الأنظمة الانتخابية في موريتانيا في ظل دستور 1991

تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة عن الأسئلة التالية: ما ملامح وخصائص النظام الانتخابي الموريتاني؟ وما مدى قدرته على تمثيل الاتجاهات والطبقات والشرائح والناخبين في المجتمع؟ وما نقاط قوته وضعفه؟ وإلى أي مدى أفلحت التعديلات والإصلاحات التي أدخلت في ملاءمة النظام الانتخابي الموريتاني مع البيئة السياسية والمجتمعية في البلد؟ وما علاقة النظام الانتخابي بالمشكلة السياسية في البلاد؟
(الجزيرة)

المقدمة

تطرق هذه الدراسة إشكالية أنظمة الانتخابات في موريتانيا منذ صدور الدستور الحالي الذي يقرّ التعددية، وتتعرض للنظم الانتخابية المعمول بها في مختلف الاستحقاقات (رئاسية وبرلمانية وبلدية وجهوية) التي جرت خلال النطاق الزمني للدراسة (28 عملية انتخابية) أي من 1992 إلى الانتخابات التي جرت في عامي 2018-2019، وتأثيراتها على التطور الديموقراطي ومسار الإصلاحات والتمثيل السياسي والنظام الحزبي.

كما تتطرق إلى تأثير أنماط الاقتراع على المشاركة السياسية وإشكالية تقسيم الدوائر الانتخابية والوزن النسبي لأصوات الناخبين في مختلف الدوائر والتزامه بالمعايير الدولية في هذا الشأن. 

وتتناول الدراسة طبيعة النظام الانتخابي القائم، وأنماط الاقتراع، وتطور الإصلاحات التي مر بها من منظور مدى نجاحها في السير نحو الانتقال الديموقراطي، واستيعاب كافة القوى الحية، وتحقيق أعلى مستوى من المشاركة السياسية في العمليات الانتخابية، ومدى نجاح تمثيل الفئات الاجتماعية، وعلى رأسها المرأة والشباب والموريتانيين في الخارج، في المؤسسات المنتخبة ومشاركتها في صنع القرار، وتأثيرها على النظام الحزبي، ومشاركة المعارضة ومقاطعتها.

كما تتطرق إلى الأبعاد المتعلقة باستخدام وسائل الدولة والمال السياسي، وبالانعكاسات على النسيج الاجتماعي، والمنظومة الحزبية، وكيفية تقسيم الدوائر الانتخابية، وتصميم ورقة التصويت، ومدى توفير تكافئ الفرص بين الدوائر واللوائح المترشحة، والمساواة في وزن صوت الناخب الموريتاني، وتشرذم الحياة السياسية وإحياء النعرات القبلية والجهوية والعرقية، وضعف الولاء الحزبي، وهشاشة البنى القائمة.

وفيما يتعلق بدورية الانتخابات تركز الدراسة على ما شاب مواعيدها من تذبذب مثل تعجيل انتخابات الجمعية الوطنية 1996، والبلدية في سنة 2001، وتمديد المأمورية بالنسبة للبرلمان والبلديات في 2012، وتعجيل للانتخابات الرئاسية ثلاثة مرات (في 1997 و2007 و 2009 لأسباب متباينة)، وتأجيل تجديد مجلس الشيوخ عدة مرات، وتم العمل بصفة عامة بنظام انتخابي يقوم على نمط الانتخاب ذي الأكثرية المطلقة في كل هذه الانتخابات إلى غاية العام 2001، حيث أُضيف إلى النظام الانتخابي الأكثري بصيغته الإسمية الأحادية (الفردية) في الدوائر الصغيرة نظام التمثيل النسبي. 

وتطرح الدراسة عدة تساؤلات وتسعى للإجابة عليها:

هل خلق النظام الانتخابي الموريتاني الإطار الملائم للمشاركة السياسية والمنافسة النزيهة والشفافة؟ ما ملامح وخصائص النظام الانتخابي الموريتاني؟  وما مدى قدرته على تمثيل الاتجاهات والطبقات والشرائح والناخبين في المجتمع؟ وما نقاط قوته وضعفه؟ وما العوامل المحددة له؟ وما آثاره السياسية؟ وأين تلك الآثار على معدلات المشاركة السياسية للمواطنين؟ وما حجم التأثير على تمثيل المرأة والشباب والموريتانيين في الخارج؟ وإلى أي مدى أفلحت التعديلات والإصلاحات التي أدخلت في ملاءمة النظام الانتخابي الموريتاني مع البيئة السياسية والمجتمعية في البلد؟ وهل بإمكان الدراسة اقتراح إصلاحات تسهم في تطوير النظام الانتخابي الحالي؟ ما أولويات الإصلاح الملحة؟ وما مدى احترام النظام الانتخابي للالتزامات الدولية لموريتانيا؟ وأين تقع نقاط قوة وضعف النظام الانتخابي الحالي؟ وما علاقة النظام الانتخابي بالمشكلة السياسية في البلد؟ وكيف كرّس النظام الانتخابي نظاما تعدديا مقيدا يسيطر فيه حزب واحد على مجريات العملية السياسية؟

وتهدف الدراسة بصفة عامة إلى دراسة النظام الانتخابي الحالي في موريتانيا وتجربته في مجال الحكامة الانتخابية وتطوير المسار الديموقراطي.

وللتعرف على ملامح النظام الانتخابي الموريتاني الحالي تم تحديد الأهداف الخاصة للدراسة على النحو التالي:

  • المساهمة في التفكير حول التجربة الانتخابية الموريتانية المعاصرة خلال النطاق الزمني المحدد وذلك في إطار التجارب والدراسات المقارنة؛
  • إعداد دراسة موضوعية وعلمية إلى أقصى حد ممكن تغطي كافة جوانب الموضوع وتعرض لتفاصيل وخصوصيات النظام الانتخابي الموريتاني في إطار السياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقانوني والثقافي للدولة والمجتمع الموريتانيين؛
  • تناول أهم الآثار السياسية والقانونية التي يؤدي إليها النظام الانتخابي على التطور الديموقراطي؛
  • معرفة أهم محددات فاعلية النظام الانتخابي؛
  • التعرف على مدى ملاءمة النظام الانتخابي للبيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية في البلد.

وتنطلق الدراسة من الفرضيات التالية: رغم أن موريتانيا دخلت منذ حوالي ثلاثين (30) سنة تجربة الانتخابات التعددية لأول مرة منذ استقلال البلاد وبعد فترة الحكم العسكري التي استمرت ما بين 1978 إلى 1991، إلا أن آجال هذه الانتخابات شابها تذبذب ولم تستطع المحافظة على دقة الدورية والانتظام بسبب عوامل متباينة تتراوح بين الانقلابات العسكرية وتمديد أو تقليص المأموريات، أضف إلى ذلك أنها لم تحقق التداول السلمي على السلطة بشكل كامل. كما أنها لم تؤد أو لم تستطع الحصول على إجماع ألوان الطيف السياسي الموريتاني فقد حدث خلال فترة الدراسة التي تغطيها الدراسة انقلابان وعدة محاولات انقلابية بسبب الانسداد السياسي والاحتقان العام والحاجة الماسة لتوسيع القاعدة الشعبية للنظام السياسي الحاكم وإضفاء الشرعية الشعبية عليه أو لتمديد فترة حكمه.

 وتطرح الدراسة للاختبار الفرضيات التالية:

  1. استخدم النظام الانتخابي من قبل الحكومات للحد من احتمالات التطور الديموقراطي، وللتحكم في المشهد السياسي، والبقاء أطول فترة في الحكم.
  2. شكل السعي إلى إضفاء شرعية الانتخاب والسعي إلى رفع المشاركة السياسية عاملا حاسما في اختيار وتعديل الأنظمة الانتخابية في سنوات 2001 و 2006 و2012. 
  3. هناك استمرارية في مدخلات ونتائج مخرجات النظام الانتخابي بشكل جعل مساهمته محدودة في الاستقرار والانتقال الديموقراطي وتقوية الأحزاب الموريتانية وتمثيل الشباب والمرأة واحترام الحق في ترشح المستقلّين.
  4. ساهم النظام الانتخابي في إذكاء النعرات القبلية والعرقية والفئوية، وفي تكاثر وتشرذم الحياة الحزبية والانشقاقات داخلها.

تستخدم الدراسة المنهجين الوصفي والتحليلي. وتستفيد من مزايا المناهج القانونية والسياسية وكل من المنهجين التاريخي والمسحي. كما تسعى إلى توظيف المنهجين الكيفي والكمي عبر دراسة المؤشرات والبيانات المتوفرة وإجراء مقارنات لاختبار كفاءة النظام الانتخابي وملاءمته للبيئة الاجتماعية والسياسية الموريتانية.

 ويفرض المنهج الوصفي جمعا للمعلومات والبيانات وتوظيفها فيما يتعلق بتصميم النظام الانتخابي الموريتاني وخصائصه وميزاته الرئيسية وسلبياته. ولكن حدود ذلك المنهج التقليدي وجموده يبقى قاصرا عن فهم تعقيدات المنظومة الانتخابية في سياق البيئة السياسية الحزبية والمؤسسية في بلدنا مما يفرض بالضرورة تجاوز المنهاج القانوني إلى مناهج تتلاءم أكثر مع طبيعة الموضوع وآليات سبر أغواره السياسية والمجتمعية والاقتصادية.

وتسمح المزاوجة بين تلك المناهج وكل من التحليل الكمي والكيفي بفهم أعمق لطبيعة العملية القانونية السياسية وتفاعلاتها ونتائجها واكتشاف مكامن الخلل والطموح إلى تقديم اقتراحات عملية وآليات عملية لتجاوز حالة الركود التي يشهدها هذا الحقل القانوني –السياسي المتعدد الأبعاد لشدة حساسيته على مسار البلد بصفة عامة ومستقبله ومصير أبنائه. وذلك مع انطلاق الدراسة من مقولات ومفاهيم مدرسة تحليل النظم.

لقد جرى تقسيم الدراسة على فصل تمهيدي وثلاثة أبواب تضم كل منها ثلاثة فصول أيضا. ففي الفصل التمهيدي تمت معالجة الإطار المفاهيمي والنظري للأنظمة للانتخابية من خلال التطرق في ثلاثة مباحث إلى النظام الديموقراطي والانتخابات الديموقراطية وأنواع الأنظمة الانتخابية وأنظمة الانتخاب المستعملة في موريتانيا.

واشتمل الباب الأول على تفصيل حول نظام انتخاب رئيس الجمهورية في ثلاثة فصول تناول الفصل الأول منها في ثلاثة مباحث نظام انتخاب رئيس الجمهورية في عهد الرئيس معاوية الطايع عبر التطرق إلى النظام الانتخابي في 24 يناير 1992 والنظام الانتخابي في انتخابات 12 ديسمبر 1997 ونظام انتخاب رئيس الجمهورية في 7 نوفمبر 2003. وخصص الفصل الثاني لنظام انتخاب رئيس الجمهورية في الفترتين الانتقاليتين سنتي 2007 و 2009 وتم تقسيم الفصل إلى مبحثين اشتمل أولهما على معالجة لنظام انتخاب رئيس الجمهورية في انتخابات 11 و25 مارس 2007 والمبحث الثاني على دراسة لنظام انتخاب رئيس الجمهورية في 18 يوليو 2009.  وعالج الفصل الأخير في هذا الباب مسألة نظام انتخاب رئيس الجمهورية في عهد الرئيس محمد عبد العزيز من خلال مبحثين تناول أولهما نظام انتخاب رئيس الجمهورية في 21 يونيو 2014 والثاني نظام انتخاب رئيس الجمهورية في 22 يونيو 2019.

وخصص الباب الثاني لنظام انتخاب البرلمان عبر عرض في ثلاثة فصول خصص الفصل الأول لنظام انتخاب البرلمان بغرفتيه في عهد الرئيس معاوية الطايع أي انتخابات الجمعية الوطنية في مارس 1992 ومجلس الشيوخ في إبريل 1992. ونظام انتخاب الجمعية الوطنية في أكتوبر 1996 و2001. واشتمل الفصل الثاني في هذا الباب إلى نظام انتخاب البرلمان في الفترة الانتقالية أي انتخابات نوفمبر 1996 بالنسبة للجمعية الوطنية وانتخابات مجلس الشيوخ في يناير 2007. وخصص الفصل الثالث الأخير في هذا الباب لنظام انتخاب البرلمان بعد أن أصبح غرفة واحدة هي الجمعية الوطنية في عهد الرئيس محمد عبد العزيز في انتخابات نوفمبر –ديسمبر 2013 وانتخابات سبتمبر 2018.

وتناول الباب الثالث والأخير نظام انتخاب المجلس المحلية (البلدية والجهوية) عبر تمهيد تنازل نظام انتخاب المجلس البلدية والمستشارين في عهد اللجنة العسكرية للخلاص الوطني أ] من 1986 إلى 1990. وتطرق الفصل الأول لنظام انتخاب المجلس البلدية في عهد الرئيس معاوية الطايع في يناير –فبراير 1994 ويناير – فبراير 1999 وأكتوبر 2001.  وخصص الفصل الثاني من هذا الباب لنظام انتخاب المستشارين البلديين في الفترة الانتقالية أي انتخابات 19 و26 نوفمبر 2006.  فيما استعرض الفصل الأخير من الدراسة لنظام انتخاب المجالس البلدية والجهوية في عهد الرئيس محمد عبد العزيز أي انتخاب المستشارين البلديين في نوفمبر- ديسمبر 2013 ونظام انتخاب المجالس البلدية والجهوية في سبتمبر 2018.

الخاتمة

في ختام هذه الدراسة حول الأنظمة الانتخابية في موريتانيا وتطورها في ظل دستور 1991 المعدّل، ماهي النتائج التي يمكن الخروج بها بعد استعراض تطبيقها في انتخاب رئيس الجمهورية ونواب الجمعية الوطنية والمجالس البلدية والجهوية على مدى الانتخابات الثمانية والعشرين المدروسة؟ وما نتيجة اختبار فرضيات البحث المحددة في مقدمة هذه الدراسة؟

بالنسبة لاختبار الفرضيات المبينة في مقدمة الدراسة:

  1. على الرغم من أن مؤشرات التطور الديموقراطي المتعلقة بتنظيم الانتخابات ودوريتها الشكلية شبه مقبولة إلا أن التطور الديموقراطي الحقيقي مازال طريقه طويلا. فعلى مدى المجال الزمني للدراسة نظمت 28 انتخابات تعددية ولكن لم تؤد نتائجها إلى تغيير ملموس وفعلي أو تداول سلمي على السلطة. وكان التغيير في الحكم بالنسبة لمنصب رئيس الجمهورية مقتصرا على القيام بانقلاب عسكري في سنة 2005 و2008، أو قبولا لعدم إمكانية الترشح لمنصب رئيس الجمهورية كما حدث سنة 2019. وقد أدت كثرة الأحزاب السياسية وتفشي الأمية بين صفوف الناخبين وتعقد ورقة التصويت إلى ظاهرة كثرة الأصوات اللاغية، كما رأينا في الانتخابات التي جرت بعد سنة 2006.  كما أدت الثنائية القطبية بين الأغلبية /الموالاة والأقلية/ المعارضة إلى نمو ثنائية وبروز ظاهرة الزعماء السياسيين وقوة شوكتهم وتجمع الأحزاب وتشكيل تكتلات وأحلاف بفعل تأثير نظام الأغلبية المطلقة المطبق في الانتخابات الرئاسية وفي جزء من الانتخابات البرلمانية والمحلية بدون أن يسهم ذلك في مؤسسية الأحزاب وتلاقح الأفكار. ولا شك أن الارتجالية في اتخاذ قرارات، بهدف ترضية وإشراك بعض من الأطراف السياسية على المدى القصير، غلبت على السعي للقيام بإصلاحات جذرية تأخذ في الاعتبار مسألة التنمية السياسية وبناء ديموقراطية قوية وحقيقية.
  2. أظهرت الدراسة حرصا واضحا من الحكومات المتعاقبة على تنظيم الانتخابات واعتبارها ركنا من أركان النظام الديموقراطي، إلا أن تنظيم الانتخابات في حد ذاته ليس كافيا لتحقيق تنمية ديمقراطية؛ فقد بذلت الحكومة جهودا كبيرة في تنظيم عدد كبير من الانتخابات وإدخال تعديلات على أنماط الاقتراع لتحقيق مستوى مرتفع من المشاركة السياسية للأحزاب والناخبين على اختلاف فئاتهم الاجتماعية والعرقية، وقامت بالترخيص لعشرات الأحزاب السياسية تجاوز عددها المائة منذ سنة 2006 في إطار مساعيها الحثيثة لرفع مستوى المشاركة السياسية، ثم عادت وقلّصت عدد الأحزاب في محاولة لضبط الحياة الحزبية وإيقاف الانفلات السياسي. وبالتوازي مع ارتفاع نسبة المشاركة السياسية -مقارنة بالانتخابات التي جرت في سنوات التسعينات- تنامت ظاهرة ارتفاع نسبة عدد الأصوات اللاغية، وذلك بسبب أمية أغلبية الناخبين وازدحام أوراق التصويت بأسماء طويلة ومتشابهة لعشرات الأحزاب التي تقدمت بلوائح تتكون اللائحة الواحدة منها أحيانا من عشرين مترشحا.. وهو ما مثل صعوبة أمام الناخب العادي لإتمام عملية الاختيار.
  3. لم يحدث تغيير يذكر سواء بالنسبة لشروط وأهلية الناخبين والمترشحين أو فيما يتعلق بمخرجات ونتائج الأنظمة الانتخابية المطبقة. فبعد أن كان المستقلون يساهمون في الانتخابات باتت الانتخابات ميدانا لعشرات من الأحزاب التي ترتفع أسهمها فقط في مواسم الترشح للانتخابات وتهبط عند حصاد النتائج، لأنها أحزاب تقوم على الترخيص من وزارة الداخلية وليس لها وجود "لوجستيكي" وشعبي أو سياسي على أرض الميدان وفي الساحة السياسية. ومع أن السلطات سعت إلى تقوية الأحزاب بمنع ترشح المستقلين إلا أن قوتها تجلت فقط في كثرة عددها وقوة الحزب الحاكم. كما أوضحت الدراسة قلة تمثيل النساء والشباب. 
  4. شهدت الانتخابات الرئاسية الأولى والثانية ترشح سياسيين من مختلف الأعراق والشرائح الاجتماعية على الرغم من تطبيق نظام الانتخاب المستند على الأغلبية المطلقة، كما زاد تطبيق الأنظمة الانتخابية النسبية من تمثيل الأعراق والفئات الاجتماعية في مجتمع محافظ. إلا أن الوجه الآخر للعملة هو تصاعد ظهور الشرائحية والقبلية في ظل حظر ترشح المستقلين والانتقائية في الترخيص للأحزاب السياسية. والسبب في ذلك يعود في جانب منه إلى النظام الانتخابي الذي بات عائقا أمام ترشح فئات معينة من السياسيين غير المنتمين للأحزاب السياسية والحريصين على البقاء مستقلين عن الأحزاب السياسية القائمة. وفي نفس الوقت تكاثرت الأحزاب بشكل بات من الصعب مجابهة تزايدها في ظل صعوبة حظرها. حيث تشارك مائة حزب سياسي في كافة الانتخابات خوفا من سيف الحل وبعد أن يلجأ إليها عشرات من المستقلين لتترشح تحت يافطات أحزابها باستخدام رأسيات الأحزاب بمقابل مالي أو بدونه تستفيد الأحزاب من فرصة المشاركة التي تحميها من الحل بسبب عدم المشاركة في استحقاقين انتخابيين أو الحصول على نتائج معينة. وفي نفس الوقت تشتت أصوات الناخبين وتكاثرت معها الأصوات اللاغية مما يشكك في مصداقية المنتخبين الذين أصبحت الأصوات اللاغية أكثر بكثير من الأصوات التي أتت بهم إلى المناصب الانتخابية.

لقد رصدت الدراسة اتباع نظام الانتخاب ذي الأكثرية المطلقة في الدورين / الشوطين في الانتخابات الرئاسية منذ بداية تنظيم الانتخابات التعددية في موريتانيا إلى الآن. كما تتبعت بالنسبة للانتخابات الأخرى التشريعية والمحلية تطبيق هذا النظام وحده إلى غاية سنة 2001 فقط. كما رصدت الدراسة ابتداء من تلك السنة بدأ العمل بنظام انتخابي مختلط متواز بين نظام الأكثرية المطلقة ونظام التمثيل النسبي في الانتخابات البرلمانية والبلدية والجهوية.

وفي الوقت الراهن وبعد إلغاء مجلس الشيوخ أصبح خمسة وثمانون (85) من 157 نائبا نسبة من النواب في الجمعية الوطنية ينتخبون عبر نظام التمثيل النسبي أي نسبة 54%. ونسبة ال 46% المتبقية يتم انتخابها عبر نمط اقتراع الأكثرية المطلقة ذي الدورين. وفي نفس الوقت لم يتغير نوع نمط الاقتراع بالنسبة للانتخابات البلدية القائم على الأغلبية المطلقة في الشوط الأول حيث يمكن في حالة حصول لائحة مترشحة على تلك الأغلبية تطبيق نوع من التميل النسبي.

وعلى الرغم من أن المزج بين نمطي الاقتراع في الانتخابات البرلمانية يمنح النظام الانتخابي الموريتاني ميزة الحدّ من جوانب القصور في كلا النظامين على نحو يمكن التكامل بينهما من أجل توسيع قاعدتي المشاركة السياسية والتمثيل السياسي في الهيئات المنتخبة سواء كانت على الصعيد المحلي أو على المستوى الوطني. إلا أنه من جهة أخرى اقتصر على جوانب تتعلق بشكل الجمعية الوطنية من زاوية تمثيل العدد الكبير من الأحزاب السياسية فيها مع أكثرية مستقرّة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بدون أن يكون هناك تنافس حقيقي بسبب الفوارق في الموارد والإمكانيات المادية وضعف رقابة تمويل الحملات الانتخابية وصرف الأموال في الانتخابات مما يؤدي إلى عدم تساو في المنافسة داخل حلبة الانتخابات.

والحقيقة أن النظام الانتخابي المختلط المتوازي بين نظام الأكثرية المطلقة والنسبي منذ تطبيقه سنة 2001 قد أدى في الانتخابات التشريعية والبلدية إلى توزيع المناصب الانتخابية بين زعماء الأحزاب السياسية أو من يختارونهم معهم للفوز بمقعد في الجمعية الوطنية وفي المجالس البلدية والجهوية. فقد منح إدخال نظام التمثيل النسبي المطبق القوة اللازمة لقادة الأحزاب السياسية للتحكم و/أو المتاجرة أحيانا برأسيات الأحزاب في الترشيحات بعد أن تم إلغاء السماح بحق المستقلين في الترشح. وهكذا أصبحت رأسيات الأحزاب السياسية موضوعا لصفقات المال السياسي ووسيلة للتربح على حساب التمثيل الشعبي إرادة الناخبين الحقيقية.

ولا شك أن حظر الترشح على المستقلين عمق من الازمة السياسية والاحتقان وولد الشرائحية وأسفر عن ميلاد حركات ترفض الدولة الترخيص لها كمنظمات حقوقية. إن رفض الترخيص لحزب سياسي بدعوى مواجهة الشرائحية والانقسامات المجتمعية لا يمكنه الصمود طويلا بعد أن تم إلغاء السماح بترشح المستقلين. فلا شك أن سحب البساط من تحت المترشحين المستقلين أدى إلى تذمر وانكماش سياسي لدى أغلبية المهتمين بالشأن العام غير المنتمين لأحد الأحزاب السياسية القائمة مما انعكس سلبا على الحياة السياسية والمشهد السياسي في الهيئات المنتخبة بشكل واضح. ومن ناحية أخرى أعطى ذلك الحظر أهمية زائفة للأحزاب السياسية التي لازالت رغم الدعم والمساعدة أحزابا غير مؤسسية مشخصنة بعيدة عن المتوخى من إنشائها.

التوصيات

بناء على النتائج سابقة الذكر فإن هناك ملاحظات مهمة تستدعي تدخلا من الجهات المعنية:

أولاها، أنه لا توجد حملة انتخابية بين الشوطين في كافة أنواع الانتخابات، مما يعني أن المشرع الموريتاني يستبعد وقوع سيناريو تنظيم شوط ثان في الانتخابات بصفة عامة، أو أنه لا يرغب في قيام تنافس جدّي متواصل بين المترشحين المتأهلين للشوط الثاني، ويفضل على ذلك تسوية التنافس عبر عقد تحالفات وتفاهمات انتخابية، يتم فيها ربما استخدام المال السياسي والمقايضة بين مناصب التعيين وتلك المتأتية من الانتخابات. ولا شك أن سن أحكام تشريعية بتنظيم حملة انتخابية بين الشوطين ستساعد لا محالة في الوصول إلى نتائج أقرب إلى التعبير عن الإرادة الشعبية من تلك التي يتم الوصول إليها في حالة عقد تحالفات وتفاهمات واصطفافات بين الأحزاب السياسية والحكومة تكرس الوضع القائم وتعززه.

فلا شك أن سن مادة تتعلق بتنظيم حملة انتخابية من شوطين، حتى ولو أدى الأمر إلى تأخير الشوط الثاني، فإن ذلك سيساعد في استمرار التواصل مع الناخبين وشرح البرامج ووضع الاختيار بينهم بدلا من اللجوء والاكتفاء بتحالفات سياسية بين القوى المتقدمة للشوط الثاني.

ثانيتها، تتعلق بسن الترشح المرتفعة في كافة الانتخابات في بلد أغلب سكانه من الشاب.  ففي الانتخابات الرئاسية حدد سن الترشح منذ 2006 من 40 إلى 75 سنة وبالنسبة للانتخابات التشريعية والبلدية بقيت هذه السن على حالها أي 25 سنة بالنسبة للنواب في الجمعية الوطنية كما ظلت هي نفسها أي 35 سنة بالنسبة للشيوخ منذ إنشاء هذا المجلس إلى غاية إلغائه سنة 2017.

وإذا ما قارنا سن الانتخابات المطلوبة في نفس الانتخابات الرئاسية على سبيل المثال في كل من الجمهورية التونسية (35 سنة في دستور 2014) والولايات المتحدة (35سنة)، والسنيغال (من 35 إلى 75 سنة في دستور 2016) وفرنسا (18 سنة منذ سنة 2011) والجزائر (40 سنة في دستور 2020) نجد الفرق واضحا. فلماذا ظلت هذه السن مرتفعة حتى في المقارنة مع الدول التي يصل فيها متوسط العمر إلى أكثر مما هو حاصل في موريتاني؟

يرى الباحث أنه تنبغي مراجعة ذلك لتحديد السن نحو الأصغر في أنواع الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية لتمكين الشباب من المشاركة الفعلية النشطة والسماح لهم بولوج المناصب الانتخابية. وينبغي على سبيل المثال تنزيل سن الترشح إلى منصب رئيس الجمهورية إلى 25 سنة مثلا وبالنسبة للمناصب الانتخابية الأخرى إلى 21 سنة لضخ دماء جديدة في المنتخبين وإيقاف الجمود والشيخوخة التي تصيب شاغلي المناصب الانتخابية.

والملاحظة الثالثة، أنه لم يتم الالتزام باحترام دورية الانتخابات في كل من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية لأسباب مختلفة سياسية أساسا: فبالنسبة للانتخابات الرئاسية عجل الانقلاب الذي تم على الرئيس معاوية الطايع تاريخ تنظيم الانتخابات الرئاسية التي كان من المتوقع أن تتم سنة 2009 لتنظم في مارس 2007 كما عجل انقلاب سنة 2008 على الرئيس سيد محمد الشيخ عبد الله تاريخ الانتخابات الرئاسية التي كان من المتوقع أن تنظم في سنة 2012 لتتم الانتخابات الرئاسية في سنة 2009.

ونفس الشيء أصاب انتخابات الجمعية الوطنية التي عجلت عندما نظمت في سنة 1996 بينما كان تاريخها المتوقع سنة 1997 ونفس الشيء بالنسبة للانتخابات التي كانت مقررة سنة 2002 حيث جرت في سنة 2001 وذلك للعمل بنظام التمثيل المختلط بعد إدخال النسبية في عدد قليل من الدوائر الانتخابية هي نواذيب وسيلبابي ونواكشوط. وجاءت انتخابات 2006 في وقتها الطبيعي رغم حدوث الانقلاب العسكري في سنة 2005. غير أن الجمعية الوطنية المنتخبة سنة 2006 كان من المفترض أن تنتهي عهدتها في سنة 2011 إلا أنه تم تمديدها إلى غاية سنة 2013 بسبب ما جرى من اتفاق بين الأطراف السياسية في سنة 2011 على خلفية التخوف من حدوث حراك سياسي معارض قوي على غرار ما وقع في العديد من البلدان والذي سمي حينها بالربيع العربي.  والواقع أن عدم احترام الآجال القانونية ودورية الانتخابات تجلى أيضا بالنسبة لانتخاب مجلس الشيوخ الذي كان من المفترض أن تجري انتخابات لتجديده الكلي سنة 1998 غير أنه احتاج إلى تسع (9) سنوات أخرى ليتم تجديده الكلي في سنة 2007.

وقد أصاب اضطراب مواعيد تنظيم الانتخابات كذلك الانتخابات البلدية التي كانت تنظم حسب القانون كل خمسة (5) سنوات حيث نظمت الانتخابات البلدية الأولى في سنة 1994 ثم نظمت انتخابات ثانية في سنة 1999 ونظمت انتخابات بلدية تالية لها بعد سنتين فقط أي في سنة 2001. ونفس ما أًصاب الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ من تمديد لمدة الانتداب البرلماني أًصاب المجالس البلدية المنتخبة سنة 2006 التي لم تنته مأموريتها إلا في سنة 2013 بعد تمديد مأموريتها سنتين (2) أخريين بسبب ما قيل وقتها أنه يتعلق بصلاحية بطاقة التعريف الصادرة سنة 2001 والتي لم يعد العمل بها ممكنا بعدد نفاد صلاحيتها سنة 2011.

والملاحظة الرابعة، تتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية لكل من الانتخابات التشريعية والبلدية والوزن السياسي للمنتخبين لتمثيل الدوائر والحصول على مقاعد في الهيئات المنتخبة. فقد لاحظت الدراسة من جهة أن تقسيم الدوائر الحالي قائم منذ 60 سنة أي منذ استقلال البلاد. وتتمثل المحاولة الوحيدة للنظر فيه من جديد بإنشاء الدائرة الوطنية لكل من النساء واللائحة المشتركة منذ سنة 2006 وقبل ذلك إنشاء الدائرة الموحدة للعاصمة نواكشوط سنة 2001.

ففي الوقت الحالي هناك مبررات فعلية أحيانا لوجود فوارق في توزيع المقاعد في البرلمان وفي بعض المجالس البلدية. ولكن ذلك لا يعني القبول ببقاء اختلالات كبيرة في تقسيم الدوائر بحيث يوحي ذلك بغبن أو انحياز إلى فئة معينة أو جهة أو دائرة على حساب أخرى. فإذا كان الوزن النسبي للنائب في الجمعية الوطنية متفاوت إلى حد كبير فيمكن بالتالي زيادة عدد النواب في المناطق الأكثر كثافة من حيث السكان والناخبين لتقريب الفوارق مقارنة مع الدوائر التي بها عدد قليل من السكان والناخبين.

  • وفي الأخير، قد يكون من المناسب تقديم اقتراحات و/أو توصيات لإصلاح النظام الانتخابي لأنواع الانتخابات وتطويرها والدفع بها للمساهمة في تحقيق التحول الديموقراطي المنشود، وعلى رأسها:
  • مراجعة وإصلاح نظام انتخاب رئيس الجمهورية على نحو يسمح بإدخال نظام الأغلبية النسبية وعدم الاقتصار على الأغلبية المطلقة في الشوطين. فالنظام الانتخابي الحالي يقوم على اعتبار الحاصل على الأغلبية المطلقة فائزا في الشوط الأول أو الثاني أي أكثر من 50%. وربما تمكن مواجهة شدة الثنائية القطبية بين الموالاة والمعارضة من خلال إدخال إصلاح يعتبر الحاصل على أغلبية نسبية في ظل عدد كبير من المترشحين فائزا لمواجهة شدة الانقسامات والاصطفاف في الشوط الثاني و/أو الشوط الأول 
  • تخفيض سن الترشح لمنصب رئيس الجمهورية إلى 25 سنة. بحيث لا يقتصر حق الترشح من حيث العمر على شريحة عمرية محددة هي تلك التي تتراوح أعمارها بين 40 و 75 سنة. وكما هو معلوم فإن متوسط العمر المتوقع عند الميلاد واعتبارات تجديد الطبقة السياسية وإشراك الشباب وفتح المجال لتكافئ الفرص بين مختلف الأجيال والأعمار كلها عوامل تدفع في اتجاه تخفيض سن الترشح.
  • إعادة تحديد الآجال الانتخابية سواء بالنسبة للطعون الانتخابية الإدارية والقضائية في مختلف مراحل المسار الانتخابية من التحضير إلى التنظيم إلى النتائج أو بالنسبة للفاصل الزمني بين الشوطين. حيث يمكن التفكير في مسألة تنظيم حملة انتخابية بين الشوطين وإتاحة المجال الزمني الكافي للقضاء والطعون الانتخابية وفقا لما تتطلبه مساطر قضائية واضحة وشفافة؛
  • منح دور للقضاء والفاعلين السياسيين والمجتمع المدني بالنسبة تقسيم الدوائر الانتخابية بغية تحقيق أكبر قدر من العدالة والإنصاف بين الدوائر الانتخابية وتمثيل ومساواة المواطنين في التصويت والوزن الانتخابي بشكل متساو ومتكافئ؛
  •  تعزيز وتفعيل المنظومة القانونية الحالية وما أنشأته من آليات مازالت حبرا على ورق لرقابة الحملات الانتخابية ومصادر واستعمال المال في الانتخابات. والصرامة في تطبيق القانون وتكييفه مع الظروف المجتمعية الموريتانية سعيا إلى الابتعاد عن استعمال المال السياسي في الانتخابات وتأثير الإدارة الحكومية على توجيه الناخبين نحو مرشح معين وإنشاء الأجهزة الرقابية المنصوص عليها لمراقبة استخدام وسائل الدولة والمال السياسي والبحث في مصادره وطرق تسييره.
  • التوسع في تطبيق نظام التمثيل النسبي في الانتخابات التشريعية والبلدية.  بحيث يتم تطبيقه بدون الحاجة إلى حصول مترشح أو لائحة على الأغلبية المطلقة في الشوط الأول كما هو واقع الآن في جل الانتخابات. حيث أن ذلك يبدو كأنه محاباة للحزب الكبير ولإظهاره بمظهر من يقبل قسمة الأصوات مهما كانت قليلة مع الأحزاب الصغرى. وحتى يتم تعميمه في كافة الدوائر الكبيرة بحيث يساعد ذلك في مواجهة الشحن العرقي والشرائحي والجهوي عبر التمكين لكل الفئات في التمثيل داخل المؤسسات المنتخبة.
  • السماح بترشيح المستقلين، لأن ذلك من جهة حق قانوني لهم. ومن جهة ثانية فقد باتت الحياة السياسية راكدة وتعاني من احتكار واضح لأحزاب معينة وقادة لهذه الأحزاب حيث يرشحون أنفسهم ومن هو مقرب منهم اجتماعيا أو عائليا أو في إطار منظومة من الزبونية من دون فرصة لضخ دماء أخرى في جسم الحياة السياسية الوطنية.
  • كما أنه إذا كان الغرض من منع المستقلين هو تمثيل الأحزاب فإن تمثيل هذه الأخيرة ليس محدودا بسبب وجود المستقلين وإنما لأسباب أخرى تتعلق بضعف الأحزاب وشخصنتها. فإذا كانت دوائر القرار لا تريد تمثيل المستقلين فإن النظام الانتخابي أفرز شخصيات على رأس أحزاب هشة تقوم بترشيح السياسيين من خلال أحزابها.  كما أن عدم السماح بترشح المستقلين يعيق الحياة السياسية ويحصرها في إطار الأحزاب المرخص لها مما يضيق مجال الحريات والترشحات.
  • تحديد سقف أعلى للترشحات الحزبية من حيث العدد خاصة في الانتخابات في الدوائر الوطنية (4 إلى 10 لوائح مترشحة مثلا). وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تبسيط ورقة التصويت والحد من محاباة الحزب المهيمن في تصميم النظام الانتخابي وإدخال تقنيات وأنماط أخرى تستطيع تحقق التوازن بين القوى السياسية وتفعيل برامج توعية المواطنة لضمان ازدياد نسب المشاركة العامة.
  • إنشاء لائحة وطنية للشباب تترشح لانتخابات النواب في الجمعية الوطنية والمجالس البلدية والجهوية حيث تمثل فيها هذه الفئة العمرية المهمة في المجتمع قوة حية غائبة عن التمثيل الرسمي في البرلمان وفي المجالس البلدية والجهوية.
  • وإنشاء لوائح خاصة بالنساء في الانتخابات البلدية والجهوية حتى تتم مجابهة عزوف الأحزاب السياسية عن ترشيحهن وتتم معالجة مشكلة فشل الحصة أو الكوتا الممنوحة لهن في إيصالهن إلى نصف المترشحين والاقتراب من نصف المنتخبات.
  • إضافة شرط الحصول على مستوى دراسي أو شهادة جامعية كشرط لقبول الترشح لكافة المناصب الانتخابية لكل من منصب رئيس الجمهورية ونواب الجمعية الوطنية والمستشارين البلديين والجهويين.
  • ضرورة السعي إلى احترام المعايير الدولية في مجال التقطيع الانتخابي عبر الحد من الفوارق بين القوة التصويتية للناخبين في الدوائر الانتخابية والولايات.  بحيث لا يكون هناك انحراف معياري كبير في الثقل النسبي للنواب المنتخبين يصل إلى ما فوق 25%. حيث يمكن ذلك من احترام قاعدة تساوي الأصوات والوزن النسبي للناخب، تماشيا مع القوانين الدولية والتزامات البلاد في هذا الشأن لتتوافق مع قاعدة فرد صوت واحد وقيمة واحدة.
  • صياغة مدونة انتخابية جامعة للنصوص التشريعية والتنظيمية حول الأنظمة الانتخابات وطريقة تنظيمها والإجراءات العملية لتنفيذها للقطيعة مع الوضع الراهن المتمثل في ترسانة واسعة من القوانين النظامية والأوامر القانونية والمراسيم والمقررات المبعثرة في جزئيات يتم تحويرها حسب كل انتخابات.
  • تخفيض سن الترشح في الانتخابات التشريعية والبلدية حتى يتمكن الشباب من الترشح والمنافسة لأنهم يشكلون قوة حية وأكثرية في المجتمع. فلا ينبغي فقط الاعتماد عليهم كناخبين بل أنه ينبغي منحهم فرصة الترشح عند بلوغهم سن 21 سنة مثلا في كل من الانتخابات البرلمانية والبلدية والجهوية؛
  • الامتناع عن تعديل القانون الانتخابي في الفترات ما قبل الانتخابات. فهناك صكوك دولية تمنع مثلا تعديل القانون الانتخابي خلال فترة ستة أشهر السابقة للانتخابات. والحقيقة أن المشرع الموريتاني غالبا ما يقوم بتعديل القوانين الانتخابية في فترة الانتخابات كما وقع في 2006 و 2009 و 2018. ومرد ذلك تحديث تقطيع ومقاعد الدوائر الانتخابية وإضافة دوائر جديدة بدون أن يتم النظر في مراجعة شاملة لتقسيم ووزن الدوائر على أساس معايير واضحة ومنصفة تم التشاور عليه.
  • الحرص على تنظيم عمليات الإحصاء العام للسكان وتلك الخاصة بالإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي وفقا لما ينص عليه القانوني. بحيث يكون الإحصاء الانتخابي سنويا لتجديد وتحديث اللائحة الانتخابية وإضفاء المصداقية على اللائحة الانتخابية.

الآراء الواردة في الأطروحة تمثِّل صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي مركز الجزيرة للدراسات.

للاطلاع على نص الأطروحة (اضغط هنا).

نبذة عن الكاتب