الرؤية الأمريكية لعملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية في ظل إدارة دونالد ترامب (2017-2021)

تنطلق هذه الدراسة من فرضية مفادها أنَّ رؤيةَ الرّئيسِ الأميركي دونالد ترامب وإدارتهِ لحلِّ الصّراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليِّ، لنْ تُحقّقَ الأمنَ والسّلامَ والاستقرارَ في المنطقةِ، وإنّما سوفَ تُؤدّي إلى تعنّتِ وتصلّبِ الموقفِ الإسرائيليِّ من عمليّةِ السّلامِ، مِمّا سَيزيدُ مِنْ عُدوانيّةِ إسرائيلَ ضدّ الفلسطينيّين وحُقوقِهم الوطنيّةِ.. وتأتي أهمية نشرها الآن من احتمالية عودة ترامب لرئاسة البيت الأبيض مع ما سيترتب على ذلك من سياسات وقرارات وتداعيات بالنسبة للشرق الأوسط عموما والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص.
(الجزيرة)

المقدمة

هَدَفتْ هذهِ الدّراسةُ بشكلٍ أساسيٍّ إلى تِبيانِ الرّؤيةِ الأمريكيّةِ لعمليّةِ السّلامِ الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ في ظلِّ إدارةِ الرّئيسِ الأمريكيِّ دونالد ترامب (2017-2021)، ومعرفةِ مَضمونِها وأهدافِها ومدى تأثيرِها على مُجرياتِ الصّراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليِّ ومدى نزاهتِها ونزاهةِ وساطتِها لحلِّ الصّراعِ؛ فبعدَ تولّي الرّئيسُ ترامب لمقاليدَ الحُكمِ في الولاياتِ المتّحدةِ الأمريكيّةِ، تَضارَبتْ مواقِفهُ وتبايَنتْ تصريحاتهُ بينَ التّخبّطِ وعدمِ استقرارِها؛ فبعدَ تعهُّدهِ أثناءَ حملتهِ الانتخابيّةِ بأنّهُ سيكونُ مُحايداً في وساطتهِ لحلِّ الصّراعَ الفلسطينيَّ الإسرائيليَّ، انقلبَ بعدَ نجاحهِ في الانتخاباتِ الرّئاسيّةِ الأمريكيّةِ لأقصى درجاتِ الانحيازِ لإسرائيلَ، متبنّياً أجندةَ اليمينِ الإسرائيليِّ المتطرّفِ بالكاملِ، ومُتماهياً مع سياساتهِ وأهدافهِ الاحتلاليّةِ على حسابِ حقوقِ الشّعبِ الفلسطينيّ المَشروعةِ وتضحياتهِ، مُتجاهلاً قراراتِ الشّرعيّةِ والمرجعيّةِ الدّوليّةِ.

وللوصولِ إلى إجاباتٍ عنْ مَضمونِ وأهدافَ ومدى تأثيرِ رؤيةِ الرّئيس ترامب وإدارته على الصّراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليِّ وعمليّةِ السّلامِ الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ، وضعَ الباحثُ تساؤُلاً أساسيّاً مَفادَه "ما هيَ أسبابُ التّحوّلاتِ والتّغيّراتِ والمُحدّداتِ السّياسيّةِ لرؤيةِ الرّئيسِ الأمريكي دونالد ترامب على صعيدِ حلِّ الصّراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليِّ؟ وما هي تداعِياتُها؟"، إضافةً لعددٍ من التّساؤلاتِ الفرعيّةِ الخاصّةِ بموضوعِ الدّراسةِ. ومُنطِلقاً من فرضيّةٍ أساسيّةٍ مَفادُها "إنَّ رؤيةَ الرّئيسِ ترامب وإدارتهِ لحلِّ الصّراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليِّ، لنْ تُحقّقَ الأمنَ والسّلامَ والاستقرارَ في المنطقةِ، وإنّما سوفَ تُؤدّي إلى تعنّتِ وتصلّبِ الموقفِ الإسرائيليِّ من عمليّةِ السّلامِ، مِمّا سَيزيدُ مِنْ عُدوانيّةِ إسرائيلَ ضدّ الفلسطينيّين وحُقوقِهم الوطنيّةِ". مُستخدِماً الباحثُ المنهجَ الوصْفيَّ التَّحليليَّ ومنهجَ تحليلِ النُّظمِ، ومَقسِّماً الدَّراسةَ إلى خمسةِ فصولٍ، للوصولِ إلى أهدافِ الدّراسةِ والإجابةِ عن تَساؤُلاتِها والتَّحقُّقِ مِنْ فَرَضيَّتِها بِشكلٍ عِلميٍّ مُلتزِمٍ بأصولِ البحثِ ومنهجيّتهِ.

مهّدَ الباحثُ في الفصلِ الأوّلِ مِنْ هذهِ الدّراسةِ لمُقدّمةِ الدّراسةِ ومنهجيَّتُها، حيثُ طَرحَ مُقدّمةَ الدّراسةِ، ومُشكلةَ الدّراسةِ وتساؤُلاتِها وفرضيّتَها، وأهميّتهَ ومبرّراتِها ومنهجيّتُها ...إلخ. أمّا الفصلُ الثّاني فقَدْ تحدّثَ الباحثُ فيه عنْ مُؤسّساتِ صُنعِ القرارِ في السّياسةِ الخارجيّةِ الأمريكيّةِ ومُحدّداتِها تِجاهَ القضيّةِ الفلسطينيّةِ، وتناوَلَ دورَ وتأثيرَ السّلطةِ التّنفيذيّةِ (الرّئيس) والسّلطةِ التّشريعيّةِ (الكونجرس) على القضيّةِ الفلسطينيّةِ، مُبيّناً مُحدّداتِ صُنع ِالسّياسةِ الأمريكيّةِ الدّاخليةِ والخارجيّةِ تِجاهَ القضيّةِ الفلسطينيّةِ والصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ، فقَدْ كانَ لمؤسّساتِ صُنعِ القرارِ في السّياسةِ الخارجيّةِ الأمريكيّةِ الدّورُ الأكبرُ لما آلت إليه الأمورُ منْ ضياعِ حقوقِ الشّعبِ الفلسطينيِّ حتّى إقامةِ دولةِ إسرائيلَ على حسابِ حُقوقِهم.

وفي الفصلِ الثّالثِ، تَناولَ الباحثُ موضوعَ التّطوّرِ التّاريخيّ للسّياسةِ الخارجيّةِ الأمريكيّةِ إزاءَ القضيّةِ الفلسطينيّةِ، واستعرضَ في هذا الفصلِ سياسةَ الولاياتِ المتّحدةِ الأمريكيّةِ تِجاهَ القضيّةِ الفلسطينيّةِ والصّراعِ الفلسطينيَ الإسرائيليَ، من لحظِةِ تدخّلِ الولاياتُ المتّحدةُ الأمريكيّةُ في القضيّةِ الفلسطينيّةِ حتّى عامِ (2019)، وتمَّ التّعرّضُ لمواقِفَ الإداراتِ الأمريكيّةِ المُتعاقِبةِ كافّةً وسياساتِها تِجاهَ القضيّةِ الفلسطينيّةِ والصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ، وعرضَ مواقِفَها وسياساتِها من قضايا الحلِّ النِّهائي، وكيفَ أثّرتْ على مجرياتِ القضيّةِ الفلسطينيّةِ والصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ.

أمّا الفصلُ الرّابعُ فقَدْ خُصّصَ لبحثِ وتحليلِ مَضمونَ رؤيةِ الرّئيسِ ترامب لحلِّ الصّراعَ الفلسطينيَّ الإسرائيليّ وأهدافِها ومدى تأثيرِها على عمليّةِ السّلامِ الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ، فقَدْ اتّخذَ الرّئيسُ ترامب خُطواتٍ وإجراءاتٍ فرديّةً لتحقيقِ عمليّةَ السّلامِ الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ حسبَ رؤيتهِ؛ فهوَ يرى أنَّ التّطبيعَ العربيَّ مع إسرائيلَ سيكونُ له دورٌ كبيرٌ وفعّالٌ في حلِّ الصّراعَ الفلسطينيَّ الإسرائيليَّ، وبأنَّ السّلامَ الاقتصاديَّ يُمكِنُ أنْ يكونَ بديلاً عن السّلامِ السّياسي، ومنْ ثمَّ اعترافِه بمدينةِ القُدسِ المُحْتلّةِ عاصمةً موحدّةً لإسرائيلَ ونقلهِ للسّفارةِ الأمريكيّةِ إليها، ومحاولتهِ تَصْفِيَةِ قضيّةِ اللّاجئينَ الفلسطينيّينَ ودعْمهِ للمستوطناتِ الإسرائيليّةِ والاستيطانِ؛ ما هوَ إلّا حَلٌّ لجزءٍ منْ قضايا الحلِّ النّهائي التي عجزتْ عن حلِّها الإداراتُ الأمريكيّةُ السّابقةُ؛ فهو يرى بأنَّ بقاءَ مدينةِ القُدسِ المُحْتلّةِ منْ دونَ حَسْمٍ أو حَلٍّ وكذلكَ قضيّةِ اللّاجئينَ الفلسطينيّينَ والمستوطناتِ الإسرائيليّةِ والاستيطانِ، سَيفاقِمُ الصّراعَ الفلسطينيَّ الإسرائيليَّ وسيطيلُ من أمَدِه.

كما أنَّ مواقِفَ إدارةِ الرّئيسِ ترامب تِجاهَ الصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ وقضايا الحلِّ النّهائي غيرَ عادلةٍ ومُنحازةٍ جُملةً وتفصيلاً لإسرائيلَ؛ فقَدْ قامتْ باتّخاذِ إجراءاتٍ وخُطواتٍ فرديّةً بهدفِ تفتيتِ هذه القضايا وإزاحتِها عن طاولةِ المُفاوضاتِ، بعْدَ ما كانَتْ تُمثّلُ عَقبَةً في المُفاوضاتِ الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ. وقدْ أدّى انسجامُ سياسةُ إدارةِ الرّئيس ترامب مع السّياسةِ والأهدافِ الإسرائيليّةِ إلى تعنّتِ اليمين في إسرائيلَ وتَطرُّفِه. وبالمقابلِ تمَّ فرضُ العقوباتِ وممارسةُ الضّغوطاتِ على السّلطةِ الفلسطينيّةِ والشّعبِ الفلسطينيّ بعدَ رفضِهم سياساتِ ورؤيةِ الرّئيس الأمريكيّ ترامب لحلِّ الصّراعَ الفلسطينيّ الإسرائيليّ، لتقديمِ مزيداً من التّنازلاتِ.

وفي الفصلِ الخامسِ تمَّ عَرضُ خاتمةُ الدّراسةِ والاستنتاجاتُ، وتوصياتِ الدّراسةِ، وأدبيّاتُ الدّراسةِ من المصادرِ والمراجعِ.

الخاتِمَةُ والاسْتِنْتاجاتُ

إنَّ تأييدَ ودعْمَ الولاياتِ المتّحدةَ الأمريكيّةَ المُستمِرَّ والمُتميِّزَ لإسرائيلَ، قائِمٌ على الحفاظِ على مصالحِها وأهدافِها في منطقةِ الشّرقِ الأوسطِ، وإنَّ طريقةَ إدارتِها للقضيّةِ الفلسطينيّةِ لا تخرجُ عنْ هذا التّوجّهِ والمضمونِ في سياساتِها الخارجيّة والتي تعتبر امتداداً لسياستها الدّاخليّة؛ فإسرائيلُ قَدْ أثبتتْ حفاظَها وضمانَها لسلامةِ المصالحِ والأهدافِ الأمريكيّةِ في الشّرقِ الأوسطِ باستمرار، فهيَ لا تتناقض أو تقِفْ ضدّ المصالح الأمريكيّة في المنطقة ككل.

ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ جماعات الضّغط اليهوديّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة وعلى رأسها اللّوبي الصّهيوني المعروف بـ"الإيباك" تعمل ليلاً نهاراً على دفع الولايات المتّحدة الأمريكيّة على تبنّي سياسات إسرائيل الاحتلاليّة والشّرق أوسطيّة، لذلكَ تقومُ الولاياتُ المتّحدةُ الأمريكيّةُ بدعمِها بكافّةِ السُّبلِ السياسيّةِ والاقتصاديّةِ والعسكريّةِ، للحفاظ على تفوّقِها النّوعي على جميع بلدان العالَمِ العربي في ظلّ عدم إمكانيّة تفوّقها العسكري كمّياً.  

وعلى الرّغمِ منْ تدخّل الولايات المتّحدة الأمريكيّة كوسيطٍ لحلِّ الصّراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ، إلّا أنَّ سياساتِها ومواقفَها تنكّرتْ لحقوق الشّعب الفلسطيني، وقَدْ كانَ لسياساتِها ومواقفِها بالغُ الأثرِ على الفلسطينيّين والقضيّةِ الفلسطينيّةِ؛ فقَدْ تعاملَتْ الإداراتُ الأمريكيّةُ المتعاقبةُ مع القضيّةِ الفلسطينيّةِ من منطلقِ إدارةِ الصّراعِ أكثر من حلِّهِ؛ فلَمْ تشمل طروحاتِها السّياسيّةَ حقّ الفلسطينيّين في تقرير المصير أو إقامة دولتهم، وتناسقتْ وانسجمتْ السّياسةُ الأمريكيّةُ مع جوهرِ السّياسةِ الإسرائيليّةِ وإستراتيجيّتِها وأهدافِها، وقَدْ تميّزتْ مواقفُ وسياساتُ الولاياتِ المتّحدةِ الأمريكيّةِ المتعاقبةِ إزاءَ القضيّةِ الفلسطينيّةِ بإخضاعِ العواملِ القانونيّةِ والشّرعيّةِ الدّوليّةِ والحقوقِ التّاريخيّةِ للفلسطينيّين لأهدافَ ومصالحَ الولاياتِ المتّحدةِ الأمريكيّةِ الشّرقِ أوسطيّةِ، المتوائمةِ مع مصالحَ وأهدافَ دولةِ إسرائيلَ، التي دأبتْ منذُ نشأتِها على ربطِ مصالحِها وسياستِها الشّرقِ أوسطيّةِ مع المصلحةِ القوميّةِ للولاياتِ المتّحدةِ الأمريكيّةِ.  

وقَدْ عمدتْ مؤسّساتُ صنْعِ السّياسةِ الأمريكيّةِ تحقيقاً لمصالحِها الإستراتجيّةَ وأهدافِها في الشّرقِ الأوسطِ، على مُواصلةِ دعمِ إسرائيلَ مقابلَ ضغوطاتِها على الفلسطينيّين للقبولِ بما تُمليهِ عليهم السّياساتُ الإسرائيليّةُ، ولمْ تتغيّرْ سياساتُ مؤسّساتِ صُنْعِ السّياسةِ الأمريكيّةِ في تعاطِيها مع القضيّةِ الفلسطينيّةِ، فقَدْ كانتْ متأثّرةٌ بدرجةٍ كبيرةٍ بالرّأيِ العامِ وجماعاتِ الضّغطِ اليهوديّةِ، التي كانَ لها دورٌ كبيرٌ على قراراتِ السّلطةِ التّشريعيّةِ والسُّلطةِ التّنفيذيّةِ فيما يخصُّ مصالحُ إسرائيلَ. وقد كانتْ مؤسّساتُ صنعِ السّياسةِ الأمريكيّةِ رهينةً للموقفِ الإسرائيليّ ومصالحِه؛ نتيجةَ ترابطِ الأيديولوجيّاتِ والتّشابكاتِ الدّينيّةِ والاجتماعيّةِ، وتحقيقاً للإمبرياليّةِ الأمريكيّةِ.

إنَّ رؤيةَ الرّئيسِ ترامب لحلِّ الصّراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليِّ، هي رؤيةٌ أمريكيّةٌ إسرائيليّةٌ خالصةٌ لتصفيةِ القضيّةِ الفلسطينيّةِ وفرضِ حلّاً يضمنُ القضاءَ على حقوقِ الشّعبِ الفلسطينيّ المشروعةِ وتضحياتهِ في سبيلِ التّحرّرِ وإقامةِ الدّولةِ الفلسطينيّةِ على ترابه الوطني المحتلّ من قِبَلِ إسرائيل.

وفي ظلّ رفضِ السّلطةَ الفلسطينيّةَ والشَّعبَ الفلسطينيَّ لرؤيةِ وسياسةِ الرّئيسِ ترامب لحلِّ الصّراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ، فإنَّ إدارتهُ تواصلُ فرضَ العقوباتِ والضّغوطاتِ على الشّعبِ الفلسطينيّ، واتّخاذِ الخطواتِ والإجراءاتِ أُحاديّةِ الجانبِ تِجاهَ القضيّةِ الفلسطينيّةِ، متجاهلةً ومتنكّرةً لحقوقِ الشّعبِ الفلسطينيّ المشروعةِ من ناحيةٍ، وأنَّ هناك احتلالٌ إسرائيليٌّ مُخالفٌ لميثاق الأمم المتّحدة وقرارات الشّرعيّة والمرجعيّة الدّوليّة، كان من الأجدى أنْ يخضع هذا الاحتلال للعقوبات والمقاطعة والحصار؛ لإجباره على الامتثال لقرارات الأمم المتّحدة وقرارات الشّرعيّة والمرجعيّة الدّوليّة منْ ناحيةٍ أخرى.  

فرؤيةُ الرّئيسِ ترامب لحلِّ الصّراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليِّ، تتناسقُ وتنسجمُ مع الرؤيةِ والأهدافِ الإسرائيليّةِ؛ فقَدْ تخلّتْ الإدارة الأمريكيّة عنْ حلِّ الدّولتين، واعترفت بمدينةِ القُدسِ المُحْتلّة عاصمةً موحّدةً لإسرائيل، وتحاول تصفيةِ قضيّة اللّاجئين الفلسطينيّين، وتعهّدت بحماية إسرائيل والدّفاع عن مصالحها وإستراتيجيّاتها، وتغضُّ الطّرف عن المستوطناتِ والاستيطانِ الإسرائيليِّ، ورأت في التّطبيع العربيّ الإسرائيليّ شرطٌ لحلِّ الصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ، وتعتمدُ على الاقتصادِ والمالِ السّياسي كبديلٍ عن السّلامِ السّياسي، وقد أدّى انحياز الإدارة الأمريكيّة المستمر لإسرائيل لتعنّت وتطرّف اليمين في إسرائيل وتصعيد سياساته الاحتلاليّة.

إنَّ موقفَ إدارةِ الرّئيسِ ترامب منَ الصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ، ما هو إلّا امتدادٌ وتراكمٌ طبيعيٌّ للسياساتِ الأمريكيّةِ الممتدةِ منذُ بداياتِ القرنِ المنصرمِ، والتي حاولتْ دائماً منْ خلالِ كلِّ المشاريعِ التي طرحَتها، تصفيةَ القضيّةِ الفلسطينيّةِ وتحويلَها من قضيّةٍ سياسيّةٍ إلى قضيّةٍ إنسانيّةٍ اقتصاديّةٍ. وقَدْ كانتْ دائماً الوساطةُ الأمريكيّةُ منحازةً إلى الجانبِ الإسرائيليِّ ومتماهيةً مع سياساتهِ الاحتلاليّةِ، ممّا افقدَها نزاهتَها وحياديّتَها؛ فقَدْ كانتْ دائماً تتبنَّى الموقفَ الإسرائيليَّ وسياساتهِ، إلّا أنَّ الإدارة الأمريكيّة الحاليّة زادت في درجة الدّعم لإسرائيل ولم تختلف عن الإدارات السّابقة في التزامها بدعم وتفوّق إسرائيل في جميع الميادين. 

استِنْتاجاتُ الدّراسةِ

توصَّلَ الباحِثُ إلى مجموعةٍ من الاستِنْتاجات، أهمُّها ما يلي:

1. إنَّ الإداراتِ الأمريكيّةَ المتعاقبةَ كافّةً التي تمَّ اعتبارُها وسيطاً لحلِّ الصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ، قَدْ انحازتْ إلى إسرائيلَ بشكْلٍ فاضحٍ ولمْ تكُنْ حياديّةً؛ فقَدْ مارستْ وما زالت تُمارسُ أدواراً مفصليّةً لصالحَ إسرائيلَ، وقَدْ كانتْ الوساطةُ الأمريكيّةُ مُنسجمةً ومُتناسقةً مع الأهدافِ الإسرائيليّةِ وتطلّعاتِها على حسابِ الشّعبِ الفلسطينيّ وحقوقهِ وحرّيتهِ وتضحياتِه.

2. لم تَسْعَ الوساطةُ الأمريكيّةُ لحلِّ الصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ على أساسٍ عادلٍ أو بناءً على قراراتِ الشّرعيّةِ والمرجعيّةِ الدّوليّةِ؛ بحجْمِ إدارةِ الصّراعِ بما يَخْدُمُ مصالحَها ومصالحَ إسرائيلَ.

3. لا تمتلكُ إدارةُ الرّئيسِ ترامب رؤيةً سياسيّةً واضحةً ومتماسكةً لحلِّ الصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ، وإنّما تعتمدُ في رؤيتِها لحلِّ الصّراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليِّ على الرّؤية الإسرائيليّة اللّيكوديّة اليمينيّة المُتطرّفة، وعلى ميزانِ القوّةِ بينَ أطرافِ الصّراعِ، ويتّضحُ ذلك منْ خلالِ التّصريحاتِ الأمريكيّةِ المُتناقضةِ والمُتضاربةِ بخصوصِ عمليّةِ السّلامِ الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ. وإنَّ مضمونَ رؤيةِ وسياساتِ إدارةِ الرّئيسِ ترامب هو الحفاظُ على تفوّقِ إسرائيلَ إقليميّاً وعلى أمنِها مع إقامةِ دولةٍ فلسطينيّةٍ منقوصةٍ بما لا يتعارضُ مع أمْنِ إسرائيلَ ومصالحِها.

4. لقَدْ أدّى دعمُ وتأييدُ وانحيازُ إدارةَ الرّئيسِ ترامب لإسرائيلَ وكراهيّتها لحركاتِ المقاومةِ الفلسطينيّةِ المشروعةِ، إلى تعنّتِ اليمينِ الإسرائيليِّ وزيادةِ تطرّفهِ، ممّا دفعهُ إلى سنِّ القوانينِ لتوسيعِ المستوطناتِ الإسرائيليّةِ والاستيطانِ ومناقشةِ ضمِّ مستوطناتِ الضّفةِ الغربيّةِ وغورِ الأردن، وتشدّدهِ تِجاهَ قضيّةِ اللّاجئين الفلسطينيّين وقضايا الحلِّ النّهائي، ومُحاولةِ حلّ الصّراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ على أساسٍ إقليميٍّ يضمَنُ التّطبيعَ مع إسرائيلَ والاعترافَ بها وبشرعيّةِ احتلالِها.

5. تجاوزتْ الوساطةُ الأمريكيّةُ في ظلِّ الرّئيسِ ترامب مرحلةَ الدّعمِ والانحيازِ لإسرائيلَ، وأحدثَتْ تحوّلاً جذريّاً وتمايزاً للسّياساتِ التي تبنّتْها الإداراتُ الأمريكيّةُ السّابقةُ، فمواقفهُ وسياساتهُ الخارجيّةُ تخالفُ سياساتِ الإداراتِ الأمريكيّةَ السّابقةَ حتّى قراراتِ الشّرعيّةِ والمرجعيّةِ الدّوليّةِ، فرؤيةُ إدارةِ الرّئيسِ ترامب وسياساتِها وإجراءاتِها تُؤكِّدُ بشكلٍ صريحٍ على أنّها مُتعاونةٌ وشريكةٌ مع الحكومةِ الإسرائيليّةِ في تصفيةِ القضيّةِ الفلسطينيّةِ.

6. إنّ اهتمامَ الدّولِ العربيّةِ بإيرانَ وملفِّ الإرهابِ وأزماتِها الدّاخليّةِ، قَدْ أدَّى لتهميشِ القضيّةِ الفلسطينيّةِ في أجندتِها؛ نتيجةَ التّغيّرِ في الأولويّاتِ التي رافقَتْ تعاظمَ الخطرَ الإيرانيَّ وخطرَ تنظيمَ الدّولةِ الإسلاميّةِ، حيْثُ توافقَتْ المخاوفُ العربيّةُ والأمريكيّةُ والإسرائيليّةُ على خطورةِ سياساتِ إيران وخطورةِ الجماعاتِ الإرهابيّةِ، والتقَتْ تلكَ المخاوفُ على ضرورةِ الحدِّ منْ نفوذِ إيران وأذرعِها في المنطقةِ.

7. إنَّ التّطبيعَ العربيَّ الإسرائيليَّ سيؤدّي لتهميشِ القضيّةِ الفلسطينيّةِ وحقوقِ الفلسطينيّينِ المشروعةِ، ممّا يعطي الفرصةَ لإسرائيلَ لمواصلةِ سياساتِها الاحتلاليّةِ وزيادةِ تعنُّتِها وضغوطاتِها على الفلسطينيّين بغطاءٍ عربيٍّ.

8. يتمثَّلُ هدفُ إدارةِ الرّئيسِ ترامب منْ ربطِ الدّعمِ الماليّ والمِنَحِ الأمريكيّةِ باستمرارِ المُفاوضاتِ ومحادثاتِ عمليّةِ السّلامِ الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ، بالمُساومةِ على حقوقِ الشّعبِ الفلسطينيِّ، وتمريرٍ للمشروعِ الإسرائيليّ وشرعنةِ احتلالهِ.

9. إنَّ اعترافَ الرّئيسُ ترامب بمدينةِ القُدسِ المُحْتلّةِ عاصمةً موحّدةً لإسرائيلَ، مُخالِفٌ لقراراتِ الشّرعيّةِ والمرجعيّةِ الدّوليّةِ، ويمثّلُ تجاوزاً فاضحاً للسّياسةِ والوساطةِ الأمريكيّةِ، ولمْ يَكُنْ اعترافُ الرّئيسِ ترامب بمدينةِ القُدسِ المُحْتلّةِ عاصمةً موحّدةً لإسرائيلَ عشوائيٌّ؛ بلْ منْ بابِ فرْضِ سياسةَ الأمر الواقعِ على الفلسطينيّين، ممّا يؤكّدُ تأييدهِ المطلق لإسرائيل ودعمهِ لها.

10. إنَّ طريقةَ تعاطي الرّئيسِ ترامب مع قضايا الحلِّ النّهائيّ، المتمثّلةِ بتفتيتِ هذه القضايا والخطواتِ والإجراءاتِ أُحاديّةِ الجانبِ وفرضِها بالإكراهِ على الفلسطينيّين، ووضعهِم تحْتَ الأمرِ الواقعِ، تجعل الولايات المتّحدة الأمريكيّة شريكةً مع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينيّة، وخاصّةً بعد تعهُّدِ الولاياتِ المتّحدةِ الأمريكيّةِ بعدمِ التّدخّلَ في هذهِ الملفّاتِ بشكلٍ فرديٍّ واتّخاذِ قراراتٍ حاسمةٍ بشأنِها، ممّا يؤكِّدُ على أنَّ إدارةَ الرّئيسِ ترامب تسعى لفرْضِ رؤيتَها السّياسيّةَ على الفلسطينيّين، وليسَ محاولتُها تحقيقَ سلامٍ فلسطينيٍّ إسرائيليٍّ كما تدَّعي، مُستغلّةً بذلك ميزانَ القوّةِ بينَ الفلسطينيّين والإسرائيليّين.

11. إنَّ قطعَ الدّعمِ والمساعداتِ والمنحِ الماليّةِ عنْ وكالةِ الأممِ المتّحدةِ لإغاثةِ وتشغيلِ اللّاجئين الفلسطينيّين (الأنروا)، وإقامةَ السّفارةِ الأمريكيّةِ في مدينةِ القُدسِ المُحْتلّةِ على أرضٍ فلسطينيّةٍ تعودُ ملكيّتُها للاجئين فلسطينيّين، دليلٌ على تصفيةِ إدارةِ الرّئيسِ ترامب لقضيّتهم وحقَّ عودتِهم، والدّعوةُ منْ جديدٍ لتوطينِهم في البُلدانِ العربيّةِ.

12. إنَّ موقفَ الإدارةِ الأمريكيّةِ تحْتَ رئاسةِ ترامب من المستوطناتِ الإسرائيليّةِ والاستيطانِ، مُتوافقٌ مع اليمينِ الإسرائيليِّ المُتطرّفِ، ممّا أدَّى لمنحِ إسرائيلَ فرصةً تاريخيّةً للاستيطانِ، بالتّالي مطالبةُ الكنيست الإسرائيليّ بضمّ مستوطناتِ الضّفةِ الغربيّةِ وغورِ الأردنّ، ممّا يقضي على الأملِ المُتبقّي بحلِّ الدّولتيْن وهو ما يتماشى مع رؤيةِ الرّئيسِ ترامب بتخلّيهِ عن حلِّ الدّولتيْن.

13. إنَّ رؤيةَ الرّئيسِ ترامب لحلِّ الصّراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليِّ، منسجمةٌ ومتناسقةٌ مع السّياسةِ والأهدافِ الإسرائيليّةِ، وهي تعبّرُ بشكلٍ صريحٍ عن دعمِ التّوجّهاتِ والمواقفِ الإسرائيليّةِ والتّنكّرِ للحقوقِ الفلسطينيّةِ، ممّا يُفْقِدُ الأملَ في نزاهتِها وسعيِها لحلٍّ عادلٍ للصّراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ.

14. إنَّ تمسّكَ السّلطةِ الفلسطينيّةِ بالمفاوضاتِ الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ واعتبارِها الإستراتيجيّةِ الوحيدةِ لتحقيق عمليّةَ السّلامِ الفلسطينيّةِ الإسرائيليّةِ وإقامةَ الدّولةِ الفلسطينيّةِ، قَدْ أضعفَ موقفَها وخياراتِها وحدَّ من قُدرتِها السّياسيّة، حتّى أنَّ السّلطةَ الفلسطينيّةَ بعْدَ خرْقِ وتجاوزِ إسرائيلِ لجميعِ الاتّفاقيّاتِ الموقّعةِ معها، لا تستطيعُ السّلطةُ الفلسطينيّةُ اتّخاذَ قرارٍ بحلِّ نفسِها أو الخروجِ عنْ نهْجِ اتّفاقيّاتِها مع إسرائيلَ.

توصياتُ الدّراسةِ

يوصي الباحِثُ بمجموعةٍ من التّوصيات الواجب على منظّمةِ التّحريرِ الفلسطينيّةِ والسّلطةِ الفلسطينيّةِ تبنّيها، ولعلَّ أهمَّها:

1. تصويبَ المسارِ السّياسي وتوحيدُ الجهودِ الفلسطينيّةِ، وضرورة إشراكَ الشّعبِ الفلسطينيِّ في الخياراتِ والقراراتِ السّياسيّةِ، بالتّالي تكونُ الخياراتُ والقراراتُ السّياسيّةُ مُستمدّةً منْ إرادةِ الشّعبِ الفلسطينيّ وطموحاتهِ، ممّا يؤدّي لأنْ تكونَ السّلطةُ الفلسطينيّةُ نموذجاً سياسيّاً وطنيّاً شعبيّاً، يحتضنُها الشّعب بكافّةِ أطيافهِ وأحزابهِ.

2. مقاومةُ الإغراءاتِ والامتيازاتِ التي تعرضُها إدارةُ الرّئيسِ ترامب وإسرائيلَ، فهذهِ الإغراءاتُ والامتيازاتُ الهدفُ منها تصفيةُ القضيّةِ الفلسطينيّةِ، ولا تعبّرُ هذه الإغراءاتُ والامتيازاتُ عنْ حقوقِ الشّعبِ الفلسطينيِّ المشروعةِ وتضحياتهِ. والبحث عن وساطةٍ جديدةٍ غير وساطة الولايات المتّحدة الأمريكيّة؛ لفشلها في حلِّ الصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ وعدم نزاهتها وحياديّتها.

3. التّصدّي للتّطبيعِ العربيِّ الإسرائيليِّ ومُجابهتِه، ويكونُ ذلكَ بوقْفِ تنسيقَ السّلطةِ الفلسطينيّةِ أوّلاً مع إسرائيلَ، ثمَّ قطعِ الاتّصالاتِ مع الجانبِ الإسرائيليِّ كافّةً، وخاصّةً الاتّصالاتِ مع الجانبِ المدنيّ والمؤسّساتِ الإسرائيليّةِ المدنيّةِ؛ فقبولُ إسرائيلَ عربيّاً قبْلَ إنهاءِ الصّراعِ الفلسطينيِّ الإسرائيليِّ سيُضْعِفُ الفلسطينيّين وسيحدُّ من مطالبهِم، ممّا يُؤدّي لمساومتهِم على حقوقهِم المشروعةِ.

4. انجازُ الوحدةِ الفلسطينيّةِ وإنهاءُ الانقسامِ وإعادةُ ترتيبِ المؤسّساتِ السّياسيّةِ الفلسطينيّةِ؛ وذلكَ حمايةً لحقوقِ الشّعبِ الفلسطينيّ في مُواجهةِ الضّغوطِ الأمريكيّةِ والإسرائيليّةِ، والتّوافقِ على إستراتيجيّةٍ وطنيّةٍ شاملةٍ للتّحرّرِ وإقامةِ الدّولةِ الفلسطينيّةِ، مع تعزيزِ التّنسيقَ الفلسطينيِّ العربيِّ لضمانِ وحدةُ الموقفِ العربيِّ مع الثّوابتِ والحقوقِ الفلسطينيّةِ.

5. في ظلِّ مُخالفةِ إسرائيلَ لاتّفاقيّاتِ السّلامِ الموقّعةِ المُتمثّلةِ في اتّفاقِ أوسلو واتّفاقيّةِ بروتوكول باريس الاقتصاديّةِ، وجَبَ مراجعةُ هذه الاتّفاقيّاتِ ووقْفُ العملِ بها؛ فقَدْ كانَ لها بالغُ الأثرِ على حقوقِ الشّعبِ الفلسطينيّ وخياراتهِ، وأثبتَتْ هذه الاتّفاقيّاتُ أنّها لا تخدمُ سوى المصلحةِ الإسرائيليّةِ وأهدافِها، متجاهلةٌ ومجحفةٌ لحقوقِ الشّعبِ الفلسطينيّ المشروعةِ، فلَمْ تؤدِّ هذه الاتّفاقيّاتُ بعْدَ تمسّكِ السّلطةِ الفلسطينيّةِ بها واعتبارِها مرجعيّةٍ ثابتةٍ لها، إلّا لتشرذمِ الوضعِ الفلسطينيِّ وضعفهِ ومساومتهِ على حقوقهِ وتضحياتهِ. فسياسة إدارة الرّئيس ترامب قَدْ أثبتَتْ بشكلٍ قاطعٍ فشل الوساطة الأمريكيّة وفشل محادثات السّلام واتّفاق أوسلو في تحقيقِ السّلامِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ.

6. مُطالبةُ المجتمعَ الدّولي بمسؤوليّتهِ تِجاهَ الشّعبِ الفلسطينيِّ، وتطبيقُ قراراتِ الشّرعيّةِ والمرجعيّةِ الدّوليّةِ الخاصّةِ بالقضيّةِ الفلسطينيّةِ، وعدمُ قبولِ أيُّ حلولٍ لا تستندُ لحقوقِ الشّعبِ الفلسطينيّ وتضحياتهِ وآمالهِ.

للاطلاع على نص الأطروحة (اضغط هنا).

الآراء الواردة في الأطروحة تمثِّل صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي مركز الجزيرة للدراسات.

نبذة عن الكاتب