السيناريوهات المستقبلية للأزمة الصومالية








 

بداية يمكن القول إن مستقبل الصومال يتوقف بدرجة كبيرة على مستقبل جنوب الصومال، فقد أعلن الشعب في كل من أرض الصومال وبونت لاند عن تأييده للوحدة بين الجانبين، وقد صرحت بونت لاند أنها تنتظر تطورات الأوضاع في الجنوب نحو الاستقرار من أجل إعادة الوحدة.

وعليه فإن السيناريوهات التالية تنطلق من أن تطورات الأوضاع بين القوى المتنافسة في الصومال الجنوبي هي التي ستحكم مستقبل الصومال، متفاعلة مع مواقف الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية.

ويمكن القول إن الأحداث في الصومال سوف تتخذ واحدا من المسارات التالية، والتي يمكن أن تنقسم بدورها إلى مسارات فرعية:


سيطرة المحاكم على السلطة
سيطرة الحكومة الانتقالية على السلطة
التوصل إلى صيغة توافقية بين الجانبين
التجزئة والعودة للمربع الصفر
الحلول الممكنة


سيطرة المحاكم على السلطة


ويرتكز هذا السيناريو على نقاط القوة الكثيرة التي تحظى بها المحاكم الشرعية، وهي النقاط التي تجعل من المحاكم أقوى فصيل سياسي على الساحة لحد الآن، والأقدر على تحقيق السيطرة على البلاد.
وتعتبر أبرز نقاط القوة هي:








  1. "
    تحظى المحاكم الشرعية بعناصر قوة تجعلها أقوى فصيل سياسي على الساحة لحد الآن، والأقدر على تحقيق السيطرة على البلاد
    "
    التأييد الشعبي.


  2. مساهمتها في التخفيف من حدة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للأزمة الصومالية، وفي تحقيق الأمن والاستقرار في المناطق الخاضعة لها، خصوصا في شمال مقديشو.


  3. حرصت المحاكم –خلال فترة ظهورها الثاني عام 2002 -على طمأنة الشعب فيما يخص الشبهات التي تثار ضدها حول تطبيق الحدود، وبدأت في تطبيق فكرة العقوبات التعزيرية من خلال السجون التي يطلق عليها اسم "السجون التربوية".

ويضاف إلى تلك الاعتبارات الخاصة، اعتبارات أخرى تتعلق بـ:





  1. التأييد القبلي، فعلى الرغم من طابعها الوطني ورايتها الإسلامية، فإن استناد المحاكم الإسلامية إلى أرضية قبلية قوية، ممثلة في انتماء معظم عناصرها إلى قبائل الهوية بفرعيها -خاصة هبرجدر- قد أمدها بنواة صلبة من المؤيدين والأنصار، ومهد لها الطريق لبسط نفوذها على العاصمة مقديشو، وقد يبدو هذا الأمر طبيعيا نظرا لأن هذه القبيلة تتمركز في العاصمة، إلا أن البعد القبلي قد يمثل من جانب آخر عنصر ضعف كما سيرد في الورقة.


  2. العاطفة الدينية لدى الشعب الذي يدين معظمه بالإسلام.


  3. تلك الاعتبارات وغيرها هي التي جعلت من تنظيم المحاكم، الجماعة الوحيدة التي نجحت في توحيد العاصمة منذ سقوط نظام بري عام 1991، مع أن هذه المنطقة كانت أبرز العقبات في وجه أي حكومة انتقالية يتم تشكيلها في البلاد، وهو الأمر الذي يدفع البعض إلى توقع قدرة المحاكم على السيطرة على كامل أقاليم البلاد.


  4. بعض الإشارات التي وردت عن مشاورات بين كل من إثيوبيا -على الصعيد الإقليمي والولايات المتحدة الأميركية، على الصعيد الدولي- مع ممثلي المحاكم الشرعية، وهذا ما يشير إلى إمكانية قبول تلك القوى المؤثرة لهذا السيناريو حال نجاح المحاكم في الوصول إلى تفاهمات مع هذه القوى.

عناصر ضعف 
لكن هذا السيناريو قد لا يتحقق بهذه الصورة، لاعتبارات شتى يمكن القول إنها عناصر ضعف للمحاكم، أو إنها تشكل عقبة في طريقها للسلطة، وأبرزها:




  1. البعد القبلي ذاته: والذي قد يؤدي إما إلى ضعف المحاكم بسبب التنافس الداخلي بين القبائل المشكلة والمؤيدة لها، وإما إلى الحيلولة دون سيطرتها على مدن أخرى، خاصة في اتجاه الشمال.


  2. طبيعة تركيبة المحاكم: حيث إن المحاكم تضم أربعة اتجاهات أساسية:



    • الأول: بعض أعضاء وقادة الاتحاد الإسلامي ذوي الاتجاه السلفي الجهادي.


    • الثاني: بعض قوات "الكوماندوز" ومسؤولين في الجيش إبان حكم سياد بري.


    • الثالث: تيار الشيخ شريف ذاته، ويدعو إلى إقامة دولة إسلامية معتدلة وبصورة متدرجة.


    • الرابع: تيار رجال الأعمال، وهؤلاء يرغبون في إقامة دولة مستقرة –بغض النظر عن هويتها- من أجل ضمان الاستقرار لمشاريعهم الاستثمارية.

      هذا التباين في طبيعة الجماعات والفئات المكونة للمحاكم، وما قد يترتب عليه من اختلاف في الرؤى والأهداف والغايات المستهدفة من التنظيم، قد يؤدي إلى إضعاف المحاكم، خاصة فيما يتصل بالتوافق على موقف موحد بين هذه التيارات والمجموعات في إطار أي مفاوضات مستقبلية مع الأطراف الأخرى بشأن شكل الدولة الصومالية ومستقبلها ومكانة الشريعة فيها وكيفية تطبيقها.


  3. الرفض الإقليمي والدولي للمحاكم: إذ إن واشنطن -وكذلك دول الاتحاد الأوربي- تتخوف من أن تؤدي هيمنة أي قوى إسلامية على مقاليد الأمور في الصومال إلى تكرار نموذج طالبان.
    ونفس الأمر بالنسبة لإثيوبيا التي تعارض أي وجود إسلامي في الصومال، خوفا من آثاره المحتملة على المعارضة الإسلامية في أوغادين ، كما أن وجود حكومة مركزية بالصومال ستؤدي إلى المطالبة بالإقليم.


  4. ضعف القدرات التسليحية والتمويلية للمحاكم.

في ضوء الاعتبارات السابقة، يصعب تصور إمكانية سيطرة المحاكم بصورة كلية على البلاد، بل قد تتعرض لانفجار داخلي وتقاتل فيما بين التيارات المتباينة المشكلة لها، الأمر الذي قد يجد دعما خارجيا يرجح كفة السيناريوهات الأخرى.


سيطرة الحكومة الانتقالية على السلطة


يستند هذا السيناريو إلى نقاط القوة التالية والتي يمكن أن تكون في صالح هذه الحكومة:




  1. أنها الطرف الوحيد المعترف به من قبل المجتمع الدولي ممثلا شرعيا للصومال.


  2. أنها تحظى بدعم كل من واشنطن وإثيوبيا وكينيا، وقد تعمل هذه القوى على دعمها من خلال التدخل لصالحها، باعتبارها الحكومة الشرعية في مواجهة المحاكم، خاصة بعد هزيمة تحالف أمراء الحرب.


  3. أنها يمكن أن تستفيد من التناقضات القائمة بين أجنحة المحاكم الشرعية، مستندة في ذلك إلى دعم خارجي (إثيوبي، أمريكي) يمكن أن توظف فيه كل من الآلة الإعلامية والإغراءات المادية الأميركية لتشويه صورة المحاكم داخليا وخارجيا بما يؤدي إلى انفضاض الجماعات المؤيدة من حولها.

عقبات



"
تحظى الحكومة الانتقالية بدعم كل من واشنطن وإثيوبيا وكينيا، التي قد ت