آليات توجيه الباحثين لاستخدام المنهج العلمي في بحوث الإعلام والاتصال

تفكِّر الورقة في كيفية توظيف ما يسمى "التسونامي الرقمي" في البحث العلمي عبر إدماج التكنولوجيات في برامج المؤسسات التي تُعنى بالإعلام بطريقة مختصة بهدف الوصول إلى تحويل الرقمي إلى ثقافة يتمكَّن منها الباحث ويتعود عليها بممارستها ومقاربتها يوميًّا. وتتحوَّل بذلك عملية البحث إلى القدرة على تحويل النصوص إلى بيانات، وتحويل البيانات وكل ما هو رقمي إلى نصوص، فيكتسب الباحث مهارات البحث والتقييم والفرز والمقارنة ثم الإنتاج في مرحلة أخيرة. وكي لا يكون هذا الكلام نظريًّا، تقدم الورقة مفاتيح وآليات لتوجيه الباحثين لاستخدام المنهج العلمي وضبط بعض المراحل التي يمكن للباحث أن يتبعها في العملية البحثية مع مراعاة خصوصية كل موضوع.
البحوث الإعلامية تحتاج إلى تحويل الرقمي إلى ثقافة والقدرة على تحويل النصوص إلى بيانات، وتحويل البيانات وكل ما هو رقمي إلى نصوص (رويترز)

يمكن أن ننطلق في هذه الورقة من مفهوم محوري في العنوان، وهو مفهوم المنهج وصلته بالبحوث في مجال الإعلام والاتصال. ويبدو الانطلاق من التعريف الموسوعي أمرًا بسيطًا ولكنه في نظرنا بالغ الأهمية، لتداخل هذا المفهوم في ذهن الباحثين، وخاصة الشبان منهم بمفاهيم مجاورة له. وتجمع التعاريف التي اعترضتنا على أن المنهج هو الطريق، وهو وصف أيضًا للطريق، فنقول: طريقٌ نهجٌ أي بيِّن وواضح، وأنهج الطريق أي وضح واستبان وصار نهجًا واضحًا، ومنه المنهاج وهو الخطة الموضوعة سلفًا لبلوغ غايات معينة.

ويرى أغلب الباحثين أن المنهج العلمي (Scientific Method) هو عبارة عن مجموعة من الطرق والأساليب التي يتوخاها الباحث لينظر في مسألة من المسائل، وهو أيضًا الوسائل التي تساعده على تنظيم طريقة تناوله للمسألة، ليصل إلى تفكيك عناصرها، وإيجاد الحلول واستخلاص النتائج. ويمكن أن يكون أيضًا الطريقة المتوخاة لطرح الأفكار للتدليل على هذه النتائج التي كانت مجرد فرضيات، وبعد تناولها بمنهج علمي أصبحت بمنزلة الحقائق. وهذا ما أفرز ما يسمى بعلم المناهج (Methodology) الذي يُعنى بدراسة طرق وأساليب البحث حسب الاختصاصات العلمية. وبين العلم والفلسفة تطورت الدراسات التي تهتم بالمناهج وتسارع تطورها مع التقدم التكنولوجي الهائل الذي غزت نتائجه ومخرجاته كل بلدان العالم.

ولن نتحدث هنا عن المناهج العلمية المعروفة في تناول بحوث الإعلام والاتصال، مثل المنهج التاريخي أو المنهج الاجتماعي أو الثقافي أو غيرها، ولكن سنحاول أن نضبط مراحل منهجية عملية يحتاجها الباحث حين يروم إنجاز بحث أو كتابة موضوع في مجال الإعلام والاتصال يمكن وصفه ببحث علمي يخضع للمقاييس العلمية، وتتضافر فيه عدة مداخل نظرية يسند بعضها البعض، ويضيء كل واحد منها جانبًا، ما كان للآخر أن يسلِّط عليه الضوء. فقد انتهى عصر المقاربة أحادية البُعد، ونحن في عصر يفرض علينا تضافر الاختصاصات للوصول إلى نتائج أقرب ما تكون إلى الصحة.

وتقوم أغلب المناهج العلمية عادة على الملاحظة وطرح الأسئلة وجمع المعلومات وصياغة الاستنتاجات، وبناء الفرضيات ثم اختبارها، وأخيرًا إثبات المصادر والمراجع. وهي الطريقة المتعارف عليها منذ عقود من الزمن، والتي لم تتغير في أغلب البحوث العلمية رغم تغير الحوامل والمتون المدروسة.

وما جعلنا نطرح هذا الموضوع هو ما لاحظناه من أن أغلب البحوث العلمية، وخاصة في مجال الإعلام والاتصال في البلدان العربية، تمر عادة من جمع المعلومات إلى صياغة الاستنتاجات، وذلك سواء أكان البحث يعتمد الوسائل التقليدية أم الوسائل الحديثة مما توفره وسائط التواصل الإلكتروني، لذلك سنحاول أن نوضح هذه الخطوات المنهجية دون الدخول في التفاصيل.

1. مراحل تطور بحوث الإعلام والاتصال

نشأت بحوث الإعلام والاتصال في أقسام علم النفس وعلم الاجتماع في كثير من الجامعات، ثم استقلت واتجهت إلى دراسة وسائل الإعلام مركِّزة على التقبُّل وطريقة صياغة المحتوى. ويمكن أن نرصد أربع مراحل كبرى لتطور هذه البحوث:

- المرحلة الأولى: تركز الاهتمام في هذه المرحلة على وسائل الإعلام: ما هي؟ كيف تصل إلى المتلقي؟ ما الاختلافات بينها؟ وما وظيفتها؟ ومن لديهم الإمكانية للوصول إليها؟

- المرحلة الثانية: جرت العناية فيها بتطوير الوسيلة في حدِّ ذاتها، ودوافع الجمهور لاستخدام هذه الوسائل، وطُرحت أسئلة من قبيل: كيف تُستخدَم الوسيلة؟ ما الذي يدفع الجمهور لاستخدام الوسيلة؟ من يحرص على متابعة الوسيلة؟ ماذا توفر الوسيلة للجمهور؟

- المرحلة الثالثة: طرحت أسئلة كثيرة في هذه المرحلة عن مجموعة من المواضيع، منها: كم من الوقت يقضيه المتلقي أمام الوسيلة؟ هل يغيِّر الإعلام نظرة الناس للأشياء؟ ماذا يريد الجمهور أن يشاهد وأن يسمع؟ هل هناك أضرار تسبِّبها وسائل الإعلام؟ هل يمكن أن تقدِّم وسائل الإعلام مساعدة في الحياة، وتسهِّل العيش؟

- المرحلة الرابعة: بدأ التفكير في تحسين وسائل الإعلام حسب طلبات الجمهور، فطُرِحت أسئلة من قبيل: كيف يمكن للوسيلة أن تقدِّم المعلومة أو التسلية لكل أنواع الناس التي تتابعها؟ وكيف تجلب من لا يتابعها؟ وكيف يمكن تغيير البرامج لتكون أكثر قيمة؟ وكيف تحسِّن التكنولوجيا الجديدة الرؤية والصوت لوسائل الإعلام؟

2. طرائق عملية في البحث

بعد سنة 2000، أصبح الفضاء الرقمي المفضل في كل المجالات تقريبًا حتى إنه اكتسح كل جوانب الحياة، ولا يفتأ يتطور يومًا بعد يوم، واستفاد الاقتصاد والسياسة وغيرهما من ذلك. وأصبحت علوم الاتصال مجالًا مطلوبًا من كل الاختصاصات، وأصبحت التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال (Nouvelles technologies de l’information et de la communication) تعني وسائل جديدة، وأشياء جديدة، ووسائل إعلام جديدة.

وإثر الانتشار السريع للمنصات والشبكات الاجتماعية تغيَّر وجه الإعلام في العالم حتى إن البعض سمَّى ذلك بـــــ"التسونامي الرقمي". وهذا ما دعا إلى إعادة النظر وهيكلة كثير من المجالات العلمية، خاصة الصحافة وعلوم الأخبار (إلى جانب مجالات أخرى، مثل: التربية، والنشر، والصحة، والسياسة، والدين...).

ولم يعد يُنظر إلى الرقمي من زاوية أنه ابتكار وعلم قائم بذاته، بقدر ما أصبح خلفية عملية وأساسية لمجال المعلومات والاتصال؛ إذ ساعد على إظهار الينابيع الأيديولوجية والثقافية والتوجهات السياسية والاقتصادية للحالات المقدمة إعلاميًّا، من خلال تسهيل الملاحظة والتعداد والتصنيف وكشف استراتيجيات الخطابات والصور وتأويل السلوك والأحداث بأكثر دقة وإماطة اللثام عن المضمرات مع توسيع البيانات حول الموضوع المدروس وإعطاء إمكانية أكبر للتوثيق. وهو ما أعطى أهمية لهذه البيانات والخوارزميات (محركات البحث التي تعمل على الترتيب والإحصاء) مما أنتج دلالة جديدة كان من المستحيل الحصول عليها بالملاحظة العينية.

وأصبح لثقافة الفهرسة أيضًا دور كبير في استنتاج هذه الدلالات، وهذا ما نراه ينقص البحث العلمي المختص في علوم الإعلام والاتصال في العالم العربي الذي ما زال في نظرنا مقيدًا بالطرق القديمة وبالنظرة الذاتية المحدودة للموضوعات المدروسة، أو بإخضاعها لمناهج لم تعد صالحة أمام غزو هذه المناهج الحديثة وتطورها المتسارع.

لذلك لابد من التفكير في إدماج هذه التكنولوجيات في برامج المؤسسات التي تُعنى بالإعلام بطريقة مختصة، وعبر دورات تدريبية متسلسلة، لمن تخرَّجوا وأصبحوا يمارسون البحث في علوم الإعلام والاتصال. وهذا يمكِّنهم من تقديم بحوث علمية تتماشى مع روح العصر والهندسة الجديدة للواقع وللوقائع، وما يصلح لليوم ربما يكون غير صالح للغد. لذلك لابد من متابعة واستعداد لتغيير الاستراتيجيات حسب ما تقتضيه ظروف التقدم العلمي من تطور الآلات والبرمجيات، وهو في حدِّ ذاته ما يمكن أن يكون موضوعًا للإعلام والاتصال، مثل زخم المدونات ومنصات الفيديو والشبكات الاجتماعية والإنترنت بشكل عام، ثم ما توفره آلات يسيرة الحمل ومنتشرة عند كل الفئات الاجتماعية تقريبًا وما لها من قدرة على توثيق الأحداث الحينية صوتًا وصورة وبثها في نفس الوقت (الهواتف الذكية مثلًا).

وما يجب لفت انتباه الباحث إليه هو كيف تُنشِئ التكنولوجيا الرقمية علاقة جديدة بالوقت بسبب الاتصال الدائم بالمعلومات والبيانات وغيرها(1). لقد أصبح عامل الوقت بالغ الأهمية بتوافر هذه الوسائل التي إن لم تمتلكها أنت امتلكها غيرك، وهذا يعني عدم قدرتك على مسايرة الحدث والتحكُّم في زمنك الخاص بك، وكيفية تقسيمه، ومنه الزمن المخصص للبحث.

والسؤال المطروح هنا: كيف يمكننا استغلال هذا "التسونامي الرقمي" في بحث علمي؟ وقد طُرح هذا السؤال في بعض الدراسات الأجنبية بهدف الوصول إلى تحويل الرقمي إلى ثقافة يتمكَّن منها الباحث ويتعود عليها بممارستها ومقاربتها يوميًّا، وكيف يستطيع مع ذلك أخذ مسافة منها في بحثه. وهذا التعقيد منبعه أهمية الرهانات المنوطة بعهدة كل ما هو رقمي وكذلك اختلاف الوسائط وتعدُّدها وتطورها المستمر، ثم القدرة على استيعاب كل ذلك وإيجاد العلاقات التي تحكمه، والعلاقة التي تكون بينه وبين الكتاب العلمي في نفس الاختصاص، وخاصة البحوث التي حُكِّمت من لجان علمية متخصصة (بحوث الماجستير والدكتوراه والمقالات في المجلات المحكَّمة). وتتحوَّل بذلك عملية البحث إلى القدرة على تحويل النصوص إلى بيانات، وتحويل البيانات وكل ما هو رقمي إلى نصوص، فيكتسب الباحث مهارات البحث والتقييم والفرز والمقارنة ثم الإنتاج في مرحلة أخيرة.

وكي لا يكون هذا الكلام نظريًّا حاولنا أن نضبط بعض المراحل التي يمكن للباحث أن يتبعها مع مراعاة ما وقع ذكره سابقًا، واحترام خصوصية كل موضوع، وهي:

أ- اختيار الموضوع

يحدث اختيار موضوع البحث بعد تفكير عميق من الباحث، ويكون نابعًا من ذاته مع إمكانية توجيه بسيطة من مختص في المجال. ويرتكز هذا الاختيار على عدة أسباب نذكر منها الأسباب الموضوعية، ومنها راهنية المبحث وعلاقته ببقية المباحث في نفس المجال وفي المجالات المجاورة له. وفي الإعلام والاتصال يمكن أن نفكِّر بالقدر الذي يمكن أن توفره لنا بعض العلوم الأخرى من إفادة وإضاءة مثل الحاسوبيات والعلوم السياسية والعلوم الاقتصادية وعلم النفس...كذلك لا يمكن أن نهمل الدوافع الخاصة للبحث، مثل الميولات الشخصية لمجال دون آخر؛ حيث يفضِّل البعض مواكبة الأحداث المباشرة أو معايشة الأرشيف أو المتون متعددة الوسائط...إلخ.

كما يجب أن ينتبه الباحث إلى التفكير في مواضيع يمكن أن يحقق من خلالها الإضافة في مجالها، وموضوعها ما زال قابلًا للتطوير ولمزيد النظر وليست مستهلكة، مع وجوب الانتباه إلى ما كُتب في هذا المبحث، ومحاولة تقصي الجوانب التي وقع تناولها حتى لا يسقط الباحث في التكرار.

ويجب الانتباه إلى أن كل مسألة مأخوذة من مجال أكبر منها تنتمي إليه، وتأخذ بعض خاصياته، مثال: إذا كان الموضوع سمعيًّا بصريًّا أو متعدد الوسائط، فإن الباحث مجبر على التعرف على هذا المجال والوقوف على كيفيات صياغة وإنتاج ونشر الخبر فيه، وخاصة الصورة المصاحبة وزاوية التقاطها والإطار الذي يحددها وعمليات التركيب والدمج...إلخ.  

ب- الملاحظة

تُعد أولى الخطوات الحقيقية في البحث العلمي بعد اختيار الموضوع في كل المجالات، وهي تأتي قبل الفرضيات، لأن الفرضية تُبْنَى على الملاحظة. وكثيرًا ما يهمل الباحث مرحلة الملاحظة باعتبارها مندمجة مع الفرضية بشكل غير واع أو غير مقصود. لذلك يجب توجيه الباحثين إلى أهمية الملاحظة وإيلاؤها حقَّها باعتبارها تمثِّل درجة أولى في سلم البحث لابد من المرور منها، وأساسًا لا مناص من بنائه ليستقيم البحث، وليكون الباحث في الطريق السليم نحو بحث علمي تتوافر فيه الشروط العلمية، بقطع النظر عن موضوع الملاحظة الذي يمكن أن يكون رقميًّا أو ورقيًّا أو حدثًا عيانًا.

ومما تجب الإشارة إليه في هذا الإطار هو التفكير وإعمال العقل في كل جوانب ما نلاحظه، لأن ملاحظة الباحث ليست ملاحظة الإنسان العادي، ثم يجري بعد ذلك انتقاء ما يناسب موضوع البحث وما يقبل الاختبار المزمع تنفيذه. كما يجب على الباحث أن يقوم بتدوين ملاحظاته ومحاولة تبويبها حسب خاصية معينة.

ج- تموضع الباحث أمام بحثه

تعتبر هذه الخطوة مهمة جدًّا للباحث الذي يتعرَّف من خلالها على مَوْضِعِه تجاه المبحث الذي يتناوله بالدراسة. وأن يَتَمَوْضَع الباحث فذلك يعني أن يفكِّر في بعض الأمور ويضبطها حالما يحدد أو يختار موضوع دراسته. ويمكن أن نعتبر ذلك نوعًا من الوعي المبكر بالعلاقة التي ستربطه ببحثه، ومحاولة لاستشراف الصعوبات المحتملة، ومواطن التيسير. وهذا يتطلب رسم شبكة يحدِّد من خلالها خطواته، التي يمكن أن تكون مرة عبر ملازمة البحث، ومرة أخرى عبر أخذ مسافة للتأكد من القدرة على المواصلة، وربما لتعديل مواقف معينة ومسارات لم تكن ذات إفادة بالدرجة المرجوة منها.

وتعني ملازمة البحث التقدم فيه عبر الاستراتيجيات المرسومة دون وجود عراقيل، أو وقع التنبه لهذه العراقيل مسبقًا، وجرى استبعادها عبر الاستعداد لها. أما أخذ المسافة فيكون حين تبرز صعوبة لم يستعد الباحث لها، مما يستوجب إعادة النظر في المسألة، وربما تغيير كيفيات العمل، ومحاولة فتح نوافذ جديدة. ولا يتم ذلك إلا من خلال النظر إلى البحث من خارجه، وكأنه لشخص آخر، فتكون الأحكام محايدة قدر المستطاع. وهذا يتطلب توقفًا عن ممارسة البحث لفترة زمنية معينة.

ويجب التنبيه إلى أن أخذ هذه المسافة لا يعني التوقف عن التفكير في البحث، بحيث يصعب الرجوع إليه، وإنما تعني المسافة النظر إلى البحث بحيادية وواقعية والتفكير في أحسن المخارج الممكنة، بعيدًا عن الأفكار المسبقة، وخارج دائرة الإحساس بالإحباط وعدم القدرة على المواصلة.

د- وضع مخطط عمل

كل بحث علمي مهما كان نوعه يجب أن يسبق بمخطط عمل، يحدِّد فيه الباحث الخطوات التي سيتبعها في إنجازه لبحثه، وأولها (طبعًا بعد اختيار الموضوع) تحديد المدونة، وضبط قائمة بالمصادر والمراجع الأولية. وهذا يقود إلى صنع منصة بحث واسعة تضيق بالتدريج مع التحديد الدقيق لمفاصل البحث، مع مراعاة التوجه أكثر إلى المصادر العلمية التي تخدم الموضوع، وخاصة المجلات العلمية المخصصة لعلوم الإعلام والاتصال، مثل مجلة "هرمس" (Hermes) و"ريزو" (Réseaux ) و"كاديرني" (Quaderni)، ومحركات البحث التي تحتوي روابط لبحوث علمية، مثل:

 - "أكاديميك إنفو" (Academic info): دليل بحث غني بأفضل الروابط وأكثرها ارتباطًا بموضوع البحث الذي يشتغل به الباحث، من خلال استعراض قائمة من نتائج البحث، وهي عبارة عن مراجع مطبوعة أو مصادر إلكترونية.

- "سايت يو لايك" (Citeulike): خدمة مجانية لإدارة واكتشاف المراجع العلمية وتقدم ما يناهز سبعة ملايين مادة علمية.

- "إنفو ماين" (Infomine): مكتبة افتراضية تحتوي قواعد بيانات ودوريات إلكترونية ولوحات إعلانات وأدلة للباحثين...إلخ.

- "غوغل سكولار" (Google Scholar): موقع يمكِّن من البحث على نطاق واسع عبر عديد التخصصات وفيه رسائل جامعية وملخصات وآراء محكَّمة...إلخ.

- "ريفسيك" (Refseek): موقع مخصص للباحثين وفيه أكثر من مليار مادة بحثية.

- "سويت سرش" (Sweet Search): هو موقع سهل لمواد محددة.

هذه فقط بعض الأمثلة ويمكن إيجاد غيرها، ونشير إلى وجوب التعامل مع المواقع التي تتميز بقدر من العلمية؛ إذ لا يمكن مثلًا اعتماد "ويكيبيديا" (Wikipedia)، لأنه موقع مفتوح وما يعرضه لا يرقى لمستوى العلمية، ولا يمكن استغلاله في البحوث الأكاديمية. إضافة إلى ما تقدمه وسائل التواصل من مادة إعلامية قابلة للدراسة.

ه- صياغة إشكالية الموضوع

تجري صياغة إشكالية الموضوع من خلال ضبط بيبلوغرافيا، والبحث عن مواقع أولية، فيتم تحويل الموضوع الذي اختاره الباحث إلى إشكالية تتطلب طرح الفرضيات والبحث عن الحلول بعد اختبارها. ويقع تفريع الإشكالية الكبرى إلى إشكاليات صغرى. ومن التوسع يتجه الباحث إلى التخصيص، وتأطير الموضوع والإشكالية، واختيار المنهج الذي يود استخدامه.

خاتمة

علم المناهج علم يتضمن الكثير من التعقيد، وليس كل من أنجز بحثًا علميًّا هو بالضرورة متمكن من خصوصيات هذا العلم، وحتى من خصوصيات المنهج الذي اتبعه في بحثه. والبحث يتطلب إدراك المفاهيم الخاصة بكل منهج وعدم الخلط بينها، والوقوف على الاختلافات صلب المنهج الواحد، ومقارنتها، وذلك بمعرفة الأبعاد النظرية لكل منهج، والرهانات التي يقوم عليها، وتطويع مبادئ هذه المناهج للبحث العلمي في مجال علوم الإعلام والاتصال في عصرنا الراهن الزاخر بالوسائل وبالبيانات المختلفة والمتغيرة بتغير المكان والزمان.

وعلى الباحث في هذا المجال أخذ عامل الوقت بعين الاعتبار، لأنه يمثِّل ركيزة أساسية لجدوى البحث. وتكون معالجة البيانات والمعلومات ومقاربة الموضوع عبر الملاحظة والتحليل والمقابلات الفردية والاستجوابات ومعايشة التجارب، والتمكن من المناهج المتطورة. وأهم عنصر في البحث هو تبرير الاختيار وتقديم الحجة على ملاءمته للموضوع المطروق، والتركيز على راهنية الموضوع ومدى قدرة المنهج الذي اختاره الباحث على معالجة أبعاده معالجة تتلاءم مع ما تحقق من تقدم في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال. 

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1) Jacques Walter et al., Dynamiques des recherches en sciences de l’information et de la communication, 3eme éd. (Revue et Complétée, Hall, 2019).