
"تغيير البراديغم" في إيران ليس مجرد مطالبة حملها مقال لوزير الخارجية السابق، جواد ظريف، نُشر مؤخرًا في "فورين بوليسي"، بل هي جزء من حملة داخل إيران تستهدف الضغط والتأثير في توجهات آية الله علي خامنئي تجاه عدد من القضايا مما يقتضي تحولًا كبيرًا في الخطاب والنهج السياسي داخليًّا وخارجيًّا. وبالتزامن مع دعوة ظريف هذه، تحدث الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، في الاتجاه ذاته، مع نقد ظاهر ومبطن للحرس الثوري. وسبق ذلك أيضًا رسالة موقعة من مئات الأكاديميين الإيرانيين تقول بأن الوقد قد حان لـ"تغيير البراديغم" السياسي والاقتصادي.
مصطلح تغيير البراديغم السياسي (Political Paradigm Shift) يعني الانتقال من نموذج في التفكير والممارسة السياسية إلى نموذج جديد مختلف في الأسس والمرجعيات وآليات العمل. والإصرار على الحاجة لتغيير البراديغم السياسي، هو بمنزلة إعلان لفشل الأساليب والأفكار القائمة ودعوة لإبدالها بفهم جديد وأدوات جديدة، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومن ذلك ما حدث في أوروبا بعد حرب الثلاثين عامًا، وما نتج عن ذلك من تغيير كبير تمثل في معاهدة "ويستفاليا" وولادة الدولة القومية وتراجع دور الدين في السياسة، وكذلك الحال فيما نتج مع نهاية الحرب الباردة وانتهاء الثنائية القطبية وظهور الأحادية القطبية وما رافق ذلك من سطوة خطاب العولمة والليبرالية. واختبرت قوة مثل الصين هذا التغيير أيضًا، وهو ما تمثل في النهج الجديد القائم على اشتراكية صينية تحمل توليفة بين اقتصاد السوق والانفتاح وذلك تحت مظلة حكم الحزب الشيوعي الذي واصل حكم البلاد.
رسالة مفتوحة إلى بزشكيان
في رسالة مفتوحة إلى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، دعا 180 خبيرًا اقتصاديًّا وأستاذًا جامعيًّا إلى إصلاحات في مختلف جوانب الحوكمة. وناقشت الرسالة في واحد من عناوينها مسألة التفاوض والدبلوماسية، مع دعوة إلى طاولة حوار تُنهي المشاكل والنزاعات العالقة، مع تأكيد على أهمية التفاوض. وقالت الرسالة التي أحدثت ردود فعل مختلفة: "في مجال العلاقات الدولية، نفهم أن الشعب الإيراني، وإن كان يقاوم العدوان الخارجي ويرفض الهيمنة الأجنبية، إلا أنه محب للسلام ويدعو إلى التعاون مع مختلف دول العالم. ونوصي بشدة بضرورة تفعيل مسار الدبلوماسية والمفاوضات البنَّاءة مع الولايات المتحدة وأوروبا، ومنع عودة الحرب واستمرار الضغوط الاقتصادية، للخروج من الوضع الراهن. إن الحفاظ على وحدة أراضي إيران ووجودها الإقليمي هو الهدف الأهم الذي لا ينبغي المساس به إطلاقًا. إن الأفكار المتطرفة التي تُشعل فتيل الصراعات والنزاعات ستكون خطيرة ونتائجها كارثية في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد".
روحاني الذي رأس إيران لدورتين (2013-2021)، ودافع عن العلاقة مع الغرب ورأى ضرورة حل إشكالية العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، دعا بصورة واضحة إلى نهج جديد: "حان الوقت لإستراتيجية جديدة". هذه الدعوة كانت محل هجوم وانتقاد من قبل البعض ومحل دعم وتأييد من قبل آخرين. يدعو روحاني الذي تسبب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، في 2018، إلى الإطاحة بمنجزه الدبلوماسي الذي كأن يأمل أن يعزز من مكانته السياسية، يدعو إلى "إستراتيجية وطنية جديدة" يرى كثيرون أنها تتطلب الكثير الذي لا يمكن تحقيقه في الظروف القائمة.
بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، بدأت شخصيات سياسية إيرانية محسوبة بصورة أساسية على التيار الإصلاحي والتيار المعتدل بالحديث عن ضرورة إحداث نقلة نوعية في الهياكل التنفيذية والحكومية والقضائية في البلاد. وكان أقوى هذه الأصوات حسن روحاني، رئيس الحكومتين، الحادية عشرة والثانية عشرة، الذي طرح مجموعة من القضايا لاقت نقاشًا واسعًا.
ولا تقف هذه الطروحات عند "الإستراتيجية الوطنية الجديدة" بل تصل إلى تشكيل سلطة قضائية مستقلة وقناة تليفزيونية خاصة وتعزيز العلاقات مع العالم. ويأتي هذا الطرح نتيجة مشاورات بين روحاني ومستشاريه. روحاني قال: إن الإستراتيجية المقترحة يجب أن تستند إلى مطالب الشعب، وعلى الحكومة السعي لتحسين علاقتها به، وانتقد مؤسسة الإذاعة والتليفزيون (التي تتبع لمؤسسة القيادة) التي واظبت بصورة مركزة على انتقاد أداء حكومته خاصة فيما يتعلق بالتفاوض مع الغرب، واقترح إنشاء قناة خاصة تحظى بإقبال المواطنين لمعالجة تراجع مكانة الإذاعة بشكل كبير بين الناس متهمًا المؤسسة بأنها فقدت هيبتها الإعلامية.
من النقاط المهمة الأخرى الدعوة إلى أن يركز الجيش على واجباته الأساسية. وقال إنه في السنوات الأخيرة، شكَّلت مراكز قيادة القوات العسكرية الهيكل الرئيسي لمشاريع التنمية والبنية التحتية في البلاد، واحتكرت تنمية البلاد. يؤكد روحاني أن هذه القضية، التي تُطرح بحذر شديد في وسائل الإعلام، تُواجه انتقادات واسعة النطاق في المجتمع، طارحًا أسئلة حول دور القوات المسلحة بالوكالة في مشاريع التنمية والتطوير، وهو بذلك يواصل نقده للدور الاقتصادي للحرس الثوري.
روحاني الشخص المولع بالمفاوضات؛ إذ كان مفاوض إيران في كثير من القضايا، وضمن حديثه عن تعزيز العلاقات مع العالم، يدعو بشكل حثيث إلى استئناف المفاوضات بشأن المصالح الوطنية لإيران وأمنها القومي، ويرى أن هذا ما يجب أن يتم بغضِّ النظر عن التوجهات السابقة للدول الأخرى وإيران. ومن الانتقادات الموجهة للسياسات الخارجية الإيرانية في العقود الأخيرة تقييد علاقات إيران مع دول المنطقة والتوسع نحو الصين وروسيا، وهو ما مثَّل رخصة للحرب على إيران مُنحت لإسرائيل والولايات المتحدة، لأنهما اعتبرا عزلة إيران الإستراتيجية فرصة مناسبة لدفع تكاليف سياسية أقل.
في جانب آخر من مقترحاته، يقترح روحاني بذل جهود لاستقطاب العلماء للعودة إلى البلاد. وهو يشير إلى الهجرة الجماعية للطلاب والنخب من البلاد، والتي تسارعت وتيرتها في السنوات الأخيرة. ويعتقد بأن وقف هجرة العقول يتطلب تحسينًا جذريًّا في أنظمة استقطاب وقبول النخبة، وتغييرات في هياكل الرواتب، وتهيئة بيئة عمل مناسبة لثنيهم عن مغادرة البلاد. ومن النقاط المهمة الأخرى أن دعوة العلماء الإيرانيين في الخارج للعودة تُعد طريقًا مسدودًا ما لم تكن هناك ضمانات تنفيذية ضد التعرض لتهم أمنية.
تبدو أفكار روحاني بعيدة المنال بالنسبة لبعض النشطاء السياسيين، وقابلة للتحقيق بالنسبة لآخرين. ويرى البعض أن "الإستراتيجية الوطنية الجديدة" تتطلب إصلاحات هيكلية واسعة، ويبدو ذلك مستبعدًا في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد، بينما يرى آخرون أنه بالنظر إلى الخطوات التي اتُّخذت، ولو ببطء، فإنه ينبغي لنا أن نتحرك في هذا الاتجاه بشكل تدريجي وتسلسلي، لأنه لا يوجد خيار آخر، وهو ما يمكن أن يطلق عليه "سياسة الترميم".
لا يبتعد جواد ظريف في طرحه عن الرؤية التي يطرحها روحاني وإن كان يركز على الأبعاد الدبلوماسية والعلاقات الخارجية، ويمكن اعتبارهما منظِّرَيْ وحاملَيْ هذه الموجة، وبالعودة إلى مقالة جواد ظريف وتحليلها، نجدها تقوم على مفاصل أساسية يمكن اعتبارها الإطار الذي يتحرك داخله المطالبون بـ"تغيير البراديغم".
فالمقالة التي تدعو إلى "تغيير البراديغم السياسي في إيران والمنطقة"، ترى ذلك ممكنًا بالانتقال من عقلية تقوم على التهديدات والصراعات إلى عقلية جديدة تقوم على الإمكانات والفرص والتعاون الإقليمي والدولي.
ولتحقيق ذلك ترتكز بصورة أساسية على:
الشعب الإيراني: إذ يرى فيه ظريف مصدر الصمود والإمكانات، فالتاريخ الإيراني أثبت على الدوام قدرة الشعب على امتصاص الغزاة والحفاظ على هويته. أما العقوبات والضغوط فلم تمنع التقدم العلمي والتكنولوجي، بل عززت الاعتماد على الذات.
الجوار الإقليمي: فرص مهدورة وتعاون ممكن
يستند هذا المرتكز على موقع جغرافي فريد لإيران بحدود مع 15 دولة وروابط ثقافية وتاريخية عميقة. ويجادل في أن محاولات التعاون السابقة (مثل مبادرة هرمز للسلام، والاتفاقيات الأمنية، والحوار الإقليمي) فشلت بسبب براديغم الشكوك والتهديد.
ويعتقد أن التصعيد الإسرائيلي الأخير خلق وعيًا جديدًا بالهشاشة الأمنية المشتركة وفتح نافذة لتعاون إقليمي واسع يشمل الطاقة والاقتصاد والأمن النووي السلمي.
الدبلوماسية العالمية: تحديات وإمكانات
تحدث ظريف عن اسهامات إيران في مبادرات كبرى مثل: منطقة خالية من السلاح النووي (1974)، وحوار الحضارات (1997)، والاتفاق النووي (2015)، لكن الغرب قوَّض هذه المبادرات عبر الانقلاب على حكومة مصدق (1953)، ودعم صدام، والانسحاب من الاتفاق النووي، ودعم إسرائيل. واعتبر فقدان الثقة بالدبلوماسية يمثل عقبة والبديل هو حروب لا تنتهي.
تقول الرسالة السياسية التي يضمِّنها ظريف في هذا المقال: إن على إيران والدول الإقليمية أن تتجاوز منطق الصراع التاريخي وتتجه نحو التعاون. وعلى الغرب أن يتحمل مسؤوليته في إعادة بناء الثقة بالدبلوماسية إذا أراد تجاوبًا إيرانيًّا. وإن المستقبل الأفضل يقوم على شراكات إقليمية ودولية، لا على منطق التهديدات. وبصورة خلاصة فالبراديغم الجديد الذي يدعو إليه ظريف يقوم على:
- السلام والهدوء ويرى أنهما الخطر الحقيقي على نتنياهو وليست الحرب (وهذا يعني ضرورة إحداث تغيير في الموقف من إسرائيل).
- البراديغم القديم (التهديد والصراع) يقود إلى الكوارث، ويجب إبداله ببراديغم الإمكانات.
- الشعب الإيراني هو الركيزة الأساسية لأي تحول بسبب صلابته وقدرته على التكيف.
- التعاون الإقليمي يمكن أن يحوِّل المنطقة إلى فضاء مشترك للتنمية والأمن.
- الدبلوماسية العالمية لا تزال ممكنة، لكن الغرب مطالب أولًا بإعادة بناء الثقة.
- الخيار الإستراتيجي المطروح: إما تكرار الماضي الكارثي، أو بناء مستقبل مشترك يقوم على الشجاعة والرؤية الجديدة.
أما نقاد هذه الحملة فيقولون: إن التغيير مطلوب ولكن في اتجاه مختلف تمامًا، ويرون بضرورة عمل جردة حساب للحكومات، وإن كان لابد من سرد "سياسات الماضي الخاطئة"، فهي تقصير الحكومات في دعم جبهة المقاومة، وتقصير الحكومات في تطوير صناعة الصواريخ، وسفك دماء الحاج قاسم وحاجي زاده، وإغلاق برنامج الفضاء وتشريد العلماء وتهجيرهم، والتواطؤ في تقديم معلومات نووية ومعلومات خاصة بالعلماء إلى وكالة الطاقة الذرية.
ويرون أن الضغوط على الجمهورية الإسلامية تنتقل من تغيير النظام (بعد الفشل في ذلك) إلى تغيير النهج، "إذا كان تغيير النموذج ممكنًا وضروريًّا، فمن الضروري تجاوز النموذج الذي كان مصدر هذه الأخطاء الفادحة والهفوات الإستراتيجية. وإذا كانت التوبة ضرورية، فهي ضرورية لأولئك الذين، من خلال التحليلات المضلِّلة لمستشاري مراكز الفكر الغربية والعقول المستعمرة، وضعوا إيران في موقف ضعف وضرر".
خامنئي: مشكلتنا معهم لا تحل بالتفاوض؛ إنهم يريدوننا تابعًا
عبر رسائل غير مباشرة ردَّ آية الله علي خامنئي على "حملة تغيير النهج" وقال في حديثه الأخير في ذكرى شهادة الإمام الرضا: إن طرح وجهات نظر مختلفة أمر مرحب به ولكن دون المساس بأصول الثورة والجمهورية الإسلامية. وفي نقاط عدَّة شدَّد على نهج الجمهورية الإسلامية فيما يتعلق بعدد من القضايا:
- بدا خامنئي حريصًا في خطابه على إجلال الشعب الإيراني؛ ففي "الحرب على إيران، صمد الشعب الإيراني بقوة أدهشت العالم، وازدادت مكانته وعزته في أنظار الشعوب الأخرى".
- جادل بأن العداء الأميركي لإيران ليس جديدًا، بل مستمرًّا منذ 45 عامًا بأشكال مختلفة. السبب الحقيقي -كما صرَّح به المسؤولون الأميركيون أخيرًا- هو أن إيران ترفض الخضوع لأوامر واشنطن ولا تريد أن تكون "تابعة". هذا هو جوهر العداء. وقال: إن إيران وشعبها يرفضان الإهانة المتمثلة في الخضوع. وبعد الهجوم الأخير، اجتمع بعض عملاء أميركا في إحدى العواصم الأوروبية لمناقشة "النظام البديل" لإيران وحتى تعيين ملك جديد! لكن الشعب الإيراني صفعهم بوقوفه بجانب النظام والدولة والقوات المسلحة.
- قدَّم نقدًا لاذعًا لمعارضي الشعارات التي تُردَّد داخل إيران ضد الولايات المتحدة واتهمهم بالسذاجة، فالذين يقولون: "لا ترفعوا الشعارات ضد أميركا كي لا تغضب وتعاديكم" سطحيون، والذين يقدمون تحليلات تتساءل: "لماذا لا تتفاوضون مباشرة مع أميركا فتُحلَّ المسائل؟" سطحيون أيضًا. جوهر القضية ليس كذلك؛ هذه مسألة غير قابلة للحل بالتفاوض؛ هدفهم هو جعل إيران تابعة لهم.
- وجوب تقديم الشكر للقوات المسلحة والحرس الذين أثبتوا قدرتهم على ردع العدوان.
- إن إثارة الخلافات الداخلية هي الخيار المطروح بعد فشل الحرب العسكرية في إسقاط الجمهورية الإسلامية، وإن على أهل البيان والقلم أن يحافظوا على هذا "الاتحاد المقدس"، وألا يُضعفوا عزيمة الأمة بكلماتهم أو كتاباتهم.
- الإشادة بتعاون السلطات الثلاث، وقدم دعمًا واضحًا ومباشرًا لرئيس الجمهورية في سعي واضح لإبعاده عن الدعوات التي تُوجَّه إليه لينخرط في حملة "تغيير النهج"، فقد وصفه بالمجتهد والمثابر، في وقت يتعرض فيه لهجوم كبير من قبل طيف أصولي داخل مجلس الشورى.
- في مواجهة العدو الصهيوني، فالمشكلة لا تُختزل في نتنياهو أو المسؤول الذي يحكم إسرائيل، فالعدو الرئيسي اليوم هو الكيان الصهيوني، الذي يصفه خامنئي بأنه" أبغض نظام في العالم". إدانته بالكلام لا تكفي، بل يجب قطع كل أشكال الدعم عنه، وما يفعله الأبطال في اليمن هو الطريق الصحيح. مع دعوة ليقظة الشعوب الإسلامية وتوحدها لإزالة هذا الورم السرطاني من جسد الأمة.
خلاصة
إن ما يسعى إليه ظريف، ومن قبله روحاني، منذ سنوات وأعطاه الهجوم الإسرائيلي على إيران زخْمًا وجرأة هو إحداث تحول جذري في التفكير السياسي الإيراني والإقليمي؛ ضمن عنوان أساسي يقول بنزع التهديد والصدام والانتقال إلى عقلية الإمكانات والتعاون، وإن كان ظريف يميل أكثر من روحاني إلى تحميل الغرب مسؤولية تقويض فرص الدبلوماسية في الماضي.
إن القائمين على حملة المطالبة بـ"تغيير البراديغم السياسي" لإيران، وخاصة حسن روحاني، الشخصية التي تجمع بين البعد السياسي والأمني، يدركون أن ذلك يتطلب تحولًا جوهريًّا في الإطار المرجعي للجمهورية الإسلامية، وهو ما يشمل أنماط التفكير والشرعية وآليات صنع القرار في المجال السياسي. والقبول بذلك يعد اعترافًا بفشل أو قصور النموذج القائم وضرورة استبداله؛ إذ يرون أنه لم يعد قادرًا على الإجابة على تحديات الواقع أو إدارته. ولذلك فالنموذج الجديد الذي يقترحونه يرون أنه سيكون أكثر اتساقًا مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والدولية، والجديد المقترح يعني فيما يعنيه أيضًا تحولًا في لغة الخطاب السياسي والتحالفات والمشروعية، ورغم وجاهة الطرح بالنظر إلى المشكلات التي تواجهها إيران في السياسة والاقتصاد، إلا أن القبول بهذا الطرح يعني أن تنقلب الجمهورية الإسلامية على عناوينها العريضة، وهو ما يتعامل معه خامنئي بحذر شديد؛ إذ حذَّر من الدعوات التي من شأنها أن تطيح بما أطلق عليه "الاتحاد المقدس". ورغم غياب كثير من حاملي هذه العناوين من الساحة السياسية بفعل القتل الذي أعملته إسرائيل في نخبة الحرس والجيش، في محاولة لجعل الرجل الأول في إيران يبدو وحيدًا فيما يؤمن به، إلا أنه يبدي ممانعة واضحة لهذه الموجة وإن كان لا يعارض إجراء إصلاحات.