شبكات التواصل الاجتماعي: من أخلاقيات المحتوى إلى التصميم الأخلاقي.. فيسبوك نموذجًا

تميز الدراسة بين أربعة مستويات لمعالجة أخلاقيات استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وتشمل: أخلاقيات النشر الإعلامي المتخصص على شبكات التواصل الاجتماعي، وأخلاقيات الاستخدام الشخصي لشبكات التواصل الاجتماعي من قِبَل الإعلاميين، وأخلاقيات استخدام عموم الناس لشبكات التواصل الاجتماعي، والمعايير الأخلاقية التي تتبنَّاها شبكات التواصل الاجتماعي. ورغم أهمية هذه الجهود فإنها غير كافية لإقرار تنظيم أخلاقي فعلي لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي لأسباب عدة من بينها التوجه التجاري لتلك المنصات. ولمقاربة هذه المستويات الأربعة، تعتمد الدراسة إستراتيجية بحثية مركبة تجمع بين الأنثروبولوجيا الرقمية، والآليات والقواعد والمبادئ الأساسية لعلم اتخاذ القرار، ثم المنهج الوصفي لعرض نماذج لأهم توجهات التنظيم الأخلاقي لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وتقوم بتحليلها وتحاول إثبات كيف أنها تمثِّل فقط أخلاقيات لمضمون التواصل.
منصات التواصل الاجتماعي صُمِّمت بشكل يدعم التوجه التجاري لمالكيها على حساب مصلحة المستخدمين (الأناضول)

مقدمة

تُعد مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالتحيزات الكامنة ذات التوجهات التجارية والأيديولوجية والسياسية، في مقابل مستخدمين غير مؤهلين في الغالب لقيادة استخدامات واعية ومتحررة من تلك التوجيهات الخفية. ولا يرتبط ذلك فقط بتوجه شبكات التواصل الاجتماعي نحو شرائح اجتماعية واسعة ذات مستوى بسيط من التعليم، وإنما يعود ذلك أساسًا إلى تصميم مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يضمن إدمان المستخدمين، ويوجههم نحو أشكال بعينها من الاستخدام تُغذِّي التوجهات التجارية لتلك المنصات.

وباستثناء بعض القيود المعروفة على تداول محتويات بعينها (إباحية أو عنيفة مثلًا...)، نلاحظ غياب قواعد أخلاقية واضحة لتنظيم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وهي فوضى أخلاقية مقصودة، تُسهِّل على الفاعلين الكبار مهمة استغلال الأفراد وبيع خصوصياتهم تجاريًّا. كما يمكن وصف الضوابط الأخلاقية الحالية بـ"أخلاقيات المحتوى"؛ إذ تقوم على تقييد أو حضر تبادل ونشر أنواع معينة من المحتويات. وقد يكون الاجتهاد في تطوير أخلاقيات ضمن هذا التوجه مهمًّا، لكنه غير كافٍ نهائيًّا لتأسيس أخلاقيات فاعلة لشبكات التواصل الاجتماعي.

وأمام مستخدمين غير مؤهلين بشكل عادل، ومنصات تواصل اجتماعي مصممة بشكل غير بريء وغير أخلاقي، فإن الدراسة تتبنى فرضية مفادها أن الاقتصار فقط على ضوابط استخدام تستند إلى أخلاقيات المحتوى سيخدم في نهاية المطاف التوجه التجاري لتلك المنصات، ولن يسفر عن تغييرات عميقة الأثر في نتائج الاستخدام، ولن يمنع الاستغلال التجاري للمستخدمين. لذا نحتاج أن تُصمِّم شبكات التواصل الاجتماعي نفسها بشكل أخلاقي، يحمي المستخدمين من انتهاكات الخصوصية والاستغلال التجاري من جهة، ويُسهِّل عليهم استخدام تلك المنصات بشكل أخلاقي من جهة أخرى. وهنا، تحاول الدراسة الإجابة عن إشكال محوري: كيف يمكن تصميم شبكات التواصل الاجتماعي ببناء يساعد الأفراد على استخدامها بشكل أخلاقي دون أن ينتقص من حريتهم الشخصية؟

وتستند الدراسة إلى إستراتيجية بحثية وخلفية مزدوجة: تتمثل الأولى في الأنثروبولوجيا الرقمية، التي أفادت الباحث كثيرًا في الانتباه إلى الأبعاد الاجتماعية والقيمية التي ترتبط بأشكال استخدامنا لتكنولوجيا الاتصال؛ حيث إن الطريقة التي نستخدم بها تكنولوجيا الاتصال والقيمة التي نمنحها لها في حياتنا اليومية قد تكون أكثر أهمية من مضمون الاتصال نفسه. كما أن طرق الاستخدام تُعد فارقة ومنتجة للقيمة الاجتماعية، وهو ما جعل الباحث يفكر في نقل الأخلاقيات من مجال التوجيهات المرتبطة باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، إلى مجال تصميم تجربة الاستخدام، فنتحدث حينها عن أخلاقيات معمارية منصات التواصل الاجتماعي(1).

أما الخلفية الثانية فتتمثَّل فيما يصطلح عليه بعلم اتخاذ القرار، والذي يهتم عادة بتفسير الآليات التي يقوم عليها قرار الشراء عند المستهلكين، بهدف تصميم إعلانات تنجح في الحث على الشراء. وقد استثمر بعض الباحثين هذا التراكم المهم في فهم آليات اتخاذ القرارات والتأثير فيها، في مجال تصميم الاختيارات لأجل تحسين اتخاذ القرارات في المجالات المختلفة بشكل يسهم في تحسين حياة الأفراد، وهو ما استثمرته هذه الدراسة لاقتراح تصميم أخلاقي لفيسبوك يساعد الأفراد على استخدام تلك المنصة بشكل أخلاقي دون أن ينتقص من حريتهم(2).

وتعتمد الدراسة أيضًا المنهج الوصفي لعرض نماذج لأهم توجهات التنظيم الأخلاقي لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، ثم تقوم بتحليلها وتحاول إثبات كيف أنها تمثِّل فقط أخلاقيات لمضمون التواصل وكيف أنها غير كافية. وتقترح الدراسة أفقًا آخر للتفكير في أخلاقيات منصات التواصل الاجتماعي، تُسمِّيه التصميم الأخلاقي لشبكات التواصل الاجتماعي، والذي يُسهِّل على الأفراد استخدام تلك المنصات بشكل أخلاقي أو على الأقل بشكل لا يعرضهم للضرر والاستغلال. كما تبحث الدراسة إمكانات هذا المنظور الجديد والإشكالات التي يطرحها، وتقدم مقترحات عملية تهم موقع فيسبوك.

1. أخلاقيات خدمات التواصل الاجتماعي: التوجهات السائدة

تبرز مواقع التواصل الاجتماعي حالة وسيطة بين المؤسسة الإعلامية والخدمة المتاحة لاستخدام الأفراد؛ إذ تمتلك من جهة أولى بعض مواصفات المؤسسة الإعلامية، من حيث وجود مؤسسة تمتلكها وتشرف عليها وتضع سياساتها التحريرية وتتربح منها، لكنها من جهة أخرى لا تحتكر إنتاج المضامين الإعلامية بالشكل المتعارف عليه في المؤسسات الإعلامية، ولا يمكن اعتبار روادها جمهورًا بالمعنى التقليدي للجمهور الإعلامي، كما أن الجمهور/المستخدمين يصبحون في أحيان كثيرة منتجي الأخبار ومروجيها.

ولأن المستخدمين هم الذين يضمنون حياة وحيوية مواقع التواصل الاجتماعي، سواء من خلال إنتاج المضامين أو الترويج لها ونشرها وتبادلها، فهذا يسمح باستخلاص استنتاجين اثنين:

- أولهما: من الواضح أننا بإزاء الحديث أساسًا عن أخلاقيات الاستخدام وليس أخلاقيات الممارسة الإعلامية المعروفة.

- وثانيهما: نتحدث عن وسيط تواصلي خدمي، أي يقدم خدمة ذات طبيعة تواصلية إلى الأفراد، وهو ما ظهر بتزامن مع تطبيقات الويب (2.0)، وأخذ أشكالًا عديدة من المواقع الإلكترونية والتطبيقات، التي استمر بعضها وتراجع الآخر.. ولهذا يطلق المتخصصون عمومًا على هذه المواقع مصطلح "خدمات الشبكات الاجتماعية" (Social Networking Services) ويُشار إليها اختصارًا بـ(SNS).

وتشمل خدمات الشبكات الاجتماعية حاليًّا العديد من الخدمات الناجحة عبر العالم، مثل: يوتيوب وإنستغرام وتويتر، ولينكد إن، والسناب شات، وتيك توك... أما فيسبوك لوحده فقد استأثر بأكثر من مليارين وتسعمئة مليون مستخدم(3). 

وبهذا المعنى، فإن الحديث عن أخلاقيات خدمات التواصل الاجتماعي سيكون حديثًا عن أخلاقيات الاستخدام الموجهة أساسًا للمستفيدين من تلك الخدمات، والتي تُنظِّم ما يتم تبادله من محتويات تواصلية مختلفة. فما التوجهات والسمات الأساسية لأخلاقيات خدمات التواصل الاجتماعي؟

تناول العديد من الدراسات العلمية والمقالات الصحافية موضوع أخلاقيات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تشترك في اقتراح مجموعة من الضوابط التي تحرص على مصداقية وصحة ما يتم تداوله من معلومات ومعطيات من جهة. كما تحرص من جهة أخرى على ضمان عدم إساءة ما يُنشر من مضامين إلى فئات معينة من الناس، في إطار القذف أو التشهير أو أي شكل من أشكال التمييز.

ويمكن أن نميز بين أربعة مستويات لمعالجة أخلاقيات استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وهي: مستوى أخلاقيات النشر الإعلامي المتخصص على شبكات التواصل الاجتماعي، ومستوى أخلاقيات الاستخدام الشخصي لشبكات التواصل الاجتماعي من قِبَل الإعلاميين، ومستوى أخلاقيات استخدام عموم الناس لشبكات التواصل الاجتماعي، ومستوى المعايير الأخلاقية التي تتبناها منصات التواصل الاجتماعي وتعلن عنها... وسنقدم نموذجًا عن كل مستوى من هذه المستويات الأربعة.

1.1. أخلاقيات النشر الإعلامي المتخصص على شبكات التواصل الاجتماعي

تطرقت العديد من الدراسات إلى الإشكالات الأخلاقية التي قد يتعرض لها الإعلاميون في بيئة الإعلام الجديد، وخصوصًا أثناء تعاملهم المهني مع شبكات التواصل الاجتماعي، حيث اهتم بعضها بالتعرف على اتجاهات الإعلاميين في استخداماتهم لشبكات التواصل الاجتماعي في ضوء الضوابط المهنية والأخلاقية(4)، بينما ركزت دراسة أخرى على ضرورة الضبط الأخلاقي للممارسة المهنية الصحافية في وسائل الإعلام الجديد، من خلال اقتراح مواثيق أخلاقية مهنية تراعي التحديات المرتبطة بالإعلام الجديد(5). في حين اقترحت دراسات أخرى بعض الضوابط الأخلاقية الأساسية لتنظيم الممارسة الإعلامية في شبكات التواصل الاجتماعي(6).

ونكتفي في هذا المستوى بالإشارة إلى نتائج دراسة أجريت بهدف معرفة رأي خبراء شبكات التواصل الاجتماعي في الأخلاقيات والضوابط الواجب توافرها في النشر عبر منصات التواصل الاجتماعي في فلسطين خلال الأزمات، وشملت 32 خبيرًا ومتخصصًا في مجال شبكات التواصل الاجتماعي؛ حيث أشار الخبراء إلى مجموعة من الضوابط الأساسية للنشر الإعلامي على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي(7):

1. التأكد من دقة المعلومة وصحتها ودقة البيانات والتصريحات والوقائع.

 2. الرجوع للمصدر الرئيس للخبر أو المعلومة.

3. التريث وعدم استباق الجهات الرسمية، خاصة الصحية والأمنية خلال الأزمات.

4. عدم النقل عن شبكات التواصل الاجتماعي دون التثبت من المصدر وذكره بشكل واضح.

5. عدم المبالغة والتهويل وعدم التسرع في النشر.

6. عدم خلط المعلومة بالرأي مع وضوح الفرق بين الاثنين.

7. عدم التعاطي مع الصفحات المشبوهة، وعدم نشر الأخبار نقلًا عن صفحات الاحتلال ومنسقيها وناطقيها، والابتعاد عن مصادر الاحتلال ومقاطعتها.

8. الابتعاد عن التشويه والتشهير.

9. مشاركة الخبر نقلًا عن مصدره الأصلي عند إعادة النشر أو التغريد وليس نسخه.

10. الالتزام بالموضوعية والحيادية في نشر الأخبار ونقلها.

11. مراعاة الحساسية الأمنية والمجتمعية عند النشر.

كما أشار خبراء الدراسة أيضًا إلى بعض الأخلاقيات الأساسية الواجب توافرها في القائم بالنشر الإعلامي على شبكات التواصل الاجتماعي أثناء الأزمات، وهي(8):

1. التحلي بالروح الوطنية والحرص على تماسك المجتمع وحماية المقاومة.

2. الرقابة الذاتية والمسؤولية الاجتماعية عند القائم بالنشر.

3. الالتزام بالآداب والأخلاق العامة للمجتمع.

4. تقبل الرأي الآخر والتفاعل الإيجابي والسماح بالتعليقات على ما ينشر.

5. ثقافة الاعتذار والتعديل لأي خلل في النشر.

6. عدم استخدام المواد الإعلامية في غير الأغراض التي أنشئت لأجلها.

7. احترام حرمة وخصوصية أفراد المجتمع واحترام الكرامة والإنسانية.

ويظهر بشكل واضح أن مختلف الضوابط والأخلاقيات التي عبَّر عنها الخبراء لا تخرج عن أحد الهدفين التاليين:

أولًا: هدف صحة المعلومة ودقتها وحيادها. ويظهر ذلك في الضوابط: (1، 2، 4، 5، 6، 7، 9، 10)، وفي الأخلاقيات: (2، 5، 6).

ثانيًا: هدف احترام الآخر. ويشمل هذا الهدف تجنب القذف أو التشهير، واحترام الرأي المخالف، واحترام القيم المجتمعية. ويظهر ذلك في الضوابط: (3، 8، 11)، وفي الأخلاقيات: (1، 3، 4، 7).

ويتحقق الهدفان كلاهما من خلال تسييج المضامين والمحتويات المنشورة بضوابط معينة.

1.2. أخلاقيات الاستخدام الشخصي لشبكات التواصل الاجتماعي من قبل الإعلاميين

يهتم هذا المستوى باقتراح بعض التوجيهات الأخلاقية التي تنظم استخدام الإعلاميين والصحافيين لشبكات التواصل الاجتماعي، خصوصًا تعبيرهم عن مواقفهم السياسية وآرائهم الشخصية على تلك المواقع، نظرًا لصعوبة الفصل عند متابعيهم بين مستوى الحياة الشخصية لأولئك الإعلاميين، ومستوى الحياة العامة باعتبارهم مؤثرين في الرأي العام، أو لصعوبة الفصل عند الجمهور بين ما يصدر عن الإعلامي باعتباره يمثِّل مؤسسة إعلامية لها خطها التحريري، وبين رأيه الشخصي الذي لا يلزم به سوى نفسه.

وسيكتفي الباحث هنا بإيراد نموذجين، هما: هيئة البث البريطانية (BBC) الذي تم تحيينه في 2020، ونموذج شبكة الجزيرة للإعلام المحين في 2022. كما يمكن للباحثين الاطلاع أيضًا على تجربة "نيويورك تايمز"، مع الإشارة إلى أن آخر تحديث لها يعود إلى عام 2017(9).

أ- تجربة هيئة البث البريطانية

تقترح هيئة البث البريطانية أربع قواعد أساسية لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، تسري على جميع العاملين فيها، سواء تعلق الأمر بحساباتهم المهنية أو الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذه القواعد هي(10):

1. تصرَّفْ دائمًا بمهنية، وتعامل دائمًا مع الآخرين باحترام وكياسة وتقيد بقيم بي بي سي.

2. لا تعرِّض سمعة "بي بي سي" للتشويه.

3. إذا كان عملك يتطلب منك الحفاظ على حيادك، فلا تعبِّر عن أي رأي شخصي في القضايا التي تتعلق بالسياسات العامة أو السياسة أو "المواضيع المثيرة للجدل".

4. لا تنتقد زملاءك علنًا واحترم خصوصية مكان العمل وسرية الإعلانات الداخلية.

وقد قامت هيئة البث البريطانية بتوضيح طريقة تطبيق هذه القواعد من خلال قائمة بما ينبغي فعله، وقائمة بما لا ينبغي فعله، وذلك ضمانًا لأن يعرف الجميع طريقة التطبيق.

- ما ينبغي القيام به

1. تعامل دائمًا مع الآخرين باحترام، حتى في مواجهة الإساءة؛ يجب على الأشخاص العاملين في هيئة الإذاعة البريطانية أن يكونوا قدوة في النقاش العام المتحضر.

2. افترض أن أي شيء تقوله أو تنشره سيُنظر إليه بشكل نقدي.

3. في حالة ما إذا كنت تنشر ضمن مجموعة "خاصة"، أو إذا أقفلت إعدادات الخصوصية على حساباتك، فطبق نفس المعايير كما لو كنت تنشر علنًا.

4. اعلم أنه لا يوجد تمييز بين الحساب الشخصي والحساب "الرسمي" على وسائل التواصل الاجتماعي: تنويهات إخلاء المسؤولية لا توفر الحماية.

5. إذا أدركت أنك قد أخطأت في أمر ما، فقم بتصحيحه بسرعة وبصراحة.

6. تذكر أن سمعتك الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي تأتي في المرتبة الثانية بعد مسؤوليتك تجاه "بي بي سي".

7. يجب احترام سرية الاجتماعات والمناقشات الداخلية.

8. فكِّر في إعجاباتك ومشاركاتك وتغريداتك واستخدامك لعلامات التصنيف (الهاشتاغ) والحسابات التي تتابعها، وما يقوله ذلك عنك وعن تحيزاتك الشخصية وآرائك.

9. كن منفتحًا على مختلف الآراء، وابحث عنها واحترمها وعبِّر عن ذلك.

10. إذا كنت تقوم "بالتغريد المباشر" حول مسألة ما، فأشر بوضوح إلى أن ما تشاركه ليس وجهة نظر نهائية أو ثابتة بل هي ما زالت تتطور.

11. فكِّر كيف تشير إلى أن منشورك هو رأي مهني، وليس رأيًا شخصيًّا، مع تضمين تحفظات أو روابط تدل على السياق.

12. استخدم منشورات منفصلة حول القضايا العامة بدلًا من الانضمام إلى المواضيع التي بدأها الآخرون.

13. كن حذرًا عندما تدحض مسألة ما، فذلك يؤجج النزاع.

- ما لا ينبغي القيام به

1. لا تنجذب إلى الحوارات والمحادثات المسيئة، أو تلك التي من شأنها أن تنعكس بشكل سيء عليك، أو على "بي بي سي".

2. لا تنشر عندما يكون حكمك على مسألة ما ضعيفًا.

3. لا تستخدم منصبك في "بي بي سي" لتحقيق مكاسب شخصية أو حملات شخصية.

4. لا تكشف عن طريقة تصويتك أو تعبِّر عن دعمك لأي حزب سياسي.

5. لا تعبِّر عن رأي بشأن أي سياسة هي موضوع نقاش سياسي حالي أو مسألة تتعلق بالسياسات العامة أو بخلاف سياسي أو صناعي أو أي "موضوع مثير للجدل".

6. لا تقدم أحكامًا لا تندرج ضمن مجال تخصصك.

7. لا تدعم الحملات، (مثلًا باستخدام علامات التصنيف "الهاشتاغ") مهما كانت القضية تبدو نبيلة أو تنطوي على رسالة مهمة أو كانت غير خلافية.

8. لا تنشر أي مادة قد تتعارض مع أخلاقيات "بي بي سي" وما تبثه على الهواء أو تنشره على منصاتها.

9. لا تسعَ إلى السرعة في مقابل الدقة؛ فأن تكون المصدر الثاني والصحيح أفضل من أن تكون الأول والمخطئ، فالمنشور غير الدقيق قد يمثِّل مشكلة لك ولزملائك ولـ"بي بي سي".

10. لا تنشر الأخبار على حساب شخصي؛ إذا كانت لديك مادة تريد نشرها، فإن منصات بي بي سي تحظى بالأولوية، حتى لو استغرق النشر وقتًا أطول قليلًا.

11. لا تنشر أي رابط لم تقرأ محتواه بالكامل.

12. لا تستخدم لغة وأسلوبًا غير رسميين على وسائل التواصل الاجتماعي. تتطلب مشاركاتك حول الأحداث والقضايا الإخبارية التفكيرَ الدقيق والانضباط التحريري.

13. تذكر أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وحدهم لا يمثلون انعكاسًا دقيقًا للرأي العام.

ب- تجربة شبكة الجزيرة الإعلامية

وضعت شبكة الجزيرة الإعلامية(11) سياسة تنظم استخدام صحافييها لشبكات التواصل الاجتماعي، ومن أبرز بنودها:

1. يجب ألا ينخرط الموظفون في الترويج للتطرف والعنف أو مناصرته أو تبريره تحت أي ظرف من الظروف.

2. لا يجوز لموظفي الجزيرة مناصرة أو الترويج لخطاب الكراهية أو الحملات الداعية له.

3. يجب على الموظفين ألا ينشروا محتويات أو وجهات نظر تضر بنزاهتهم أو مصداقيتهم المهنية، بصرف النظر عن إعدادات الخصوصية، وحتى لو استخدموا عبارة إخلاء المسؤولية في تعريفهم على صفحاتهم الشخصية.

4. تنبِّه الجزيرة صحفييها إلى أنه حتى عند تصرفهم بصفتهم الشخصية، فإنه سيُنظر لهم من قِبَل متابعيهم على أنهم ممثلون للجزيرة. لذا توصي الجزيرة بضرورة استحضار الصحفيين للسلطة التقديرية عند نشر أي محتوى عبر الإنترنت، والافتراض بأن أي محتوى على الإنترنت هو محتوى عام وسيبقى متاحًا.

5. وضعت الجزيرة اختبارًا من 5 أسئلة يساعد الصحفيين على تقييم ما ينشرونه على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل لا يتعارض مع معايير الجزيرة، وهي:

- هل تنشر الجزيرة وجهات نظر مماثلة على شاشتها أو مواقعها؟

 -هل لدى أي شخص يقرأ منشورك سبب للاعتقاد بأنك متحيز لموضوع معين؟

 - هل يضر منشورك بقدرتك على أداء وظيفتك بكفاءة؟

 -هل يضر منشورك بقدرة زملائك على أداء عملهم بكفاءة؟

 -هل يمكن أن يشك أي شخص في قدرتك على تغطية الأحداث الإخبارية بنزاهة وحياد بناء على ما تنشره على وسائل التواصل الاجتماعي؟

6. وفي حالة القواعد الخاصة بالحسابات الرسمية لمنصات المؤسسة المختلفة، تنص سياسة الجزيرة على وجوب تصحيح ما يتم نشره خطأ من تغريدات بشكل فوري، أو منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى بالسرعة والشفافية المطبقة في الأخطاء الموجودة في أي خدمة من خدمات الجزيرة الأخرى. وإذا نُشر على حسابات الجزيرة أي خطأ فإن الاستجابة المناسبة هي الاعتراف بالخطأ، والتراجع عن المحتوى أو شرح الخطأ.

ولا يسع المجال للقيام بمقارنة بين نموذجي الجزيرة و"بي بي سي"، ولكن يمكن أن نلاحظ إجمالًا أن توجيهات النموذجين تنتظم ضمن الأهداف الآتية:

أولًا: عدم ترويج محتويات مسيئة للآخرين (سواء الزملاء أو عموم الناس)، خصوصًا خطابات نشر الكراهية أو التطرف.

ثانيًا: الحرص فيما ينشر على النزاهة والحياد والمصداقية والأمانة.

ثالثًا: الاهتمام بصورة المؤسسة الإعلامية ومنحها الأولوية القصوى.

رابعًا: التنبيه إلى أن الحسابات الشخصية تُؤَوَّل من قِبَل أغلب الناس على أنها امتداد للمؤسسة الإعلامية، لذا يستحسن النشر أساسًا في الحسابات الرسمية للمؤسسة ووفق سياستها التحريرية.

1.3. أخلاقيات استخدام عموم الناس لشبكات التواصل الاجتماعي

يتناول هذا المحور أهم الأخلاقيات التي ينبغي على عموم مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي احترامها، وسيكتفي بعرض نتائج دراسة جامعية ميدانية، جمعت آراء عينة من أساتذة الإعلام والقانون في خمس جامعات أردنیة. وقد خلصت إلى أهمية المبادئ الأخلاقية لتنظيم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من قِبَل المستخدمين، وذلك على النحو التالي(12):   

1. إن مجموعة من المعايير الأخلاقية هي ما تشكِّل الإطار العام الذي ینبغي أخذه بنظر الاعتبار عندما یتم بناء ميثاق أخلاقي لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها معاییر القیم الأخلاقية.

2. إن احترام خصوصية الفرد من أهم عناصر المواثيق الأخلاقية.

3. إن الضابط الأخلاقي الأهم في نشر المعرفة أو المعلومة أو الخبر لدى الجمهور هو التثبت من سلامة المعلومة وصدقها.

4. في إعادة النشر ینبغي التعامل بالمسؤولية ذاتها للنشر الأولي، لأن المعلومة محكومة بوقت النشر وظروفه.

5. التأكید على وضع معاییر صارمة للحد من انتهاك خصوصية المستخدم، واعتبار الانتهاك جريمة یعاقب علیها القانون.

6. التأكید على حظر سرقة الصور والمنشورات من حسابات الآخرين ونشرها في حسابات أخرى، دون اتباع السياقات المعمول بها في الاقتباس والمشاركة.

7. إن الأسرة مسؤولة بالدرجة الأساس عن توجیه الأبناء لاختیار الأنسب والأفضل لاستخدام أبنائها لوسائل الاتصال، ومسؤولة حتى عن التوقيتات المناسبة للاستخدام، لاسيما في أوقات الدراسة والامتحانات.

8. إن المحافظة على القیم الأخلاقية وعدم الخروج عن الحدود الأخلاقية والقانونية في التواصل وتجنب السب والذم أو القدح تجاه الآخرين، یسهم في زیادة الأمانة والمصداقية عند المجتمع ویعزز من المحافظة على الآداب العامة.

ويظهر مما سبق، اهتمام الخبراء بأهمية المعايير الأخلاقية في تنظيم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، حيث ركزوا بشكل أساسي على ضرورة احترام الخصوصية وحمايتها، والتثبت من سلامة المعلومة وصدقها، واحترام الملكية الفكرية، ومراعاة الأخلاق والآداب العامة أثناء التواصل، مع التنبيه إلى دور الأسرة في التربية على هذه الأمور. وتصب هذه التوصيات في ثلاثة توجهات أساسية:

أولًا: ضمان دقة المضمون وصحته.

ثانيًا: حماية الخصوصية.

ثالثًا: احترام الآخر أثناء التواصل.

أما فيما يتعلق بالقواعد الأخلاقية التي ينبغي أن تحكم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، فقد توافق الأكاديميون من الإعلاميين والقانونيين على تركيز تلك المبادئ العامة في عشر قواعد أساسية(13):

1. الأمانة.

2. المصداقية عند نشر أي شيء.

3. المحافظة على الآداب العامة.

4. عدم الخروج عن الحدود الأخلاقية والقانونية في التواصل.

5. التركيز على نشر الوعي لدى الشباب للاستخدام الأمثل لهذه الشبكات.

6. أن یكون المنشور مكتوبًا بلغة سلیمة تحدد فیه الواقعة المراد نشرها.

7. تجنب استخدام السب والذم أو القدح تجاه الآخرين.

8. نشر القیم والأخلاق والدین.

9. التركيز على تبادل ونقل الثقافات.

10. عدم استخدام الأسماء المستعارة.

ومن خلال تحليل القواعد السابقة، يمكن تقسيمها إلى المجموعات التالية:

أولًا: مجموعة القواعد التي تضمن صحة المحتوى ودقته وسلامة لغته، وهي القواعد: 1 و2 و6.

ثانيًا: مجموعة القواعد التي تحدد مواصفات المحتوى في أن يكون ناشرًا للوعي والقيم والأخلاق والمعرفة، وهي القواعد: 5 و8 و9.

ثالثًا: مجموعة القواعد التي توصي بعملية تواصل تركز على احترام الآخرين، وهي القواعد: 3 و4 و7 و10.

والملاحظ أن هذه القواعد المقترحة تغفل تنوع دوافع استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عند الأفراد، والتي تشمل التعبير عن النفس والترفيه، وربما يعود ذلك إلى إسقاط العينة المستجوبة لذاتيتهم من حيث تصورهم لأغراض استخدام شبكات التواصل؛ حيث قد يميل الأكاديميون أكثر نحو التواصل العلمي عبر منصات التواصل الاجتماعي على باقي الاستخدامات.

1.4. أخلاقيات ومعايير فيسبوك

يعتبر فيسبوك أكثر شبكات التواصل الاجتماعي استخدامًا في العالم، ولكن هناك الآن ست منصات تواصل اجتماعي تجاوز عدد مستخدميها مليار مستخدم نشيط شهريًّا (أو سبع منصات باحتساب فيسبوك مسنجر بعدد 976 مليون مستخدم إلى حدود أكتوبر/تشرين الأول 2022)، وأربع من هذه المنصات السبع مملوكة لشركة "ميتا". وعمومًا، يصل عدد المنصات التي تجاوزت عتبة 300 مليون مستخدم نشيط إلى 17 منصة تواصل اجتماعي. وباعتماد إحصائيات حديثة تعود إلى أكتوبر/تشرين الأول 2022(14)، فإن فيسبوك يعد أكثر موقع التواصل الاجتماعي استخدامًا بما يفوق (2.934) مليار مستخدم نشيط شهريًّا، يليه يوتيوب بـ(2.515) مليار مستخدم نشيط شهريًّا، ثم واتساب بملياري مستخدم نشيط شهريًّا. في حين لا يتجاوز مستخدمو تويتر (544) مليون مستخدم نشيط شهريًّا.

ونظرًا لجماهيرية فيسبوك، فسنعرض سياسته الأخلاقية(15) بشكل مركز للتعرف على أهم توجهاته، حيث تُعرِّف شركة "ميتا" فيسبوك باعتباره "مكانًا يشعر فيه الأشخاص بالقدرة على التواصل". وتنطلق هذه السياسة من أربع قيم أساسية هي: المصداقية، والسلامة، والخصوصية، والكرامة، لاقتراح معايير تمثِّل دليلًا للأمور المسموح بها وغير المسموح بها على فيسبوك. ومنذ عام 2016، استخدم فيسبوك إستراتيجية تقوم على ثلاثة أنواع من التدخل تشمل(16):

- أولًا: إزالة المحتوى الضار الذي يخالف سياسة الشركة.

- ثانيًا: الحد من انتشار المحتوى المثير للمشكلات والذي لا ينتهك سياسة الشركة.

- ثالثًا: إخبار الأشخاص بسياق إضافي حتى يتمكنوا من تحديد ما يقومون بالنقر عليه أو قراءته أو مشاركته، حيث يتم إبلاغ الأشخاص بأن المحتوى قد يكون حساسًا أو مضللًا، حتى لو لم يكن ينتهك صراحة معايير مجتمع فيسبوك.

ويتبنى فيسبوك خمسة معايير أساسية، يتفرع كل معيار إلى مجموعة من المبادئ، ويتم تفصيل كل مبدأ إلى سياسات تفصيلية تشمل تعريف فيسبوك لذلك المبدأ، وموقفه منه، وسياسات فيسبوك تجاهه، خصوصًا ما يتعلق بما يُمنَع نشره وتبادله. فعلى سبيل المثال، يتضمن المعيار الأول "العنف والسلوك الإجرامي" خمسة مبادئ أساسية، أولها: "العنف والتحريض"، وضمنه يمنع فيسبوك نشر العديد من المحتويات مثل: التهديدات التي قد تتسبب في التعرض للموت (والأشكال الأخرى من أعمال العنف شديدة الخطورة)، والاعتراف بارتكاب أعمال عنف في الماضي تستهدف الأشخاص أو الأماكن، والاعترافات، أو عبارات إبداء النية، أو التأييد، أو دعوات اتخاذ إجراء، أو العبارات التحريضية أو المشروطة لاختطاف أو خطف شخص مستهدف أو تلك التي تروج أو تدعم أو تؤيد الاختطاف أو الخطف..

معايير ومبادئ فيسبوك للمسموح وغير المسموح بنشره وتبادله

معايير فيسبوك

مبادئها الأساسية

 

العنف والسلوك الإجرامي

- العنف والتحريض

- الأفراد الخطرون والمنظمات الخطرة

- تنسيق أنشطة ضارة والترويج لارتكاب الجرائم

- الخدمات والبضائع المحظورة

- الاحتيال والخداع

 

 

السلامة

 

- الانتحار وإيذاء الذات

- عُري الأطفال وإساءة معاملتهم واستغلالهم جنسيًّا

- الاستغلال الجنسي للبالغين

- المضايقة والإساءة

- استغلال البشر

- انتهاكات الخصوصية

 

المحتوى محل الاعتراض

 

- الخطاب الذي يحض على الكراهية

- المحتوى العنيف والصادم

- العُري والنشاط الجنسي للبالغين

- الإغواء الجنسي

 

 

النزاهة والمصداقية

- سلامة الحساب والهوية الحقيقية

- المحتوى غير المهم أو الاحتيالي

- أمن تكنولوجيا المعلومات

- السلوك الزائف

- المعلومات المضللة

- إحياء الذكرى

احترام الملكية الفكرية

- الملكية الفكرية

وبمراجعة هذه المعايير ومختلف التفاصيل الواردة تحتها، يمكن تلخيص التوجهات الأخلاقية للفيسبوك كما يلي:

- أولًا: تقييد المحتويات المروجة للعنف والسلوك الإجرامي المخالف للقانون.

- ثانيًا: تقييد المحتوى المروج لإيذاء الذات أو إيذاء آخرين، خصوصًا الاستغلال الجنسي وخطاب الكراهية.

- ثالثًا: الحرص على النزاهة والمصداقية من خلال تقييد المحتوى الاحتيالي وحذف المعلومات المُضلِّلة واحترام الملكية الفكرية.

ويتشدد فيسبوك أمام الخطاب الذي يحض على الكراهية، والمحتوى العنيف والصادم، والعُري والنشاط الجنسي للبالغين، والإغواء الجنسي.

ويمكن أن نشير أيضًا إلى أن فيسبوك يحرص على أربعة أمور أساسية تكررت في التوجيهات الأخلاقية السابقة، وتحتضن مختلف معاييره: وهي المصداقية، واحترام الآخر، واحترام الخصوصية، وحماية الملكية الفكرية.

خلاصة القول: إن شبكات التواصل الاجتماعي في حاجة إلى مجموعة من قواعد الاستخدام، كما يظهر أن هناك تصورات مختلفة للحديث عن أخلاقيات التواصل الاجتماعي، فالمؤسسات الإعلامية تهتم أساسًا بالحفاظ على سمعتها ومهنيتها من خلال تنظيم علاقة العاملين فيها بمنصات التواصل الاجتماعي، في حين يهتم المثقفون وعموم الناس أكثر بالتوجه الأخلاقي بمعناه التقليدي حينما نتحدث عن أخلاقيات موجهة لعموم الأفراد، أما شبكات التواصل الاجتماعي فتهتم أكثر براحة زبائنها/مستخدميها وسلامتهم. فهل هذه التوجهات الأخلاقية كافية؟

2. من أخلاقيات المحتوى إلى تصميم بنية تحتية لأخلاقيات الاستخدام

2.1. أخلاقيات خدمات التواصل الاجتماعي: أوجه القصور

يرى الباحث أن جميع المحاولات السابقة لاقتراح أخلاقيات لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي هي ذات أهمية كبيرة لتنظيم هذا المجال، ولا غنى عنها، لكنها أيضًا "أخلاقيات" غير كافية، لمجموعة من الاعتبارات نلخص أبرزها فيما يلي:

أ- فيسبوك يتحايل على أخلاقياته

منذ عام 2016 وموقع "فيسبوك" يتعرض إلى اتهامات متتالية، شملت المشاركة في تزوير الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016، وانتهاك الخصوصية، ونشر الكراهية، بل وتعريض المراهقين لأخطار عديدة جرَّاء استخدام منتجاته(17). كما تعرض موقع فيسبوك إلى فضيحة كبيرة إثر تسريب العديد من المعلومات التي تظهر خروقاته من طرف الموظفة السابقة في فيسبوك، فرانسيس هوغن (Francis Hogan)؛ حيث تطور الأمر لتقدم شهادتها أمام الكونغرس. 

وقد أشارت التسريبات(18) إلى أن خروقات فيسبوك شملت التغاضي عمدًا عن نشر الأكاذيب والمعلومات المُضلِّلة لزيادة أعداد المتابعين وخدمة بعض التوجهات السياسية. كما تعمد فيسبوك التغاضي عن المنشورات التي تنشر معلومات خاطئة عن لقاح كورونا بدعوى الحفاظ على حرية التعبير، لكن الدافع الحقيقي هو أن تلك المنشورات تزيد التفاعل على المنصة. وتعمد فيسبوك أيضًا التضييق على المعارضين للحزب الشيوعي الحاكم في فيتنام وذلك خشية حجب المنصة من الإنترنت والإضرار بأرباحه. وهكذا فضَّل فيسبوك التضحية بحرية التعبير على أن يضحي بأرباحه في سوق الإنترنت الفيتنامي.

ومن أخطر ما تعبِّر عنه الفضائح المتوالية هو أن أخلاقيات موقع فيسبوك لا تتحقق فعليًّا حينما يلتزم بها المستخدمون، وإنما الضامن الحقيقي لها هو الرغبة الفعلية لتحقيق تلك الأخلاقيات من المنصة ذاتها عبر إعدادات تقنية.. لذا تصبح المسألة الأخلاقية عملية تقنية تعبِّر عن توجه تجاري.

ب- شبكات التواصل الاجتماعي والمعضلات الأخلاقية

رغم ما تقدمه الاجتهادات الأخلاقية من إمكانات مهمة لتنظيم استخداماتنا لشبكات التواصل الاجتماعي، فإن تلك المواثيق الأخلاقية معرضة دومًا للتقادم؛ حيث إن المستجدات التقنية المتوالية والخدمات المحدثة باستمرار تتطلب في المقابل اجتهادًا أخلاقيًّا مستمرًّا لتأطيرها، وهو ما يسبب فجوة زمنية وبحثية بين ظهور بعض الخدمات والاستخدامات الجديدة، وبين الانتباه البحثي إليها، ثم تأطيرها أخلاقيًّا وتعميم التوجيهات الأخلاقية المرتبطة بها. وليس أدل على هذا الأمر من تأخر التنظيم الأخلاقي الواضح لفيسبوك إلى يومنا هذا؛ حيث ما زالت استخداماته عفوية ولا تخضع لقواعد واضحة.

بالإضافة إلى ذلك، لا تُطرح أخلاقيات شبكات التواصل الاجتماعي بالبساطة التي تبدو عليها، وحتى إن سلمنا بالمعايير الأخلاقية التي وضعها فيسبوك مثلًا، أو بالتوجيهات الأخلاقية التي أشرنا إليها فيما سبق، فإن تلك الجهود لا تكفي لتأطير جميع المعضلات الأخلاقية المرتبطة بمنصات التواصل الاجتماعي، حيث عادة ما تتناول المعايير الأخلاقية تلك المعضلات الأخلاقية باختزال. وقد جمعت دراسة "التواصل الاجتماعي والأخلاق" لشانون فالور (Shannon Vallor)، والمنشورة ضمن موسوعة ستانفورد للفلسفة، أهم هذه المعضلات الأخلاقية؛ حيث يمكن للباحثين الرجوع إليها لتكوين رؤية شاملة عن الموضوع(19).

وعمومًا، يمكن أن نسترشد بتلك الدراسة للإشارة إلى نماذج من بعض الإشكالات المطروحة: فعلى سبيل المثال، تمكِّن منصات التواصل الاجتماعي الأفراد من إدارة وتصميم وتقديم هوياتهم الرقمية بطرق غير متاحة في العالم الواقعي، فتنتج عن ذلك هويات "انعكاسية وطموحة"(20)، لأنها هويات لها وجود فعلي في الواقع ولكنها أكثر وضوحًا وأكثر طموحًا نحو أفضل صيغة هوياتية ممكنة في منصات التواصل الاجتماعي. وتطرح هذه الإمكانية لصياغة الهوية الفردية بهذا الشكل إشكالات أخلاقية عديدة، يعرضها شانون فالور على النحو التالي: "أولًا: ما هو مصدر التوجيه المعياري أو القيمة التي يستمدها المحتوى الطموح لهوية مستخدم خدمات الشبكات الاجتماعية بشكل أساسي؟ وهل تمثِّل عروض الهوية عمومًا على خدمات الشبكات الاجتماعية نفس التطلعات؟ وهل تعكس نفس ملامح القيم للمستخدمين كما في وضع عدم الاتصال؟ وهل تعرض أي اختلافات ملحوظة عن الهويات الطموحة لغير مستخدمي الشبكات الاجتماعية؟ هل القيم والتطلعات الموضحة في سياقات خدمات الشبكات الاجتماعية أكثر أو أقل تغايرًا في الأصل من تلك التي يتم التعبير عنها في السياقات الأخرى؟ وهل تؤدي عروض الهوية الأكثر طموحًا والصريحة على شبكات التواصل الاجتماعي إلى تشجيع المستخدمين على اتخاذ خطوات معينه لتجسيد هذه التطلعات فعليًّا في وضع عدم الاتصال، أم إنها تميل إلى إضعاف الحافز للقيام بذلك؟"(21).

ويبدو واضحًا أن المعايير والمواثيق الأخلاقية المنظِّمة لمسألة الهوية الشخصية على منصات التواصل الاجتماعي، تهتم أساسًا بقضايا، مثل المصداقية ومحاربة الهويات الزائفة أو المنتحلة؛ حيث يصرح فيسبوك مثلًا في معاييره بأنه يدعم التنوع في التعبير عن الهوية، لكنه يمنع "انتحال الشخصية وتزييف الهوية في الوقت ذاته، [كما يطالب] الأشخاص بالتواصل على فيسبوك باستخدام الاسم الذي يُعرفون به في حياتهم اليومية"(22).

لكن الإشكالات الهوياتية التي تشغل الباحثين مثل تلك التي طرحها شانون فالور تبقى خارج التصور التجاري للهوية، فمسألة تأثير العرض الرقمي "الطموح والواضح" للهوية في الواقع الاجتماعي تبقى خارج اهتمام المواثيق الأخلاقية، رغم أن القضية تمس الوجود الإنساني، لأن المستخدمين أمام أحد تأثيرين لمنصات التواصل الاجتماعي، هما: "اتخاذ خطوات معينة لتجسيد هذه التطلعات فعليًّا في وضع عدم الاتصال، أو إضعاف الحافز للقيام بذلك". فشبكات التواصل الاجتماعي تساعد الأفراد على الانتماء إلى مجتمعات رقمية مكونة من أشخاص يشبهونهم تمامًا، مهما كانت اهتماماتهم أو شخصياتهم أو توجهاتهم، وهذا يدعم الهويات المغلقة والعزلة الاجتماعية(23).

أما مسألة الخصوصية التي نتحدث عنها كثيرًا، فتنظيمها لا يتحقق فقط من خلال تمكين المستخدم من خاصية الموافقة على استخدام معلوماته الشخصية ومعلومات استخدامه للإنترنت مع وعد باحترام خصوصياته؛ حيث إن المستخدم غير مؤهل لفهم عواقب ذلك، بل في معظم الحالات لا يفهم كثير من الناس حتى لغة الإشعار وتعودوا فقط على الضغط على زر موافق. كما أن غياب البدائل أمام تطبيقات ومواقع تستخدم جميعها بياناتنا لا يترك أمامنا إلا حتمية الموافقة، وقد اعتبر جوردون هال (Gordon Hull) أن تمكين الأفراد من حماية خصوصياتهم من خلال سياسات الإشعار والموافقة القياسية هي طريقة لا تحمي فعليًّا خصوصياتهم وإنما تدعم التصور النيوليبرالي للخصوصية الذي نعرض من خلاله أنفسنا كسلع جاهزة للبيع والتبادل(24).

ومن الإشكالات الأخلاقية المرتبطة بمجال الخصوصية مسألة تداخل الخاص والعام؛ حيث يشير رافاييل كابيرو (Rafael Capurro) إلى أنه بالإضافة إلى المخاوف الغربية بشأن حماية المجال الخاص من الانكشاف العام، يجب علينا أيضًا الحرص على حماية المجال العام من التدخل المفرط للمجال الخاص(25).

ويلاحظ شانون فالور أن ظهور شبكات التواصل الاجتماعي عبر الهاتف المحمول قد أدى إلى ترسيخ هذا التداخل وتضخيمه "فعندما يتعين على المرء أن يتنافس مع فيسبوك وتويتر ليس فقط لجذب انتباه رفقاء العشاء وأفراد الأسرة، ولكن أيضًا لجذب انتباه زملائه من السائقين والمشاة والطلاب ورواد السينما والمرضى وأفراد الجمهور، هنا ستبدو سلامة المجال العام هشة مثل تلك المرتبطة بالخاص"(26).

ج- أخلاقيات مضمون التواصل ومغالطة المستخدم الواعي

إن الطريقة التي يتعامل بها الأفراد مع تكنولوجيا الاتصال والأهمية التي يمنحونها لها لا تتحدد فقط بالبعد الوظيفي لتكنولوجيا الاتصال وما تتيحه لهم من خدمات، بل يمكن أن تكتسب السلوكات التواصلية والطرق الاجتماعية في استخدام تكنولوجيا الاتصال القدرة على إنتاج قيم اجتماعية وتعديل أخرى. وما يؤكد ذلك، هو كون "الإدراك، مثل كل الأفعال المعرفية، ليس وظيفة فسيولوجية فحسب، بل هو نشاط تتفاعل فيه عوامل ثقافية متشعبة. فالذات المدركة تنتمي إلى سياق ثقافي واجتماعي، وتتأثر به، كما تتأثر بالذاكرة الجماعية التي تميز المجموعة البشرية التي تنتمي إليها، ولا وجود لفعل إدراكي خارج الذات"(27).

بهذا المعنى، فإن الطريقة التي نستخدم بها تكنولوجيا الاتصال الرقمي، والمكانة التي تحتلها في تفاصيل حياتنا اليومية، تتحددان في تفاعل مع السياق الثقافي الذي نعيشه، وبناء على خبرتنا الشخصية ونظامنا التأويلي الفردي، خصوصًا وأن "الناس يتجهون إلى رؤية ما يتوقعون رؤيته، وإلى أن يقعوا تحت تأثير عدة عوامل دقيقة في تلك الوضعية، وأن يغيروا اختياراتهم تبعًا للمعلومات اللاحقة. إننا نؤوِّل العالم بواسطة أعضائنا الحسية، وآلياتنا الإدراكية؛ لكن ليست هناك أي ضمانة لتكون تأويلاتنا انعكاسات وفية للعالم الخارجي"(28).

وينبغي التمييز بين مستويين من الاستخدام فيما يخص تكنولوجيا الاتصال عمومًا ومنصات التواصل الاجتماعي خصوصًا، وهما:

- المستوى الوظيفي، باعتبار أن تكنولوجيا الاتصال والشبكات الاجتماعية أدوات ناقلة لمضامين تواصلية وتحقق استخدامات أداتية للأفراد، وهذا المستوى هو الذي انحصرت فيه المواثيق الأخلاقية جميعها، فتجدها اهتمت بمصداقية الخبر وأمانته، أو حرصت على ألا يتسبب المضمون المتبادل في إيذاء الآخرين أو الإساءة إليهم أو سعت إلى أن يكون المحتوى المتبادل مفيدًا، أو مراعيًا لسمعة المؤسسة التي ينتمي إليها المستخدم.

- ومستوى إنتاج المعنى والقيمة الاجتماعية، باعتبار أن ظروف وكيفيات الاستخدام تتحدد بناء على نظام تأويلي للقيمة التي تحملها الأداة التواصلية أو السلوك التواصلي أنفسهما والإمكانات الاجتماعية لتكنولوجيا الاتصال من جهة؛ وباعتبار طقوس الاستخدام تلك تنتج بدورها تعلمًا معرفيًّا واجتماعيًّا. وعلى رأي ستيفان فيال (Stéphane Vial) فإن: "كل جيل يعيد تعلم العالم ويعيد التفاوض حول علاقته بالواقع بواسطة العتاد التقني الموضوع بتصرفه ضمن الظرف الاجتماعي- الثقافي والخاص به"(29).

إن المستوى الثاني من استخدامنا لمنصات التواصل الاجتماعي هو ما يحتاج فعلًا إلى تنظيم أخلاقي، فليس مضمون ما نتبادله على تلك المنصات هو الذي يحتاج فقط إلى تنظيم أخلاقي، بل معمارية مواقع التواصل وطرق استخدامها تحتاج أيضًا إلى تنظيم أخلاقي.. لأن طرق الاستخدام تؤثر في الإدراك وتقود تعلمات اجتماعية عديدة، تؤثر بدورها في قيمنا والطريقة التي نرى بها العالم والعلاقات الاجتماعية.

وبالحديث عن تأثير الاتصال الرقمي في الإدراك، يعتبر ستيفان فيال أن الطريقة التي يظهر بها الوجود لنا تؤدي إلى حالة خاصة بالشعور في العالم، يسميها "الأنطوفانيا" (Ontophanie)(30) التي تضع شروطًا ومحددات قبلية للإدراك ذات طابع تقني. ويعرف هذا التوجه القبلي لتنظيم الإدراك وتصميمه قبل حدوثه و"ولادته" بالرحم الأنطوفانية؛ حيث يقول: "يمكن تعريف التقنية بوصفها رحمًا أنطوفانية، أي بنية عامة للإدراك تحدد قبليًّا الطريقة التي تظهر بها الموجودات. وبهذه الصفة، لا تنتمي هذه البنية إلى التنظيم الداخلي لملَكَة المعرفة الخاصة لدينا [...] بل إلى التنظيم الخارجي لثقافتنا التقنية [...]. وهكذا، فإن الثقافة التقنية التي نعيش في فضائها تتوقف على نسق تقني"(31).

هذه الملاحظة نبهت الباحث إلى إعادة فهم كثير من السلوكات الاجتماعية المرتبطة بتكنولوجيا الاتصال، فالطفل الصغير مثلًا حينما يكتشف خاصية تكبير الصور أو إزاحتها على الهاتف الذكي باستخدام أصابعه، يفعل ذلك أيضًا مع صور التليفزيون وصور المجلات، حيث يقوم بإسقاط الإمكان التقني على الصور الموجودة في الواقع. ويعتبر ذلك الإمكان التقني المرتبط بالوسيط أساسًا، جزءًا من ماهية الصورة المتعينة في الواقع حتى ولو كانت صورًا ورقية.

والأمر ليس بسيطًا، بل هو بالغ الأهمية؛ حيث إن الأهمية التي نمنحها لتكنولوجيا الاتصال في حياتنا اليومية، وأشكال استخدامنا لتكنولوجيا الاتصال، تقود لدينا العديد من التعلمات المعرفية والاجتماعية، وقد أوضح الباحث ذلك بالتفصيل في دراسة سابقة(32)، وقدَّم أمثلة متعددة، من بينها أن استخداماتنا الاجتماعية لتكنولوجيا الاتصال قد غيَّرت تصوراتنا عن التواصل الإنساني، والتضامن الاجتماعي وما يرتبط به من قيم فرعية، مثل الستر، وأثَّرت في حدود التربية الوالدية، وغيَّرت مفهوم الخصوصية الاجتماعية (ولا أقصد الرقمية)، بل وأثرت في أساس الرابط الاجتماعي الذي تقوم عليه العلاقات الاجتماعية.

إن أشكال استخدام تكنولوجيا الاتصال تقوم بصياغة تصوراتنا عن الحياة الواقعية، وتعمل على تسريب تعديلات ناعمة على قيمنا الاجتماعية وتغييرها بشكل بطيء وخفي؛ حيث تعمل استخداماتنا لتكنولوجيا الاتصال الرقمي بمنزلة تعلم اجتماعي دائم ومستمر يقود التغيير الاجتماعي بشكل حثيث. وفي الوقت الذي ينشغل فيه أغلب المتخصصين بالتنظيم الأخلاقي لمضمون التبادل على منصات التواصل الاجتماعي، فإنهم لا ينتبهون إلى ضرورة التنظيم الأخلاقي لأشكال الاستخدام وطرق التبادل على تلك المنصات.

ولعل جزءًا كبيرًا من هذا الإشكال قد نتج عن تعامل الباحثين مع خدمات التواصل الاجتماعي بمنطق الوسيلة الإعلامية وليس بمنطق المشروع التجاري، فمنصات التواصل الاجتماعي هي في الواقع استثمار ربحي لشركات كبرى تستثمر في عواطفنا وميولاتنا وقيمنا وثقافتنا وفي كل ما يجعل منَّا بشرًا، من أجل ضمان إدماننا على بيئة رقمية هي في عمقها تجربة استهلاكية خالصة بالمعنى الذي ذهب إليه جيل ليبوفتسكي (Gilles Lipovetsky) في حديثه عن مجتمع الاستهلاك المفرط الذي ينبثق بتراجع قيم الجماعة وقواعدها(33). ويكفي الاطلاع على الفيلم الوثائقي "المعضلة الاجتماعية" (The Social Dilemma) لفهم خطورة هذا الواقع(34).

بالإضافة إلى ذلك، فإن "أخلاقيات مضمون التواصل" تتأسس على افتراض غير دقيق، مفاده أن مستخدم منصات التواصل الاجتماعي مؤهل للقيام باستخدامات واختيارات واعية ومؤهل لتقدير مصلحته ولفهم الصواب، لذا نحتاج فقط إلى "تحسين" استخدامه ببعض التوجيهات الأخلاقية، والأمر بخلاف ذلك، لسببين اثنين:

أولًا: إن طريقة استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وفيسبوك خصوصًا، مصممة من قِبَل فريق من الخبراء المتخصصين في علوم مختلفة تجتمع على فهم السلوك البشري وتوجيهه، لذا فإن تلك المنصات مصممة عمدًا بشكل يجعلك تستخدمها لفترة أطول وتدمن عليها، وبما يجعل استخداماتك تتجه نحو اللهو والترفيه في الغالب. وباعتبار أن المنافسة بين مستخدم عادي وفريق من الخبراء، فالنتيجة ستكون محسومة مهما بلغت ثقافة المستخدم وعلا وعيه. فإذا تأملنا في فيسبوك على سبيل المثال، سنجد أن تصميم محتوياته على نحو خطي، يجعلك تنتقل باستمرار من تدوينة إلى أخرى دون أي مثير (بالمعنى السلوكي: مثير-استجابة) ينبِّهك إلى أنك وصلت نهايةً ما أو تجاوزت حدود الوقت المسموح. وهذا التصميم غير الأخلاقي يدفعنا تلقائيًّا إلى قضاء وقت أطول مع فيسبوك.. كما أن الخوارزميات التي تحلِّل تفضيلات المستخدمين وتتغذى عليها لمحاصرتهم بالمحتويات التي ستروقهم، تسهم أكثر في تعزيز هذا الإدمان. أما الانتقال الخطي بين تدوينات لا تخضع لمنطق ولا تصنيف، فهو يصعب علينا القيام بتصفح واعٍ وهادف، فأنت تتنقل خطيًّا من تدوينة مفيدة إلى تدوينة طريفة إلى فيديو محزن إلى تدوينة تجارية دون أي منطق واضح، بالإضافة إلى تقديم بعض المواقف التافهة على أنها "تحديات" أو "موضة" جماهيرية شائعة بين رواد فيسبوك. ويقودنا تأكيد تأثير طبيعة التصميم في أشكال الاستخدامات إلى السبب الثاني.

ثانيًا: يتمثَّل السبب الثاني بكل بساطة في الطبيعة البشرية، فمن غير العادل أن نتحدث الآن عن كون فيسبوك وسيلة يمكن استخدامها بشكل إيجابي كما يمكن استخدامها بشكل سلبي، ومن غير العادل أن نعتبر أن الناس مذنبون في استخداماتهم السلبية لفيسبوك ومنصات التواصل الاجتماعي، لأنهم يعلمون الصواب ويميزونه عن الخطأ، ولأنه قد تم الإعلان عن المعايير الأخلاقية لتلك المنصات. فلا يمكنك أن تخبر أطفالك الصغار بأضرار تناول الحلوى وبفوائد تناول الطعام الصحي، ثم تترك الحلويات على الطاولة، وتتوقع منهم فعل الصواب وعدم تناول الحلوى. قد يقول قائل: إن المقارنة لا تصح، لأننا إزاء أطفال لا يملكون النضج العقلي الكافي لفهم خطاب العقل، وكان الأولى بك إتْباع توجيهاتك بإخفاء الحلوى أيضًا. لكن هل أفراد المجتمع عقلانيون فعلًا؟

يميز المتخصصون في "علم اتخاذ القرارات" بين نوعين من التفكير: التفكير العقلاني التأملي، والتفكير التلقائي الحدسي. فالعقلانيون من الناس يميلون إلى التفكير بروية وبعقلانية فيما يصادفهم من مواقف، ثم اتخاذ قرار منطقي يكون في الغالب الأفضل لهم، أما التلقائيون فيتخذون قراراتهم بشكل عفوي وسريع، وهي تُبنَى في الغالب على العاطفة، أو الحدس، أو الصدفة، أو غيرها من الأسس غير المنطقية(35).

لكن الأمر ليس بهذه البساطة دائمًا؛ فجميع الأفراد عقلانيون وتلقائيون في الوقت نفسه: فالشخص المتعلم مثلًا، قد يتخذ قراره بشأن شراء سيارة بناء على أسس عقلانية، مثل نوع السيارة الملائم لوضعيته الأسرية، وعلاقة السعر بقدراته المادية وبجودة السيارة.. لكنه أيضًا قد يتخذ قراره لشراء منتج استهلاكي مثل غسول الشعر بشكل تلقائي، فيسارع باقتناء المنتج الذي يتزاحم عليه الناس، أو يشتري ببساطة أول منتج يصادفه على الرفوف...

لذا اهتم العديد من الجهات بتحسين قدرات الأفراد على اتخاذ القرارات الصحيحة، مع الحفاظ على مساحة الحرية الملائمة. وهذا ما يسمى بتصميم الاختيارات، وله تطبيقات عديدة: ففي إحدى المدارس التي تقدِّم وجبات الطعام، قام المشرفون بالحفاظ على نفس قائمة الطعام، لكن مع تغيير وضعية الأطعمة وترتيبها أمام التلاميذ؛ وكانت النتيجة تغيرًا ملحوظًا في الوجبات التي بدأ التلاميذ يختارونها. فحرية الاختيار مكفولة، لكن بتغيير طريقة عرض الخيارات فقط، أصبح التلاميذ يختارون طعامًا صحيًّا أكثر(36).

خلاصة القول: إن "أخلاقيات مضمون التواصل" غير كافية، لأنها -أولًا- تتأسس على افتراض خاطئ بكون مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي مؤهلين للقيام باستخدامات واعية وصائبة؛ وثانيًا: لأن منصات التواصل الاجتماعي صُمِّمت بشكل غير أخلاقي يدعم التوجه التجاري لمالكيها على حساب مصلحة المستخدمين. ويبقى الحل الأفضل هو إعادة تصميم منصات التواصل الاجتماعي بشكل أخلاقي يدعم الاستخدامات الإيجابية لها.

فما أسس هذا التصميم الأخلاقي؟ وما الإشكالات التي يثيرها؟

2.2. التصميم الأخلاقي لشبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك نموذجًا): مبادئ ونماذج

إن التصميم الأخلاقي لمنصات التواصل الاجتماعي هو تصميم يقدِّم للأفراد سياق استخدام لتلك المنصات يكفل لهم حرية الاستخدام، ويقوم بتيسير الاستخدامات الأخلاقية، وتسهيل اختيارها في نفس الوقت. وسيتطرق الباحث لإشكالية التعارض بين التصميم الأخلاقي والحرية في نهاية البحث، وسيركز في الأمثلة والنماذج التي يقدِّمها على فيسبوك أساسًا باعتباره أكثر منصات التواصل الاجتماعي استخدامًا، ويمكن مواءمة تلك النماذج مع منصات أخرى.

وينبغي التنبيه إلى أنه ما من خيار يُقدَّم بطريقة محايدة، والطرق التي تُعرض بها الخيارات في مواقف اجتماعية وخدمات متنوعة توجِّه الناس بشكل مضمر نحو تبني خيارات معينة، كما سيظهر ذلك بوضوح في النماذج التي يتناولها الباحث لاحقًا. لذا سنقترح بعض نماذج التصميم الأخلاقي لطرق استخدام فيسبوك، ولتصميم أشكال عرض اختياراته المقترحة على المستخدمين بشكل يشجع الاستخدامات الإيجابية دون أن يقيد حرية الأفراد.. وللوصول إلى تصميم أخلاقي لفيسبوك ناجح في تعزيز الاستخدامات الإيجابية والأخلاقية، سوف يستعين الباحث بخمسة مبادئ لتصميم الخيارات كما عرضها المختصون، مع التنبيه إلى أن تطبيق المقترحات أدناه ينبغي أن يكون مصممًا بلغة ملائمة وأشكال مناسبة؛ حيث اقتصرت الدراسة على توضيح فكرة المقترح(37):

1. إبراز الحوافز

يتعيَّن التفكير في الحوافز عند تصميم نظام ما، ووضع الحوافز الملائمة للأشخاص الملائمين. والأساسي في هذه العملية، هو جعل الحوافز بارزة قدر الإمكان، وسهلة الملاحظة أثناء الاختيار؛ حيث يمكن التلاعب بالبروز؛ إذ يستطيع مصممو الخيارات البارعون اتخاذ خطوات لتوجيه انتباه الناس إلى الحوافز: فالهواتف في كلية "إنسياد" لإدارة الأعمال في فرنسا مثلًا مبرمجة لعرض التكاليف الجارية للمكالمات الخارجية أثناء إجرائها. ولنتخيل جهاز تكييف مبرمج على عرض المبلغ الذي تستطيع توفيره كل ساعة إذا رفعت درجة الحرارة فقط درجتين من 20 إلى 22 درجة أثناء موجة حر، ألن يكون هذا التصميم أكثر تأثيرًا في سلوك الأفراد وأكثر توفيرًا للطاقة من حافز الفاتورة الذي لا يظهر إلا مرة كل شهر؟

كيف نستفيد من هذا المبدأ في التصميم الأخلاقي لفيسبوك؟

أوضح الباحث سابقًا أن تصميم فيسبوك غير أخلاقي، لأنه يدفع مستخدميه تلقائيًّا إلى قضاء وقت أطول في منافذه ويعزِّز القابلية للإدمان عليه. فمحتويات فيسبوك مصممة على نحو خطي يجعل المستخدم ينتقل باستمرار من تدوينة إلى أخرى دون أي إشارة تنبهه إلى أنه بلغ نهاية ما أو استخدم فيسبوك لوقت أطول من اللازم أو تجاوز حدود الوقت المعقول. لذا يمكن للتصميم الأخلاقي أن يُدمِج تنبيهات معينة تُذكِّر المستخدم بالوقت الذي قضاه في التصفح، مثل عداد بالدقائق يظهر بشكل بارز على الشاشة كل عشر دقائق، ثم يختفي بعد ثلاث ثوان، كما يمكن أيضًا إدراج خاصية أخرى تتمثل في اختيار زمن التصفح في كل مرة نفتح فيها فيسبوك، بحيث تظهر أمامنا ثلاثة اختيارات نختار من بينها، ثم يتفرع كل واحد منها إلى اختيارات أخرى فرعية وأكثر تحديدًا، وذلك مثلًا كما يلي:

- الاختيار الأول: التصفح السريع، واختياراته الفرعية هي: أقل من ثلاث دقائق، ما بين 3 و6 دقائق، و10 دقائق.

- الاختيار الثاني: التصفح المتوسط، واختياراته الفرعية هي: من 10 إلى 15 دقيقة، ومن 15 إلى 20 دقيقة.

- الاختيار الثالث: التصفح الطويل، واختياراته الفرعية هي: من 20 إلى 30 دقيقة، ومن 30 إلى 60 دقيقة، وأكثر من ساعة.

2. فهم "المطابقات": العلاقة بين الاختيار والرفاه

تمثل المطابقة قدرة الأفراد على توقع درجة الرفاه التي سيقدمها لهم الاختيار الذي سيقومون به. يساعد نظام تصميم الخيارات الجيد الناسَ في تحسين قدرتهم على المطابقة، أي توقع مقدار الرفاه الناتج عن اختياراتهم، ومن ثم انتقاء الخيارات التي تجعلهم في حال أفضل. ومن طرق القيام بذلك جعل المعلومات المتاحة عن الخيارات المختلفة مفهومة، وذلك بتحويل المعلومات الرقمية أو ذات اللغة المتخصصة إلى صيغة بسيطة ما أمكن ترتبط بطرق تنفيذ الاختيارات والنتائج المترتبة عنها. 

وهذه ليست عملية سهلة دائمًا على المستوى الاجتماعي؛ فاختيار "المثلجات" يرتبط عمومًا بانتقاء المذاق الأفضل بناء على تجربة الفرد السابقة في التذوق أو إمكان التذوق الذي يتيحه صاحب المتجر. أما الاختيار من بين معالجات خاصة بمرض ما فهو مسألة أخرى، لنفترض أن شخصًا أُبلِغ بإصابته بسرطان البروستاتا، وأن عليه الانتقاء من بين ثلاثة خيارات: الجراحة، أو الأشعة، أو "الترقب الحذر" (أي عدم فعل أي شيء الآن). ويأتي مع كل من هذه الخيارات مجموعة معقدة من النتائج المحتملة المتعلقة بالآثار الجانبية للمعالجة، ونوعية الحياة، وطول أمد الحياة... وهكذا فإن المقارنة بين الخيارات تنطوي على مثل المقايضات التالية: هل أنا مستعد للمخاطرة بنسبة الثلث بالإصابة بالعجز الجنسي أو سلس البول لزيادة العمر المتوقع من سنتين إلى ثلاث سنوات؟

كيف نستفيد من هذا المبدأ في التصميم الأخلاقي لفيسبوك؟

يعد مبدأ المطابقة من المبادئ المفيدة جدًّا في التصميم الأخلاقي، ويسمح بمجموعة واسعة من التصاميم الذكية، وهذه نماذج منها:

يتم في الغالب إدارة الخصوصية من خلال إشعارات الموافقة التي تكون إما قصيرة ومطمئنة بأن معلوماتك الشخصية في يد أمينة، أو من خلال عرض رسائل طويلة مكتوبة بلغة قانونية وتعطيك خيار الموافقة للاستمرار. لكن تلك الصيغة لا تسمح لك بإجراء المطابقة، وبالتالي سيسمح الأفراد غير المؤهلين لفيسبوك بالاستثمار في خصوصيتهم، وبحسب رأي جاريد لانير ( Jared Lanier): "الأمل الوحيد لشبكات التواصل الاجتماعي من وجهة نظر استثمارية هو أن تظهر صيغة سحرية تصبح معها بعض طرق انتهاك الخصوصية والكرامة مقبولةً"(38).

ولمساعدة المستخدمين على إجراء المطابقة، ينبغي أن نزاوج في سياسة الخصوصية بين العرض القانوني المفصل الذي يمكن لمن شاء من المستخدمين الاطلاع عليه، وبين استخدام صيغ التصميم الأخلاقي مثل:

- إشعارات الخصوصية: إذا وافقت على سياستنا للخصوصية سيمكننا بيع معلوماتك الشخصية إلى المستشهرين الذين سيدفعونك إلى شراء أشياء ما كنت لتشتريها في العادة.

- مشاركة الموقع: إذا فعَّلت خاصية تحديد الموقع ومشاركته، يمكن للجميع معرفة مكانك بالضبط، لذا انتبه إذا كنت متغيبًا عن العمل بشكل غير قانوني، كما يحتمل أن يتعرض منزلك للسرقة إذا علم اللصوص بغيابك.

- مشاركة محتوى: حينما يريد المستخدم مشاركة محتوى ما، يتعين عليه أن يحدد نوع المحتوى الذي سيشاركه من بين قائمة لغتها بسيطة ومباشرة، تتضمن اختيارات مثل:

- أشارك محتوى مفيدًا (وقد تعمدت البدء بهذا الاختيار لأنه يتضمن توجيهًا إيجابيًّا).

- أعرض حياتي الشخصية للعموم.

- أعرض جمالي وجسدي للعموم.

- أشارك معلومات (ويتفرع إلى: متأكد من صحة المعلومات، ولست واثقًا من صحة المعلومات).

3. الخيارات الافتراضية: سلوك المسار الأقل مقاومة

يتبع كثير من الأشخاص الخيارات التي تتطلب الجهد الأقل، أو المسار الأكثر بساطة، حيث إن التوجه الأكثر شيوعًا بين الناس هو الخمول، والانحياز للوضع الراهن. وهذا يعني ضمنيًّا أنه إذا كان هناك خيار افتراضي، وهو الخيار الذي يحصل عليه من لم يفعل شيئًا، فإن عددًا كبيرًا من الأشخاص سيحصلون على ذلك الخيار في النهاية، بغضِّ النظر إذا كان جيدًّا لهم أم لم يكن. ويميل الناس أكثر نحو عدم فعل شيء إذا جاء الخيار الافتراضي مع اقتراح ضمني أو صريح بأنه يمثِّل مسار العمل السوي.

لا يمكن اجتناب الخيارات الافتراضية، فهي عمليًّا واسعة الانتشار، لذا يجب أن يكون كل نظام لتصميم الخيارات مرتبطًا بقاعدة تحدد ماذا يحدث إذا لم يفعل من يتخذ القرار أي شيء، لأنه في العادة تكون الإجابة المفترضة أنه لا يتغير شيء إذا لم أفعل شيئًا؛ حيث توظف كثير من المؤسسات القوة الكبيرة للخيارات الافتراضية. مثل فكرة التجديد التلقائي للتأمين البنكي؛ حيث يورد عقد الاشتراك الأول فقرة صغيرة معناها أن الاشتراك في التأمين سيجدد سنويًّا بشكل تلقائي ويتم اقتطاع الكلفة مباشرة من الحساب البنكي. وإذا لم يرغب العميل في تجديد التأمين فعليه أن يراسل إدارة البنك قبل فترة معينة من نهاية التأمين السابق، ونتيجة لهذا الخيار الافتراضي فإن كثيرًا من الأشخاص يشتركون لفترات طويلة في خدمات تأمين لا يحتاجونها.  

كيف نستفيد من هذا المبدأ في التصميم الأخلاقي لفيسبوك؟

حينما يستخدم الفرد فيسبوك لأول مرة، فإن العديد من الاختيارات تكون مضبوطة على "خيار المصنع"، مثل خيار المشاركة "للعموم"، والعرض التلقائي للفيديو بمجرد التوقف عنده لثانية، وفقاعات المحادثة في المسنجر، وعرض الإعلانات ضمن شريط المحتويات، والتوصل بالإشعارات... وغيرها من "الإعدادات" القبلية للاختيارات التي تصب جميعها في مصلحة فيسبوك والمتمثلة بشكل أبرز في تشجيع الإدمان عليه وإطالة وقت استخدامه.

يقترح التصميم الأخلاقي جعل الاختيارات الضمنية لإعدادات المصنع حمائية للمستخدم وبعيدة عن التوجه التجاري، ثم يمكن للمستخدم أن "يبذل مجهودًا" ويختار استخدامات ترفيهية أو موافقات تجارية، مثلًا يتعين عليه الموافقة على استقبال إعلانات، والموافقة على تنبيهات فيسبوك ومسنجر المحجوبة مبدئيًّا ضمن الإعدادات الأساسية، واختيار المشاركة للعموم بدل عرضها تلقائيًّا، والموافقة على استقبال مقاطع الفيديوهات القصيرة...

4. تقديم التغذية الراجعة

تُعد التغذية الراجعة من أفضل الطرق التي تساعد الأفراد على تحسين أدائهم. لذا فالأنظمة الجيدة التصميم تُبلغ الناس متى يحسنون الاختيار والعمل ومتى يرتكبون الأخطاء. ومن الأمثلة على ذلك الكاميرات الرقمية الجديدة التي تقدم تغذية راجعة فورية لمستخدميها؛ إذ تستطيع أن تشاهد فورًا نسخة عن الصورة الملتقطة، ومن ثم يمكنك إعادة التقاط صورة أفضل إذا كانت الأولى سيئة. لكن يجب أن تتجنب أنظمة التنبيه مشكلة تقديم تنبيهات كثيرة بحيث تؤدي إلى مفعول عكسي هو تجاهلها.

كيف نستفيد من هذا المبدأ في التصميم الأخلاقي لفيسبوك؟

للاستفادة من هذا المبدأ، يقترح التصميم الأخلاقي مجموعة من الإجراءات مثل وسم اختيار نوع المحتوى الذي شاركه المستخدم بلون معين أو أيقونة خاصة أو عنوان ملازم بحيث يظهر دومًا على التدوينة ما يفيد أنها محتوى مفيد، أو عرض للحياة الشخصية، أو عرض للجسد والجمال، أو مشاركة لمعلومات صحيحة، أو مشاركة لمعلومات غير دقيقة..

كما يمكن أيضًا إرسال تقارير دورية للمستخدم، مصممة على شكل إنفوجرافيك جميل وبسيط، عن سلوكه على فيسبوك في فترة معينة، ولنفترض أن يضم هذا التقرير ما يفيد أن تدوينات عرض الحياة الشخصية (50)، وتدوينات المشاركة في الشأن العام أو عرض معلومات صحيحة (0).

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يقترح التصميم الأخلاقي تمكين الناس من التبليغ عن الاختيار الكاذب للمحتوى، بحيث يمكنك التبليغ من خلال الضغط على زر: تصريح خادع، إذا صادفت تدوينة تظهر تصنيف "عرض معلومات صحيحة" في حين أنها عبارة عن "عرض الحياة الشخصية"؛ حيث يتم إرسال تنبيهات إلى أصحاب التدوينات وهي بالطبع تغذية راجعة مفيدة.

5. توقع الأخطاء

يرتكب أغلب الناس الأخطاء؛ لذا فالنظام الجيد التصميم يتوقع من مستخدميه ارتكاب الأخطاء ويكون متسامحًا قدر الإمكان. ويبني تصميماته على هذا الأساس. ومن بين نماذج الأنظمة "المتسامحة التصميم"، نظام مترو الأنفاق في باريس، حيث يعتمد العمل ببطاقات ممغنطة للولوج، ويتمثَّل تسامح هذا النظام في كون البطاقة تعمل في جميع وضعيات الإدخال، عكس بطاقة البنك مثلًا التي تعمل في حالة واحدة فقط من بين أربع وضعيات إدخال ممكنة. وذلك لأن النظام صمم بشكل متسامح يفترض أن الناس سيخطؤون في إدخال البطاقة بالشكل الصحيح؛ مما يجعلهم يرتبكون وهم يعيدون المحاولة (التي تتضمن أربع احتمالات). لذا تم تزويد النظام بإمكانية تقنية تجعل البطاقة قابلة للقراءة في أي وضعية.

كيف نستفيد من هذا المبدأ في التصميم الأخلاقي لفيسبوك؟

للاستفادة من هذا المبدأ، يقترح التصميم الأخلاقي جعل الاختيارات الضمنية لإعدادات المصنع حمائية للمستخدم مثلما أوضحنا في المبدأ السابق. كما ينبغي أن نفترض أن المستخدم قام باختيار خاطئ دون أن ينتبه وهو لا يعرف كيف يصلح الأمر، لذا يتعين على فيسبوك عرض رسائل تعديل الاختيارات بشكل دوري، كل أسبوع أو أسبوعين مثلًا، مع الحرص على صياغة تلك الاختيارات وفق مبدأ المطابقة. وفي هذه الحالة، سنساعد المستخدمين على تحسين تجربتهم في استخدام فيسبوك.

6. تنظيم الخيارات المعقدة

يبدع التصميم الجيد في تنظيم الخيارات الكثيرة والمعقدة، ويبتكر أساليب جديدة في تنظيمها وعرضها أمام الأفراد وفق معايير يتم إبداعها تبعًا لطبيعة الخيارات ذاتها؛ حيث يعتمد الناس إستراتيجيات مختلفة وفقًا لحجم الخيارات المتاحة وتعقيدها. فعندما نواجه عددًا صغيرًا من البدائل المفهومة، نميل إلى تفحص خصائص كل البدائل ثم نجري مقايضات عند اللزوم، لكن عندما تتسع مجموعة الخيارات، فإن على المصمم الجيد التفكير في طرق جديدة لتنظيم تلك الاختيارات وعرضها.

وقد يقترح المصمم الجيد أيضًا اختيارات تقوم على أساس الترشيح التعاوني، وذلك حينما يرشح لك اختيارات معينة بناء على كون الأشخاص الذين يشبهونك قد قاموا بهذه الاختيارات، لذا إذا عرفت أن أشخاصًا مماثلين لك يفضلون أشياء معينة، فإنك ستشعر بالارتياح حتى وأنت تختار منتجات لا تعرفها، فقط لأن أشخاصًا مماثلين لك يحبونها.

كيف نستفيد من هذا المبدأ في التصميم الأخلاقي لفيسبوك؟

من الملاحظ أن الكثير من المواقع الإلكترونية تستخدم الترشيح التعاوني بشكل غير أخلاقي في الحث على الشراء، من خلال عبارات من قبيل: "إن الأشخاص الذين اشتروا هذا المنتج (الذي اشتريته أو تصفحت معلوماته) اشتروا أيضًا المنتجات التالية"... لذا يقترح التصميم الأخلاقي أن يُمكَّن المستخدم من اختيار الأشخاص الذين سيستند إليهم الترشيح التعاوني، وبهذا يحدد الأفراد أشخاصًا يثقون فيهم وفي حكمهم باعتبارهم مرجعًا للترشيح التعاوني، ويمكن في نفس السياق أن يعرض فيسبوك أنماطًا من مرجعيات الترشيح التعاوني مثل: أساتذة، رياضيون، فنانون، باحثون...

2.3. نماذج من إشكالات التصميم الأخلاقي لشبكات التواصل الاجتماعي

ينبغي التذكير بداية أن الهدف الأساس لهذا البحث يتمثل في توسيع أفق التفكير في أخلاقيات منصات التواصل الاجتماعي من خلال عرض مقترح التصميم الأخلاقي الذي يحتاج إلى مزيد من الاجتهاد. ومن الإشكالات التي يثيرها:

1. أبوية التصميم الأخلاقي

دائمًا ما تُتهم عمليات تصميم الخيارات بأنها أبوية، أي تقيد حرية الاختيار عند الأفراد وتكاد تفرض عليهم اتخاذ خيارات أخلاقية. لذا تحاول التصاميم الذكية أن تبقى دومًا في حدود تيسير اتخاذ القرارات الصحيحة واتباع الخيارات الأخلاقية، مع الحفاظ على حرية الأشخاص ومنحهم إمكان عدم فعل ذلك.

ويقوم التصميم الأخلاقي بتصميم طرق استخدام فيسبوك، وتصميم أشكال عرض الاختيارات المقترحة بشكل يشجع الاستخدامات الإيجابية دون أن يقيد حرية الأفراد.. ويتبنى الباحث هنا إستراتيجية التنبيه، وهو "أي جانب من جوانب تصميم الخيارات يغيِّر سلوك الناس بطريقة متوقعة من دون منع أي خيار أو إدخال تغيير كبير على حوافزهم الاقتصادية. ولكي يعد التدخل مجرد تنبيه، يجب أن يكون من السهل وغير المكلف تجنبه. التنبيهات ليست إملاءات؛ فوضع الفاكهة على مستوى العينين يعد تنبيهًا لكن حظر الأطعمة الخالية من القيمة الغذائية لا يعتبر كذلك"(39).

وفي المقابل، ينبغي الانتباه إلى مسألتين أساسيتين، هما:

- أولًا: التركيز على مسألة الحرية هو أمر أساسي، لكنه أيضًا أولوية تستمد أهميتها من نسق الثقافة الغربية، في حين قد تهتم المجتمعات العربية والإسلامية أكثر باحترام القواعد الأخلاقية المستمدة من الدين أو الثقافة. لذا ينبغي الحديث عن ضمان حرية الاختيار ووضعها في سياقها الثقافي الملائم أيضًا.

- ثانيًا: كلما أردنا تصميم خيارات تزيد رفاهية الأفراد وتراعي مصالحهم، واجهتنا تهمة الأبوية، في حين أن الأبوية متحققة بشكل فعلي في جميع السياقات التجارية؛ فالتصميم الحالي لفيسبوك -كما أوضح الباحث- هو أبوي بشكل غير أخلاقي، ويعزِّز الاستغلال التجاري لمستخدميه، أفلا يسمح هذا الأمر ببعض المرونة في حالة ما إذا مالت بعض التصاميم الأخلاقية التي تراعي تحسين قرارات الأفراد نحو تكريس درجة ما من الأبوية؟

2. أخلاقية التصميم الأخلاقي

قد توحي تسمية التصميم الأخلاقي للبعض بأن هذا التصميم يقدم للأفراد حصرًا الاختيارات الأخلاقية بالمعنى التقليدي للكلمة، وهذا افتراض غير دقيق، وإن كان الباحث يأمل أن يكون هو المعنى الحقيقي، لكنه سيكون تصورًا صعب التحقق ومنافيًا حتى للطبيعة البشرية. إن التصميم الأخلاقي هو أخلاقي، لأنه يقوم بتيسير الخيارات الأخلاقية، ويساعد الناس على تحسين وضعهم وتجربة استخدامهم. ويدافع عن هذه الفكرة نفسها لوتشيانو فلوريدي (Luciano Floridi) الذي يستخدم مصطلح "البنية التحتية للأخلاق" بنفس معنى التصميم الأخلاقي الذي يعتمده الباحث في هذه الدراسة؛ حيث يقول: "الأنابيب الأفضل (البنية التحتية للأخلاق) ربما تحسن التدفق، ولكنها لا تحسن نوعية المياه (الأخلاق)؛ فالماء عالي الجودة يتبدد إذا كانت الأنابيب صدئة أو تتسرب منها المياه. لذلك، فإن إيجاد النوع الملائم من البنى التحتية للأخلاق والحفاظ عليه هو أحد التحديات بالغة الأهمية في عصرنا، لأن البنية التحتية للأخلاق ليست جيدة أخلاقيًّا في حد ذاتها، ولكنها الأقدر على أن تسفر عن صلاح خلقي إذا صُمِّمت ودُمجت مع القيم الخلقية الملائمة. ينبغي أن يكون النوع الملائم من البنى التحتية موجودًا لدعم النوع الملائم من القيم"(40).

وبهذا المعنى، فإن التصميم الأخلاقي قد يجد فرصًا أكبر ليتم تبنِّيه من قِبَل منصات التواصل الاجتماعي؛ حيث قد يظهر تهديده مخففًا، وهو لا يلغي الخيارات الأخرى التي قد لا تكون بالضرورة أخلاقية. ولهذا لم يقترح الباحث ضمن النماذج التي اقترحها إمكان حذف نشر الحياة الخاصة، وإنما قيَّدها بمقترح تصميم خيار وصف المحتوى بعبارة "أعرض حياتي الشخصية للعموم" أو "أعرض جمالي وجسدي للعموم". واضطرار المستخدم لتحديد توجه ما سينشره، قد يقدم له فقط تنبيهًا يساعده على اتخاذ قراري أخلاقي، لكنه في المقابل لن يمنعه من القيام بعكس ذلك.

3. صعوبة التطبيق

ويبدو من الصعب جدًّا تطبيق التصميم الأخلاقي، لأنه بكل بساطة يهدد التوجه التجاري لمنصات التواصل الاجتماعي، وهذا لا يشجعها على تبنيه. وإذا كان ما أوضحه الباحث سابقًا بشأن هامش الحرية الذي يكفله التصميم الأخلاقي قد يقدم تشجيعًا مقبولًا ويخفف من حدة مخاوف منصات التواصل الاجتماعي، فإنه أيضًا لا ينبغي أن تدفعنا صعوبة تبني المقترح إلى اليأس، فكثير من المكتسبات التي ينعم بها الناس حاليًّا هي ثمرة نضال طويل واستماتة. لذا نحتاج إلى تكاثف الجهود بين الباحثين والجمعيات والهيئات ومنظمات المجتمع المدني للضغط في هذا السياق، خصوصًا أن منصات التواصل الاجتماعي مضطرة أصلًا لتبني سياسات ومعايير أخلاقية تحت إكراه ضغوط الجهات المسؤولة أو المهتمة، وتحت إكراه الحفاظ على المستخدمين وطمأنتهم؛ لكن الشكل الذي تُصمَّم به تلك السياسات هو أقرب إلى التحايل التجاري الذكي الذي يحصر تلك الأخلاقيات في معايير محتوى التبادل، ويحجب التفكير في أبعاد أخرى مثل التصميم الأخلاقي.

خاتمة

اتجهت جهود العديد من الأطراف لوضع أخلاقيات تنظم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وهي تشترك في اقتراح مجموعة من الضوابط التي تحرص على ضمان مصداقية وصحة ما يتم تداوله من معلومات ومعطيات من جهة. كما تحرص من جهة أخرى على ضمان عدم إساءة ما يُنشر من مضامين إلى فئات معينة من الناس، سواء عبر القذف أو التشهير أو أي شكل من أشكال التمييز والإساءة.

ويمكن أن نميز بين أربعة مستويات لمعالجة أخلاقيات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وهي: مستوى أخلاقيات النشر الإعلامي المتخصص على مواقع التواصل الاجتماعي، ومستوى أخلاقيات الاستخدام الشخصي لمواقع التواصل الاجتماعي من قِبَل الإعلاميين، ومستوى أخلاقيات استخدام عموم الناس لمواقع التواصل الاجتماعي، ومستوى المعايير الأخلاقية التي تتبنَّاها منصات التواصل الاجتماعي وتعلن عنها.

وتعكس هذه المستويات الأربعة أشكالًا متباينة نسبيًّا من التصورات الأخلاقية لتنظيم استخدام منصات التواصل الاجتماعي. فأخلاقيات النشر الإعلامي المتخصص على شبكات التواصل الاجتماعي تركز على ضمان صحة المعلومة المنشورة ودقتها وحيادها، كما تحرص على احترام الآخر ضمن منشوراتها من خلال تجنب القذف أو التشهير، واحترام الرأي المخالف، واحترام القيم المجتمعية. أما المؤسسات الإعلامية فهي تهتم أساسًا بالحفاظ على سمعتها ومهنيتها من خلال تنظيم علاقة العاملين فيها بمنصات التواصل الاجتماعي، في حين يهتم المثقفون وعموم الناس أكثر بالتوجه الأخلاقي بمعناه التقليدي حينما نتحدث عن أخلاقيات موجهة لعموم الأفراد، بينما تهتم شبكات التواصل الاجتماعي أكثر براحة مستخدميها وسلامتهم من كل أشكال الإساءة الممكنة.

ورغم أهمية كل تلك الجهود إلا أنها غير كافية لإقرار تنظيم أخلاقي فعلي لاستخدام منصات التواصل الاجتماعي، وذلك لأسباب كثيرة، من ضمنها أن منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها فيسبوك، تتحايل على أخلاقياتها، حيث أبرزت الفضائح المتوالية لهذه الشبكة مثلًا، أن أخلاقياتها لا تتحقق فعليًّا حينما يلتزم بها المستخدمون، وإنما الضامن الحقيقي لها هو الرغبة الفعلية لتحقيق تلك الأخلاقيات من المنصة ذاتها عبر إعدادات تقنية.. لذا تصبح المسألة الأخلاقية عملية تقنية تعبِّر عن توجه تجاري.

كما أن تلك الأخلاقيات تتأسس على افتراض غير دقيق بكون مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي مؤهلين للقيام باستخدامات واعية وصائبة، وأيضًا، لأن منصات التواصل الاجتماعي صُمِّمت بشكل غير أخلاقي يدعم التوجه التجاري لمالكيها على حساب مصلحة المستخدمين. ويبقى الحل الأفضل هو إعادة تصميم منصات التواصل الاجتماعي بشكل أخلاقي، يدعم الاستخدامات الإيجابية لها.

في هذا الصدد، اقترحت الدراسة مستوى جديدًا لتخليق استخدام منصات التواصل الاجتماعي، أسمته التصميم الأخلاقي لشبكات التواصل الاجتماعي، باعتباره تصميمًا يقدِّم للأفراد سياق استخدام يقوم بتيسير الاستخدامات الأخلاقية وتسهيل اختيارها في نفس الوقت، حيث ركزت النماذج والأمثلة المقترحة على إمكانات إعادة تصميم طرق استخدام فيسبوك أساسًا باعتباره أكثر منصات التواصل الاجتماعي استخدامًا، ويمكن مواءمة تلك النماذج مع منصات أخرى. وللوصول إلى تصميم أخلاقي للفيسبوك ناجح في تعزيز الاستخدامات الإيجابية والأخلاقية، تمت الاستعانة بستة مبادئ لتصميم الخيارات شملت إبراز الحوافز، وفهم المطابقات، وسلوك المسار الأقل مقاومة، وتقديم التغذية الراجعة، وتوقع الأخطاء، وتنظيم الخيارات المعقدة.

ويُعد الهدف الأساس لهذه الدراسة هو توسيع أفق التفكير في أخلاقيات منصات التواصل الاجتماعي من خلال عرض مقترح التصميم الأخلاقي الذي يحتاج إلى مزيد من الاجتهاد، خصوصًا أنه يثير مجموعة من الإشكالات التي تناولتها الدراسة بالتحليل النقدي، وذلك مثل إشكال أبوية التصميم الأخلاقي، أي إنه يقيد حرية الاختيار عند الأفراد ويفرض عليهم اتخاذ خيارات أخلاقية، وإشكال أخلاقية التصميم الأخلاقي بدعوى أن هذا التصميم يقدم للأفراد حصرًا الاختيارات الأخلاقية بالمعنى التقليدي للكلمة، وهذا افتراض غير دقيق، لأن التصميم الأخلاقي يقوم فقط بتيسير الخيارات الأخلاقية لمساعدة الناس على تحسين وضعهم وتجربة استخدامهم، وإشكال صعوبة تطبيق هذا التصميم نظرًا لأنه يهدد التوجه التجاري لمنصات التواصل الاجتماعي.

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1) يمكن مراجعة: هيذر هورست، دانييل ميلر، الأنثروبولوجيا الرقمية، ترجمة خالد الأشهب، ط 1 (البحرين، هيئة البحرين للثقافة والآثار، 2020).

(2) يمكن مراجعة: ريتشارد ثالر، كاس سنشتاين، التنبيه: تحسين القرارات بشأن الصحة والثروة والسعادة، ترجمة عمر سعيد الأيوبي، ط 1 (منشورات جامعة يال، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2016).

 (3) "Meta Reports Fourth Quarter and Full Year 2021 Results," Meta Investor Relations, February 2, 2022, "accessed January 15, 2023". https://bit.ly/3ZTTEF2.

(4) مجدي الداغر، "اتجاهات الإعلاميين المصريين نحو استخداماتهم لشبكات التواصل الاجتماعي في ضوء الضوابط المهنية والأخلاقية"، حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية (مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، الكويت، العدد 493، 2018)، ص 9- 53.

(5) وهيبة بشريف، أخلقة الممارسة المهنية للإعلام الجديد، مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية (جامعة العربي التبسي، الجزائر، العدد 1، 2018)، ص 409 -422.

(6) انظر مثلًا: إشراق بن حمودة، مدى التزام الصحفيين بأخلاقيات المهنة على الفيسبوك، (رسالة ماجستير، جامعة منوبة، تونس، 2018).

(7) طلعت عبد الحميد عيسى، "أخلاقيات النشر الإعلامي في شبكات التواصل الاجتماعي أثناء الأزمات في فلسطين"، المجلة الدولية للاتصال الاجتماعي (جامعة عبد الحميد بن باديس، مستغانم، المجلد 7، العدد 3، 2020)، ص 101-109-116.

(8) المرجع السابق، ص 109-110.

(9) "Social Media Guidelines for the Newsroom," The New York Times, October 13, 2017, "accessed January 14, 2023". https://nyti.ms/3TkLvqM.

(10) “Guidance: Individual Use of Social Media”, The BBC, October 2020, "accessed January 14, 2023". https://bit.ly/40tslSe.

(11) يونس مسكين، محمد خمايسة، دليل أخلاقيات الصحافة في العصر الرقمي، تحرير منتصر مرعي، (الدوحة، معهد الجزيرة للإعلام، 2022)، ص 53.

(12) سلطانة جدعان نایف الخریشة، أخلاقيات استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من وجهة نظر مدرسي الإعلام والقانون في الجامعات الأردنية، (رسالة ماجستير، كلیة الإعلام، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، 2016)، ص 68-69.

(13) المرجع السابق، ص 69.

 (14) "Global social media Statistics", Kepios, October 20, 2022, "accessed January 14, 2023". http://bit.ly/3ZnvL7W.

(15) جميع المعطيات الواردة فيما يلي، والمتعلقة بالسياسة الأخلاقية للفيسبوك، مستمدة من معايير مجتمع فيسبوك، (تاريخ الدخول: 30 مارس/آذار 2023):

- Transparency center, Meta, 2023, "accessed January 14, 2023". http://bit.ly/3JUnouR.

(16) لمزيد من التوضيحات، انظر توضيحات مركز الشفافية، (تاريخ الدخول: 30 مارس/آذار 2023):

- Transparency center, Meta, 2023, "accessed January 14, 2023". https://bit.ly/40Hr5em.

(17) رغيد أيوب، "صحف أميركية تنشر فضائح فيسبوك: هل اقتربت نهاية عملاق التواصل؟"، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، الجزيرة نت، (تاريخ الدخول: 15 يناير/كانون الثاني 2023)،https://bit.ly/3lkKlPz .

 (18) Elizabeth Dwoskin, et al., “Facebook Under Fire: The Case Against Mark Zuckerberg: Insiders Say Facebook’s CEO Chose Growth Over Safety”, The Washington Post, October 25, 2021, "accessed January 14, 2023". http://bit.ly/3nAyY6U. 

(19) Shannon Vallor, "Social Networking and Ethics", The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Fall 2022 Edition), Edward N. Zalta & Uri Nodelman (eds.), Aug 30, 2021, "accessed January 14, 2023". http://bit.ly/40mUuKR.

(20) Patrick Stokes, “Ghosts in the Machine: Do the Dead Live on in Facebook?,” Philosophy and Technology, Vol. 25, No. 3, (2012): 365.

(21) شانون فالور، التواصل الاجتماعي والأخلاق، موسوعة ستانفورد للفلسفة، ترجمة رنا الحميدان، مجلة حكمة من أجل اجتهاد ثقافي وفلسفي، 5 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول: 15 يناير/كانون الثاني 2023): http://bit.ly/40KpPXu.

(22) معايير مجتمع فيسبوك، سلامة الحساب والهوية الحقيقية:

- Transparency center, Meta, 2023, "accessed January 14, 2023".  https://bit.ly/40Hr5em.

(23) Mitch Parsell, "Pernicious virtual communities: Identity, polarisation and the Web 2.0," Ethics and Information Technology 10, (2008): 41.

 (24)Gordon Hull, “Successful Failure: What Foucault Can Teach Us about Privacy Self-Management in a World of Facebook and Big Data,” Ethics and Information Technology 17, (2015): 89-101.

- نقلًا عن: شانون فالور، التواصل الاجتماعي والأخلاق، مرجع سابق، ص 15.  

(25) Rafael Capurro, “Privacy. An Intercultural Perspective,” Ethics and Information Technology, Vol. 7, No. 1, (2005): p 47.

(26) شانون فالور، التواصل الاجتماعي والأخلاق، مرجع سابق، ص 16.  

(27) بناصر البعزاتي، الاستدلال والبناء: بحث في خصائص العقلية العلمية، ط1 (المغرب، دار الأمان، 1999)، ص 231.

 (28) Freedman Jonathan, Introductory Psychology, (Toronto: Addison-Wesley Publishing Company, 1982): 56.

(29) ستيفان فيال، الكينونة والشاشة: كيف يغير الرقمي الإدراك، ترجمة إدريس كثير، ط 1 (البحرين، هيئة البحرين للثقافة والآثار، 2018)، ص 134.

(30)  فيال، الكينونة والشاشة، مرجع سابق، ص 102.

(31) المرجع السابق، ص 104.

(32) هشام المكي، "تكنولوجيا الاتصال الرقمي والتحولات المجتمعية: الآليات التأثيرية والإشكالات البحثية"، في: العلوم الاجتماعية والتحولات المجتمعية: إشكالات منهجية وموضوعاتية، تحرير عبد الرحيم العطري، ط 1 (المغرب، مؤسسة مقاربات للنشر والصناعات الثقافية وإستراتيجيات التواصل، 2021)، ص 298-307.

(33) "Du bien-être au mieux-être," Entretien avec Gilles Lipovetsky, La Revue des marques, No. 64, (Octobre 2008), "accessed January 15, 2023". http://bit.ly/3ZDcnns  

(34) "المعضلة الاجتماعية"، نتفليكس، 2020، (تاريخ الدخول: 15 يناير/كانون الثاني 2023)، https://bit.ly/3m9QPkA.

(35) اعتمد الباحث في هذه الفقرة بشكل أساسي على المرجع الآتي: ثالر، سنشتاين، التنبيه، مرجع سابق.

(36) المرجع السابق، ص 9-11.

(37) تعرض بعض المبادئ بشكل مختصر وبتصرف من الباحث، لذا يمكن الاطلاع على الشروح المفصلة والأمثلة الأصلية في المرجع التالي: ثالر، سنشتاين، التنبيه، مرجع سابق، ص 101-126.

(38) Jaron Lanier, You Are Not a Gadget: A Manifesto, (New York: Alfred Knopf, 2010), 67.

(39) ثالر، سنشتاين، التنبيه، مرجع سابق، ص 14.

(40) لوتشيانو فلوريدي، الثورة الرابعة: كيف يعيد الغلاف المعلوماتي تشكيل الواقع الإنساني، ترجمة لؤي عبد المجيد السيد، سلسلة عالم المعرفة، (الكويت، المجـلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، العدد 452، سبتمبر/أيلول 2017)، ص 239.