المطالبة الإثيوبية بميناء على البحر الأحمر: الدوافع، والخلفيات، والتداعيات

تحاول هذه الورقة تحليل أجندة رئيس الوزراء الإثيوبي التي قادته إلى دفع ملف المطالبة بمنفذ على البحر الأحمر إلى صدارة المشهد الإثيوبي، والأبعاد المحلية والإقليمية والدولية الكامنة خلفها، وكذلك الحجج الإثيوبية المطروحة لدعم هذه الرؤية، وتختم بتأثيرها في تشكل تحالفات جديدة بدأت معالمها في الظهور.
تتصدر المشهد السياسية والإعلامي الإثيوبي مطالبة رئيس الوزراء آبي أحمد بمنفذ على البحر الأحمر (شترستوك).

"البحر الأحمر هو الحدود الطبيعية لإثيوبيا وسيظل كذلك"(1). بهذه الجملة يمكن اختصار خطاب رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي صرح فيه بضرورة الحديث العلني عن حق بلاده في الحصول على منفذ سيادي على البحر الأحمر.
هذا الخطاب لا يمكن فصله عن الحديث المتصاعد حول هذا الموضوع من نخب إثيوبية مختلفة؛ ما حوله إلى القضية الأكثر إشغالًا للرأي العام في البلاد، بما له من عمق وجداني في نفوس الإثيوبيين، كما أثار أيضًا قلق دول الجوار ومخاوفهم من الخطوات التي قد تتخذها أديس أبابا في سبيل تحقيق هذا الحلم.

تحاول هذه الورقة تحليل أجندة رئيس الوزراء الإثيوبي التي قادته إلى دفع هذا الملف إلى صدارة المشهد الإثيوبي، والأبعاد المحلية والإقليمية والدولية الكامنة خلفها، وكذلك الحجج الإثيوبية المطروحة لدعم هذه الرؤية، وتختم بتأثيرها في تشكل تحالفات جديدة بدأت معالمها في الظهور.

أولًا: دوافع رئيس الوزراء الإثيوبي

مثَّل الحصول على منفذ بحري لإثيوبيا هاجسًا أساسيًّا لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، منذ توليه منصبه عام 2018. ويمكن عزو انفتاحه على دول الجوار واتباعه سياسة تصفير المشاكل معها في حينه كمحاولة لخلق حالة من التكامل الاقتصادي في المنطقة تكون إثيوبيا فيها المحرك والمهيمن الاقتصادي مستفيدة من المنافذ البحرية التي توفرها دول الجوار، وهو ما يمثل أحد الأهداف الجوهرية للتحالف الثلاثي مع كل من إريتريا والصومال(2).

في نفس السياق عقدت إثيوبيا اتفاقيات متعلقة بالمواني مع الصومال والسودان وكينيا وغيرها، ولعل أهم هذه الخطوات كان توقيع اتفاقية مع هيئة موانئ دبي العالمية وأرض الصومال للاستحواذ على نسبة 19% من ميناء بربرة بأرض الصومال، عام 2018(3)، وهو ما لم يكتمل نتيجة عدم استيفاء إثيوبيا لشروط العقد في المدة المحددة عام 2022(4).

ولعل الثقة الإثيوبية في متانة تحالفاتها الإقليمية حينها واعتبارها مدخلًا للحصول على منفذ بحري كانت أحد الدوافع المهمة وراء إعادة إحياء سلاح البحرية الإثيوبي بالتعاون مع فرنسا(5) والإعلان عن نية أديس أبابا إنشاء قاعدة بحرية في جيبوتي(6).

غير أن الصيغة التي تبنَّاها أحمد في خطابه يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول بأن الحصول على منفذ بحري يعد "مسألة وجودية" لبلاده، وما فُهم في ثنايا خطابه من احتمال اللجوء للقوة لتحقيق هذه الغاية(7)، مثَّلا تصعيدًا في المقاربة التي كانت تطرحها إثيوبيا المرتكزة على مشاريع تعاون متبادل.

ورغم أنه تراجع عن التلميح باستخدام القوة(8) إلا أن الرسالة التي تضمنها خطابه تدفع إلى القول بأن تبني رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، لهذا الخطاب تقف خلفه مجموعة من الدوافع المتشابكة، تتداخل فيها العوامل المرتبطة بالداخل والخارج والطموحات الشخصية، ويمكن إيراد أهمها على الشكل التالي:
أ- داخليًّا

رفع شعبية رئيس الوزراء

بعزفه على وتر حق إثيوبيا في الحصول على منفذ بحري يخاطب رئيس الوزراء الإثيوبي بعض التطلعات الوطنية ذات العمق الوجداني الكبير داخل المجتمع الإثيوبي؛ إذ لطالما كان الوصول إلى البحر حلمًا إثيوبيًّا لا يموت.

إعادة هذه القضية إلى صدارة المشهد الإثيوبي لا يمكن عزلها عن تفكك التحالف الذي اعتمد عليه رئيس الوزراء الإثيوبي في الحكم لسنوات مع القوميين من الأمهرة والذي انتهى إلى عداء صريح على خلفية نتائج الحرب في تيغراي. وبالتالي فالخطاب الرسمي الإثيوبي لا يسعى إلى رفع أسهم أحمد شعبيًّا فقط بل حتى اختراق بعض الكتل المعادية له؛ حيث يبدو طرح هذا المشروع في هذا التوقيت محاولة لسحب البساط والمزايدة على نخب الأمهرة القومية التي تتبنى طموحات إمبراطورية تمتد فيها إثيوبيا حتى السودان وشاطئ البحر الأحمر.

وتزداد أهمية هذه النقطة عند النظر إلى الصراع الضاري الذي تخوضه الحكومة الإثيوبية مع مقاتلي الأمهرة من الفانو وغيرهم من الميليشيات(9). وتمثل الأمهرة ثاني أكبر القوميات في البلاد وتتمتع بثقل تاريخي وثقافي هائل في إثيوبيا.

استقطاب الإثيوبيين حول هدف وطني جامع

يعاني المجتمع الإثيوبي من العديد من خطوط الصدع الطولية والعرضية التي تزايدت مع تفجر الصراعات الإثنية في السنوات الأخيرة والتي تجعل استمرارية الدولة بشكلها الحالي دومًا موضع تساؤل، ولذلك يبدو أن طرح قضية المنفذ البحري بعمقها الوجداني المرتبط بتطلعات إثيوبية تاريخية، وتصويرها كأنها حبل نجاة لإثيوبيا من العديد من أزماتها محاولة لبلورة هدف وطني يجمع الإثيوبيين خلفه، وهو ما يذكِّرنا بسد النهضة الذي استخدمته الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وتحالف الأهودق الحاكم (1991-2018) كنواة لمشروع أجمع الإثيوبيون عليه رغم اختلاف توجهاتهم(10).

صرف الأنظار عن الأزمات الداخلية

تمر إثيوبيا بالعديد من الأزمات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية والأمنية التي تلقي بثقلها على المواطن والدولة معًا، ولذلك يبدو هذا الخطاب الإثيوبي محاولة لتحويل الانتباه عن الأسباب الجوهرية لأزمات البلاد، فعلى سبيل المثال يتم ترويج فكرة الحصول على المنفذ البحري كرافعة أساسية للاقتصاد الإثيوبي في حين يتم تجاهل أن الاضطرابات الأمنية وسوء الإدارة وتكاليف الحروب قد تكون وراء التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد في السنوات الأخيرة، وأن الاقتصاد الإثيوبي عاش أزهى سنواته 2010-2018 رغم أن البلاد لم تملك منفذًا بحريًّا في حينها.

رؤية رئيس الوزراء لدوره في التاريخ الإثيوبي

تعد الطموحات الشخصية لآبي أحمد ورؤيته لنفسه منقذًا لإثيوبيا محددًا نفسيًّا مهمًّا في تفسير الإستراتيجيات والأهداف التي يرسمها لبلاده؛ حيث ذكر في خطاب تنصيبه عام 2018 أن والدته تنبأت له في رؤية عميقة للغاية أنه سيكون الإمبراطور السابع المقدر إلهيًّا ليوحد ويحكم إثيوبيا(11).

ولذلك، فإن طرح حصول إثيوبيا على منفذ بحري من قِبله بهذه الصيغة هو في جزء منه يرسم ملامح الدور التاريخي الذي يعتقد أنه منوط به أن ينجزه، مستوحيًا إرث القادة والأباطرة الكبار في التاريخ الإثيوبي كرأس ألولا بانغا والإمبراطور هيلاسلاسي(12) الذي قاد في أربعينات القرن الماضي حملة محمومة لضم إريتريا إلى بلاده كانت في جوهرها رغبة في الوصول إلى البحر الأحمر.

ب- إقليميًّا

إرسال رسالة للنظام الإريتري لوقف دعمه لمقاتلي الأمهرة

لم تكن النتائج التي انتهت إليها حرب التيغراي مرضية للقوى القومية الأمهرية، وهو ما أدى إلى تعقد علاقاتها مع أديس أبابا وانقلابها من التحالف إلى حرب مفتوحة بين الطرفين. وبالنظر إلى ما يوصف بأنه علاقة وثيقة بين مقاتلي مجموعات فانو الأمهرية وإريتريا(13)، فإن الإعلان عن موضوع المنفذ البحري يحمل في طياته رسالة ضمنية إلى أسمرة بالتوقف عن دعم هذه المجموعات الأمهرية والتلويح بقدرة إثيوبيا على خلط الأوراق باعتبار إريتريا أبرز المعنيين عند الحديث عن وصول إثيوبيا إلى البحر الأحمر(14).

الاستفادة من الاضطراب الإقليمي

مما يغذي طموحات رئيس الوزراء الإثيوبي حالة الاضطراب السياسي التي يمر بها الإقليم مع الضعف الذي أصاب السودان نتيجة الحرب الجارية واحتمالات تقسيمه، والذي لطالما مثَّل قوة موازِنة للحضور الإثيوبي في المنطقة، وتغيير الخرائط في القرن الإفريقي الكبير ليس بالأمر المستبعد حيث يمثل الإقليم الوحيد الذي لا يزال ينتج كيانات سياسية مع استقلال إريتريا، 1993، وجنوب السودان، عام 2010، ومصير أرض الصومال الذي لا يزال معلقًا.

وبالنظر إلى السياق العالمي فإن روسيا اجتاحت أوكرانيا بدعاوى مرتبطة بالأمن القومي الروسي وهو ما نرى صداه في الربط الإثيوبي لمصير البلاد بالوصول إلى البحر؛ فقد تغري قدرة روسيا على فرض أمر واقع حكام أديس أبابا على اتخاذ خطوة مماثلة إن توافرت الظروف الملائمة من الدعم الدولي(15) واستعادة إثيوبيا لعافيتها بعد الحرب المدمرة التي خاضتها في إقليم تيغراي.

التعبير عن الإحباط من تعطل مشاريع سابقة مع إريتريا

رغم إحاطة بنوده بسرية تامة فإن استقراء بعض المؤشرات يشير إلى أن اتفاق السلام الإريتري-الإثيوبي تضمن جوانب مرتبطة باستفادة إثيوبيا من الموانئ الإريترية في صيغة قد تشابه ما كان قائمًا بين البلدين قبل حرب 1998-2000، ويندرج ذلك ضمن محاولة صنع سوق إقليمية تستثمر فيها الدول الراعية لعملية السلام الإريترية-الإثيوبية حيث كان من المتوقع تطوير البنى التحتية الرابطة بين مينائي عصب ومصوع وإثيوبيا(16).

تعطل العمل على هذه المشاريع يُعزى إلى أن الجانب الإريتري ربط إكمال تنفيذ هذه التفاهمات باستعادة السيطرة على الأراضي الإريترية المحتلة من قبل إثيوبيا وتصفية الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي(17)، وهو ما شكَّل أساس تحالف بين الطرفين خاضا بموجبه الحرب في تيغراي، لكن الصيغة التي انتهت إليها الحرب في إثيوبيا عبر اتفاق سلام بريتوريا لم تكون مقبولة من طرف أسمرة وهو ما أدى إلى تجميد هذه المشاريع، وبالتالي فإن إثارة ملف المنفذ البحري بهذا الشكل تعبِّر عن الإحباط الإثيوبي من إمكانية الوصول إلى الموانئ الإريترية وفق تفاهمات 2018.

ج- دوليًّا

مغازلة الغرب بتوتير العلاقة مع إريتريا

البرود الملحوظ في العلاقات بين أسمرة وأديس أبابا على خلفية مجموعة ملفات آخرها قضية المنفذ البحري يصب في صالح محاولات رئيس الوزراء الإثيوبي ترميم علاقاته بالغرب التي تضررت بشكل بالغ مع الحرب في تيغراي؛ حيث إن تفكيك التحالف الإريتري-الإثيوبي كان أحد أهم المطالب الأميركية من الحكومة الإثيوبية(18) وهو ما تزداد حساسيته بالنظر إلى التوجه الإريتري شرقًا ومحاولة بناء تحالفات مع كل من موسكو وبكين والتلويح بمنح روسيا قاعدة على البحر الأحمر(19).

ثانيًا: الذرائع الإثيوبية

ساق رئيس الوزراء الإثيوبي في خطابه أمام برلمان بلاده العديد من الخلفيات التي فسر بها أحقية بلاده بامتلاك منفذ على البحر الأحمر والمرتبطة بالتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعوامل الإثنية(20)، في حين يورد باحثون وسياسيون ومعلقون إثيوبيون حججًا أخرى مرتبطة بالأمن والنفوذ الإقليمي، وسنعرض هنا أبرزها مع التأكيد أنها جميعًا غير مسلَّم بها، ولا توفر أساسًا صلبًا لهذه المطالبات الإثيوبية، لأنها تتجاهل ببساطة الواقع الجيوسياسي الحالي وأن الدول الشاطئية المجاورة دول تتمتع بالسيادة الكاملة على أراضيها.

  • الاقتصاد

يأتي الاقتصاد في مقدمة الدوافع الإثيوبية لضمان الوصول إلى منفذ بحري؛ حيث ينتج عن عدم وجود ميناء في إثيوبيا زيادة في تكاليف النقل، بما في ذلك الوقود والعمالة والوقت؛ مما يسهم في ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين. كما أدى الاعتماد على جيبوتي في التجارة الخارجية إلى دفع حوالي 1.5 مليار دولار سنويًّا رسومًا للموانئ، أي ما يقرب من نصف الإيرادات الأجنبية السنوية لإثيوبيا من مبيعات السلع(21).

بجانب هذا، يمثل عدم امتلاك إثيوبيا منفذًا بحريًّا خاصًّا بها عائقًا أمام الوصول إلى الأسواق الدولية، مما يقلل من إيرادات الصادرات ويعوق النمو الاقتصادي، كما أن هذا قد يدفع الشركات الأجنبية إلى الحذر من الاستثمار في بلد لديه خدمات لوجستية تجارية باهظة الثمن، وهو ما يقود إلى تقليص فرص العمل ومصادر الإيرادات، بالإضافة إلى أن وضع إثيوبيا كدولة حبيسة يقلِّل من قدرتها التنافسية أمام الدول الأخرى التي تتمتع بإمكانية وصول أفضل إلى الموانئ(22).

  • القانون

يؤكد العديد من المسؤولين الإثيوبيين والوسائل الإعلامية الموالية للحكومة أن المادة 125 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) تدعم قانونية مطالب إثيوبيا في الوصول إلى البحر، حيث تنص على تمتع الدول غير الساحلية بالحق في الوصول إلى البحر والخروج منه وحرية العبور عبر أراضي دول العبور بجميع وسائل النقل(23). غير أن هذه المادة لا تنطوي على أي أحكام تضمن للدول غير الساحلية الحق في امتلاك المناطق الساحلية، بل الحق في المرور عبر أراضي الدول الأخرى للوصول إلى البحر ونقل وارداتها وصادراتها دون المساس بسيادة أو مصالح دول العبور(24).

  • الأمن

يمثل البحر الأحمر شريان الحياة للاقتصاد الإثيوبي من خلال ميناء جيبوتي الذي تمر 95% من حركة الصادرات والواردات الإثيوبية عبره(25). وبالنظر إلى هذه الحساسية لا تنفصل مخاوف أديس أبابا المتعلقة بأمن البحر الأحمر عن التهديدات المرتبطة بالأمن القومي للبلاد، ولاسيما عند النظر إلى تحوله إلى واحدة من ساحات الصراع الإقليمي والدولي(26) والتي كانت آخر تجلياتها العمليات التي قامت بها جماعة الحوثي ضد السفن الإسرائيلية.

محاولة مقاتلي التيغراي قطع الطريق الرابط بين جيبوتي وأديس أبابا عبر اختراق إقليم عفر(27) مثلت في أروقة صنع القرار الإثيوبي تأكيدًا جديدًا لا على خطورة الاعتماد على ميناء واحد فقط بل أيضًا على ضرورة السيطرة السيادية على المنفذ البحري، ولاسيما إن أضفنا إلى هذا وقوع المنافذ المائية القادرة على خدمة الاقتصاد الإثيوبي ضمن دول تعاني من حالة عدم الاستقرار السياسي كالصومال والسودان(28)، أو تحت حكم أنظمة من الصعب الوثوق بسياساتها إزاء قضية حيوية كالموانئ مثل حال النظام الإريتري.

  • التاريخ

في إطار حديثه عن التاريخ كداعم للحق الإثيوبي، أكد أحمد في خطابه على الدور الذي لعبته مملكة أكسوم التي كانت تسيطر على أجزاء من ساحل البحر الأحمر بين حضارات عصرها(29)، فإثيوبيا الحديثة وفق هذا الخطاب هي وريثة مملكة أكسوم التاريخية، وإن إثيوبيا هي ضحية للتدخل الاستعماري لإيطاليا الذي أنشأ مستعمرة إريتريا من جهة، وضحية لموافقة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على استقلال إريتريا بعد استفتاء 1993(30).

وضمن هذه الرؤية يمكن اعتبار الجهود الإثيوبية المستميتة للاستيلاء على مدينة عصب الإريترية ضمن جولات حرب 1998-2000 محاولة لتصحيح هذا "الخطأ التاريخي" من وجهة نظر هذه النخب(31).

  • الديمغرافيا

تشهد إثيوبيا تزايدًا مطردًا في عدد السكان حيث تذهب تقديرات البنك الدولي إلى بلوغه قرابة 150 مليونًا مع حلول عام 2030 وتجاوزه لحاجز 200 مليون بعد أقل من عقدين من هذا التاريخ(32). وهذه التقديرات توجب على صانع القرار الإثيوبي البحث عن سبل لتطوير اقتصاد البلاد بما يمكِّنها من تلبية الاحتياجات التنموية المتزايدة. وضمن هذه الرؤية يمكن للوصول إلى منفذ بحري أن يوفر فرصًا للاستفادة من الموارد البحرية والسياحة وبالطبع التجارة الدولية، وهو ما عبَّر عنه رئيس الوزراء الإثيوبي بالقول: "إن 150 مليونًا لا يستطيعون العيش في سجن جغرافي"، محذرًا من أن هذا سيؤدي إلى الانفجار(33).

  • تعزيز النفوذ الإثيوبي في المحيط الإقليمي

بجانب الفوائد الاقتصادية المتوقعة من الوصول إلى البحر فإن هذه الخطوة ستزيد من قدرة إثيوبيا على زيادة نفوذها الإقليمي بتحولها إلى لاعب رئيسي فيما يتعلق بالإستراتيجيات المختلفة المرتبطة بالبحر الأحمر والقرن الإفريقي اللذين تحولا إلى نقطة جذب لتنافس دولي حاد خلال السنوات الفائتة.

وأكدت مسودة وثيقة أعدتها وزارة السلام الإثيوبية بعنوان "المصلحة الوطنية الإثيوبية: المبادئ والمضمون" ضرورة ممارسة إثيوبيا حقها في بناء واستخدام الموانئ، وضمان الوصول إلى البحر الأحمر، وكذلك مناطق عدن وشبه جزيرة الخليج، وممارسة حقها لتطوير الموانئ والاستفادة منها، واضعة تعزيز النفوذ الإقليمي، وتعزيز مصالح إثيوبيا في البحر الأحمر وشبه جزيرة العربية ضمن أولوياتها(34)

ثالثًا: تحالفات جديدة لمرحلة جديدة

رغم ارتباط تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي والحملة الإعلامية التي تلتها بعوامل داخلية كما سبق توضيحه، فإنها ولخطورتها قوبلت بردود جادة من دول الجوار لا يمكن فصلها عن تفكك تحالفات شكلت وجه المنطقة في المرحلة الماضية، وبزوغ ملامح لأخرى جديدة قيد التشكل.

ورغم أن كلًّا من الصومال وجيبوتي وإريتريا ردَّت رسميًّا على ما قاله آبي أحمد فإن بيان الأخيرة(35) يعتبر الأشد لفتًا للنظر؛ حيث إنها المرة الأولى منذ التحالف بين الطرفين عام 2018 التي ترد وزارة الإعلام الإريترية على التصريحات الصادرة عن مسؤولين إثيوبيين(36)؛ وهو ما يرتبط بالمخاوف الإريترية من النزعات التوسعية الإثيوبية، ولاسيما عند النظر إلى حديث آبي أحمد عن الحق التاريخي والطبيعي لبلاده في البحر الأحمر والأولوية التي تمتعت بها هذه القضية عند الأباطرة الإثيوبيين ولاسيما هيلاسيلاسي(37)، الذي قام بضم إريتريا إلى إمبراطوريته، وكان الهدف الرئيسي من ذلك الوصول إلى البحر(38).

كما أن الرد العلني الإريتري الأول يؤشر إلى الدرجة التي بلغتها الأزمة بين الطرفين نتيجة الخلاف الذي بدأ بالتوسع بينهما على خلفية توقيع اتفاقيات بريتوريا بين الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والتي لم تكن أسمرا راضية عنها.

وتقود تحركات البلدين إلى رسم معالم تحالفات جديدة تعمل كل من أسمرة وأديس أبابا على تعزيزها؛ حيث عمدت إثيوبيا إلى توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الدفاعي والأمني مع جيبوتي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي(39).

تتجلى أهمية هذه الخطوة بالنظر إلى النزاع الحدودي الإريتري-الجيبوتي الذي لم يتم التوصل إلى تسوية حوله، ويظل نقطة توتر بينهما قابلة للانفجار(40)؛ ما قد يحوِّل إثيوبيا إلى طرف مباشر في أي حرب محتملة عبر مساندة جيبوتي.

التقارب الإثيوبي/الجيبوتي الواضح في هذه المرحلة قد يمنح أديس أبابا الفرصة للاستفادة من تعاون جيبوتي مستقبلًا في حال قررت السيطرة العسكرية على ميناء عصب غير البعيد عن الحدود الجيبوتية، من خلال تشكيل محور مناورة والهجوم على الجنوب الإريتري من جهتين. 

لطالما كانت الإمارات داعمًا أساسيًّا لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، منذ توليه الحكم، وهو دعم يتجاوز الشق الاقتصادي إلى الجوانب العسكرية والأمنية(41). وفي هذا السياق، ربما تلتقي الطموحات الإثيوبية حول الحصول على ميناء على البحر الأحمر بالإستراتيجية الإماراتية في السيطرة على موانئ البحر الأحمر والقرن الإفريقي وإنشاء أسواق اقتصادية في المنطقة خاضعة لسيطرتها(42).

في المقابل، تعمل أسمرة على توطيد روابطها مع الجيش السوداني الذي يخوض حربًا ضارية مع قوات الدعم السريع، وقد صرح عضو مجلس السيادة السوداني، الفريق الركن ياسر العطا، ممتدحًا مواقف أسمرة منذ بدء الأزمة في بلاده(43).

في نفس السياق، تشهد العلاقات المصرية-الإريترية بوادر دفء بعد مرحلة من البرود إثر المصالحة الإريترية/الإثيوبية عام 2018، حيث شارك الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، في قمة دول جوار السودان التي عقدتها القاهرة والتقى نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، وهو ما تكرر على هامش القمة السعودية-الإفريقية في جدة، في حين كان من الملاحظ عدم انعقاد اجتماع بين زعيمي كل من إريتريا وإثيوبيا.

كما بدا من الواضح تعزيز أسمرة لعلاقاتها مع الرياض والتي تحاول من خلالها موازنة القوة الإماراتية، ولربما الاستفادة من التباين بين الرياض وأبوظبي في التعاطي مع ملف الحرب في السودان.

 ووصف الرئيس الإريتري التعاون الثنائي بين بلاده والسعودية بأنه "ليس له سقف محدد"، معتبرًا أمن البحر الأحمر "جزءًا أصيلًا من شراكتنا الإستراتيجية"(44). وبالنظر إلى الأهمية الكبيرة التي توليها الرياض في السنوات الأخيرة لما يتعلق بأمن البحر الأحمر فإن المقاربة الإريترية تركز على أن الطموحات الإثيوبية تمثل تهديدًا لأمن الممر المائي الحساس واستقراره نتيجة تداعياتها التي قد تقود إلى حرب بين الطرفين.

في حين يبدو الصومال الغارق في حربه مع حركة الشباب الحلقة الأضعف في هذا المشهد، فهو رغم تخوفه من التوسعية الإثيوبية لكنه بحاجة إلى دعم كل الأطراف الإقليمية لتجاوز أزماته الداخلية الممتدة، ولذا فالأرجح أن يظل على الحياد في حال نشوب أي نزاع إريتري-إثيوبي مستقبلًا.

وهكذا تقارب الصورة في القرن الإفريقي مرحلة ما قبل اتفاق السلام الإثيوبي-الإريتري عام 2018، حيث تتوارد التقارير عن إجراءات عسكرية يتخذها الطرفان على الحدود(45)، وهو ما ينذر بالمزيد من التوترات في منطقة تعاني من هشاشة أمنية وأزمات عميقة على صعد مختلفة.

لكن الحرب بين الطرفين تظل السيناريو الأبعد حاليًّا لعوامل داخلية بالأساس؛ فإثيوبيا مشغولة بحروبها في أقاليم كأمهرة وأورومو والاقتصاد الإثيوبي الذي تضرر بشدة نتيجة الحرب على تيغراي لم يتعافَ بعد، في حين أن الجيش الإريتري خرج منهكًا من حرب التيغراي وكذلك الاقتصاد الهش لأسمرة لا يمثل عاملًا مساعدًا على خوض هذا النوع من الحروب؛ ما قد يؤدي بالطرفين إلى استخدام حروب الوكالة.

ورغم ذلك فلن تتوقف إثيوبيا عن المطالبة بالمنفذ البحري وحشد الداخل والرأي العام الدولي حول هذا الهدف مستفيدة من تجربتها في سد النهضة(46). ولذلك يظل الوصول إلى صيغة تفاهم مرضية لجميع الأطراف هو السبيل الأنفع والأسلم، وقد طرح رئيس الوزراء الإثيوبي تصورات مهمة حول هذا الجانب(47)، لكن يجب أن تكون مشفوعة بما يطمئن القوى الأخرى المعنية بتخلي أديس أبابا عن أحلامها التوسعية للمساعدة على تجاوز حالة الارتياب وعدم الثقة العميقة التي تسم العلاقات في القرن الإفريقي(48).

نبذة عن الكاتب

مراجع

1- هذه المقولة استشهد بها رئيس الوزراء الإثيوبي ناسبًا إياها إلى رأس ألولا بانغا، أحد أعظم القادة الإثيوبيين في القرن التاسع عشر.

Office of the prime Minister- Ethiopia, From A Drop of Water to Sea, YouTube, (23.58-24.02)
https://cutt.us/pmqqm

2- عبد القادر محمد علي، التحالف الثلاثي بين إثيوبيا وإريتريا والصومال.. الطموحات والنتائج، المعهد المصري للدراسات، 10 أغسطس/آب 2021، (تاريخ الدخول: 9 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://n9.cl/9t2br

3- العين الإخبارية، شراكة بين "دبي العالمية" و"أرض الصومال" وإثيوبيا في ميناء بربرة، 1 مارس/آذار 2018، (تاريخ الدخول: 9 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://n9.cl/c78lg

4- الصومال الجديد، إثيوبيا تخسر حصتها بميناء بربرة، 12 يونيو/حزيران 2022، (تاريخ الدخول: 9 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://n9.cl/5e1ac

5- Garow Online, Ethiopia, France sign military, naval deal, turn a new page in ties, 13 March 2019, (Seen: 10 December 2023), https://n9.cl/tkfcs8

6- Yewondwossen, Muluken, Djibouti to host Ethiopia’s Navy, Capital, 2 December 2019, (Seen: 10 December 2023), https://n9.cl/0455c

7- Sguazzin, Antony, Whyis Abiy threatening Ethiopia’s Neighbors: Next Africa, Bloomberg, 21 October 2023, (Seen: 9 December 2023), https://n9.cl/0wsb8

كما نُقل عن أحمد أنه أعلن أمام جمع مع المستثمرين أن استخدام القوة أحد الخيارات المطروحة أمام بلاده لتأمين الحصول على منفذ بحري، انظر:

Horn Observer, Ethiopian PM Abiy Ahmed unveils plans to secure port access by negotiation or by force, 23 July 2023, (Seen: 16 December 2023), https://cutt.us/9RMnt

8- African News, Red Sea: Ethiopia "will not assert its interests through war", assures Abiy Ahmed, 26 October 2023, (Seen: 9 December 2023), https://n9.cl/2kpim

9- دفعت هذه الاشتباكات السلطات الإثيوبية إلى إعلان حالة الطوارئ في إقليم أمهرة لمدة 6 أشهر في أغسطس/آب الماضي.

Endeshaw, Dawit, Ethiopia declares six-month state of emergency in Amhara after clashes, 4 August 2023, (Seen: 9 December 2023), https://n9.cl/sm396

10- من اللافت للانتباه ربط رئيس الوزراء الإثيوبي بين سد النهضة والبحر الأحمر حيث أكد أحمد أن "البحر الأحمر ونهر النيل هما الأساس لتطور إثيوبيا أو فنائها"، وأنه مستعد "للتفاوض حول الاستفادة من البحر الأحمر كما تفاوضنا على سد النهضة".

Office of the prime Minister- Ethiopia, Ibid, (18.11-18.30)
https://cutt.us/pmqqm

11- Hardy, Elle, The Religious Zealot Presiding Over Ethiopia’s Five Conflicts, New Lines Magazine, 1 February 2023, (Seen: 9 December 2023), https://n9.cl/11qp3

12- Office of the prime Minister- Ethiopia, Ibid, (23.58-24.22) (26.10-26.17).
https://cutt.us/pmqqm

13- دربت إريتريا آلافًا من مقاتلي ميليشيات الأمهرة بعد اندلاع الحرب في تيغراي، في حين وافقت على تدريب الآلاف من القوات الأمهرية الخاصة عام 2018، انظر:   

Erena, ኤርትራ፣ ኣብ ከባቢ ቃጨሮ፣ ሳልሳይ ዙር ወትሃደራዊ ታዕሊም ኣባላት ሓይልታት ኣምሓራ ተኻይዱ, 15 April 2022, (Seen: 9 December 2023), https://cutt.us/lOUhA,  Walsh, Declan, The Nobel Peace Prize That Paved the Way for War, WSJ, 15 December 2021, (Seen: 9 December 2023),  https://cutt.us/Q6KmH

14- ليست هذه الرسالة الإثيوبية الأولى حيث سبق ذلك في مايو/أيار الماضي دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي قوى خارجية لم يسمها إلى الكف عن التدخل في الشأن الداخلي الإثيوبي والانصراف إلى حل مشاكلهم، وذلك على خلفية الاضطراب الأمني في إقليم أمهرة، حيث فُهم أن إريتريا هي المقصودة بهذا الخطاب. https://cutt.us/7PQlm

15- من الملاحظ هنا ما صرح به سفير إثيوبيا في بلجيكا ولوكسمبورغ والاتحاد الأوروبي، جروم أباي، بأن "الدول القوية تعتقد أن لإثيوبيا الحق في امتلاك ميناء بحري". 

إذاعة إرينا، سفير أثيوبيا في الاتحاد الأوروبي يقول: إن وجود ميناء لإثيوبيا على البحر الأحمر مسألة تتعلق بوجود بلاده، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2023، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://cutt.us/dPpnP

16- رويترز، إثيوبيا: إعادة فتح طريقين إلى اثنين من موانئ إريتريا أولوية لنا، رويترز، 11 يوليو/تموز 2018، (تاريخ الدخول: 9 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://n9.cl/m7h25

17- D Sharamo, Roba and Demissie, Selam Tadesse, Reconfiguring alliances in the Horn of Africa Implications for regional stability and Integration, Institute for Security Studies, June 2021, p8.

18- عبد القادر محمد علي، تأثير العقوبات الأمريكية على إريتريا في مسارات الصراع في إثيوبيا، مركز دراسات الشرق الأوسط (أورسام)، 30 ديسمبر/كانون الأول 2021، (تاريخ الدخول: 9 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://n9.cl/bksv6

19- عبد القادر محمد علي، خلفيات رفض إريتريا إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 30 مارس/آذار 2022، (تاريخ الدخول: 9 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://cutt.us/2JZJZ

20- Office of the prime Minister- Ethiopia, Ibid, (19.6).
https://cutt.us/pmqqm

21- Ismail, Muktar, The Horn of Africa needs more trade—but not at the cost of more war, Ethiopia Insight, 26 November 2023, (Seen: 10 December 2023), https://n9.cl/f30pg

22- المصدر السابق.

23- Haq Check, does international law guarantee that landlocked Ethiopia gets a coastline? 1 November 2023, (Seen: 9 December 2023), https://n9.cl/5uo2k

24- See: Tesfagiorgis, Gebre Hiwet, Access to the Sea in the Context of Eritrea and Ethiopia, ERI-PLATFORM, 4 April 2022, (Seen: 9 December 2023), https://n9.cl/kzg3c

25- Mooted Horn of Africa Alliance Poses opportunities on a Banana-Skin Path, Garow Online, Jan 31, 2020, (Seen: 10 December 2023), https://n9.cl/bua6

26- عبد القادر محمد علي، عسكرة القوى الكبرى لمصالحها في القرن الإفريقي في فجر الحرب الباردة الثانية، مركز الجزيرة للدراسات، 24 أغسطس/آب 2022، (تاريخ الدخول: 10 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://n9.cl/jfyfpg

27- عبد القادر محمد علي، هل ستغير السيطرة الحكومية على إقليم عفر موازين الحرب في إثيوبيا؟، TRT عربي، 6 ديسمبر/كانون الأول 2021، (تاريخ الدخول: 10 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://n9.cl/ferom

28- تحيط العديد من المخاوف بمستقبل جيبوتي في مرحلة ما بعد الرئيس الحالي، إسماعيل عمر غيله، حيث أثبت انتقال الاشتباكات العفرية الصومالية داخل إثيوبيا إلى جيبوتي في السنوات الأخيرة مخاطر التوترات الإثنية الكامنة في البلاد.

29- Office of the prime Minister- Ethiopia, Ibid, (19.59-20.07).

https://cutt.us/pmqqm

30- Dejen Yemane Messele, Op-ed: Revisiting Ethiopian quest for reclamation of maritime sovereignty on the Red Sea coast: A blueprint for Ethiopian-Eritrean international legal encounter, Addis Standard, 23 November 2023, (Seen: 16 December 2023),  https://cutt.us/luWGz

31- بغض النظر عن دقة هذه الادعاءات وسياقاتها، فإن هذه النخب تتجاهل حقيقة أن إريتريا دولة معترف باستقلالها وعضو في الأمم المتحدة منذ أكثر من 3 عقود، وأن هذا واقع جيوسياسي لا يمكن تغييره، وأن حدود الإمبراطوريات التاريخية لا يمكن تطبيقها على الدول الحديثة فلا تستطيع جمهورية تركيا وريثة الإمبراطورية العثمانية المطالبة بمنافذ على البحر الأحمر أو الخليج العربي أو غيرها. في ما يتعلق بإريتريا، انظر كمثال: 

Abebe T. Kahsay, Ethiopia's Sovereign Right of Access to the Sea under o the Sea under International Law, https://n9.cl/bo9bz

32- The World Bank, Data Bank Population estimates and projections, (Seen: 9 December 2023), https://n9.cl/5pc38

33- Office of the prime Minister- Ethiopia, Ibid, YouTube, (19.59-20.07).
https://cutt.us/pmqqm 

34- Endale, Ashenafi & Mengesha, Selamawit, Red Sea takes center stage as Ethiopia looks to assert regional presence, The Reporter, 14 October 2023, (Seen: 3 December 2023), https://n9.cl/rd4r4 

35- رغم اقتضاب البيان الإريتري فإن سخرية لغته لا تخطئها عين مراقب حين وصف الأحاديث المتعلقة بالمياه بـ"القيل والقال" وتجنب الإشارة إلى رئيس الوزراء الإثيوبي، ورغم ذلك فبعض المؤشرات تؤكد الجدية الشديدة التي أخذت بها أسمرة هذه التصريحات كاستبدال وزير الإعلام الإريتري بالمنشور المثبت في حسابه على منصة تويتر والذي ظل محتفظًا به لسنوات وتضمن الاحتفال بتوقيع اتفاق السلام الإريتري-الإثيوبي، منشورًا يعرض معلومات عن الشواطئ الإريترية.

Shabiat, Press Release, 16 October 2023, (Seen: 16 December 2023), https://cutt.us/zo9pd

36- على سبيل المثال، أواخر مارس/آذار 2021، صرح المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية في حينه، السفير دينا مفتي، بأن الإريتريين لا يحتفلون باليوم الذي "انفصلوا فيه عن إثيوبيا، ولا نملك مشاعر مختلفة عنهم". وبينما لم يصدر عن الحكومة الإريترية أي رد فعل فقد استدعى التصريح ردَّ فعل إريتريًّا شعبيًّا على وسائل التواصل الاجتماعي وانتهى باعتذار وزير الخارجية الإثيوبية، ديمقي مكونن، بعد أيام. https://cutt.us/mOdCr

37- Alex de Waal, Ethiopia PM Abiy Ahmed eyes Red Sea port, inflaming tensions, BBC, 7 November 2023, (Seen: 16 December 2023), https://cutt.us/GZeJW

38- مما يزيد من مخاوف أسمرة من الاستهداف الإثيوبي تقارب الأخيرة مع جيبوتي الذي سيأتي الحديث عنه؛ ما يحصر الحديث عن حق إثيوبيا في الوصول إلى البحر الأحمر عمليًّا في إريتريا.

39- الصومال الجديد، جيبوتي وإثيوبيا توقعان مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الدفاع والأمن، 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://cutt.us/Qxq8r

40- عبد القادر محمد علي، النزاع الحدودي الجيبوتي الإريتري: الجذور والأبعاد والتطورات المتوقعة، مركز الجزيرة للدراسات، 19 يوليو/تموز 2023، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://cutt.us/UdGuN

41- لعبت الطائرات الإماراتية بدون طيار دورًا كبيرًا في حرب التيغراي كما أنشات أبوظبي جسرًا جويًّا لدعم الجيش الإثيوبي خلال تلك الحرب، وهو دعم مستمر حتى الآن. انظر: فانا، قائد القوات الجوية: التعاون العسكري الإثيوبي الإماراتي يعكس علاقات الصداقة بين البلدين، 16 ديسمبر/كانون الأول 2023، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://cutt.us/SYAxE /

42- يبدو أن هناك توجسًا إريتريًّا من هذا الاحتمال حيث نشر أحد المواقع المقربة من النظام الحاكم في أسمرة تحليلًا على موقع تويتر يتهم الإمارات بأنها من تقف خلف أجندة رئيس الوزراء الإثيوبي في البحر الأحمر.  https://cutt.us/3GyX1

43- https://cutt.us/Gw2dt 

من المثير للانتباه توجيه الفريق العطا في نفس الخطاب هجومًا حادًّا إلى دور الإمارات في السودان ومساندتها قوات الدعم السريع.

https://cutt.us/RAA4R

44- فتح الرحمن يوسف، الرئيس الإريتري لـ"الشرق الأوسط": الشراكة مع السعودية ستنتشل شعوب المنطقة من مستنقع التخلف، الشرق الأوسط، 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://cutt.us/JQC7u

45- Mohamed Kheir Omer, Are Ethiopia and Eritrea on the Path to War, FP, 7 November 2023, (Seen: 16 December 2023), https://cutt.us/dNhK0 

46- من اللافت للانتباه ربط رئيس الوزراء الإثيوبي بين سد النهضة والبحر الأحمر حيث أكد أحمد أن "البحر الأحمر ونهر النيل هما ثنائي يتوقف عليهما مصير إثيوبيا وجهودها التنموية"، وأنه "مستعد لإثارة الموضوع في المحافل الدولية". نيلوتيك، إثيوبيا: البحر الأحمر "قضية وجودية" ومستعدون لعرض الأمر على المحافل الدولية، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، (تاريخ الدخول: 16 ديسمبر/كانون الأول 2023)، https://cutt.us/sa3Sv

47- في سبيل الحصول على المنفذ البحري عرض أحمد عقد قمة إقليمية للتباحث حول هذا الملف، كما عرض الحصول على نسبة تصل إلى 30% من مؤسسات إثيوبية حيوية كسد النهضة أو الخطوط الجوية الإثيوبية أو شركات الاتصالات الإثيوبية. 

Office of the prime Minister- Ethiopia, From A Drop of Water to Sea, YouTube, (31.51-32.20).
https://cutt.us/pmqqm

48- يلقي التاريخ الذي لعبت فيه إثيوبيا دور القوة الإمبراطورية الغازية لجيرانها بظلاله السلبية على الرؤى حول العلاقات البينية لدى شعوب ونخب المنطقة السياسية، فاستشهاد آبي أحمد بكل من رأس ألولا بانغا والإمبراطور هيلاسيلاسي لتأكيد حق بلاده لن يُستقبل بالترحيب في إريتريا؛ حيث ارتبطا في الذاكرة الإريترية بالحروب التوسعية والمذابح لضم مناطقها إلى إثيوبيا.

EHREA, Crimes committed against the Eritrean people by Ras Alula and Emperor Menelik II of Ethiopia, (Seen: 16 December 2023), https://cutt.us/lxl6W