فهم الجمهور وتحديد احتياجاته عوامل مهمة لإحداث التأثير الثقافي والتغيير المجتمعي لوسائل الإعلام

المتحدثون في الندوة، من اليمين: عبد العزيز آل إسحاق، معتصم بابكر، نور الدين الميلادي، والمذيعة روعة أوجيه. (الجزيرة)

نظَّمَ مركز الجزيرة للدراسات وقناة الجزيرة مباشر ندوة فكرية بعنوان "الإعلام في العالم العربي: التأثير الثقافي والتغيير المجتمعي"، يوم الأربعاء، 14 يونيو/حزيران الجاري، بالتزامن مع انعقاد معرض الدوحة الدولي للكتاب.

تحدَّثَ في الندوة: نور الدين الميلادي، أستاذ الإعلام بجامعة قطر، ومعتصم بابكر مصطفى، المستشار الإعلامي والأكاديمي المتخصص في دراسات الرأي العام، والإعلامي القطري، عبد العزيز آل إسحاق، وأدارتها روعة أوجيه، المذيعة بقناة الجزيرة.

ناقشت الندوة مستويات التأثير الثقافي لوسائل الإعلام، وبحثت في الدور الثقافي للمؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي، كما استعرضت التحديات التي تواجه الإعلام في عملية التغيير المجتمعي. 

في مداخلته، قال نور الدين الميلادي: إنَّ التطور الكبير الذي شهده حقل تكنولوجيا الإعلام والاتصال وما أتاحه للجمهور من قدرة على التفاعل أثَّر بشكل كبير على الدور المنوط بوسائل الإعلام القيام به في المجال الثقافي والتغيير المجتمعي. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يمثل تحديًا لوسائل الإعلام وسيكون عامل تأثير مهمًّا أيضًا في دورها.

أما معتصم بابكر مصطفى، فقد أوضح أن لوسائل الإعلام تأثيرات عدة؛ أهما التأثير المعرفي، والتأثير في المواقف والاتجاهات، والتأثير في السلوك. وأشار إلى أن أية وسيلة إعلامية باستطاعتها القيام بالتأثير المعرفي، لكن تأثيرها في المواقف والاتجاهات والسلوك "يحتاج إلى بناء رسالة إعلامية لها قواعد ومرتكزات وأهداف".

وذكر أن تأثير الإعلام في الرأي العام ينطلق من دوافع المتلقي في التعامل مع الوسيلة الاتصالية، وقال: إنَّ ثمَّة دافعين للمتلقي يدفعانه للتعامل مع وسائل الاتصال: دافعًا منفعيًّا ودافعًا فضوليًّا. وأضاف أن المتلقي الفضولي يتعامل مع الوسيلة الإعلامية لاكتساب خبرات إما معرفية أو ذاتية أو للتعليم والتعلم. وأشار أن الدافع المنفعي هو الذي يدفع أحيانًا المتلقي للإقبال على البرامج الترفيهية وبرامج المنوعات والموسيقى وما شابه وذلك للتخفيف من ضغط الواقع.

وخلص بابكر مصطفى إلى أنه "ما لم نعرف أهداف العملية الاتصالية، ونوعية الجمهور الذي سنخاطبه، وتحدد دوافعه ورغباته، فسيكون تأثير وسائل الإعلام الثقافي والسلوكي ضعيفًا وقاصرًا".

من جانبه، أكد عبد العزيز آل إسحاق، على أهمية "رجع الصدى"، أو قياس رد فعل جمهور المتلقين للرسالة الإعلامية حتى يمكن تطويرها وجعلها مؤثرة. وأشار إلى أن "من كان يملك في السابق القدرة على التحكم في وسائل الإعلام يريد أن يسيطر الآن على الرسالة ورجع الصدى في نفس الوقت". ذلك من خلال توجيه "الذباب الإلكتروني" على سبيل المثال. وأوضح أن عبارة "المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي" غير محددة التعريف بشكل دقيق؛ وتساءل: هل هم المؤثرون؟ أم المعلنون؟ أم المسوقون؟ وخلص إلى أنه طالما أنهم يدفعون المتلقين لسلوك معين، سواء نحو شراء سلعة معينة، أو الذهاب إلى مكان معين، أو تغيير سلوكهم الشخصي باتباع سلوك معين، فهم مؤثرون.

وذكر أن ثمة هوية تفصل بين المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي ومنتجي الثقافة، وقال: إنَّ هؤلاء المؤثرين أصبحوا مهمين لما لهم من سلطة في التأثير وقدرة على التغيير، ربما أكبر من قدرة وسائل الإعلام التقليدية التي أشار إلى أن حضورها بدأ يتقلَّص، كما هي الحال بالنسبة للإذاعة والتليفزيون والصحف الورقية.

وقال آل إسحاق: إنَّ المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي ربما لم يصلوا بعد لمرحلة التأثير على القرار السياسي وقيادة وتوجيه الرأي العام خاصة أثناء الانتخابات، لكن في بقية الأنشطة والمجالات فإنَّ لهم تأثيرًا واضحًا، لدرجة أن الكثير من المؤسسات الحكومية باتت تنتظر "رجع الصدى" على ما يكتبه المشهورون والمؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي وتتحسب له وتتصرف بناءً عليه.