اختتم مؤتمر "نحو نظام أمني خليجي جديد: الخروج من المقاربات الصفرية" أعماله في العاصمة القطرية، الدوحة، بعد أن سلَّط المشاركون فيه الضوء، خلال يومي 19 و20 يناير/كانون الثاني 2020، على المتغيرات الداخلية والخارجية؛ الإقليمية والدولية، التي استجدَّت ما جعل الحاجة ملحَّة لإيجاد منظومة أمنية خليجية جديدة، تتشارك فيها الدول ذات المصالح في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
وخلص المتحدثون إلى أهمية تحديد المفاهيم، وبخاصة مفهوم الخليج، ومفهوما العدو والصديق، فضلًا عن مفهوم الأمن وضرورة توسعته ليشمل الأمن المجتمعي والغذائي والمائي والسيبراني فضلًا عن الأمن السياسي والاقتصادي والعسكري.
وأكد المتحدثون في المؤتمر على ضرورة التحول الديمقراطي في دول الخليج العربية، وأهمية ذلك في تمتين الجبهة الداخلية وجعلها أكثر تماسكًا في مواجهة التهديدات الخارجية.
وشكَّك المتحدثون في تعهدات الولايات المتحدة المعلنة بالحفاظ على أمن الخليج، متخذين من ردِّ فعلها السلبي إزاء استهداف المنشآت النفطية السعودية مؤخرًا دليلًا على ذلك.
وشدَّد المشاركون كذلك على أهمية الحوار الاستراتيجي بين دول الخليج العربية وإيران؛ بعيدًا عن حملات شيطنة هذا الجار الذي فرضت الجغرافيا وجوده، وحتَّمت المصالح المشتركة التعاون معه.
وأوصى المتحدثون في ختام المؤتمر بتحويل جزء كبير من الميزانيات التي تُنفق على شراء السلاح إلى تصنيعه محليًّا من جهة، وإلى عمليات التنمية التي تحتاجها البلدان الخليجية من جهة ثانية.
وكان المؤتمر سابق الذكر قد انعقد في رحاب جامعة قطر، يومي 19 و20 يناير/كانون الثاني الجاري (2020)، بحضور نخبة من الباحثين والخبراء من دول الخليج العربي ومن العراق وإيران وتركيا والولايات المتحدة الأميركية، وامتدت جلساته على مدى يومين، وقد استهله رئيس جامعة قطر، الدكتور حسن الدرهم، بكلمة أكد فيها على أهمية التعاون البحثي بين مركزي دراسات الخليج ومركز الجزيرة للدراسات في تعميق الرؤى، وتمحيص الآراء، وإثراء النقاش.
وأعقب ذلك كلمة للدكتور محجوب زويري، مدير مركز دراسات الخليج، أكد فيها على ضرورة بحث معضلة الأمن الخليجي من منظور أوسع ليشمل الأمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فضلًا عن الأمن الغذائي والسيبراني.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد المختار الخليل، مدير مركز الجزيرة للدراسات: إنَّ هذا المؤتمر قد تمَّ الترتيب له منذ أشهر، وقد جاءت حادثة مقتل الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وما تبعه من توترات أمنية خطيرة في منطقة الخليج ليثبت أنَّ اختيار الموضوع كان صائبًا، وأنَّ البحث عن مقاربات جديدة للأمن الخليجي مسألة ضرورية ومُلحَّة.
وبنهاية الجلسات السبعة للمؤتمر خلص المشاركون إلى جملة من القناعات، من أبرزها: صعوبة بلورة منظومة أمنية خليجية جديدة ما لم يتم أولًا تحديد مفهوم الخليج، والاتفاق ثانيًا على مجموعة من القيم يتشارك فيها الجميع؛ ويعرفون من خلالها العدو من الصديق، وأنَّ ذلك بحاجة إلى تخفيض حدة الصراعات، والمضي نحو بناء الثقة المفقودة بين دول الخليج العربية بعضها بعضًا من جهة، وبينها وبين إيران من جهة ثانية، فضلًا عن إقامة حوار استراتيجي بين الدول العربية المطلَّة على الخليج وإيران، يأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف بما فيها تركيا وروسيا والصين والولايات المتحدة الأميركية، والتوقف عن زعزعة أمن واستقرار الدول بالتدخل في شؤونها الداخلية ومحاولات تغيير أنظمة الحكم فيها، وإنهاء حالة الحصار المفروضة على قطر، فضلًا عن تغيير السياسات التي تعمل على إجهاض التحول الديمقراطي في البلدان العربية ووأد محاولات شعوبها الساعية في هذا الاتجاه، وأخيرًا الحذر من الهرولة نحو التطبيع مع إسرائيل والوعي بخطورة مطامعها في لعب دور قيادي بالمنطقة.