ندوة: العراق بين الثورة الشعبية ودعاوى الحرب على الإرهاب

20146309939267734_20.jpg
جانب من الندوة الحوارية (الجزيرة)
ملخص
لم يكن انهيار المؤسسة العسكرية العراقية أمام المسلحين في الموصل فجر الثلاثاء 10 يونيو/حزيران 2014، وفي محافظات ومدن أخرى، مُنْشِئًا للأزمة الراهنة، التي قد تعصف بالكيان العراقي، أو سببًا مباشرًا في اندلاعها، بل كان (الانهيار) كاشِفًا لعمقها وجوهرها وجذورها، وامتدادها عبر مراحل العملية السياسية التي خرجت من رحم الغزو الأميركي منذ 20 مارس/آذار 2003؛ وهو ما يثير سؤالًا إشكاليًّا بشأن الحدود الفاصلة بين الثورة الشعبية على مُخْرَجاتِ "العملية السياسية الطائفية" ودعاوى الحرب على الإرهاب. وقد كان هذا السؤال الإشكالي محور الندوة الحوارية، التي نظمها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان "العراق بين الثورة الشعبية ودعاوى الحرب على الإرهاب"، في محاولة لتفكيك فروضه، وإعادة قراءة الأحداث المتسارعة، عقب انهيار الموصل، في سياق المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية. وهنا، يبرز التحالف الموضوعي بين تشكيلات المسلحين، ودور الفاعلين (إقليميًا ودوليًا) في هذه الأزمة، ومستقبل الحل السياسي بعد اكتساب المسلحين لمساحات جديدة، وخطر الحرب الأهلية في العراق، واحتمال عبور "الحالة الداعشية" إلى دول الجوار، وتأثيرات ذلك على الجغرافيا السياسية للمنطقة.

مقدمة

يثير التطور السريع للأحداث في العراق، بعد انسحاب القوات النظامية أمام المجموعات المسلحة في عدد من المحافظات والمدن، قضايا إشكالية (حقل استفهامي مركّب يتناول قضايا متشابكة ومترابطة كما سنرى) بشأن عمق الأزمة الراهنة وجذورها، وأبعادها المحلية في ظل النزعة "الطائفية السياسية" التي يحفل بها المشهد السياسي العراقي، واحتمالات الحرب الأهلية عقب الدعوات المتواترة (والمتبادلة) إلى الجهاد. كما تمتد تأثيرات هذه الأزمة إقليميًا ودوليًا؛ حيث تلعب قوى كثيرة دورًا واضحًا في مساراتها؛ ما قد يعيد رسم التوازنات الجيوسياسية (أدوار الفاعلين والنفوذ في المنطقة)، بل الجغرافيا السياسية للمنطقة (مقوماتها وحدودها السياسية المعروفة).

وفي سياق هذه التطورات الميدانية لاكتساب المسلحين مساحات جديدة، وانسداد أفق المخارج السياسية، تحاول الندوة التي عقدها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان "العراق بين الثورة الشعبية ودعاوى الحرب على الإرهاب"، مقاربة جوهر الأزمة، لفهم وتفسير صيرورتها وتحديد تداعياتها واستشراف مآلاتها، من خلال الحقل الاستفهامي الآتي: هل ما يجري في العراق إعلان صريح باليأس من العملية السياسية بقواعدها ومرتكزاتها وتقاليدها الراهنة، التي ترسخت عقب الاستفتاء على الدستور في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2005؟ وهل أسلوب الحكم، الذي نهجه رئيس الوزراء نوري المالكي في إدارة الدولة، هو السبب الرئيس في هذه الأحداث أم هو كاشف لها؟ وهل التدخل الإيراني له دور في اندلاع الأزمة؟ وكيف تتفاعل الدول الإقليمية الوازنة (السعودية، تركيا..) مع هذه التطورات السريعة؟ وما حدود دورها في إيجاد حل أو تسوية سياسية للأزمة (سيناريوهات الحل)؟ وما موقف الولايات المتحدة الأميركية مما يحدث؟ وما تأثيرات ذلك على الجغرافيا السياسية والأمنية للمنطقة العربية؟

وقد شارك في بحث هذه الإشكالية ومناقشة فروضها مجموعة من الباحثين والخبراء في الشأن العراقي، منهم: الباحث في الشؤون والقضايا العسكرية الدكتور عبد الوهاب القصاب، والإعلامي عامر الكبيسي بشبكة الجزيرة الإعلامية.

جذور الأزمة.. وسرعة انهيار "المؤسسة العسكرية" العراقية

يعتقد كثير من الباحثين، والخبراء العسكريين، أن الانهيار السريع لقوات الجيش العراقي بمدينة الموصل، في الأسبوع الأول من يونيو/حزيران 2014، وسيطرة المسلحين على أجزاء كبيرة من محافظات أخرى (شمال شرق البلاد ثم في الغرب والوسط)، لم يكن مُنْشِئًا للأزمة الراهنة التي يشهدها العراق، أو سببًا مباشرًا في اندلاعها، بل كان (الانهيار) كاشفًا لعمقها وجذورها، وامتدادها عبر مراحل العملية السياسية التي خرجت من رحم الغزو الأميركي منذ 20 مارس/آذار 2003. وهو الطرح الذي دافع عنه أحد المتدخلين في الندوة، من ذوي الخبرة المهنية والعسكرية في صفوف الجيش العراقي؛ إذ اعتبر البنية الدستورية، التي أفرزتها مخرجات العملية السياسية للاحتلال الأميركي، سببًا رئيسًا للأزمة بعد أن تبنَّى الدستور مفاهيم التمييز الطائفي، وأُسِّسَ على ثلاثة أشتات، وانحاز بشكل واضح إلى اثنين منهما، بل "إن واشنطن اعتمدت منذ اليوم الأول للغزو سياسةً فَتَّتت المجتمع العراقي على أُسُسٍ طائفيةٍ وإثنيةٍ، ثم سلَّمت الحكم برعايتها لنوري المالكي، الذي قاد العراق بسياساته الإقصائية الطائفية إلى هذا المأزق؛ حيث وَسَمَ الفشلُ إدارته لثمانية أعوام متعاقبة". وفي هذا السياق بدأت كرة الثلج تتعاظم؛ حيث اشتد عود المقاومة، التي انخرط فيها المُكَوِّنُ السُّنِّي وتحمَّل عِبْئَها الأكبر ضد الاحتلال وتوابعه، بينما ربط أحد المشاركين في الندوة، ممن اكتسبوا خبرة مهنية كبيرة في تغطية مناطق الصراع والأزمات، تفاقم الأزمة بقوة الحراك الجماهيري الشعبي في المحافظات الست المنتفضة (الموصل والأنبار وديالى وصلاح الدين، وكركوك، وأحياء في بغداد)، والذي كان يرفع 14 مطلبًا دستوريًّا؛ تُعبِّر (المطالب) عن رغبة العراقيين في العيش المشترك بعزة وكرامة دون تهميش أو إقصاء، لكن هذه المطالب لم تتحقق، بل إن نوري المالكي واجه الاعتصامات السلمية بالقوة، والحل العسكري (القصف بالطائرات والبراميل المتفجرة)، واستخدم جميع الوسائل لاستبعاد خصومه السياسيين وترسيخ سلطته الفردية عبر مداخل دستورية وقانونية. وهنا يرصد المتدخل الوضع المحتقن في الموصل، التي انهار فيها الجيش العراقي فجر الثلاثاء 10 يونيو/حزيران 2014 أمام المسلحين. فقد عاشت هذه المدينة، ثاني أكبر الحواضر العراقية التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة، تهميشًا وإقصاء ممنهجين، وأخضعتها سلطة بغداد لقبضة أمنية غير مسبوقة عبر كثرة الحواجز ونقاط التفتيش، دون مراعاة هويتها وتجانس مُكوِّناتها؛ ما جعلها مدينة محتقنة تتصدى لتسلُّط الحكومة والمشروع الإيراني، لاسيما أن معظم ضباط الجيش العراقي، الذي حلَّه الاحتلال الأميركي، ينحدرون من هذه المدينة.

وهنا، يُفسِّر الخبير العسكري سرعة انهيار القوات النظامية في الموصل، والتي كان يبلغ عددها 54 ألفًا، أمام المسلحين، بقصور بنيوي في هياكل المؤسسات العسكرية بالمنطقة؛ إذ امتلأت (المؤسسة) بضباط بِرُتَبٍ عاليةٍ دون إعدادٍ عسكريٍّ سليمٍ، فضلًا عن روح الانتقام التي ملأت نفوس هذه الفئة من الضباط والأفراد؛ فغابت عقيدة القتال، وتوجيهات الاشتباك، ورح الانضباط، والولاء للوطن، وحلَّت الطائفة محلَّ الوطن... وفي نفس الوقت انهمك ضباط المؤسسة وأفرادها في نهب أموال الدولة، متمتعين بما أتاحته لهم حالة الفساد الإداري المستشري في العراق، وابتزاز ونهب أموال المواطنين المخالفين لهم في المذهب، أو الدين، باختطاف أبنائهم ومساومتهم على تحريرهم. ويستنتج الخبير العسكري أن هذا الوضع الهيكلي لواقع المؤسسة العسكرية، والبناء النفسي والعقيدة القتالية لضباطها وأفرادها، رسّخ نظرة عدوانية انتقامية تجاه الآخر، وهو المواطن العراقي من الطائفة الأخرى، أو من الدين الآخر. لذلك كان طبيعيًّا أن تنهار القوات النظامية في الموصل، ثم تتهاوى القيادات الميدانية كقطع الدومينو في المحافظات والمدن الأخرى، بينما كان يفترض أن تكون المؤسسة العسكرية العراقية واحدة من أفضل المؤسسات العسكرية في المنطقة بعد أن صرفت الحكومة الحالية على إعداد الجيش ما يقارب 45 مليار دولار، ودُرِّب على أيدي خبراء أميركيين.

تشكيلات المسلحين واختلاف الأجندة والرؤية السياسية

أجمع المتدخلون في الندوة أن التشكيلات المُكَوِّنة للمسلحين، والتي تواجه حكومة نوري المالكي، تجمع طيفًا متنوِّعًا وواسعًا من الثوار العراقيين، الذين توافرت ظروف موضوعية جعلتهم يتحالفون (تحالفًا موضوعيًا) مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، والمعروف اختصارًا بـ(داعش)، بعد الظلم الشديد الذي مورس على المجموعة التي تشكل ثلث سكان العراق. وهذا ينفي، حسب الخبير العسكري، القراءة الاختزالية للمشهد، والتي تجعل داعش محورًا في الصراع بين الحكومة والثوار العراقيين، بل هناك البعثيون، الذين دخلوا على الخط ولهم حضور واضح في تكريت، ثم هناك جيش المجاهدين، الذي قاتل الأميركيين خلال العقد الأول من القرن الحالي، فضلًا عن كتائب ثورة العشرين، التي كانت من أوائل حركات المقاومة ضد الأميركيين بعد الغزو، ثم جيش أنصار السنة السلفي، والجيش الإسلامي، الذي ظهرت الصحوات من ضمن كوادره عام 2007 و2008. لذلك من الخطأ الاعتقاد بأن داعش تمثل القوة العسكرية الوحيدة على الساحة، وهي الحقيقة التي بدأ الساسة والإعلام الغربي يقتنع بها؛ فليست داعش وحدها من يقاتل على الأرض، بل ثمة قوات عديدة أخرى.

(الجزيرة)

لكن في المقابل، هناك حقيقة أخرى تتمثل في اختلاف المنطلقات الفكرية والعقائدية، وتباين الخطاب والأجندة السياسيين للثوار المسلحين، والدولة الإسلامية في العراق والشام؛ فقد لاحظ الخبير العسكري أن داعش لا تزال تنادي بخطاب طائفي لا يقلُّ خطورة عن خطاب الطائفية الشيعية، فضلًا عن الإسراف في الماضوية وتكفير الآخر حتى ولو كان سنيًّا إن لم ينصع لخطابهم؛ وهو المنهج الذي وَسَمَهُ أحد المتدخلين بـ"المتطرف" غير قابل للحياة مستقبلًا في العراق؛ لأن العراقيين لم يمارسوا الإسلام وفق هذا المنهج.

بموازاة هذا الخطاب "الداعشي"، هناك خطاب يتسم بالعقلانية، وينأى بنفسه عن الدولة الإسلامية في العراق والشام، التي لا تستقيم مع المشروع الوطني العراقي. وهنا يرصد الخبير العسكري بيان هيئة علماء المسلمين، والذي يحدد أهداف ثورة العشائر في تحرير الوطن من مشروع الاحتلال القائم على التفتيت الطائفي والإثني، مؤكدًا أن العراقيين جميعًا متساوون في حقوق المواطنة وواجباتها، وأن المقدسات مصانة، وأن الإرهاب ليس سلاحًا للثوار، وإنما هو سلاح الميليشيات الطائفية. وكان بيان حزب البعث العربي الاشتراكي مشابهًا لبيان هيئة العلماء المسلمين في النأي بالنفس عن مشروع داعش، وفي تصوُّره لمستقبل العراق، الذي سيقوم على أساس مشروع برلماني تعددي ديمقراطي لا استئثار فيه لحزب ولا لفئة على الآخرين.

الإجراءات الحكومية لمواجهة زحف المسلحين

لاحظ الخبير العسكري أن إجراءات الحكومة كانت مرتبكة، وتميزت بالتخبط بعد انهيار القوات النظامية في القسم الشمالي وشمال الوسط؛ لذلك صدرت عن رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ردود أفعال عصبية وغير موزونة، فمرة اتهم القيادات العسكرية التي فرَّت من المجابهة في الموصل بـ"الخيانة" وهدد بإعدامهم، وتارة اتهم بعض دول الجوار (السعودية) بالوقوف خلف الهجوم، وتارة أخرى أثار الفتنة الطائفية بعدما اتهم الثوار باستهداف مراقد الشيعة في العراق وتدميرها. وفي هذا السياق، يبرز الرمز الكربلائي ودوره في الشحن الطائفي؛ إذ تُبيِّن قضية المراقد فكرة التضحية عقديًّا لدى الأحزاب السياسية الشيعية، ولدى الرأي العام الشيعي، ورمزية المظلومية والتضحية والاستشهاد في سبيل ما يطلق عليه "الرمز الكربلائي".

فقد وظّف المالكي كل هذه القناعات ليبين أن المجابهة بين أنصار الحسين، ويعني بهم الشيعة بقيادته، وأنصار يزيد، ويعني بهم سنة العراق المتحالفين من وجهة نظره مع الإرهاب. كما حاول إعلان حالة الطوارئ للاستئثار بالقرار السياسي والعسكري، لكن الكتل النيابية، حتى الشيعية منها، لم تسمح له بذلك. وعندما تفاقم الموقف العسكري على الأرض أحال كافة الضباط من رتبة عميد فما فوق على التقاعد، وشكَّل ما سماه بالجيش الرديف للاعتماد عليه. ثم جاءت فتوى السيستاني مرجع الشيعة الأكبر بالجهاد الكفائي لتعطي المالكي دفعة استغلها في تعميق الشرخ الطائفي في المجتمع. كما تقدم المالكي إلى الولايات المتحدة بطلب رسمي لتوجيه ضربات جوية إلى قوات داعش؛ وهو أمر ترددت واشنطن، أو لم تتعجل في تنفيذه، وبيَّنت بشكل قاطع عدم تورطها في النزاع على الأرض وإرسال قطع عسكرية للقتال.

المواقف الدولية

لاحظ المتدخلون أن الموقف الدولي تجاه الأزمة العراقية بدأ يتغير تدريجيًا؛ إذ ظلت الأوساط السياسية والإعلامية الغربية في عمومها تعتقد أن الحكومة العراقية تخوض حربًا على الإرهاب بمواجهتها للدولة الإسلامية في العراق والشام، لكن سرعان ما بدأت بعض العواصم الأوروبية تنتبه إلى عمق الأزمة وجوهرها؛ فأعلنت الحكومة الفرنسية أن من يقاتل في العراق ليس داعش فقط، ودعت إلى ضرورة محاربة الإرهاب، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تلبِّي مطالب المواطنين العراقيين. كما انتقد مسؤول ملف العراق في الاتحاد الأوروبي مواقف الحكومة العراقية متهمًا إياها بممارسة سياسة إقصائية قادت البلد إلى هذا المأزق.

في المقابل، يعكس الموقف الإيراني سياسة طهران المنحازة للمالكي وحكومته، بل هناك مؤشرات قوية على تدخل إيراني واضح على المستوى التخطيطي؛ حيث إن لقاسم سليماني (قائد فرقة القدس التابعة لحرس الثورة الإيرانية) وهيئة ركنه أثرًا واضحًا على التخطيط للعمليات. ويكاد الموقف الروسي لا يختلف عن الموقف الإيراني؛ لأنه ينبني على سياسة المحاور الإقليمية؛ فقد أيد فلاديمير بوتين سياسة نوري المالكي رغم الانتقادات الموجهة إليها، بل إن بعض الدول الإقليمية، التي تستثمر وضعها الداخلي في محاربة الإرهاب، شرعت في بيع السلاح لنوري المالكي تكريسًا لشرعيتها السياسية؛ هذا في الوقت الذي انتقدت فيه السعودية رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، واتهمته بتأجيج الطائفية والمسؤولية عن تدهور الأوضاع في البلاد. وتبدو تركيا مكتفية بعلاقاتها مع إقليم كردستان العراق بعد أن سحبت يدها من الملف العراق لمَّا لقيت صدودًا من قبل المجموعة السنية. أما الإدارة الأميركية فطلبت رسميًا على لسان الرئيس باراك أوباما من الساسة العراقيين الاجتماع والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تستجيب لانتظارات العراقيين وتزيل الحيف الذي لحق بالسنة العرب نتيجة سياسات المالكي.

سيناريوهات الحل

تتفاعل المواقف الدولية مع الأزمة العراقية بأجندات مختلفة، في ظل الصورة الملتبسة ببغداد والاحتمالات المفتوحة بشأن الانهيار المفاجئ لأجهزة السلطة؛ إذ يرى أحد المتدخلين أن المشهد العراقي مقبل على أربعة خيارات: إما أن يتمكن المالكي بمعونة إيرانية من إيقاف مد الهجوم ودحر المسلحين، أو أن يتقدم المسلحون ويكملوا تطويق بغداد ويتهيؤوا لاقتحامها، أو تتدخل الولايات المتحدة في الصراع، أما السيناريو الرابع فهو يشبه السيناريو السوري؛ حيث تتشرذم قوى الثورة وتضعف قوى الحكومة. بينما يعتقد أحد المشاركين أن احتمال بقاء المالكي في السلطة ضعيف، كما أن خيار تشكيل حكومة وطنية، كما يطالب به إياد علاوي، يظل هو الآخر ضعيفًا، وقد تتعرض العملية السياسية برمتها للسقوط. لكن هناك أيضًا خيار تشكيل حكومة وطنية، وهو احتمال أقرب، كما دعت إلى ذلك عدة دول.

وبقدر ما تتعدد سيناريوهات حل الأزمة العراقية، فإن الباب يظل مفتوحًا على أسوأ الاحتمالات، خاصة إذا استمر المالكي في عناده مُؤْثِرًا الحل العسكري، وهو ما قد يجر البلاد إلى حرب أهلية تُقسّم فيها البلاد، فضلًا عن تأثيرات ذلك على دول الجوار؛ حيث سيصبح الخطر الداعشي عابرًا للحدود.
___________________________________
محمد الراجي - باحث في مركز الجزيرة للدراسات