حلقة نقاشية: محددات الموقف الباكستاني من "عاصفة الحزم"

201542091623725734_20.jpg
جانب من حلقة النقاش (الجزيرة)

ملخص
تطور الموقف الباكستاني من عملية "عاصفة الحزم" التي قادتها المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين في اليمن، من الإعلان عن المشاركة فيها، إلى التزام الحياد. ويأتي ذلك ضمن توازنات التأثير الشيعي المتنامي في البلاد ومحاولة الحكومة الاتساق معه في ظل وجود قوى سنية تمثل غالبية الباكستانيين.

ورغم هذ التأثير الملموس في وسائل الإعلام، إلا أن عاطفة الباكستانيين تظل ترنو للدفاع عن الحرمين الشريفين، وهو ما يعكس رغبة الحكومة في المشاركة في الدفاع عن السعودية في حال تعرضت أراضيها لعدوان من قبل الحوثيين أو غيرهم. ويعزز من ذلك أن نفوذ العسكر الطاغي في باكستان يشكِّل أهم عامل في قرار التعامل مع العملية العسكرية التي تقودها السعودية، وهؤلاء لهم ارتباطاتهم الوثيقة بالولايات المتحدة ودول المنطقة ومن ضمنها السعودية.

ويرجح بالتالي أن تقف باكستان في النهاية ضد أي محاولة عدوان من قبل إيران ضد الأراضي السعودية، مع بقاء الموقف الحالي على ما هو عليه إذا لم يتطور الوضع إلى حرب برية بين السعودية وقوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.

مقدمة

عقب طلب السعودية من باكستان الانضمام إلى عملية "عاصفة الحزم"، عقد البرلمان الباكستاني جلسة لمناقشة الطلب، واستمرت النقاشات لمدة خمسة أيام، وكان ردُّ البرلمان الباكستاني، هو التزامه الحياد ورفض طلب المملكة العربية السعودية بإرسال المقاتلات الجوية والسفن الحربية والجنود، وبالتالي عدم الانضمام إلى "عاصفة الحزم" بشكل فعلي مع التعهد بالدفاع عن السعودية في حال تعرضها لأي تهديد.

وجاء في قرار البرلمان أنه "يود أن تلتزم باكستان الحيادية في الصراع في اليمن حتى تتمكن من لعب دور دبلوماسي وقائي لإنهاء الأزمة ويعبِّر عن دعمه التام للمملكة العربية السعودية".

وحاولت حلقة نقاشية نظَّمها مركز الجزيرة للدراسات استطلاع حقيقة الموقف الباكستاني وخلفياته وآفاقه المستقبلية بمشاركة باحثي المركز والمحلل السياسي ومسؤول العلاقات الخارجية في الجماعة الإسلامية في باكستان الدكتور عبد الغفار عزيز.

حقيقة الموقف الباكستاني

وتناول الباحثون في الحلقة النقاشية تطور الموقف الباكستاني من العملية العسكرية التي قادتها المملكة العربية السعودية، بمشاركة الدول الخليجية (باستثناء عُمَان) ودول أخرى، وأشاروا في هذا الصدد إلى التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف التي اعتبر فيها أن السعودية حليف استراتيجي مهم لبلاده، وتجديده التأكيد على أن باكستان سترد بقوة في حال وجود أي تهديد للحرمين الشريفين وسيادة السعودية، وإشارته إلى أن إسلام أباد حثَّت طهران على جلب الحوثيين إلى طاولة الحوار؛ حيث قال أيضًا إن بلاده تتواصل مع دول الخليج لإزالة سوء الفهم الناتج عن قرار البرلمان الباكستاني.

وقال الباحثون: إن هناك تمييزًا بين دفاع الشعب عن الحرمين وبين ما يُسمَّى: الدفاع عن الأسرة الحاكمة، وإن قرار البرلمان الباكستاني لا يعني التخلي عن السعودية، بل إن الشعب الباكستاني سيقف كتفًا بكتف في مواجهة أي عدوان قد تتعرض له البلاد، مشيرين إلى احتمال وجود عناصر من الجيش الباكستاني على الحدود بين السعودية واليمن.

وتطرَّق الباحثون إلى موقف الشعب الباكستاني من السعودية والحرب ضد اليمن، وكان هناك تقدير بأن هناك عاطفة شعبية جياشة تجاه أرض الحرمين والدفاع عنها، والتي تشكِّل حالة إجماع بالدفاع عن السعودية في حال تعرضها لعدوان (مضمون قرار البرلمان الباكستاني).

أما قرار البرلمان بالتزام الحياد فيأتي ضمن خلفية التأثير الشيعي في البلاد ومحاولة الموازنة بينه وبين القوى السياسية السُّنية.

النفوذ الشيعي

وبهذا الشأن يقول الباحثون: إنه بعد بدء الحرب في اليمن بدأت وسائل الإعلام الخاضعة في معظمها لتأثير إيران بالحديث عمَّا أسمته: محاولة إقحام الجيش في الدفاع عن آل سعود (حكام السعودية) وليس الدفاع عن أرض الحرمين في محاولة لحجب التأييد الشعبي عن الدفاع عن السعودية.

وفي هذا السياق، جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إلى إسلام أباد استجابة لدعوة رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف؛ للمشاركة في صنع القرار الحاسم بأمر المشاركة من عدمه.

وقال الباحثون: إن رقعة النفوذ الإيراني توسعت مؤخرًا، وعلى الأخص في وسائل الإعلام رغم أن نسبة الشيعة في البلاد لا تتجاوز 15%، وهو ما قد يكبِّل القرار السياسي بدعم السعودية عسكريًّا ضد اليمن مع بقاء الدفاع عن السعودية في حال تعرضها لأي اعتداء قائمًا.

ويمثل انتشار القنصليات والمراكز الثقافية الإيرانية في طول البلاد وعرضها عائقًا أمام موقف الحكومة الداعم للسعودية. وأشار البعض إلى تبني الإعلام الباكستاني للخطاب الإيراني الشيعي ومنه مثلًا الاحتفاء بعاشوراء.

ولهذا، فإن من خلفيات الموقف الباكستاني تجاه الحرب ضد الحوثيين، محاولة درء ما يمكن أن نسميه: الفتنة الداخلية في البلاد.

كما أشار الباحثون إلى أن باكستان تربطها، من خلال إقليم بلوشستان، مع إيران حدود طويلة، كما تحاول رعاية المصلحة الإيرانية في ضوء مشروع أنبوب الغاز مع إيران والهند.

كما تشكِّل مواجهة المسلحين في وزيرستان الشمالية أولوية قصوى لباكستان في هذه المرحلة، وترى أن هناك تدخلًا من بعض الوكالات الاستخبارية في الإقليم؛ الأمر الذي يجعلها في غنى عن التركيز على الصراع في اليمن والموقف السعودي منه.

كما أن التعامل مع باكستان في صراعها ضد الحوثيين والتمدد الإيراني في اليمن يظل مرتَهنًا للعسكر الذين يشكِّلون المحدد الأكبر لسياسات البلاد ومواقفها.

نفوذ العسكر

وتوصل الباحثون إلى أنه يوجد تباين في التعامل مع الطلب السعودي وأزمة اليمن بناء على دور الإعلام المتأثر بقوة بالدعاية الإيرانية، ولكنهم قالوا: إن التحالف ضد الحوثيين لم يتراجع من عشر دول إلى تسع؛ إذ إن باكستان لا تزال ملتزمة بأمن السعودية والدفاع عنها بوجه المخاطر.

ورأى الباحثون أن العسكر يشكِّلون العنصر الحاسم في قرار التعامل مع النفوذ الحوثي في اليمن، وهؤلاء لهم ارتباطاتهم بالولايات المتحدة ودول المنطقة ومن ضمنها السعودية، ولن يتوانوا عن التحرك لصالح السعودية خاصة إذا نشبت حرب برية على الحدود السعودية-اليمنية.

وقد شكَّل موقف البرلمان حالة توازن في الخلاف بهذا الشأن، ولكن الأمر الحاسم في الموقف ينبني على تحالفات البلاد الأقرب للغرب وللدول العربية منه إلى إيران.

الخلاصة

توصلت الحلقة النقاشية عن موقف باكستان تجاه عاصفة الحزم، إلى أن قرار البرلمان الباكستاني بعدم المشاركة فيها لا يعني التخلي عن السعودية، بل إن الشعب الباكستاني سيقف كتفًا بكتف في مواجهة أي عدوان قد تتعرض له السعودية.

وقال الباحثون: إن رقعة النفوذ الإيراني توسعت مؤخرًا، وعلى الأخص في وسائل الإعلام، رغم أن نسبة الشيعة في البلاد لا تتجاوز 15%، وهو ما قد يكبِّل القرار السياسي بدعم السعودية عسكريًّا ضد اليمن مع بقاء الدفاع عن السعودية، في حال تعرضها لأي اعتداء، قائمًا.

إلا أن الباحثين توصلوا لخلاصة مفادها أن العسكر يشكِّلون أهم عامل في قرار التعامل مع العملية العسكرية التي تقودها السعودية، وهؤلاء لهم ارتباطاتهم بالولايات المتحدة ودول المنطقة ومن ضمنها السعودية، ولن يتوانوا عن التحرك لصالح السعودية خاصة إذا نشبت حرب برية على الحدود السعودية-اليمنية.
________________________________
ماجد أبو دياك - باحث في مركز الجزيرة للدراسات