منافذ الوصول إلى محتوى الصحف العربية اليومية على الإنترنت وتطورها مع أفول الطبعة الورقية

يهدف هذا البحث إلى تقييم الوضع الراهن للصحافة الورقية العربية المتوافرة على الإنترنت، ويُعتبر زيارة متجددة إلى 62 موقعًا إلكترونيًّا لصحف عربية متبقية، من أصل 70 موقعًا تمت دراستها وتقييمها بين عامي 2012 و2020. اعتمد البحث في تجميع البيانات على تقنية الزيارة المباشرة لمواقع الصحف المختارة وتفحصها بناء على 24 معيارًا رُتِّبت في استمارة تحقق. يخلص البحث إلى استنتاج عام يُظهر من خلال المشهد العام للصحافة الورقية العربية ومرادفاتها الإلكترونية؛ أن الصحافة العربية قد تخسر الصحافة الورقية المطبوعة من دون أن تربح الصحافة الرقمية.
الصحافة العربية قد تخسر الصحافة الورقية المطبوعة من دون أن تربح الصحافة الرقمية (الجزيرة)

يبدو أن مفهوم الصحيفة الإلكترونية لم يُستوعَب بعد بالقدر الكافي من ناشري الصحافة الورقية العرب. ولا يلتفت معظم هؤلاء إلى أهمية امتلاكهم لهذه الوسيلة، بل ما زال بعضهم يعتبر أن النسخة الورقية هي وحدها امتداده السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وعند سؤال أحدهم عن الوسائل الإعلامية التي يديرها أو هو مسؤول عن نشرها، يكتفي بالإشارة إلى الصحيفة الورقية من دون غيرها.

توافرت الصحيفة اليومية العربية إلكترونيًّا لأول مرة عبر شبكة الإنترنت يوم 9 سبتمبر/أيلول 1995. ونشرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية في عددها الصادر يوم 6 سبتمبر/أيلول من ذلك العام، خبرًا على صفحتها الأولى أعلنت فيه أنه ابتداء من 9 سبتمبر/أيلول ستكون موادها الصحفية اليومية متوافرة إلكترونيًّا للقراء على شكل صور عبر شبكة الإنترنت. الصحيفة العربية الثانية التي توافرت على الإنترنت كانت صحيفة "النهار" اللبنانية التي أصدرت طبعة إلكترونية يومية خاصة بالشبكة ابتداء من الأول من فبراير/شباط 1996. ثم تلتها صحيفة "الحياة" اللندنية في الأول من يونيو/حزيران 1996، وبعدها صحيفة "السفير" اللبنانية في نهاية العام نفسه(1).

يشار في هذا السياق إلى أن الصحف المذكورة تقع في إطار الصحافة الورقية المطبوعة المتوافرة إلكترونيًّا أو رقميًّا، وهي غير الصحف الإلكترونية العربية التي ليس لها أصل ورقي مطبوع، والتي بدأت مع صحيفة "الجريدة" في يناير/كانون الثاني 2000، ثم صحيفة "إيلاف"، يوم 21 مايو/أيار 2001(2). أيضًا، هي غير المواقع الإلكترونية الإخبارية المنتشرة بشكل عشوائي على امتداد البلدان العربية التي تضم مواقع إخبارية تتسم بالإقليمية والدولية لناحية التغطية، مثل موقع الجزيرة نت، وموقع بي بي سي عربي، أو لها صفة المحلية مثل موقع النشرة في لبنان.

لا تزال الصحافة العربية الورقية المتوافرة إلكترونيًّا أكثر عددًا من الصحف الإلكترونية العربية التي انطلقت من دون رديف ورقي مطبوع، أو تلك التي أضحت إلكترونية فقط مع توقف طبعتها الورقية عن الصدور. أيضًا، لا يمكن المقارنة بينها وبين التكاثر العددي لمواقع الأخبار العربية الموجودة على الإنترنت، باعتبار أن غالبية الصحافة الورقية المتوافرة إلكترونيَّا تقع في إطار الصحف الجادة (Conservative Newspapers) لنواحي مصادر معلوماتها وأسلوب تحريرها وعمق معالجتها والقضايا التي تطرحها، في حين يمكن تصنيف عمل غالبية المواقع الإخبارية العربية في إطار تبييض المعلومات أو غسلها (Information laundering)، وجمعها من مصادر غير موثوقة، ونقلها المجتزأ من وسائل الإعلام الأخرى والمواقع والمدونات وشبكات التواصل الاجتماعي المتوافرة على الإنترنت، بحيث يضيع مصدرها الأساسي غير الدقيق أصلًا.

1. اعتبارات منهجية

أ- مدخل نظري إلى البحث وإشكاليته

 لا يمكن التغاضي عن التكنولوجيا الحديثة وما تقدمه على مستوى النشر المكتبي والنشر الإلكتروني للمحتوى الصحفي من تسهيلات لناحيتي الإنتاج والاستخدام. كما أن الصحافة الورقية التقليدية وجدت نفسها مرغمة على استعمال هذه التكنولوجيا بأذرعها المتعددة، بما في ذلك استقبال الأخبار داخل الصحيفة وتوزيعها على المحررين وتحريرها وتوضيبها، ومن ثم وضعها داخل الصفحات المخصصة لها، قبل أن تعمد إلى بثها بأكثر من طريقة رقمية وتقليدية، بما فيها النشر على ورق. وكل هذه العمليات تعتمد على برامج وتطبيقات إلكترونية تتيح التعامل رقميًّا مع النصوص الإخبارية بأنواعها المختلفة، ولو كان نشرها على وسيلة إعلامية تقليدية ورقية. لذلك، لم يعد جائزًا التفريق بين وسائل الإعلام لناحية عملها في إنتاج المحتوى، ولكن يمكن التفريق بينها لناحية نوع وسيلة النشر. فالصحف الورقية تقليدية لجهة أداة النشر، ولكنها رقمية لناحية التعامل مع النصوص الإخبارية وإنتاجها.

والإشكالية التي تنطلق منها هذه الدراسة تتمثَّل في عدم استيعاب القائمين على النشر في الإعلام التقليدي الورقي أهمية الرديف الرقمي المتوافر من خلال الإنترنت، علمًا بأن الإمكانات التكنولوجية المتاحة راهنًا أمام هذا الإعلام، من خلال خصائصه الرقمية، كفيلة بإحداث نقلة نوعية مجتمعية ومعرفية لناحية الوصول إلى المحتوى الإعلامي الذي تنشره الصحف أصلًا على صفحاتها الورقية.

ويشير المتخصصون إلى مجموعة من الرؤى النظرية عن الإعلام الحديث يعددونها مع المقاربات المختلفة التي اعتمدت في تفسير اتجاهاته وفهمها، ومن ضمنهم من أشار إلى التعايش الإيجابي بين وسائل الإعلام التقليدية والرقمية. ومن هؤلاء نذكر روجر فيدلر Roger Fidler)، وهو يبني فهمه للإعلام الحديث على المقولة السائدة بين أوساط عدد من المتخصصين، وهي تفيد بأن الأفكار الجديدة تأخذ ما يقارب ثلاثة عقود كاملة حتى تتسرب إلى ثقافة المجتمع والأفراد.

ويستخدم التعبير "ميديامورفوسيس"  (Mediamorphosis) للدلالة على التحول التام الذي يحصل في وسائل الاتصال نتيجة التفاعل المعقد للحاجات الأساسية والضغوط السياسية والاجتماعية والابتكارات التكنولوجية(3). كما نذكر جون بافليك (John Pavlik) الذي يعتقد بضرورة توافر خارطة طريق لاستيعاب أبعاد تقنيات الإعلام الجديد وآثارها، ولفهم وظائفها الأساسية المتمثلة في الإنتاج، والتوزيع، والعرض والتخزين. ويرى أن تقنيات الإعلام الحديث تتغير بسرعة، وتحدث تغييرًا راديكاليًّا مع كل تبدّل لناحية طرق التواصل مع الأفراد وأوجه الحياة التي نعيشها، بما في ذلك بناء العلاقات الشخصية وخلق المصادر المالية والرعاية الصحية وغيرها(4). أيضًا، نذكر ريتشارد ديفيس (Richard Davis) وديانا أوين (Diana Owen) اللذين يتفقان على تصنيف الإعلام الحديث وفقًا لثلاثة أنواع تتمثَّل في ربط الإعلام الحديث مع التكنولوجيا القديمة أولًا، ثم ربطه مع التكنولوجيا الجديدة ثانيًا، وأخيرًا ربط الإعلام الجديد بالتكنولوجيا المختلطة. ويعتبر الصنف الأخير من هذه الأنواع الأكثر شيوعًا، حيث تختفي الفروقات بين القديم والجديد(5).

ويستخدم غالبية الإعلاميين التقليديين الوسائل الجديدة لاستكمال عملهم في كثير من النواحي. وتعترف المؤسسات الإعلامية التقليدية أيضًا بأهمية الإعلام الجديد، وتعمل على اللحاق بتكنولوجياته وتطبيقاته المتعددة. وتمتلك غالبية المؤسسات الإعلامية العالمية والعربية مواقع على شبكة الإنترنت، كما تخزّن معلوماتها على وسائط حديثة لاستخدامها لاحقًا.

أخيرًا، نذكر فين كروسبي (Vin Crosbie) الذي يقول: إن قوة الإعلام الحديث تتضح عندما نتذكر أن ملايين الحواسيب المتصلة بشبكة الإنترنت تحصل على المعلومات وتفرزها وتنقلها إلى عدد غير محدود من البشر. ويمكن لهؤلاء إجراء عملية اتصال فيما بينهم في وقت واحد، في بيئة تسمح لكل فرد مشارك، مرسلًا كان أو مستقبلاً، بفرص متساوية من درجات التحكم. لذلك، يُشيع الإعلام الحديث آليات جديدة كليًّا لإنتاج المعلومات وتوزيعها، ويخلق مفاهيم مختلفة للأشكال الإعلامية الحديثة ومضامينها(6).

ب- أهداف الدراسة

تهدف الدراسة إلى الإضاءة على مجموعة من القضايا المرتبطة بما يمكن إدراجه ضمن اختراقات الصحافة الجديدة المعروفة بالصحافة الإلكترونية أو الرقمية، ومن ضمنها التأثيرات التي أدخلها استخدام تقنيتي النشر المكتبي والنشر الإلكتروني لجهة العمل داخل الصحيفة الورقية المطبوعة وتسهيل نشرها على الإنترنت وتوفيرها رقميًّا للمستخدمين. كما تهدف إلى تقييم الوضع الراهن للصحافة الورقية العربية المتوافرة على الإنترنت لنواحي تواجدها الرقمي على الشبكة العنكبوتية الدولية، والخدمات التي تقدمها للمستخدمين، بما فيها الوصول إلى المواد الصحفية الراجعة في الأرشيف. بالإضافة إلى ذلك، تستقصي الدراسة مدى التقدم أو التراجع في الخدمات وفي عناصر الاستخدام والتسهيلات التي توفرها الصحف المدروسة للمستخدمين، من خلال مقارنة نتائجها مع نتائج دراسات سابقة مماثلة في المجال نفسه.

ج- منهج البحث وأداته والعينة المدروسة

تتناول الدراسة المواقع الإلكترونية التابعة للصحف المطبوعة التي تصدر بوتيرة يومية باللغة العربية داخل البلدان العربية وليس خارجها. وبالنسبة إلى الحدود الزمنية، فإن البحث تناول المواقع الإلكترونية المتوافرة على الإنترنت ابتداء من 24 ديسمبر/كانون الأول 2019 حتى 14 يناير/كانون الثاني 2020. ويشار إلى أن المواقع التي تناولتها الدراسة تعود إلى صحف يومية متنوعة لناحية الاهتمامات الموضوعية والانتماء الجغرافي، وتصدر بصفة مستمرة بشكلها الورقي. ويُبيِّن الملحق رقم (1) أسماء الصحف المدروسة موزعة حسب بلدان الصدور، مع عناوين توافرها الرقمي على الإنترنت.

ويتبع البحث في تقييمه للمواقع الإلكترونية المنهج الوصفي، وذلك انطلاقًا من مجموعة من المعايير المعتمدة في دراسات سابقة، بالإضافة إلى معايير أخرى تم الالتفات إليها لأهميتها في المجال. وترتبط هذه المعايير -بطريقة أو بأخرى- بالخصائص العائدة إلى الصحافة الإلكترونية، بدءًا من التوافر على شكل نص وبصيغة "بي دي إف"، ومرورًا بمزايا التفاعلية والفردانية واللاتزامنية، وإمكانيات البحث في الأرشيف الراجع، والتصفح من خلال اللوحة التفاعلية والهاتف المحمول، وتوصيل المعلومات من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي...إلخ. ويقع التحليل الذي ينتهجه البحث في خانة التحليل الكمي، باعتبار أن جودة الموقع الإلكتروني ودقة محتواه الرقمي لا تدخلان في أهداف الدراسة، علمًا بأن بعض المعايير المستخدمة تفيد في الإشارة إلى ذلك.

وتناولت الدراسة 62 موقعًا إلكترونيا لصحف عربية لها أصول ورقية مستمرة، وتتوافر إلكترونيًّا على الشبكة الدولية بشكل يومي، بغض النظر عن السرعة في توفير النسخة الإلكترونية. ولا يفترض البحث أن هذا الرقم يساوي جميع الصحف العربية المطبوعة، ولا كل الصحف التي توفر نسخًا إلكترونية لقرائها من خلال الإنترنت، لكنه يُمثِّل بالضرورة نسبة عالية من مجموع الصحف العربية التي تدّعي وجود نسخ لطبعاتها الورقية على مواقع إلكترونية على الإنترنت، علمًا بأن عدد الصحف العربية الورقية المتوقفة عن الصدور ارتفع مع انتشار جائحة كوفيد-19 في البلدان العربية بسبب الضائقة المالية التي أحدثتها الجائحة، أو بسبب القيود القانونية على الإصدار الورقي للصحف تحسبًا لنقل العدوى من خلال الورق. ومن المعروف أن دولا عربية أصدرت قوانين وقرارات فرضت من خلالها على الصحف اليومية وقف طبعاتها الورقية، مثل: المغرب والأردن وغيرهما(7).

تم التوصل إلى عناوين الصحف المدروسة والتعرف على نطاقها الإلكتروني من خلال أدلة المواقع الإلكترونية العربية المتوافرة على الإنترنت، وهي متنوعة رغم افتقاد غالبيتها إلى التحديث المستمر ودقة التفاصيل. ويشار في هذا الصدد إلى أن المواقع الداخلة في الدراسة تؤمِّن الوصول الإلكتروني اليومي إليها من دون تعقيدات وعقبات لناحية التوافر اليومي والنطاق الإلكتروني الذي يوفرها. وتشكو بلدان عربية عدة من ضعف في البنى التحتية وقصور في متطلبات الاتصال بالإنترنت والتوافر من خلالها بشكل مقبول ومستمر.

اعتمد البحث في تجميع البيانات على تقنية الزيارة المباشرة لمواقع الصحف المختارة وتفحصها بناء على 24 معيارًا، من ضمنها 6 معايير مرتبطة بالأرشيف والبحث فيه والوصول إلى المادة الإعلامية المنشورة سابقًا، رُتِّبت في "لائحة معايير" هي أقرب في استخدامها في هذه الدراسة إلى كونها "لائحة تحقق"؛ وذلك في محاولة لتقييم المواقع الصحفية الإلكترونية عبر تفحص ما توفره هذه الصحف من معايير استخدام يُفترض وجودها في المواقع الإلكترونية التي تختزن نسخًا رقمية لصحف ورقية جارية. وتمت زيارة هذه المواقع منفردة، وقورن ما توفره من مزايا وخدمات وعناصر استخدام مع لائحة المعايير المعتمدة من خلال الملاحظة المباشرة لتفاصيل هذه المواقع الاستخدامية والخدماتية. ويشار إلى أن غالبية المعايير المعتمدة استخدمت بشكل متفرق في دراسات سابقة في المجال الموضوعي نفسه، ولكنها تجتمع في هذه الدراسة بهدف التوصل إلى نتائج أكثر انعكاسًا وحداثة لواقع الصحافة العربية المطبوعة المتوافرة إلكترونيًّا. وتم عرض هذه المعايير على اثنين من المهتمين في مجال الصحافة الرقمية والمواقع الإلكترونية وتقييمها، قبل اعتمادها الكلي في عملية التقييم. والباحثان هما: الدكتور فوز عبد الله، رئيس قسم إدارة المعلومات في كلية الإعلام بالجامعة اللبنانية، والأستاذ الدكتور غسان مراد، من مركز اللغة والتواصل في كلية الآداب وكلية الإعلام في الجامعة نفسها. كما تمت الاستعانة بالباحثة سناء صفوان من طلاب الدراسات العليا في كلية الإعلام بالجامعة في مراحل جمع البيانات والتحقق منها.

غطت المعايير التي تضمنتها "لائحة التحقق" المذكورة المزايا الآتية: بيان المسؤولية، والروابط مع مواقع إعلامية أخرى، والتوافر اليومي على شكل نصوص وبصيغة "بي دي إف"، ووضوح تاريخ التحديث، وإمكانية التعليق على المادة الصحفية، وتوافر شريط أخبار، وتوافر بيانات لقراءات إضافية عن الموضوع، وتوافر خدمات معلومات عامة وخدمات صحفية، وتوافر فيديو وصوت، وتوافر مادة إعلامية غير منشورة في النسخة الورقية، والوصول إلى أرشيف النصوص وأرشيف الصفحات والصور، وتوافر محرك بحث مع روابط بوليانية (Boolean)، واستخدام منصات وصفحات شبكات التواصل الاجتماعي لبث الأخبار ونشرها، وتوافر الصحيفة من خلال اللوحة التفاعلية والهاتف النقال، وإمكانية التدوين من خلال الموقع. كما تضمنت المعايير اهتمام المواقع المدروسة بخدمتي النشر المبسط للأخبار (RSS) والتوسيم (Tagging).

ولا نرى هناك حاجة للدخول في تفاصيل هذه المعايير وتوضيحها، فهي معايير شارحة لنفسها ومُبيِّنة للهدف من اعتمادها، وتتلاءم كلها مع ما توفره التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في بناء المواقع الإلكترونية الإعلامية، وعلى وجه الخصوص تلك التي تحتضن محتوى إعلاميًّا مثل ما تنشره الصحافة الورقية اليومية وغيرها من وسائل البث الإعلامي الذي بات في غالبيته يتوافر عبر مواقع إلكترونية على شبكة الإنترنت. كما تتلاءم هذه المعايير مع ما يتوقعه المستخدم من اعتماده على المواقع الإلكترونية الإعلامية للاطلاع على الأخبار والقصص الصحافية والمقالات وتصفحها والرجوع إلى ما سبقها من أخبار وقصص صحافية مرتبطة بها، أو توسيع معرفته من خلال الروابط الإلكترونية المتاحة على الموقع مع مواقع أخرى معنية بالموضوع. كما أن اعتماد معايير متعلقة بالبحث عن النصوص واسترجاعها، وذلك من خلال محرك بحث متقدم يسمح بالربط بين كلمات المفاتيح وأسماء المؤلفين والكتَّاب وربطها بحقول التاريخ ونوع النص والرجوع في البحث إلى مخزون الأرشيف، يُعتبر من المزايا الأساسية في البيئة الرقمية الإعلامية. هذا بالإضافة إلى المعيار الخاص بتحديث الموقع الإلكتروني والتحديث الآني والدائم للأخبار وإرفاقها بتوضيحات صورية ثابتة ومتحركة، بما فيها الفيديو والغرافيكس...إلخ. 

د- نظرية انتشار الابتكارات

تتعدد النظريات التي يمكن اعتمادها في دراسة الإعلام الإلكتروني والرقمي وتتنوع لنواحي استخدامها في البحوث الكمية والنوعية. ولكن أغلب المقاربات التي تناولتها أدرجتها في نظرية التكنولوجيا والمجتمع، وفي نظرية سوسيولوجيا مهنة الصحافة أو في النظرية المتجذرة. كما أن بعض المقاربات أدرجتها في نظرية الحتمية التكنولوجية ونظرية انتشار الابتكارات. وأخيرًا أدرجها نصر الدين لعياضي(8) في سوسيولوجيا الاستخدامات ونظرية المجال العام، آخذًا في الاعتبار الدراسات المعاصرة التي تجاوزت طرح يورغن هابرماس (Jurgen Habermas) للفضاء العمومي (1962-1988) على حد تعبيره.

لعل ما تقدم من رؤى نظرية وما تبتغيه هذه الدراسة من تناولها للمواقع الإلكترونية للصحف الورقية، يتلاءم مع نظرية انتشار الابتكارات التي أطلقها إيفريت روجرز (Everett Rogers) عام 1962. والجدير ذكره أن "الانتشار" باعتباره نوعًا من أنواع الاتصال، تم تناوله في نظريات اجتماعية عدة منذ منتصف القرن العشرين. ويوجد من المتخصصين من يعتبر نظرية انتشار الابتكارات من أهم هذه النظريات وأكثرها شمولية، وتُصنَّف من بين أشهر نظريات علوم الإعلام والاتصال، وتعنى بشكل أساسي بالانتشار على اعتباره عملية تواصلية.

تشير هذه النظرية إلى كيفية انتشار الابتكارات الجديدة بما فيها من أفكار وسلوك عبر قادة الرأي، وتشرح كيف أن منتجًا أو ما شابه يكتسب زخمًا مع مرور الوقت وينتشر بين الناس والمجتمعات. وتنطوي هذه النظرية على مجموعة من المفاهيم، ومن ضمنها أن الابتكار لا يتم تبنيه دفعة واحدة، بل من خلال مسار زمني يكون فيه بعض الناس ميالين لتبنِّيه أكثر من غيرهم، في حين أن تبنِّي الابتكار يمر بمجموعة من المراحل الذهنية والتنفيذية بدءًا بمرحلة المعرفة من خلال التعرض للابتكار عبر قنوات الاتصال، تليها مرحلة الإقناع وهي المرحلة التي يُشكِّل فيها الفرد المنضوي في النظام الاجتماعي آراءه تجاه الابتكار لناحية الملاءمة أو عدمها. بعد ذلك تأتي مرحلة القرار بتبنِّي الابتكار أو رفضه، ومن ثم مرحلة التطبيق العملي واستخدام الابتكار، وأخيرًا مرحلة الثبات على التبنِّي. وتجدر الإشارة إلى أن تبني الابتكار وفقًا لروجرز لا يتم دفعة واحدة بين أفراد النظام الاجتماعي، إنما يقومون بذلك تباعًا على امتداد فترة زمنية معينة، وصنَّفهم ضمن خمس فئات هي: المبتكرون، والمتبنون الأوائل، والأغلبية المبكرة، والأغلبية المتأخرة، وأخيرًا فئة المتباطئين.

بنى روجرز تصنيف هذه الفئات على ثلاثة أنواع من الخصائص، تضمنت المكانة الاجتماعية الاقتصادية، والقيم الشخصية، والسلوك التواصلي. ويتمتع أوائل المتبنِّين، في هذا التصنيف، بمنزلة اجتماعية اقتصادية كبيرة ولديهم معرفة بما يدور داخل مجتمعهم وخارجه من خلال وسائل الاتصال، وهم الفئة التي تتقبَّل التغيير، وتتبنَّى الأفكار الجديدة والمبتكرات، في حين أن أواخر المتبنِّين هم فئة منعزلة عن وسائل الاتصال، ومتمسكة بالتقاليد، ولا تحظى بالمنزلة الاجتماعية الاقتصادية التي تخولها الإقبال على التغيير، ولا تملك الدوافع الشخصية للابتكار أو قبول الابتكارات(9)(10).

ه- مراجعة أدبيات الدراسة

يذكر عباس مصطفى صادق في كتابه "صحافة الإنترنت" أن العام 1994 شهد بداية انتشار الصحف على الإنترنت ومن ضمنها صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية(11). وبما أن الصحيفة العربية اليومية الورقية المطبوعة توافرت على الإنترنت لأول مرة عام 1995 من خلال صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية التي تصدر بطبعتها الأساسية من العاصمة البريطانية لندن(12)، فلا يمكن العودة إلى دراسات وأبحاث عن الصحف الورقية المتوافرة على الشبكة قبل العام 1994 بالنسبة إلى الصحف الأجنبية، وقبل العام 1995 بالنسبة إلى الصحف العربية.

ويرتبط موضوع هذه الدراسة بالنشر الإلكتروني بشكل عام. وهناك العديد من الدراسات الأجنبية والعربية التي تعرضت لهذا الموضوع بعناوينه المتفرعة. ولعل أفضل الدراسات الأولى الببليومترية الوافية عن النشر الإلكتروني العربي هي تلك التي كانت ثمرة تعاون بين أمل وجيه حمدي ومحمد سالم غنيم(13) تحت عنوان "النشر الإلكتروني في عشر سنوات (1990-1999)". والمجال الإعدادي والبحثي في هذا المضمار محبَّذ لجهة استكمال الدراسات في هذا الصدد، وتناول ما نُشر من كتب عن النشر الإلكتروني والإعلام الرقمي بعد العام 1999، وذلك بدءًا من الكتب الأولى التي صدرت مع بداية الألفية الثالثة تحت العناوين الآتية: "الإنترنت والإعلام: الصحافة الإلكترونية"(14)، و"صحافة الإنترنت: قواعد النشر الإلكتروني الصحافي الشبكي"(15)، و"الإنترنت وسيلة اتصال جديدة: الجوانب الإعلامية والصحفية والتعليمية والقانونية"(16)، و"الصحافة الإلكترونية: دراسات في التفاعلية وتصميم المواقع"(17)؛ وصولًا إلى الكتب الصادرة حديثًا مثل "الإعلام الرقمي: من البدايات إلى تشكيل الإمبراطوريات"(18).

وتصعب الإحاطة بكل ما هو منشور من دراسات وأبحاث في مجالات الإنتاج الفكري العربي؛ إذ البلدان العربية عمومًا تعاني نقصًا في أدوات الضبط الببليوغرافي التي تساعد الباحثين في متابعة ما هو منشور في الدوريات الأكاديمية العربية حول اهتماماتهم ومعرفة ما نشر من أوعية معلومات مصدرية تقع ضمن حقول تخصصاتهم. وتشمل أدوات الضبط الببليوغرافي مختلف أنواع الفهارس والكشافات ونشرات الاستخلاص والببليوغرافيات الورقية والإلكترونية، كما تشمل قواعد البيانات وخدمات المعلومات الإلكترونية الراجعة والجارية. ولكن، رغم هذه الصعوبة وغياب الأدوات الببليوغرافية المطلوبة، تم حصر عدد من الدراسات البحثية التي تناولت الصحافة الإلكترونية العربية من زواياها المتنوعة. وتحتضن الفقرات اللاحقة إشارات تعريفية لأهمها، نستعرضها انطلاقًا من أحدثها ضمن ما تناول منها الصحافة الإلكترونية منفردة، وما تناولها باعتبارها من أسباب أفول الصحافة الورقية ونهايتها.

أولًا: دراسات سابقة تناولت الصحافة الإلكترونية

أشار باسم الطويسي(19) في بحثه "الصحافة الإلكترونية في العالم العربي: سياقات النشأة وتحديات التطور"، إلى ثلاث مراحل تتضمن مرحلة النشأة المبكرة (1995-1999)، وكانت الصحافة الإلكترونية خلالها بمثابة مواقع موازية لمثيلها الورقي. والمرحلة الثانية هي مرحلة الانتشار (2000-2010)، وهي مرحلة ظهور مواقع وبوابات إلكترونية مستقلة عن الصحافة الورقية، إضافة إلى ازدهار التدوين لدى الصحافيين المحترفين. وأخيرًا مرحلة التأثير والتنافس (2011- حتى الآن)، وبرز فيها توسُّع كمِّي بحيث أصبح لمعظم الصحف اليومية مواقع إلكترونية. كما حصل تطور مهني وظهرت صحف أكثر مهنية وقربًا من معايير الاحتراف الصحافي الرقمي، وتعاظم حضورها ضمن المشهد الإعلامي لناحية اعتمادها كمصدر رئيسي للأخبار.

قبل ذلك، في دراسة تحت عنوان "الصحافة الإلكترونية العربية والمجال العام: فضاءات مشتركة للاستقطاب والمشهدية"، تناول نصر الدين لعياضي(20) الصحافة الإلكترونية والمجال العام، وأشار إلى أنها "تتسم بقدر كبير من التنوع وعدم التجانس الذي يعود إلى تفاوت الإمكانات المادية والتقنية، وتباين التقاليد الثقافية والاجتماعية، وتفاوت هامش حرية التعبير"، وأنها لم تصل بعد إلى الارتكاز على خصائص التفاعلية والكتابة غير الخطية-المتشعبة والوسائط المتعددة، وأن مخيال الصحافة المكتوبة ما زال يتحكم في الكثير من مواقع الصحف الإلكترونية العربية لناحية قلة الاعتماد على النصوص المتشعبة، وهذا ما يبعدها عن "موسوعية الإعلام".

وأشار معد هذه الدراسة(21) أثناء مداخلة قدَّمها في مؤتمر نظمته اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، تحت عنوان "الصحيفة الرقمية المكتوبة مستقبل الصحيفة الورقية المطبوعة"، إلى نتائج تقييمه لـ70 موقعًا إلكترونيًّا عربيًّا تابعًا لصحف يومية تصدر في البلدان العربية وخارجها اعتمادًا على 22 معيارًا خاصًّا بمواصفات الصحيفة الإلكترونية. في السياق نفسه، درس جاسم محمد الشيخ جابر(22) في بحثه "الصحافة الإلكترونية العربية، المعايير الفنية والمهنية: دراسة تحليلية لعينة من الصحف الإلكترونية العربية"، عينة من الصحف العربية الإلكترونية غير المتوافرة ورقيًّا تمثلت في 19 موقعًا، تناول فيها عددًا من المعايير الفنية والمهنية المرتبطة بالموقع والمحتوى وبعض خصائص الصحافة الإلكترونية. ويمكن القول إن هذه الدراسة كانت من الدراسات الأولى والسباقة في تناولها لمواقع صحف إلكترونية عربية غير متوافرة ورقيًّا، علمًا بأن المواقع المدروسة لا تصب جميعها في إطار الصحيفة كوسيلة إعلامية لناحية نوعها وتصنيفها ضمن وسائل الإعلام الورقي والإلكتروني. ومن قبله، حاول حسن محمد منصور(23) في أطروحته الجامعية المعنونة "الإعلام العربي في شبكة الإنترنت: دراسة تحليلية تقويمية لعينة من مواقع وسائل الإعلام العربية على شبكة الإنترنت"، أن يتعرف على مدى استثمار وسائل الإعلام العربية -ومنها الصحف والمجلات- للمزايا التقنية والخدمات التفاعلية التي توفرها الإنترنت. وتناول خالد الحلبي(24) في دراسة وصفية بعنوان "محركات البحث في مواقع الصحف الخليجية المتاحة على الإنترنت"، 33 موقعًا إلكترونيًّا لصحف صادرة باللغتين العربية والإنجليزية في بلدان مجلس التعاون الخليجي. ولكن الدراسة اقتصرت على تقييم محركات البحث الموجودة في هذه المواقع ولم تتطرق إلى أي معايير أخرى. وسعت دراسة عبد الله ناصر الحمود وفهد بن عبد العزيز العسكر(25) وهي بعنوان "إصدارات الصحف السعودية المطبوعة على الإنترنت في ضوء السمات الاتصالية للصحافة الإلكترونية: دراسة تقويمية"، إلى تقييم مدى تناسب الخدمة الصحافية المتوافرة على مواقع الصحف السعودية ذات الأصل الورقي على شبكة الإنترنت مع خصائص الصحافة الإلكترونية.

وهدفت دراسة عباس مصطفى صادق(26) المنشورة ضمن كتابه "صحافة الإنترنت: قواعد النشر الإلكتروني الصحافي الشبكي"، إلى وصف خصائص النشر في الصحافة العربية اليومية على الإنترنت حتى نهاية العام 2000 لاستكشاف العناصر المكونة للنشر الإلكتروني العربي، مقارنة مع ما هو موجود من معايير مكونة لبنيان الصحيفة الإلكترونية عمومًا. وتوصلت دراسة قام بها عبد الكريم بن عبد الرحمن الزبد(27) عن "الصحف العربية على شبكة الإنترنت"، إلى نتائج مهمة تفيد في الإجابة على عدد من الأسئلة المرتبطة ببداية الصحافة العربية على الإنترنت، ونوع الأرشيف الصحافي الذي توفره، وطرق البحث المتاحة للوصول إلى المعلومات.

ومن بين الدراسات العربية التي تناولت المواقع الإلكترونية للصحف العربية، دراسة سعيد الغريب(28) المنشورة تحت عنوان "الصحيفة الإلكترونية والورقية: دراسة مقارنة في المفهوم والسمات الأساسية بالتطبيق على الصحف الإلكترونية المصرية"، التي توصلت إلى نتائج عدة تفيد محدودية استفادة الصحف المصرية من مزايا التوافر الإلكتروني وسماته لناحية الخدمات الأرشيفية وتقنية النص الفائق والوسائط المتعددة. وأظهرت دراسة قام بها "مركز المعلومات والدراسات" في "صحيفة البيان"(29) تحت عنوان "الصحافة الخليجية على الإنترنت"، قصور الصحافة الخليجية الإلكترونية الصادرة بالخليج في عدد من النواحي المرتبطة بالخدمات الصحافية الإلكترونية وأدوات البحث عن المعلومات فيها. وعاينت الدراسة 25 موقعًا إلكترونيًّا لصحف يومية خليجية باللغتين العربية والإنجليزية متوافرة على الإنترنت.

وأخيرًا يشار إلى واحدة من الدراسات الأولى في هذا السياق، وهي الدراسة التي قام بها حسني محمد نصر وعصام عبد الهادي(30) بعنوان "الصحافة الإلكترونية في دولة الإمارات: دراسة تحليلية مقارنة لمواقع صحف الاتحاد والخليج والبيان على شبكة الإنترنت عام 1998"، وهي عبارة عن دراسة تحليلية هدفت إلى تحديد نواحي القصور في مواقع الصحف الإلكترونية المذكورة.

ثانيًا: دراسات سابقة تناولت أفول الصحافة الورقية

لعل الدراسة الحديثة التي قام بها محمد الراجي(31) مستقصيًّا فرضية "موت أو نهاية الصحافة الورقية اللبنانية"، ومراجعًا مجموعة من الدراسات السابقة التي تناولت أزمة الصحافة الورقية عمومًا وفي بعض البلدان العربية، تصلح لتكوين رأي عن الحال المتعثرة للصحافة العربية الورقية وعن انتشار "الأونلاين" أو الحتمية الرقمية التي بدأت تهيمن، أو تُوجِّه سلوك الاتصال لدى المستخدم، ومستوحيًا استشرافاته من "خطاب النهايات" الذي يبلور رؤيته لتطور وسائل الإعلام الرقمي بمنصاته المختلفة، متوقِّعًا خروجًا أو نهاية للإعلام الجماهيري، وكذلك نهاية الجمهور والمتلقي. وفي السياق نفسه، تشير الدراسة التي أعدها المعز بن سعود(32) إلى "الطروحات الراهنة القائلة إن المستقبل سيكون للتجمعات الإعلامية"، وأنه "لن يكون للصحف الورقية أي مستقبل إذا لم تكن قادرة على خلق تكتلات أو تجمعات تجعلها تصمد وتستمر..". كما تذكر الدراسة أن الزيادة في عدد مستخدمي الإنترنت في البلدان العربية وتطور تكنولوجيا الإنترنت وخدماتها والبنى التحتية المرتبطة بها، إضافة إلى تراجع تكلفة الاتصال، تعتبر من "أهم العوامل التي أدت إلى تحول الصحف الورقية إلى النسخة الإلكترونية، وانتشار ظاهرة صدور الصحف العربية عبر المواقع الإلكترونية؛ مما يجعل مؤشر التوقعات بصمود الصحافة الورقية أمام إغراءات شبكة الإنترنت يتضاءل شيئًا فشيئًا"، خاصة بعد توقف عشرات الصحف والمجلات العريقة في أوروبا وأميركا عن الصدور الورقي. ويرى الباحث نفسه "أن العوامل والمؤشرات التي قادت إلى تراجع مجد الصحف الورقية الفرنسية، هي نفسها التي قادت إلى تراجع نسب توزيع الصحف الورقية العربية".

وأطلق باحثون كثيرون تكهنات بخصوص النهاية الحتمية للصحافة الورقية، ومنهم: برنار بوليه (Bernard Poulet) (33)، في كتابه "نهاية الصحف ومستقبل الإعلام" الصادر باللغة الفرنسية عام 2009 وبترجمته العربية عام 2011، وفيليب ماير (Philip Mayer)(34) وتوقعاته بنهاية الصحف الورقية في كتابه "الصحف المختفية: المحافظة على الصحافة في العصر الرقمي" الصادر عام 2004، ثم بطبعته المنقحة عام 2009. كما يُشار أيضًا إلى باتريك هاندريكس (Patrick Hendriks)(35) الذي تناول صعوبات استمرار الصحف الورقية المطبوعة في كتابه "الصحف: قضية خاسرة" الصادر عام 1999. هذه الإصدارات، وقبلها وبعدها مجموعة كبيرة من الدراسات والبحوث التي تناولت الصراع القائم بين الصحافة التقليدية والصحافة الإلكترونية، كلها تدور في إطار التهديدات التي تواجه الصحيفة الورقية، والتحديات التي على الصحيفة الرقمية التغلب عليها.

و- تأثيرات النشر المكتبي والإلكتروني

هناك فرق بين تقنية النشر المكتبي (DTP) وتقنية النشر الإلكتروني (EP). ما يجمع بينهما هو الاعتماد على الحاسوب في النشر والتخزين والاسترجاع، أما ما يفرقهما فيكمن في طبيعة الوظائف المناطة بكل منهما. وتختزل تقنية النشر المكتبي العمل التقليدي من الاعتماد على المهارات اليدوية في إنتاج الصحيفة، إلى الاعتماد الكلي على الحاسوب وبرامج الطباعة والنشر في استقبال الأخبار والصور وفي التصميم والإخراج، بينما يستدعي النشر الإلكتروني توفير نصوص الصحيفة وصورها كمصدر معلومات فوري من خلال شبكة الإنترنت. ورغم الفرق بين هاتين التقنيتين، فغالبًا ما يمزج المتخصصون بين المصطلحين عند تناولهم مواضيع تتعلق بتقنية النشر ويوحدونهما في مصطلح واحد هو النشر المكتبي الإلكتروني (DTEP).

وإذا أردنا التأريخ لاستخدام تقنية النشر المكتبي عربيًّا، نجد أن صحيفة "الحياة" اللندنية التي توقفت عن الصدور ورقيًّا عام 2018 وأغلقت موقعها الإلكتروني نهائيًّا في مارس/آذار 2020، كانت سباقة في هذا المجال، إذ بدأت استخدام هذه التقنية يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول 1988، وتبعتها مباشرة في نهاية العام التالي صحيفة "الشرق الأوسط" الصادرة في لندن، ثم صحيفة "صوت الكويت" التي صدرت من لندن أيضا في نوفمبر/تشرين الثاني 1990، وتوقفت منتصف العام 1992...إلخ. والجدير ذكره أن أول نظام نشر مكتبي يعمل باللغة العربية كان نظام "الناشر المكتبي" الذي عربته "شركة العلوم والتكنولوجيا" المعروفة باسم "ديوان" عام 1988 عن نظام النشر المكتبي الأميركي (Ready Set Go).

أما الأثر الذي أحدثه استخدام الحاسوب وتقنية النشر المكتبي في الصحف العربية، فيمكن ملاحظته في أمرين مهمين: أولهما التأثير في مستوى وأسلوب العمل داخل الصحيفة الورقية، وثانيهما التأثير في مستوى إنتاج النصوص الرقمية وتخزينها إلى جانب الصور والرسومات البيانية المرتبطة بهذه النصوص(36). ونتيجة لاستخدام تقنية النشر المكتبي في إنتاج النصوص وتصميم الصفحات، طرقت الصحافة العربية بابًا من أبواب تكنولوجيا المعلومات، حققت فيه تقدمًا على مستوى النشر الإلكتروني، وأصبحت الصحف العربية متوافرة على الإنترنت في طرق عدة.

أولًا: على مستوى العمل داخل الصحيفة

أدى اعتماد الحاسوب ونظام النشر المكتبي في الصحيفة اليومية إلى تغيير واسع في سير العمل داخل غرف التحرير، وغرف الإنتاج، كما في التصميم والإخراج. ويمكن تلخيص أهم النتائج في الآتي:

أ- الاعتماد على الحاسوب كوسيلة نشر إلكترونية أثر على طريقة تلقي الأخبار اليومية من وكالات الأنباء التي تشترك معها الصحيفة. وكالات الأنباء مثل: (رويترز)، (أ ف ب)، (أ ب)، وغيرها من الوكالات بمختلف اللغات، تُستقبل داخل الصحيفة التي تستخدم الحاسوب عبر وسيط أنباء، وهو نظام لمعالجة الأخبار الواردة من الوكالات يقوم بعملية استقبال الأخبار ثم يوزعها أوتوماتيكيًّا على المحررين. فالمحرر يملك خيار الاطلاع على جميع الأخبار الواردة إلى الصحيفة دون تحديد موضوعي أو جغرافي، ويملك أيضًا خيار تلقي الأخبار التي تهمه فقط مع تحديد جغرافي إذا شاء. فالمحرر الذي يهتم بالأخبار العلمية أو المسؤول عن صفحة العلوم داخل الصحيفة، يملك خيار استقبال الأخبار والتحقيقات التي لها علاقة بموضوع صفحته فقط. طبعًا في هذه الحالة فإن الحاسوب سيكون مزودًا بتعليمات تعينه على توزيع الأخبار وتصنيفها حسب الموضوع والمكان ومصدر المادة الصحافية.

ب- الاعتماد على الحاسوب كوسيلة إلكترونية أثّر على طريقة تصميم الصحيفة وإخراجها، فأصبح كلاهما يتم بشكل إلكتروني وعلى الشاشة مباشرة.

ج- الاعتماد على الحاسوب كوسيلة نشر إلكترونية أثر على طريقة استقبال الصور من الوكالات المتخصصة. فالصور يستقبلها وسيط صور يسمح للمحرر بالبحث عن صور معينة، ويسمح له أيضًا باختيار الصورة المناسبة لنصه الصحافي. بعد اختيار الصورة يمكن للمحرر أن يحولها بواسطة الشبكة الداخلية إلى مصمم الصفحة، أو يعطيه رقمها، فيجلبها المصمم إلكترونيًّا ويضعها في مكانها المحدد داخل الصفحة.

د- الاعتماد على الحاسوب كوسيلة نشر إلكترونية أثر على طريقة النشر الدولي للصحيفة الورقية، وباتت ترسل الصفحات كلها -وربما دفعة واحدة- إلى مواقع الطباعة في البلدان التي تطبع أو تصدر فيها الصحيفة، بواسطة شبكة إنترنت أو شبكات اتصال وخطوط هاتفية رقمية فائقة السرعة، من مكان إنتاج الصحيفة ومن خلال بعض الوظائف على الإنترنت.

ثانيًا: على مستوى تخزين النصوص واسترجاعها

أ- الاعتماد على الحاسوب كوسيلة نشر إلكترونية أثر على طريقة حفظ النصوص الصحافية، إذ أصبح بالإمكان حفظه كنص لا كصورة فقط.

ب- الاعتماد على الحاسوب كوسيلة نشر إلكترونية سهَّل عملية تنقية النصوص الصحافية من الأخطاء، إذ أصبح تصحيح النصوص المحفوظة يتم بسهولة، مع حفظها من جديد.

ج- الاعتماد على الحاسوب كوسيلة نشر إلكترونية سهَّل عملية تجهيز النصوص قبل التخزين داخل قواعد المعلومات. فكل نص صحافي يفقد بعضًا من تفاصيله الببليوغرافية التي تلازمه عند إخراجه من الصفحة التي ورد فيها.

د- خصائص الإعلام الرقمي

تناول العديد من الباحثين والمهتمين بالإعلام الرقمي موضوع الخصائص، واختلفت الرؤى بين متخصص وآخر لناحية أهميتها. فمنهم من يعتبر "التفاعلية" في مقدمة تلك الخصائص، ومنهم من يرى أن الأهم هو "اللاتزامنية" و"الفردانية"، بينما يميل البعض إلى التركيز على خاصية مهمة جدًّا تتعلق بالعودة إلى المعلومات من أجل الاستخدام اللاحق، وهي قابلية التخزين الرقمي التي تساهم في الرجوع إلى الإنتاج الإعلامي واستخدامه من جديد وإعادة تقديمه بمنتجات مختلفة(37). ويمكن تلخيص ما أتى على ذكره المهتمون بالإعلام الرقمي بشأن الخصائص، كما وردت عند حسين عماد مكاوي (38) وعند أمل قشور (39)، في النقاط الأساسية الآتية:

  1.  التفاعلية، وهي إحدى أهم سماته؛ إذ إنه يُدخل جمهور المستخدمين كشركاء أساسيين في صنع المحتوى الإعلامي، ويتيح لهم إمكانية التحاور المباشر والتفاعل والتداخل الكبير بين الكاتب والقارئ بطرق متعددة. كما يتيح لهم عرض آرائهم والتعليق بشكل مباشر، والمشاركة في منتديات الحوار بين المستخدمين حول مواضيع أو مقالات يطرحها زوار الموقع ومستخدموه.
  2.  المرونة، وتبرز هذه الخاصية من خلال قدرة المستخدم على الوصول بسهولة إلى عدد كبير من مصادر المعلومات والمواقع، مما يتيح له فرصة انتقاء المعلومات التي يراها جيدة وتتوافق مع متطلباته، والتمييز بين المواقع التي تقدم معطيات صحيحة، والأخرى التي تقدم معلومات مزيفة.
  3.  اللاحدودية، حيث يمكن للموقع الإعلامي أن يصل عبر الإنترنت إلى مختلف أنحاء العالم، على عكس عدد كبير جدًّا من وسائل الإعلام التقليدية التي تكون مقيدة في أغلب الأحيان بحدود جغرافية محددة، وحتى إذا تمكنت من تجاوز محليتها فإنها لا تضمن نشر رسائلها الإعلامية إلا على عدد محدود من المتلقين في العالم، لذلك تسعى أغلبها إلى شق طريقها، واستحداث نسخة إلكترونية على الإنترنت.
  4.  التنوع، حيث تسمح الإنترنت بإنشاء صحف متعددة الأبعاد ذات حجم غير محدد نظريًّا، يمكن من خلالها إرضاء مستويات متعددة الاهتمامات، عن طريق النص الفائق (Hypertext) الذي يُمكِّن من إيجاد نسيج إعلامي حقيقي يستخدم أنماطًا مختلفة من المقاربات، والمصادر، والوسائل الإعلامية، ترتبط فيما بينها جميعًا بشبكة من المراجع، وبذلك يمكن للصحافي أن يواجه مشكلة المساحة المخصصة لإنجاز مقالة ما على مستوى الصحافة التقليدية، ويوفق بين المساحة المخصصة للتحرير، وبين تلبية حاجات الجمهور.
  5.  الوسائط المتعددة، ‌إذ بالاعتماد على هذه الوسائط (Multimedia)، يمكن دمج أشكال متعددة لعرض الخبر، فنحصل على نموذج واحد متكامل لكنه متعدد العناصر والأبعاد. فيمكن على سبيل المثال الجمع بين تقنيات الرسوم المتحركة، وعناصر الغرافيك النشطة، والمواد السمعية، والصور، ولقطات الفيديو، حتى نحصل على نموذج شامل ومبتكر.
  6.  الفردانية أو "إعلام الفرد"، وهو شكل جديد من أشكال الإعلام، وينتج عن هذه الخاصية إتاحة الإمكانية لمستخدمي المواقع لاختيار المواضيع، أو المقالات الإخبارية، أو خدمات يرغب المستخدم في الحصول عليها بشكل مسبق أحيانًا.
  7.  الإعلام المفتوح، إذ يُعتبر الإعلام الرقمي إعلامًا مفتوحًا بشكل كبير، إضافة إلى أن نسبة كبيرة منه تتسم بالاستقلالية والمجانية وإمكانات الوصول إلى النصوص الصحافية من دون قيود، فضلا عن توافره عبر محركات وأدلة البحث الكبرى الموجودة على الإنترنت.
  8.  اللاتزامنية، إذ يوفر للقراء والمستخدمين الاطلاع على الأخبار والعودة إليها حسب أوقاتهم ومن أمكنة مختلفة ومتباعدة. ولا تسري هذه الخاصية بشكل أساسي على وسائل الإعلام التقليدية المرئية والمسموعة.

وتبقى الإشارة إلى أمر أساسي في هذه السمات والخصائص، وهو ارتكاز الإعلام الرقمي واعتماده على الحاسوب وتقنيات الاتصال عبر شبكة الإنترنت أو غيرها من الشبكات الرقمية المتوافرة، واعتماده أيضًا على تخزين المعلومات وقابلية البحث فيها واسترجاعها عند الحاجة، وبهدف الربط بين الموضوعات المتشابهة والإحالة إلى البيانات والحقائق المرتبطة بالمواضيع المعالجة.

2. نتائج الدراسة: تقييم الوضع الراهن للصحافة الورقية العربية المتوافرة على الإنترنت

يُظهر الجدول رقم (1) النتائج العائدة إلى استخدام 24 معيارًا تتناول في مجملها القضايا المرتبطة بتوفير النصوص والصفحات والخدمات المرتبطة بالتفاعلية والوصول إلى الأرشيف والإحالة إلى المواقع الأخرى والملفات الصحافية ذات العلاقة بالمواضيع الإخبارية المنشورة. كما تتناول الخدمات التي تقدمها المواقع الإلكترونية المدروسة بخصوص توفير الوسائط المتعددة، والربط مع شبكات التواصل الاجتماعي، وإتاحة النصوص عبر الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، إضافة إلى خدمتي التوسيم والتزويد بمقتطفات الأخبار.

الجدول (1): المعايير المعتمدة في التقييم ونسبها في مجموع الصحف العربية المدروسة

م

مضمون المعايير

النسبة المئوية

1

يوفر موقع الصحيفة تفاصيل المسؤولية عنه وكيفية الاتصال بالمسؤول

% 83.87

2

يوفر موقع الصحيفة روابط إلكترونية مع مواقع إعلامية أخرى

%1.61

3

توافر المواد الإعلامية يوميًّا في موقع الصحيفة على شكل نصوص

%100

4

توافر المواد الإعلامية يوميًّا في موقع الصحيفة على شكل "بي دي إف"

%74.19

5

يوفر موقع الصحيفة بيانات لقراءات إضافية عن الموضوع الصحافي

%45.16

6

يوفر موقع الصحيفة إمكانية التعليق على المادة الصحافية

%58.06

7

تحديث المعلومات بصفة آنية من خلال نشر المادة الصحافية الجديدة

%80.65

8

ينشر الموقع أخبارًا ومادة إعلامية غير منشورة في الصحيفة الورقية

%80.65%

9

يُظهر الموقع تاريخ آخر تحديث للمادة الإعلامية

%93.55

10

يحتوي الموقع على شريط أخبار

%40.32

11

يوفر الموقع خدمة نشرة إذاعية صوتية مع المادة الصحافية

%24.19

12

يوفر الموقع خدمة صور فيديو مع المادة الصحافية

%54.84

13

يوفر موقع الصحيفة معلومات عامة (طقس، عملات، سفر...)

%48.39

14

يوفر موقع الصحيفة الربط مع شبكات التواصل الاجتماعي

%95.16

15

يمكن الوصول إلى المواد الإعلامية من خلال جهاز الآيباد والهاتف المحمول

%22.58

16

يوفر الموقع لمستخدميه إنشاء مدونات خاصة بهم

%1.61

17

يوفر الموقع الوصول إلى أرشيف النصوص

%24.19

18

يوفر الموقع الوصول إلى أرشيف الصفحات

%59.68

19

يوفر الموقع الوصول إلى أرشيف الصور

%3.23

20

يوفر الموقع الوصول المجاني إلى أرشيف الصحيفة

%62.90

21

يوفر الموقع محرك بحث بسيط عن المعلومات خاصا به

%91.94

22

يوفر الموقع طريقة بحث متقدمة عن المعلومات

%16.13

23

يوفر الموقع خاصية التوسيم (Tagging)

%27.42

24

يوفر الموقع تقنية التزويد بمقتطفات الأخبار (RSS)

%43.55

 

يتضح من خلال النسب المذكورة لاعتماد المعايير المشار إليها في الجدول رقم (1)، أن الصحف العربية اليومية الورقية بمجملها تعير اهتمامًا لمواقعها الإلكترونية في نواح عدة. ويُظهر الجدول أن جميع الصحف التي تناولتها الدراسة تحرص على توفير موادها الإعلامية على شكل نصوص بوتيرة يومية إلى مستخدمي مواقعها الإلكترونية والمستفيدين منها على الإنترنت. وتنخفض هذه النسبة إلى حدود 74% عندما يتعلق الأمر بتوفير هذه النصوص بصيغة "بي دي إف" ضمن صفحات متكاملة. كما يتيح حوالي 56% من هذه المواقع إمكانية التفاعل مع المحتوى الذي توفره هذه الصحف، من خلال التعليق على الأخبار والافتتاحيات ومقالات الرأي والتحقيقات والمواضيع الإعلامية كافة. بالإضافة إلى ذلك، يشير الجدول إلى أن هذه المواقع بغالبيتها (80.65%) تقوم بالتحديث الآني لموادها الإعلامية، وتبث أخبارًا وآراء غير منشورة في النسخة الورقية.

وفي حين أن المعايير المرتبطة بتظهير المحتوى والتفاعل معه سجلت نسبًا مقبولة لجهة الالتفات إليها وتوفيرها، فإن المعايير التي تُبيِّن الاهتمام بالخدمات العامة (العملات والطقس...إلخ) والخدمات المرتبطة بالإحالة إلى المواقع الشبيهة والملفات الصحافية الداعمة للمادة الإعلامية الجديدة وخدمات الوسائط المتعددة، سجلت نسبًا قليلة مقارنة بالمعايير التي تمت الإشارة إليها أولًا. ويُظهر الجدول نفسه أن توفير الربط مع المواقع الإعلامية الشبيهة والإحالة إلى بيانات القراءة الإضافية سجلت أقل من 2% في الخدمة الأولى، ولم تتجاوز 46% في الخدمة الثانية. وفي السياق نفسه، لم تتجاوز خدمات الوسائط المتعددة المعنية بدعم المادة الإعلامية بالصوت والصورة المرئية والمسموعة نسبة 25% ونسبة 55% على التوالي. أما الخدمات الأخرى المرتبطة بإتاحة المادة الإعلامية من خلال مواقع شبكات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، فقد سجلت تفاوتًا واضحًا فيما بينها رغم أنها معنية بجزئيات وظيفية متشابهة. وتُلاحَظ النسبة العالية لتوافر الإتاحة عبر شبكات التواصل الاجتماعي في غالبية المواقع المدروسة التي سجلت حوالي 95.16%، في مقابل نسبة غير عالية لخدمة التوافر عبر تطبيقات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية بما لا يتجاوز 23%.

أخيرًا، يُشار إلى أن الخدمة المعنية بمعيار التوسيم سجلت نسبة 27.42%، وهي نسبة يعتبرها الباحث قليلة، خصوصًا مع الغياب التام لخدمة التشعيب في المواقع الإلكترونية التابعة للصحف اليومية العربية الورقية. كما أن معيار التزويد بمقتطفات الأخبار سجل نسبة 43.55%. 

أ- نتائج الدراسة وفقًا للمعايير الأساسية والفضلى

كما ذكر الباحث سابقًا، فإن المعايير المستخدمة في هذه الدراسة المعنية أساسًا بتقييم الحالة الراهنة للمواقع الإلكترونية للصحافة الورقية العربية، تتماشى جميعها -بطريقة أو بأخرى- مع خصائص الإعلام الرقمي كما يستعرضها ويتناولها المتخصصون، إلا أنها لا تأتي بالدرجة نفسها لجهة أهميتها وإضفائها صفة الصحافة الرقمية على المواقع التي تحتضن وتوفر محتوى الصحف الورقية عبر شبكة الإنترنت. تمامًا، كما أن الخصائص التي يتسم بها الإعلام الرقمي لا تأتي على الدرجة نفسها لناحية وظائفها، فإن المعايير المستخدمة في تقييم المواقع الإلكترونية للصحافة اليومية الورقية لا تمتلك قوة التأثير نفسها في وظيفة الموقع الإلكتروني الذي لا يمثِّل نسخة للأصل الورقي. لذلك، فإن غياب بعضها من المواقع الإلكترونية وعدم إدراجها ضمن التسهيلات والخدمات التي تُتِيحها، مثل سمة التفاعلية، يُفقِدها الكثير من أهميتها الرقمية ويُجرِّدها من وظيفتها الأساسية التي وُسِمت بها الحقبة الإعلامية الراهنة بحقبة "الإعلام التفاعلي" الذي تزامن ظهوره مع ولادة "الويب 2" المعروف بالويب التفاعلي. كذلك، فإن غياب سمة البحث عن المعلومات واسترجاع الأعداد والنصوص السابقة من المواقع الإلكترونية المعنية، يُضعفها لناحية عدم استغلال ما توفره تكنولوجيا الرقمنة في هذا المجال.

وهذه الخصائص وبعض الخصائص المشابهة تكاد تكون حقًّا من حقوق مستخدمي المواقع الإلكترونية الحاضنة لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها، تمامًا كما هو "الحق في الاستعلام" وغيره من حقوق المواطنين الأساسية في هذا العصر الرقمي بامتياز.

من هذا المنطلق، ومن أجل الوصول إلى تقييم أوضح لواقع الصحافة العربية الرقمية، انتقى الباحث مجموعة من المعايير التي يعتبرها أساسية وفضلى في أولويات التوافر الرقمي للمحتوى الصحافي العربي، وتَفحّصَ نسبة اعتمادها في المواقع الإلكترونية للصحف المشمولة بالدراسة.

ويُظهر الجدول رقم (2) مجموع المعايير التي يعتبرها الباحث أساسية أو تُشكِّل الحد الأدنى من المعايير التي يُفترض توافرها ضمن تسهيلات الموقع الإلكتروني كي يندرج في إطار الإعلام الرقمي، بينما يشير الجدول رقم (3) إلى المعايير الفضلى في السياق نفسه، بعدما أُضيفت إليها معايير ترتبط بآنية بث الأخبار والربط مع الأخبار المشابهة، إضافة إلى توفير تسهيلات بحث متقدمة في أرشيف الصحيفة وإمكانية الوصول إلى محتواها عبر الآيباد والهاتف المحمول.

الجدول (2): الحد الأدنى من المعايير المعنية بالصحافة الإلكترونية ونسب كل معيار في مجموع الصحف المدروسة

رقم المعيار في الجدول (1)

مضمون المعيار (عنصر التقييم)

النسبة المئوية

3

توافر المواد الإعلامية يوميًّا في موقع الصحيفة على شكل نصوص

%100

4

توافر المواد الإعلامية يوميًّا في موقع الصحيفة على شكل "بي دي إف"

%74.19

6

يوفر موقع الصحيفة إمكانية التعليق على المادة الصحافية

%58.06

17

يوفر الموقع الوصول إلى أرشيف النصوص

%24.19

21

يوفر الموقع محرك بحث عن المعلومات خاصا به

%91.94

المتوسط (Mean)

%69.68

الانحراف المعياري (Standard Deviation)

0.3016

 

يُبيِّن الجدول رقم (2) أن المتوسط الحسابي للمعايير المنتقاة، والتي يراها الباحث أساسية ويُفترض توافرها في أي موقع إلكتروني لصحيفة يومية ورقية، يصل إلى نسبة 69.68%، وهي نسبة أقل من المتوقع باعتبارها حدًّا أدنى للمعايير، علمًا بأن هذه النسبة تقل درجة أهميتها مع التشتت والتفاوت الكبيرين بين المعايير المنظورة، حيث سجل الانحراف المعياري (SD) نسبة تعتبر عالية وصلت إلى 0.3016. ويُلاحظ أن المعيار الخاص بتوافر التفاعلية لا يصل إلى 60% لناحية السماح للمستخدمين بالتعليق على الأخبار، وبالتالي حرمانهم من ممارسة سمة أساسية يعتبرها المتخصصون من ركائز الإعلام الرقمي في الحقبة الحالية الموصوفة بحقبة الإعلام التفاعلي التي يتحول المتلقي فيها إلى منتج للمعلومات في الوقت نفسه. كذلك، فإن هذه الخاصية أتت مع دخول "الويب 2" حيز الاستخدام، وظهور محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي التفاعلية. إضافة إلى ذلك، لا يمكن التغافل عن خاصية الأعداد السابقة للصحيفة وإمكانية البحث في محتواها، وهي ميزة أساسية في مقومات الإعلام الرقمي، وقد سجلت نسبة منخفضة بلغت 24.19%. وأشار الباحث فاضل محمد حسين(40) إلى الصعوبات التي واجهته بسبب عدم توافر الأرشيف الرقمي للصحف اليومية العراقية التي تناولها أثناء معالجته الحراك السياسي عام 2013 في العراق.

لا خلاف بين المهتمين على أن توافر أرشيف الصحيفة رقميًّا من خلال الموقع الموجود على الإنترنت، يسهم في توسيع مساحة المشاهدة للموقع وفي زيادة عدد زواره. كما يتيح للمستخدمين العودة إلى النصوص الإعلامية السابقة بهدف استعمالها والاعتماد عليها في إنتاجات إعلامية ومهنية وأكاديمية متعددة الجوانب، بالإضافة إلى الإسهام في تعزيز المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت، وهو مسعى تعمل لأجله مؤسسات عدة، عربية ودولية، حكومية وغير حكومية.

الجدول (3): المعايير الفضلى للاستخدام في وسيلة الإعلام الرقمية ونسب كل معيار في مجموع الصحف المدروسة

رقم المعيار في الجدول (1)

مضمون المعيار (عنصر التقييم)

النسبة المئوية

3

توفر المواد الإعلامية يوميًّا في موقع الصحيفة على شكل نصوص

100%

4

توافر المواد الإعلامية يوميًّا في موقع الصحيفة على شكل "بي دي إف"

74.19%

5

يوفر موقع الصحيفة بيانات لقراءات إضافية عن الموضوع الصحافي*

45.16%

6

يوفر موقع الصحيفة إمكانية التعليق على المادة الصحافية

58.06%

7

تحديث المعلومات بصفة آنية من خلال نشر المادة الصحافية الجديدة*

80.65%

15

الوصول إلى المادة الإعلامية من خلال تطبيقات على الآيباد والمحمول*

22.58%

17

يوفر الموقع الوصول إلى أرشيف النصوص

24.19%

22

يوفر الموقع طريقة بحث متقدمة عن المعلومات*

16.13%

المتوسط (Mean)

52.62%

الانحراف المعياري (Standard Deviation)

0.3076

* هذا المعيار أضيف إلى باقة المعايير الأساسية لتشكِّل المعايير الفضلى للاستخدام في الصحافة الرقمية.

لا تتبدل النتائج إلى الأفضل ولا تتقدم نسبة المتوسط الحسابي عند توسيع باقة المعايير لتتضمن المعايير الفضلى للمواقع الإلكترونية الصحافية، كما يراها الباحث. يُظهر الجدول رقم (3) أعلاه المعني بقياس نسبة المعايير الفضلى، أن إضافة تسهيلات مرتبطة بتوفير الربط مع معلومات مشابهة أو قراءات إضافية عن الموضوع أو تحديث الأخبار على الموقع بصفة آنية وتوسيع نشرها عبر أجهزة الآيباد والهواتف المحمولة؛ أضعَفَ المتوسط الحسابي للمعايير المتوافرة في المواقع الإلكترونية للصحف الورقية العربية، بينما استمر التشتت والتفاوت الواسع في نسبة توفير هذه المعايير في المواقع المدروسة. وسجل المتوسط الحسابي للمعايير الفضلى نسبة 52.62%، مع تراجع واضح عن النسبة الخاصة بالمعايير الأساسية التي وردت في الجدول رقم (2) والتي بلغت (69.68%)، ولم تتبدل النسبة الخاصة بمستوى الانحراف المعياري الذي بقي في حدود 0.3.

ب- تحليل النتائج ومناقشتها

من أبرز وجوه التقصير الظاهرة في النتائج المعروضة، عدم التوازي بين خدمتي توفير مضمون الصحف الورقية العربية على شكل مواد إعلامية متفرقة بصيغة نص، وتوفيرها على شكل صفحات متكاملة بصيغة "بي دي إف"، علمًا بأن ربط النصوص المتفرقة مع الصفحات التي وردت فيها يُشكِّل ضمانة لناحية عدم المساس بالنص الصحافي، ولمعرفة أهميته بالنسبة للصحيفة الناشرة من خلال تحديد موقعه ضمن الصفحة. وفي ذلك دلالات مهمة عند العودة إليها بداعي درسها أو تحليلها. كما أن توفير الصفحات الكاملة للصحيفة الورقية بصيغة "بي دي إف"، يساعد في عملية الحفظ الرقمي الطويل الأمد لأعدادها مجتمعة، أو لصفحاتها المتفرقة حسب الحاجة.

ومن وجوه التقصير أيضًا، عدم الاكتراث بخاصية التشعيب، وهي المعنية بالربط بين الكلمات المفتاحية داخل النص الصحافي والشروحات والتوضيحات المتعلقة بها، والتي قد يحتاجها المستخدم للاطلاع على ما وراء الخبر أو ما سبقه من قصص صحافية مرتبطة بها. ويُفترض تجهيز هذه الشروحات والتوضيحات في قواعد معلومات خاصة تُنشئها الصحيفة لهذا الغرض. ليس من ضمن الصحف الورقية المدروسة من يعتمد هذه الخاصية. كما أنهم لم يُعطوا في المقابل الاهتمام الكافي لما قد يُعوِّض هذا النقص من خلال الربط مع مواقع إلكترونية مشابهة، أو من خلال الإحالة إلى قراءات إضافية مرتبطة بهذا النص الصحافي منشورة سابقًا. وبحسب النتائج، سجل الربط مع المواقع الإلكترونية الإعلامية المشابهة نسبة 1.61%، في حين بلغت نسبة الإحالة إلى الموضوعات المرتبطة نسبة 45.16%.

وأخيرًا، وفي صدد الخدمات المتعلقة بآنية التحديث والنشر المختلف عما يرد في الصحيفة الورقية المطبوعة، يبدو أن تميزه بالظهور على الموقع الإلكتروني أولًا يستمر لفترة محدودة من الزمن حتى يعود ويظهر بغالبيته في الصحيفة الورقية التي تصدر في اليوم التالي، لذلك أتت نسبة التحديث الآني مساوية تمامًا لنسبة النشر على الموقع الإلكتروني من خارج الصحيفة الورقية وبلغت 80.65%.

وفي سياق آخر يرتبط بمعايير توافر المادة الإعلامية الراجعة في الأرشيف الإلكتروني للصحيفة والوصول إليها، يشير الجدول نفسه إلى أن أرشيف النصوص الصحافية العربية موجود بنسبة لا تتجاوز 25% في المواقع الإلكترونية المشمولة بالدراسة، وأن ما يقارب 60% منها تؤمّن الوصول إلى أرشيف الصفحات أيضًا. والمفاجئ في هذا المضمار أن حوالي 91.94% منها يمتلك محرك بحث يتيح للمستخدم البحث في النصوص من خلال "البحث البسيط" بشكل عام، ومن خلال "البحث المتقدم" بشكل خاص، ولكن ضمن نسبة لا تتعدى 16.13% من هذه المحركات، علمًا بأن الوصول إلى أرشيف النصوص وأرشيف الصفحات مجاني بنسبة 91.40%.

ورغم التفاوت الحاصل بين النسبة التي يتوافر فيها أرشيف النصوص وتلك التي يتوافر فيها أرشيف الصفحات وأرشيف الصور (3.23%)، فإن إتاحة الأرشيف عبر الموقع الإلكتروني للصحف اليومية العربية ما زال بعيدًا عن الطموح المرتبط بتوفير كامل أرشيف الصحف العربية على الإنترنت. ويشار في هذا الصدد إلى عدم توافر أرشيف رقمي كامل قابل للبحث عبر الإنترنت أو من خلال قواعد المعلومات العربية المجانية والمرسمة لأي صحيفة عربية، بما فيها الصحف التي بدأت الصدور مع أو بعد دخول تقنيتي النشر المكتبي والنشر الإلكتروني إلى مؤسسات الصحافة اليومية العربية، وذلك بخلاف الصحافة الغربية عمومًا التي استفادت من تكنولوجيا الرقمنة وحولت أعدادها السابقة ابتداء من العدد الأول إلى صيغ إلكترونية على شكل "بي دي إف" أو صيغ رقمية على شكل نص. ومن هذه الصحف نذكر صحيفة "لوموند" الفرنسية، وصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، وغيرهما من عديد الصحف اليومية الجادة الصادرة في الغرب، وهي متوافرة عبر مواقعها الخاصة ومن خلال قواعد المعلومات المرسمة(41).

ج- تراجع نسبة المعايير الفضلى

تمت مقارنة نتائج الدراسة الحالية مع نتائج دراسة سابقة للباحث نفسه، تناولت المعايير المدروسة المشتركة بين الدراستين. نُشِرت الدراسة الأولى عام 2012(42)، وهي تتشابه مع الدراسة الحالية في تناولها لـ22 معيارًا مماثلًا من المعايير الـ24 التي تفحصتها الدراسة الحالية. بيد أن الدراسة الأولى تناولت 70 موقعًا إلكترونيًّا لصحف ورقية يومية عربية، بينما تناقص العدد إلى 62 في الدراسة الحالية بعدما توقفت مجموعة منها عن الصدور الورقي، وأُخرِجت أخرى لكونها تصدر خارج الوطن العربي.

وتهدف المقارنة بين نتائج الدراستين إلى إظهار مدى التراجع أو التقدم في المواقع الإلكترونية للصحف المدروسة لناحية إيلائها الاهتمام بالمعايير المستخدمة، بعد مرور ما يقارب العشرة أعوام على الدراسة الأولى، علمًا بأن كل ما تتيحه التكنولوجيا في مجالات النشر الإلكتروني، وتوفير المحتوى الرقمي وحفظه والبحث فيه واسترجاعه، وربط النصوص الإعلامية المتشابهة والإحالة إلى الموضوعات المترابطة والتفاعل مع المحتوى، شهد تطورًا كبيرًا في الوقت الذي باتت فيه القراءة الرقمية أوسع انتشارًا، وأصبح الوصول إلى المحتوى الإعلامي أسهل.

الجدول (4): المعايير المعتمدة في التقييم ونسب كل معيار في مجموع الصحف العربية المدروسة سابقًا في 2012

رقم المعيار

مضمون المعايير

نتائج الدراسة السابقة

نتائج الدراسة الحالية

1

يوفر موقع الصحيفة تفاصيل المسؤولية عنه وكيفية الاتصال بالمسؤول

%89.00  

%83.87

2

يوفر موقع الصحيفة روابط إلكترونية مع مواقع إعلامية أخرى

%35.90

%1.61

3

توافر المواد الإعلامية يوميًّا في موقع الصحيفة على شكل نصوص

%98.95

%100

4

توافر المواد الإعلامية يوميًّا في موقع الصحيفة على شكل "بي دي إف"

%58.75

%74.19

5

يوفر موقع الصحيفة بيانات لقراءات إضافية عن الموضوع الصحافي

%21.25

%45.16

6

يوفر موقع الصحيفة إمكانية التعليق على المادة الصحافية

%78.10

%58.06

7

تحديث المعلومات بصفة آنية من خلال نشر المادة الصحافية الجديدة

%89.10

%80.65

8

ينشر الموقع أخبارًا ومادة إعلامية غير منشورة في الصحيفة الورقية

%89.10

%80.65

9

يُظهر الموقع تاريخ آخر تحديث للمادة الإعلامية

%96.90

%93.55

10

يحتوي الموقع على شريط أخبار

%78.10

%40.32

11

يوفر الموقع خدمة نشرة إذاعية صوتية مع المادة الصحافية

%35.90

%24.19

12

يوفر الموقع خدمة صور فيديو مع المادة الصحافية

%45.30

%54.84

13

يوفر موقع الصحيفة معلومات عامة (طقس، عملات، سفر...)

%65.60

%48.39

14

يوفر موقع الصحيفة الربط مع شبكات التواصل الاجتماعي

%76.60

%95.16

15

يمكن الوصول إلى المواد الإعلامية من خلال الآيباد والهاتف المحمول

%29.70

%22.58

16

يوفر الموقع لمستخدميه إنشاء مدونات خاصة بهم

%21.90

%1.61

17

يوفر الموقع الوصول إلى أرشيف النصوص

%65.70

%24.19

18

يوفر الموقع الوصول إلى أرشيف الصفحات

%52.90

%59.68

19

يوفر الموقع الوصول إلى أرشيف الصور الثابتة

%21.40

%3.23

20

يوفر الموقع الوصول المجاني إلى أرشيف الصحيفة

%91.40

%62.90

21

يوفر الموقع محرك بحث بسيط عن المعلومات خاصا به

%95.70

%91.94

22

يوفر الموقع طريقة بحث متقدمة عن المعلومات

%54.30

%16.13

* المعايير التي شهدت تراجعًا ومن ضمنها المعايير الفضلى.

في هذا السياق يُظهر الجدول رقم (4) أن النسب المئوية للاستخدام تراجعت في غالبية المعايير، علمًا بأن بعضها يندرج ضمن "المعايير الفضلى" للموقع الرقمي للصحف الورقية اليومية، كما صنَّفها الباحث.

من المعايير الفضلى التي تراجعت بشأن نسبة الالتفات إليها في المواقع الإلكترونية، يُشار إلى أرشيف النصوص وإلى محرك البحث المتقدم (المعياران 17 و22). كما تراجعت نسبة الاهتمام بواحدة من أهم سمات الإعلام الرقمي، وهي التفاعلية، وذلك بحجب إمكانية تعليق قراء الموقع ومستخدميه على القصص الصحافية والأخبار التي ينشرها الموقع (المعيار 6). أيضًا، تراجعت نسبة الاهتمام بالتحديث الآني للموقع (المعيار 7)، وبالتالي تراجع معها تمايز الموقع الإلكتروني لناحية نشره أخبارًا وقصصًا إعلامية غير واردة في النسخة الورقية. كما تراجعت نسبة توفير خدمة شريط الأخبار (المعيار 10) من خلال وكالات الأنباء العالمية والإقليمية أو الوطنية، وخدمة النشرة الصوتية (المعيار 11)، وخدمتي أرشيف الصور الثابتة (المعيار 19)، وإنشاء مدونات خاصة لمستخدمي الموقع الإلكتروني للصحيفة (المعيار 16). ومن المعايير العامة التي تراجعت، نذكر المعيار المتعلق بتوافر الأرشيف الرقمي للصحيفة عبر الموقع الإلكتروني من دون بدل مالي أو اشتراك مسبق (المعيار 20).

في مقابل ذلك، شهد توافر المحتوى بصيغتي نصوص وصفحات "بي دي إف" تقدمًا، ولكن غير متوازٍ، وبلغ نسبة 100% في المعيار الأول (المعيار 3) بينما لم يتجاوز 75% في المعيار الآخر (المعيار 4). كما تحسنت نسبة الصحف التي توفر صور فيديو أو فيديو غرافيك مع المادة الإعلامية المنشورة على الموقع (المعيار 12)، وكذلك الخدمة المعنية بتوفير بيانات لقراءات إضافية عن الموضوع الصحافي (المعيار 5). وبقي المعياران (23) و(24) خارج المقارنة، وهما معنيان على التوالي بالتوسيم والتزويد بمقتطفات الأخبار.

خاتمة

كما سبق ذكره، كان جل اهتمام هذا البحث منصبًّا على تفحُّص الوضع الراهن للمواقع الإلكترونية المرتبطة بالصدور الورقي اليومي للصحف اليومية العربية التي تمثَّلت بتقصي 62 صحيفة. ويُعتبر هذا العدد من الصحف اليومية العربية عاكسًا لواقعها ولغالبية التسهيلات والخدمات التي توفرها للمستخدمين عبر مواقعها. كما شملت هذه العينة غالبية البلدان العربية بما فيها بلدان مجلس التعاون الخليجي، حيث الميزانية المصروفة على الإعلام عمومًا، والدعم الحكومي للصحافة الورقية خصوصًا، يفوقان غيرها من البلدان العربية الأخرى. والمعروف أن الصحافة الورقية العربية عانت أخيرًا من تقلُّص إيراداتها الإعلانية ومن تراجع الإقبال العام من المواطنين على قراءة الصحف الورقية، بعد التطور اللافت الذي لحق بتوافر بعضها من خلال تطبيقات رقمية متلائمة مع الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية التفاعلية. كما يوجد غالبيتها عبر مواقع إلكترونية خاصة بها، وعبر منصاتها الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي. 

ويشير البحث في الجزء الخاص بمراجعة الأدبيات، وتحديدًا في الفقرة المخصصة للدراسات التي تناولت أفول الصحافة الورقية، إلى مجموعة مهمة من البحوث في هذا الصدد. والملفت أن غالبية المؤسسات المهنية الحكومية والخاصة تلقفت هذا الأمر بنوع من الدعوة إلى إنقاذ الصحافة، وكأن غيابها عن النشر الورقي يعتبر موتًا للصحافة نفسها، علمًا بأن التخلي عن الورق كمصدر من مصادر الوصول إلى الأخبار والمعلومات يتنامى في غالبية البلدان، وليس في البلدان العربية فقط. ومن المفترض أن يكون اللجوء إلى الاعتماد على المواقع الإلكترونية لهذه الصحف بقصد الوصول إلى الأخبار ومقالات الرأي والتحقيقات؛ خطوة متقدمة ودليلا على مواكبة تطورات العصر لناحية الوصول الرقمي إلى الأخبار والمعلومات عبر الهاتف النقال والوسائط الإلكترونية الأخرى.

إن ما تشهده الساحة الإعلامية العربية راهنًا لا يتنافى مع النظريات الإعلامية المرتبطة بالتحول والتطور، ومن ضمنها نظرية انتشار الابتكارات التي صنفت مراحل التطور بدءًا من "الابتكار" وحتى "الثبات على التبني". على أن ذلك لا يتم دفعة واحدة، وإنما تباعًا على امتداد فترة زمنية معينة. وهذا ما يمكن تلمسه من التقسيم الزمني والمرحلي لتحوّل الصحافة الإلكترونية العربية وتأطيرها في مراحل ثلاث أشارت إليها دراسة باسم الطويسي المذكورة أعلاه. وربما مع التطور الحاصل لناحية تزايد الصحف الإلكترونية وتناقص الصحف الورقية، قد تدخل الصحافة الإلكترونية العربية مرحلة رابعة تتميز بتوافر صحف إلكترونية عربية من دون رديف ورقي.

ولكن ما يثير القلق، انطلاقًا من الإنتاج الفكري الخاص باستقصاء الوضع الراهن للصحف الورقية العربية ومن خلال نتائج هذه الدراسة، أن التزايد الكمي لأعداد الصحف الإلكترونية العربية يقابله تناقص نوعي وكيفي في الاهتمام بهذه المواقع لنواحي الوصول إليها وتصفُّح محتواها الرقمي الجاري والراجع ضمن مقتضيات ما تتيحه الصحافة الرقمية من خصائص وميزات، وبالتالي قد تكون الصحافة العربية أمام معضلة جادة تشي بخسارة الإعلام العربي للصحف الورقية من دون اكتسابه تقدمًا واضحًا لناحية ربحه في الصحافة الرقمية. 

ويُبيّن الجدولان (2) و(3) من خلال النسب التي يظهرانها بشأن توافر المعايير الأساسية والمعايير الفضلى ومن خلال المتوسط الحسابي للمعايير المعتمدة في كل منهما، أن المواقع الإلكترونية للصحف الورقية العربية المدروسة تحتاج إلى تعزيز المعايير الفضلى، والاهتمام بتطوير الخدمات الإعلامية عبر مواقعها. ولعل التراجع في نسب الاهتمام بالمعايير المعتمدة في التقييم منذ العام 2012 كما يتضح من الجدول رقم (4)، ينبئ باستمرار القصور والتقصير لدى ناشري الصحف العربية الورقية والمشرفين عليها لناحية عدم تقديرهم واستيعابهم لأهمية المواقع الإلكترونية مقارنة بالنسخة الورقية للصحيفة. ويأتي القصور عند بعضهم من مقولة "الإنسان عدو ما يجهل"، أما التقصير فمرده إلى عدم الرغبة أو القناعة لدى بعضهم الآخر بالاستثمار في مجال الإعلام الرقمي من منطلق اقتصادي. لذلك، فإن بعض الصحف التي توقفت عن الصدور، توقفت في الوقت نفسه عن البث الرقمي عبر الموقع الإلكتروني المصاحب.

وتفتح هذه الدراسة الأفق على دراسات أخرى معنية بعمل المواقع الإلكترونية الصحافية العربية لنواحي تطوير معايير التقييم وتفحُّصها بشكل دوري، والالتفات إلى الإضاءة على جوانب أخرى مهمة وأساسية في عمل هذه المواقع من خلال دراسة "قابلية استخدامها" (Usability) وتفحُّص محتواها لجهة الاهتمام بالإشارة إلى المصادر والربط مع الأخبار المشابهة، والالتفات إلى خصوصية التشعيب والتفاعل.

نشرت هذه الدراسة في العدد الحادي عشر من مجلة لباب، للاطلاع على العدد كاملًا (اضغط هنا)

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1) عماد بشير، "توسيع الاستفادة من الصحف العربية في الإنترنت يتطلب التوصل إلى مقاييس موحدة لا تتعدى المطلوب لتصفح الشبكة"، الحياة، 7 مايو/أيار1997، العدد 12494، ص 13.

(2) عماد بشير، "تقنيات الإعلام الحديث في العالم العربي بالعودة إلى الصحافة الإلكترونية"، مجلة الاتصال والمعلومات (كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، لبنان، العدد 1، 2005) ص 101-112.

(3) Roger Fidler, Mediamorphosis: Understanding New Media (London: Forge Press, 1997), 302.

(4)  John V Pavlik, New Media Technology: Cultural and Commercial Perspectives (Boston: Allyn & Bacon, 1998), 400.

(5) Richard Davis, Diana Owen, New Media, and American Politics (New York: Oxford University Press, 1998), 304.

(6) Vin Crosbie, “What is ‘New Media?’,” Digital Deliverance,1998 “accessed June 5, 2021”. https://bit.ly/3x7mSlk.

(7) "هل تقضي كورونا على الصحافة المطبوعة في العالم"، ارفع صوتك، 7 أغسطس/آب 2020، (تاريخ الدخول: 20 مارس/آذار 2021)، https://bit.ly/34YTYaU.     

(8) نصر الدين لعياضي، "الصحافة الإلكترونية العربية والمجال العام: فضاءات مشتركة للاستقطاب والمشهدية"، مركز الجزيرة للدراسات، 7 فبراير/شباط 2018، (تاريخ الدخول: 5 يونيو/حزيران 2021)،  https://bit.ly/3ix1h1g  .

(9) Everett Rogers, Diffusion of Innovations, 5th edition, (New York: Free Press, 2003), 551.

(10) جميلة جابر، انتشار حركة الوصول الحر للنشر العلمي في البلدان العربية: دراسة فينومينولوجية (أطروحة دكتوراه، الجامعة اللبنانية، 2018) ص 73 – 83.

(11) عباس مصطفى صادق، صحافة الإنترنت: قواعد النشر الإلكتروني الصحافي الشبكي، ط1 (أبو ظبي، الظفرة للطباعة والنشر، 2003)، ص 232.

(12) بشير، "توسيع الاستفادة من الصحف العربية في الإنترنت يتطلب التوصل إلى مقاييس موحدة لا تتعدى المطلوب لتصفح الشبكة"، مرجع سابق، ص 13.

(13) أمل وجيه حمدي، محمد سالم غنيم، "النشر الإلكتروني في عشر سنوات (1990 – 1999)"، دراسات عربية في المكتبات وعلم المعلومات (المجلد 7، العدد 2، 2002)، ص 63 – 112.

(14) حسني محمد نصر، الإنترنت والإعلام: الصحافة الإلكترونية، (الكويت، مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع، 2003)، ص 251.

(15) صادق، صحافة الإنترنت، مرجع سابق، ص 232.

(16) السيد بخيت، الإنترنت وسيلة اتصال جديدة: الجوانب الإعلامية والصحفية والتعليمية والقانونية، (العين، دار الكتاب الجامعي، 2004)، ص 411.

(17) شريف درويش اللبان، الصحافة الإلكترونية: دراسات في التفاعلية وتصميم المواقع، ط1 (القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 2005)، ص 224.

(18) ماجد الجريوي، مشعل الوعيل، الإعلام الرقمي: من البدايات إلى تشكيل الإمبراطوريات، (الرياض، دار تشكيل، 2020)، ص 304.

(19) باسم الطويسي، "الصحافة الإلكترونية في العالم العربي: سياقات النشأة وتحديات التطور"، مركز الجزيرة للدراسات، 11 فبراير/شباط 2019، (تاريخ الدخول 5 يونيو/حزيران 2021)، https://bit.ly/3w3ABJG.

(20) لعياضي، "الصحافة الإلكترونية العربية والمجال العام"، مرجع سابق.

(21) عماد بشير، "الصحيفة الرقمية المكتوبة "مستقبل" الصحيفة الورقية المطبوعة: دراسة في التوافر الرقمي للصحافة العربية الورقية على الإنترنت"، (دراسة قُدِّمت في المؤتمر الإقليمي حول حرية الصحافة: التحديات الأساسية والمسؤولية المهنية، بيروت، اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، 2012)، ص 65-84.

(22) جاسم محمد الشيخ جابر، "الصحافة الإلكترونية العربية، المعايير الفنية والمهنية: دراسة تحليلية لعينة من الصحف الإلكترونية العربية"، (دراسة قُدِّمت في مؤتمر "تكنولوجيا جديدة.. لعالم جديد"، أبحاث المؤتمر الدولي: الإعلام الجديد، جامعة البحرين، أبريل/نيسان 2009)، ص 391-412.

(23) حسن محمد منصور، الإعلام العربي في شبكة الإنترنت: دراسة تحليلية تقويمية لعينة من مواقع وسائل الإعلام العربية على شبكة الإنترنت (أطروحة دكتوراه، جامعة الأزهر، 2007)، ص 368.

(24) خالد الحلبي، "محركات البحث في مواقع الصحف الخليجية المتاحة على الإنترنت"، (دراسة قُدِّمت في مؤتمر صحافة الإنترنت في الوطن العربي.. الواقع والتحديات، الشارقة، جامعة الشارقة، 22-24 نوفمبر/تشرين الثاني 2005)، ص 112.

(25) عبد الله بن ناصر الحمود، فهد بن عبد العزيز العسكر، "إصدارات الصحف السعودية المطبوعة على الإنترنت في ضوء السمات الاتصالية للصحافة الإلكترونية: دراسة تقويمية"، مجلة البحوث الإعلامية (العدد 19، يناير/كانون الثاني 2003)، ص 151-197.

(26) صادق، صحافة الإنترنت، مرجع سابق، ص 232.

(27) عبد الكريم عبد الرحمن الزبد، "الصحف العربية على شبكة الإنترنت" (دراسة قُدِّمت في مؤتمر "نحو استراتيجية لدخول الإنتاج الفكري المكتوب باللغة العربية في الفضاء الإلكتروني"، وقائع المؤتمر الحادي عشر للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، القاهرة، 12-16 أغسطس/آب 2001)، ص 253-272.

(28) سعيد محمد الغريب، "الصحيفة الإلكترونية والورقية: دراسة مقارنة في المفهوم والسمات الأساسية بالتطبيق على الصحف الإلكترونية المصرية"، المجلة المصرية لبحوث الإعلام (العدد 13، أكتوبر/تشرين الأول 2001)، ص 177- 222.

(29) "57% تنقصهم خدمة البحث الإلكتروني في مواقعهم، و58% لا تضم مواقعهم أية روابط بمواقع أخرى"، البيان، 18 أبريل/نيسان 2000، (تاريخ الدخول: 5 يونيو/حزيران 2021)، https://bit.ly/2Tapn7H.

(30) حسني محمد نصر، عصام عبد الهادي، "الصحافة الإلكترونية في دولة الإمارات: دراسة تحليلية مقارنة لمواقع صحف الاتحاد والخليج والبيان على شبكة الإنترنت عام 1998"، مجلة كلية الآداب في جامعة الزقازيق (العدد 23، 1999)، ص 111-179.

(31) محمد الراجي، "أزمة الصحافة الورقية في لبنان: أطروحة النهاية وإشكالية الاستمرارية"، مركز الجزيرة للدراسات، 6 أبريل/نيسان 2020، (تاريخ الدخول: 5 يونيو/حزيران، 2021)، https://bit.ly/3gc16G4.

(32) المعز بن سعود، "الصحافة الورقية العربية: صراع البقاء ورهانات الرقمنة"، مركز الجزيرة للدراسات، 6 ديسمبر/كانون الأول 2016، (تاريخ الدخول: 5 يونيو/حزيران 2021)، https://bit.ly/3v7dufL.

(33) برنار بوليه، نهاية الصحف ومستقبل الإعلام، ترجمة: خالد طه الخالد، (لبنان، الدار العربية للعلوم، 2011)، ص 221. 

(34) Philip Mayer, Vanishing Newspapers: Saving Journalism in the Information Age, 2nd ed. (USA: University of Missouri Press, 2009), 239.

(35) Patrick Hendriks, Newspapers: A Lost Cause, (Netherlands: Springer, 1999), 251.

(36) عماد بشير، "استخدام تكنولوجيا النشر المكتبي وتأثيره على تخزين واسترجاع النص العربي"، نشرة جمعية المكتبات اللبنانية (جمعية المكتبات اللبنانية، المجلد 4، العدد 3، 1997)، ص 18-21.

(37) عماد بشير، "الصحافة العربية اليومية في العصر الرقمي"، (دراسة قُدِّمت في ندوة مجلة العربي، الثقافة العربية وآفاق النشر الإلكتروني، الكويت، 21-22 أبريل/نيسان 2001)، في: كتاب العربي (55)، يناير/كانون الثاني 2004، ص 24-35.

(38) حسن عماد مكاوي، ليلى حسين السيد، الاتصال ونظرياته المعاصرة، ط2 (القاهرة، الدار اللبنانية المصرية، 2001)، ص 87-108.

(39) أمل قشور، أساليب تقديم المحتوى في المواقع الإلكترونية الإخبارية الناشرة بالعربية وتقييم خدماتها (رسالة ماجستير، الجامعة اللبنانية، 2012)، ص 16.

(40) فاضل محمد حسين، متغيرات معالجة الصحافة العراقية للحراك السياسي في العراق واتجاهات النخبة الإعلامية إزاءها: صحف "الصباح، الزمان، طريق الشعب" أنموذجًا (أطروحة دكتوراه، الجامعة اللبنانية، 2021)، ص 11.

(41) غالبية الصحف الغربية الرئيسية الصادرة في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا تتوافر بأعدادها التاريخية والجارية من خلال قواعد معلومات تجارية، مثل: نيكسس (Nexis) وبروكويست (Proquest)...إلخ، بالإضافة إلى المواقع المنفردة لتلك الصحف.

(42) بشير، "الصحيفة الرقمية المكتوبة"، مرجع سابق، ص 65-84. 

ملحق

أسماء الصحف المدروسة حسب الدولة التي تصدر فيها

مع عناوين توافرها الرقمي على الإنترنت (URL)

م

اسم الصحيفة

البلد

العنوان الإلكتروني (URL)

1

الدستور

الأردن

www.addustour.com

2

الأنباط

www.alanbat.net

3

السبيل

www.assabeel.net

4

الرأي

www.alrai.com

5

الخليج

الإمارات

www.alkhaleej.co.ae

6

البيان

www.albayan.ae

7

الاتحاد

www.alittihad.ae

8

الوسط

البحرين

www.alwasatnews.com

9

أخبار الخليج

www.akhbar-alkhaleej.com

10

الصباح

تونس

www.assabah.com.tn

11

الصحافة

www.essahafa.info.tn

12

الشروق

www.alchourouk.com

13

الخبر

الجزائر

www.elkhabar.com

14

الجمهورية

www.eldjoumhouria.dz

15

عكاظ

السعودية

www.okaz.com.sa

16

الجزيرة

www.al-jazeera.com