في سياق الذكرى التاسعة والستين لنكبة 1948، والذكرى الخمسين لنكسة 1967؛ يبدو المشهد السياسي الفلسطيني أكثر تعقيدًا باستمرار الانقسام الداخلي الذي يُعَمِّقُه فشل المصالحة الوطنية بين الحركتين المهيمنتين على هذا المشهد (فتح وحماس)، وتعاظم معاناة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، فيما يبدو مستقبل القضية الفلسطينية محاطًا بالغموض في ظل محيطٍ إقليميٍّ مضطربٍ تتنافس فيه مشاريع دولية وقوى صاعدة، ومناخٍ عالميٍّ لا تُمَثِّل القضية الفلسطينية فيه أولوية للقوى الفاعلة التي تركز جهودها على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وهنا، تبرز خطورة هذه التحديات والتعقيدات التي تواجه القضية الفلسطينية محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا مستفيدة من تناقض رؤى القوى الفلسطينية الفاعلة بشأن خيارات وأولويات المرحلة الراهنة لإنجاز مشروع التحرير الوطني. كما يبرز السؤال حول دور الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس في حلحلة هذه التعقيدات وإحداث اختراق في علاقات الحركة بشركائها المحليين والفاعلين الإقليميين والدوليين لاسيما أن الوثيقة تحمل رؤية للمرحلة المقبلة قد يكون المتغير الأبرز فيها هو القبول بدولة فلسطينية على حدود العام 1967. هذه العناوين شكَّلت محور الندوة النقاشية التي نظَّمها مركز الجزيرة للدراسات بالتعاون مع قناة الجزيرة مباشر، يوم 16 مايو/أيار 2017، بعنوان "مستقبل القضية الفلسطينية بين تعقيدات الداخل وتحديات الخارج"، شارك فيها عدد من الباحثين والمحلِّلين المعنيين بالشأن الفلسطيني، وهم: هاني المصري، مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية-مسارات، وماجد الزير، رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا، والقيادي في حركة حماس، جمال عيسى، والباحث بمركز الجزيرة للدراسات، شفيق شقير.
تحديات المشهد الفلسطيني الداخلي
ألقت الوثيقة السياسية الجديدة، التي أعلنتها حركة حماس في الأول من مايو/أيار 2017، بظلالها على النقاش في سياق المأزق الذي يعيشه مشروع التحرير الوطني الفلسطيني؛ حيث أبرز ماجد الزير، رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا، أن الفلسطينيين بشكل عام معنيون باسترجاع حقوقهم وبالتالي فإن "النظر لأي مشروع على الساحة الفلسطينية يتعاطى مع الشأن الفلسطيني نتعاطى معه قربًا وبعدًا من الحقوق الفلسطينية"، معتبرًا أن مضمون أية وثيقة سياسية يجب أن يحتكم إلى إرادة الشعب الفسلطيني خاصة حق العودة والوحدة الفلسطينية؛ حيث يعاني الشتات الفلسطيني من آثار الانقسام. وشدَّد الزير على أن الفلسطينيين يحتاجون إلى ممارسات عملية حقيقية؛ لأن "أي حلول مطروحة في ظل التعنت الإسرائيلي تظل حلولًا في إطار التنظير السياسي والمبادرات السياسية، لكن ما يعنينا هو المبادرات الميدانية التي تعطي للشعب الفلسطيني حقوقه ولا تتنازل عنها".
ولاحَظَ، رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا، أن الشعب الفلسطيني مقسَّم حاليًّا عبر جغرافيا متنوعة، فضلًا عن الانقسام العمودي والأفقي في الشارع الفلسطيني، إضافة إلى حالة الانسداد الواضحة المعالم في حلِّ القضية الفلسطينية؛ لذلك فإن "أي مباردة تُدخلنا إلى مستقبل يجب أن يشعر الشعب الفلسطيني بجديتها في هذا الجانب"، ويكون منوطًا بها النظر إلى حقوق الشعب الفلسطيني على قدر المساواة بين الداخل والخارج؛ لأن اتفاق أوسلو في نظر الزير "قفز على الحقوق الفلسطينية وخاصة فيما يتعلق بفلسطينيي الخارج؛ إذ لم يتعامل بشيء من الموضوعية مع حق العودة وبالتالي قسَّم الضفة وانقسم الشعب الفلسطيني على هذا الاتفاق. ونعتقد أن اتفاق أوسلو ظلم الشعب الفلسطيني وكان مجحفًا بحقه في هذا المجال".
واعتبر هاني المصري، مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية-مسارات، أن هناك تحولًا وتغيرًا كبيرًا وإيجابيًّا إلى حدٍّ كبير في الوثيقة السياسية الجديدة لحماس، لكن "إذا نظرنا إلى الممارسات والمواقف التي أقدمت عليها الحركة طوال الفترة السابقة سنجد أنه لا يوجد عمليًّا شيء جديد في هذه الوثيقة؛ إذ إن كل المواقف التي تضمنتها عبَّرت عنها حماس خلال السنوات الماضية وخاصة النقطة التي أثارت نقاشًا كبيرًا والمتعلقة بالموافقة على إقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967. فهذه ليست فكرة جديدة، بل تطرَّق إليها الشيخ أحمد ياسين ومختلف قيادات حماس".
ورأى الباحث أن هناك أسئلة كثيرة يجب طرحها بشأن وظيفة هذه الوثيقة خاصة إذا لم تكن تحمل جديدًا: فهل تستهدف حماس عبر هذه الوثيقة الخروج من الأزمة التي تعيشها في ظل الحصار وتردي علاقاتها مع القيادة المصرية وعدم فتحها لعلاقات مع المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول؟ هل تستهدف تأهيل نفسها كي تشارك أو تحلَّ محلَّ قيادة منظمة التحرير وحركة فتح؟ وفي محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة اعتبر المصري أن وثيقة حماس لم تستطع أن تُحدث اختراقًا في الموقف الأميركي والأوروبي والدولي عمومًا؛ لأن المطلوب من حماس هو الاعتراف بإسرائيل وبحقها في الوجود، ووقف تطوير سلاحها والكف عن خيار المقاومة وبناء الأنفاق الهجومية وأن تلتزم بما التزمت به منظمة التحرير. لكن في المقابل، يرى المصري أن الوثيقة يمكن أن تُحدث اختراقًا في الأوضاع الداخلية الفلسطينية وعلاقات الحركة مع أوروبا، لذلك يمكن التركيز على الوضع الداخلي الفلسطيني لإعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وهذا يتطلب من حماس إثبات جديتها بالممارسة في موضوع التعددية والمشاركة التي أكدت عليها في الوثيقة وأن تطرح مبادرة تؤكد فيها استعدادها التخلي عن سيطرتها الانفرادية على قطاع غزة مقابل قبولها شريكًا في مختلف المؤسسات الفلسطينية سواء في السلطة أو منظمة التحرير، معتبرًا أن "هذه المبادرة يمكن أن يكون لها تأثير أكبر من الوثيقة".
من جانبه، تحدث القيادي في حركة حماس، جمال عيسى، عن الوثيقة في سياق ما اعتبره مأزقًا كبيرًا تعيشه القضية الفلسطينية؛ إذ جاءت هذه الوثيقة لتعبِّر عن المسؤولية الوطنية التي تتحملها حركة كبيرة مثل حماس باعتبارها شريكًا كبيرًا في المعادلة الوطنية تحمَّلت أعباء كبيرة في مشروع المقاومة، واستطاعت أن تُقَدِّم نموذجًا لإدارة السلطة بعد انخراطها في العملية السياسية، وأن تثبت أن هناك فرصة لتحوير وتطوير وتطويع السلطة لحماية المقاومة، كما خاضت معارك انتصرت فيها بقطاع غزة وهي في إدارة السلطة، وفرضت على العدو استحقاق الخروج من قطاع غزة دون قيد أو شرط كما استطاعت أن تفرض صفقة وفاء الأحرار. لذلك، يرى عيسى أن فصيلًا بهذا الوزن النوعي لا يستطيع أن يتعامل في إطار المعادلة الوطنية منعزلًا، بل هو معني بتقديم رؤية سياسية لمواجهة التحديات في الوطن أمام العدو، وكيف تراكم انتصار الثورة في ظل إشكال حقيقي؛ حيث فرض فريق على الشعب الفلسطيني مسارًا إجباريًّا تحت عنوان التسوية، واستطاع العدو استدراج هذا الفريق من السلام مقابل الأرض، ثم السلام مقابل الأمن، ثم الاستيطان مقابل العودة والمفاوضات، إلى وقف الاستيطان مقابل رفع الغطاء عن الجرحى وذوي الشهداء.
وردًّا على تشكيك هاني المصري في قدرة الوثيقة على إحداث اختراق في الموقف الأميركي والأوروبي والدولي عمومًا، أكد القيادي في حركة حماس أن الوثيقة استطاعت أن تحقق اختراقات في العلاقات السياسية والدولية تجاوزت شروط الرباعية، موضحًا أن حماس تستطيع أيضًا أن تتجاوز مثل هذه المآزق وتعزز الدبلوماسية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن حركة حماس والفلسطينيين لا يعولون في حلِّ القضية الفلسطينية على الموقف الأميركي الذي يتعرض لضغط صهيوني، لكن في ظل عدم تبني الإدراة الأميركية لرؤية حتى الآن، وعدم وجود فريق متخصص يمتلك الخبرة في القضية، فإن حماس معنية بالتأثير في الرؤية الأميركية وفي الإقليمية "بما ينتصر للحقوق الفلسطينية".
وأوضح شفيق شقير، الباحث بمركز الجزيرة للدراسات، أن التحديات فيما يخص الواقع الفلسطيني الداخلي ربما لم تتغير كثيرًا من حيث الإجمال، لكن في المقابل كان للربيع العربي تأثير على مواقف حماس في تعاملها مع الواقع العربي وبالذات السلطة الفلسطينية؛ لأن الوثيقة السياسية عندما طرحت الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 67 كانت تقصد التوجه نحو هذه السلطة على قاعدة أن هناك شيئًا مشتركًا فلنتعاون عليه، كما أرادت أن تقول للأصدقاء: "أنا الآن في موقع يستطيع أن يساعدكم على أن تدافعوا عنِّي أكثر خاصة بعد أن تبدلت المحاور".. وهو ما بات يفرض على حماس إعادة تموضعها في الواقع العربي. واعتبر أن التحدي الداخلي هو موقف السلطة التي توجد اليوم أمام خيارين إما أن تقرر التوجه للنظام الدولي الذي ينخرط في محاربة الإرهاب أو تتوجه إلى الداخل وإلى وثيقة حماس.
مدخل المشروع الوطني الجامع
في ظل حالة الانقسام التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وتأثيرها على مستقبل القضية الفلسطينية، أوضح ماجد الزير، رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا، أن الشعب الفسلطيني يحتاج إلى تجاوز ثناية: حماس وفتح، والاهتمام بأولوياته وحقوقه، "لدينا مشكلة مشروع وريادة للشعب الفلسطيني، وبالتالي فالإطار الوطني الذي يستوعب ويُشرك الشعب الفلسطيني في القرار الذي يتحكم في مصيره هو الذي يمثِّل أولوية بعد 7 عقود من الصراع"، وهنا فإن "إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية يشكِّل الأولوية القصوى بالنسبة لنا حتى يقول الشعب الفلسطيني كلمته"؛ لأن السلطة الفلسطينية في نظره همَّشت الشعب الفلسطيني منذ ربع قرن. لذلك، دعا الزير إلى الاهتمام بالداخل الفلسطيني وليس تقديم مبادرات سياسية، مؤكدًا أن منظمة التحرير الفلسطينية يجب أن تُشكِّل الإطار الوطني الذي يُمَثُّل جميع أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج على أسس ديمقراطية.
ووصف هاني المصري هذه القضية بالمهمة والتي يجب أن تكون نقطة الانطلاق وتعالج الآثار الكارثية المترتبة على اتفاق أوسلو الذي فصل بين الأرض والقضية والشعب، وقسَّم الأرض إلى أجزاء والحلَّ إلى مراحل انتقالية ونهائية، وقسَّم العلاقة بين مكونات الشعب الفلسطيني المختلفة؛ الأمر الذي كانت له نتائج سيئة يحصد الفلسطينيون ثمارها المرة حتى الآن. لذلك فإن نقطة البدء لمراجعة تجربة أوسلو الانطلاق من وحدة القضية والشعب والأرض، التي تستطيع أن تجمع الرأسمال الفلسطيني الذي يشمل 13 مليونًا داخل الوطن وخارجه بكل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي في مؤسسة وطنية جامعة على أساس شراكة حقيقية وأسس ديمقراطية، ملاحظًا أن وثيقة حماس لم تتضمن وصفًا لهذا الإطار بعد إعادة بنائه كونه الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني رغم أنها وافقت على ذلك في وثائق عديدة.
القضية الفلسطينية وتحولات المشهد العربي
بعد مرور ستة أعوام على ثورات الربيع العربي التي عرفت مسارات مختلفة، يرى الباحث شقير أن العرب يواجهون تحديات خطرة بعد هذه الثورات سواء في العراق أو سوريا أو اليمن، وإن كان الجسد الأكثر انسجامًا بين أعضائه لا يزال منطقة الخليج؛ حتى إن محاور الدول العربية السابقة كانت تختلف على موضوع المقاومة لكن اليوم لم يعد أحد يختلف بشأن المقاومة بـ"المعنى السلبي"، كما لم يعد هناك من يؤيدها ويتعهدها كمقاومة فعلية بغضِّ النظر عن الموضوع الإنساني، بل أصبحت عدالة القضية الفلسطينية مهددة عندما يكون هناك ترانسفير في سوريا أو في العراق. وأشار الباحث إلى أن الدول العربية التي كانت تُصنَّف في محور الاعتدال لم تكن تؤيد القضية الفلسطينية بشدة، بل كانت تؤيد من وجهة نظر محددة ومعينة ومعروفة تتواءم مع رؤية السلطة الفلسطينية. والآن، وفي ظل التحولات التي تعيشها المنطقة أصبحت الدول العربية معنية بمواجهة التمدد الإيراني، معتبرًا أن هناك مشكلة كبيرة تواجهها القضية الفلسطينية، لذلك يجب تحييدها حتى تظل عادلة ولديها القدرة على المناورة.
وفي محاولته تشخيص التحديات التي تواجه القضية الفسطينية في محيطها العربي، ركَّز القيادي في حركة حماس، جمال عيسى، مرة أخرى على الوضع الداخلي الفلسطيني، معتبرًا أن نقطة المبتدأ عند حماس قد تكون هي نقطة المنتهى عند فريق آخر؛ "نحن نعتقد أنه كان هناك خطأ استراتيجي من فريق فلسطيني حينما سمح أن تكون الضفة الغربية ابتداء موضوعًا للتفاوض... مأزقنا أن أوسلو الذي فُرِض على الشعب الفلسطيني بقرار من قيادة مُتَنَفِّذَة وضعت المأزق أمام المجموع الوطني فقسَّمته لكن عندما اجتمعت المقاومة وأثبتت قدرتها على تحرير جزء من الأرض بانسحاب غير مشروط كان الإجماع الوطني أن القيادة التي فرضت على الاحتلال الانسحاب هي المؤهَّلة لِأَنْ تقود المشروع الوطني، فكانت الأغلبية البرلمانية في الانتخابات التشريعية لصالح المقاومة، ما يؤشِّر على أنها محل إجماع أو على الأقل محل التفاف جماهيري معتبر. إذن، الإشكالية السياسية أن هذا الفريق الذي استدرجه العدو الصهيوني إلى جملة مآزق نحن كمقاومة ندفع الثمن".
بينما اعتبر الزير أن الذي يُحرِّك القضية الفلسطينية قربًا وبعدًا من الدول العربية والمجتمع الدولي هو الطرف الفلسطيني نفسه وكيفية تعاطيه وإدارته للعلاقات العامة سواء الإقليمية أو الدولية، مؤكدًا أن العامل الرئيسي الذي يمكن أن يتسلح به صانع القرار في السياسة الفسلطينية هو الشعب الفلسطيني وعافيته. كما أن الموقف الفلسطيني المتماسك والموحد نحو إدارة سياسية حقيقية في العلاقات الدولية وتوظيفه توظيفًا حقيقيًّا في الداخل والخارج من شأنه أن يدفع الموقف العربي والأميركي إلى أخذه بالحسبان، "لكن حالنا في إدارة شؤوننا تجعلنا مجرد هامش ننتظر مواقف الآخرين رغم أن لدينا عناصر يمكن تحريكها تحريكًا حقيقيًّا كما تغيب الرؤية التي تلتفت إلى كوامن القوة في الشعب الفلسطيني".
القضية الفلسطينية والموقف الأميركي
لاحظ الباحث شفيق أن الإدارة الأميركية لديها مواقف مبدئية طوال تاريخ تعاملها مع القضية الفلسطينية لا تخرج عنها في العادة ولا تصب في مصلحة القضية بطبيعة الحال، وهي لا تزال فقط من حيث الشكل ملتزمة بحل الدولتين. "حاليًّا الإدارة الأميركية، وهذا أعتقد سيكون التحدي مع ترامب الذي تجاوز أولًا موضوع الاستيطان وكأنه أصبح من الماضي، ولم يعد هناك تشديد كبير على منع إسرائيل من الاستيطان في مناطق معينة، كما بدأ يفتح موضوع اللاجئين وهو الخطوة الأخطر بالنسبة للقضية الفلسطينية، أي تصفية موضوع اللاجئين الذي كان طُرح همسًا مقابل يهودية الدولة". واعتبر شفيق أن هناك خريطة كبيرة في الشرق الأوسط؛ حيث كانت الإدارة الأميركية دائمًا تستعين بالموضوع الفلسطيني لإعطاء بُعد أخلاقي لأي عملية تتم بين العرب والولايات المتحدة، فـ"عندما يخوضون حربًا ضد الإرهاب أو شيئًا مثل هذا يذهبون للقضية الفلسطينية وتكون هناك قرارات، لكن في الغالب لا تُنفَّذ".
من جهته، نفى المصري أن يكون هناك أي أفق أو التزام بالقضايا الأساسية من قِبل الإدارة الأميركية تجاه الفلسطينيين بل على العكس هناك ضغوط على الجانب الفلسطيني ليقبل باستئناف المفاوضات دون وقف للاستيطان، مبيِّنًا أن الرِّهان على الإدارة الأميركية في ظل الضعف والانقسام الفلسطيني وفي ظل الأوضاع العربية الراهنة يُمَثِّل وهمًا خالصًا. وأكد "إذا أردنا أن نؤثِّر على ترامب وعلى غيره يجب أن نستنهض عناصر القوة والوحدة الفلسطينية وأن نركز على تغيير موازين القوى أما في ظل الوضع الراهن فلن نحصد إلا حلًّا انتقاليًّا جديدًا يغطي على ما تقوم به إسرائيل من فرض حقائق احتلالية وعنصرية على الأرض وتقطع الطريق على أي إمكانية لحل يحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية". كما نفى المصري أن يكون هناك في الأفق القريب إمكانية لحل الدولتين أو حل الدولة الواحدة، وعزا ذلك إلى ميزان القوى المحلي والعربي والإقليمي والدولي الذي لا يسمح بتحقيق إنجاز للشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هناك محاولة لتقسيم الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ حيث يمكن لإسرائيل أن توافق في أحسن الأحوال على حكم ذاتي".
واعتبر القيادي في حركة حماس، جمال عيسى، أن المقاومة استطاعت أن تقدم الإثبات العملي بفرض الإرادة الفلسطينية على العدو الذي لا يستجيب إلا للغة القوة، وقال: "إن هناك حراكًا دبلوماسيًّا سياسيًّا تُمَثِّله الآن حركة الرئيس أبي مازن؛ فَلِمَ لا يستدعي الرئيس قوة الشعب الفلسطيني باعتبار أن هناك شعبًا يرفض التخلي عن جزء من الوطن ويرفض التنازل عن حق العودة لأبنائه؟! لم لا يحتمي بالشعب الفلسطيني ويرفع السقف كما يفعل العدو الصهيوني عندما يحتمي بالمتشددين في القدس؟!". وأضاف: "إذا كان أبو مازن يستطيع أن يذهب إلى البيت الأبيض كان من المفترض أن يقول: أنا أُمَثِّل الشعب الفلسطيني الذي يرفض الاحتلال ولا يقبل بالمساومة. فهناك اعتداء مستمر واحتلال لا يجوز أن يبقى وبالتالي هو لن يمثِّل مسار التسوية بخيار أحادي لا يملك من خلاله القدرة على الضغط على العدو. أبو مازن أو أي مسؤول فلسطيني يذهب مكشوف الظهر لا يستطيع أن يفرض إرادة فلسطينية وبالتالي هو يسيء من حيث أراد الإحسان". واعتبر أن أية قوى تستطيع أن تفرض حل دولة فلسطينية على حدود 67 ستتعاطى معه حماس إيجابيًّا ولن تتوقف "ونقطة الافتراق بيننا وبين آخرين، بما في ذلك بعض الأطراف العربية، هي موضوع الاعتراف بشرعية الاحتلال. لن نعترف بإسرائيل، سنتعامل مع العدو بسياسة الأمر الواقع وإذا استطعنا أن نقيم جزءًا من الوطن من خلال دولة على هذه الحدود سنفعل ولكن مشروعنا هو تحرير فلسطين".