العلاقات الليبية-التونسية: الواقع والمآلات وآفاق التطوير

ترى الورقة أنه على الدبلوماسية التونسية (الرسمية والأهلية) أن تقوم بدور أكثر إيجابية وفعالية، ليس عبر التصريحات والمجاملات فقط، في دعم مسارات الحل السلمي للأزمة الليبية، والتوصل إلى توافق بخصوص حكومة موحدة لكونها تصب في مصلحة تونس وأمنها كذلك.
تعزيز التعاون البيني المغاربي سيضاعف من زخم المُكنة والمكانة التفاوضية المغاربية (الجزيرة)

في البدء لابد من التأكيد على فرضية حتمية التلازم بين الأمن والتنمية (بمفهوميهما الشاملين)؛ من ثم، فمن البديهي ألا تكون تنمية دون أمن، ولا أمن دون تنمية(1). تأسيسًا على هذه المقاربة، تسعى الدراسة إلى تفحص مدى مواءمتها ضمن نطاق الإطار المغاربي(2)، مع تسليط الضوء على الحالة الليبية-التونسية، وذلك لعدة اعتبارات لعل أبرزها:

  • رغم تقديرنا للجهود التي بُذلت من أجل توصيف وتحليل العلاقات بين البلدين (ليبيا وتونس)، إلا أنها، مع ندرتها، لا ترقى للمستوى الذي يعكس أهمية وحساسية الموضوع؛ سواء من حيث الموضوعية، أو التقيد بالمنهجية العلمية في الطرح، وذلك لكون جُلُّها سَلَك نهج الخطاب الصحفي العاطفي المؤدلج، أي المبني على توجهات محددة، أو أحكام مسبقة. إن مساهمتنا تسعى لتفادي هذه المثالب، مع إماطة اللثام عن حقائق وخفايا هذه العلاقة في محاولة لفتح آفاق تناولها، والتعاطي معها، بشكل أوضح وأعمق وأجدى.
  • لقد أهدرت النظم الأوتوقراطية/الشمولية في المنطقة العربية قدرًا ضخمًا من ثرواتها وإمكاناتها من أجل أمنها (وليس من أجل أمن شعوبها بالطبع)، وذلك بغية التمترس المجحف في سدة الحكم أطول ردح ممكن من الزمن. وعلى الرغم من مسلَّمة/يقينية أن أمن الإنسان هو شرط أساسي لتعزيز أمن الدولة بكافة عناصرها، ومكوناتها المتعارف عليها في أبجديات علم السياسة (شعب/ إقليم/ سلطة حاكمة)، إلا أن المؤشرات والمعطيات الرقمية المفزعة، والمستمدة من تقارير ومصادر موثوقة، والمتميزة بهامش كبير من الشفافية والدقة؛ تبين مدى الضرر والأذى الذي لحق ويلحق بالإنسان من جرَّاء النزاعات والحروب والمجاعة والفقر والأمية وانتهاكات حقوق الإنسان والفساد ونهب الثروات وتفشي الأمراض والكوارث (الطبيعية وغيرها) وغياب الديمقراطية والتبعية، وبقية العوامل المعيقة للتنمية المستدامة(3).
  • رغم ثبوت صحة الفرضية القائلة بأنه كلما زادت حدود أية دولة مع جيرانها كانت لها تجارب أكثر في الحروب(4)، إلا أن هذا لا يلغي مدى أهمية توظيف عامل التجاور الجغرافي في تعزيز التعاون والتكامل والاندماج، وذلك في حال توافر الإرادة السياسية لقيادات شرعية وحكيمة وراشدة.
  • منذ عقود، هيمنت النزعة الأنانية والمزاجية والنرجسية للمتنفذين والنفعيين والانتهازيين في كلا البلدين على توجيه دفة مسار العلاقات الليبية-التونسية صوب مصالح ضيقة؛ مما أدى ارتهانها لحالات من التأرجح وعدم الاستقرار/الثبات. لذا، تسعى هذه المساهمة إلى تسليط الضوء على الحاجة القصوى، والكيفية المثلى، لإعادة صياغة، بل و"عقلنة"، هذه العلاقات بما يخدم المصالح العليا للشعبين، الليبي والتونسي، لا لتوظيفها من أجل المآرب الشخصية لحكامها وأتباعهم ورموزهم، وسماسرة الأزمات.
  • تسعى الدراسة إلى التركيز في الإجابة على السؤال الأهم، ألا وهو: "كيف نفعل"، وليس "ماذا نفعل؟"، وذلك في مسعى للمشاركة الفاعلة، لا التقوقع في دائرة التأطير/الترف النظري، غير القابل للتطبيق على الصعيد العملي.
  • إن الخوض في موضوع العلاقات الليبية-التونسية له من المسوِّغات ما يخوِّله أن يكون "حالة دراسة" يمكن التعويل عليها كأنموذج قابل للاستئناس (إن لم أقل: التعميم) على باقي دول الجوار، وأخص بالذكر هنا، ولعدة اعتبارات موضوعية، محيطنا المغاربي. في تقديرنا، إن تعزيز التعاون البيني المغاربي، ومن ثمَّ تأطيره في سياق جماعي، وخاصة في خضم العلاقات مع دول جنوب غرب المتوسط الأوروبية، بدلًا من ارتهانه في التعاطي معها بصيغ انفرادية، سيضاعف من زخم المُكنة والمكانة التفاوضية المغاربية، وخاصة في المجالات ذات الاهتمام المشترك والمصالح المتبادلة؛ وعلى رأسها ملف الأمن، والمتمثل في قضايا الإرهاب والهجرة غير النظامية والتهريب وغسيل الأموال(5).

من هذا المنطلق، لا تتوقف الدراسة عند التكلس المتفشي في التوصيف التكراري/الماضوي -رغم أهمية السرد التاريخي للأحداث- بل تسعى في المقام الأول إلى تشخيص العلل والمعوقات؛ ومن ثم اقتراح حلول عملية ممكنة، مع محاولة استشراف المستقبل، وذلك في مسعى لإعادة بلورة العلاقات المغاربية بشكل عام، وبما يخدم ويضمن مصالح الشعوب، وليس الحكام.

في تقديرنا، أن على نخب المنطقة، وأخص بالذكر العناصر المستقلة والنزيهة منها، أن تسهم قدر ما أمكن، في وضع رؤى وتصورات فعالة قابلة للتطبيق، وتتحمل أوزار مسؤولياتها الكاملة من أجل خدمة الصالح العام -في مسعى جاد لتجاوز الأزمات الراهنة- وذلك بدلًا من الخنوع للخوف والسلبية، أو الدفاع عن مصالح فئوية ضيقة، أو الارتماء في أحضان الانتهازية والوقوع في مصيدة شراء الذمم، والاستكانة العمياء لمن هم في سدة الحكم.

بعد هذا التمهيد الذي تضمن أهداف وأهمية الدراسة والإطار النظري لها، ينبغي تناول مفاصلها وفق ما ورد في العنوان، أي تقسيمها إلى جزئيتين/مرتكزين، وهما: الواقع وآفاق التطوير.

واقع العلاقات الليبية-التونسية

قبل الولوج في تشخيص ما آلت إليه الحالة الراهنة للعلاقات بين ليبيا وتونس، ومن ثم التوصل إلى مقترحات تتضمن كيفية تصويب وتطوير التعاون بين هاتين الدولتين الجارتين، والأهم من ذلك، وكما أسلفنا الذكر، "عقلنتها" بدلًا من استمرار ارتهانها لنهج "المزاجية/العشوائية"، ينبغي التوقف، ولو في عجالة، لتوضيح ملامح أبرز المحطات التاريخية لهذا الإرث من العلاقات.

لقد شهدت العلاقات بين البلدين حالات عديدة من المد والجزر، كما أشرنا، ولكنها لم تصل إلى حدِّ الصدام المسلح، أو القطيعة التامة لأمد طويل، وذلك لاعتبارات عدة يمكن حصرها في طبيعة المكون الجغرافي/المجتمعي (خاصة بين منطقتي الجنوب التونسي وشمال غرب ليبيا)، مع ضرورة مراعاة تأثير لغة المصالح لا محالة.

في هذا الصدد، يمكن الوقوف، وبشيء من الاختصار والتركيز، عند المحطات التالية:

  • خلال مرحلة ما قبل استقلال البلدين، أي أثناء حقبة مقاومة الاستعمار الإيطالي لليبيا والفرنسي لتونس، سجلت العلاقات بين الشعبين درجة من الدعم والتآزر، وذلك في مسعى للتحرر، وإنهاء الاحتلال(6).
  • عقب الاستقلال (ليبيا 1951/ تونس 1956)، وتحديدًا أثناء فترة حكم الحبيب بورقيبة لتونس (1957-1987) والملك محمد إدريس السنوسي لليبيا (1951-1969)، يمكن وصف العلاقات بين الدولتين بمحدودية التفاعل. مردُّ هذا عدة أسباب، لعل أهمها انشغال وتركيز حكومتي البلدين في ترتيب شؤونهما الداخلية، إثر قرون من الاستعمار المباشر؛ ناهيك عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها في تلك الفترة، والمتمثلة في ندرة الموارد والثروات، وبالتالي محدودية دور المصالح المادية في توجيه دفة مسار العلاقات بينهما.
  • أثناء فترة تزامن بدايات حكم معمر القذافي لليبيا، مع ما تبقى من عهد بورقيبة (1969-1987)، تميزت العلاقة بدرجات من حدَّة التوتر، رغم بعض المحاولات الارتجالية التي وُلدت ميتة (كما حصل مع عدة دول عربية أخرى) من قبل القذافي لتوحيد البلدين في صيغة "اندماجية"، وذلك في جزيرة جربة التونسية، في يناير/كانون الثاني عام 1974، وتحت ذرائع وشعارات "قومية" مختلفة كانت تخيم بظلالها على الخطاب السياسي في تلك الحقبة، ولعل أبرزها "تحرير فلسطين" وتحقيق "الوحدة العربية" وتعزيز "المد القومي العربي". السبب، في تقديرنا، يكمن في تصادم الرؤى والأيديولوجيات بين الطرفين، أي بين تبني نهج المؤسساتية و"البراغماتية السياسية"(7) من الجانب الرسمي التونسي؛ مقابل تغليب أساليب الشخصنة والمزاجية والعبث في السياسة الليبية، بالإضافة إلى ضغوطات فرنسية على تونس كما يرى البعض(8). خلال هذه الفترة، وإثر تخلي نظام بورقيبة السريع والمفاجئ عن تحقيق طموحات القذافي بخصوص ما تم التوافق حوله في "إعلان جربة"، أي بعد حوالي يومين، تصاعدت وتيرة التوتر بين البلدين، مما حدا بحكومة بورقيبة إلى اتهام نظام القذافي، وبشكل واضح ومباشر، لزعزعة الأمن والاستقرار في تونس، والتدخل في شؤونها الداخلية(9).

ومن ردود فعل القذافي حيال إحباطاته المتكررة في خلق زعامة إقليمية تحت مبرر الدفاع عن "القومية العربية"، صدر في ليبيا القانون رقم 6 لسنة 1987 تحت اسم "قانون مكافحة الهجرة"(10)، ونُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول 1987، أي قبل أيام معدودة من نهاية حكم بورقيبة في  7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987. لقد تضمن هذا القانون السماح لمواطني الدول العربية بالدخول إلى ليبيا ببطاقات الهوية الشخصية فقط، بدل جوازات السفر(11). هذا أدى إلى توافد الكثير من العرب غير المهرة، وخاصة من دول الجوار العربية، بغية تحسين ظروفهم المعيشية، أو الإفلات من العقاب في بلدانهم الأصلية جرَّاء جرائم اقترفوها فيها؛ ناهيك عن توظيفهم سياسيًّا لاحقًا كأداة لتهديد حكوماتهم من قبل نظام القذافي حال تعارض مصالحه مع توجهاتهم، وهذا ما حصل في وقائع وحالات عديدة لا يتسع المجال للخوض في تفاصيلها. كما يجدر التنويه إلى أن هذه الفترة، وتحديدًا بتاريخ 10 يونيو/حزيران 1977، شهدت الاتفاق بين البلدين على إحالة القضية محل التنازع، والمتعلقة بالجرف القاري إلى محكمة العدل الدولية، والتي سنعرِّج عليها لاحقًا في هذه الدراسة.

  • أثناء عهد حكم زين العابدين بن علي (1987-2011)، وما تبقى منه، ومن حكم القذافي (1988-2011)، شهدت العلاقات نوعًا من الانفراجات الناجمة عن توافقات ظرفية نفعية/مصلحية بين القيادتين/السلطتين العسكريتين، مصحوبةً بابتزاز متبادل، وليس من طرف واحد كما يظن البعض(12). حصل هذا بفعل عدة عوامل، منها: تأزم الأوضاع الداخلية في تونس، والحصار الدولي الذي فُرض على ليبيا (أو بالأحرى على الشعب الليبي)، وذلك في مستهل عقد التسعينات من القرن المنصرم.

أثناء تلك الحقبة، ووفقًا لصحيفة الشروق التونسية، "...أصبحت ليبيا تدريجيًّا الشريك الاقتصادي الأول لتونس عربيًّا وإفريقيًّا، والشريك الخامس لتونس عالميًّا. وتشير الأرقام إلى بلوغ المبادلات التونسية مع ليبيا ما يناهز 7٪ من مجموع مبادلات البلاد مع الخارج، عام 2010، كما بلغ عدد المؤسسات التونسية المستثمرة في ليبيا، أي لها فروع في دولة الجوار، حوالي 1000 مؤسسة، وبلغ عدد التونسيين العاملين في ليبيا حوالي 150 ألف عامل"(13). وأضافت الصحيفة أن "هذا المشهد الجديد من الوئام بين الدولتين لم يُخْفِ في المقابل استمرار بعض التوترات؛ من ذلك: عدم التزام الطرف الليبي بما تم التوصل إليه من اتفاق حول حدود المياه الإقليمية بينهما (الجرف القاري)، تنفيذًا للحكم الصادر عن المحكمة الدولية بداية الثمانينات؛ الأمر الذي حرم تونس من جزء مهم من الخيرات النفطية في هذا الجرف. وفي عام 2010، اتخذت الحكومة الليبية إجراءات جمركية كانت لها تأثيرات سلبية على عدد كبير من التجار التونسيين"(14).

  • إثر انتفاضات شعبي البلدين ضد ابن على والقذافي في مطلع عام 2011، وخاصة إثر امتعاض الأخير العلني والصريح مما حصل في تونس، وفي محاولة لإجهاض "الثورة"، وخشية على نفسه وعلى نظامه من السقوط، تعاظمت وتيرة التآزر الوجداني بين الشعبين، مما حدا بالقيادات التونسية، عقب رضوخ ابن علي للمطالبات والضغوطات الشعبية بالتخلي عن السلطة (بشكل سلمي وسريع وسلس) إلى نصرة الانتفاضة الشعبية المسلحة في ليبيا ضد النظام السابق، والذي استمر لعدة أشهر، ولا تزال تداعياتها تهيمن على الأوضاع في ليبيا، حيث تعتبر الكلفة، من حيث الخسائر البشرية والمادية والنفسية، باهظة الثمن نسبيًّا.

آفاق تطوير العلاقات الليبية-التونسية

قبل الخوض في غمار طرح أفكار تتعلق بتطوير وتعزيز العلاقات بين البلدين الجارتين، وبشكل ينبغي أن يخدم مسار تحقيق المصالح المشتركة لشعوبها وليس لحكامها، ونظرًا إلى ما آلت اليه الأوضاع فيهما بعد ثورات/انتفاضات مطلع 2011، مع التحسن النسبي لها في تونس، والتأزم الحاصل في ليبيا، يجب الإجابة على السؤال المطروح على الساحة في هذه الآونة، ألا وهو: هل أصبحت ليبيا تشكِّل تهديدًا حقيقيًّا ومباشرًا و"وحيدًا" على أمن واستقرار تونس؟ للإجابة على هذا التساؤل، ينبغي توضيح جملة من الحقائق والمعطيات التالية:

1) لا مجال للإنكار، أو الاجتهاد بالإفصاح الاجتراري، عن حقيقة أن تأزم الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والمجتمعية في ليبيا حال دون قيام دولة بمفهومها العصري. إن انتشار الاسلحة والمروق وتمترس التطرف والإرهاب وتمدده عبر دول الجوار، وذلك بسبب ترهل بل غياب الرقابة على الحدود، وتنامي الجريمة المنظمة والتهريب والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، وهيمنة ثقافة "المنتصر والغنيمة" والانتقام والصراع على السلطة والنفوذ؛ ناهيك عن تكلس رواسب الحكم الشمولي في ليبيا، والتي عملت على كبت وتجريم الممارسات الديمقراطية وتغييب المؤسسات وحجر الوعي والثقافة السياسية، أسهمت إلى حدٍّ كبير في تكريس حالة هشاشة الدولة، بل تكاد تصل بها إلى مصافِّ الدول الفاشلة، مما ستنعكس تداعياته سلبًا على كافة دول الجوار، دون استثناء.

2) إن ما حصل في ليبيا أثناء فترة الحرب ضد ترسانات وأدوات النظام السابق كان بدعم إقليمي ودولي لا محدود، وتونس كان لها السبق في ذلك. لقد كانت (تونس)، بفعل الظروف المصاحبة لتلك الفترة، ودون مدعاة للشك، الرئة التي تنفست من خلالها الانتفاضة في غرب ليبيا، وخاصة منطقة جبل نفوسة. خلال تلك المرحلة الحاسمة والخطيرة، وفَّرت تونس، حكومةً وشعبًا، المساعدة والحماية والظروف الملائمة لنزوج العديد من الأسر الليبية من ويلات الحرب، وتحديدًا من مناطق غرب ليبيا. كما كانت (تونس) موقعًا استراتيجيًّا لفرق العمل الليبية التطوعية التي ناصرت ودعمت "الثورة" ماديًّا وفنيًّا وإنسانيًّا، والممر الآمن للدعم اللوجستي وتحركات المقاتلين والأسلحة والذخيرة والأموال من الخارج (من ليبيين وغيرهم)، وبدراية وموافقة تونسية، لأنها كانت من مقتضيات تحقيق النصر ضد آلة حرب النظام الأوتوقراطي القمعي. إلا أن هذا لا ينفي حقيقة أن هذا المتنفس سمح أيضًا لرموز وقيادات النظام السابق بتهريب ما نهبوه من أموال خارج ليبيا، والتحرك لتشويه وكبح جماح "الثورة" عبر عدة سبل، حيث لا يزال نشطًا (مثل ما يسمى بـ"الجيش الإلكتروني")، وذلك بغية الانتقام، وقطع السبيل أمام قيام دولة في ليبيا تخوفًا من مثولهم أمام المحاكم ومقاضاتهم.

من خلال ما سبق، وبعد مرور سنوات على الانتفاضات، وما آلت إليه الأوضاع في كلا البلدين، يجب التذكير بأن الاستمرار في توجيه الاتهامات لا يجدي نفعًا، ولا يشكِّل مخرجًا للأزمات التي نعانيها جميعًا، لأن الواقع يفرض على الكل (أقصد كل الأطراف المعنية) أن يكونوا جزءًا من الحل، وليس المشكل فقط. عند استحضار التاريخ، والكف عن القفز على الحقائق، يمكن رصد الملاحظات التالية:

أولًا: خلال فترة الحصار الدولي على الشعب الليبي في مطلع التسعينات من القرن المنصرم، وأثناء السنوات العجاف (1980-1988) التي مارس خلالها النظام السابق أبشع صور القهر والظلم والعسف والإعدامات العلنية والتصفيات الجسدية ضد الليبيين، وخاصة المناوئين لنرجسيات وسياسات معمر القذافي، بما في ذلك التطبيقات المجحفة والمعيقة لعجلة التنمية وفق ما ورد من في كتابه "الأخضر"، مرفقًا بممارسة شتى طرق العبث بالاقتصاد الليبي (منها على سبيل المثال لا الحصر: الاستيلاء على الممتلكات والأموال/ التأميم شبه الكامل للقطاع الخاص/ استشراء وتفاقم حجم الفساد المالي والإداري والأخلاقي). كما دُمِّر خلالها ما تبقى من بنى تحتية (خاصة قطاع الصحة)؛ كانت تونس، واستمرت على هذا الحال حتى اللحظة، الملاذ السهل بالنسبة لليبيين سواء فيما يتعلق بالعلاج أو التجارة أو الاستثمار أو التبضع أو السفر عبر مطاراتها أو السياحة أو تهريب العملات الصعبة والوقود والسلع المدعومة.

بالمقابل، ومن خلال لغة الوقائع والمعطيات الرقمية، شهدت تونس (وخاصة جنوبها "المهمش"، حسب ادعاءات ومطالبات قاطنيه) تحسنًا معيشيًّا وازدهارًا اقتصاديًّا ملحوظًا لا يمكن تجاهله. لكن جُلَّ مردود الانتعاش الذي حصل في الجنوب التونسي، والذي حصل، ولا يزال، بمباركة مستترة من قبل السلطات التونسية -لكونه يزيح عبء تحملها لمسؤولية تحسين معيشة سكان الجنوب- يعد نتيجة للتهريب مما أسهم إلى حدٍّ كبير في ترسيخ "الاقتصاد الرمادي" أو "اقتصاد الظل" الذي تنجم عنه تشوهات وانعكاسات وخيمة على المدى البعيد، لأنه يعتمد على ظروف وأزمات مرحلية تعيشها ليبيا، لا على أساس نظرة استراتيجية واقعية.

ثانيًا: رغم ما حصل من انعكاسات سلبية على الاقتصاد الليبي، جرَّاء تنامي ظاهرة تهريب الأموال وكافة السلع المدعومة، بما في ذلك الوقود والمحروقات، من قبل شبكات تهريب مشتركة تتخذ من المناطق المتاخمة على الحدود معاقل لها، وتمارس الجريمة المنظمة جهارًا، ودون رادع، لم نشهد أي استهجان أو استياء من قبل من يكيلون الاتهامات حيال ما يجري من أضرار جمة على مقدرات الشعب الليبي(15). قد يتحجج البعض بأن كل دولة تبحث عن مصالحها بذريعة أن هذا ما هو إلا ضرب من البراغماتية السياسية، وهم محقون في ذلك دون أدنى شك، وهذا ليس محل سجال أو خلاف، ولكن هذا لا يعني البتة الاستمرار في التعامل مع ليبيا كما سبق، مما يستوجب الأمر مراعاة ترسيخ القاعدة الذهبية في علاقات الدول والتي مفادها "الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة".

ثالثًا: لقد نوهنا ونبهنا في العديد من المناسبات والإسهامات، بما في ذلك ضمن المناشط الفكرية التي شاركنا بها في تونس، واللقاءات التي أجريناها مع وسائل الإعلام التونسية، وبكافة أطيافها، أن الوقت قد حان لإعادة بلورة/عقلنة العلاقات الليبية-التونسية، والتأسيس لمرحلة جديدة، عبر حوار أكاديمي مشترك، ينطلق من الاعتراف بحقيقة أن الطرفين جزء من المشكل، ويتحلى بالموضوعية والشفافية والجدية، ليجمعهما بغية البحث عن مخرج عملي لهذه الأزمات والمختنقات، وتكثيف الجهود من أجل تنوير الرأي العام وتوعيته وفق رؤية حضارية موحدة، ومن ثم دفع السلطات المعنية لتحمل المسؤولية، وتبنِّي مقاربة التعاون والمصير المشترك.

في هذا السياق، أزعم بأن أهم الأفكار التي يجب أن تُطرح في هذه المرحلة العصيبة ضرورة استيعاب أن الإرهاب والتهريب صنوان متلازمان كلما تقتضي الحاجة والظرف إلى التماهي بينهما، وبالتالي أرى أن من ضمن أنجع السبل لمكافحة الإرهاب العمل على محاربة التهريب. لذا، يجب على الطرفين التنسيق والحزم بخصوص الفساد المالي والإداري المستشري في بعض القطاعات الأمنية لكلا البلدين، لكونها المعنية بالأساس للقيام بهذه المهمة الضبطية الملحَّة. كما تجب الإشارة إلى أن المهرِّب لا يعترف بالتخصص في تهريب سلعة معينة؛ وبالتالي لا يجد غضاضة أو يتوانى عند توافر الفرصة والظرف المناسب لتهريب أي شيء يدر عليه مزيد الثروة والمال، وخاصة ما قلَّ وزنه وغلا ثمنه، ومنه السلاح والذخائر والمخدرات، والبشر أيضًا.

رابعًا: تأسيسًا على ما سبق، يجب التركيز على تعزيز وتطوير التعاون المعلوماتي/الأمني، وفرز الخلايا المندسة التي تخترق مفاصل الدولة الحساسة، والمتمثلة بشكل أكبر في شبكات الفساد والتطرف والدولة العميقة، والعمل على تفعيل التنمية المكانية، لأننا على قناعة بأن التشبث باستمرار تفعيل فكرة "الجدار أو السد العازل" سوف لن تجدي نفعًا، وذلك لعدة أسباب، لعل أبرزها:

  • أن الأعمال الإرهابية المؤلمة التي وقعت في تونس لم تقتصر على ارتباطها بتأمين الحدود مع ليبيا فقط، لأن ما حصل من جرائم عدائية ضد الجيش التونسي في جبل الشعانبي المحاذي للحدود مع الجزائر، وكذلك القضاء أو القبض على عناصر وخلايا إرهابية في ولاية قفصة ومدن تونسية أخرى عقب جرائم باردو وسوسة ووسط تونس العاصمة لها امتدادات في مالي وبعض دول جنوب الصحراء يوضح مدى القصور في اختزال المشهد الأمني بهذه الطريقة(16). أضف إلى ذلك، أنه لا ينبغي تجاهل السواحل البحرية غير المؤمَّنة بشكل كامل وفعال، والتي تشكِّل بديلًا متاحًا للتسلل والتهريب والإرهاب.
  • أن التهريب، ومنذ عقود، كما أشرنا سلفًا، شكَّل المصدر الأساسي للاسترزاق بالنسبة لجل قاطني المناطق الحدودية، وبالتالي كانت الخشية أن تكون ردود فعل المهربين عكسية حين الشروع في تنفيذ هذا "العازل"، (وهذا ما حصل) حيث إن الأحداث المتكررة من الإضرابات والاحتجاجات وأعمال العنف التي تقع في الجنوب التونسي كلما زاد الضغط الرسمي على التهريب أو انسيابية الحركة عبر المنافذ ما هي إلا مؤشر لتأكيد هذه الفرضية. هذا يتطلب ألا تخضع هذه المناطق وقاطنوها، بما في ذلك المتاخمة على الحدود في البلدين، لتكميم الأفواه عبر منحها فرص تحسين معيشتها بطرق غير مشروعة والتعيش على الاقتصاد الرمادي والأزمات وأساليب الابتزاز والمساومات السياسية، بل يجب أن يقوم الجانبان، الليبي والتونسي، بإقامة شراكة تكاملية ومشاريع تنموية حقيقية. 
  • أن تمترس الفساد عبر المنافذ سوف يتصلب عوده لأن منظومات الفساد هي المستفيد الأكبر من تضييق الخناق على المواطنين، والمهربون على وجه التحديد.

ختامًا، في هذه المرحلة ينبغي توخي الموضوعية في الطرح، والعمل المشترك لحماية أمننا ومكتسباتنا جميعًا من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة، ولدعم مسيرة توطيد العلاقة بين البلدين الشقيقين، بما يخدم المصالح المشتركة. كما أقترح أن تقوم الدبلوماسية التونسية، الرسمية والأهلية، بدور أكثر إيجابية وفعالية، ليس عبر التصريحات والمجاملات فقط، في دعم مسارات الحل السلمي للأزمة الليبية، والتوصل إلى توافق بخصوص حكومة موحدة لكونها تصب في مصلحة تونس وأمنها كذلك، لأنه يمكن الجزم بأن هناك من يتربص ويسعى جاهدًا وعبر كافة السبل "لدس السم في العسل"، وبث الفتن ونشر الإشاعات الهدامة لتكريس وهم "الترحم على الماضي"، وتأجيج الخلافات بين شعبين تربطهما أواصر متينة مدججة بحتمية المعطي الجغرافي/التاريخي/المجتمعي، والمصلحي أيضًا.

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1)a انظر:

‘Human Development Report 1994’, New Dimensions of Human Security, the United Development Programme (UNDP), New York, Oxford University Press, 1994,

http://hdr.undp.org/sites/default/files/reports/255/hdr_1994_en_complete_nostats.pdf, pp. 22-46.

انظر أيضًا: روب ماكري دان هيونيرت (ترجمة لينا المنجد)، الأمن الإنساني والدبلوماسية الجديدة: حماية الناس وتعزيز السلام (الرياض: السفارة الكندية، بتصريح من مطبعة جامعة ماجيل في مونتريال وكينجستون- لندن- إيثاكا، 2000).

(2) لمزيد الإيضاحات حول سياق علاقة ليبيا التفاعلية مع إطارها المغاربي (الثنائي مقابل الجمعي)، انظر دراستنا:

Ahmed A. Al-Atrash ‘The Changing Interactions between Libya and the Maghreb: Bilateral versus Multilateral Engagement’, The Journal of North African Studies, vol. 16, no.2, June 2011, pp. 251-262.

(3) انظر على سبيل المثال: تقارير التنمية البشرية وتقارير التنمية الإنسانية العربية، الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP): www.undp.org

(4) لمزيد التفاصيل حول مسألة التجاور الجغرافي، وتداعياتها السلبية على العلاقات بين الدول، انظر:

Vasques, J. A. ‘Why Do Neighbors Fight? Proximity, Interactions, or Territoriality’, Journal of Peace Research, vol. 32, no. 3, 1995.

في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن طول الحدود الليبية-التونسية المشتركة يبلغ حوالي 459 كيلومترًا.

(5) انظر مثلًا:

- مصطفى الفيلالي، المغرب العربي الكبير: نداء المستقبل، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، 1989).

- امحمد مالكي وآخرون، نصف قرن على المشروع المغاربي: كلفة اللامغرب، (مراكش: مختبر الدراسات الدستورية والقانونية، كلية الحقوق، جامعة القاضي عياض، 2008).

- أحمد علي الأطرش، اتحاد المغرب العربي: هل حان وقت الإحياء؟ ’مجموعة الخبراء المغاربيين‘، مركز الدراسات المتوسطية والدولية ومؤسسة كونراد أديناور، ص ص 4-6،

http://s2.e-monsite.com/2010/03/16/83421534mg-paper-n-1-pdf.pdf

(6) انظر: عبد اللطيف الحناشي، العلاقات التونسية الليبية: مرتكزاتها، معطياتها، مساراتها المحتملة، مركز الجزيرة للدراسات، 2 يوليو/تموز 2011 تم التصفح في 25 فبراير 2021: www.studies.aljazeera.net/ar/reports

(7) هنا يجب التوضيح بأن مصطلح "البراغماتية" (pragmatism)، وفي حالات عديدة، قد يوظف ويؤول بطريقة خادعة ومضلِّلة كمرادف بديل لمفهوم "الانتهازية" (opportunism).

(8) انظر: ’نقطة  ضوء: العلاقات التونسية الليبية: صدام ووئام...وخصام‘، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2015، تم التصفح في 23 فبراير 2021:

www.archive.alchourouk.com

(9) أبرز هذه الأحداث التي اتُّهم فيها معمر القذافي، بدعمه لها ماديًّا وعسكريًّا ولوجستيًّا، هي: الإضراب العام الذى دعا إليه ونظمه الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو من القوى الفاعلة والمؤثرة في الحياة السياسية التونسية (1978)، وأحداث قفصة (1980)، و"انتفاضة الخبز" (1983-1984)، وطرد عشرات الآلاف من العمال التونسيين (1985) كرد فعل على الاتهامات التونسية، وورقة ضغط لمضاعفة الأزمات الاقتصادية التي مرَّت بها تونس، مع تحقيق سياسة استمالة وكسب ود سكان الجنوب التونسي المحاذي لليبيا (المهمشين من قبل السلطات العليا التونسية حسب قولهم واحتجاجاتهم في عدد المناسبات، وخاصة عندما تقرر تونس إغلاق منافذها البرية مع ليبيا، وأهمها معبر رأس اجدير الحدودي)، وذلك بغضِّ الطرف عن تحسين أوضاعهم المعيشية عبر عدم ملاحقتهم في الاستفادة المادية من تهريب الوقود والسلع المدعومة من ليبيا إلى تونس، ومهما كانت أضرارها على الاقتصاد الليبي.

(10) للتوضيح، ومن واقع حال طبيعة أساليب حكم أنظمة حكم الفرد الشمولية، فإن كل التشريعات والقوانين التي صدرت إبَّان النظام السابق، كانت، وبشكل أو آخر، بتوجيهات وموافقة والتدخل المباشر للقذافي عبر غطاء ما كان يُعرف بـ"توجيهات القائد" أو "الشرعية الثورية"، والتي صدر في شأنها قانون يشرعن ويعزز هذا التدخل المجحف. انظر: ’قانون رقم (1) لسنة 1990 بشان إصدار وثيقة الشرعية الثورية‘، مؤتمر الشعب العام، 9 مارس/آذار 1990: https://security-legislation.ly/ar/node/35302

(11) انظر: عمران عبد السلام الصفراني وحسين صالح جوان، الهجرة الدولية إلى ليبيا، (طرابلس: المنظمة الدولية للهجرة، 2008)، ص ص، 44-45. انظر أيضًا: طارق خالد الإدريسي "مراحل تطور مكافحة الهجرة غير الشرعية في القانون الليبي"، صبراتة: مجلة المتوسط، العدد الأول، السنة الأولى، يونيو/حزيران 2018، ص 9.

(12) انظر على سبيل المثال: عبد اللطيف الحناشي، العلاقات التونسية الليبية: مرتكزاتها، معطياتها، مساراتها المحتملة، مصدر سبق ذكره.

(13) نقطة ضوء: العلاقات التونسية الليبية: صدام ووئام...وخصام، مصدر سبق ذكره.

(14) نفس المصدر.

*لمزيد التفاصيل حول منطوق وحيثيات وتفسيرات حكم محكمة العدل الدولية المتعلق بقضية الجرف القاري بين ليبيا وتونس، وفق الاتفاق الذي أُبرم بين سلطات الدولتين بتاريخ 10 يونيو/حزيران 1977 على إحالة القضية للمحكمة، انظر:

موجز الأحكام والفتاوى والأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية 1948-1991، ST/LEG/SER F/1، منشورات الأمم المتحدة:

- القضية المتعلقة بالجرف القاري (تونس/ ليبيا)، الحكم الصادر في 9 فبراير/شباط 1982، ص ص 154-157.

- طلب مراجعة وتفسير الحكم الصادر في 24 فبراير/شباط 1982 في القضية المتعلقة بالجرف القاري (تونس/ ليبيا) الحكم الصادر في 10 ديسمبر/كانون الأول 1985، ص ص 203-211.

(15) وفق تقرير ديوان المحاسبة الليبي لسنة 2018، وهو آخر تقرير لهذا الجهاز المحاسبي الأهم في ليبيا، وذلك نظرًا للانقسامات السياسية/المؤسساتية والظروف الأمنية في البلاد، فإن الباب الرابع المتعلق بالدعم الذي تضمنه الجدول التفصيلي للمصروفات من "الترتيبات المالية" (كبديل عن قانون للميزانية الذي تعذر إصداره إثر تشظي السلطة التشريعية) خُصِّص له مبلغ (بالدينار الليبي) وقدره 6,540,000,000، إلا أن ما تم تسييله فعليًّا فاق ذلك حيث بلغ 6,740,000,000؛ أي إن نسبة الدعم بلغت 17% من قيمة المصرفات المُسيلة وهي: 41,327,815,410. وبشيء من الدقة، واستنادًا على نفس التقرير، فإن ما أنفقته الدولة الليبية على توريد المحروقات من خارج ليبيا لغرض "الاستهلاك المحلي" خلال الأعوام 2013-2018، بلغ نحو 35.7 مليار دينار تقريبًا. على الرغم من تعذر معرفة ما يُهرَّب من المحروقات إلى دول الجوار (باستثناء الجزائر)، ومنها دول جنوب غرب المتوسط الأوروبية، نظرًا للفارق الهائل في الأسعار، إلا أن أزمات عدم توافرها أو تضاعف أسعارها بسبب خضوعها للسوق السوداء باستثناء ليبيا في فترات عديدة، وخاصة في غربها وجنوبها، مع توافرها في المناطق الحدودية مع دول الجوار، تؤكد حقيقة ضخامة حجم الكميات المُهربة، وما تشكِّله من عبء على الاقتصاد الليبي.

انظر، ’ديوان المحاسبة الليبي، التقرير السنوي لعام 2018 ميلادية‘، ص 12 و204-205 تم التصفح في 24 فبراير 2021:

http://audit.gov.ly/home/pdf/LABR-2018.pdf

(16) انظر: الإرهاب في تونس من خلال الملفات القضائية، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمركز التونسي للبحوث والدراسات حول الإرهاب، (تونس: أكتوبر/تشرين الأول 2016). تم التصفح في 27 فبراير 2021