في سياق التقارب السعودي-الإيراني: ما آفاق تحوُّل أنصار الله إلى العمل السِّياسي؟

مع التقارب السعودي-الإيراني، برز تساؤل عن إمكانية تحوُّل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، إلى حزب سياسي؛ يترك السلاح وينخرط في العملية السياسية. وللإجابة عن هذا التساؤل تعمقت هذه الورقة في طبيعة هذه الجماعة؛ فكرًا وتنظيمًا، وسلَّطت الضوء على علاقتها بإيران، وتفاعلات هذه العلاقة على مسار الجماعة سلمًا وعنفًا، وانتهت بعدة سيناريوهات يرتبط ترجيح أحدها على الآخر بمجموعة عوامل محلية وخارجية استعرضتها الورقة بمنهجية وصفية تحليلية.
30 مارس 2023
حشد من جماعة انصار لله يتابعون خطابًا لزعيمهم عبد الملك الحوثي. (رويترز)

مع التقارب السعودي-الإيراني الذي أُعلن عنه في العاشر من مارس/آذار 2023، برز تساؤل عن إمكانية تحوُّل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، التي تعد أحد أقوى الفاعلين المحليين في الحرب الدائرة في هذا البلد منذ العام 2014، إلى حزب سياسي؛ يترك السلاح وينخرط في العملية السياسية.

وللإجابة عن هذا التساؤل تعمقت هذه الورقة في طبيعة هذه الجماعة؛ فكرًا وتنظيمًا، وسلَّطت الضوء على علاقتها بإيران، وتفاعلات هذه العلاقة على مسار الجماعة سلمًا وعنفًا، وانتهت بعدة سيناريوهات يرتبط ترجيح أحدها على الآخر بمجموعة عوامل محلية وخارجية استعرضتها الورقة بمنهجية وصفية تحليلية.   

أولًا: خلفيات أنصار الله وأجهزتها السياسية والعسكرية والأمنية

يناقش هذا المحور أطوار تشكُّل أنصار الله، والظروف المحلية والخارجية التي أحاطت بذلك، وأجهزة الإدارة السياسية، والمسلحة (العسكرية والأمنية) التي تقوم عليها.

  1.  نشأة أنصار الله وظروف تشكُّلها

نشأت جماعة أنصار الله في مناطق عديدة من محافظة صعدة، على أنقاض تجمعين شبابيَّين، هما: اتحاد الشباب، الذي أسَّسه صلاح أحمد فليتة، عام 1986، ومنتدى الشباب المؤمن، الذي تأسس، مرحليًّا، على أيدي شباب من المذهب الزيدي الهادوي، بمدينة ضحيان، أبرزهم: محمد يحيى عزَّان، ومحمد بدر الدين الحوثي، خلال الفترة (1990-1994). ومثَّل المنتدى الأساس الذي قامت عليه أنصار الله(1). وبعد تزايد تأثير المنتدى، وتوسُّع دوراته العلمية والثقافية، وانتشار مراكزه الصيفية الطلابية، وفروعه في عدة محافظات، استحوذ عليه حسين بدر الدين الحوثي، عام 2000، ووسَّع هيئته الإدارية إلى نحو اثني عشر شخصًا(2). وفي عام 2001، وسَّع أهدافه، ورسالته، ومقرراته الدراسية، وفقًا لتوجُّهه(3)، مستعينًا بتكتل ضمَّ أخاه محمد، وزوج أخته عبد الرحيم الحُمْران، ومحسن صالح الحمزي، ومحمد أحمد الحاكم، وعبد الله حسين المؤيد(4). وكانت إدارته تضم صالح أحمد هبرة، وعلي أحمد الرازحي، وأحمد محمد الهادي، ومدير المنتدى، محمد يحيى عزَّان(5).

مضى حسين الحوثي في فرض اتجاهه الفكري والسياسي عبر مسارين، أولهما: ولاية الأُمَّة بوصفها أمرًا إلهيًّا، حسب اتجاهه هذا، والثاني: تقديس القُدوة وعدم جواز مخالفة من يمثلها(6). معتمدًا على محاضراته، إلى أن قُتل في يونيو/حزيران 2004، ثم تولت القيادة الجديدة طبع الملازم (مذكِّرات) التي ضمَّت محاضراته، وتوزيعها، وصولًا إلى انقلاب عام 2014(7)، ثم شاع اسم أنصار الله، بوصفه الاسم الرسمي للجماعة(8).

غلَّفت جماعة أنصار الله أهدافها السياسية بعناوين إحيائية، دينية وثقافية، جسَّدتها محاضرات حسين الحوثي، وردوده الإعلامية، التي نَعَت فيها مشروع جماعته بأنه عودة إلى ثقافة القرآن الكريم. ومثَّلت تسمية مشروع الجماعة بـ"المسِيرة القرآنية"، عامل جذب لفئة الشباب الزيدي، عزَّزته، فيما بعد، وسائل إعلامية تحمل الاسم ذاته، ومنها: قناة المسِيرة التليفزيونية التي انطلق بثها من بيروت، في مارس/ آذار 2012، وصحيفة المسِيرة الإخبارية اليومية التي صدرت عام 2014. وتعد وسائل إعلام أنصار الله، الأكثر انتشارًا بين وسائل الإعلام المسموح بها في مناطق نفوذها.

عكَسَ السلوكُ السياسي والديني لأنصار الله، عقيدتَها الجارودية(9)، رغم محاولة قادتها إبداء نقيض ذلك(10). وكان حسين الحوثي، ووالده بدر الدين، أوضح شخصين في هذا؛ لاعتقادهما أن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، حدَّد خليفته من بعده، بالصِّفَة؛ ما يشير إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنه الوصي أو الخليفة، فيما الخلفاء الراشدون مغتصبون للخلافة، وغاية ذلك تضييق فرص تولي قيادة السُّلطة، وحصرها في البطنين، أي في ذرية فاطمة الزهراء من الحسن والحسين(11). وهذا ما يفسِّر تشدد أنصار الله في نظرتهم إلى هؤلاء الخلفاء(12).

أحاطت ظروف داخلية عديدة بنشأة جماعة أنصار الله، والكيانات التي قامت الجماعة على أنقاضها، ومن هذه الظروف الدعوة السَّلفية التي أطلقها الشيخ مقبل هادي الوادعي، في مسقط رأسه، بلدة دمَّاج، جنوب شرقي صعدة، إثر خروجه، إجباريًّا، من السعودية عام 1980، وإنشائه دار الحديث بدماج؛ حيث مثَّل ذلك تهديدًا للجيوبوليتيك الزيدي الذي تحتل صعدة مكانة أثيرة فيه. وازداد هذا التوجس باختراق الدعوة معاقل للزيدية، خارج محافظة صعدة(13).

وفي السياق لنشأة أنصار الله تبرز المعاهد العلمية المحسوبة على الإخوان المسلمين، والتي تأسَّست أواسط سبعينات القرن الماضي، واتسع انتشارها في عقد الثمانينات؛ حيث أحدث دورها استجابات ساخطة من قِبل الأحزاب اليسارية، والمؤدلجين، مذهبيًّا، في هذه الأحزاب، إضافة إلى ضغوط أميركية على الحكومة انتهت بإلغائها عام 2001. ومن الاستجابات المبكِّرة قيام حسين الحوثي، بقيادة مظاهرة في أحد هذه المعاهد بصعدة، عام 1982، وكان عنوانها رفض المد الوهَّابي(14).

كان لسلوك الرئيس، علي عبد الله صالح، في إدارة التناقضات، وسعيه لتويث الحُكم، دورٌ في تهيئة الظروف لنشوء أنصار الله، وقد عزَّز ذلك انفتاح البلاد على الحزبية، عام 1990، وبروز التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون)، بوصفه أحد أقوى ثلاثة أحزاب(15). وبعد حرب عام 1994، تشكلت، جنوبي البلاد، تيارات معارضة أبرزها الحِراك الجنوبي، الذي تأسس عام 2007، والتقت مصالحه مع أنصار الله بدرجة أو بأخرى، وفيما كانت الحكومة تواجه تنظيم القاعدة، تهيأت الظروف أكثر أمام بروز أنصار الله، وصولًا إلى احتجاجات عام 2011(16) إبان ما يعرف بالربيع العربي.

إلى ذلك، تعرُّض المدمرة الأميركية، يو إس إس كول USS Cole، لهجوم انتحاري، بميناء عدن، في أكتوبر/تشرين الأول 2000، ومحاولة الجيش الأميركي، إنزال قواته في المدينة، دون عِلم الحكومة؛ ما ولَّد سخطًا شعبيًّا استغله حسين الحوثي، في تعزيز موقفه من الدور الأميركي، وذلك ما يكشف عنه شعار جماعته المعروف بالصرخة في وجه المستكبرين، الذي صدح به، أوَّل مرة، في فبراير/شباط 2002(17).

في سياق الظروف الخارجية، يحضُر اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979 التي أعادت المتمذهِبة من الزيديين إلى زيديتهم، خاصةً الهاشميين الزيديين(18). وأحدثت الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988)، اصطفافًا يمنيًّا داعمًا للعراق، ورافقه فرز هويَّاتي(19)، فتحت أمامه إيران أبوابها للمتخندقين معها، ومنهم بدر الدين الحوثي، الذي زارها، واستقر في مدينة قُم بضع سنوات(20)، وولده حسين الذي زارها، رفقة زوج أخته، عبد الرحيم الحُمْران(21)، ثم محمد يحيى عزَّان، الذي يُعدُّ أبرز مؤسسي منتدى الشباب المؤمن(22).

تضاعفت عداوة حسين الحوثي، تجاه الولايات المتحدة الأميركية، وحلفائها المحليين والإقليميين، بمن فيهم السعودية، بعد عودته من السودان عام 1999، بعد عام من استهداف الطيران الأميركي مصنعًا للأدوية في الخرطوم(23). كذلك كان للغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001، وللعراق عام 2003، وتنامي الوجود العسكري الأميركي في القرن الإفريقي دور في استقطاب مزيد من الأتباع، خلال مسيرة تشكُّل أنصار الله.

  1. أجهزة الإدارة السياسية والعسكرية والأمنية

رغم الطبيعة السرية لتلك الأجهزة وبخاصة العسكرية والأمنية منها، فإنه يمكن إبراز ذلك في التقسيم التالي:

  • أجهزة الإدارة السياسية

يتربع على رأس هذه الأجهزة، مكتب عبد الملك الحوثي، بوصفه أعلى هيئة قيادية في هيكل جماعة أنصار الله، الذي تنتهي عنده العرائض الصاعدة، وتصدر عنه قرارات وتوجيهات زعيم الجماعة. ولا يُعرف، على وجه الدقة، مقرُّه، وطبيعة وتَسلسُل هياكله التي تعد فيها القرارات(24). ويُشكِّل المنتمون إلى الأُسَر الهاشمية الأغلبية الساحقة في هياكل الجماعة، والهيئات الحكومية التي يتدخل المكتب لتزكيتهم أو فرضهم فيها(25). وتنحصر القرارات الإستراتيجية، وحلول القضايا المعقدة، في قبضة عبد الملك الحوثي، ولعل من أمثلة ذلك لقاءاته مع مبعوثي الأمم المتحدة، ووفود الوساطة العمانية، بشأن عملية السلام.

يتردد اسم المكتب التنفيذي، بوصفه فرعًا إداريًّا ضمن مكتب "قائد الثورة"، متضمنًا دوائر أعمال، من بينها: الدائرة الثقافية، والدائرة الاجتماعية، ودائرة العلماء والمتعلمين، ودائرة التعليم الجامعي. وهناك المكتب السياسي، لكنه لم يعد سوى واجهة سياسية شكلية، وقد ارتبط وجوده بانخراط أنصار الله في مؤتمر الحوار الوطني الشامل عام 2013-2014، ويضم عدة دوائر، من أبرزها: الأمانة العامة، ودائرة العلاقات السياسية والدبلوماسية، والدائرة الحقوقية والقانونية، والدائرة الإعلامية، والدائرة الاجتماعية(26). وثمة تصورات أخرى للبِنْية الهيكلية السياسية والعسكرية الداخلية لأنصار الله، أبرزها ما يلي(27):

  1. المجلس العام

يعبَّر عنه بأنه مكتب قائد الجماعة، ويتكون من المجلس التنفيذي، ومجلس شؤون المحافظات، والمجلس السياسي، وهيئة العمل الحكومي، والهيئة القضائية، وجهاز الأمن الوقائي، والسكرتارية، والمالية، والدراسات.

  1. المجلس الجهادي

يضم المعاون الجهادي، ومسؤول المكتب الجهادي (القيادة والسيطرة)، ومسؤول العمليات، ومسؤول المناطق العسكرية، ومسؤول الجانب الأمني، ومسؤول القوى النوعية (الصواريخ والطائرات غير المأهولة)، ومسؤول الإعداد الجهادي.

واقعيًّا، تعتمد أنصار الله في إدارتها للسياسة والعنف، على المجلس السياسي الأعلى، وبإشراف زعيم الجماعة، مذ أنشئ المجلس، في 15 أغسطس/آب 2016، على أنقاض اللجنة الثورية العليا التي تسلَّمت السلطة، وفقًا للإعلان الدستوري الصادر، في 6 فبراير/شباط 2015. وقد تكوَّن المجلس، بدايةً، من عشرة أفراد يمثِّلون أنصار الله، وحزب المؤتمر الشعبي العام، وعضو ينتمي إلى الحزب الاشتراكي اليمني ولا يمثله، وآخر يمثِّل اتحاد القوى الشعبية(28).

حاليًّا، لا يُعبِّر المجلس السياسي الأعلى عن شراكة حقيقية بين أطرافه، وإنما واجهة سياسية تستغلها أنصار الله، للتمظهُر بالديمقراطية، وبدأ ذلك، فعليًّا، بعد مقتل حليفها، رئيس البلاد، سابقًا، علي عبد الله صالح، في ديسمبر/كانون الأول 2017. وتتمسَّك أنصار الله برئاسة المجلس، منذ تأسيسه عام 2016، مخالفةً أحكام اتفاقية إنشائه، فيما تستحوذ محافظة صعدة، معقِل كبار قادة الجماعة، على مكوِّن أنصار الله في المجلس، مع خلو المكوِّن من أيِّ تمثيل للمحافظات الجنوبية، خلافًا لوضع مكوِّن حزب المؤتمر الشعبي العام في المجلس.

رغم أنَّ المجلس السياسي الأعلى، يرأسُه، مهدي المشَّاط، منذ أن خلف رئيسه السابق، صالح الصمَّاد، بعد مقتله، في أبريل/نيسان 2018، إلا أنَّ عضو المجلس، محمد الحوثي، ينازعه سلطاته، ويتدخل في وظائف الأجهزة القضائية، والتنفيذية؛ مستندًا إلى نفوذه المدني والعسكري والقبلي والشعبي وترؤسه المنظومة العدلية المعلن عنها أواخر عام 2020(29). ويكمِّل هذا النفوذ مدير مكتب رئيس المجلس، أحمد حامد، الذي يعمل مشرفًا على المجلس، من قبل زعيم الجماعة، ويؤازره في ذلك نفوذه في هيئات مالية، وأمنية، واستخبارية(30). وهذا، كلُّه، يعكس جانبًا من الصراع في المستويات الأدنى من مستوى القيادة العليا الجماعة(31).

  • الإدارة العسكرية والأمنية

قبل إعلان تمرده عام 2004، قام حسين الحوثي، بتشكيل حراسات أمنية بمنطقة ضحيان، ودعا المواطنين، خلالها، إلى تملُّك الأسلحة(32). فقد كان هاجس المواجهة المسلحة مع خصومه حاضرًا، ولعل مما يبرز هذا الشعور، طريقةُ بناء منزله، وقوة تحصينه(33). أما تمرده على الحكومة، في يونيو/حزيران عام 2004، فمثَّل أول اختبار لميليشياته، التي صمدت ثلاثة أشهر، وانتهى بهزيمتها، ثم أُعيد تشكيلها لتخوض خمسة تمردات، وصولًا إلى سيطرتها على السلطة.

تتمثل القوة العسكرية الحالية لأنصار الله في ما تبقى من الجيش القديم، وشبكة من الميليشيات شبه النظامية، التي تشكَّلت في عهد الجماعة(34). وتتموضع وحدات الجيش القديم في مسارح عملياتها الرسمية، لكنها تتعرَّض لاستهداف ممنهج، لإضعاف أدوارها، وخفض قدراتها البشرية والمادية، التي تراجعت إلى أقل من النصف، عما كانت عليه قبل عام 2014، فهناك نحو 200 ضابط وجندي تعرضوا لإجراء تعسفي على يد أنصار الله للهروب من استحقاقاتهم إذا ما أُبقوا في كشوف رواتب الدائرة المالية بوزارة الدفاع، أو إذا ما أُحيلوا، رسميًّا، إلى دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي بالوزارة نفسها. وقد أُحيل هؤلاء إلى كشوفات البريد الحكومي دون الوفاء بحقوقهم(35).

نتيجة لعدة تحولات، أبرزها أحداث ديسمبر/كانون الأول 2017، أُعيد تشكيل ميليشيات اللجان الشعبية، ودمجها في ألوية قتالية بأسماء عَقَدية، مثل لواء الرسول الأعظم، ولواء كربلاء، ولواء السيد حسين. وهناك ألوية بأسماء تشي بطبيعة عملها، مثل لواء المهام الخاصة، فيما ظل البعض منها على هيئة كتائب مستقلة، تحمل أسماء زعامات قَبَلية اضطلعت بإنشائها، أو تولَّت قيادتها، مثل كتائب الوهبي في البيضاء، وكتائب الرُّزامي في صعدة، ويتمتع عضو المجلس السياسي الأعلى، رئيس اللجنة الثورية (سابقًا)، محمد علي الحوثي، بنفوذ مباشر فيها(36).

تتمتع وحدات اللجان بنظام إداري ومالي مستقل، مع ارتباط إداري وقيادي مقيَّد بوزارة الدفاع، ورئاسة هيئة الأركان العامة، أما عملياتها القتالية فتخوضها من رُقعات جغرافية غير متساوية الأبعاد، ضمن ما تبقَّى من المناطق العسكرية للجيش، تُسمَّى "مربَّعات"، وتجمع عملياتها بين تكتيك الجيوش، وحروب العصابات. ويبدو أن هذه الوحدات يُراد منها التأسيس لجيش الدولة الذي تسعى إليه أنصار الله، وثمة شُبَه فساد تحيط ببعض القادة الذين يمتُّون بقرابة إلى زعيم أنصار الله، ويشكِّلون معه "أُسرة عسكرية وأمنية حاكمة"(37).

أما الجهاز الأمني لأنصار الله، فيقوم على جهاز الأمن الوقائي، المرتبط، كليًّا، بمكتب زعيم أنصار الله، خلافًا لجهاز الأمن والمخابرات، المعني بالأمن السياسي والقومي للدولة، ولهيئة الاستخبارات العسكرية المعنية بأمن الجيش، مع ما يؤديانه من دور أمني لحماية قادة أنصار الله(38). ويضطلع جهاز الأمن الوقائي بنمطين من الأمن، هما: الأمن الصلب، الذي يقوم على العنف، عبر تشكيلات قمعية؛ والأمن الناعم، الذي يبرز جانب منه في الإشراف على الأمن الثقافي والفكري، وتشكيل المجتمع وفقًا لأيديولوجية أنصار الله(39).

تُوفِّر وزارة الداخلية، التي يقوم عليها عمُّ زعيم أنصار الله، عبد الكريم أمير الدين الحوثي، جانبًا أمنيًّا مكمِّلًا لدور الأجهزة المتخصصة في حماية أنصار الله، عبر إدارات الأمن بالمحافظات، ووحدات الأمن المركزي، وشرطة النجدة، وهذه الأخيرة يقودها علي حسين الحوثي، نجل مؤسِّس أنصار الله. وإلى ذلك، "الزينبيات"، وهي تشكيل نسائي مسلح، يعمل كشرطة نسائية تابعة لجهاز المباحث الجنائية، لكنها تؤدي دورًا أمنيًّا سياسيًّا. وهناك كتائب الدعم والإسناد، التي برزت عام 2020، وتضطلع بدور أمني وعسكري مختلط، ويتولى تحشيدها قاسم الحُمران، الذي عادةً ما تُسند إليه مهمَّات أمنية ومدنية، تفرضها ظروفٌ حرجة(40).

ثانيًا: ارتباطات أنصار الله بحلفائها الإقليميين وتأثيراتها المتبادلة

يقدم المحور ملمحًا لأبرز ارتباطات أنصار الله بإيران، وحزب الله اللبناني، وما أحدثته من تأثيرات، خلال السنوات الثماني الماضية للحرب، وامتداد ذلك مستقبلًا.

  1.  ارتباطات أنصار الله بحلفائها الإقليميين

تتجلى أبرز مظاهر الارتباطات فيما يلي:

  • تماثل الأيديولوجيات وتصاعُد حضورها

شكَّلت أيديولوجية التشيع واحدة من أبرز المشتركات بين أنصار الله، والنظام السياسي الحاكم في إيران، وكان طبيعيًّا أن تُشكِّل عامل حفز لتعزيز بقية المشتركات(41)، وأن تتأثر أنصار الله بأفكار الثورة الإيرانية، إلى حدِّ تقمُّص شخصياتها في الهيئات والسُّلوك. وتكاد تفاصيل الأيديولوجية السياسية الإيرانية، ممثلةً بنظام ولاية الفقية، تتكرر في أنصار الله، فقد أصبح عبد الملك الحوثي، يُنعتُ بقائد الثورة، الذي، بدوره، يحاول استنساخ تجربة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية، بل تجاوزه باستفراد القرار، عبر سُلطة ظِلٍّ، يُنظِّر لها، ويُديرها بمساعدة مقرَّبين منه، أما ظهوره المتلفز الذي لا يُعلم مكانه، ومحاضراته وخطاباته، فتجسِّد شخصية زعيم حزب الله، حسن نصر الله(42).

في السياق، تحضُر المنح الدراسية التي تَستقطِب المئات من الشباب إلى إيران، فيما أُقِرَّ إدراج اللغة الفارسية، واحدة من اللغات الأجنبية التي تُدرَّس في كلية اللغات بجامعة صنعاء منذ عام 2016(43)، وقد تخرجت الدفعة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2020(44). وفي الإعلام المتلفز، يصعُب التفريق بين إعلام أنصار الله من جهة، وإعلام إيران وحزب الله اللبناني من جهة أخرى، فيما أخذت اللغة الفارسية، في الصحافة الرسمية لأنصار الله، تُزاحم لغات أجنبية أخرى في الترجمة، منها وإليها.

  • بروز إيران بوصفها مصدرًا رئيسًا للدعم العسكري

طيلة السنوات الثماني الماضية، ثار الجدل بشأن مجموعة من القرائن الدالَّة على الارتباط العسكري بين الحرس الثوري الإيراني، وأنصار الله، واضطلاعه بدور بارز في تعزيز قدراتها العسكرية، بوصفها أحدث فواعل العنف الموالية لإيران، ولموقعها الحسَّاس من المحيط الجغرافي السعودي. وبرز هذا الدور في التزويد بالصواريخ الباليستية التكتيكية، والمتوسطة والبعيدة المدى (500-2000 كلم- المتوافر حاليًّا، حتى 1800 كلم)، والطائرات غير المأهولة والذخائر وأسلحة المشاة، كالبندقيات، ووسائل مكافحة الدبابات (صواريخ وقواذف)(45).

نتيجة لتطور تقنيات الدعم الإيراني، أنشأت أنصار الله ما يُسمَّى "القوة الجوفضائية وسلاح الجو المسيَّر"(46)، وفقًا للتوصيف المتبع لدى الحرس الثوري، وأُدرجت ضمنها الطائرات غير المأهولة الصغيرة، مثل الطائرة "قاصف-1"، وهي الأكثر شيوعًا لدى أنصار الله منذ عام 2016، والتي تتطابق مواصفاتها مع نظيرتها إيرانية الصُّنع "أبابيل-2/تي"(47). على أنَّ المسؤولين الإيرانيين، ومنهم القائد العام السابق للحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد جعفري (2007-2019)، يحصرون مساعدات إيران في المجالين الاستشاري والأيديولوجي(48).

هناك من يرجِّح ضلوع إيران وحزب الله، في إدخال تعديلات تشغيلية على الصواريخ البحرية للجيش القديم، ومنها الصاروخ الصيني طراز C-801، المتخصص في ضرب السفن؛ حيث رُفع مداه إلى نحو 42 كلم(49)، ناهيك عن دورهما الاستشاري والتدريبي، لكنَّ دور إيران البحري، يظل الأبرز، ويشير إلى ذلك استهداف السفينة الإماراتية "سويفت"، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، والفرقاطة السعودية "المدينة"، نهاية يناير/كانون الثاني 2017، واختطاف السفينة التجارية الإماراتية "روابي"، ومصادرتها، مع شحنتها المملوكة للجيش السعودي، مطلع يناير/كانون الثاني 2022(50).

  • الدعم السياسي وتوحد المواقف السياسية الخارجية

وثَّقت إيران روابطها السياسية، بأنصار الله، نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2020، عبر إرسالها، خُفيةً، إلى صنعاء، السفير حسن إيرلو، ومنحِه صلاحيات مطلقة، لكنها لم تخلُفه بآخر بعد وفاته الغامضة، في ديسمبر/كانون الأول 2021. قبل ذلك، سمَّت أنصار الله، إبراهيم الديلمي، سفيرًا لها لدى طهران، في أغسطس/آب 2019(51)، وقد يستمر الوضع، رغم توقيع إيران والسعودية اتفاقية مصالحة في مارس/آذار 2023(52).

رغم نفي أنصار الله، أيَّ تحكُّم لإيران في إرادتها، إلا أنه واقع ملموس، ولا أدلَّ على ذلك من ذهاب مبعوثي الأمم المتحدة، بشأن اليمن، مرارًا، إلى طهران، وكذلك لقاءات مسؤولين إيرانيين بالمفاوضين عن أنصار الله، مثل لقاء وزير الخارجية الإيراني، حسين عبد اللهيان، بهؤلاء المفاوِضين، في سفارة بلاده بمسقط، في ديسمبر/كانون الأول 2022، ضمن جهود السلام التي تضطلع بها عُمان. ولأنَّ أنصار الله منخرطة في محور المقاومة والممانعة، فإن سياستها تتوافق مع سياسات إيران، وحزب الله، في مواجهة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، ومعاداة الولايات المتحدة الأميركية، وفي الأزمة السورية. وقد كان لإيران وحزب الله دور في حصول أنصار الله على تمثيل دبلوماسي، بمستوى سفير فوق العادة لدى دمشق، لكنْ دون معاملة بالمثل.

في الأزمة الروسية-الأوكرانية، اصطفَّت أنصار الله، مثل إيران، بجانب روسيا، التي امتنعت عام 2015، عن التصويت على القرار 2216، الذي تضمَّن عقوبات على اثنين من قادة أنصار الله(53)، ولجأت إلى استخدام حق النقض (الفيتو) تجاه مشروع قرار يُدِين إيران بانتهاك حظر توريد الأسلحة إلى أنصار الله، المشمول بالقرار 2216 لعام 2014، إثر عرض الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، هذا المشروع على مجلس الأمن، في فبراير/شباط 2018.

  • دعم برنامج إيران النووي وتوسيع رقعة الجيوبوليتيك الشيعي

تُصرِّح أنصار الله بأنَّ من حق إيران امتلاك سلاح نووي، وتعدُّه مكسبًا إستراتيجيًّا إسلاميًّا، وتصنِّف إيران أنصار الله ضمن الجماعات الشيعية التي تُعلِّق عليها آمال تطلعاتها الإستراتيجية. وقد صرَّح البرلماني الإيراني، علي رضا زاكاني، أثناء اقتحام أنصار الله مدينة صنعاء، في سبتمبر/ أيلول 2014، بأنها العاصمة العربية الرابعة التي ستلحق بالثورة الإيرانية(54)، في وقتٍ كانت فيه سردية "الهلال الشيعي"، تثار إعلاميًّا، وأنَّ اليمن بات جزءًا من هذا الهلال.

لا يمكن تجاهل الأبعاد الإستراتيجية لدور إيران في دعم أنصار الله، ودور حزب الله المكمِّل له، والذي يرمي إلى توسيع رقعة الجيوبوليتيك الشيعي، بانتزاع المناطق الجنوبية والشرقية من السعودية، والتوغل منها داخليًّا، وأن ذلك يبدأ من اليمن(55). ومثلما أنَّ إيران تهدف من وراء تعزيز القدرات العسكرية لحلفائها الإقليميين، لإسناد موقفها التفاوضي بشأن الاتفاق النووي لعام 2015، والتحضير لزعامتها العالم الإسلامي؛ فإن أنصار الله تَستغِل ذلك، لتحقيق الزعامة الإسلامية لقائدها، عبد الملك الحوثي، الذي يُبدي طموحًا دينيًّا وسياسيًّا، يتجاوز حُكم اليمن.

  1. التأثيرات المتبادلة للارتباطات الخارجية لأنصار الله

أدَّت المشتركات الأيديولوجية بين أنصار الله، وإيران، وحزب الله، إلى تلقيها أنماطًا عديدة من الدعم التي تُرسِّخ أقدامها أمام خصومها، رغم أقليتها المذهبية والسُّلالية، وسط أغلبية نقيضة مثقلة بالسلاح. ولا تزال هذه المشتركات تتوغل في المجتمع، والمؤسسات السياسية والعسكرية للدولة، عبر إستراتيجية إعادة تأطير أيديولوجي، عنوانه "الهوية الإيمانية"، التي تمثِّل بديلًا للهوية الوطنية، وعنوانًا لمرحلة حُكم أصوليٍّ باعث على بقاء العنف.

كان للارتباط العسكري بإيران وحزب الله، أثرٌ في الصمود أمام التحالف العربي، وقوات الحكومة، فقد وفَّر مزايا قتالية، تكتيكية وإستراتيجية، أعادت صياغة معادلة الحرب، رغم الحصار، وتجلَّى هذا في الهجمات، بالصواريخ والطائرات غير المأهولة، على السعودية والإمارات(56)؛ ما دفع السعودية والإمارات إلى إعادة النظر في استمرار الحرب والمشاركة فيها، وفي قضايا وأزمات إقليمية، من بينها العلاقة مع إيران؛ حيث بادرت الإمارات، أولًا، ثم تلتها السعودية التي أبرمت معها اتفاقية مصالحة، في مارس/آذار 2023(57).

في التأثير السياسي، يثير بقاء أنصار الله، بوصفها أقوى الجماعات المسلحة العاملة بالقرب من الحدود السعودية، هواجس سياسية مزعجة لها؛ ذلك أنَّ نظامها السياسي لا يقر الولاية والاصطفاء الإلهي الثابت لدى أنصار الله، إضافة إلى الطبيعة التصادمية لأيديولوجية أنصار الله مع العقيدة السَّلفية الوهابية السائدة في السعودية، والتي تُعدُّ أهم ركائز نظامها السياسي.

إستراتيجيًّا، راهنت إيران على جعل أنصار الله، قاعدة دفاعية متقدمة لها، ضمن ما يُعرف بـ"إستراتيجية منع الوصول البحري"، اعتمادًا على ما بلغته من قوة تُهدِّد مصالح خصوم إيران. ويمكن احتساب تهديدات أنصار الله في البحر الأحمر، ضمن نشاط إيراني تهديدي، يُعرف بـ"حرب الظل البحرية"، التي تشنُّها على المصالح البحرية لخصومها، مع كونه نشاطًا عسكريًّا لأنصار الله في الحرب الراهنة(58).

ثالثًا: المساعي الإقليمية والدولية لإحلال السلام

لم تُفلح أي مساعٍ لنزع فتيل الحرب، خلال السنوات الخمس الأولى، والتي كانت أبرز محطاتها: مفاوضات جنيف-1، في يونيو/حزيران 2015، ومفاوضات جنيف-2، في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، ومفاوضات عُمان (2016-2015)، ثم مفاوضات الكويت في أبريل/نيسان 2016. فقد كانت العقبة الكأداء أمام جنيف-1، رفض أنصار الله القبول بالقرار 2216 لعام 2015، أساسًا للتفاوض، فيما اعترت عوائقُ أخرى، بجانب ذلك، بقية المفاوضات، وكان من أبرزها انعدام الثقة في التدابير العسكرية، والأمنية، والسياسية المقترحة(59). ومثلَّت اتفاقية ستوكهولم، بشأن الحُديِّدة وموانئها، التي وُقِّعت برعاية المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، في ديسمبر/كانون الأول 2018، بابًا لخفض العنف، ولكن في الحيِّز الجغرافي للاتفاقية فقط. أما هدنة 2 أبريل/نيسان 2022، فخفَّضت العنف إلى مستوى غير مسبوق، داخليًّا وخارجيًّا، وظل ذلك، رغم تعثَّر تجديدها رسميًّا، في أكتوبر/تشرين الأول 2022(60).

في السياق، واصلت الوساطة العُمانية مساعيها، حتى ديسمبر/ كانون الأول 2022، راميةً إلى تجديد الهدنة وتطويرها إلى نطاقات أوسع، غير أنَّ أنصار الله أضافت مطالب تعذَّر تلبيتها(61)، من بينها تقاسم إيرادت النفط مع الحكومة، وصرف رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين لديها، في الوقت الذي هاجمت فيه موانئ النفط في شبوة وحضرموت، خلال أكتوبر/تشرين الأول 2022، ورفضها دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية لديها، من إيرادات موانئ الحديدة، وفقًا لاتفاقية ستوكهولم لعام 2018(62).

اتخذت السعودية مسلكًا مباشرًا إلى أنصار الله، عبر المفاوضات وتبادل الوفود، التي كُشف عن آخرها في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وكان عنوانها الظاهري "تبادل الأسرى"، لكنَّ مُضي الهدنة في طريقها، وازدياد تدفق السفن إلى موانئ الحديِّدة، وتنوع شحناتها، أثار الشكوك حول ما يخفيه الجانبان. وفي الأثناء كانت السعودية، نفسها، تجري، عبر وساطة عراقية، مفاوضات غير مباشرة مع إيران، ثم انتقلت إلى مباشرة وأفضت إلى اتفاقية مارس/آذار 2023، التي بدأت تأثيراتها تلوح في الأزمة اليمنية(63).

يواصل وسطاء السلام تعزيز الثقة بين أطراف الحرب، بإعطاء القضايا الإنسانية أولوية الدعم، ومنها تنفيذ اتفاقيات تبادل الأسرى، وفتح الطرقات، وانتظام تدفق الإمدادات التموينية الأساسية، واستمرار فتح المطارات والموانئ( 64). لكن هذه التدابير لم ترفع الثقة إلى مستوى يشجع على وقف شامل للحرب، ودخول البلاد حالة سلام، تضع فيها أطراف الحرب أسلحتها، لتتنافس عبر برامج التنمية، وبالوسائل السياسية المشروعة.

رابعًا: آفاق تحوُّل أنصار الله إلى العمل السياسي السِّلمي

تواجه عملية التحول هذه، عدة تحديات، تُعبِّر عنها هذه الورقة بأنها متغيِّرات مستقلة، فيما التحول متغير تابع، والمتغيرات المستقلة يضمُّها ثلاثة عناوين، هي: الأيديولوجيات المتحكمة في جماعة أنصار الله؛ وارتباطات الجماعة بإيران وحلفائها الخارجيين؛ والحرب الراهنة مع بواعثها لدى خصوم أنصار الله. ويغذِّي المتغيران الأول والثاني، وبواعث الحرب لدى خصوم أنصار الله، المتغير الثالث (الحرب). وبناءً عليه، يمكن تصوُّر آفاق التحول من عدمه، ضمن فرضيتين، الأولى: بقاء الحرب أو انخفاض العنف، والثانية: دخول البلاد حالة سلام، وذلك كما يلي(65).

  1. آفاق التحوُّل في ظل فرضية بقاء الحرب أو انخفاض العنف

في حالة "بقاء الحرب"، قد يسود سيناريو "استمرار أنصار الله في ممارسة السياسة تحت طائلة العنف"، في مناطق نفوذها؛ حيث يخلق بقاء الحرب ذرائع لقمع الدعوات المنادية بالديمقراطية. ولا يختلف هذا السيناريو، عن حالة "انخفاض العنف" لأن ذريعة "عودة الحرب"، ستظل حاضرة، ويدعمُ هذا السيناريو العوامل التالية:

  • تصلُّب الأيديولوجية السياسية لأنصار الله، وتحكُّم العنف في قيادتها وسلوكها.
  • استمرار تشابك وتأثير ارتباطات أنصار الله بإيران وحلفائها.
  • مستوى القوة الذي بلغته أنصار الله، وتضخُّم مصالحها، بما لا يسعُها الانخراط في تنافس سياسي يسلبها ذلك.
  1. آفاق التحوُّل في ظل فرضية دخول البلاد في حالة سلام

في هذه الحالة، ليس هناك مؤشرات مقبولة على إمكانية "التحول الكامل والفعلي"، إلى ممارسة السياسة بالطُرق السِّلمية، ومن المتوقع حدوث أيٍّ من السيناريوهين التاليين:

  • التحول الفعلي التدريجي

يقوم هذا السيناريو على "الاقتناع المحاط بالحذر"، من قِبل أنصار الله، بعملية التحوُّل، التي ستكون متدرجة، وبعد مراجعة معتقداتها السياسية، والتخفُّف، تدريجيًّا، من أعباء الارتباط بإيران وحلفائها، ومراعاة إفرازات الحرب. ويؤخذ بجانب ذلك أَثرُ الحوافز والضمانات التي قد تحصل عليها، مقابل الانخراط في عملية السلام، والتشجيع على التحول. ويدعم السيناريو العوامل التالية:

  • ضغوط القوى الدولية باتجاه عملية السلام.
  • بقاء ما يُعرف بالمرجعيات الثلاث، بوصفها أساسًا لحل الأزمة اليمنية، مع إمكانية خضوعها للتوافق(66).
  • تصورات أنصار الله بشأن المصالحة الوطنية والحل السياسي، التي يمكن البناء عليها لتحقيق التحوُّل الفعلي(67).
  • تراجع موقف إيران تجاه الأزمة اليمينة، بعد تصالحها مع السعودية، في مارس/آذار 2023.
  • الموقف الإيجابي للأطراف الداخلية المقابلة لأنصار الله من عملية السلام، والتشارك معها في السلطة.
  • التحوُّل الشَّكلي التكتيكي

ينتهج هذا السيناريو "أسلوبًا شكليًّا وتكتيكيًّا" تحتفظ فيه أنصار الله بجزء فاعل من قواتها، واحتفاظ عبد الملك الحوثي، بمركزه الديني المسنود بهذه القوات، وسيكون لهذا أثره في السلوك السياسي لأنصار الله. وهذا التحوُّل إما أن يتعثر بأول دورة عنف، أو يتطور إلى تحوُّل تدريجي فعلي. ويدعم هذا السيناريو خليط من العوامل السابقة الداعمة لسيناريوهات التحوُّل(68).

هذا السيناريو، يضع في الحسبان الموقف المبكِّر لأنصار الله من دخول المضمار السياسي السِّلمي، قبل سيطرتها على السلطة بقوة السلاح. فقد كانت تتوجس من ضعف موقفها أمام أحزاب قوية يستند بعض منها إلى إمكانيات الدولة، وأنَّ دَفعها إلى هذه الحلبة يمثِّل سلوكًا كيديًّا يرمي إلى تحجيمها(69). ويراعي هذا السيناريو مسألة أنها باتت أحد الأقوياء، لكنها تحتاط لهذا الأمر؛ نتيجة لإفرازات الحرب التي خصمت من رصيد قوتها.

خاتمة

تثير مسألة تحوُّل أنصار الله إلى العمل السياسي السِّلمي جدلًا غير منته، حتى اللحظة؛ نظرًا إلى استمرار الحرب، التي تقدِّمها ذريعة لبقائها كيانًا يمارس السياسة بوسائل العنف، غير أنَّ هذا التحدي ليس وحده ما يحُول دون ذلك، فهناك عوامل أخرى تتعلق بأيديولوجيات أنصار الله، وتأثير ارتباطاتها بإيران وحلفائها، وإفرازات الحرب ذاتها، التي تشكِّل، كلُّها، عوائق أمام التحوُّل. ورغم انسداد الأفق أمام أي تحوُّل في ظل استمرار الحرب، إلا أنَّ دخول البلاد مرحلة السلام، من شأنه تقريب المسألة، على أنْ يجري ذلك تدريجيًّا، ويُحاط بالرعاية والتشجيع، محليًّا وخارجيًّا، ويقع على أنصار الله، نفسها، تحديث معتقدها السياسي.

نبذة عن الكاتب

مراجع
  1.  الأحمدي، عادل على نعمان، الزهر والحجر، التمرد الشيعي في اليمن، وموقع الأقليات الشيعية في السيناريو الجديد، (مركز نشوان الحِمْيَري للدراسات والنشر، صنعاء، 2007)، ط7، ص130. وانظر: الشلفي، أحمد، "محمد يحيى عزَّان.. تنظيم الشباب المؤمن باليمن"، الجزيرة نت، 10 أبريل/نيسان 2007، (تاريخ الدخول: 11 فبراير/شباط 2023)،  https://bit.ly/40IJvvT
  2. من هذه المحافظات: عمران، والمحويت، وحجة، وصنعاء، وإب، وتعز، رغم أن الأخيرتين سُنِّيتا المذهب. انظر: الدغشي، أحمد محمد، الحوثيون ومستقبلهم العسكري والسياسي والتربوي، (منتدى العلاقات العربية الدولية، الدوحة، 2013)، ص28.
  3. الشلفي، "محمد يحيى عزَّان.. تنظيم الشباب المؤمن باليمن".
  4. عبد الرب، نبيل، "فصول قصة منتهية.. «الشباب المؤمن» من مخيمات ضحيان إلى «فلل» الدوحة"، الميثاق نت،25  يونيو/حزيران 2007، (تاريخ الدخول: 21 فبراير/شباط 2023)، https://bit.ly/3ZugvGX
  5. الدغشي، الحوثيون ومستقبلهم العسكري والسياسي والتربوي، ص21.
  6. الشلفي، "محمد يحيى عزَّان.. تنظيم الشباب المؤمن باليمن".
  7. وقف الباحث على وقائع لتوزيع هذه الملازم، في صنعاء، وكان مما أثار الدهشة اضطلاع فرق نسائية بذلك.
  8. الدغشي، الحوثيون ومستقبلهم العسكري والسياسي والتربوي، ص18.
  9. المرجع نفسه، ص18، و19.
  10. يكرِّر قادة أنصار الله أنهم زَيْدِيو المذهب، ويشيرون إلى ذلك بطُرق عدة. مثلًا: سمَّى محمد علي الحوثي، إحدى بناته باسم عائشة، زوجة النبي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، التي يُعرِّض بها منتسبون كُثر إلى أنصار الله.
  11. يقصد بالبطنين: الحسن والحسين، وَلَدي علي بن أبي طالب. الدغشي، الحوثيون ومستقبلهم العسكري والسياسي والتربوي، ص61، و99-101.
  12. نجد هذا البُغض في قول حسين الحوثي: "ما معاوية، بكُلِّه، إلا سيِّئة من سيئات عُمر بن الخطاب". وكرَّر قوله، هذا، في أبي بكر الصديق، وعثمان بن عفان، رضي الله عنهما، واصفًا إياهما بأنهما من سيئات عمر بن الخطاب رضي الله عنه. انظر: حسين بدر الدين الحوثي، "دروس من هدي القرآن الكريم، سلسلة دروس من سورة المائدة (4-1)"، المسيرة، ص2، (د.ت)، (تاريخ الدخول: 14 فبراير/شباط 2023)، https://bit.ly/3xveXjC
  13. الدغشي، ص29.
  14. العبسي، وديع، "في حوار حصري أجرته «الثورة» مع د. عبد الرحيم الحمران"، الثورة، 10 مارس/آذار 2021، (تاريخ الدخول: 19 فبراير/شباط 2023)، في https://bit.ly/3xJKoag
  15. انظر: الجند، توفيق، "تاريخ الأحزاب السياسية اليمنية: من الكفاح المسلح إلى القمع المسلح"، مركز صنعاء للدراسات، 8 فبراير/شباط 2022، (تاريخ الدخول: 5 مارس/آذار 2023)،  https://bit.ly/3ylTHO0
  16. توفِّر الصراعات السياسية والمذهبية، بيئات حاضنة لنشوء الفواعل ما دون الدولة، وانهيار الدولة برمتها، أو سقوطها في قبضتها. للمزيد، انظر: الزيات، محمد مجاهد، "توازن الضعف: سياسات استيعاب الفواعل المسلحة داخل الدول المنهارة"، اتجاهات الأحداث، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبي، (العدد 20، مارس/آذار-أبريل/نيسان 2017)، ص ص21-44.
  17. شعار الصرخة هو: (الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام).
  18. الدغشي، الحوثيون ومستقبلهم العسكري والسياسي والتربوي، ص31.
  19. الأحمدي، التمرد الشيعي في اليمن، ص177.
  20. عبد الرب، "فصول قصة منتهية.. (الشباب المؤمن) من مخيمات ضحيان الى «فلل» الدوحة".
  21. العبسي، "في حوار حصري أجرته «الثورة» مع د. عبد الرحيم الحمران".
  22. الشلفي، "محمد يحيى عزَّان.. تنظيم الشباب المؤمن باليمن".
  23. كانت ذريعة الضربة ارتباط أسامة بن لادن بمصنع الأدوية، المتهم بصناعة المتفجرات، ولارتباطه بالهجمات التي أصابت السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، في أغسطس/آب 1998.
  24. مجلس الأمن، التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن، 2017"، 81/2017/S، 31 يناير/كانون الثاني 2017، ص28.
  25. انظر في هذا: مجلس الأمن، التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن 2019، 83/2019/S، 25 يناير/كانون الثاني 2019، ص26.
  26. المسمَّيات الهيكلية مأخوذة من الأخبار المثارة في وسائل إعلام أنصار الله.  
  27. عدنان الجبرني، "الحوثيون من الداخل"، المصدر أولاين، (14 أبريل/نيسان 2022)، (تاريخ الدخول: 23 فبراير/شباط 2023)،  https://bit.ly/3XS5uhn
  28. استقر عدد أعضاء المجلس على تسعة أشخاص، بعد وفاة واحد منهم. انظر:"إعلان أسماء أعضاء المجلس السياسي للحوثيين وصالح"، الجزيرة نت، 6 أغسطس/آب 2016، (تاريخ الدخول: 5 مارس/آذار 2023)،  https://bit.ly/3ZLhkLt

من أعضاء المنظومة: نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن، ورئيس مجلس القضاء الأعلى. انظر: المنظومة العدلية، أنصار الله، (د.ت)، (تاريخ الدخول: 1 مارس/آذار 2023)،  https://bit.ly/3L4Yf2z

  1. من ذلك: رئاسته المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشئون الإنسانية. انظر: تقرير فريق الخبراء المعني باليمن 2021، ص18.
  2. تقرير فريق الخبراء المعني باليمن 2019، ص26.
  3. العبسي، "في حوار حصري أجرته «الثورة» مع د. عبد الرحيم الحمران".
  4. الشلفي، "محمد يحيى عزَّان.. تنظيم الشباب المؤمن باليمن".
  5. تقرير فريق الخبراء المعني باليمن 2017، ص28.
  6. مقابلات خاصة أجرتها الدراسة مع عناصر تخلت عن أنصار الله، (فبراير/شباط 2023).
  7. المرجع السابق.
  8. المرجع نفسه.
  9. يقود هيئة الاستخبارات، أبو علي الحاكم (عبد الله يحيى الحاكم)، ويعد أنشط قائد عسكري في الجماعة، ويخضع لعقوبات مجلس الأمن، بموجب القرار 2216/ 2015.
  10. "الأمن الوقائي.. سلاح الحوثي الخفي"، الشرق الأوسط،24  ديسمبر/كانون الأول 2017، (تاريخ الدخول: 13 مارس/آذار 2023)،   https://bit.ly/3Fwxh0p
  11. مقابلات خاصة أجرتها الدراسة، (فبراير/شباط 2023).
  12. الدغشي، الحوثيون ومستقبلهم العسكري والسياسي والتربوي، ص17، 18.
  13. تنظر جماعة أنصار الله إلى سيطرتها على السلطة عام 2014، على أنها ثورة شعبية، وأنَّ عبد الملك الحوثي قائد لها.
  14. سعت إيران لإنشاء قسم للغة الفارسية، إبان حُكم الرئيس علي عبد الله صالح، وتعثر ذلك عام 2007.
  15. حملت الدفعة اسم قائد فيلق القدس، سابقًا، في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الذي قُتل مع مهدي المهندس، في بغداد، بغارة للطيران الأميركي، في يناير/كانون الثاني 2020.
  16. انظر:

Adam Taylor, "Why Iran is getting the blame for an attack on Saudi Arabia claimed by Yemen’s Houthis", The Washington post, (16/9/2019), (accesses: 7/3/2023), at: https://wapo.st/3SVcdpC.

  1. يثار هذا المسمَّى مع كل هجمة، بالصواريخ والطائرات غير المأهولة، تنفِّذها جماعة أنصار الله. انظر: مجلس الأمن، "التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن 2023"، 130/2023/S، 21/2/2023، ص27.
  2. التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن 2019، ص32.
  3. "Iran Providing Yemen with Advisory Assistance: IRGC Commander", Tasnim News Agency, 24/12/2017, (accesses: 4/3/2023), at: https://bit.ly/3ZJXPTq   
  4. Thomas Juneau, "How Iran Helped Houthis Expand Their Reach", War on The rocks, 23/8/2021, (accesses: 7/3/2023), at: https://bit.ly/41NWnBs.
  5. في هذه القضايا، انظر: الذهب، علي، "التنافس الإقليمي والدولي في البحر الأحمر وتداعياته على الأمن القومي العربي"، مركز الجزيرة للدراسات، (21 أكتوبر/تشرين الأول 2022)، (تاريخ الدخول: 6 مارس/آذار 2023)، https://bit.ly/3mqQZ73
  6. أثارت الوفاة الغامضة لحسن إيرلو، لغطًا كبيرًا، وبالمثل، أثناء تعيينه سفيرًا؛ إذ قيل: إنه ضابط في الحرس الثوري الإيراني.
  7. بيان الاتفاقية في: "صدور بيان ثلاثي مشترك لكل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية الصين الشعبية"، وكالة الأنباء السعودية، 2023/3/10، (تاريخ الدخول: 11 مارس/آذار 2023)،   https://bit.ly/3yuO8gj
  8. مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، قرارات مجلس الأمن، (د.ت)، (تاريخ الدخول: 3 مارس/آذار 2023)،   https://bit.ly/2Mhchky
  9. الزعاترة، ياسر، "عاصمة عربية رابعة بيد إيران.. ماذا بعد؟"، الجزيرة نت، 23/9/2014، (تاريخ الدخول: 12 مارس/آذار 2023)، https://bit.ly/3Z35JGS
  10. يُفصح قادة أنصار الله عن تطلعهم للسيطرة على مدينتي مكة والمدينة المقدستين، ولعلَّ أوضحهم محمد ناصر البخيتي.
  11. Thomas Juneau, "How Iran Helped Houthis Expand Their Reach".
  12. "صدور بيان ثلاثي مشترك لكل من المملكة العربية السعودية..".
  13. حول هذه الحرب، انظر:

Israel's shadow war with Iran, the Guardian, 10/8/2021, (accesses: 15/3/2023), at: https://bit.ly/3DcExM3.

  1. انظر: عاطف، أحمد، مراوغة الحوثي: لماذا تتعثر مفاوضات حل الأزمة اليمنية؟، Future، 26 يناير/كانون الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 16 مارس/آذار 2023)، https://bit.ly/3FEFb7Z
  2. بنود الهدنة في: "مبادرة من الأمم المتحدة لإبرام هدنة مدتها شهران"، مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، 2 أبريل/نيسان 2022، (تاريخ الدخول: 12 مارس/آذار 2023)، https://bit.ly/3YNcLzl
  3. "إحاطة إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة من المبعوث الخاص إلى اليمن"، مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2022، (تاريخ الدخول: 15 مارس/آذار 2023)، https://bit.ly/3n1la57
  4. التقرير النهائي المعني باليمن 2023، ص7، 8.
  5. "طهران: الاتفاق مع السعودية بداية لحل أزمات المنطقة بما فيها اليمن"، الشرق الأوسط،12  مارس/آذار 2023، (تاريخ الدخول: 16 مارس/آذار 2023)، https://bit.ly/3FPCoJo
  6. أعلن في 21 مارس/آذار 2023، عن خطة لتبادل 887 أسيرًا، بعد مفاوضات أجريت في جنيف، خلال الشهر ذاته.
  7. تتفق هذه الورقة، في سيناريوهاتها، مع جانب مما ذهب إليه: المودع، عبد الناصر، "مستقبل الحركة الحوثية" سياسات عربية، (العدد 14، 31 مايو/أيار 2015)، ص ص108-112.
  8. المرجعيات الثلاث هي: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لعام 2011، ومخرجات الحوار الوطني لعام 2014، وقرارات مجلس الأمن، خاصة القرار 2216/ 2015.
  9. تقوم تصورات استئناف العملية السياسية، وتحقيق المصالحة الوطنية، من وجهة نظر أنصار الله، على أسس ومرجعيات جامعة. انظر: "الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية 2030"، حكومة صنعاء، (د.ت)، (تاريخ الدخول: 3 مارس/آذار 2023)، https://bit.ly/3KUd5Jd
  10. انظر:

Robert Simmons. "Yemen: Ansar Allah’s Ambivalent Political Platform", Italian Institute for International Political Studies: (ISPI), 26/3/2021, (accesses: 12/3/2023), at: https://bit.ly/3LJcOcr

  1. رقة، سمية، "منطق الشراكة هو ما ينشده أنصار الله"، مجلة الوحدة الإسلامية، (2014)، (تاريخ الدخول: 14 فبراير/شباط 2023)،https://bit.ly/42hBLSe