
مقدمة
تشهد منطقة جنوب غرب البلقان، في خضم التحولات الكبرى التي يعاني منها النظام الدولي، تصعيدًا مستمرًّا في التوترات الجيوسياسية، تزامنًا مع تزايد التنافس الدولي بين عدد من القوى: الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وتركيا، والاتحاد الأوروبي. تعود هذه المنطقة، ذات التاريخ المعقد والذاكرة القومية المشحونة، إلى واجهة الصراع على النفوذ في ظل عهدة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الثانية، الذي يطرح رؤية جديدة "لضبط التوازنات" تركز على البراغماتية والصفقات الاقتصادية والأمنية.
في خضم هذا التنافس، تشكِّل صربيا قلب الصراع، نظرًا لحجمها وموقعها وتأثيرها الإقليمي، فضلًا عن ثرواتها الطبيعية المهمة، بما في ذلك احتياطيات من المعادن النادرة، على رأسها الليثيوم، التي تهم الغرب والصين على حدٍّ سواء. تحاول هذه الورقة تفكيك أبعاد المشهد المركب جنوبي غرب البلقان من خلال تحليل سياقاته، ورصد أدوار الفاعلين الدوليين فيه، وموقع صربيا، البلد الأكبر والقوة المهيمنة في المنطقة، ومآلات مستقبل الإقليم، مع إضاءة خاصة على الدور الأميركي المتجدد، وسيناريوهات المرحلة المقبلة.
السياق الجيوسياسي: البلقان عقدة تنافس مفتوحة
لم تكن منطقة البلقان، يومًا، بعيدة عن الحروب والصراعات، غير أن التحولات الأخيرة، منذ اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية في العام 2022، كشفت عن أهمية إستراتيجية مضاعفة(1). فالاتحاد الأوروبي، المنهك داخليًّا على المستويين، السياسي والاقتصادي، بات أقل قدرة على فرض إرادته الموحدة(2)، في حين وجدت روسيا في البلقان منفذًا ضروريًّا للضغط على خاصرة الغرب الرخوة، المتمثلة في دول جنوبي غرب البلقان. ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في عهدة رئاسية ثانية، أعيد الاعتبار إلى مبدأ "إعادة التموضع الجغرافي السياسي"؛ إذ ترى واشنطن أن السيطرة على الممر البلقاني ضرورية لضبط مشروع "الحزام والطريق" الصيني في أوروبا، ومواجهة التمدد الروسي المتنامي في مناطق النفوذ الأرثوذكسي.
عودة واشنطن في عهدة ترامب الثانية: صفقة القوة والاحتواء السياسي
خلال عهدة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الرئاسية الأولى (2017–2021)، برزت محاولات واضحة للولايات المتحدة لإعادة التمركز في البلقان، كان أبرزها اتفاق التطبيع الاقتصادي بين صربيا وكوسوفو، في سبتمبر/أيلول 2020، الذي وُقِّع برعاية ترامب شخصيًّا في البيت الأبيض. لم يكن ذلك الاتفاق اقتصاديًّا وحسب، بل جسَّد رؤية أميركية للتقارب مع صربيا دون فرض الاعتراف بكوسوفو، مقابل فتح المجال أمام تطبيع أوسع مع الغرب وحلفائه.
مع عودة ترامب إلى الحكم، تُطرح هذه المقاربة مجددًا، لكن ضمن حزمة أكبر تتضمن تعاونًا عسكريًّا واقتصاديًّا، وتطويقًا إستراتيجيًّا للنفوذ الروسي. فإدارة ترامب الجديدة، تركز على بناء تحالفات مباشرة مع الحكومات، مثل ألبانيا وكوسوفو، وتدفع نحو إدماج مقدونيا الشمالية والبوسنة في مشاريع دفاع مشتركة عبر حلف شمال الأطلسي-الناتو(3). تستغل واشنطن، أيضًا، انكشاف البنية الاقتصادية البلقانية، وتوجه استثماراتها نحو البنية التحتية الرقمية والمعادن النادرة؛ حيث تشير تقارير وزارة الطاقة الأميركية إلى اهتمام خاص بمشروع "يادار" الصربي، الذي يحتوي على أحد أكبر احتياطيات الليثيوم في أوروبا، وهو معدن حيوي في الصناعات التكنولوجية والعسكرية(4).
إن موقع صربيا وهيمنتها على المشهدين، السياسي والاقتصادي، في منطقة جنوب غرب البلقان، يجعل منها القوة الأولى والأكثر جاذبية للاستثمارات الخارجية، من جهة، والبلد الأكثر عرضة للتقلبات والتوترات والتدخلات الخارجية، من جهة ثانية، وهو ما لا يترك مجالًا واسعًا للمناورة أمام صانع القرار الصربي.
صربيا بين الشرق والغرب: حياد نشط أم ازدواجية إستراتيجية؟
تُجسِّد صربيا، بقيادة الرئيس ألكسندر فوتشيتش، المفارقة الصارخة في البلقان. فهي من جهة، دولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ 2012، وتُجري تدريبات عسكرية مع الناتو، وتستقبل استثمارات غربية مهمة(5). ومن جهة أخرى، تحتفظ بعلاقات وثيقة مع روسيا، وترفض العقوبات عليها، وتشترك معها في مشروع أنبوب الغاز "السيل التركي"(6)، فضلًا عن علاقاتها العسكرية النامية مع الصين، خاصة بعد شراء صربيا منظومات دفاع جوي FK-3 في 2022(7).
جدير بالذكر في هذا السياق، أن بلغراد تقدم هذه الازدواجية رسميًّا كـ"سياسة حياد عسكري" لكنها في العمق تخفي رهانات الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، للحفاظ على موقعه قناةَ تواصلٍ مع الجميع(8). فهو يستثمر في تنويع الشركاء لضمان مرونة داخلية وخارجية. ومن المفارقات أن واشنطن، رغم ضغوطها العلنية، تتجنب دفع فوتشيتش نحو الحائط، إدراكًا منها أن سقوطه قد يفتح الباب لاضطراب خطير في صربيا والبوسنة وكوسوفو(9).
في المقابل، لا تتردد روسيا في توظيف أوراقها الصربية لدق إسفين في الجبهة الغربية. فقد استخدمت موسكو صربيا منصة إعلامية ودعائية طوال حرب أوكرانيا؛ ما أسهم في تعزيز الخطاب القومي المتشدد في جمهورية صرب البوسنة، التي تسعى للاستقلال عن البوسنة والارتباط بصربيا(10). أما الصين، فترى في صربيا رأس جسر لولوج السوق الأوروبية دون المرور عبر رقابة الاتحاد الأوروبي. فقد أنشأت بكين عدة مشاريع إستراتيجية في صربيا، منها مصنع للبطاريات والسيارات الكهربائية، ومحطة طاقة تعمل بالفحم، واستثمرت في سكك الحديد بين بلغراد وبودابست، في إطار مشروع "الحزام والطريق(11). وقد جعلت هذه السياسات من صربيا نموذجًا فريدًا لما يُسمى بـ"التعددية الموجهة"، أي الانفتاح على الجميع مع حفظ الحد الأدنى من التوازن، وهو أيضًا ما يجعلها محط تنافس دائم، لكن ذلك يمثل أيضًا حقل ألغام دبلوماسيًّا.
التنافس الدولي في البلقان: شبكة المصالح المتداخلة
لا تنفصل التحالفات السياسية عن الإستراتيجيات الاقتصادية والعسكرية في شبه جزيرة البلقان؛ ما يجعل المنطقة مسرحًا لتنافس شرس بين القوى الكبرى. فعلى الرغم من هيمنة الاتحاد الأوروبي مصدرًا رئيسيًّا للمساعدات المالية والمشاريع التنموية، فإن جاذبيته السياسية تراجعت في السنوات الأخيرة نتيجةً للبيروقراطية المفرطة وتردد الدول الأعضاء في توسعة الاتحاد(12). وكان من نتيجة هذا التراجع أن أفسح المجال أمام الولايات المتحدة وروسيا والصين وتركيا لتعزيز حضورها، كلٌّ بطريقته الخاصة، ضمن منطق الاصطفافات الجديدة.
من جانبها، اتبعت الولايات المتحدة، في عهد ترامب خصوصًا، أسلوبًا عمليًّا في إعادة ترتيب النفوذ في المنطقة، فركزت على الشراكات الثنائية مع حكومات موالية مثل ألبانيا وكوسوفو، ودعمت مشاريع إعادة الهيكلة الأمنية عبر الناتو. في هذا السياق، تجسد قاعدة "بوندستيل" في كوسوفو هذا الحضور العسكري الأميركي(13)، فيما تشكِّل الاستثمارات في الطاقة والمعادن، خصوصًا الليثيوم الصربي، عنوانًا للمصالح الاقتصادية الأميركية(14).
أما روسيا، فتستثمر في العلاقات التاريخية والدينية والثقافية، خاصة مع صربيا والجمهوريات الصربية في البوسنة. فهي تراهن على العمق الأرثوذكسي والنوستالجيا السلافية، وتدعم الخطابات القومية والانفصالية من خلال الإعلام والدبلوماسية، إلى جانب تصدير السلاح وتقديم الغاز بأسعار تفضيلية. بدورها، تتعاطى صربيا مع روسيا كشريك ضامن في مجلس الأمن، خصوصًا في ما يخص منع عضوية كوسوفو في المؤسسات الدولية(15).
على صعيد آخر، تتحرك الصين عبر "دبلوماسية البنية التحتية"، وتتبنى نهجًا أقل صخبًا سياسيًّا وأكثر تركيزًا على التمويل والاستثمار بعيد المدى. فقد أنشأت، من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، مشاريع إستراتيجية في صربيا مثل مصنع البطاريات في "سمياديريفو"، ومحطة طاقة فحم، ومدَّت خط سكة حديدية بين بلغراد وبودابست، مستفيدة من عدم انتماء صربيا للاتحاد الأوروبي؛ ما يُجنِّبها المعايير البيئية والسياسية الصارمة(16).
في المقابل، تسعى تركيا إلى توطيد علاقاتها عبر بوابة الجاليات المسلمة في البوسنة وكوسوفو، وتستخدم رمزية التاريخ العثماني لتعزيز النفوذ الثقافي والاقتصادي. ومع أن حضورها العسكري محدود، إلا أن قوتها الناعمة تتزايد من خلال دعم مشاريع عمرانية وتعليمية وثقافية ترعاها مؤسسات حكومية وغير حكومية(17). إن هذه الشبكة المتداخلة من الفاعلين تجعل من البلقان ساحة تجاذب مركبة؛ حيث تُعقد التحالفات بناءً على مصالح موضعية متغيرة، وليس بالضرورة ضمن معسكرات ثابتة، وهو ما يفسِّر قدرة صربيا على المناورة في أكثر من اتجاه دون أن تتعرض لعقوبات حقيقية من أي طرف.
المجر وصربيا: تحالف داخل الاتحاد خارج الضوابط
باتت العلاقة بين صربيا والمجر نموذجًا لتحالف إقليمي جديد خارج منظومة الإجماع الأوروبي التقليدي. ففي ظل قيادة رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، تعززت علاقات بودابست ببلغراد على مختلف المستويات، من المشاريع الاقتصادية الكبرى، إلى التنسيق في ملف الهجرة والطاقة، إلى دعم الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، في المحافل الأوروبية. ويرى أوربان في فوتشيتش حليفًا إستراتيجيًّا ضد بيروقراطية بروكسل، ويستثمر في تعزيز "محور محافظ" يمتد من بودابست إلى بلغراد وربما سراييفو(18). وإذا أردنا تلخيص أدوار القوى الدولية والإقليمية في البلقان وأهدافها، فستكون على النحو التالي:
1. الولايات المتحدة
- تركز على الشراكات الثنائية، لاسيما مع ألبانيا وكوسوفو.
- استثماراتها موجَّهة نحو الطاقة والمعادن والبنية الرقمية.
- تعمل على إدماج دول البلقان في نظام دفاع موحد تحت سقف الناتو.
- تقيم قواعد تدريب عسكرية في المنطقة، مثل قاعدة بوندستيل في كوسوفو.
2. روسيا
- تراهن على البعد الثقافي الأرثوذكسي والتاريخي مع صربيا وصرب البوسنة.
- تقدم الدعم السياسي في مجلس الأمن، مثل منع عضوية كوسوفو.
- تبيع صربيا الأسلحة والغاز بأسعار تفضيلية، وتدير حملات إعلامية داعمة.
3. الصين
- تفضِّل التمويل طويل الأجل والمشاريع الكبرى، مثل الطرق وسكك الحديد والمصانع.
- لا تتدخل سياسيًّا، وهو ما يروق لحكومات سلطوية مثل صربيا والجبل الأسود.
- تعتمد على سياسة "الدبلوماسية الصامتة" مقابل الاستثمار طويل الأمد.
4. الاتحاد الأوروبي
- لا يزال المانح الأكبر من حيث حجم المساعدات.
- يعاني من تراجع جاذبيته السياسية بسبب التعقيدات البيروقراطية والانقسام الداخلي.
- يفرض شروطًا صارمة في ملفات الحوكمة وحقوق الإنسان؛ ما يثير استياء الأنظمة المحافظة.
سيناريوهات المستقبل: صربيا عند مفترق طرق
ترتسم أمام صربيا في المرحلة المقبلة جملة من السيناريوهات التي تختلف بحسب ديناميات الداخل وتطورات الإقليم والمواقف الدولية.
أحد السيناريوهات الأكثر ترجيحًا هو استمرار الرئيس ألكسندر فوتشيتش في الحكم، مع تعزيز ما يمكن تسميته بسياسة "الحياد الذكي"، التي تسمح له باللعب على حبال التوازن بين الشرق والغرب، دون الانحياز الكامل لأي معسكر. ينبني هذا السيناريو على قاعدة براغماتية تقوم على التقدم ببطء في ملف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مقابل الحفاظ على علاقات وثيقة مع روسيا والصين، والاستفادة من الهامش الذي توفره التوترات الدولية لتعظيم المزايا الاقتصادية والإستراتيجية. لكن هذا السيناريو قد ينقلب في حال تراكمت التوترات الداخلية وازدادت حدتها بسبب تعنت الحكومة وإصرار المعارضة على إجراء إصلاحات جوهرية.
وقد أُرغم الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، على مواجهة وضع هشٍّ للغاية في الأشهر الأخيرة. فقد أدت الاحتجاجات الطلابية الحاشدة المطالِبة بمكافحة الفساد إلى استقالة رئيس الوزراء، ميلوس فوتشيتش، وعدد من أعضاء حكومته. وفي وقت سابق ألمح فوتشيتش إلى أن الاضطرابات قد تؤدي إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في الربيع المقبل.
لكن الغضب الشعبي وانهيار حكومة فوتشيتش ليسا مشكلتي فوتشيتش الوحيدتين. فحتى قبل الاحتجاجات، بدا أن نهج الرئيس "الانتقائي" في السياسة الخارجية، القائم على تحوُّط صربيا بين الغرب وروسيا، مع دعم من الصين، يواجه مأزقًا حقيقيًّا وضغطًا متزايدًا. وقد جاء الضغط من كلٍّ من الاتحاد الأوروبي وروسيا على بلغراد لاختيار طرف. والآن، يجد فوتشيتش نفسه في موقف لا يحظى فيه بتعاطف دولي يُذكَر تجاه مشاكله الداخلية، وربما لم يعد متبقيًا لديه سوى مساحة محدودة جدًّا للمناورة(19).
لكن سيناريو الانزلاق إلى مواجهة إقليمية يبقى حاضرًا بقوة، خصوصًا في ظل احتمال تصاعد التوتر في شمال كوسوفو، أو إعلان جمهورية صرب البوسنة استقلالها عن البوسنة والهرسك. مثل هذه التطورات قد تشعل صراعًا مسلحًا يعيد إشعال النعرات القومية القديمة، ويستدعي تدخلات دولية مباشرة، خاصة إذا استغلت روسيا الفرصة لتفجير البلقان وسيلةً لصرف الأنظار عن جبهات أخرى مثل أوكرانيا(20).
من الأسئلة الصعبة المطروحة اليوم: كيف سيبدو المشهد في دول غرب البلقان في 2025؟ هل ستُعلن جمهورية صربسكا استقلالها عن الوطن الأم، البوسنة والهرسك؟ وهل ستشهد العلاقات بين كوسوفو وصربيا تدهورًا أكبر قد يقود إلى عودة الصراع المسلح بين البلدين، وبالتالي يفسح المجال أمام تصعيد التوترات العرقية في جميع أنحاء المنطقة أم أننا، على النقيض من ذلك، سنشهد انضمام دولتي الجبل الأسود وصربيا إلى الاتحاد الأوروبي، مع تجدُّد الأمل لدى باقي بلدان المنطقة في قرب انضمامها إلى النادي الأوروبي؟
في المقابل، يلوح سيناريو ثالث قائم على احتمال "صفقة أميركية كبرى"، لاسيما في ظل عودة ترامب إلى الرئاسة. تقوم الصفقة على منطق المقاولة السياسية، بحيث تقايض واشنطن اعترافًا صربيًّا بكوسوفو، حتى وإن كان ضمنيًّا أو مشروطًا، مقابل اندماج اقتصادي أوسع، وضمانات سياسية لفوتشيتش بالبقاء في الحكم، أو الانتقال السلس للسلطة إلى حليف موالٍ. في هذه الحالة، قد يُعاد تصميم النظام الإقليمي بأكمله وفق رؤية أميركية تصدرها إدارة ترامب عبر أدوات اقتصادية وأمنية بدلًا من التدخل العسكري المباشر(21).
إن المحدِّد الأساسي لتحقق أي من هذه السيناريوهات هو قدرة صربيا على الحفاظ على توازناتها الداخلية، أولًا، واستمرار القوى الدولية في ضبط النفس إزاء ملفات كوسوفو والبوسنة، ثانيًا، ومرونة فوتشيتش في توجيه البوصلة السياسية دون أن يخسر جمهوره القومي أو دعم الشركاء الخارجيين، ثالثًا.
أولًا: استمرار فوتشيتش وتعميق نموذج "الحياد الذكي"
يمكن للرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، إذا حافظ على توازنه الداخلي والخارجي، أن يستمر على رأس السلطة سنوات قادمة بدعم ضمني من الغرب والصين وروسيا، مقابل تقديم تنازلات شكلية في ملف كوسوفو، وتمرير صفقات اقتصادية كبرى، مثل إعادة فتح ملف الليثيوم.
ثانيًا: انزلاق إقليمي بفعل انفجار في كوسوفو أو البوسنة
قد يؤدي اندلاع شرارة في شمال كوسوفو، أو إعلان استقلال جمهورية صرب البوسنة، إلى إشعال مواجهة إقليمية تدفع الأطراف الدولية إلى الاصطفاف مع هذا الطرف أو ذلك، ما لم تُفعَّل آليات الردع الدبلوماسي والاقتصادي.
ثالثًا: مقايضة أميركية كبرى تعيد هندسة المنطقة
يطرح سيناريو عقد واشنطن -في عهدة ترامب الثانية- صفقة إقليمية تشمل تنازلات متبادلة، اعترافًا رمزيًّا متأخرًا من صربيا بكوسوفو، مقابل تطبيع اقتصادي واسع، وإعادة تدوير النخب السياسية تحت رعاية أمنية أميركية موسعة.
خاتمة
تختزل منطقة جنوبي غرب البلقان صراعات عالمية مؤجلة، وتمثل بوابة لاختبار موازين القوى الجديدة في أوروبا. وقد تشهد المنطقة، خلال عهدة ترامب الثانية، إعادة ترتيب أكثر عنفًا، لكنها قد تكون أيضًا مبنية أكثر على نهج "الصفقات" الذي تتبنَّاه الإدارة الأميركية الحالية. فهل ستتمكن النخب الحاكمة في دول غرب البلقان، وفي مقدمتها صربيا، من إدارة هذه العاصفة بنجاح وسلام، أم أنها ستكون أولى ضحاياها؟
(1) Miguel Roán, Transactional politics in the Western Balkans under Trump’s second term https://www.realinstitutoelcano.org/en/analyses/transactional-politics-in-the-western-balkans-under-trumps-second-term/
(تاريخ الدخول: 5 مايو/أيار 2025)
(2) Cameron Munter and Jan Ruzicka, The Balkans: How to stabilize the 'powder keg' of Europe https://www.weforum.org/stories/2025/02/the-balkans-stabilize-the-powder-keg-europe/
(تاريخ الدخول: 5 مايو/أيار 2025)
(3) Giorgio Cafiero, What Does Trump’s Return Mean for the Balkans? While many in the region fear a tilt toward Serb nationalists, the new administration’s transactionalism could surprise everyone
https://foreignpolicy.com/2025/01/21/trump-bosnia-serbia-kosovo-albania-vucic-dodik-grenell/
(تاريخ الدخول: 5 مايو/أيار 2025)
(4) National Minerals Information Center: Europe and Central Eurasia
https://www.usgs.gov/centers/national-minerals-information-center/europe-and-central-eurasia
(تاريخ الدخول: 5 مايو/أيار 2025)
(5) Angélique Curdy, Serbia and its partners: A balancing act
https://www.blue-europe.eu/analysis-en/short-analysis/serbia-and-its-partners-a-balancing-act/
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(6) Janusz Bugajski, Serbia Bolsters Connections with Russia and China, Eurasia Daily Monitor, Vol. 21, Issue 73.
https://jamestown.org/program/serbia-intensifies-connections-with-russia-and-china/
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(7) Enoch Wong, Serbia ready with China-made FK-3 air defence missile system after ‘very complex’ training
https://www.scmp.com/news/china/military/article/3293628/serbia-ready-china-made-fk-3-air-defence-missile-system-after-very-complex-training
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(8) Ivona Lađevac, Serbia's external relations briefing: Foreign Affairs in Serbia for 2024 – a Review, Weekly Briefing, Vol. 79. No. 4 (RS) December 2024.
https://china-cee.eu/2025/02/17/serbia-external-relations-briefing-foreign-affairs-in-serbia-for-2024-a-review/
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(9) Sanja Kljajic, Serbia and the US: The next great trans-Atlantic friendship?
https://www.dw.com/en/serbia-and-us-the-next-great-trans-atlantic-friendship/a-71268835
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(10) Azem Kurtic, Bosnia’s Republika Srpska is trying to “Actively subvert” the state, Envoy Warns
https://balkaninsight.com/2024/05/14/bosnias-republika-srpska-trying-to-actively-subvert-state-envoy-warns/
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(11) Gojko Vlaović, Record year for attracting foreign capital: China No. 1 investor, significant decline in German investments
https://www.nin.rs/english/news/65184/record-year-for-attracting-foreign-capital-china-no-1-investor-significant-decline-in-g
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(12) Leposava Ognjanoska, Reinforcing the EU Enlargement Policy: Towards Western Balkans: Access to the Single Market as a Credible Goal
https://www.europeanpapers.eu/en/system/files/pdf_version/EP_eJ_2022_2_5_Articles_Leposava_Ognjanoska_00600.pdf
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(13) US Military Bases: US Military Bases in Kosovo
https://militarybases.com/overseas/kosovo
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(14) U.S. Department of State: 2024 Investment Climate Statements: Serbia
https://www.state.gov/reports/2024-investment-climate-statements/serbia/
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(15) Milana Živanović, Politics, Geopolitics, History: Russian-Serbian Relations at the Present Stage
https://valdaiclub.com/a/highlights/politics-geopolitics-history-russian-serbian/
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(16) Vasil Vasilev, Chinese investments in the Serbian economy: Opportunities and challenges
https://thewesternbalkans.com/chinese-investments-in-the-serbian-economy-opportunities-and-challenges/
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(17) Muhamed Ali, Turkey’s soft power policy towards the Balkans: Challenges and perspectives, Journal of Liberty and International Affairs, Vol. 8 No. 2, 2022.
https://e-jlia.com/index.php/jlia/article/view/610
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(18) Gyurkovics Virág, Intertwined Political Relations Between Hungary and Serbia, Atlatszo
https://atlatszo.rs/en/2024/11/19/intertwined-political-relations-between-hungary-and-serbia
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(19) Engjellushe Morina and Angelica Vascotto, A double bind: How unrest and geopolitics could end Serbia’s government, The European Council on Foreign Relations
https://ecfr.eu/article/a-double-bind-how-unrest-and-geopolitics-could-end-serbias-government/
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(20) Marko Čeperković and Florence Gaub (eds), Balkan futures: Three scenarios for 2025, European Union Institute for Security Studies
https://www.iss.europa.eu/publications/chaillot-papers/balkan-futures-three-scenarios-2025
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)
(21) Arsenije Vuckovic, Trump's idea of territorial division: Could a solution for Ukraine be applied to Kosovo?
https://www.kosovo-online.com/en/news/analysis/trumps-idea-territorial-division-could-solution-ukraine-be-applied-kosovo-5-3-2025
(تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2025)