العلاقات الصينية الهندية وتأثيرها في مستقبل التوازن الإقليمي في آسيا

(الجزيرة)

مقدمة

تتناول هذه الأطروحة بالدراسة والتحليل أحد أبرز الملفات الجيوسياسية المعاصرة في آسيا، والمتمثل في العلاقات الصينية-الهندية بوصفها علاقة مركّبة تجمع بين التنافس الاستراتيجي والتعاون البراغماتي ضمن بيئة إقليمية ودولية شديدة التحوّل. وتكتسب هذه العلاقات أهميتها من كون الصين والهند تمثلان قوتين آسيويتين صاعدتين تمتلكان عناصر قوة صلبة وناعمة وذكية تؤهلهما للتأثير المباشر في هيكل التوازنات الإقليمية ودوائر صنع القرار الدولي. ومن هذا المنطلق، تسعى الأطروحة إلى الكشف عن كيفية انعكاس تطوّر العلاقات بين العملاقين الآسيويين على مستقبل التوازن الإقليمي في قارة آسيا، في ظل اشتداد المنافسة على مجالات النفوذ في البر والبحر والجو والفضاء، وتزايد أدوارهما في التحالفات الإقليمية والدولية

وترتكز الدراسة على سؤال مركزي يتمثل في: كيف تسهم العلاقات الصينية-الهندية، بما تتضمنه من محددات تاريخية وجيوسياسية ومصادر قوة واستراتيجيات إقليمية متعارضة، في إعادة صياغة التوازن الإقليمي في آسيا، خاصة في جنوب آسيا وجنوب شرقها؟ وتفرعت عن هذا السؤال مجموعة تساؤلات تُعنى بحدود التنافس وأبعاده، وبالوسائل التي تعتمدها الدولتان لتوسيع نفوذهما عبر الاقتصاد والتسليح والتحالفات الدبلوماسية ومشاريع البنى التحتية العابرة للحدود

ولتفسير هذه التفاعلات المعقدة، استعانت الأطروحة بحزمة من المناهج العلمية، من بينها المنهج التاريخي لتتبع تطور العلاقات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى المرحلة الراهنة، والمنهج التحليلي لفهم الدوافع الحاكمة للسياسات الخارجية لكل من بكين ونيودلهي، والمنهج المقارن لقياس أوجه الاختلاف والتقاطع في أدوارهما الإقليمية، إضافة إلى المنهج الاستشرافي الذي يقدّم تصورًا معمقًا لسيناريوهات التوازن المستقبلي في آسيا على ضوء تنامي الحضور العسكري والاقتصادي والتكنولوجي للطرفين

الخاتمة

وقد توصّلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج الرئيسة، من أبرزها أنّ نمو القدرات الصينية المتسارع ـ خاصة في المجالات العسكرية والبحرية والتكنولوجية ـ يشكل تحديًا مباشرًا للنفوذ الهندي في جنوب آسيا، الذي يُعد المجال الحيوي التقليدي لنيودلهي. كما يُقابل ذلك مساعٍ هندية مضادة لتعزيز انفتاحها السياسي والاقتصادي والأمني تجاه جنوب شرق آسيا والمحيطين الهندي والهادئ، عبر شراكات متعددة تتقاطع أحيانًا مع الاستراتيجية الأميركية الهادفة إلى احتواء الصين. وأظهرت الدراسة أن التفاعل بين استراتيجيات الدولتين قد انتقل من مستوى إدارة الحدود والخلافات التاريخية إلى مستوى صراع تنافسي شامل يعيد تشكيل التحالفات الإقليمية ويزيد من احتمالات الاحتكاك العسكري المباشر، خصوصًا في المناطق الحدودية شديدة الحساسية.

كما بيّنت الأطروحة أنّ مستقبل التوازن الإقليمي لن يكون ثنائي الأبعاد فقط، بل يتجه نحو توازن ثلاثي يجعل الولايات المتحدة أحد محدداته الرئيسة، في إطار علاقات متشابكة تشمل التعاون والردع والتقييد الاستراتيجي المتبادل بين القوى الثلاث. وهو ما يؤشر إلى أنّ المشهد الآسيوي في العقود المقبلة سيظل عرضة لإعادة التموضع المستمرة تبعًا لتنامي القدرات الجيوسياسية لكل طرف وطبيعة التحالفات الدولية التي ينخرط فيها

وتقدّم هذه الأطروحة، بما تضمنته من معالجة للسياقات التاريخية والجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية للعلاقات الصينية-الهندية، إسهامًا في الدراسات الاستراتيجية، وتسدّ فجوة بحثية تتعلق باستشراف مستقبل التوازن الإقليمي في آسيا من منظور تنافسي متعدد الأبعاد، يراعي تأثير القوى الدولية الكبرى وتحولات بنية النظام العالمي الآخذة في التشكل.

تنويه

  • الآراء والمواقف الواردة في هذه الأطروحة تعبّر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة موقف مركز الجزيرة للدراسات أو سياساته التحريرية.
  • للاطلاع على النص الكامل للأطروحة بصيغة (PDF)، (اضغط هنا)
  • يرحّب مركز الجزيرة للدراسات بتلقي رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه ذات الصلة بمجالات اهتمامه للنشر على موقعه الإلكتروني، وذلك بإرسالها إلى البريد الإلكتروني التالي: ajcs-publications@aljazeera.net
  • يحتفظ الباحثون بحقهم في إعادة نشر رسائلهم وأطروحاتهم أو تطويرها لاحقًا في أي صيغة أخرى، بما في ذلك إصدارها في كتاب.

نبذة عن الكاتب