
قاعدة باغرام: بوابة النفوذ
أصبحت قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، التي كانت ذات يوم حجر الزاوية في العمليات العسكرية الأميركية، رمزًا للأهمية الإستراتيجية والتوتر الجيوسياسي، أدى الانسحاب الأميركي منها في عام 2021 إلى فقدان هذه الميزة العسكرية الحيوية، لكن أهمية القاعدة تتجاوز أفغانستان بكثير، فهي تقع في موقع إستراتيجي بالقرب من بؤر التوتر العالمية الرئيسية. شكَّلت قاعدة "باغرام" على مدى ما يقارب عقدين، رمزًا متعدد الأطراف للقوة الأميركية في أفغانستان، وقد اجتاحت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق الأراضي الأفغانية عبر هذه القاعدة، وأخلت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، القاعدة سرًّا، في يوليو/تموز عام 2021، قبيل أسابيع قليلة من انسحابها من أفغانستان(1).
تقع قاعدة باغرام الجوية في ولاية بروان الأفغانية، على مسافة خمسين كيلومترًا شمال العاصمة كابل. وبُنيت في خمسينات القرن الماضي بالتعاون بين الحكومة الأفغانية والاتحاد السوفيتي على مساحة يصل طولها إلى 10000 قدم. وفي عام 1976، اتجهت النية لجعلها مطارًا حديثًا للملكية الدستورية، إلا أن مصيرها حُسِم في خضم الصراع، لتتحول خلال الغزو السوفيتي (1979–1989) إلى مركز رئيسي لعمليات القوات السوفيتية في جميع أفغانستان(2).
ترجع علاقة الولايات المتحدة بقاعدة باغرام إلى عام 1959 بعد عام من زيارة رئيس الوزراء الأفغاني الأسبق، محمد داود خان، إلى الولايات المتحدة؛ حيث هبطت طائرة الرئيس الأميركي، دوايت أيزنهاور، في مطار باغرام واستقبله الملك الراحل، محمد ظاهر شاه، ورئيس وزرائه، محمد داود خان، وكان أول رئيس أميركي يزور القاعدة.
تتجلى الأهمية الإستراتيجية للقاعدة من خلال الزيارات المتواصلة للرؤساء الأميركيين لها منذ دخول الولايات المتحدة أفغانستان وحتى إخراجها منها، فقد زار جورج دبليو بوش قاعدة باغرام الجوية، في مارس/آذار 2006، وزارها باراك أوباما، في مارس/آذار 2010، وديسمبر/كانون الأول 2010، ومايو/أيار 2014. وزارها ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، للاحتفال بعيد الشكر مع القوات الأميركية هناك(3).
أكبر قاعدة أميركية
ومع دخول القوات الأميركية أفغانستان بعد 2001، أعيد توظيف القاعدة بوصفها القلب النابض للحرب ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة. وقَّع الرئيس جورج بوش الابن ونظيره الأفغاني، حامد كرزاي، الشراكة الإستراتيجية، في مايو/أيار 2005، مانحين القوات الأميركية حق الوصول المستمر إلى قاعدة باغرام الجوية ومرافقها، بالإضافة إلى مواقع أخرى تُحدد بالتفاهم بين الطرفين(4). وبحلول 2007، رسَّخت باغرام دورها كأكبر قاعدة أميركية في أفغانستان، تتمركز فيها آلاف القوات الأميركية وقوات الناتو، إضافة إلى مئات الطائرات.
ورغم أن الناتو تولى مسؤولية العمليات في شرق أفغانستان، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2006، فقد بقيت باغرام تحت القيادة الأميركية المباشرة، لتصبح مركزًا لوجيستيًّا رئيسيًّا للحرب. وإلى جانب دورها العملياتي، استُخدمت القاعدة أيضًا مركزَ احتجازٍ للمشتبه بانتمائهم إلى طالبان والقاعدة؛ ما أضاف إليها بعدًا أمنيًّا وسياسيًّا حساسًا.
شهدت باغرام استثمارات ضخمة من البنتاغون، شملت بناء مدرج جديد بطول 12 ألف قدم، قادر على استقبال الطائرات الثقيلة مثل "بوينغ 747"، وسُجلت باغرام أكثر المطارات ازدحامًا في أفغانستان، مع أكثر من 700 عملية يوميًّا، أي ما يفوق 333 ألف إقلاع وهبوط سنويًّا. وتوسعت مساحتها لتبلغ30 ميلًا مربعًا، وضمَّت مطاعم ومرافق ترفيهية للجنود؛ ما جعلها أقرب إلى مدينة عسكرية متكاملة(5).
جسر لوجيستي
تُعد قاعدة باغرام الجوية، من أهم المرافق في تاريخ أفغانستان الحديث من الناحيتين، الجيوسياسية والعسكرية. فبفضل موقعها الجغرافي المتميز، توفر القاعدة تغطية استخباراتية وعملياتية شاملة تغطي جميع أنحاء أفغانستان وأجزاء من وسط وجنوب وغرب آسيا، وجسرًا لوجيستيًّا يصل أفغانستان بالقواعد الأميركية في الخليج. ومن هذا المنطلق، تلعب دورًا حاسمًا في توازن القوى في المنطقة وإستراتيجيات الأمن.
تكمن قوة باغرام الحقيقية في موقعها الجغرافي؛ فهي تقع على سهل مرتفع على بُعد حوالي 50 كيلو مترًا شمال كابل، تحيط به جبال هندوكوش الشامخة، وتقع على مفترق طرق بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا والشرق الأوسط؛ مما يمنحها موقعًا مهيمنًا على جزء شديد التقلب، ولكنه ذو أهمية إستراتيجية من العالم.
وحين قررت واشنطن الانسحاب من أفغانستان، جاءت نهاية الوجود الأميركي في باغرام على نحو صامت ومربك. ففي ليلة 2 يوليو/تموز 2021، غادر آخر القوات الأميركية القاعدة دون إبلاغ القادة الأفغان، تاركة وراءها القاعدة مظلمة بعد أن قُطعت عنها الكهرباء. وبذلك انتهت باغرام كأحد أهم رموز الحرب الأميركية بمشهد مخز حمل في طياته دلالة الهزيمة(6).
بوابة احتلال
يرى خبراء الشأن الأفغاني أن الشعب الأفغاني ينظر إلى قاعدة باغرام أنها بوابة احتلال أفغانستان؛ حيث إن الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة اجتاحا البلاد عبرها لأهميتها الإستراتيجية واللوجيستية، ونقل القوات والمعدات، وتنسيق المهام الاستخباراتية، بل مثَّلت أيضًا رمزًا للنفوذ والوجود الأميركي في أفغانستان. لذا، فإنَّ مناقشة إمكانية عودة الولايات المتحدة إلى هذه القاعدة العسكرية ليست مجرد قرار تكتيكي، بل هي أيضًا انعكاس للتنافسات الجيوسياسية وإعادة تعريف موازين القوة في المنطقة.
من منظور جيوسياسي، تُعد قاعدة باغرام من القواعد الجيوسياسية الرئيسية في آسيا الوسطى نظرًا لموقعها الإستراتيجي عند مفترق الطرق بين جنوب آسيا وآسيا الوسطى وغرب آسيا. فهي بمنزلة بوابة حيوية لاستعراض القوة وأنشطة الاستخبارات في المنطقة.
ما يميز القاعدة أنها تربط مناطق رئيسية داخل الأراضي الأفغانية، إضافة إلى وصولها إلى دول آسيا الوسطى مثل أوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان، وهذا يجعلها نقطة دخول حاسمة للتأثير على المشهد الجيوسياسي الأوسع في وسط وجنوب آسيا. وتمتد الأهمية الإستراتيجية لباغرام إلى ما هو أبعد من العمليات العسكرية، فهي تُمكِّن الولايات المتحدة أو أي قوة مسيطرة من مراقبة وموازنة اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، بما في ذلك الصين وروسيا وإيران؛ حيث "تلعب القاعدة دورًا في الإشراف على أنشطة الصين، لاسيما بالنظر إلى قربها من منطقة شينجيانغ الصينية الحساسة، كما أنها بمنزلة مركز مراقبة النفوذ الإقليمي الإيراني وتوفر مركزًا لوجيستيًّا واستخباراتيًّا للعمليات في أفغانستان والمنطقة الأوسع"(7).
وتدعم باغرام إستراتيجيات جيو اقتصادية أوسع نطاقًا من خلال تأثيرها المحتمل على البنية التحتية وطرق التجارة، مثل مبادرة الحزام والطريق التي تدعمها الصين. غالبًا ما ترتبط القيمة الجيوسياسية لباغرام بديناميكيات "اللعبة الكبرى" في القرن الحادي والعشرين؛ حيث تتنافس القوى الكبرى على النفوذ على موارد آسيا الوسطى الحيوية وأمنها وطرقها التجارية.
ترمز السيطرة على باغرام إلى رافعة قوة في هذا الصراع الإقليمي المستمر. لذلك، لا تُعد العودة المحتملة للولايات المتحدة إلى هذه القاعدة مجرد خطوة تكتيكية، بل تُعد أيضًا إعادة تعريف إستراتيجية على المستويين، الإقليمي والعالمي(8).
تتمتع باغرام أيضًا بأهمية أوسع للسياسة الخارجية الأميركية. فمنذ الحرب العالمية الثانية، حافظت الولايات المتحدة على قواعد عسكرية في الخارج لضمان الاستجابة السريعة للأزمات العالمية وتأكيد نفوذها في المناطق الرئيسية، وبدون باغرام فقدت الولايات المتحدة موطئ قدم حاسمًا في آسيا الوسطى، وهي منطقة تزداد أهمية مع نمو نفوذ الصين.
في مواجهة التهديد النووي الصيني المتزايد، توفر باغرام موقعًا أقرب وأكثر إستراتيجية للجيش الأميركي مقارنة بالقواعد الأخرى في منطقة المحيطين، الهندي والهادئ، مثل تلك الموجودة في اليابان أو الفلبين. ويدرك الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أهمية قاعدة باغرام في التعامل مع الصين، فهي تقع على بُعد 2000 كيلومتر شرقًا؛ مما يمنحها أفضلية على القواعد الأميركية في الفلبين، التي تقع على بُعد 3000 ميل من شينجيانغ(9).
يحمل اهتمام ترامب بالعودة إلى باغرام أبعادًا جيوسياسية وجيو إستراتيجية، فمن خلال عودة الولايات المتحدة إليها، يهدف ترامب إلى أن يُظهر لدول المنطقة، بما فيها الصين وروسيا وإيران، أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان لا يعني تراجعًا في نفوذ واشنطن العالمي، بل فرصة لإعادة تموضعها وممارسة الضغط.
كانت الولايات المتحدة تدير سابقًا مطار باغرام وعدة قواعد عسكرية أخرى في أفغانستان بموجب اتفاقية أمنية أُبرمت عام 2014 مع الحكومة الأفغانية السابقة، ولكن إدارة ترامب الأولى قررت الانسحاب من البلاد، عام 2020، ثم نفذت إدارة بايدن الانسحاب من أفغانستان، عام 2021، دون التطرق إلى الالتزامات الثلاثة الأخرى في اتفاق الدوحة بين طالبان وواشنطن، وهنا يُطرَح السؤال: لماذا عادت قاعدة باغرام بعد أربع سنوات لتبرز كقضية أمن قومي؟ فهل يكون السبب هو قرب باغرام من الصين، فإن موقعها الجغرافي لم يتغير منذ عام 2020(10)؟
باغرام سلاح ذو حدين
هل تستطيع الولايات المتحدة الاستيلاء على قاعدة باغرام بالقوة؟ وإذا حصلت عليها هل تستطيع الحفاظ عليها؟
بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، اختلف الوضع في المنطقة، فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، تضامن المجتمع الدولي مع الولايات المتحدة وغزت أفغانستان بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بحجة مكافحة الإرهاب، واليوم اختلف الوضع في المنطقة؛ حيث تعارض الصين وروسيا وإيران علنًا أي وجود أميركي مجدد، وقد زاد تصوير ترامب لاحتلال باغرام كجزء من سياسة مُعادية للصين من صعوبة التعاون الإقليمي. وبالنسبة لواشنطن، سيكون من الصعب إقناع دول الجوار الأفغاني، بأن الوجود العسكري المُتجدد هو في الواقع برنامج لمكافحة الإرهاب، وستبذل الدول جهودها لمنع الوجود الأميركي في أفغانستان الذي تعتبره تهديدًا مباشرًا لأمنها، وقد أثبتت تجربة العقدين الماضيين أن مكافحة الإرهاب لن تنجح دون تعاون إقليمي.
يقول وزير الخارجية الأفغاني السابق، حنيف أتمر: "سيُفاقم الاستيلاء على باغرام مشاكل الشعب الأفغاني، فإذا استعادت الولايات المتحدة باغرام بالقوة ستصبح أفغانستان ساحة صراع بين القوى العظمى، وإذا تم ذلك من خلال صفقة فستستفيد طالبان سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا؛ مما يُعزز حكمها غير الشرعي، وسيدفع الشعب الأفغاني ثمن الصفقة. يُشكِّل الإرهاب تهديدًا حقيقيًّا لأميركا وأفغانستان والمنطقة، ولا يُمكن مواجهته إلا من خلال حكومة شرعية في أفغانستان تفي بمسؤولياتها تجاه شعبها والعالم، وهذا يتطلب أيضًا تعاونًا إقليميًّا صادقًا، لا تدخلًا أجنبيًّا آخر بأهداف غير مشروعة"(11).
منذ عودتهم إلى السلطة، أعلنت حركة طالبان أن أي عودة للقوات الأجنبية إلى أفغانستان خط أحمر؛ حيث تُعدُّ مغادرة القوات الأميركية قاعدة باغرام الجوية نهاية رمزية للوجود العسكري الأميركي في أفغانستان. في مقابلة مع قناة "طلوع نيوز" قال أمير خان متقي، وزير الخارجية الأفغاني: "حتى لو اعترفت الولايات المتحدة بالإمارة الإسلامية وأعادت بناء أفغانستان بأكملها، فلن نُسلِّم باغرام، ناهيك عن شبر واحد من التراب الأفغاني"، وأعلن فصيح الدين فطرت، رئيس أركان القوات المسلحة الأفغانية، في خطاب ألقاه في الأكاديمية العسكرية في كابل، أن الإمارة الإسلامية لن تُقايض أراضيها أبدًا(12).
خط أحمر ورمز السيادة
ترجع معارضة طالبان لتسليم باغرام للولايات المتحدة إلى عدة أسباب؛ أولها أيديولوجي. فمن منظورٍ عقائدي، قاتلت طالبان قرابة عقدين من الزمن بهدف تحرير أفغانستان من الاحتلال، وأقنعت مقاتليها بناءً على قواعد فقهية قائمة على قتال المعتدي، فكيف يُعقل الآن أن توافق على عودة الجيش الأميركي إلى باغرام؟ لا شك أن أي اتفاق لعودة الولايات المتحدة إلى هذه القاعدة العسكرية الإستراتيجية سيُحدث شرخًا كبيرًا في صفوف مقاتلي طالبان، والسبب الثاني لمعارضة نقل قاعدة باغرام إلى الولايات المتحدة يعود إلى فهم دقيق للوضع. تُدرك طالبان جيدًا أن هذا الإجراء سيؤدي إلى ردود فعل واسعة من روسيا والصين وإيران. (13)
إن مطالبة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، باستعادة قاعدة باغرام والحضور العسكري فيها يتعارض مع نص الاتفاق الذي أبرمته الولايات المتحدة مع طالبان في الدوحة، عام 2019، والتزمت الولايات المتحدة بسحب جميع القوات العسكرية، وقد أوضحت طالبان أن الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان غير مقبول، وأن استعادة باغرام قد تقوِّض اتفاقية السلام. من خلال الاحتفاظ بقاعدة باغرام، تسعى الولايات المتحدة إلى إنشاء قاعدة لوجيستية لجيشها، وبديل فعلي لتقليص الوجود العسكري المباشر في العراق؛ حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تمهيد الطريق لانسحاب تدريجي من العراق بنقل جزء من قدراتها الاستخباراتية واللوجيستية والعملياتية إلى باغرام، دون إضعاف نفوذها الإقليمي؛ وهذا ما يتيحه موقع باغرام الجغرافي الواقع على بُعدٍ أكثر أمانًا نسبيًّا من التهديدات المباشرة(14).
لماذا الآن؟
يروِّج الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لقاعدة باغرام باعتبارها ورقة بلاده الرابحة في مواجهة الصين ورمزًا لضعف سلفه، جو بايدن، في التعامل مع الملف الأفغاني، ولكن هناك أسباب محتملة ربما أثَّرت على عملية اتخاذ القرار بشأن باغرام من أهمها التحرر من الاعتماد على المجال الجوي الباكستاني؛ فبعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان أصبحت جميع العمليات مرتبطة عمليًّا بمسارات وتصاريح إسلام أباد، لدرجة أن قائد القيادة المركزية الأميركية أكد في مجلس الشيوخ أن مثل هذه المهام غير ممكنة بدون شريك بري وبدون وصول جوي. كما كشفت الخلافات المتكررة بين طالبان وباكستان حول مرور الطائرات بدون طيار عن هشاشة هذا الاعتماد(15).
تُجسِّد قاعدة باغرام الكيفية التي أصبحت بها أفغانستان مسرحًا لصراع القوى العظمى على مرِّ الزمن، بدءًا من الطموحات السوفيتية، مرورًا بحملة مكافحة الإرهاب التي قادتها الولايات المتحدة، خلال عقدين ماضيين ووصولًا إلى المخاوف الناشئة حاليًّا بشأن المصالح الإستراتيجية للصين في المنطقة. وينظر إليها الرئيس ترامب بعد أربع سنوات من حكم حركة طالبان ورقة ضغط إستراتيجية في التعامل مع الصين وإيران وأن طرحه يعكس توجهات أوسع داخل الحزب الجمهوري بانتقاد "الانسحاب الفوضوي" وتحميل بايدن كلفة الانهيار السريع للحكومة الأفغانية(16). ويبدو أن الرئيس الأميركي، ترامب، يريد استعادة قاعدة باغرام لتحقيق أهداف جديدة؛ حيث استحوذت قاعدة باغرام على مساحة بارزة من حديث الرئيس الأميركي؛ حيث تطرق اليها خلال أسبوع واحد ست مرات، أما أهدافه فهي:
- مراقبة الصين وروسيا: باغرام توفر نقطة متقدمة على مقربة من إقليم شينجيانغ الصيني وآسيا الوسطى.
-احتواء إيران: القاعدة تقع على مسافة قريبة من الحدود الإيرانية؛ ما يمنح الولايات المتحدة قدرة على الردع العسكري.
-الحرب على الإرهاب: استعادة القاعدة قد تتيح تجديد العمل ضد شبكات مثل تنظيم الدولة.
-رمزية النفوذ الأميركي: وجود باغرام كان رسالة قوية عن هيمنة الولايات المتحدة في قلب آسيا، وانسحابها عكس تراجعًا إستراتيجيًّا(17).
من الناحية العملية، فإن استعادة باغرام شبه مستحيلة في ظل سيطرة طالبان الراسخة ومعارضة دول الجوار، لكن الطرح يكشف عن قناعة راسخة داخل التيار الجمهوري بأن الانسحاب الأميركي من أفغانستان أضعف الردع الإستراتيجي لواشنطن أمام خصومها العالميين. بالتالي، فإن مطلب ترامب لا يُقرأ فقط كاقتراح عسكري، بل كورقة سياسية تستثمر في الذاكرة الأميركية للحرب على الإرهاب ولحظة الانسحاب الفوضوي.
1- وزيري دولت، د أفغانستان د اردو تاريخ (تاريخ بناء الجيش في أفغانستان) ص76 ط كابل 2020.
2- كريمي عبد الله، د بګرام ستراتيژیک اهمیت (الأهمية الإستراتيجية لقاعدة باغرام) مجلة سيمه ييز مطالعات (الدراسات الإقليمية) العدد 13 ص 55، 2013.
He Who Holds Bagram Holds The Crossroads: Power, Strategy In Afghanistan, Patial RC, 20.09.2025(visited on 22.09.2025) http://bit.ly/46qvZ4U
4-Bagram Air Base: Strategic linchpin of US power projection, Mausam Jha 25.09. 2025,(visited on 26.09.2025) http://bit.ly/3Vxt44h
5 - نورزاد، عبد الناصر، بگرام، «چیپ ژئوپلیتیک» در بازی قدرتها، (باغرام: "ورقة جيوسياسية" في لعبة القوة)، صحيفة 8 صبح، 22 سبتمبر/أيلول 2025، (تاريخ الدخول: 24 سبتمبر/أيلول 2025)، http://bit.ly/4pOKpDJ
6- باغرام قاعدة عسكرية أفغانية بناها السوفيت ووسعها الأميركان واستعادتها طالبان، الجزيرة نت، 22 سبتمبر/أيلول 2025، (تاريخ الدخول: 25 سبتمبر/أيلول 2025)، http://bit.ly/3KtdiF7
7 - مقابلة الباحث مع قائد الجيش الأفغاني السابق، الجنرال شير محمد كريمي، بتاريخ 20 سبتمبر/أيلول 2025.
8 - پیمان وحيد، أيا طالبان بگرام را به ترامب می دهد؟ (هل تمنح طالبان باغرام لترامب؟) صحيفة 8 صبح، 20 سبتمبر/أيلول 2025، (تاريخ الدخول: 21 سبتمبر/أيلول 2025)، http://bit.ly/4pOKpDJ
9 - ماذا نعرف عن أكبر قاعدة جوية في أفغانستان يسعى ترامب لاستعادتها؟، موقع BBC، 19 سبتمبر/أيلول 2025، (تاريخ الدخول: سبتمبر/أيلول 2025)، http://bit.ly/48AHwQx
10 – Afghanistan turns down air base proposal, XU WEIWEI 2025-09-23, (visited on 25.09.2025) http://bit.ly/4myeCnu
11- مقابلة الباحث مع وزير الخارجية الأفغاني السابق، حنيف اتمر، بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2025.
12- مقابلة وزير الخارجية الأفغاني مع قناة طلوع بتاريخ 29 فبراير/شباط 2024.
13 - مقابلة الباحث مع مصدر حكومي اعتذر عن ذكر اسمه بتاريخ 21 سبتمبر/أيلول 2025.
14 – عشرة أسباب إستراتيجية تدفع ترامب إلى استعادة قاعدة باغرام، موقع أبوا، 22 سبتمبر/أيلول 2025، (تاريخ الدخول: 23 سبتمبر/أيلول 2025)، http://bit.ly/3W79pZ1
15 – نوري، وحيد، بګرام چالش جدید امریکا وطالبان (قاعدة باغرام: التحدي الجديد لأميركا وطالبان) موقع دراسات سياسية، 21 سبتمبر/أيلول 2025، (تاريخ الدخول: 25 سبتمبر/أيلول 2025)، http://bit.ly/4pNVzIQ
16 – روحاني، واجد، طالبان عند مفترق الطرق، موقع إندبندنت، 20 سبتمبر/أيلول 2025، (تاريخ الدخول: 23 سبتمبر/أيلول 2025)، http://bit.ly/4gJJHTR
17 – لماذا يسعى ترامب لاستعادة قاعدة باغرام الجوية من حكومة طالبان؟، موقع سي إن إن، 22 سبتمبر/أيلول 2025، (تاريخ الدخول: 27 سبتمبر/أيلول 2025)، http://bit.ly/4gGmYbj