جودة الأخبار في العصر الرقمي

تقتضي التغيرات التي لا تزال تحدثها الثورة الرقمية، وتسهم في إدارة دفتها الخوارزميات، إعادةَ تعريف العمل الصحفي والإعلامي برمته، ومنه مفهوم جودة الأخبار، وهو الجهد الذي يعكف عليه كتاب "جودة الأخبار في العصر الرقمي". وقد تنوعت أبحاث الكتاب وتعددت مشارب المساهمين فيه مما يجعله مثالًا على العمل الواحد العابر للتخصصات، وذلك سر أهميته. تعتمد معظم فصول الكتاب على المناهج الكمية في التحليل بالدرجة الأولى؛ إذ تتكئ على إحصائيات وأرقام وعينات مشاركين في بلدان مختلفة لمعالجة جودة الأخبار؛ حيث باتت عملية تحديد معايير جودة الخبر أكثر تعقيدًا.
(الجزيرة)

لم يعد الإعلام حكرًا على المتخصصين من صحفيين وإعلاميين ومحررين؛ فما برحت التكنولوجيا بأبعادها المختلفة وتطوراتها المتسارعة تؤثر في العملية الإعلامية وتُغيِّر تضاريسها حتى لَيتَعذَّر على المرء متابعة جميع ما أحدثته من تغييرات، بعضها جذري على عملية نقل الخبر وطرائق نقله وأساليب التفاعل معه. ولهذا جاء كتاب: "جودة الأخبار في العصر الرقمي" نتاج تعاونٍ بين باحثين من تخصصات مختلفة، فمنهم من هو مختص في علوم الاتصال، ومنهم من هو مختص في العلوم السياسية، ومنهم من هو مختص في التكنولوجيا الرقمية. ويعتمد معظمهم المناهج الكمية في التحليل بالدرجة الأولى؛ إذ تتكئ معظم فصول الكتاب على إحصائيات وأرقام وعينات مشاركين في بلدان مختلفة، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ونيجيريا.

وتقع جودة الخبر في كل ذلك الجهد موقعًا مهمًّا؛ لأنها مركز العملية الإخبارية؛ إذ بلا جودة تصبح العملية الإخبارية مضيعة للوقت والجهد والمال، لا بل قد تكون ضارة بالمجتمع وتماسكه وتؤثر على فكرة المشاركة التي تُعد من أهداف النشاط الصحفي السامية، ولعلها هي منشأ تسمية الصحافة بـ"السلطة الرابعة". وأَمسُّ ما تنهض الحاجة إليه هو مناقشة جودة الأخبار في هذا العصر الذي يمكن أن يُسمَّى بحق "عصر الخوارزميات"(1)، التي بلغ تأثيرها حدًّا يقتضي إعادة تعريف العمل الصحفي برمته(2). وقد اطَّردَ تأثيرُ الخوارزميات حتى صارت محلًّا للتنافس الخشن فدخلت عالم الصراعات الجيوسياسية(3). ولذلك أفرد الكتاب لهذا الموضوع بابًا كاملًا، هو الباب الثالث، يبحث فيه العلاقة بين جودة الخبر والخوارزميات، وهي التراكيب والصيغ الحسابية التي تُقرِّر من خلالها منصات، مثل فيسبوك و"إكس" (تويتر سابقًا)، المحتويات التي يمكن للمستخدم أن يتابعها. وها هنا محاولة للإجابة على سؤال: كيف تُشكِّل الخوارزميات انكشاف الناس على الأخبار والمعلومات؟

يستعرض الكتاب طيفًا من الاتجاهات المنهجية التي تُعنى بدراسة جودة الأخبار وطرائق نشرها، وتتنوع القضايا التي يناقشها والمناهج التي يستلهمها، والغاية من ذلك رفدُ الطلاب والمهتمين بمعرفة دقيقة حول تقييم جودة الأخبار التي تنشرها منافذ إعلامية متنوعة بغية الاستهلاك العام. كما يعالج الكتاب تلك الأخبار التي تُعزِّز الديمقراطية، والأخرى التي تعمل على تقويضها. من ذلك ظاهرة لجوء السياسيين والحكومات إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وأشهر هذه الأمثلة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب؛ الأمر الذي يزيد من خطورة هذه الوسائل، ولاسيما إذا ما نجحت عملية التضليل الإعلامي التي يقوم بها أفراد ومؤسسات متخصصة في الاستشارات السياسية، ثم يُكافَأ هؤلاء المستشارون بمناصب حكومية بعد إعلان فوز المرشح بالانتخابات.

ومن المراحل التي اطَّردت فيها عمليات التضليل الإعلامي مرحلة كوفيد-19. وقد زاد من خطورة الوباء أن بعض ناشطي التواصل الاجتماعي كان أقوى حضورًا من المؤسسات الصحية الرسمية، حتى لقد ظهر مصطلح خاص بها هو "الوباء الإعلامي" (Infodemic). ومن هنا أولت مؤسسات كبيرة، مثل الأمم المتحدة، وأيضًا فيسبوك وغوغل، عناية خاصة لوباء المعلومات، كما أنشأت جامعاتٌ مراكزَ للبحث في سُبُل تقليل مخاطر التضليل الإعلامي. ويدرس الكونغرس الأميركي فكرة تشريع يزيد من مسؤولية المنصات عما يُنشر من خلالها. يعالج الكتاب موضوع "فظاظة الإنترنت" (Internet Incivility)، أو غياب التحضر في الفضاء الإعلامي الإلكتروني، ويشير إلى رأي لافت، ألا وهو ضرورة انخراط صناع السياسات، أي الحكومات، في موضوع جودة الأخبار على نحو أجدى، فهم يتجنبون ذلك حفاظًا على الديمقراطية، ولكن المفارقة هنا أن عدم تدخلهم بوضع السياسات قد يفضي إلى اضمحلال الديمقراطية.

يتكون الكتاب من 13 فصلًا موزعة على أربعة أبواب. الباب الأول تأسيسي وفيه مقدمة تأسيسية وفصل عن تقنيات الاتصال ومهددات الديمقراطية. الباب الثاني يُعنى بمعايير قياس الجودة ومناهجها، وفيه 4 فصول. ويركز الباب الثالث على أنظمة الخوارزميات وجودة الأخبار، وفيه 4 فصول. أما الباب الرابع فيعالج جودة الأخبار والحكومة وسياسات الإعلام، ويحتوي على فصلين وخاتمة عامة. غير أن الكتاب لا يعالج موضوعًا لا يقل أهمية عن المواضيع والقضايا الأخرى، ولهذا الموضوع صلة وثيقة بجودة الأخبار ويُعرف في الإعلام بـ"سياسات ما بعد الحقيقة"، التي يكون للحقائق فيها مقام أقل من مقام العواطف واللعب على أوتارها، وما دام دونالد ترامب ذُكِر في مستهل هذا الكتاب، فقد كان مناسبًا أن يُشار إلى أنه من رواد هذه السياسات التي تنتشر أكثر ما تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي محلَّ التقصي في هذا الكتاب.

شارك في الكتاب أربعة وعشرون باحثًا مما يعني أن بعض فصوله أسهم فيها باحثان وأحيانًا ثلاثة في الفصل الواحد. وقد جاء هؤلاء من نحو خمس عشرة مؤسسة مختصة ما بين مركز للأبحاث وشركة إعلام مختصة وجامعة. فالكتاب، إذن، يجمع بين جوانب مختلفة من التنظير والممارسة من قاعة الدرس إلى الميدان بحثًا عن إمكانات تخفيض تدفق المعلومات الخاطئة والمعلومات المُضَلِّلَة. ومما يميز الكتاب أنه يفحص العلاقة بين جودة الأخبار والذكاء الاصطناعي، ولاسيما الخوارزميات التي تؤثر أيما تأثير في عملية إنتاج الإخبار، وما يتعلق بالجهود الرامية إلى إرساء سياسات عامة ترنو إلى إنقاذ نظام بيئي صحافي يعاني من ثغرات متعددة، بحسب ما ترى ديبورا وانغر (Deborah Wenger) من جامعة مسيسبي. فما زال العالم يهتم بسنِّ القوانين الخاصة بالتدفق الإعلامي، على سبيل المثال "قانون الخدمات الرقمية"، وهو الإطار المركزي الناظم للإعلام وآليات عمله في الاتحاد الأوروبي.

ورغم ذلك تطغى على الكتاب فكرة البعد الجغرافي، حيث يعالج الإعلام في البلدان الغربية، باستثناء فصل عن الإعلام في نيجيريا. وتلك ثغرة تتعلق بمدى نطاقه؛ إذ يهتم بمنطقة معينة من العالم، لا يتعداها إلا قليلًا. وقد يُحاجُّ أحدهم بأن هذه الثغرة مجبورة، لأن هذه المنطقة هي من يُنتِج المعرفة التي تأتي بالحلول والمشاكل في آن، ومن ثم فهم يعالجون ما تنتجه معرفتهم من مشاكل. لكن ذلك مردود بأن لكل ثقافة ولكل منطقة ما يخصها من احتياجات. والسؤال هنا: ما هو دورنا عربيًّا في هذا الشأن؟ الجواب: يمكن للمنطقة العربية الانتفاع من الطرائق والمناهج التي تُعالَج بها هذه القضايا عبر الأخذ منها، وليس بأخذها جملةً، والإضافة عليها، بحسب الحاجة.

1. سؤال إشكالي

كيف يمكن للمجتمع أن يزيد من تدفق وتأثير معكوس التضليل الإعلامي: أي تدفق معلومات صحيحة وأخبار ذات جودة عالية؟ يتفرع عن هذا السؤال الإشكالي أسئلة أخرى: كيف ينبغي تعريف الأخبار ذات الجودة العالية؟ وكيف يمكن تصميم، أو حتى إعادة تصميم، المنصات بحيث تتلاءم مع هذا المطلب؟

في الوقت الراهن ومن الناحية العملية، فإن مستهلكي الأخبار وأصحاب المنصات والمشرعين يحددون معالم الجودة كل بحسب رأيه وتوجهه وبحسب ما تقتضيه أحوال العمل اليومي لديه. ولا شك بأن "الجودة" فكرة قد تكون غير موضوعية، وبهذا تزداد التحديات بشأن تحديد معالمها. وتنتشر اليوم الأخبار عبر أجهزة عديدة، كما أن عملية نشر المعلومات تتأثر بنشاط أناس لا يتمتعون بتدريب مهني في المجال، مثل المدونين والصحافيين المواطنين الذين يبثون الأخبار عبر جوالاتهم.

2. مصطلحات ومنظورات

تفرد مقدمة الكتاب ثلاثة مصطلحات بالعناية، وهي: "المنصات"، و"الجودة"، و"الأخبار". والمنصة "بنية تحتية تقبل البرمجة ومن خلالها يجري تصميم برامج جديدة وإدارتها". ومن سماتها أنها تقوم على عملية تجميع اجتماعي تقني، ولذلك فهي ليست تقنية محضة، وإنما تخضع للأنظمة التي تُنْشِئُها وتُديرها وتجعلها نافذة لمن يريد أن يتحدث ويشارك ويبني علاقات اجتماعية. لكن هذه المنصات -بحسب ما ورد في الكتاب- ليست كما يوحي تعريفها المباشر، فهي لا توفر خدمات حيادية أو منبسطة كمنصة القطار، وإنما هي متعرجة ومتعددة الطبقات ذات سمات معقدة(4). إذن، تزداد قضية جودة الأخبار تعقيدًا يومًا بعد يوم كما يرى المحرران، ريجينا لورنس وفيليب نابولي، وذلك بسبب الاقتران الفريد بين الصحافة والمجتمع الديمقراطي؛ ذلك أن الأخبار ذات الجودة العالية تسهم في تشجيع الجمهور على أن يضطلع بدورٍ واعٍ في الديمقراطية التمثيلية.

ومن ثم، يمكن النظر إلى جودة الأخبار من منظورات ثلاثة: أولًا: وجود عناصر محددة في المحتوى يكون في الوسع قياسها، وتكون راسخة بحيث يكون تدفق المعلومات صحيًّا باتجاه الفرد والمجتمع. ثانيًا: أغراض مستهلكي الأخبار وما يتوقعونه منها. ثالثًا: يتعلق بالبنية التحتية الخاصة بالمعلومات التي تُشكِّلها منافذ إعلامية عديدة تسهم في تمكين المعرفة الجمعية والوعي المدني أو تعوقهما، بيد أن جودة الأخبار "بناء ديناميكي لا اتفاق بشأنه"(5). وعليه يتجدد سؤال قديم: ما الذي يجعل من محتوى خبرًا؟ هذا سؤال مركزي في الكتاب بالنظر إلى البيئة الإعلامية المعقدة في الوقت الراهن، حيث تسهم مؤسسات غير إعلامية بالمعنى التقليدي في تشكيل الوعي عبر ما يمكن تسميته "المحتوى الشبيه بالمحتوى الإخباري". وهذا ما يسعى الكتاب إلى إثارة النقاش بشأنه، وليس الإجابة عليه بالضبط.

يعالج الكتاب البحوث المتنامية حول المنصات الرقمية وتشكيلها لعمليات وصول الجمهور إلى الأخبار والمعلومات. وها هنا دعوة إلى تجاوز البنى السائدة في الإعلام الرقمي إلى قضايا مثل تشظي الإعلام مما يُسفر عن عملية تدفق معلومات تشوبها إشكاليات عديدة. ثمة تناقض صارخ فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي ألا وهو أن "مليارات المستخدمين يقضون وقتًا معتبرًا على وسائل التواصل، في الوقت الذي يعبِّر معظمهم عن عدم ثقته فيما يتعرض له من معلومات على هذه الوسائل". ولذلك فمن المهم التركيز على البنية التحتية التي تُشكِّل بيئة المعلومات هذه. ولكي نفهم التحديات التي تفرضها بيئة الإعلام الرقمي على الديمقراطية فلابد من إعادة تركيب الطرائق التي تؤكد على العناصر البنيوية والعناصر الإدراكية في عملية بناء النظام المعلوماتي.

3. بنية الإعلام الرقمي وخصوصيته

هناك خاصيتان رئيستان في الإعلام الرقمي: أولاهما: المستوى الممتد الشاسع فيما يتعلق بالاختيارات والتشظي الكبير فيه مما يعني التعدد الهائل في منافذ المعلومات المتاحة؛ إذ ازداد عدد المنافذ التي يتعرض لها أهل بيت واحد حتى 2013 إلى 189 منفذًا، ثم اطَّرد اتساعه مع انتشار الإنترنت. وقد أفضى هذا إلى مزيد من التشظي وما يُطلَق عليه في الكتاب بـ"الانفصال الأيديولوجي"، وهكذا زاد الاستقطاب الذي ترى النظرية البنيوية أنه تضاعف بسبب انتشار غرف الصدى(6) المُسيَّسة التي تَحْرِم أي منظور آخر غير منظورها من النفاذ لمستهلكيها. الخاصية الثانية هي طريقة التصميم البنائي لوسائل الإعلام الرقمي المقترنة بالاستقطاب وتدفق المعلومات الخاطئة. فالسرعة التي تنتشر بها المعلومات الخاطئة ملحوظة في الإعلام الرقمي. وهنا يمكن للاستقطاب والمعلومات الخاطئة أن يُعزِّز كلٌّ منهما الآخر. والخلاصة أن هذين يسهمان في تكوين التصورات الخاطئة مما يشكِّل تهديدًا للديمقراطية الحقة. وقد يضاف إلى ذلك أن منصات الإعلام الرقمي تتبنى نموذجًا تجاريًّا يُعلي من الربح على حساب أخلاقيات المحتوى(7).

يناقش الكتاب التحدي القائم في الوقت الراهن في تعريف الخبر الذي تغيَّرت ملامحه بفعل التغيرات التي أحدثها الإعلام الجديد ومنصات التواصل الاجتماعي، كما يهتم بقياس جودة الأخبار. ويركز على الافتراق الحاصل بين المعايير التي تعلي من شأنها شركات منصات التواصل وبين الأخبار عالية الجودة. فالإعلام الرقمي لم يصل بعد إلى مستوى من التصميم يمكِّنه من تقديم أخبار ذات جودة عالية، والسبب في ذلك أن بنيته في الأساس كانت ترمي إلى إشاعة الشهرة الخاصة بالمحتوى وتعزيزها على حساب الجودة. فوفقًا لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث فإن "واحدًا من كل أربعة بالغين في الولايات المتحدة يستقي الأخبار من منصات إعلام اجتماعي، مثل فيسبوك ويوتيوب"(8).

وتعود شهرة الإعلام الاجتماعي إلى تمتعه بطرائق مختلفة للتعامل مع الأخبار، فالناس العاديون يمكنهم تخليق أخبارهم الخاصة بهم، وكذلك يتعرضون لما ينشره أصدقاؤهم وما تقترحه عليهم الخوارزميات، كما يمكنهم المساهمة في الاشتباك مع الأخبار من خلال قدرتهم على التعليق والمشاركة والتعبير عن الإعجاب بغضِّ النظر عما تتعرض له فكرة المصداقية جراء هذه الخصائص من تشوه. صحيح أن مشاركة الناس قد تعطي تغذية راجعة، كما قد تشي بأن ذلك يسهم في تعزيز الديمقراطية عبر تساوي الفرص في الإرسال والتلقي، ولكن ذلك قد يؤدي إلى صحافة يقودها السوق مما يفضي إلى ضعف جودة الأخبار؛ ذلك أن الإعلام الاجتماعي لا يهدف إلى إشاعة أخبار ذات جودة عالية بقدر ما يهدف إلى تعظيم اهتمام المستخدم ومشاركته.

تُعرَّف الجودة بأنها "خصلة أو خدمة أو فعالية تتمتع بقيمة عالية في مجتمع أو مجموعة معينة"(9). ولتعريف حدود الجودة صلة بالسياق والحقل كما أنه مرهون بتفضيلات الأفراد وأذواقهم. ولكن لأن الصحافة يفترض أن تعلي من قيم الديمقراطية وتراقب عمل المؤسسة، ولأنها يفترض أن تزود الجمهور بمعلومات دقيقة، فلعل الحديث عن الدقة والشمول والشفافية والموضوعية والأصالة والتعدد، وهي مفاهيم تقع في صلب العملية الإخبارية، يحظى بأهمية خاصة إذا ما نوقش مفهوم الجودة. ولأن مفهوم الجودة في مبتدئه مرتبط بالسلع، فإن الكتاب يحيل إلى عالم التسويق في عملية تقييم المنتج الإخباري.

في عالم التسويق، يسود ثلاثة أنواع من السلع باعتبار مدى مشقة تقييم جودة المنتج أو الخدمة. النوع الأول: السلع اليسيرة التقييم قبل الاستخدام وهي التي يَسْهُل فحصها مثل الأثاث والحاسوب اللوحي. النوع الثاني: السلع التي يحتاج تقييمها إلى تجربة كالطعام والأفلام. النوع الثالث: السلع التي لا يمكن تقييمها قبل الاستخدام ولا بعده مباشرة، وإنما تحتاج إلى وقت مثل الخدمات القانونية والتعليم. في ضوء هذا التصنيف، يوجد في الصحافة الفئتان الأخيرتان: بمعنى لابد من التجريب والانتظار. وهذا بدوره أمر شائك، فما إن تسنح الفرصة للتقييم حتى يكون الوقت قد فات.

4. عتبتان وثلاثة مقترحات

هناك منهجان لتحديد جودة الأخبار؛ الأول: يبحث في المحتوى الزائف البائن ضرره على الصحة المجتمعية أو الديمقراطية، وهذا يسمى "العتبة الصغرى" (Minimal Threshold). أما الثاني فهو رفع مستوى تلك العتبة بالتدقيق في القيم الصحفية والمعايير المهنية، ومن هذا المنهج الجوائز التي تُمنح لمؤسسات تعتني بجودة الأخبار، مثل جائزة "بوليتزر" التي باتت تُمنح منذ 1917 لمؤسسات صحفية ذات ممارسة عالية الجودة والمهنية. لكن نقطة ضعف هذا المنهج أنه محصور في مؤسسات التيار السائد في الغالب، مثل "نيويورك تايمز" التي فازت بجائزة "بوليتزر" أكثر من غيرها.

ولحلِّ معضلة الجودة المنخفضة ثلاثة مقترحات: الأول: تفعيل الخوارزميات التي تجعل الصالح العام أولوية. ويتمثل الاقتراح الثاني في تخليق أدوات تُمكِّن المستخدمين من تقييم الأخبار. وقد دشنت منصة "إكس" ما أسمته "مراقبة الطائر" (Birdwatch) الذي يُمكِّن المستخدم العادي من تحديد التغريدات المضللة والإعلام عنها. الاقتراح الثالث: هو رعاية طويلة الأمد للإعلام العام تُقدمها الحكومات والمؤسسات وشركات التكنولوجيا. والسؤال هنا، من يضمن أن تعود رعاية الحكومات والشركات للإعلام العام بالخير على الشعب؟ ولابد من التنويه بأن الجودة أيضًا تبدأ من الداخل، داخل المؤسسات الإعلامية، لذلك هناك اليوم ما يُسمَّى بـ"صحافة الجودة"، و"صحافة العمق"، وقبل ذلك "الصحافة التفسيرية" التي تهتم بتقديم منتج صحفي لمواجهة الأخبار الزائفة والتضليل الإعلامي.

أما الفجوة بين المعايير التجارية إذا جاز التعبير، وجودة الأخبار من منظور المستخدم/المواطن، فتُعد موضوعًا مهمًّا في الكتاب، وهنا مسعى للإجابة على السؤال التالي: كيف يقرر الجمهور ما إذا كانت قصة منشورة على الإنترنت تستحق اسم "خبر"؟ والحديث هنا عن "الخبرية" (news-ness) وهي "محتوى إعلامي محدد يُعد في عرف المتلقين خبرًا". ولكن كيف للمتلقي أن يحدد ما هو خبر؟ الجواب يكمن أولًا في الوسيلة. فالجريدة المطبوعة أولى من موقع تواصل اجتماعي بأن يتسم محتواها بالخبرية. يقول أندرو فلانغن (Andrew Flanagin) وميريام ماتزغر (Miriam Metzger): إن أحد محددات مصداقية الخبر تكمن في طبيعة موقع نشره(10). ولهذا فظهور خبر على موقع "أسوشيتد برس" سيحظى بمصداقية. بينما الخبر ذاته لو انتشر عبر منصة "إكس" فسيكون عرضة للشك. ومع ذلك، فليست الوسيلة الإعلامية بحد ذاتها معيارًا حاسمًا في تقرير جودة الخبر ومصداقيته، فيمكن لوسيلة إعلامية معروفة أن تنزلق وتكون ولو لوقت قصير جزءًا من معركة استقطاب سياسي تتحيز فيها لطرف على طرف.

أسهمت الرقمنة، ضمن ما أسهمت فيه، في ظهور خاصية جديدة في العملية الإعلامية، ألا وهي إتاحة المجال للتعليقات التي تصاحب الأخبار المنشورة مما يؤثر في جودة الأخبار وطرائق تلقيها. ويستكشف الكتاب العنصرَ الخاص بالتعليقات في الخبر الإلكتروني وكيف يمكن أن تُسهم في تشكيل تصورات الناس عن فكرة جودة الأخبار، لاسيما التعليقات الفظة التي لها تأثير في جودة الأخبار وفي إشاعة التحيز. آليتان تلجأ لهما المؤسسات في تعميم التعليق: الأول عن طريق الاختيار البشري، والثاني عن طريق الخوارزميات التي تعتمد على عدد مرات الإعجاب والمشاركة للتعليق الواحد. ولأنه من المهم اختبار جودة الأخبار من منظور المستخدم، فذلك يتطلب فحص التعليقات، خاصة إذا كان لها قدرة على التأثير في قدرة المتلقي على الحكم على الخبر وجودته، ولكن كيف يمكن التحقق من الجودة وعناصرها في هذه الحالة، وهي: الحيادية، والتعددية، والموضوعية، والدقة؟ ولأن التعليقات من عمل المتلقين، فقد بيَّنت الدراسات أن المتلقين "لا يمكنهم تقييم جودة الأخبار على نحو دقيق".

وتُعرَّف الفظاظة (Incivility) بأنها "حَيدٌ عن المُثُل التقليدية في التداول العام"، أي إنها تخرق قواعد التبادلية ولا تحترم حقوق المواطنين، أو تُشكِّل خطرًا على الديمقراطية. وثمة نقاش هنا بأن الفظاظة في التعليقات ربما أسفرت عن تقليل جودة الأخبار في تصور المستهلكين. كما أن هناك علاقة بين التعليقات وما يطلق عليه "الإقحام" (Obtrusiveness)، فالقضايا المُقحَمة هي تلك التي لا تترك أحدًا إلا وتتسلل إلى حيزه وتؤثر فيه وفي تقييمه لجودة الأخبار. ويخلص الكتاب إلى أن التعليقات الفظة على مواقع التواصل تُقلِّل من جودة الأخبار مهما كانت قليلة.

5. معايير تقييم بديلة

يستخدم الكتاب مناهج تجريبية لاستكشاف كيف يقيم الناس جودة القصة الصحفية الإلكترونية. ويعالج ما يُعرف بـ "سؤال روبير" (Roper Question) الذي يستقصي معايير المصداقية الخبرية بالنظر إلى ناشر الخبر إن كان مذياعًا أو تلفازًا أو مجلة أو صحيفة. لكن هذا المعيار الذي استُحدث في منتصف القرن العشرين وظل ساريًا حتى نهايته لم يعد يفي بالغرض لتعقيد العملية الإعلامية مع ظهور الإنترنت وثورة الاتصال. وبهذا برزت معايير تقييم أخرى كالذي جاء به ماتياس كوهرينغ (Matthias Kohring)، في عام 2007، حيث صمم هو وزميله يورغ ماتيس (Jörg Matthes) سلمًا رباعيًّا يقوم على أربع درجات معيارها الثقة(11):

1. الثقة في اختيار المواضيع.

2. الثقة في اختيار الحقائق.

3. الثقة في دقة الوصف.

4. الثقة في التقييم الصحفي.

ثم اقترح آخرون معايير أخرى، مثل: طرائق العرض، والشفافية، والتوازن، والقدرة على التسلية. ولا عجب أن يكون المعيار الأخير من إنتاج معهد الصحافة الأميركي سنة 2016، حيث للتسلية شأن مهم في الثقافة الأميركية. وأضاف فريق ثالث معايير أخرى، مثل شمول الخبر واكتماله ودقته. ثم تأتي مسألة جمع المعلومات السالبة(12) التي يرى مركز بيو للأبحاث أنها قد تكون واعدة في مسار تقييم جودة القصة الصحفية، إلا أنه يرى أيضًا التقييمات الخاصة بالأخبار هنا منخفضة.  

يناقش الكتاب كيف يمكن للخوارزميات، التي تستخدمها مؤسسات الأخبار، مثل "نيويورك تايمز"، والإعلام الاجتماعي، مثل "إكس"، أن تؤثر سلبًا على بُعدٍ أساس في جودة الأخبار ومستويات تدفقها، ألا وهو الأخبار ببعدها المحلي. ويتبيَّن من البحث هنا أن اهتمام "نيويورك تايمز" بالأخبار المحلية لمدينة نيويورك في العقدين الأخيرين قد انخفض لصالح الأخبار الوطنية والأخبار العالمية. ففي عام 2000 مثلًا، مُنحت الأخبار المحلية في الصحيفة 200 ألف كلمة في الشهر بينما كان عدد الكلمات مليون كلمة قبل ذلك. ولهذا علاقة بازدهار منصات التواصل التي تهتم بالأخبار المحلية، حيث لا تستطيع الصحف مجاراة هذه المنصات لا من حيث سرعة النشر وتدفقه المستمر، ولا من حيث استهلاك الأخبار من طرف الجمهور. ويناقش الكتاب نماذج تدفق الأخبار، مثل التدفق ذي الخطوتين؛ حيث يُنشَر الخبر عبر وسيلة ثم يُعمِّمه قادة رأي. وثمة نموذج آخر يقوم -بحسب فيليب نابولي- على خمس خطوات(13):

  1. تُنتِج مؤسسة صحفية الخبرَ.
  2. تَتَعَهَّد المؤسسة الخبرَ وتشاركه على وسائل التواصل الاجتماعي.
  3. تُفَلْتِر وسائل التواصل الخبرَ باتجاه مستهلكي الأخبار.
  4. يشارك بعض المستهلكين المباشرين الخبر في شبكاتهم الخاصة بهم.
  5. تُفَلْتِر منصات التواصل الخبرَ المعاد مشاركته باتجاه مستهلكين غير مباشرين.

ويضطلع مفهوم التَّعهُّد (curation) هنا بدور مركزي حيث يقوم كل متلق للخبر بإذاعته ونقله لغيره عبر شبكات لا متناهية من المستهلكين المباشرين وغير المباشرين.

  1. ضروب التحكم

يركز الكتاب على قدرة المستخدمين على الإسهام في تصميم الخوارزميات، ويتقصى إن كانت قدرتهم المحدودة على السيطرة على ما تعرضه المنصات للمستخدمين يمكن أن تتحول إلى حالة من التأثير الحقيقي للمواطن في تغيير بيئة الأخبار الخاصة به. ويهتم بمفارقة مفادها أن المستهلكين يتعرضون لضخ معلومات تنسجم في الغالب مع توجهاتهم بفعل تحكم الخوارزميات في الاستجابة لرغبات مستهلكي الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي من خلال ما يُسمى "فقاعة الفلترة" (Filter Bubble). ومن هنا، فإن تبصير الجمهور بآلية عمل الخوارزميات قد يُحصنِّهم ضد حصر أنفسهم في التعرض لصدى صوتهم وما ينسجم مع توجهاتهم. وهذا ما يعرف بفكرة المستخدِم المُمَكَّن التي تقوم على التحكم المحتمل والفاعلية النظرية التي يفترض أن يتمتع بها المستخدم في الأنظمة المعلوماتية القائمة على تزكية ما تقدمه من أخبار. وتُسمَّى هذه بالأنظمة المُحبِّذَة (Recommender Systems)، وهي ظاهرة صاعدة في مضمار البحث العلمي الإعلامي. وهنا، تُناقش فكرة المستخدم بوصفه فاعلًا في العملية التواصلية من خلال مشاركته للتعليقات وغيرها، ولكن ذلك في العادة يظل محكومًا بما تقدمه له المنصات. ولهذا فثمة ثغرة في البحث بشأن قدرة المستخدمين على التأثير بحكم قوة الأنظمة المحبذة التي تُقدم وتقترح، وبهذا تقود العملية برمتها.

لكن السؤال ما فتئ يُلح: كيف يمكن للمستخدِمين التحكم؟ فلديهم ضربان من التحكم: الجلي والخفي. والإشارة هنا إلى التخصيص (Customization) بحسب الرغبات الشخصية وكذلك التزكية (Recommendation). فالتخصيص وهو من ألوان التحكم الجلي يترك الأمر للمُستخدِم في تحديد تفضيلاته، بينما التحكم الخفي لا يترك له إلا مساحة ضئيلة مثل التغذية الراجعة. ويخلص النقاش إلى أن المشاركين قلما ينخرطون في عملية التحكم حتى إذا فعلوا، فلا يستمرون. ومن هنا انخفاض فاعليتهم في جودة الأخبار.

يُعنى الكتاب بالعمل اليومي للصحفيين ويتخذ من حالة عددٍ منهم ممن يعملون في منفذ إعلامي يستخدم الذكاء الاصطناعي في نيجيريا وإفريقيا جنوب الصحراء محلًّا للدراسة بغية فهم كيف يكتب هؤلاء للذكاء الاصطناعي، وكيف تُشكِّل الأخبار التي يسهم فيها الذكاء الاصطناعي فَهمَهُم للصحافة. ويظهر النقاش أن المؤسسات الصحفية التي تُعنى بولاء القارئ وثقته تهتم بأن تعتمد خوارزميات ذات بعد شخصي تمكِّنها من تحقيق التعددية والتعرف إلى مواقف المستخدمين وتتصرف وفقًا لمقترحاتهم. لكن هذا الاهتمام بالبعد الشخصي قد يخفض من مستوى التعددية التي تسعى هذه المؤسسات لتحقيقها؛ إذ ينكفئ كل مستخدم على ذاته ويرتب التخصيصات وفقًا لأغراضه. وهكذا لا يأتيه وفقًا للخوارزميات إلا ما يناسب ذوقه وتوجهه.

ينادي الكتاب بمزيد من التعاون بين الصحفيين ومختصي الذكاء الاصطناعي لتحسين نظم إنتاج الإخبار، مبيِّنًا أن أحد مجالات التعاون يمكن أن تكون في مجال تطوير معايير النشر، وفئات المعلومات المقبولة، وطرائق التغذية الراجعة وعمليات التقييم من أجل بناء نظم إنتاج أخبار فعالة تخدم في النهاية قيم الصحافة والديمقراطية الحقة. ويركز الباحثون على القيم التالية: الدقة، والشمول الإخباري، والاستقلالية، وتجنب الإقصاء، والمشاركة، والتمثيل، والتعددية، والتداول، والتسامح. ويُعالج جهد أستراليا غير المسبوق في إنشاء عملية تحكيم يُحدد بموجبها ما يجب على شركات ضخمة، مثل: "غوغل" و"فيسبوك"، من مسؤوليات لقاء محتوى الأخبار الذي تنشرانه. ورغم ذلك يؤخذ على هذه العملية أنها لا تُقدم تعريفًا محددًا للجودة؛ مما يجعل الأمر غامضًا حينما يتعلق الأمر بالتفريق بين الصحافة رفيعة الجودة وصحافة الصالح العام.

ويتتبع الكتاب أيضًا الديناميات السياسية التي تحيط بعملية صنع السياسة المتعلقة بفكرة جودة الأخبار في بلدان ثلاثة، وهي: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، وتشمل صناعة الأخبار في مراحلها المختلفة من الإنتاج والتوزيع والاستهلاك. ونجد هنا خلاصة مفادها أن صنَّاع السياسة يميلون عن المفهوم بوصفه مبدأً إرشاديًّا لصالح مصطلحات مشحونة بالمعنى السياسي، مثل صحافة الصالح العام. ولئن ألحَّ الكتاب على تدخل الحكومات، فإنه لا يغفل ما في هذا التدخل من أخطارٍ على الديمقراطية، ومن هنا تجنَّب السياسيون في الدول الثلاث، التعمق في الانخراط في قضايا جودة الأخبار. لكن الاعتقاد هنا أن تدخل الحكومات مطلوب ولو بقدر كي يُعزِّز مبادئ العمل الصحفي المهني في حده المعقول. 

خاتمة

لأن الأخبار وانتشارها من حق القارئ، ولأن جودتها تسهم في تمكين مستهلكيها من تشكيل وجهات نظر سليمة، فإنها تمثل هاجسًا ليس للمختصين فقط، بل وللمشرعين والباحثين والمصلحين وأنظمة التعليم وكل من له علاقة بسلامة المجتمع وأمنه وازدهاره ودَمَقْرَطَتِه. ولتعزيز جودة الأخبار سُبُل متعددة، وتُهِمُّ فاعلين كثرًا، ولابد لهؤلاء جميعًا من أن يتضافروا بجهدهم وأبحاثهم ونشاطهم بحيث لا يكون أمام صانعي الأخبار ومن يديرون المنصات الضخمة مفر من الالتزام بالقيم والمعايير التي يتفق عليها بشأن جودة الأخبار وتفعيل الآليات الضامنة لعملية نقل إخباري يفيد العملية الديمقراطية والمشاركة السياسية الواعية. وخيرًا تفعل الدول التي تضبط سلوك المنصات وآليات عملها على أرضها بالتشريعات والقوانين والضرائب التي تصب في صالح أهداف تلك البلاد وأهلها. ولكن كل ذلك ربما لن يؤتي أُكلَه إلا إذا عُضِّدَ بتفعيل وتعميم أخلاقيات الاستهلاك المعلوماتي بحيث يكون المستهلك محصنًا ضد التحيز ويقظًا لديناميكيات عمل الخوارزميات، ومتسلحًا بالحس النقدي المستدام، وهي أمور، رغم أهميتها، لم يأت في الكتاب ذكرها. وهنا لابد من التشديد على أهمية التربية الإعلامية الرقمية التي ترفد المستهلك بما يلزمه من أدوات التحليل والتفكيك والتركيب مما يمكِّنه من تحليل المعلومات والبحث عنها في مظانها والتعامل معها بمهنية وموضوعية.

ذلك أن القوانين لا يوجد فيها تعريف واضح للصحافة والخبر والجودة، فالحكومات تسن القوانين في ضوء معارف معينة، ولم تستطع بعد أن تتواكب مع مستجدات الثورة التكنولوجية التي أثَّرت أيما تأثير في وسائل الاتصال، ومن هنا أهمية وجود الأخلاقيات الفردية. الخشية في الكتاب على الديمقراطية واضحة؛ ذلك أن الديمقراطية المؤثرة تُشيَّد وفق افتراضات دقيقة، وهذا لا يتأتى إلا بمعلومات دقيقة. أما في البيئة العربية فالحاجة إلى المعلومات الدقيقة قد تكون أهم، لأن الديمقراطية ليست مكتملة. وبهذا فإن معلومات غير دقيقة قد تسهم في مزيد إعاقة للمساعي نحو الديمقراطية والتعددية، ومن هنا أهمية أن تضطلع مؤسسات المجتمع المدني بجهد في نشر ثقافة الدقة والشفافية في نشر المعلومات، بخلاف الوضع في البلدان التي استقرت فيها الديمقراطية.

معلومات عن الكتاب

جودة الأخبار في العصر الرقمي

تحرير: ريجينا لورنس (Regina G. Lawrence) وفيليب نابولي (Philip M. Napoli)

سلسلة: الإعلام والسلطة  (Media and Power)

الناشر: روتليدج، المملكة المتحدة

تاريخ النشر: 2023

اللغة: الإنجليزية

الطبعة: الأولى

عدد الصفحات: 216

نشرت هذه الورقة في العدد الثالث من مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام، للاطلاع على العدد كاملًا (اضغط هنا)

نبذة عن الكاتب

مراجع

(1) آثرت ترجمة المفردة الإنجليزية (turn) إلى المفردة العربية "عصر" تنويهًا بأهمية الخوارزميات بوصفها معملًا للتأثير الهائل تستخدمه منصات التواصل الضخمة، مثل فيسبوك وإكس. فهو إذن، عصر الخوارزميات وليس "دور" الخوارزميات. والمعنى السياقي للمفردة الإنجليزية في سياقها يسمح بهذا، بل يقتضيه في ظني.

(2) Philip Napoli, "Automated media: An Institutional Theory Perspective on Algorithmic Media Production and Consumption," Communication Theory, Vol. 24, Issue. 3, (2104): 340-360.

(3) محمد الراجي، "إستراتيجيات شبكات التواصل الاجتماعي في إنتاج الأيديولوجيا والهيمنة الخطابية: دراسة بنية الخطاب الإسرائيلي على تويتر وفيسبوك"، الجزيرة لدارسات الاتصال والإعلام (مركز الجزيرة للدراسات، قطر، العدد 2، 2023)، ص 75-76.

(4) Tarleton Gillespie, "The platform metaphor, revisited," Culture Digitally, (August 24, 2017): 7.

(5) Philipp Bachmann et al., "Defining and Measuring News Media Quality: Comparing the Content Perspective and the Audience Perspective," The International Journal of Press/Politics, Vol. 27, issue. 2 (2021): 1.

(6) غرف الصدى ترجمة لـ"eco chambers"، وتعني تلك النطاقات الإعلامية التي يتعرض فيها المشارك لوسائل التواصل بما يتوافق مع توجهاته، وكأنها ترجع صدى ما يؤمن به، وتُعزِّزه عبر تكراره.

(7) هشام المكي، "شبكات التواصل الاجتماعي: من أخلاقيات المحتوى إلى التصميم الأخلاقي.. فيسبوك نموذجًا"، الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام (مركز الجزيرة للدراسات، قطر، العدد 2)، 241-281.

(8) Elisa Shearer, Amy Mitchell, "News Use Across Social Media Platforms in 2020," Pew Research Center, January 12, 2021, "accessed August 26, 2023". https://rb.gy/uddl8.

(9) Diego Gambetta, "Signaling," in The Oxford handbook of Analytical Sociology, Eds. Peter Bearman, Peter Hedstrom, (Oxford University Press, 2021), 168-194.

(10) Andrew Flanagin, Miriam Metzger, "The Role of Site Features, User Attributes, and Information Verification Behaviors on the Perceived Credibility of Web-Based Information," New media & Society, Vol. 9, Issue. 2, (April, 2007): 338.

(11) Matthias Kohring, Jörg Matthes, "Trust in News Media: Development and Validation of a Multidimensional Scale," Communication Research, Vol. 34, Issue. 2, (2007): 231-252.

(12) يعني جمع المعلومات السالب (Passive Data Collection) أن تجمع المعلومات دون مشاركة من يهمهم الأمر بالعملية بل ودون وعيهم بذلك.

(13) Philip Napoli, Social Media and the Public Interest: Media Regulation in the Disinformation Age, (New York: Columbia University Press, 2019), 77.