لحين الاتفاق على تشكيل جديد للجنة الانتخابية، مع إمكانية تشكيل حكومة انتقالية تدير شؤون البلاد لحين إجرائها. لكن هذا القرار ربما يصطدم بعقبات قانونية ودستورية، إلا إذا خضعت الأمور لاتفاق سياسي بين الجانبين.
الثالث: إجراء الانتخابات في موعدها بمشاركة المعارضة، مع مزيد من الإشراف الدولي عليها، واقتناع المعارضة بجدوى التعديلات التي أدخلها رئيس اللجنة من ناحية ثانية. وربما يتم ذلك نتيجة قناعات داخلية من كلا الجانبين لعدم تكرار نموذج 2007 من ناحية، ونتيجة لجهود الوساطة التي تلعبها القيادات السياسية والدينية من ناحية ثانية، أو ربما نتيجة ضغوط خارجية تصب في هذا الاتجاه أيضًا كما جرى عقب أحداث 2007، عندما قامت الولايات المتحدة بإرسال مساعِدة وزيرة الخارجية للشؤون الإفريقية من أجل التنسيق لإيجاد حل حيث وضعت أمام كل من كيباكي وأودينغا ثلاثة خيارات، هي: إعادة الانتخابات، أو إعادة فرز الأصوات، أو اتفاقية تقسيم السلطة بينهما(8).
__________________________________
بدر حسن شافعي- خبير الشؤون الإفريقية، جامعة القاهرة
Mutiga, Murithi, “Essential Guide to Kenya’s High Stakes Election on 8 August”, International Crisis Group, 1 August 2017, (Visited on 15 September 2018):
2 - نجم الدين، عبد الحكيم، "انتخابات كينيا: فوز "كينياتا" بولاية جديدة.. والتحديات المقبلة"، قراءات إفريقية، 13 أغسطس/آب 2017، )تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2017):
3 - حول هذه التصريحات، انظر: عبد الحليم، أميرة، "الانتخابات الرئاسية الكينية... استمرار الأزمة السياسية"، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، 16 أغسطس/آب 2017، )تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2017):
http://acpss.ahram.org.eg/News/16373.aspx
4 - أبو الفضل، محمد، "درس انتخابات الرئاسة الكينية، العرب، 4 سبتمبر/أيلول 2017، )تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2017): goo.gl/6e1nxm
5 – Murithi, Mutiga, “Essential Guide to Kenya’s High Stakes Election on 8 August”, Ibid.
6 - Raji, Rafiq, “Ethnic politics and the 2017 Kenyan elections”, business day online, September 2017, (Visited on 15 September 2018):
https://www.businessdayonline.com/ethnic-politics-2017-kenyan-elections…
7 - Openda, Joseph, “The Crisis that May Force another Coalition in Kenya”, The Daily Nation ", Kenya", 4 September 21017, (Visited on 15 September 2018):
8 - أشرف أحمد محمد شلبي، إيمان، "تقاسم السلطة في كينيا وأثره على عملية التحول الديمقراطي"، المركز الديمقراطي العربي، د.ت، )تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2017):
http://democraticac.de/?p=26113