الإسلام السياسي.. خيارات وسياسات

1_973388_1_34.jpg







 

بدعوة من مركز الجزيرة للدراسات انعقدت في الدوحة وعلى مدى يومي 23 – 24 من فبراير/شباط 2010 ندوة بحثية ضمت نخبة * من قادة الحركات الإسلامية، ومن الباحثين المسلمين، ومن كبار الخبراء والباحثين الغربيين العاملين في مراكز دراسات أوروبية وأميركية قريبة من دوائر صنع القرار في بلدانهم، تحت عنوان "الإسلام السياسي: خيارات وسياسات".

وقفة مع المصطلح ودينامية الظاهرة 
القبول بالدولة وعقد التحالفات.. إسلاميو اليمن نموذجا 
"قولبة" الإسلاميين والصور النمطية المغلوطة 
بين ثنائية المقاومة والمشاركة السياسية 
قاعدتا الديمقراطية والمصالح المتبادلة 
العقبة الإسرائيلية 
الرؤية الغربية 
الخلاصة


بدأت أعمال الندوة بجلسة افتتاحية أشار فيها مدير عام شبكة الجزيرة وضاح خنفر إلى أن ما يشهده العالم العربي والإسلامي حاليا من اختلالات ليست جديدة من المنظور التاريخي، لكن الجديد هذه المرة أنها تتم تحت سمع وبصر كاميرات وسائل الإعلام التي تنقل وقائعها على الهواء مباشرة. وشدد خنفر على ضرورة قراءة تفاعلات المنطقة بعمق وموضوعية ودون خداع أو تزييف وهذا ما تحاوله هذه الندوة.


ومن جانبه أكد مدير مركز الجزيرة للدراسات صلاح الزين أن هذه الندوة مجرد بداية لحوار جاد وصريح حول سياسات وخيارات التعامل مع حركات الإسلام السياسي، وأن المستقبل القريب سوف يشهد آفاقا كبيرة لتوسيع دائرة هذا الحوار لتشمل فاعلين آخرين، وتناول جوانب ذات صلة بالموضوع، فضلا عن استكمال النقاش فيما لم يتح الوقت الإحاطة به.


بعد الجلسة الافتتاحية انطلقت أعمال الجلسة الأولى التي تمحورت حول الجذور التاريخية لتشكل ظاهرة الإسلام السياسي. كيف نشأت؟ وما العوامل المتحكمة والمؤثرة في تطورها؟ وما تأثير ظروف النشأة وسياقات التغير والتحول على الإسلام السياسي فكرا وممارسة؟.


وقفة مع المصطلح ودينامية الظاهرة


وكان لورقة الباحث بمركز الجزيرة للدراسات بشير نافع "الإسلام السياسي: ملاحظات حول الجذور وتعدد التعبيرات" دور في إجلاء الإجابة على هذه التساؤلات.





إن الدول العربية والإسلامية التي تحكم بأنظمة حكم غير ديمقراطية تتجه سريعا إلى أن تكون دولا "فاشلة". وستكون هذه "الدول الفاشلة" أكبر مهدد للمصالح الغربية
أبرز ما جاء في ورقة نافع هو تعريفه لظاهرة الإسلام السياسي، حيث حصرها في المسعى الذي يقوم به الإسلاميون بطرق سلمية من أجل الوصول إلى السلطة في بلدانهم.

كما كانت لفكرة تطور ظاهرة الإسلام السياسي أهميتها في تأطير هذه الندوة، ومثلت مرتكزا لنقاشات موسعة حول هذه الظاهرة، وملخص هذه الفكرة هو أن ظاهرة الإسلام السياسي ولدت ونشأت في ظل سياق تاريخي معين، وبالأخص إبان الهجمة الاستعمارية الغربية للبلدان العربية والإسلامية في القرن التاسع عشر، وازدادت رسوخا وتطورا عقب إلغاء كمال أتاتورك للخلافة عام 1924 واكتسبت إطارا تنظيميا بعد تأسيس حركة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928.


وتنبع أهمية فكرة تطور ظاهرة الإسلام السياسي من كونها تؤسس لمنهج فهم مختلف، وتنبه إلى الخلل الذي يقع فيه بعض الباحثين الغربيين الدارسين لظاهرة الإسلام السياسي والذين يعتبرونها جامدة، حيث يغلب عليها الانغلاق والواحدية في الرؤية.
 
وكان من أبرز ما ركز عليه المشاركون في الندوة تحاورا مع هذه الفكرة هي تحديد العوامل والمؤثرات التي تلعب دورا حيويا في تطور ظاهرة الإسلام السياسي. وأبان الاتجاه العام من خلال المناقشات على أن الظاهرة الإسلامية تتطور نحو الأفضل في ظل أنظمة حكم ديمقراطية وأجواء تُحترم فيها الحقوق والحريات العامة.


وقد حظيت ورقة بشير نافع بكثير من النقاش والجدل، وكان أبرز من علقوا عليها المفكر الإسلامي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي قال بأنه لا يحبذ مصطلح الإسلام السياسي لأنه يوحي وكأننا نتحدث عن إسلام مؤلف من عناصر تم تجميعها معا بصورة مفتعلة، لكن الحقيقة أن المكون السياسي في الإسلام يعد مكونا أساسيا في بنية هذا الدين، واستدل على ذلك بأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان نبيا يوحى إليه وكان في الوقت نفسه مؤسس ورئيس دولة، ويمارس بنفسه السياسة في كل ما يتصل بأمور الدولة داخليا وخارجيا. وفي نهاية تعليقه على تعريف الإسلام السياسي قال الغنوشي إنه يوافق على هذا التعريف إذا كان المقصود به الحديث عن الجانب السياسي من الإسلام، وليس بمعنى إدخال تسييس مصطنع على الإسلام.


القبول بالدولة وعقد التحالفات.. إسلاميو اليمن نموذجا


وفي سياق تحليل التطور الذي طرأ على فكر الإسلاميين وممارستهم العمل السياسي، جاءت مسالة القبول بالدولة في البلدان التي يعيشون فيها، رغم تأكيدهم على استمرارية معارضتهم لأنظمة الحكم العربية غير الديمقراطية.


كما كان من سمات التطور الذي أشار إليه الباحثون لظاهرة الإسلام السياسي دخولهم في تحالفات سياسية بغرض تحقيق أهداف مرحلية أو طموحات مستقبلية. من ذلك على سبيل المثال التجربة التي توقف عندها وزير التجارة والتموين السابق ورئيس المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية محمد أحمد الأفندي.





لن يجدي نفعا التعامل مع الظاهرة الإسلامية بالعصى الأمنية أو بما يسمى "معارك كسب العقول والقلوب". ولن تتأسس دول عربية وإسلامية ديمقراطية ومستقرة ما لم يشارك في الحكم أهم القوى السياسية الفاعلة وعلى رأسها الإسلاميون
عرف الأفندي "التحالفات السياسية بأنها دخول الإسلاميين في نمط من أنماط التعاون أو التشارك مع السلطة الحاكمة لتحقيق أهداف أو مواجهة تحديات مشتركة آنية أو مستقبلية. وهي مبنية على نموذج من العلاقة بين النظام والإسلاميين قائم على التعايش. بمعنى وجود نوع من الاعتراف بالآخر دون أن يصل إلى مستوى تداول السلطة. وهذا النموذج من التحالفات السياسية يختلف عن النموذج الإسلامي الذي يضفي الشرعية على النظام السياسي ولا يشارك في السلطة.

وعدد الأفندي نماذج من التحالفات السياسية التي قام بها حزب التجمع اليمني طوال سنوات عمله السياسي، كتلك التي عقدها مع نظام الرئيس علي عبد الله صالح ضد الاشتراكيين "الانفصاليين" في الجنوب حينما خشي التجمع على "التوازن الفكري" في اليمن، وتهديد الفكر الاشتراكي للعقل الجمعي اليمني. وأرجع الأفندي هذا النمط من التحالف إلى ما أسماه الهدف الإستراتيجي العام وما أطلق عليه "تمليك الفكرة الإصلاحية لأي راغب في التغيير وليس تملكها".


كما ضرب الأفندي مث