
![]() |
يعرض هذا الكتاب الذي نشره مركز الجزيرة للدراسات بالاشتراك مع الدار العربية للعلوم ناشرون، مجموعة من المقالات الممتعة للمؤرخ البريطاني والماركسي الشهير إيريك هوبزباوم المولود بالإسكندرية سنة 1917.
مسألة الحرب والسلم
الإمبراطورية القديمة/الجديدة
ولا يقتصر الكتاب على تلمس ملامح القرن العشرين بل أكثر من ذلك يلقي نظرة استشرافية مستقبلية. وقد سبق للمؤلف أن نشر كتبا أثارت اهتماما واسعا في الأوساط الفكرية البريطانية والغربية عامة، منها: "مختصر في تاريخ القرن العشرين"، و"عصر التطرف"، و"حديث في القرن الجديد مع أنطونيو بوليتو" و"الأمم والقوميات".
ويأتي هذا الكتاب تكميلا للكتب السابقة وهو صياغة لمجموعة مقالات نشرها إيريك فيما بين 1990 إلى 2006. وموضوع هذا الكتاب سياسي إلا أنه يتوزع إلى خمسة مواضيع تنتظمها عشرة فصول ومواضيع وهي: الحرب والسلم في القرن الحادي والعشرين، ماضي إمبراطوريات العالم ومستقبلها، طبيعة القومية وسياقها المتقلب، آفاق الديمقراطية الليبرالية، مسألة العنف السياسي والإرهاب.
ولا يغفل هوبزباوم عن كون هذه العناصر الخمسة تتفاعل في سياق يتسم بالتسارع المتواصل في المجالين التقني والاقتصادي المستندين إلى عولمة ما فتئت تداعياتها تتحكم في مصائر الشعوب والأمم في سائر قارات العالم.
" أصبحت والمفاوضات والحلول لا تأتي بسلام وإنما بغياب مطول لمظاهر القتال وهذا ما يؤكد اختلاط مفهومي الحرب والسلم الذي طبع القرن العشرين حيث لا نجد على ما يقول هوبزباوم إطلاقا أي نزاع مسلح حدث في القرن العشرين وانتهى بتسوية مستقرة |
ويمتاز القرن العشرين بكون مفهومي الحرب والسلم قد شهدا فيه تغيرا جذريا وأحدثا قطيعة مع المفهوم التقليدي لهذين المصطلحين. لم تعد الحرب تبدأ بإعلان عمل عسكري وتنتهي بتوقيع اتفاقية سلام بل اختلط المفهومان إذ نجد فترات زمنية في هذا القرن لا هي فترات سلم ولا فترات حرب بالمفهوم التقليدي (وضعية العراق قبل حرب الخليج خير مثال على ذلك، وكذلك العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين).
وقد توسع مفهوم الحرب في القرن العشرين ليشمل الحرب ضد المجموعات الإجرامية (المافيا، تجار المخدرات)، التي هي في الأصل ظواهر يسند إلى الشرطة تسييرها، لكننا اليوم نجد جيشا نظاميا يدخل في حرب مع تنظيم لا جيش له ولا أرض.
كما توسع مفهوم السلم وأصبحت والمفاوضات والحلول لا تأتي بسلام وإنما بغياب مطول لمظاهر القتال. هذا ما يؤكد اختلاط مفهومي الحرب والسلم الذي طبع القرن العشرين. فنحن لا نجد على ما يقول هوبزباوم إطلاقا أي نزاع مسلح حدث في القرن العشرين وانتهى بتسوية مستقرة، وسبب ذلك –كما يقول هوبزباوم- أن بقاء مؤسسات الحرب الباردة وخطابها أبقى التخوفات القديمة حية.
ومما زاد من تعقيد مسألة الحرب والسلم أن القوة أصبحت بيد الدول وليست بيد المؤسسات الدولية. ويقترح هوبزباوم ضرورة التخلص من خطاب الحرب الباردة وفرضياتها الإيديولوجية وسياسية، خصوصا في ظل إخفاق فرض النظام العالمي الجديد بواسطة قوة أحادية، فضلا عن تقوية وظيفة المؤسسات الدولية (الأمم المتحدة وغيرها).
والعالم على ما يقول المؤرخ البريطاني ينقسم على نحو متزايد إلى دول قادرة على إدارة أراضيها ومواطنيها إدارة جيدة وأخرى تشكل بؤرا لتفريخ الصراعات الداخلية والخارجية.
ويرصد المؤلف ويحلل مظاهر أربعة تكمن وراء محاولات الولايات المتحدة إحياء إمبراطورية عالمية كنموذج للقرن الواحد والعشرين وهي العولمة المتسارعة وانهيار توازن القوى وضعف الدولة القومية وعودة النكبات الإنسانية العامة. وقد حاول المؤلف أن يجيب على سؤال مهم وهو: لما ذا تختلف الهيمنة الأمريكية عن الهيمنة البريطانية؟ وكان المؤلف وسطيا بين مؤيدي الإمبراطوريات ومناهضيها بإطلاق.
ويفند المؤلف الأطروحة التي تقول بأن الإمبراطوريات وخططها الاستعمارية قد جلبت الحضارة للشعوب المتخلفة.
ويحلل الكتاب مفهوم الأمة والقومية في القرن العشرين والعناصر المؤثرة فيهما ومنها بدء حقبة الاضطراب الدولي ورُهاب الأجانب.
ويرى أن نشر الديمقراطية الليبرالية لن ينجح لأنها تهدد وحدة القيم العالمية. كما تناول ظاهرة الإرهاب السياسية الديني بالتحليل والقراءة.
إن كتاب العولمة والديمقراطية والإرهاب للمؤرخ إيريك هوبزباوم، والذي نشره مركز الجزيرة للدراسات مترجما، هو محاولة لاستقراء وضع العالم في مطلع الألفية الثالثة، وسبر ما يواجهه عالمنا الراهن من مشاكل مزمنة.
بطاقة تقنية عن الكتاب
العنوان: العولمة والديمقراطية والإرهاب
المؤلف: إيريك هوبزباوم
ترجمة: أكرم حمدان ونزهت الطيب
منشورات: مركز الجزيرة للدراسات
دار النشر: الدار العربية للعلوم ناشرون
تاريخ النشر: 2009
عدد الصفحات: 141 من الحجم الكبير
الطبعة: الأولى