(الجزيرة) |
حرّر الملف وأشرف عليه: د. جمال نصار
باحث أول بمركز الجزيرة للدراسات
يشهد عدد من البلدان العربية حوارات وطنية حول قضايا مصيرية تهم مستقبل تلك البلدان من حيث طبيعة النظم السياسية، وترتيبات توزيع السلطة، والعلاقة بين مؤسسات الدولة، وقضايا المواطنة والأقليات والحريات وحقوق الإنسان وغيرها. وتختلف أجندات تلك الحوارات باختلاف الأوضاع، وتتنوع الأطراف الراعية لها والمشاركة فيها.
وتأتي هذه الحوارات في سياق حركة التغيير الواسعة التي أطلقتها ثورات الربيع العربي؛ فهي في بعض البلدان من متطلبات الانتقال الديمقراطي أو إطار تفاوضي لتذليل عقبات ذلك الانتقال، وهي في بلدان أخرى رديف للثورة أو بديل عنها. وهي، في كل الأحوال، وبقطع النظر عن موقعها من الثورة وعلاقتها بها، جزء من السياق التاريخي الراهن ومظهر من مظاهر الدينامية غير المسبوقة التي تعيشها شعوب هذه المنطقة من العالم.
ونظرًا لما تكتسبه تلك الحوارات من أهمية وما يمكن أن تسفر عنه من ترتيبات وما تفرزه من أوضاع سياسية جديدة، فإن مركز الجزيرة للدراسات أنجز مجموعة من الأوراق البحثية في شكل تقارير رصدت تلك الحوارات وحلّلت مضامينها واستشرفت مآلاتها، وتناولت هذه الأوراق مجموعة من الدول العربية التي حدثت بها حوارات بين القوى السياسية بعضها البعض، أو بين المعارضة وسلطة الحكم في أحيان أخرى، وكانت تلك الدول هي: مصر وتونس وسوريا واليمن والسودان والبحرين؛ ففي مصر ومنذ وقوع الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013 تعددت الوساطات والمصالحة سواء من داخل مصر أو من خارجها، لكن هذه المبادرات لم تنتج أثرًا، وربما كان لمبادرات الحوار التي تلت ثورة 25 يناير/كانون الثاني مباشرة أثر ملموس نسبيًا قياسًا بالمبادرات الأخيرة.
أما في تونس فمن الضروري الإشارة إلى أن النزاع الحاصل في تونس هو نزاع سياسي سلمي يأتي في إطار المرحلة الثانية من مراحل الانتقال الديمقراطي. وتتميز مراحل الانتقال الديمقراطي عادة، حسب التجربة التاريخية، بـالسيولة السياسية وبتضخم عدد الأحزاب وارتباك سلوكها وعدم وضوح أهدافها وبكثرة مزايداتها، وقد أثمرت الحوار في تونس إلى تجنب البلاد في الوقوع في صدامات بين السلطة والمعارضة.
وفي سوريا منذ بداية الأزمة قبل نحو ثلاث سنوات، حاول السوريون جعْل الحوار سبيلاً لحل قضاياهم، إلا أن محاولاتهم لم تنجح لاختلاف هدف كل طرف وتوقعاته من إجراء الحوار. وتمثلت المشكلة الأساسية في رفض النظام الاعتراف بوجود معارضة وثورة وأزمة وطنية؛ وهذا أدى بطبيعة الحال إلى تفاقم الأوضاع في سوريا.
وفي اليمن اعتمدت استراتيجية الحوار على أن يقدم كل طرف رؤيته مكتوبة حول قضايا الحوار، بحيث يتم في المرحلة الأولى تقديم رؤى لجذور ومحتوى القضية، ومناقشتها لبلورة رؤية مشتركة يتم على ضوئها تقديم كل طرف رؤيته للحلول والمعالجات وضمانات عدم تكرار ما حدث.
أما في السودان فبعد مضي ستة عقود على الحكم الوطني وتجريب سبع نسخ من الدساتير والأوامر العسكرية، وستة انتخابات تعددية، وثلاث حقب حكم مدني، وثلاثة أنظمة عسكرية، وأربع فترات انتقالية، وثلاث حروب أهلية، وسبع اتفاقيات للسلام، لا تزال القوى السياسية عاجزة عن الوصول إلى معادلة تحقق استدامة السلام والاستقرار والتنمية.
وفي البحرين نجد أن تاريخ الحوار يبرز تدني الثقة بين المعارضة والحكم، والبعد عن القضايا الرئيسة، وفقدان الإرادة السياسية الهادفة إلى حلول توافقية؛ فكل الحوارات لم تستطع الوصول إلى توافقات، فيما عدا الحوار الذي أسفر عن ميثاق العمل الوطني في 2001.
ولم يتمكن حوار الأزمة الحالية، الذي أُوكِلت رئاسته لولي العهد، ولا حوار التوافق الوطني الذي جرى برئاسة رئيس مجلس النواب، ولا الحوار السياسي الذي لا يزال مستمرًا، من الوصول إلى توافقات.
وعمومًا، فإن هذا النزاع سيستمر إن لم يكن هناك رؤية واضحة للخروج من تلك النزاعات بشكل علمي، تقوم على تحديد الأهداف التي تجمع كل الأطراف المتنازعة للوصول إلى القواسم المشتركة، من أجل بناء وطن يسع الجميع.
وفي النهاية، هل يمكن وضع استراتيجيات للحوار في العالم العربي من أجل تقديم أفكار حول جدوى هذه الحوارات؟ وهل فعلاً تؤدي هذه الحوارات إلى نتائج ملموسة؟ ربما تجيب هذه الأوراق عن تلك الأسئلة.
أوراق الملف
م | عنوان الورقة | اسم الكاتب |
1 | الحوار والمصالحة في مصر: ضرورات الداخل وتدخلات الخارج | قطب العربي |
2 | الحوار الوطني في تونس: الآليات والمآلات | د. عبد اللطيف الحناشي |
3 | الحوار السياسي في سوريا: جهود للوصول إلى السلام المفقود | د. مروان قبلان |
4 | الحوار السياسي في اليمن والسبيل إلى التوافق | خالد أحمد الرماح |
5 | الحوار السياسي في السودان ومآلاته الراهنة | خالد التيجاني النور |
6 | الحوار السياسي في البحرين: الإشكاليات والمسارات | د. عبد علي محمد حسن |