متحدثون في ندوة للجزيرة للدراسات: الطريق إلى إنهاء حرب اليمن يمر عبر تشديد إدارة بايدن ضغوطها على أطراف الصراع

المتحدثون من اليمين: محمد قيزان، وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية الشرعية، وجيرالد فيرستين،‏ السفير السابق للولايات المتحدة الأميركية باليمن، وسعيد ثابت، مدير مكتب الجزيرة في اليمن، ومحمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله (الحوثية). وقد أدارها محمد دحو، المذيع بقناة الجزيرة مباشر.

نظَّم مركز الجزيرة للدراسات وقناة الجزيرة مباشرة ندوة حوارية، مساء الأربعاء، 3 مارس/آذار 2021، عبر تقنية التواصل المرئي، تحت عنوان "اتجاهات ومسارات الأزمة اليمنية في ظل إدارة جو بايدن"، شارك فيها: محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله (الحوثية)، ومحمد قيزان، وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية الشرعية، وجيرالد فيرستين،‏ السفير السابق للولايات المتحدة الأميركية باليمن، وسعيد ثابت، مدير مكتب الجزيرة في اليمن. وقد أدارها محمد دحو، المذيع بقناة الجزيرة مباشر.

استعرض المتحدثون في بداية الندوة أسباب اندلاع الحرب الأهلية في اليمن، كلٌّ من وجهة نظره، ثم خلصوا إلى أنَّ هذه الأزمة، التي خلَّفت وراءها -ولا تزال- مأساة إنسانية واسعة النطاق، لن تنتهي ما لم تتوصل الأطراف الإقليمية المنخرطة فيها إلى قناعة بتوقفها، وما لم تتدخل الولايات المتحدة الأميركية بقوة وحزم لإجبار المتصارعين على إنهائها، وقبل ذلك، أو بالتزامن معه، ما لم تشتد عزيمة اليمنيين أنفسهم على الاستقلال بقرارهم السياسي، والبحث سويًّا عن حل يمني-يمني، بعيدًا عن التدخلات الإقليمية والدولية.

وأشاروا في هذا الصدد إلى أن نقطة البداية يجب أن تكون من مخرجات الحوار الوطني كما توصل إليها المتحاورون عام 2014، وذلك بعدما تبيَّن للجميع استحالة حسم المعركة عسكريًّا لصالح طرف على حساب الأطراف الأخرى.

توجهات إدارة بايدن نحو الأزمة

بدأت الندوة بمداخلة للسفير الأميركي السابق في اليمن، جيرالد فيرستين، شدَّد فيها على أنَّ بلاده لن تسمح للحوثيين بالاستمرار في استهداف المملكة العربية السعودية، والنَّيْل من المدنيين في مأرب على هذا النحو، غير عابئين بالدعوات التي تطالبهم بوقف العنف والتفاوض الجدي من أجل التوصل إلى حل ينهي القتال ويحقق السلام.

وأشار إلى أنَّ واشنطن ترغب في الجلوس إلى الحوثيين من أجل البحث عن فرص للتسوية السلمية. كما أوضح أنَّ المبعوث الأممي لليمن، مارتن غريفيث، ذهب إلى إيران -الداعمة للحوثيين- من أجل إقناعهم بإيقاف الحرب، والبدء في عملية سياسية، تُفضي إلى تسوية دائمة لهذا الصراع. كما أشار في هذا السياق إلى ما يقوم به مبعوث الإدارة الأميركية الجديدة لليمن، تيموثي ليندركينغ، وجولاته الحالية في غير عاصمة خليجية من أجل التوصل إلى الشيء نفسه.

وحذَّر السفير الأميركي الحوثيين من إضاعة الفرصة التي تمنحها لهم إدارة الرئيس، جو بايدن، وتشجيعها لهم من أجل التوصل إلى تسوية سلمية حينما رفعت اسمهم من قائمة المنظمات الإرهابية. وقال فيرستين في هذا الصدد: "بناء على خبرتي ومعرفتي بالرئيس، جو بايدن، وبوزير الخارجية، أنتوني ج. بلينكن، فإنهما يشعران بمشاعر قوية حول ضرورة إنهاء النزاع في اليمن، والعودة للعملية السياسية وفق مخرجات الحوار الوطني، كما أنهما حريصان على إعادة إعمار وبناء اليمن، وسيكون من المؤسف أن يُفوِّت الحوثيون هذه الفرصة"، واختتم كلامه قائلًا: "لابد أن تنتهي هذه الحرب، فلا حرب تستمر إلى الأبد، والسؤال الذي يجب أن يسأله الجميع هو: هل حان الوقت؟".

دور الضغوط الدولية في إنهاء الحرب

من جانبه، حمَّل محمد قيزان، وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية الشرعية، مسؤولية الحرب في اليمن واستمرارها على الحوثيين حينما انقلبوا على مخرجات الحوار الوطني.

وعمَّا يحدث راهنًا من تسعير للقتال على جبهة مأرب، قال قيزان: إنَّ الحوثيين يريدون السيطرة على هذه المحافظة لتغيير موازيين القوة، ودعا في هذا الصدد إلى دعم صمود مأرب وذلك من خلال جملة من الإجراءات، ذكر منها: دعم الحكومة الشرعية والجيش اليمني، ومنها كذلك إلغاء اتفاق ستوكهولم الذي أسس للهدنة الحالية في ميناء ومدينة الحديدة ليشكِّل ذلك الإلغاء ضغطًا على الحوثيين، ومنها أيضًا -والكلام لقيزان- إعلان التعبئة العامة لإطلاق يد الشعب اليمني من أجل تحرير صنعاء، وتحريك كافة الجبهات لتشتيت جهد الحوثيين.

واختتم المسؤول اليمني حديثه بدعوة الولايات المتحدة الأميركية إلى تشديد الضغط على الحوثيين لإنهاء الحرب ووضع حد لمعاناة الشعب، وإجبارهم على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، ولاسيما قرار مجلس الأمن رقم 2216 لسنة 2015، الذي يطالب الحوثيين بوقف العنف، والانسحاب من جميع الأماكن التي استولوا عليها، بما فيها العاصمة، صنعاء. وقال قيزان: "لابد من موقف دولي حازم وإلَّا استمر الحوثيون في عدوانهم دون رادع".  

استعداد حوثي مشروط لإيقاف الحرب

أمَّا محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله (الحوثية)، فقد أشار إلى أنَّ المتسبب في هذه الحرب ليس الحوثيين وإنما "دول العدوان"، وعلى رأسها السعودية والإمارات، بحسب قوله، وأنَّ جماعته على استعداد لوقف الحرب فورًا لكن بشرط أن توقف تلك الدول هجماتها، وترفع الحصار المفروض "على الشعب اليمني"، وأن تكفَّ عن التدخُّل في الشأن اليمني، وتهديد أمنه وسيادته ووحدة أراضيه. 

وعمَّا يجري في مأرب، أشار البخيتي إلى أنَّ مأرب محافظة غنية بالنفط وأنَّ السيطرة عليها أمر ضروري في ظل تشديد الحصار المفروض على اليمن، وبخاصة منع المشتقات النفطية التي تتوقف عليها شتَّى مناشط الحياة، ولا سيما مادة "الديزل" اللازمة لرفع المياه من الآبار والتي لا غنى عنها للشرب والزراعة.

واختتم البخيتي حديثه بالقول: إنَّ الحوثيين عازمون على مواصلة القتال "حتى تحرير كل شبر من اليمن، إذا أصرَّ المعتدون على نهج نفس الطريق".

إنهاء الحرب حاجة يمنية وضرورة إقليمية

واختُتِمَت الندوة بمداخلة لسعيد ثابت، مدير مكتب الجزيرة في اليمن، قال فيها: إنَّ الحوثيين فهموا الإشارة الواردة إليهم من الولايات المتحدة، برفع اسمهم من قائمة المنظمات الإرهابية، خطأ، وعوضًا عن المضي في طريق التسوية السلمية إذا بهم يُصعِّدون في الداخل، ولاسيما على جبهة مأرب، وفي الخارج، ضد المملكة العربية السعودية، الأمر الذي تسبب في أضرار بالغة بالمدنيين.

وتوقع سعيد ثابت أن تشتد الضغوط الأميركية على الحوثيين إذا ما استمروا في ذات الطريق الذي يسيرون عليه.

وعن آفاق إنهاء الحرب الدائرة في اليمن منذ سبع سنوات، أكد أنَّ الأمر بحاجة إلى إرادة من كافة الأطراف، سواء في الداخل أو في الخارج. وقال: إنَّ الحروب لا تتوقف بالأمنيات وإنما بإقرار وقائع على الأرض. وقلَّل في هذا الصدد من تفاؤله بقرب حدوث ذلك، مستدلًا بعجز المفاوضات التي جرت مع الحوثيين بشأن تبادل الأسرى عن إحداث اختراق ذي بال في هذا الصدد.

وأشار ثابت إلى رجحان كِفَّة العامل الإقليمي والدولي في إنهاء أو استمرار الحرب في اليمن، قائلًا: "إنَّ قرار أطراف الصراع في الداخل بات -نتيجةً لطول أمد الحرب- مرهونًا بداعميهم في الخارج". واختتم حديثه بدعوة "أحرار اليمن" لإنقاذ بلادهم من الحرب المستعرة ومن التدخلات الأجنبية، محذرًا -ما لم يفعلوا ذلك- من استفحال الحرب، مع ما تعنيه من زيادة في التكلفة الإنسانية، وتفسُّخ للكيان السياسي، واهتزاز لأمن واستقرار دول الجوار".