مقدمة
منذ انفجار الأزمة مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر، فجر الرابع والعشرين من مايو/أيار 2017، اختارت دولة قطرالمواجهة بالقوة الناعمة. وإن كانت الدول الأربع قد خططت لتفجير الأزمة تحت جنح الظلام بأسلوب "الترويع والصدمة" الأميركي لإرباك دوائر الحكم في الدوحة، فإن قطر تمكنت من امتصاص "الهجمة" وإن تفاجأت بتوقيتها وأسلوبها، والذرائع التي تجاوزت حدود الخلاف السياسي الرسمي، وخرقت كل الخطوط الحمراء حتى وصلت إلى فرض حصار على دولة قطر وسكانها. وبالمتابعة الدقيقة لمجريات الأزمة الأخيرة، وملاحظة أداء الدبلوماسية القطرية وردة فعلها إزاء التطورات والمنعطفات التي مرت بها الأزمة منذ اللحظات الأولى، يمكن الوقوف على عوامل عدة تفسر الأداء القطري، ومن أبرز هذه العوامل: قوة "السمة الوطنية" (Nation Brand) القطرية التي انخرطت قطر في بنائها خلال العقدين الماضيين، وتَعاضُد ترسانة "القوة الناعمة" مع الدبلوماسية التقليدية في مواجهة الأزمة.
مراحل وشروط بناء السمة الوطنية
مثل كل الدول الصغيرة ذات الجغرافيا المحدودة والديمغرافيا القليلة، لجأت دولة قطر منذ سنوات إلى تبني استراتيجيات خاصة لحماية كيانها السياسي وسيادتها الوطنية، من قبيل تبني استراتيجية حُسن الجوار، واستراتيجية التحالفات الإقليمية والدولية(1)، إلى جانب استراتيجية تكوين "سمة وطنية" (Nation Brand) لبناء مكانة فريدة عالميًّا تعزِّز الشرعية السياسية للدولة، وتُبرز قيمة الدولة وفائدتها للعالم(2). وحسب هنريكسون (2005)، هناك نوعان من الاستراتيجيات التي توظفها الدول الصغيرة في كثير من الأحيان كوسيلة لكسب المزيد من التأييد في الساحة الدولية: الدبلوماسية العامة و"السمة الوطنية"(3). وتتوافق الاستراتيجيتان من حيث إنهما مبنيتان على التخصص. فالأمة تبني "سمتها الوطنية"، والدبلوماسية العامة تحمل هذه السمة للعالم. وفي حالة دولة صغيرة مثل قطر، توظف الدبلوماسية العامة وقنواتها، و"السمة الوطنية" وعناصرها كأدوات استراتيجية، أولًا: لتحقيق التواجد في الساحة الدولية، وثانيًا: لإنشاء "منظومة دفاعية ناعمة" في حال تعرضت البلاد لأي تهديد أو خطر(4).
والنموذج الذي تقدمه قطر على مستوى الدبلوماسية العامة عبر النشاط "الناعم" في المجتمع العالمي، يتمثل في تبني "دور الوسيط" في الصراعات الإقليمية، ثم جني ثمار هذا الدور وتحويله لمكاسب دبلوماسية تعزز دورها في الإقليم الحافل بالاضطرابات(5).
يعتبر مفهوم "توسيم الأمة" أوروبي الجذور، يرتبط بشكل أساسي بالبريطانيين: سايمون أنهولت، وزميله وولي أولينز(6). ومنذ مطلع القرن الحالي أصبح مفهوم "توسيم الأمة" متلازمًا مع مفهوم "العولمة"؛ إذ باتت عملية "توسيم الأمة" أسلوبًا أو نهجًا مهمًّا في تكوين وتحسين قيم التنمية الوطنية، وفي تحسين مستوى حياة الأفراد، وتحسين شروط تنافسية الدولة في الأسواق العالمية(7). ويرى جوزيف ناي (2004) أن هذه النظرة دفعت دولًا كثيرة لوضع عملية "توسيم الأمة" في سياق استراتيجيتها السياسية، على أساس أنها أداة من أدوات القوة الناعمة(8)، وبرز ذلك بشكل جلي مع انتهاء الحرب الباردة، وتفكيك عالم القطبين، وتوجُّه السياسة العالمية إلى استبدال أدوات تتناسب مع مفاهيم العالم الحر والأسواق المفتوحة والتنافسية بصراع توازن القوى التقليدي(9). والواقع، أن انتهاء الحرب الباردة وانتقال المجتمع الدولي إلى حالة العولمة أسهما في تطور مفهوم توسيم الأمة وتطبيقاته. فمن جهة، سعت الدول الوليدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي إلى بناء "سمات وطنية" جديدة تترجم استقلالها وتعززه، وتحجز لها مكانة على الساحة الدولية. ومن جهة أخرى، أفرز الواقع الدولي الجديد صورًا جديدة للاختلافات الاقتصادية وغير الاقتصادية بين الأمم، وقد تعمقت هذه الاختلافات في كثير من الحالات، وأفرزت صراعات سياسية وثقافية واجتماعية، هددت استقلال واستقرار شعوب وأمم عدة(10). من هنا، وجدت دول كثيرة أهمية للسمة الوطنية في حماية هويتها وكيانها وتعزيز عناصر قوتها الناعمة، ورأت فيها الدول القوية قيمة مضافة لتعزيز قدراتها التنافسية وتدعيم نفوذها السياسي(11). وبصفة عامة تسعى الدول لتكوين سمة وطنية إما لغاية "إعادة تشكيل الهويات الوطنية"، وهذا ينطبق على دول أوروبا الشرقية والدول التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي السابق، أو "حماية كيانها السياسي"؛ وهذا ينطبق على الدول الصغيرة مثل دولة قطر، أو "تعزيز القدرات التنافسية للبلاد"، وهذا ينطبق على الدول الناشئة مثل الهند والبرازيل وكوريا الجنوبية، أو "تعزيز المصالح الاقتصادية والسياسية في الداخل والخارج"، ومثال ذلك الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، أو "تغيير صورة الأمة أو تحسينها أو تعزيزها"، ومثال ذلك جنوب إفريقيا(12).
مثَّلت الحالة القطرية نموذجًا نادرًا في المنطقة العربية من حيث التطبيق العملي، بل والحرفي، لنظرية "توسيم الأمة" ومبادئ عملية التوسيم النموذجية وشروطها وظروفها. فقد كانت البداية في عام 2008، عندما صادقت الدولة على "رؤية قطر 2030"؛ إذ باتت عملية "توسيم الأمة" أسلوبًا أو نهجًا مهمًّا في تكوين وتحسين قيم التنمية الوطنية، وفي تحسين مستوى حياة الأفراد، وتحسين شروط تنافسية الدولة في الأسواق العالمية. وقد رسمت الرؤية أهداف قطر في شتى الميادين والمستويات على الشكل التالي:
- التطوير المستمر للبنية التحتية، بحيث تكون ذات مستوى عالمي، وتضمن بقاء قطر وجهة مفضلة للزوار والمستثمرين من المنطقة والعالم كله.
- تعزيز النظام التعليمي وتحسين نوعية خدمات الرعاية الصحية في البلاد، وجعلها في متناول الجميع.
- توفير نمط عيش مزدهر لجميع القطريين، وإتاحة الفرص إلى من هم الأكثر حاجة إليها، كالنساء، أو ذوي الإمكانات المادية المحدودة، أو الشباب الذين يستلزم تمكينهم من أداء دور فاعل في بلدهم، دعم حكومتهم ومؤسساتهم الحكومية والقطاع الخاص.
- تعزيز مشاركة القطريين في قوة العمل في البلاد، من خلال توفير الأدوات والفرص للمواطنين للمساهمة في اقتصاد البلاد والحصول على وظائف مجزية.
- صون الثقافة القطرية ودعمها، لجهة تشجيع الطابع المتسامح للمجتمع القطري، وتبنيه القيم الإسلامية المتمثلة في العدالة والتضامن الاجتماعي وعمل الخير، إضافة إلى دعم العادات والتقاليد المتوارثة. والأهمية التي توليها استراتيجية التنمية الوطنية للحفاظ على الثقافة القطرية، تنسحب أيضًا على صون الطابع المعماري القطري، ونمط العيش القطري التقليدي(13).
وتعكس التجربة القطرية، المتمثلة في الرؤية الوطنية، ترجمة حرفية لشروط بناء "السمة الوطنية" التي تُبنى عبر عملية "توسيم" تمر بمراحل متلاحقة ومتراكمة، لا يُسمح فيها بالتجاوز أو القفز أو الخلط. كما أنها مراحل متكاملة ومتوافقة لا يسمح فيها بالتناقض أو التنافر(14)، وهذه المراحل هي:
أولًا: توفر الإرادة السياسية العليا: تؤكد الدراسات أن المسؤولية الأولى في عملية "توسيم الأمة" تقع على عاتق رأس الهرم في الدولة. ويجب أن يكون صاحب القرار الأول في الدولة، المبادر الأول لتبني استراتيجية "التوسيم الوطنية".
ثانيًا: استجابة والتزام السلطتين، التنفيذية والتشريعية، والتأكد من أن جميع الأجهزة والمؤسسات الحكومية والتشريعية تتصرف بشكل منسجم ومتوافق ومنطقي.
ثالثًا: وضع الرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى (المستدامة) والشاملة.
رابعًا: ضمان المشاركة الجماعية لكل مكونات الأمة، من قبيل المجموعات المهنية، والنشطاء المدنيين، والمنظمات الأهلية أو غير الحكومية، والسياسيين، والأحزاب السياسية، والمؤسسات الإعلامية، والقطاع الخاص، والأكاديميين والجامعات، ورجال الدين.
خامسًا: تهيئة الموارد والبنى اللازمة للعناصر المتفاعلة في عملية تكوين "السمة الوطنية": ويشمل هذا تأسيس الإدارات والهيئات الحكومية الضرورية، وتكوين وتدريب الكادر البشري اللازم، ومساعدة القطاع الخاص، والمجتمع المدني على إطلاق المبادرات المناسبة وامتلاك آليات العمل المتخصصة.
سادسًا: إطلاق حملات وطنية توعوية للتعريف باستراتيجية "السمة الوطنية"، وشرح عملية تكوين "السمة الوطنية" وأبعادها ومكوناتها... إلخ، والـتأكيد على المسؤولية الوطنية لكل مؤسسة وفرد، وإبراز المصلحة والفائدة التي ستتحقق لمؤسسات الأمة وأفرادها(15).
وقد لخص رئيس الوزراء القطري، وزير الخارجية الأسبق، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، في كلمة ألقاها خلال ندوة حول "الاستراتيجية الوطنية لدولة قطر"، عُقدت في الدوحة يومي 28 و29 أكتوبر/تشرين الأول 2008، التطبيق العملي لعملية توسيم الأمة، بقوله: "إن تحقيق الرؤية الوطنية، مسؤولية جماعية، تحفزها وتقودها الدولة، ويشارك فيها القطاع الخاص والمجتمع المدني ورجال الفكر والعلم ... إننا جميعًا على كافة المستويات ملتزمون بصياغة الاستراتيجية الوطنية وبتنفيذها"(16).
بناء ترسانة القوة الناعمة
لأجل حماية استقلالها الوطني، والحفاظ على سيادتها السياسية، وظَّفت قطر الدبلوماسية العامة وقنواتها، والسمة الوطنية وعناصرها، كأدواتٍ استراتيجية لتحقيق الحضور في الساحة الدولية، وإنشاء "منظومة ردع دفاعية" ناعمة. ويقصد بـالقوة الناعمة "توظيف أدوات الإقناع والاستمالة والابتعاد عن أساليب الضغط والترهيب في إدارة العلاقات الدولية؛ كأدوات الدبلوماسية العامة، وتوظيف الأبعاد الثقافية والتعليمية والإبداعية، أو توظيف المعونات الاقتصادية والمنح الدراسية في إدارة العلاقات الخارجية"(17). والقوة الناعمة أو اللينة بمفهومها المعاصر هي اصطلاح يُنسَب إلى جوزيف ناي، رئيس مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي الأسبق، ومساعد وزير الدفاع في عهد إدارة بيل كلينتون، والمحاضر في جامعة هارفارد، وهو يُعرِّف القوة الناعمة بأنها: "الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلًا من الإرغام أو دفع الأموال". وفي عام 1990، عرَّف ناي القوة الناعمة بتوسع بقوله: "القوة الناعمة في جوهرها قدرة أمة معينة على التأثير في أمم أخرى، وتوجيه خياراتها العامة، وذلك استنادًا إلى جاذبية نظامها الاجتماعي والثقافي، ومنظومة قيمها ومؤسساتها، بدل الاعتماد على الإكراه أو التهديد. هذه الجاذبية يمكن نشرها عبر: الثقافة الشعبية، والدبلوماسية الخاصة والعامة، والمنظمات الدولية، ومجمل الشركات والمؤسسات التجارية العاملة"(18).
وبتبنِّيها هذا النموذج في بناء القوة الناعمة، نوَّعت قطر قنوات الدبلوماسية العامة، وأدوات القوة الناعمة، ووزعتها على واجهات عدة، في إطار عملي منسجم، يترجم كل الأهداف التي وردت في رؤية قطر 2030.
الواجهة الدبلوماسية: يتمَثَّل النموذج الذي تقدمه قطر على مستوى الدبلوماسية العامة عبر النشاط "الناعم" في العالم، في تبني "دور الوسيط" في الصراعات الإقليمية، ثم جني ثمار هذا الدور وتحويله إلى مكاسب دبلوماسية تعزز دور قطر في الإقليم الحافل بالاضطرابات. ومن خلال اضطلاع الدوحة بمهمة الوساطة، برز دورها على الساحة الدولية، وبات لجهدها الدبلوماسي مساحة تفوق حجمها الجغرافي والديمغرافي. ويمكن فهم دور الدبلوماسية العامة القطرية، بالنظر إلى حرص قطر على توسيع دائرة نفوذها وزيادة الوعي الخارجي بأهميتها. وإجمالًا يمكن القول: إن هذه الدبلوماسية تنطلق من الثوابت التالية(19):
- احترام حقوق سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتجنب سياسة المحاور.
- التزام قواعد الشرعية الدولية، ومواكبة المستجدات والتطورات العالمية أو التكيف معها.
- تبني فلسفة "الدبلوماسية الواقعية" مع تقبـل تبـعات الإسهام في تحقيق السـلام ورفض الاحتـكام إلى القـوة في فض المنازعات.
وفي هذا السياق، سعت قطر لتعزيز دورها على الساحة الدولية من خلال تطوير مكانتها بصفتها مركزًا لاستضافة أحداث دولية كبيرة وبارزة، والمشاركة بدور ريادي في المؤسسات الدولية؛ بحيث تبوأت، في عام 1995، رئاسة القمة العالمية للتنمية الاجتماعية في كوبنهاجن. وفي عام 2001، فازت قطر بأحد المقاعد الأربعة المخصصة للقارة الآسيوية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، ونجحت في العام ذاته في استضافة مؤتمر منظمة التجارة العالمية، كما استضافت في عام 2005 القمة الثانية لمجموعة الـ77.
الواجهة الإعلامية: شكَّلت شبكة الجزيرة الفضائية منذ انطلاقها، في عام 1996، حالة فريدة في الفضاء الإعلامي العربي(20). وقد ارتبط اسم "الجزيرة" بدولة قطر، بحكم أن الشبكة تتخذ من الدوحة مقرًّا رئيسيًّا لنشاطها الإعلامي. ولم يقتصر حضور شبكة الجزيرة على الهواء وشاشات المشاهدين فقط، بل تجاوز ذلك، عندما انتقلت الجزيرة من مجرد قناة إعلامية ناقلة للأخبار والأحداث إلى صانع، أو على الأقل مشارك في صناعة الأحداث. وخلال سنوات قليلة، باتت هذه الشبكة تتبوأ مكانة لا تقل أهمية عن شبكات "سي إن إن"، أو "سكاي"، أو "بي بي سي" العالمية. وتزايد نفوذ هذه العلامة التجارية والشبكة الإعلامية بعد إطلاق قناة الجزيرة الإنجليزية، وقنوات الجزيرة الرياضية (تعرف الآن بقنوات BeIN SPORTS)، والجزيرة أطفال، والجزيرة مباشر، والجزيرة الوثائقية. إضافة إلى ذلك، وسَّعت الجزيرة من نطاق أنشطتها، فلم تعد كأية قناة تليفزيونية تقليدية، بل أوجدت لنفسها أذرعًا طويلة ومؤثرة؛ من قبيل المهرجانات السنوية، ومعهد الجزيرة للإعلام، ومركز الجزيرة لحقوق الإنسان، ومركز الجزيرة للدراسات، والجزيرة نت، والجزيرة بلس (AJ )... وغيرها. وباتت شبكة الجزيرة التليفزيونية ومؤسساتها أداة مهمة في ترسانة "القوة الناعمة" للدفاع عن وجود الدولة القطرية في مواجهة القوى الكبرى المتصارعة في منطقة الخليج(21).
وكشفت صحيفة "ذا غارديان"، البريطانية، ضمن وثائق دبلوماسية أميركية نشرها موقع "ويكيليكس"، أن الولايات المتحدة تعتقد أن قطر تستخدم قناة الجزيرة كورقة مساومة في مفاوضات السياسة الخارجية للمساعدة في دفع جدول أعمالها على المسرح الدولي. ونقلت الصحيفة عن برقية سرية من السفير الأميركي في قطر جوزيف لوبارون: "إن قدرة قناة الجزيرة على التأثير في الرأي العام في جميع أنحاء المنطقة هي مصدر كبير للنفوذ بالنسبة لقطر، كما أنها تُستخدم لتحسين العلاقات مع الدول الأخرى. وعلى سبيل المثال، سهَّلت تغطية الجزيرة الإيجابية لنشاطات العائلة الملكية السعودية المصالحة بين الدوحة والرياض خلال العام 2007، ولا تزال تُعتبر واحدة من الأدوات السياسية والدبلوماسية الأكثر فعالية بيد الحكومة القطرية"(22).
الواجهة الاقتصادية: لم تغفل قطر أهمية توجيه ثرواتها الطبيعية والاستثمارية لحماية كيانها السياسي، وتعزيز مكانتها ودورها إقليميًّا وعالميًّا؛ وقد تجلَّى ذلك في التوزيع الذكي لمحفظة الاستثمارات القطرية الخارجية، لتشمل الشركات الكبرى من قبيل الاستثمارات في مشاريع الغاز والبتروكيماويات في الصين وإندونيسيا، وبناء المشاريع السياحية والعقارية في بريطانيا، والدخول في شراكات عالمية في أسواق المال والاستثمار والخدمات المصرفية في مختلف أرجاء العالم من الصين وصولًا إلى الولايات المتحدة الأميركية(23).
الواجهة الإنسانية: نشطت قطر في مجال العمل الإنساني عبر مجموعة من مبادرات المجتمع المدني القطري وجمعياته، بهدف تقديم الوجه الإنساني للشعب القطري؛ بحيث باتت المساعدات الإنسانية القطرية تصل إلى كل المحتاجين والمنكوبين بعيدًا عن أي حواجز دينية أو عرقية أو إثنية، من ضحايا الحروب الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة، إلى منكوبي تسونامي آسيا، أو إعصار كاترينا، أو فيضانات أستراليا 2011، أو زلزال اليابان 2011، أو توفير السفن لآلاف المهجرين بسبب النزاع المسلح في ليبيا 2011(24).
الواجهة الثقافية: اهتمت قطر باستقطاب قادة الفكر والسياسة في العالم، عبر جذب مراكز الأبحاث العالمية مثل مركز بروكنجز، أو تأسيس مراكز جديدة مثل المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، ومعهد الدوحة للدراسات العليا. إضافة إلى ذلك، استقطبت قطر فروعًا لكبريات الجامعات العالمية، مثل جامعات: "تكساس إيه أند إم"، و"جورجتاون"، و"كارنيجي ميلون"، و"كالجاري"، وكلية باريس للدراسات التجارية العليا، وكلية شمال الأطلنطي في قطر. كما أولت قطر اهتمامًا خاصًّا لفكرة المتاحف والتركيز على التراث كونه مكونًا أساسيًّا في منظومة الدفاع عن الاستقلال الوطني؛ فالأصالة والتراث والتاريخ كلها عوامل قوة وحماية، تؤكد مشروعية "الدولة القطرية وأصالتها وامتدادها في التاريخ"، ومن ثم التغلب على "نقطة الضعف" المرتبطة بمحدودية الجغرافيا والديمغرافيا. هذا فضلًا عن أنها تعزز البعد العالمي للدولة، من خلال إبراز مساهمتها في التراث البشري والفكر الإنساني، وفي هذا المجال ركزت قطر على تأسيس المتاحف، مثل المتحف الإسلامي ومتحف قطر الوطني(25).
الواجهة الرياضية: تُوِّج الأداء القطري بالنصر الذي حققه الملف القطري لاستضافة بطولة كأس العالم 2022(26). ويحلِّل الفرنسي، باسكال بونيفاس، المتخصص في العلوم الجيوسياسية في صحيفة "ليكيب" (L'Équipe) دور الرياضة في إطار الدبلوماسية العامة القطرية بقوله: "اختارت قطر الدبلوماسية الرياضية؛ حتى توجد على الخارطة [...] وفي منطقة جيوسياسية مضطربة، فإن القوة الناعمة والصورة والجاذبية باتت عوامل رئيسة [...]، واليوم من الصعب على أية دولة قد تكون لها شهية نحو قطر أن تُقْدم على أية محاولة طالما أن قطر باتت تملك هذه الرؤية والوضوح [...]، وصارت قوة عظمى صغيرة، لأنها تؤدي دورًا دبلوماسيًّا يفوق ثقلها السكاني [...]، وأن تصبح عاملًا رئيسًا في الرياضة العالمية يعني أن تصبح عاملًا رئيسًا في الدبلوماسية العالمية"(27).
الواجهة السياحية: تنوعت أدوات قطر التي تسعى إلى جذب العالم للتعرف على قطر وإمكانياتها السياحية والثقافية. وعلى الرغم من أن السياحة القطرية تواجه منافسة شديدة من دول الجوار والإقليم، فإن السياحة تبقى أداة داعمة وأساسية في تعزيز الكيان القطري. وتبقى الخطوط الجوية القطرية العلامة الأبرز على الواجهة السياحية، فقد نجحت الناقلة الوطنية، وفي غضون سنوات قليلة (أُعيد إطلاق الشركة في عام 1997)، في الوصول إلى العالمية والتحليق إلى أكثر من 220 وجهة عبر العالم، وقد تم تصنيف الشركة في عام 2017 أفضل شركة طيران في العالم. واللافت أن الخطوط الجوية القطرية أعادت منذ عام 2006 صياغة الشعار الذي يعلو طائراتها؛ بحيث أصبح اسم قطر وشعار المها الذي يرمز إلى قطر أكبر حجمًا. ويمكن الاستدلال من ذلك على أن قطر أرادت أن تضع اسمها ورمزها الوطني على طائرات أسطول الخطوط الجوية القطرية، ليكون بمنزلة إشهار أو إعلان، يجوب العالم على مدار الساعة والأيام، ويعبر البلدان والقارات، ليعرِّف شعوب الأرض بدولة قطر. ويلاحظ أن الخطوط الجوية القطرية كثفت منذ اندلاع الأزمة الخليجية، في العام 2017، حملات ترويج شعارها "معًا إلى كل مكان" في تحد واضح للحصار الذي فرضته عليها العربية السعودية والإمارات العربية والبحرين ومصر.
على امتداد واجهات القوة الناعمة، تحولت قطر إلى "محور مركزي للعالمية"، كما يقول الخبير في الشؤون القطرية، مهران كامرافا(28)، وبذلك وفرت قطر لنفسها حماية بـ"درع" من الأدوات الاستراتيجية بات من الصعب معها الاعتداء على هذه الدولة الصغيرة في غفلة من العالم، وبات من الصعب أن تتعرض أراضي قطر أو سيادتها لخطر الاحتلال أو القضم أو الضم أو الاختراق، من دون تحرك كثير من دول العالم وشعوبها ومنظماتها الأهلية والثقافية والإعلامية، لأنها باتت ترتبط بمصالح اقتصادية، أو سياسية، أو إنسانية، أو أخلاقية، مع قطر ومؤسساتها الرسمية والأهلية. وقد ظهرت قدرات "القوة الناعمة" القطرية خلال الأزمة الراهنة؛ إذ لم تنل الحملة أي تأييد عربي أو عالمي يُذكر، بل إن الكثير من المنابر العالمية استهجنت واستنكرت مطالب دول الحصار التي وصلت إلى حد المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة، كما رفض المجتمع الدولي الحصار غير المبرر على قطر وسكانها.
مستقبل قوة قطر الناعمة
تمكنت الدبلوماسية القطرية من مواجهة سياسة "الشَّيْطَنَة"، بتعزيز نشاط دبلوماسيتها التقليدية بدبلوماسية عامة؛ إذ تحركت مختلف القطاعات الحكومية والأهلية القطرية لإطلاق المشاريع والمبادرات التي تؤكد عدم نيل الحصار من رؤية قطر وخطواتها نحو المستقبل من جهة، وتعزز دور قطر العالمي من جهة أخرى. وكان أبرزها إعلان "قطر للبترول" رفع الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر من 77 مليون طن إلى 100 مليون طن سنويًّا، من خلال مضاعفة القطاع الجنوبي لحقل الشمال وتطويره، في خطوة وصفها خبراء الاقتصاد بأنها ستعزز مكانة قطر عالميًّا، وتجعل منها لاعبًا مهمًّا في المنظمات الدولية للطاقة(29). وفي السياق ذاته، جاء إعلان الخطوط الجوية القطرية عن تدشين وجهات جديدة، وشراء المزيد من أحدث الطائرات(30)، كما أطلقت الشركة حملة إعلانية -فيما يشبه محاولة التأثير على الرأي العام الأميركي، بعد أن اتسم الموقف الرسمي لواشنطن من الأزمة بالضبابية والتناقض- تُذكِّر الجمهور الأميركي بمساهمات الخطوط الجوية القطرية في دعم الاقتصاد الأميركي من خلال تسليط الضوء على استثمارات الخطوط القطرية في الاقتصاد الأميركي من خلال شراء 332 طائرة مصنعة في الولايات المتحدة الأميركية بقيمة تُقدَّر بـ91.8 مليار دولار أميركي، وتوفير 123 ألف فرصة عمل بشكل مباشر في السوق الأميركية، ونقل 3.1 ملايين زائر إلى الولايات المتحدة سنويًّا؛ مما ساعد في دعم الاقتصاد الأميركي بما مقداره 4 مليارات دولار أميركي إضافية في عام 2016 فقط. وحصد الإعلان التليفزيوني للخطوط القطرية أكثر من ثمانية ملايين مشاهدة على منصات التواصل الاجتماعي(31).
وفي السياق ذاته، جاء إعلان شركة "موانئ قطر" عن تدشين خمسة خطوط بحرية جديدة، مع البدء في أعمال توسيع ميناء حمد البحري(32). كما نشطت قناة الجزيرة في استنهاض العالم لمواجهة مطالبة الدول الأربع بإغلاق قنوات الجزيرة، وعدد من وسائل الإعلام، بينها موقع وصحيفة "العربي الجديد"، وهو المطلب الذي وصفته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية بـالـ"سخيف"(33)، وأدانه الاتحاد الدولي للصحافيين(34)، ورأت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية "أن المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة ليست عقابًا لقطر، بل عقابًا لملايين العرب في المنطقة بحرمانهم من تغطية إعلامية مهمة"(35).
خلاصة
يكشف التحليل السريع للمطالب الـ13 التي رفعتها الدول الأربع في وجه قطر، سعي هذه الدول إلى تفكيك منظومة القوة الناعمة التي بنتها قطر منذ العام 1996، من المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة، إلى فرض الحصار على الخطوط الجوية القطرية، وصولًا لاتهام الجمعيات الخيرية بتمويل الإرهاب، وما رافق ذلك من حصار استهدف القطاعات الاقتصادية، وحملات شيطنة وتشويه بهدف التشويش على استضافة قطر لكأس العالم 2022. في مقابل ذلك، تضافرت مكونات "السمة الوطنية" القطرية مع ترسانة القوة الناعمة التي راكمتها قطر خلال العقدين الماضيين لمواجهة الأزمة بتفنيد مزاعم الدول الأربع أولًا، ثم تعزيز صورة دولة قطر وسمعتها العالمية، ودورها في تحقيق السلام العالمي. وبينما أدارت الدبلوماسية التقليدية فصول الأزمة على أساس ثوابت السياسة الخارجية القطرية القائمة على حُسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالحوار، دون التنازل عن السيادة الوطنية، قامت ترسانة القوة الناعمة باستنفار الرصيد الذي راكمته طوال هذين العقدين لمؤازرة الدبلوماسية التقليدية، وحشد منظمات المجتمع الدولي والرأي العام الخارجي، لمواجهة الحصار غير الإنساني، والخطاب الدعائي الذي يحاول "شيطنة قطر"، مع تأكيد دور قطر المحوري في محاربة الإرهاب ضمن التحالف الدولي. وإذا كانت الأزمة التي واجهت قطر مع جيرانها الخليجيين، امتحانًا لقدرات قطر الناعمة، فمن الموضوعي التقدير بأن القوة الناعمة القطرية نجحت في مواجهة الأزمة والحصار. وبالنظر إلى الدور الحيوي، والفاعل، الذي لعبته السمة الوطنية ومنظومة القوة الناعمة في حماية قطر وكيانها السياسي خلال الأزمة، يبدو أن صانع السياسة القطري، صار أكثر اهتمامًا بهما؛ ما يعني أن قطر ستولي القوة الناعمة المزيد من الاهتمام والتطوير في المستقبل، وهو ما ظهر جليًّا في دعوة أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، في خطابه الأول بعد اندلاع الأزمة، لـ"تطوير مؤسساتنا التعليمية والبحثية والإعلامية ومصادر قوتنا الناعمة كافة على المستوى الدولي، وفي تفاعل مع أفضل الخبرات القطرية والعربية والأجنبية (36)
____________________________________
نواف التميمي- أستاذ الصحافة في معهد الدوحة للدراسات العليا
(1)Peterson, J. E, “Qatar and the world: branding for a micro-state”, Middle East journal, )Vol. 60, No. 4, Autumn, 2006), p. 733-784, (Accessed on 9 March 2018):
http://jepeterson.net/sitebuildercontent/sitebuilderfiles/Peterson_-_Qatar_and_the_World.pdf .
(2) Anholt, S, “Competitive Identity: The New Brand Management for Nations, Cities and Regions”, Journal of Brand Management, (Vol. 14, No. 6, 2007), p. 134.
(3) Henrikson, A. Niche Diplomacy in the World Public Arena: The Global ‘Corners’ of Canada and Norway”, p.1, In J. Melissen (Ed.), The New Public Diplomacy, (Palgrave. New York, 2005).
(5) Cooper, F., and Momani, B, “Qatar and Expanded Contours of Small State Diplomacy”, The International Spectator, Italian Journal of International Affairs, 46:3, p.113-128. See also, Peterson, J. E, “Qatar and the World: Branding for a Micro-State”, op, cit.
(6) Anholt, S, “Competitive Identity: The New Brand Management for Nations, Cities and Regions”, op, cit.
(7) Aaker, A. D, Building Strong Brands, (Free Press, New York. 1996).
(8) Nye, J. Soft Power: The Means to Success in World Politics, (Perseus Books group, New York, 2004).
(11) Szondi, G. “Public Diplomacy and Nation Branding: Conceptual Similarities and Differences”, Netherlands Institute of International Relations, (Accessed on 7 March 2018):
(12) Olins, W. Corporate Identity: Making Business Strategy Visible Through Design, (Harvard Business School Press, Boston, 1999).
(13) “Qatar National Vision 2030”, (Accessed on 12 March 2018):
https://www.mdps.gov.qa/en/qnv1/pages/default.aspx .
(14) Anholt, S, “Competitive Identity: The New Brand Management for Nations, Cities and Regions”, op, cit.
(16) التميمي، نواف، الدبلوماسية العامة وتكوين السمة الوطنية: النظرية والتطبيق على نموذج قطر، (مركز الجزيرة للدراسات/الدار العربية للعلوم، بيروت، 2012)، ص 68.
(17) Nye, Soft Power: The Means to Success in World Politics, op, cit.
(19) التميمي، الدبلوماسية العامة وتكوين السمة الوطنية، مرجع سابق، ص77.
(20) Azran, T. S, “Intercultural Communication as a clash of civilizations: Al-Jazeera and Qatar’s Soft Power”, Pacific journalism review, 23 (2), 2017, p. 227-228, (Accessed on 9 March 2018):
file:///C:/Users/nabdelhay/Downloads/342-Article Text-1299-1-10-20170928 (1).pdf .
(22) التميمي، الدبلوماسية العامة وتكوين السمة الوطنية، مرجع سابق، ص 85.
(23) Antwi-Boateng, O, “The rise of Qatar as a soft power and the challenges”, European Scientific Journal November, (vol.9, No.31, 2013), (Accessed on 4 March 2018):
http://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.1031.7525&rep=rep1&type=pdf .
(24) التميمي، الدبلوماسية العامة وتكوين السمة الوطنية، مرجع سابق، ص95.
(25) Felsch, M, “Qatar’s rising international influence: a case of soft power”, Conjuntura Internacional, Belo Horizonte, (Vol.13 No.1, November 2016), p. 22 - 35, (Accessed on 4 March 2018):
http://periodicos.pucminas.br/index.php/conjuntura/article/viewFile/11423/10251> .
(26) Brannagan, P. M.; Giulianotti, R, “Soft power and soft disempowerment: Qatar, global sport and football’s 2022 World Cup finals”, Leisure Studies, (34:6, 2015), p. 703-719, (Accessed on 4 March 2018):
http://dx.doi.org/10.1080/02614367.2014.964291 .
(27) estad-aldoha.net, (Accessed on 9 March 2018):
http://www.estad-aldoha.net/arabic/vews_view.php?id=37878 .
See also: Soft power and soft disempowerment: Qatar, global sport and football’s 2022 World Cup finals”, op, cit.
(28) “Qatar’s rising international influence: a case of soft power” , op, cit.
(29) "قطر ترفع إنتاجها من الغاز المسال وتعزز ريادتها العالمية، الجزيرة نت، 4 يوليو/تموز 2017، (تاريخ الدخول: 10 مارس/آذار 2018):
(30) "القطرية تشتري 50 طائرة إيرباص بقيمة 6.35 مليار دولار"، الوطن، 17 ديسمبر/كانون الأول 2017، (تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار2018):
http://www.al-watan.com/Latest-News/ArtMID/424/ArticleID/25205
(31) "القطرية تشتري 332 طائرة أميركية بقيمة 91.8 مليار دولار"، الشرق، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، (تاريخ الدخول: 18 مارس/آذار 2018):
https://www.al-sharq.com/news/details/524916
(32) "خطوط بحرية تجارية تكسر الحصار المفروض على قطر"، العربي الجديد، 11 يونيو/حزيران 2017، (تاريخ الدخول: 11 مارس/آذار 2018):
(33) "غارديان: إغلاق الجزيرة طلب سخيف"، الجزيرة نت، 23 يونيو/حزيران 2017، (الدخول في 16 يوليو/تموز 2017):
(34) "الاتحاد الدولي للصحفيين يدين استهداف دول للجزيرة"، الجزيرة نت، 16 يونيو/حزيران 2017، (الدخول في 16يوليو/تموز 2017):
(35) السلكاوي، خالد، "ووتش: طلبُ إغلاق الجزيرة يهدف لتوسيع المراقبة الجبانة ومصيره الفشل"، شبكة رصد الإخبارية، 23 يونيو/حزيران 2017، (تاريخ الدخول: 7 أغسطس/آب 2017):
(36) ألقى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يوم الجمعة 21 يوليو/تموز 2017، خطابًا للمواطنين والمقيمين على أرض قطر، حول الوضع الحالي والتوجهات المستقبلية لدولة قطر في ظل الأزمة الخليجية الراهنة، النص الكامل للكلمة كما ورد في موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر في 21 يوليو/تموز 2017، (تاريخ الدخول: 10 مارس/آذار 2018):