باحثون في ندوة للجزيرة للدراسات يتوقعون تحسنًا في بعض ملفات الشرق الأوسط حال فوز بايدن

المشاركون في الندوة من اليمين: شبلي تلحمي، أماني جمال، خالد الجابر، سحر عزيز. (الجزيرة)

عقد مركز الجزيرة للدراسات وقناة الجزيرة مباشر، الثلاثاء، 27 أكتوبر/تشرين الأول 2020، ندوة حوارية عن بُعد بعنوان "نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية المتوقعة وأثرها على قضايا الشرق الأوسط"، تناولت موضوع الانتخابات الأميركية التي يحتدم التنافس فيها حاليًّا بين المرشحيْن الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن. وقد شارك في هذه الندوة: الدكتورة سحر عزيز، أستاذة القانون والعدالة الاجتماعية في جامعة روتجرز للقانون، والدكتورة أماني جمال، مديرة مركز السلام والعدل في جامعة برنستون وأستاذ كرسي إدوارد سعيد للعلوم السياسية في جامعة سانفورد، والدكتور شبلي تلحمي، أستاذ كرسي أنور السادات للسلام والتنمية، ومدير استطلاعات القضايا الحساسة في جامعة مريلاند، فضلًا عن الدكتور خالد الجابر، مدير مركز أبحاث ودراسات مينا بالولايات المتحدة، وأدارها محمد دحو، المذيع بقناة الجزيرة مباشر.

استعرض المشاركون طبيعة الانتخابات الرئاسية الأميركية الراهنة وما يميزها عن سابقاتها، فأشاروا في هذا الصدد إلى هذا التنوع الملحوظ هذه المرة في اهتمامات الناخب الأميركي وانشغاله، الذي لم يكن على ذات الدرجة من الأهمية من قبل، بمسألة الهوية وسؤال: "من هو الأميركي؟"، وذلك على خلفية تنامي النزعة العنصرية، وتعالي نبرة الحديث عن الرجل الأبيض وحقوق الرجل الأسود مرة ثانية، بسبب تركيز الرئيس ترامب في غير خطاب له على ما يسميه بـ"حقوق البيض" وهم القاعدة الانتخابية الأكبر بالنسبة له.

ومن القضايا الجديدة نسبيًّا في انتخابات الرئاسة الحالية شعور قطاعات واسعة من الرأي العام الأميركي، وبخاصة في أوساط الديمقراطيين، بأن الديمقراطية الأميركية والنظام الأميركي الذي عرفوه في السابق مهددان، وأرجعوا ذلك الشعور إلى ممارسات الرئيس، دونالد ترامب، وبخاصة تهميشه لمؤسسات، وما فعله مؤخرًا في موضوع قضاة المحكمة الدستورية العليا وتعيين مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون لقاضية ذات ميول محافظة، بالإضافة إلى التغيير الدائم في كبار موظفي الدولة.. وقد انعكس هذا الشعور إيجابًا بالحماس غير المسبوق في المشاركة في التصويت المبكر الذي جرى خلال الأيام الماضية.

وقال المشاركون في الندوة أيضًا: إنه فضلًا عمَّا سبق، فإن ثمة أزمات عديدة لم تكن موجودة في السابق تتصدر حاليًّا جدول اهتمامات الناخب وبالتالي سيكون لها دور في سلوكه الانتخابي، وفي مقدمة هذه الاهتمامات التعامل مع جائحة كورونا الذي فشلت فيه إدارة ترامب حتى الآن، والذي كان من نتيجته وصول أعداد المصابين بهذا الفيروس إلى أرقام كبيرة وغير متوقعة بالنسبة لدولة بحجم وإمكانيات وقدرات الولايات المتحدة الأميركية. فضلًا عن الأزمات المثارة مع العالم الخارجي وبخاصة الاتحاد الأوروبي والصين، وارتفاع حدة هذه الأزمات بشكل لم يكن معهودًا في العقود الأخيرة.

أما عن اهتمامات الناخب الأميركي بقضايا وصراعات ونزاعات الشرق الأوسط، فرغم أن المشاركين في الندوة قد أشاروا إلى أنها لا تحظى بأولوية لدى الناخب مقارنة بالقضايا سابقة الذكر، فإنهم، مع ذلك، أوضحوا بأنه في حال خسر ترامب وفاز بايدن فإن "صفقة القرن" لن تجد قوة الدفع ذاتها التي كانت موجودة في عهد ترامب، وذلك لأن أغلب الأميركيين ينظرون لهذه الصفقة على أنها تمَّت دون أخذ حقوق الشعب الفلسطيني بعين الاعتبار، أو بعبارة أخرى: لأنها لن تفضي إلى تحقيق السلام المنشود، والذي هو في الأخير مصلحة أميركية. لأن هذه الصفقة، بحسب المشاركين، لم تأت على ذكر مسألة حل الدولتين وإيقاف المستوطنات غير الشرعية وما هنالك من قضايا.. لهذا، توقع المتحدثون في الندوة ألا يحدث اختراق كبير أو تغيُّر تاريخي باتجاه حل القضية الفلسطينية. لكن على مستوى العلاقة بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية تحديدًا فربما تشهد، في عهدة بايدن، تحسنًا بعدما ساءت هذه العلاقة في عهد ترامب.

كذلك الحال بالنسبة لإعادة التوزان في السياسة الخارجية وعلاقة الولايات الأميركية مع بعض الدول مثل إيران وتركيا والسعودية ومصر، ومحاولة إظهار الولايات المتحدة مرة أخرى بمظهر الدولة المدافعة عن مبادئ الحرية والقيم الديمقراطية، والتعامل برشد وعقلانية في العديد من الملفات والقضايا ذات الصلة بهذه الدول. وأشاروا، على سبيل المثال، في هذا الصدد إلى أن الملف الإيراني سيشهد تحسنًا إذا جاء بايدن، لأن الأخير سيعتمد على الآليات السياسية والدبلوماسية أكثر من القوة الخشنة ومنها فرض العزلة والضغوط الاقتصادية وتجديد العقوبات.

وكذلك الحال فيما يتعلق بعلاقة الولايات المتحدة مع دول الخليج العربية؛ فقد توقعوا، في حالة مجيء بايدن، أن يخف نسبيًّا سباق التسلح الراهن، وأن يلتئم الشرخ الذي حدث في دول الخليج بسبب الموقف من قطر ومساندة ترامب للموقف السعودي/الإماراتي في هذا الجانب. والأمر نفسه فيما يتعلق بمسألة التطبيع مع إسرائيل التي شهدت هرولةً في نهاية حكم ترامب، فربما لا تحظى بذات الزخم إذا جاء بايدن، بحسب المشاركين في الندوة.  

وعن موضوع حقوق الإنسان والتعامل في هذه القضية مع الدول التي تنتهك هذه الحقوق وبخاصة في الشرق الأوسط معاملة أخرى، فقد أكدت الندوة أنها ستأخذ دفعة أكبر في حال فوز الديمقراطيين، لكن المتحدثين في الوقت عينه أكدوا على أن جو بايدن "شخصية واقعية"، وانطلاقًا من هذا الأساس فإنه سيتعامل مع الدول المنتهِكة لحقوق الإنسان كما كان يحدث في السابق، وبخاصة في عهد أوباما؛ أي بما لا يضر في النهاية بمصالح الولايات المتحدة. وفي كل الأحوال، فإن قضية حقوق الإنسان لن تكون على رأس جدول اهتمامات الإدارة الجديدة أيًّا كان الفائز، ولن تكون ذات أولوية بالنسبة لها، رغم ما قد تشهده من تحسن نسبي.

وأخيرًا، فيما يتعلق باحتمال رفض ترامب تسليم السلطة حال خسارته الانتخابات بحجة التزوير والتلاعب في الأصوات، فقد أشار المتحدثون إلى أن هذا الاحتمال "وارد وغير مستبعد"، وهو ما قد يُحدِثُ أزمة داخلية في الولايات المتحدة لبعض الوقت، لكنهم أكدوا أن الأزمة في النهاية إن حدثت فسوف تجد طريقها للحل لأن الولايات المتحدة "دولة مؤسسات"، ولأن الشرطة -التي من المفترض أن تقمع الاحتجاجات التي قد تنشب إن رفض ترامب تسليم السلطة- تخضع لسلطة حكام الولايات، وكل حاكم يهمه الاستقرار في ولايته، وبالتالي فلن يدفع الشرطة لموقف تكون فيه في مواجهة سكان الولاية، وسيلتزم بالقانون والمصلحة العامة في هذه المسألة. وأشار المشاركون في الندوة إلى أن هذا السيناريو المتعلق باحتمال رفض ترامب تسليم السلطة أو الطعن في نتائج الانتخابات سيكون احتمالًا ضعيفًا في حال كان الفارق في عدد الأصوات بينه وبين بايدن كبيرًا بدرجة تجعل فوز الأخير حاسمًا ونهائيًّا.

وللمزيد من التفاصيل، يمكن متابعة الندوة كاملة على المنصَّات الرقمية لمركز الجزيرة للدراسات من خلال الروابط الآتية:

 تويتر - فيسبوك - إنستغرام - ساوند كلاود - يوتيوب