شمال موزمبيق.. جبهة عالمية جديدة لمكافحة الإرهاب

حالة صعود الجهاديين في شمال موزمبيق قد تعني في شمال موزمبيق ظهور حزام جهادي في جنوب القارة مواز للحزام الموجود في الساحل في غرب القارة، وهو حزام لا يبعد أن يكون ظهوره مرتبطا بتراكم مظالم المجموعات المحلية المولدة للصراع في شمال موزمبيق كما توضح ذلك هذه الورقة.
يعاني سكان شمال موزمبيق من تهميش الحكومة وتجاهلها وهو ما عمق الوضع الأمني هناك (الفرنسية)

شهد العام 2020 ذروة تصعيد الهجمات في شمال موزمبيق حيث تصاعد نشاط المجموعات الجهادية التي سرَّعت من هجماتها ضد القوات الحكومية والمصالح الأجنبية، كما نجحت في فرض سيطرتها على بعض المدن في شمال شرق البلاد. شيئا فشيئا تحولت بعض مناطق شمال موزمبيق إلى جبهة جديدة في الحرب العالمية على الإرهاب، حيث باتت تلك التطورات تتصدر عناوين الأخبار في وسائل الاعلام الدولية.

أولا: إقليم كابو ديلغادو والتهميش الحكومي:

يعتبر كابو ديلغادو من أفقر الأقاليم الموزمبيقية، ويقع شمال شرق البلاد بالقرب من الحدود مع جمهورية تنزانيا، وتسكنه غالبية مسلمة، حيث يشكل المسلمون نسبة 18% من سكان البلاد، ونسبة 58% من سكان هذا الإقليم البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة(1).

واستنادا لبعض الإحصائيات أيضا(2)، يشكل المسلمون خُمس سكان البلاد، ويعيش غالبيتهم في شمال البلاد بإقليم كابو ديلغادو. كما أنهم يشكلون 75% من السكان في ست من أصل 17 من مقاطعات الإقليم، بينما يشكل الكاثوليك 36%. كذلك، يسجل الإقليم أعلى نسبة أمية بالبلاد 60%، و35% هي نسبة تمدرس الأطفال في المرحلتين الابتدائية والثانوية، بينما تصل نسبتهم في مرحلة ما بعد الثانوي 0.3%، كما تصل نسبة العاطلين عن العمل 88%.

تاريخيا، ظل إقليم كابو ديلغادو يرتبط حضاريا بتنزانيا المجاورة أكثر من ارتباطه ببقية أقاليم البلاد الأخرى، حيث كان تسود فيه الطرق الصوفية ذات التوجه المعتدل والمتأثرة بالتقاليد والممارسات المحلية في الغالب، وهو ما يعرف محليا بـ"السنة السواحلية" ((Swahili Sunnah(3)، وذلك منذ انتشار الإسلام هناك في القرن التاسع عشر، قبل أن يجري خلال العقود الأخيرة تحول ملحوظ إلى نمط التدين السلفي أو الوهابي.

ثانيا: الانعطاف نحو اندلاع العنف:

منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2017 باتت موزمبيق لافتة للاهتمام، بعد أن شنت مجموعة جهادية هجمات استهدفت ثلاثة مواقع للشرطة لتتصاعد هجماتهم بعد ذلك وتحقق زخما إعلاميا كبيرا. ومنذ ذلك الحين بات شمال موزمبيق بؤرة جديدة للجهاد العالمي، خاصة مع الاهتمام الدولي بهذه التطورات مؤخرا.

مؤخرا، وبشكل أكثر تركيزا، عادت الأوضاع بشمال موزمبيق إلى دائرة الأضواء بعد أن أعلن تنظيم الدولة السيطرة على مدينة "بالما" الساحلية القريبة من حدود تنزانيا(4) في 29 مارس/آذار 2021 بعد خمسة أيام من هجوم منسق. ويقطن بالما نحو 75 ألف نسمة، كما تقع على بعد عشرة كيلومتر فقط من مشروع غاز ضخم تديره شركة "توتال" الفرنسية ويتوقع البدء في الإنتاج في العام 2024. أحكم المهاجمون السيطرة عليها حيث بثت وكالة "أعماق"(5) صورا بالتاريخ المذكور تؤكد السيطرة على المدينة، قبل أن تعلن القوات الحكومية طرد المسلحين منها في 4 إبريل/نيسان 2021م.

وتفيد بعض التقارير الإعلامية أنهم باتوا يتوسعون، بل ربما يستهدفون شبه جزيرة "افونقي" (Afungi) التي تبعد بأميال فقط عن نشاط عمليات شركة "توتال"، وبالتالي ظهر نشاط آخر يهدد خطوط الاتصالات والمصالح الحكومية في الإقليم، فضلا عن صناعة الغاز الواعدة هناك.

كان العام 2020 نقطة تحول في أنشطة المجموعة؛ حيث غدوا أكثر تنظيما وقدرة على استهداف القوات والمواقع الحكومية؛ إذ شنت المجموعة هجمات متناسقة أسفرت عن السيطرة على ميناء ذي أهمية استراتيجية (موسيمبوا دا باريا)(6) في مارس/آذار 2020 لفترة من الوقت ثم أعادوا السيطرة عليه مرة أخرى من الحكومة في 12 أغسطس/آب 2020.

وبحسب "مشروع بيانات ومواقع وأحداث الصراعات المسلحة" (ACLED)(7) فإن حوادث العنف المنظم خلال الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول 2017 وأبريل /نيسان 2021، قد بلغت نحو 856؛ حيث نجم عنها مقتل نحو 2.780، فيما بلغت الوفيات عن استهداف المدنيين نحو 1.378.

ثالثا: أسباب وتاريخ ظهور "الشباب"

تُنسب الأعمال الإرهابية في شمال موزمبيق إلى مجموعة صغيرة تعرف بأنصار السنة؛ أو "أهل السنة والجماعة" كما يطلق عليها محليا اسم (الشباب)، بينما يطلقون على أنفسهم "اهل السنة والجماعة"، حيث بدأت كمجموعة دعوية سلمية(8). وقد تشكلت النواة الأولى لهذه المجموعة من أتباع داعية كيني يدعى عبود روغوا محمد (قتل على يد الشرطة في بلاده العام 2012م)، بدأ ينشر أفكاره هناك، حيث بدأت كمجموعة متطرفة قبل أن تتحول إلى تمرد كامل، حيث تأسست الجماعة في العام 2015 من اتباعه المتأثرين بأفكاره، والذين عادوا من كينيا إلى شمال موزمبيق.

منذ أبريل/نيسان 219 أصبحت "ولاية وسط إفريقيا" (ISCAP) (9) التي تضم فروعا في وسط (وجنوب) وشرق إفريقيا تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). ومع تصاعد تهديدات هذا التنظيم، ففي العاشر من مارس/ آذار أدرجت الولايات المتحدة (10) فرع داعش في شمال موزمبيق وشرق الكونغو الديموقراطية (ISIS -DRC) (ويعرف بـ "القوات الديموقراطية المتحالفة") في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وبينما يذهب آخرون إلى أن هذه المجموعة قد ظهرت بين العامين 2012 و2014، وهناك أيضا من يرجع ظهورها إلى العام 2000، حين أسس "مجلس مسلمي موزمبيق"(11) فرعا محليا له في كابو ديلغادو تنازعه تياران: التيار الصوفي التقليدي، والتيار السلفي الجديد، وكان الأخير قد شهد صعود فصيل متطرف انبثقت عنه المجموعات التي لجأت لاحقا إلى العنف. وعلى هذا النحو، يرى فليكس ما كوناي(12) أيضا أن تأسيس الحركة يعود إلى العام 2015 عندما تجمع تجار الطرقات الذين جمع بينهم اليأس الاقتصادي والتطرف الديني. كما يذهب أيضا -استنادا إلى "المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية" 2018- بأن هذه الجماعة تأسست من الطلاب العائدين من الدراسة في السودان والمملكة العربية السعودية والخليج العربي.

ويجادل البروفيسور مورييه- غينود(13) بأن أصل ظهور المتمردين في إقليم كابو ديلغادو يعود إلى فرقة إسلامية في العام 2000، تحولت إلى الإسلاموية الجهادية في منتصف عام 2010، ثم انتقلت إلى الهجوم المسلح عام 2017. كما يعزو تحولها إلى العنف الجهادي للقمع الذي واجهته كطائفة صغيرة من المنظمات الإسلامية الرئيسة ومن أجهزة الدولة(14).

رابعا: أسباب صعود الجهاديين:

رغم شيوع التحليلات التي تكاد تكون دارجة في تفسير عوامل وأسباب انتشار المجموعات الجهادية في مختلف أقاليم القارة الإفريقية، غير أن هناك شبه إجماع في حالة إقليم كابو ديلغادو، بأن الأسباب المحلية، من قبيل التهميش التنموي والتجاهل الحكومي إلى جانب القمع، هي العوامل الأقوى في تفسير ظهور وصعود هذه المجموعة الجهادية في هذا الإقليم، أكثر من عامل الأسباب الخارجية كالتأثر بتيارات الجهادية العالمية على سبيل المثال.

وأما على صعيد العوامل الاقتصادية والاجتماعية(15)، فإن غالبية عناصر المجموعة هم من شباب قومية "مواني" الذين ارتبطوا تاريخيا وثقافيا بموارد ونمط عيش السواحل، كما أنهم باتوا مؤخرا يشكون من سيطرة قبيلة "ماكوندي" على الفرص والموارد في الإقليم؛ إذ باتوا يزدادون فقرا مع ازدياد الإقليم ثراء بالاكتشافات ومشروعات الغاز المهولة. لا سيما أن هذا الإقليم ظل أيضا تاريخيا حزاما حضاريا متأثرا بالتقاليد والأعراف السواحلية التي تشمل عدة دول في شرق إفريقيا مما عزز من روح الاغتراب عن البلاد.

في حين تقول السردية الحكومية إن هذه المجموعة تسعى إلى تأسيس دولة إسلامية تضم مناطق شمال موزمبيق وجنوب تنزانيا ومن ثم تأسيس نظام حكم يقوم على فرض الشريعة الإسلامية، وبالتالي ترى أنها تواجه تهديدا من شبكات الجهاد العالمي.

من جهته، يجادل البروفيسور جوزيف هانلون(16) بأن الصراع أو التمرد في هذا الإقليم بعيد جدا من أن يكون حربا دينية؛ حيث يُرجع أسبابَه إلى الشعور العميق بالتهميش من السكان المحليين والتدخل الأجنبي والفساد، فضلا عن قمع أجهزة الأمن. وكذلك يرى أيضا أنه رغم وجود هذه الحركة كمجموعة متطرفة لعقود بهذا الإقليم، ومع ذلك "لم تكتسب الحركة زخمًا حتى وصول صناعات استخراج الموارد التي لا تقدم فائدة لاحقة للمجتمعات المحلية"(17).

خامسا: أسباب الاهتمام الدولي بالعنف شمال موزمبيق:

هناك عدد من الأسباب وراء الاهتمام الدولي بتطورات الأوضاع في شمال موزمبيق نجملها في الفقرات التالية:

أ - ظاهرة "خلافات" داعش وصعود الجهاديين في القارة السمراء:

في ظل تراجع الجماعة المحسوبة على تنظيم "القاعدة"، احتل تنظيم داعش مكانة كبيرة في التوسع الجغرافي؛ حيث أسس تنظيم الدولة عدة فروع له، كما أعلنت مجموعات "مبايعة" التنظيم، ومن ثم تأسيس فروع محلية أو ولايات تابعة له بعدد من مناطق القارة. وقد اتسم هذا الانتشار، ليس فقط بتبني أيديولوجية التنظيم، ولكن أيضا من خلال السيطرة على الأرض بدرجات متفاوتة(18).

وعطفا على ذلك، فهناك مخاطر انتشار الشباب المجاهدين الصومالية وخطر انتشارها في شرق إفريقيا؛ حيث نجحت في تنفيذ هجمات وتأسيس خلايا لها في كافة دول شرق إفريقيا، بما في ذلك شمال موزمبيق. كما نجحت هذه الحركة على أكثر من عقد في الصمود أمام الحملات العسكرية ضدها، ولذلك فإن احتمال انتشارها في هذه المنطقة أمر وارد.

ومن هنا، فإن تصاعد نشاط هذه المجموعة الجهادية في شمال موزمبيق، ومن ثم تجذير وجودها هناك، ربما يعزز نفوذ حركة الشباب المجاهدين الصومالية، والتي تبدو حاليا منظمة أكثر إقليمية منها منظمة محلية.

وبشكل عام، تساعد البيئة في القارة الإفريقية عموما وفي شرق إفريقيا خصوصا على انتعاش وتجذر التنظيم، لا سيما مع هشاشة الدول وضعف السيطرة على الحدود الرخوة، ورسوخ مشكلات التفاوت التنموي والحرمان والغبن، فضلا وحشية الأجهزة الأمنية للأنظمة الحاكمة، بجانب التدخلات الخارجية المتعددة الأوجه.

ب- مصالح الشركات الدولية:

مع تركيز الشركات أنظارها على ثراء هذه المنطقة بالاحتياطات الضخمة من الغاز الطبيعي، والإمكانيات الواعدة؛ حيث تعمل حاليا كبريات الشركات الدولية والتي منها(19): "توتال" الفرنسية، و"أيني" الإيطالية، و"إيكسون موبايل" الامريكية، و"بي بي" البريطانية، و"سي إن بي سي" الصينية، فضلا عن "ميتسوي" اليابانية، وبتروناس الماليزية، و"سوسال" الجنوب إفريقية.

ومن هنا، وبكل تأكيد، ستحرك هذه الشركات داخل أروقة صناعة القرار في الدول الكبرى من أجل التحرك للتدخل، للمحافظة على مصالح تلك الشركات الدول الكبرى الواقعة تحت تهديد الجهاديين، كما سيلعب لوبي الشركات الدولية أيضا دورا مهما في رسم استراتيجيات الاستجابة لهذا التهديد.

وهكذا غدا هذا التهديد واقعا، ومع احتمالات تقدم الجهاديين صوب شبه جزيرة "آفونجي" (Afungi)، أعلنت شركة توتال سحب جميع موظفيها من موقع مشروع آفونجي للغاز الطبيعي، وبذلك تكون قد ألغت البدء في أعمال هذا المشروع والذي تبلغ قيمته نحو 20 مليار دولار. وبالتالي تهديد أيضا تهديد خطوط الاتصالات والمصالح الحكومية في الإقليم، فضلا عن خطوط النقل البحري والتجارة الدولية، وكذلك صناعة الغاز الواعدة هناك.

ج- أزمة الحكم في موزمبيق:

بعد حقبة نهاية الاستعمار ورثت الحكم في دولة ما بعد الاستعمار جبهة تحرير موزمبيق والتي تعرف اختصار بـ "فريليمو" المتأسسة سنة 1962 في دار السلام (تنزانيا) كائتلاف من ثلاث مجموعات عرقية مناهضة للاستعمار وتبنت الماركسية/اللينينية رؤية كما طبقت نموذج الاقتصاد المخطط، ولم تحقق أي نجاحات تذكر على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع الطبقات والفئات(20).

وفي الواقع، يعود الشرخ الاجتماعي بالبلاد إلى مرحلة الحركة الوطنية والنضال ضد الاستعمار البرتغالي (تأسست موزمبيق في العام 1951 كأحد الأقاليم التابعة للبرتغال حيث كانت تدار من "لشبونة")، وخلال حرب الاستقلال التي دارت بين عامي 1964 و1974 والتي تركزت في شمال البلاد كبير، "انحاز "الماكوندي"، ومعظمهم من المسيحيين، إلى فريليمو، بينما انحاز [المسلمون] "المواني" إلى المستعمرين البرتغاليين، وفيما بعد، مع حزب التحرير المنافس، "رينامو"(21).

وخلاصة القول إن أداء دولة ما بعد الاستعمار (نالت موزمبيق استقلالها في العام 1975) اتسم بالميل المفرط إلى عسكرة الحلول والاستجابة للتحديات. وبالماثل، ينطبق أيضا على موزمبيق في تعاطيها مع أزمات إقليم كابو ديلغادو. كما فاقم ضعف الدولة في موزمبيق من عدم قدرتها في مواجهة التهديدات الخطيرة، فضلا عن الفشل في تقديم الخدمات والتنمية (رغم وفرة الموارد) وقبل ذلك تأسيس نظام اجتماعي يحقق تطلعات جميع المواطنين بمختلف أقاليم البلاد، في ظل نظام حكم مركزي يقوم على نظام الحزب الواحد، مع شيوع الفساد.

وفي هذا السياق، يمكن فهم التمرد الحالي في كابو ديلغادو، في سياق ظلال حرب أهلية في موزمبيق 1992-1977؛ حيث كان لتأخر عملية التنمية وتجاهل الإقليم في إطار جهود إعادة الإعمار في مراحل ما بعد الحرب، أن فاقم من الشعور بالحرمان والتهميش وسط مواطني الإقليم.

كما أن مواطني الإقليم، وغالبيتهم من المسلمين، قد فاض بهم الكيل ليغدوا أكثر نقمة بعد دخول الشركات الدولية، التي تدمر أنشطتها التمهيدية، دمر سبل العيش التقليدية لإفساح المجال لأعمال الاستكشاف والتنقيب عن الغاز الطبيعي.

فضلا عن ذلك، فإن استمرار صعود الجهاديين، وتدهور الأوضاع في الإقليم قد يعيد إنتاج الحرب الأهلية السابقة؛ إذ شهدت موزمبيق حربا أهلية وحشية(22) طويت صفحتها بعد أن تم التوقيع على اتفاق سلام تاريخي برعاية الأمم المتحدة في أغسطس /آب 2019 وضع بذلك حدا لحرب أهلية راح ضحيتها نحو مليون شخص.

وقد انعكست أزمة الحكم في البلاد في استجابة الحكومة "للتمرد الجهادي" في الإقليم، من خلال استخدام استراتيجيات تقليدية لمكافحة التمرد(23)؛ فبدلا من تطوير قدرات القوات الحكومية لمواجهة التكتيكات والقدرات المتطورة للجهادين لا تزال تعتمد على المتعاقدين الأجانب والمرتزقة من مجموعة "فاغنر" الروسية والشركة الجنوب إفريقية "دايك" (Dyck) التي أثارت انتقادات حقوقية؛ حيث اتهمتها "العفو الدولية" بارتكاب انتهاكات، أسوة بالقوات الحكومية والمتمردين، "بإطلاق نار عشوائي اثناء ملاحقة المتمردين"(24).

وعلاوة على ذلك، فإن قمع الدولة يغذي من الشعور بالظلم، وعلى هذا النحو، سيستمر مواطني "كابو ديلغادو" يشعرون بالإقصاء والتهميش والاغتراب، وبالتالي تغذية سرديات وحضور الجهاديين في الإقليم.

كما ان "الاوليغارشية" من الحزب الحاكم، والتي تغريها المقدرات الكامنة في الإقليم، ويسيل لعابها للثروات الضخمة، وهي التي تعصف بها الانقسامات والصراعات على السلطة والثروة، سوف تستخدم سردية التهديد الإرهاب العالمي، وليس العمل على إيجاد حلول جذرية للعوامل الحقيقية وراء التمرد في هذا الإقليم، وهي التهميش والحرمان التنموي بشكل رئيس.

د- المخاطر على التنظيم الإقليمي "السادك":

ان المشكلات الهيكلية لنظام الحكم في البلاد سيقود حتما إلى الفشل في احتواء هذا الخطر الذي سيصبح تهديدا إقليميا ودوليا محتملا، ويتطلب استجابة إقليمية دولية فعالة. غير أن ضعف اهتمام الاتحاد الإفريقي، قد يدفع بأطراف خارجية للتدخل في هذه المنطقة. وعلاوة على ذلك، فان استهداف مصالح جنوب إفريقية خلال سيطرة المسلحين مؤخرا على مدينة "بالما"، قد يدفع بريتوريا للتحرك لحشد الدعم الدولي والإقليمي لوضع حد للتهديد المتنامي لمصالحها وأمنها انطلاقا من شمال موزمبيق، لا سيما وأن العبء سيقع عليها باعتبارها البلد الأكبر والأقوى والمهيمن إقليميا، لذا قررت "بريتوريا"(25) في 02/04/2021 نشر قوات لها في شمال موزمبيق.

غير أن التحديَ الأكبرَ أمام سادك (التي تتكون من 16 دولة) في مواجهة صعود الجهاديين في موزمبيق هو افتقار هذا التكتل الإقليم الي تقاليد التدخلات الجماعي لإخماد الأزمات في بلدان التكتل، إذ سبق له صادق على التدخل مرتين(26): الأولى في العام أغسطس 1998 عندما شاركت ثلاث من دوله هي (زيمبابوي، نامبيا، أنغولا) وشكلت "قوات سادك المسلحة المتحالفة" ضمن قوات شرق إفريقيا في جمهورية الكونغو الديموقراطية. والثانية كانت بعد أقل من شهر من ذلك، حين قامت بوتسوانا وجنوب إفريقيا بإرسال قوات في 1998 الي "ليسوتو" لإخماد محاولة انقلاب هناك(27).

وأما في إطار الاستجابة الدولية على تلك التطورات، وفي ظل عجز الحكومة الموزمبيقية ومجموعة "سادك"، قررت البرتغال(28)، المستعمر السابق، ارسال 60 جنديا بعد الهجوم على مدينة "بالما" بينما أصدر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي، بتاريخ 31 مارس /آذار 2021 بيانا دعا فيه إلى "اتخاذ إجراءات إقليمية ودولية عاجلة ولعالج هذه التهديد الجديد للأمن المشترك"(29).

علاوة على ذلك، ثمة شكوك، بأن الرئيس الموزمبيقي فيليب نيوسي(30) يفتقر للإرادة اللازمة؛ حيث يعتبر عائقا أمام التحرك الجماعي لدول "سادك"، إذ يبدو مترددا تجاه الخطوات التي يمكن أن يخطوها التكتل. فضلا عن ذلك، فان "سادك"، كتكتل إقليمي، تبدو أكثر اضطرابا في الاستجابة تجاه التهديد في شمال موزمبيق(31).

رابعا: أهم السيناريوهات المتوقعة:

في ضوء كل هذه التطورات والعوامل التي أوردناها سابقا، نتوقع السيناريوهات التالية:

  1. التدخل الخارجي

في حال اتخذ نمط الهجمات الجهاديين نمطا مشابها لما جرى في العراق وسوريا، كالسيطرة على الأرض، وتزايد تدفق المقاتلين الأجانب، وشن هجمات قاتلة الحكومة والمصالح الأجنبية، فربما يعجل كل ذلك بالتدخل، خاصة من قبل الاتحاد الإفريقي والتكتل الإقليمي (سادك)، فضلا عن الإدارة الامريكية التي شددت على أهمية مكافحة الإرهاب؛ حيث قامت الخارجية الامريكية بإدراج التنظيم المحسوب على "داعش" في هذه المنطقة في قائمة التنظيمات الإرهاب، مما قد يكون خطوة لتشكيل مشروع للتدخل سواء مع دول المنطقة منفردة أو عبر تكتل من دول الإقليم او أي آلية دولية أخرى.

وعطفا على ما سبق، نتوقع ان يأخذ أي تدخل خارجي طابعا عسكريا متدرجا، ولكن لن يكون على غرار التحالف الدولي لمحاربة "داعش" في الشرق الأوسط. كما أن تشكيل كيان إقليمي، على غرار قوة المهام المتعددة الجنسيات ضد "بوكو حرام" في حوض بحيرة تشاد، أيضا قد تأخر كثيرا.

وعلاوة على ذلك، ورغم أن التعبئة من أجل التدخل في البيئات الغنية بالموارد، كموزمبيق، يكون أسهل من البلدان الفقيرة، كما لاحظنا في الساحل الإفريقي الكبير. ولكن في المدي القصير، سيظل نمط التدخل هو التدخل الإقليمي، أو من بعض دول الجوار بشكل منفرد، مع دعم دولي هو الأرجح.

2-  "بوكو حرام أخرى" ونشوء حزام جهادي جديد

إن التقاعس عن احتواء تقدم الجهاديين، قد يؤدي إلى نشوء حزام جهادي شمال موزمبيق مرورا بجنوب تنزانيا وشرق الكونغو (القوات الديموقراطية المتحالفة) وصولا إلى كينيا فالصومال، وهو ما يجعل تلك المنطقة تحت تهديد انبعاث خطر المجموعات الإرهابية، وهو ما يعد انتكاسة كبيرة للسياسات الدولية في مكافحة الإرهاب.

وعلى ذلك، يمكن إعادة انتاج نموذج "بوكو حرام"؛ حيث شكلت وحشية أجهزة انفاذ القانون انتهاكاتها ضد المواطنين، وضعف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بعض الأقاليم، بجانب ضعف الإطار الإقليمي في التعاطي الجماعي مع تلك التهديدات، وكلها عوامل تسببت في ظهور بوكو حرام في شمال نيجيريا لتتوسع تدريجيا أنشطتها ليس فقط في شمال شرق نيجيريا، وانما لتشمل لاحقا الدول المطلة على بحيرة تشاد، مما تسبب في أزمات إنسانية كبيرة في عموم الإقليم. وبالمثل تتوفر ذات العوامل في حالة إقليم "كابو ديلغادو" وهو ما يرجح سيناريو ظهور او إعادة انتاج "بوكو حرام" أخرى(32) يمكن أن تشكل تهديدا لسائر إقليم شرق إفريقيا.

كذلك، فإن رسوخ قدم الجهاديين في شمال موزمبيق سيساعد على صعود "القوات الديموقراطية المتحالفة"، والتي تعمل منذ العام 1990 في مناطق شرقي الكونغو الديموقراطية المضطربة والمثخنة بالصراعات، وبالتالي تعزيز قدراتها، فضلا عن احتمال تدفق المقاتلين الأجانب. وإزاء ذلك، ستكون تنزانيا من أكثر البلدان عرضة للتأثر بكل تلك التطورات؛ وهو ما يجعل من المجموعة في شمال موزمبيق أكثر خطورة، وخاصة "إذا استولت المجموعة على مساحات شاسعة من الأراضي وأحكمت سيطرتها عليها، فقد تجتذب مقاتلين أجانب من جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء لتعزيز صفوفها(33).

3-  انتعاش الجريمة المنظمة

وحتى قبل ظهور المجموعات شمال موزمبيق، وبحسب تقارير بعض الدوائر المتخصصة(34)، كانت تنتشر في هذه المناطق أنشطة وشبكات الجريمة المنظمة واقتصادات التهريب. ومن هنا، ربما يشجع ذلك الجهاديين للسيطرة على طرق التهريب في هذه المنطقة شديدة الهشاشة بسبب الصراعات المسلحة والحروب.

ولذلك، فإن تحقيق الجهاديين سيطرة على مناطق وموارد في هذه المنطقة الحيوية، ستوفر بيئة خصبة لازدهار الجريمة المنظمة السائدة في تلك المنطقة، مما يمكن هذه الجماعات من الاستفادة من تلك الأنشطة المربحة، وبالتالي توفير مواردها تساعدها في استدامة أنشطتها ووجودها، وإن ذلك سيؤدي إلى أن تتحول هذه المناطق إلى بؤر جذب لما تعرف بـ "شبكات الجهاد العالمي".

4- من البر إلى البحر: "الجهاد البحري"

نظرا لكونها مناطق ساحلية، ومع وقوعها على المحيط الهندي، فإن وجود نشاط لمجموعة جهادية في مناطق ساحلية تقع ضمن خطوط الملاحة الدولية، أمر لن يتم القبول به دوليا. ومن هنا فإن استمرار الجهاديين في شمال موزمبيق في السيطرة على بعض المدن، والاحتفاظ بها السيطرة عليها لفترات طويلة، قد يشكل حافزا للتدخل لأجل إنهاء هذه المجموعات لمنع سيطرتهم على مواني ومدن ساحلية.

وفي هذا السياق، فإن الأمر الأكثر خطورة هنا هو ضعف أداء أجهزة الأمن الحكومية، حيث "تمتلك موزمبيق رابع أدنى قدرة على إنفاذ القانون البحري في شرق ووسط إفريقيا، على الرغم من امتلاكها لواحد من أطول السواحل في القارة"(35).

ويبدو واضحا، أن السيطرة على المدن الساحلية، لا توفر فقط عوامل لتجذر هذه المجموعات المحلية من خلال توفر الموارد وإدارة السكان، وإنما تساعدها على تطوير قدرات بحرية، وهو ما سيميز هذه المجموعة عن بقية المجموعات الجهادية التي نجحت في بسط سيطرتها على مناطق برية فقط. وبالتالي في ظل صعود هذه المجموعة وتزايد ارتباطها بشبكات الجهاد العالمي، فإنه يمكن ان تؤسس لنموذج ما يُطلق عليه: "الجهاد البحري" إلى حد كبير. وهو ما تُلفتُ إليه جاسمين أوبراين، الخبيرة والمحللة بشأن إفريقيا بـ"مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة"(36)، لصحيفة “صنداي تايمز" في سبتمبر / أيلول 2020 بقولها: "يمتلك المتمردون الآن قدرات بحرية قوية تتطور بسرعة، ونجحوا في تطويق المنطقة براً وبحراً ويمارسون هيمنتهم."

الخلاصة:

على العكس من مناطق أخرى في القارة الإفريقية، وعندما فاقم تدفق الجهاديين العالميين من الصراعات المحلية، فإنه يمكن القول إن تراكم مظالم المجموعات المحلية المولدة للصراع في شمال موزمبيق، قد ساعد على صعود نشاط مجموعات محلية، التي سارعت إلى تبني تكتيكات وأساليب شبكات الجهادي العالمي وآلتها الدعائية الفعالة، خاصة مع تباطؤ التدخل الإقليمي وضعف الحكومة المركزية. وعليه، يمكن أن نطلق أن حالة صعود الجهاديين في شمال موزمبيق انه نموذجا يجسد انتقال "الجهادية من المحلي إلى العالمي".

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1)- “South African Jihad, the Cabo Delgado insurgency,” Intelyse. April, 2021. (accessed 1/04/2021). P 4, Pdf.

(2)- Emily Estelle and Jessica Trisko Darden, “Combating the Islamic State’s Spread in Africa Assessment and Recommendations for Mozambique,” Critical Threats Project (American Enterprise Institute). February, 2021. ((accessed 12/04/2021). p 5, 6. Pdf.

(3)- a Eric Morier -Genoud, “The Jihadi Insurgency in Mozambique: origins, nature, and beginning,” Journal of Eastern Africa Studies, 6 Jul, 2020. volume 14, issue. P 3. pdf.

(4)- Borges Nhamire and Matthew Hill, “Dozens killed in Islamic State raid near Total Mozambique LNG project,” World Oil, 3/30/2021. (accessed 1/04/2021). https://bit.ly/3m4qiAX.

(5)- حول هذه المعلومة انظر هذا الرابط: https://bit.ly/3toxXgf.

(6)- Justin Crone, “Maritime security and the Cabo Delgado insurgency.” Defense web, 18 Dec 2020. accessed (13/04/2021). https://bit.ly/3dNDXIC.  

(7)- See: “Mozambique Conflict Observatory,” (multimedia). (No date), (accessed 1/04/2021). https://bit.ly/3fEnJUK.

(8)- Morier -Genoud, op. cite.

(9)- Thomas Harding, “Revealed: ISIS central command’s links to Mozambique and terror across Africa,” the national, April 11, 2021. (accessed 11/04/2021). https://bit.ly/2OKLtMa.

(10)-  Robert Flummerfelt &Judith Verweijen, “The US has placed sanctions on ISIS-DRC, but does the group even exist?”  African Arguments, March 31, 2021. (accessed 13/04/2021). https://bit.ly/39ung3W.

(11)-  Felix Makonye, “The Cabo Delgado Insurgency in Mozambique Origin, Ideology, Recruitment Strategies and, Social, Political and Economic Implications for Natural Gas and Oil Exploration,” December, 2020, p 63. pdf.

(12)-  Ibid, p    7

(13)-  Morier-Genoud, op. cite.

(14)-  Ibid.

(15)-  “The roots of the Cabo Delgado conflict (Northern Mozambique Conflict Monitor),” good governance Africa. (N.D). https://bit.ly/3fEnJUK.

(16)-  Joseph Hanlon, “A more complex reality in Cabo Delgado,” New Frame, 24 March 2021(accessed 13/04/2021). https://bit.ly/3sQ0cUG.

(17)-  Op. cit.

(18)-  Luca Raunner, “Explaining the Rise of jihadism in Africa: The Crucial Case of the Islamic State of the Greater Sahara,” Terrorism and Political Violence, October 22, 2020.

(19)-  “Islamist Militants Seize Port Near Mozambique LNG Project,” maritime-executive.com, (13/08/2020, accessed). https://bit.ly/3lpzm32, and also: Theo Neethling ,”Offshore gas finds offered major promise for Mozambique: what went wrong,” The Conversation, March 30, 2021. (accessed 13/04/2021) https://bit.ly/3rHmbvO

(20)-  حول هذه النقطة أنظر: برايان ليفي، "بحثا عن نقطة انطلاق نحو التنمية صعبة المنال: زامبيا وموزمبيق- قصة بلدين"، في "في ظلال العنف، السياسة والاقتصاد ومشكلات التنمية"، دوغلاس سي. نورث، جون جوزيف واليس، ستيفن بي. ويب، باري.ر . وينغاست (محررون)؛ ترجمة كمال المصري. ط 1. (الكويت: سلسلة عالم المعرفة)، (فب راير2016). العدد: 433. الصفحات: 169-170.

(21)-  The roots of the Cabo Delgado conflict ... op. cite.

(22)-  Ibid.

(23)-  Jehron Muhammad, “Mozambique crisis fueled by corporate, government greed not Isis,” Final Call News, 14/04/2021. (accessed 14/04/2021). https://bit.ly/3mPlVdf.

(24)-  Amnesty international, “Mozambique: Civilians killed as war crimes committed by armed group, government forces, and private military contractors – new report” 02/03/2021, (accessed 13/04/2021). https://bit.ly/3ufxf58

(25)-  “Mozambique: South Africa deploys forces after jihadist attacks,” Dw.com,02/04/2021. (accessed 13/04/2021). https://bit.ly/3mhpnx7.

(26)-  راجع، كينيث أوميجه، "فهم فض النزاع في إفريقيا" في: ديفيد ج. فرانسيس (إعداد)، إفريقيا السلم والنزاع، ترجمة عبد الوهاب علوب؛ ط 1. (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2010). الصفحات: 137 و138.

(27)-   نفس المصدر السابق.

(28)-  “Portugal to send troops to Mozambique after brazen Palma attack by Islamic insurgents,” France 24, 30/03/2021, (accessed 13/04/2021). https://bit.ly/3mYEfAX.

(29)-  African Union, “Statement of H.E. Mr. Moussa Faki Mahamat, Chairperson of the African Union Commission, on the terrorist attacks in Mozambique,” March 31, 2021. (accessed 13/04/2021). https://bit.ly/3x8vVD5

(30)-  “War next door: Mozambique implosion rattles Sadc,” NewsHawks, April 3 ,2021. (accessed 13/04/2021). https://bit.ly/3udrS6m.

(31)-  "Sadc vows 'proportionate' response to Mozambique's jihadists,” nation.africa. April 10, 2021, (accessed 13/04/2021), https://bit.ly/3e11Ywg.

(32)-  Giovanni Faleg, “Conflict prevention in Mozambique, can there be peace after the storm? “European Union Institute for Security Studies (EUISS), conflict prevention series, (April 2019). (accessed 13/04/2021 https://bit.ly/2Qd9s7f .). P 4. pdf.

(33)-  “ISIS in Mozambique Poses Growing Regional Security Threat,” The Soufan Center, 24/03/2021, https://bit.ly/3mhGgaN.

(34)-   Alessa Ford, “Heroin and war crimes: conflict raged on in Mozambique” Organized Crimes and Corruption Reporting Project (OCCRP), 04 March 2021. (accessed 13/04/2021). https://bit.ly/2RQeF5z.

(35)-  Emilia Columbo, “Trajectory of Violence in Northern Mozambique Point to long -Term Security challenge,” Center for Strategic and International Studies (CSIS), November 16, 2020. (accessed 13/04/2021) https://bit.ly/3rGNYMO.

(36) -  ورد في: "تجدد العنف في موزمبيق يشير إلى عدم انتهاء الصراع"، مجلة "منبر الدفاع الإفريقي"، 10/03/2021م، (شوهد في14/04/2021)، على الرابط: https://bit.ly/3bSabmF.