مبادرة ماكرون وآفاق حل الأزمة الليبية

نجح الرئيس إيمانويل ماكرون في جمع الأطراف الليبية على طاولة المفاوضات على الرغم من كون فرنسا تدعم أحد الأطراف الليبية على حساب الآخر، لكن العديد من العقبات ما زالت تواجه مبادرته وهي عقبات لا ترتبط بمواقف الأطراف المتصارعة بل أيضًا المواقف الدولية من المبادرة نفسها.
05d606799b244d58903f44c43f251159_18.jpg
المجتمعون في باريس اتفقوا على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 2018 (رويترز)

مقدمة 

ألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحجر في الماء الليبي الراكد لبعث الحياة في المشهد السياسي بعد جمود أعقب فشل مفاوضات تونس العام 2017. لقد أخفق أطراف النزاع في الوصول إلى توافق في عدة جولات تفاوضية حول النقاط المختلف عليها ضمن اتفاق الصخيرات الذي وُقِّع في ديسمبر/كانون الأول 2015، وكان من أبرز نقاط الخلاف: تركيبة السلطة التنفيذية ممثلة في المجلس الرئاسي، وموقع خليفة حفتر في المؤسسة العسكرية، وأضيف إليها لاحقًا: الخلاف حول الدستور حيث يصر البرلمان على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن بدون دستور، فيما يصر المجلس الأعلى للدولة على طرح مسودة الدستور التي أعدتها الهيئة المنتخبة للاستفتاء، أو الذهاب إلى انتخابات برلمانية منفردة.

فرنسا ليست ببعيدة عن الأزمة الليبية، وبرغم الجدل حول الدور الفرنسي واتهامها بالانحياز لصالح طرف ضد آخر في الصراع، إلا أنها نجحت في جلب الفرقاء الليبيين إلى طاولة التفاوض. لقد سبق وأن نجح الرئيس الفرنسي في الجمع بين رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، وقائد عام الجيش التابع للبرلمان، خليفة حفتر، وكان هذا بعد رفض الأخير لقاء الأول في القاهرة قبل أشهر قليلة من اجتماع باريس، من منطلق رفض حفتر لاتفاق الصخيرات واعتبار مخرجات الاتفاق بما في ذلك المجلس الرئاسي غير شرعية.

وفي هذه المرة، يفتخر ماكرون بنجاحه في جمع كل أطراف الأزمة في قاعة واحدة ليتم الإعلان عن جملة من الترتيبات السياسية للخروج من الأزمة الراهنة.

دوافع المبادرة الفرنسية الجديدة 

ليس مستبعدًا أن يكون من بين دوافع باريس في طرح مبادرتها الجديدة لحل الأزمة الليبية محاولة احتواء آثار التدخل الفرنسي في ليبيا عام 2011، بعد أن أصبحت في فوهة المدفع جرَّاء التداعيات الخطيرة التي شهدتها البلاد والتي تصر جمهرة واسعة من المراقبين الغربيين على أنها نتيجة مباشرة للتدخل الخارجي وبالتحديد دور فرنسا والدول الغربية في الصراع الذي وقع في فبراير/شباط 2011.

ولقد تضمن بيان قصر الإليزيه تأكيدًا على أهمية الاجتماع بالنسبة لباريس، وربط البيان بين الأزمة الليبية وتداعياتها وكيف أنها أثَّرت بقوة على أوروبا عبر استفحال الهجرة غير الشرعية وتصاعد موجة الإرهاب(1).

لكن الأهم فيما يبدو أن فرنسا تسعى لإعادة ترتيب البيت الليبي بما يحفظ مصالحها بعد الفوضى التي وقعت عقب تفجر الصراع منتصف 2014 بين عمليتي الكرامة وفجر ليبيا وما قادت إليه من انقسام سياسي وانفلات أمني وتدهور اقتصادي.

فباريس كانت حاضرة في الصراع وقدمت دعمًا لوجستيًّا لعملية الكرامة في حرب بنغازي التي استمرت ما يزيد عن ثلاثة أعوام، واعترفت السلطات الفرنسية بوجود قوة عسكرية في بنغازي تعمل بالتنسيق مع قوات عملية الكرامة وذلك على إثر مقتل أربعة عسكريين فرنسيين في حادث سقوط طائرة حربية في ضواحي بنغازي العام 2016.

فرنسا من أهم الداعمين لجبهة طبرق ولخليفة حفتر، ولأن حفتر من أبرز المرشحين للفوز بالانتخابات الرئاسية، فإن تحريك عجلة الدعوة للانتخابات كما خططت لذلك البعثة الأممية، بعد أن واجه المسار الانتخابي عقبات أبرزها الخلاف حول أسبقية الاستفتاء على الدستور، يصب في خانة المصلحة الفرنسية بلا أدنى شك.

علاوة على ما سبق، فإن العامل الشخصي والبحث عن الكسب السياسي الذاتي يشكِّل دافعًا مهمًّا للرئيس ماكرون، كما أنه يفسر بعض دوافع طرحه المبادرة تلو الأخرى، فالنجاح في احتواء الصراع في ليبيا أو التخفيف من حدته والدفع إلى مرحلة جديدة عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية لابد أنه سيضيف قيمة إلى رصيد الرئيس الفرنسي محليًّا ودوليًّا، ولتكون الصورة في أذهان الغرب أن ساركوزي ورَّط فرنسا في أزمة ليبيا باندفاعه وتأييده للعملية العسكرية ضد نظام القذافي، فيما نجح ماكرون في إنهاء النزاع واحتواء تداعياته الخطيرة وصحح الصورة السلبية المتعلقة بالدور الفرنسي في ليبيا بين عامي 2011-2018.

المبادرة الفرنسية وسحب البساط من روما 

من الواضح أن الدور الفرنسي في ليبيا يقع في سياق التنافس مع الجارة الأوروبية، إيطاليا، التي وقفت على الجهة المقابلة لتموقع فرنسا في الأزمة الليبية. فقد أظهرت روما تعاطفًا مع جبهة طرابلس منذ بداية الصراع المسلح بين شركاء الثورة في منتصف 2014، واستقبلت وفودًا من حكومة الإنقاذ التي تشكلت في العاصمة طرابلس بعد الانقسام السياسي، وكان لإيطاليا دور مهم في الحرب ضد تنظيم الدولة في سرت والتي قادتها قوة البنيان المرصوص، وتتعاون بشكل مستمر في تقديم الدعم اللوجستي لحكومة الوفاق ممثلة في المجلس الرئاسي.

تحدثت الصحافة الإيطالية عن استغلال باريس انشغال الساسة الإيطاليين بالأزمة السياسية المحلية والفراغ الحكومي لتمرير مبادرتها الجديدة، وذهبت صحيفة "إل جورنالي" إلى الحد الأقصى باتهام الرئيس الفرنسي بالسعي لـ"سرقة ثروات ليبيا"(2).

ويُفهم من اتهامات الصحافة الإيطالية لماكرون وتخوفات روما من مبادرة باريس أنه حتى لو وقع تغيير في دوائر صناعة القرار الإيطالي فيما يتعلق بالأزمة الليبية واتجهت الحكومة الجديدة إلى تغيير موقفها من أطراف النزاع، فستكون باريس قد استكملت خطتها في ترتيب الوضع في ليبيا لتمسك بمفاتيح اللعبة.

مواقف الفرقاء الليبيين من المبادرة الفرنسية 

لم تجد جبهة طبرق ممثلة في البرلمان والجيش مأخذًا على دعوة الرئيس الفرنسي للاجتماع، وكما سبقت الإشارة إليه فالبرلمان والجيش يعتبران باريس حليفًا، وليست خصمًا أو طرفًا محايدًا يمكن التحفظ على مبادراته.

ولأن عقيلة صالح مناور سياسي، وسبق أن التقى برئيس المؤتمر الوطني، نوري أبو سهمين، وهو من أشد الداعمين لعملية فجر ليبيا وأشد الرافضين لعملية الكرامة، ثم التقى برئيس المجلس الأعلى للدولة، عبد الرحمن السويحلي، المنتسب لمدينة مصراتة المتهمة بدعم مجلس شورى بنغازي ضد عملية الكرامة والمشاركة في قتل ما يزيد عن عشرة آلاف من حملة السلاح وإصابة أكثر من عشرين ألف جريح، جمعه أخيرًا لقاء برئيس المجلس الأعلى للدولة الجديد، خالد المشري، الذي واجه حملة انتقادات من قبل نشطاء كثر في جبهة طبرق لكونه منتسبًا للإخوان ومن قيادات حزب العدالة والبناء.

ويبقى الإشكال لدى خليفة حفتر في عدم اعترافه بشرعية المجلس الرئاسي، ثم موقفه المتشنج من تولي المشري رئاسة المجلس الأعلى للدولة، وهو توجه بنى عليه حفتر جزءًا من شعبيته ووظفه للتعبئة لمشروعه السياسي، وهو اليوم في حاجة لتقديم تبريرات مقنعة لمؤيديه؛ الأمر الذي دفعه للتصريح بأن قبوله الدعوة لحضور اجتماع ضم "داعمي الإرهاب" هو "اضطراري يفرضه الواقع وتحكمه التغيرات السياسية، ومحاولة لمنع أطراف غير شرعية من تخطي السلطة والانفراد بها"(3).

كما لم يُبد المجلس الرئاسي أي تحفظ على أية مبادرة من طرف أوروبي فاعل، وسبق أن استجاب لدعوات عدة ولقاءات متكررة مع خليفة حفتر برغم موقف الأخير منه واستنقاصه لشرعيته ومجاهرته بخصومته.

كما يدرك السراج الذي يواجه تحديات كبيرة لفرض سيادة المجلس الذي يترأسه على البلاد أنه في حاجة للجهود الدولية لتحقيق انفراج سياسي، وهو في حاجة إلى كسر الجمود وتحريك الماء الراكد بالتالي كانت استجابته غير مشروطة.

أما المجلس الأعلى للدولة، فقد استبق الاجتماع ببيان ضمَّنه شروطًا حصرها في أن يكون الاتفاق السياسي الإطار والحاكم القانوني للمبادرة، وألا تُنظَّم الانتخابات قبل الاستفتاء على الدستور للانتقال إلى مرحلة سياسية دائمة، وضرورة عدم مشاركة شخصيات عسكرية في الاجتماع، والوقف الفوري لإطلاق النار في درنة ورفع الحصار عنها(4).

وينطلق المجلس الأعلى للدولة من مقاربة مفادها أن التفاوض ينبغي أن ينحصر في الأطراف التي حددها الاتفاق السياسي، وهما: البرلمان ومجلس الدولة، وأن إشراك المجلس الرئاسي والجيش التابع للبرلمان له حساباته التي تتطلب نقاشًا وبلورة موقف بشأنها، ويبدو أن الأعلى للدولة راجع موقفه بموافقته على الحضور ومشاركته بوفد على رأسه رئيس المجلس.

وربما أوقعت مشاركة الأعلى للدولة في الاجتماع بحضور حفتر المجلس في حرج بعد أن أصدر بيانًا حازمًا بالخصوص، ومن الواضح أن الارتباك جاء من ممارسة المجلس الأعلى للديمقراطية بطرح كافة القضايا للتصويت، فيما لا يملك المجلس قوة ونفوذًا يمكنانه من فرض شروط يقبلها الطرف المنظم للقاء، ولا مندوحة له من الحضور خاصة أنه يحتاج إلى الدعم الدولي ليوازن به كفة الخصم.

على الأرض، جاء الموقف المتحفظ على اجتماع باريس من قبل تجمع عسكري يضم 13 كتيبة ومجلسًا عسكريًّا ضمن جبهة طرابلس التي تضم عددًا من مدن الغرب الليبي، وندَّد بيانهم بمشاركة خليفة حفتر في الاجتماع واعتبروا المبادرة الفرنسية توطينًا لحكم العسكر، وتتخطى شروط تولي المناصب العسكرية، ولا تلبي متطلبات الدولة المدنية، وأن العملية الانتخابية شأن ليبي، ويجب أن تتم بآليات دستورية وأخرى قانونية معتمدة واجبة النفاذ في كل الظروف والأحوال، وطالب البيان بإعطاء الأولوية في أية مبادرة لوقف الحرب في البلاد(5).

ومن المهم التنويه بأن هناك مجاميع سياسية وعسكرية ضمن جبهة طبرق تتحفظ على اللقاء بناء على الخلفية التي سبق الإشارة إليها، لكنها لا تملك التعبير عن موقفها في ظل هيمنة خليفة حفتر على القرار السياسي والعسكري، وهذا فارق جوهري بين الجبهتين، جبهة طبرق وجبهة طرابلس.

المبادرة الفرنسية وموقف دول الجوار 

حضر اجتماع باريس معظم الأطراف الإقليمية التي تتورط في الشأن الليبي أو تعنى به لأسباب استراتيجية وأمنية، وفي مقدمتها: مصر والإمارات وقطر وتونس والجزائر وتشاد. ولأن المبادرة تقوم على أساس الإطار العام الذي رسمته الأمم المتحدة ممثَّلة في بعثتها لليبيا، فإن المواقف المعلنة حيال المبادرة تتسم بالرضا والتأييد.

أكثر الأطراف تورطًا في النزاع الليبي، وهي الإمارات ومصر، تتفق مع فرنسا في الخطوط العريضة لحل الأزمة الليبية والتي تدور حول التمكين لخليفة حفتر للعب دور محوري في أية تسوية سياسية أو مرحلة انتقالية جديدة، وترتيب الوضع بحيث لا يتكرر ما حدث خلال فترة مرضه، وبالتالي فإنها لم تسجل أية تحفظات، وقد تعود لممارسة الضغوط للتأثير على الإعلان وسبل تطبيق بنوده الثمانية بالشكل الذي يوافق توجهها في إدارة الأزمة الليبية.

وبالرجوع إلى تفسير بعض نشطاء جبهة طرابلس والمعارضين بشدة لأي دور لخليفة حفتر في أية تسوية قادمة، فهُمْ وفق تفسيرهم للسياق العام الذي وُقِّعت فيه مبادرة الرئيس الفرنسي واجتماع باريس الأخير، يعتقدون أن المبادرة الفرنسية تأتي في إطار خطة تدعمها القاهرة وأبوظبي لتوظيف ما أنجزه حفتر عسكريًّا وسياسيًّا، بسيطرته على القرار السياسي والأمني ضمن جبهة طبرق، ومحاولة تسويقه عبر اتفاق سياسي وانتخابات رئاسية ليتحقق الهدف العام وهو وصوله إلى سدة الحكم؛ حيث إن سيناريو الحرب الذي نجح نسبيًّا في المنطقة الشرقية فشل في غرب البلاد، وبالتالي فإن الخيار هو الانتخابات الرئاسية.

عقبات تقف في طريق المبادرة الفرنسية

من المهم التأكيد على أن ما تم في باريس هو إعلان مبادئ وليس اتفاقًا؛ إذ لم يتم التوقيع على الوثيقة التي تضمنت مخرجات الاجتماع، وبالتالي فإن بنودها غير ملزمة إلا إذا رعت باريس الوثيقة بمتابعة لصيقة وضغوط على الأطراف المعنية، وهذا ما لا يمكن التكهن به.

تبدأ إشكالية التعاطي مع الاتفاق من تحديد ماهيته لدى الفرقاء؛ فرئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، في لقاء على قناة فرانس 24(6) اعتبره مهمًّا ولكن ليس حاسمًا ولن ينهي الأزمة، فيما يعتقد عدد من أعضاء البرلمان أن إعلان باريس صار بديلًا لاتفاق الصخيرات ويؤسس لتوافق جديد على أسس جديدة، وهذا في حد ذاته تحد جديد يمكن أن يضيع معه إعلان باريس(7).

على المستوى الدولي، وبرغم تأكيدات الإليزيه على أن مبادرة الرئيس الفرنسي هي في سياق جهود المبعوث الأممي لليبيا، غسان سلامة، إلا أنها قد لا تحظى بالتأييد والدعم من قبل الأطراف الدولية التي ليست على وفاق تام مع باريس ودورها في الأزمة الليبية. فبالإضافة إلى إيطاليا، هناك الولايات المتحدة المترددة في مساندة المبادرة الفرنسية، ففي اجتماع رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، بقيادات سياسية وعسكرية أميركية فور عودته من باريس تمت الإشارة إلى عدم رضا تام أميركي على ما قامت به باريس، وهو ما قد يوفر هامش مناورة للطرف الذي قد يشعر بالإجحاف في المبادرة الفرنسية ضمن الفرقاء الليبيين(8).

وفيما يتعلق ببنود وثيقة باريس، فقد وصفها عدد من نشطاء الطرفين المتنازعين بأنها تتوفر على قدر من التوازن وذلك بدعوتها للتوجه للانتخابات دون تخطي الدستور لكنها بالمقابل تركت الباب مشرعًا أمام استصحاب الخلاف الحاد حول المسودة المعتمدة من قبل الهيئة التأسيسية لوضع الدستور، ودعم جهود القاهرة لأجل توحيد المؤسسة العسكرية. وهذا ما اختصره رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، في لقائه على قناة فرانس 24 بقوله: إن اللقاء لن ينهي الأزمة لتجاهله أمورًا مهمة منها إنهاء الأجسام الموازية لحكومة الوفاق(9).

فالمجلس الأعلى الذي اشترط إجراء الاستفتاء على مسودة الدستور قبل الانتخابات، وأنه سيرفض الانتخابات الرئاسية في حال تم تجاوز المسودة، يمكن أن يتشدد في موقفه ويصر على مطالبه في حال نجح الطرف الآخر في إقناع باريس والبعثة الأممية بتأجيل البت في الدستور لما بعد الانتخابات. ومن المعلوم أن البرلمان لن يقبل بتمرير مسودة الدستور حيث ترفضها قطاعات عريضة ضمن جبهة طبرق مما يعني إصابة المبادرة الفرنسية في مقتل.

ثم هناك أيضًا إصرار باريس على دمج خليفة حفتر في التسوية السياسية عبر إشراكه في التفاوض بغرض تهيئة المناخ السياسي للقبول به كمرشح في الانتخابات الرئاسية القادمة، برغم كونه قائد الجيش التابع للبرلمان الممثل بقوة في كافة جهود التسوية السياسية عبر رئيسه، عقيلة صالح، واللجان التي شكَّلها للتفاوض مع المجلس الأعلى للدولة. هذا الإصرار يعود بالسلب على المبادرة الفرنسية من جهة موقف الأطراف الرافضة لفرض حفتر في المشهد عبر قوة خارجية، والذي ظهر جليًّا في بيان المجلس الأعلى للدولة، وتصريح رئيسه بأنه لا يعترف بخليفة حفتر ومنصبه كقائد عام للجيش(10)، وأيضًا بيان التجمع العسكري لكتائب غرب البلاد.

من ناحية أخرى، فإن الحرب الدائرة في درنة والتي يواجه فيها المدنيون أخطارًا مباشرة ربما ستكون سببًا في تعثر مبادرة ماكرون خاصة إذا طال عمر المواجهات، ولأن تطبيق الاتفاق السياسي يتضمن وقفًا لإطلاق النار، ولأن المجلس الأعلى للدولة يعتبر الحرب على درنة مؤشرًا على جدية المبادرة الفرنسية، فإن التصعيد في درنة يمكن أن يضاعف من أثر العوامل الدافعة باتجاه فشل المبادرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* السنوسي بسيكري، كاتب وباحث ليبي.

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1)  انظر: "اجتماع باريس لدفع الحل الليبي ضمن خطة الأمم المتحدة"، الحياة، 29 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 1 يونيو/حزيران 2018):http://www.alhayat.com/article/4583450

(2)  "مؤتمر باريس حول الأزمة الليبية "يشعل" غضب إيطاليا"، إرم نيوز، 31 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 31 مايو/أيار 2018):https://www.eremnews.com/news/arab-world/1349861#

(3)  "دور مصري في دفع معسكر حفتر للمشاركة باجتماع باريس الليبي"، العربي الجديد، 28 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 29 مايو/أيار 2018)   https://bit.ly/2JcCyuN

(4)  "مجلس الدولة يشترط عدم حضور العسكريين للمشاركة في مؤتمر باريس"، العربي الجديد، 28 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 29 مايو/أيار 2018): https://goo.gl/ATkLEk

(5)  انظر: "كتائب مسلحة من غرب ليبيا ترفض لقاء باريس"، هسبريس، 28 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 29 مايو/أيار 2018): https://www.hespress.com/international/393233.html

(6)  "لقاء حواري خاص"، قناة فرانس 24، 30 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 1 يونيو/حزيران 2018): http://www.france24.com/ar/20180530-حوار-خالد-المشري-ليبيا-المجلس-الأعلى-للدولة-السراج-حفتر-انتخابات

(7)  انظر: "برلماني: المبادرة الفرنسية أنهت الاتفاق السياسي و"المشري" يسعى لعرقلتها"، أخبار ليبيا، 31 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 1 يونيو/حزيران 2018):https://www.libyaakhbar.com/libya-news/669208.html

(8) "السراج ينقل "عدوى الانقسام" إلى واشنطن وباريس"، موقع أخبار ليبيا نقلًا عن قناة ليبيا 218، 31 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 1 يونيو/حزيران 2018):https://www.libyaakhbar.com/libya-news/669195.html

(9)  لقاء حواري خاص، قناة فرانس 24، مرجع سابق.

(10)  المرجع السابق.