معالجة الصحف المصرية لقضايا الفساد

تمثل قضية الفساد أحد المشكلات الرئيسية التي تواجه حيث تتصدر للقضايا القومية وتشابك خيوطها مع كثير من القضايا الأخرى، الأمر الذي يهدد مسيرة ومستقبل المجتمع.. وفرضت تلك القضايا نفسها بقوة على أجندة الصحف والجمهور، وأصبحت تحظى بمعدلات متابعة عالية









مقدمة
مشكلة البحث
الدراسة
الصحافة وحق الرأي العام
نتائج الدراسة الميدانية
نتائج اختبار فروض الدراسة
مقترحات الدراسة وقضاياها
حدود الدراسة المستقبلية


مقدمة





"
تهتم الدراسة الراهنة بالكشف عن نوعية قضايا الفساد التي عكستها الصحف المصرية خلال العامين الماضيين وبيان طريقة التناول لمثل هذه القضايا، وموقفها إزائها

"
تمثل قضية الفساد أحد المشكلات الرئيسية التي تواجه مصر في الفترة الراهنة، وأصبحت تتصدر للقضايا القومية المهمة نظرا لتشابك خيوطها مع كثير من القضايا الأخرى، وتفاقمها بدرجة لا يسبق لها مثيل من قبل، الأمر الذي يهدد مسيرة ومستقبل المجتمع.. وفرضت تلك القضايا نفسها بقوة على أجندة الصحف والجمهور، وأصبحت تحظى بمعدلات متابعة عالية.

وأمام هذا الاهتمام بظاهرة الفساد على المستويين الدولي والمحلى كان هناك ضرورة لتحليل خصائص الممارسة الإعلامية لهذه الظاهرة عن النطاق المحلى ومدى انعكاسات النشر على الرأي العام.


وتهتم الدراسة الراهنة بالكشف عن نوعية قضايا الفساد التي عكستها الصحف المصرية خلال العامين الماضيين وبيان طريقة التناول لمثل هذه القضايا، وموقفها إزائها، ومدى النجاح أو الفشل في المعالجة في ضوء السياسة التحريرية التي تعمل في إظهارها الصحف وكذا تتبع التأثيرات المختلفة لهذا المنتج الصحفي لدى الجمهور الصفوة المصرية في ضوء الفروض التي ارتكزت عليها نظرية الاعتماد المتبادل.


مشكلة البحث


تحددت مشكلة البحث في "التعرف على دور الصحافة المصرية في معالجة قضايا الفساد ومدى انعكاسات النشر على الرأي العام من خلال التعرض لمحوري النص الصحفي لصحف الأهرام – الوفد – الأسبوع خلال الفترة من 1/1/2002 إلى 31/12/2003، وجمهور الصفوة المصرية، ورصد مدى اعتماد الصفوة على الصحف كمصدر للمعلومات عن الفساد مقارنة بوسائل الإعلام الأخرى".


تساؤلات وفروض الدراسة:


جاءت تساؤلات وفروض الدراسة من خلال خمسة محاور هي:



1 - المحور الأول: تساؤلات تتعلق بالجوانب الشكلية للمعالجة الصحفية لقضايا الفساد.


2-المحور الثاني: تساؤلات تتعلق بمحتوى المعالجة الصحفية لقضايا الفساد.


3-المحور الثالث: تساؤلات تتعلق بالمقارنة بين نمط المعالجة ومضمونها في صحف


الدراسة


نتائج الدراسة التحليلية المقارنة:








  • "
    أظهر البحث أن الجانب الأكبر من مرتكبي قضايا الفساد ينتمون إلى الصفوة وبلغت نسبة مرتكبي الوقائع من أعضاء هذه الفئة نسبة 50.42% من إجمالي المتهمين في القضايا التي عكستها الصحف المصرية على امتداد فترة التحليل

    "
    استهدفت الدراسة في شقها التحليلي فحص وتحليل المنتج الصحفي المثار على عينة الصحف المصرية موضع التحليل حول قضايا الفساد، وذلك بهدف تحديد توجهات هذا المنتج، وما يحمله من رؤى ومواقف تجاه وقائع الفساد التي عايشها المجتمع المصري خلال فترة الدراسة ويمكن بلورة أهم نتائج الدراسة التحليلية والمقارنة فيما يلي:



  • كان معدل اهتمام صحف الدراسة بقضايا الفساد منخفضا نسبيا بصفة عامة، فمن خلال فحص وتحليل " 288 " عددا لصحف الأهرام، الوفد، الأسبوع، على مدى عامين كاملين " 1/1/2002 وحتى 31/ 12/ 2003" لم تتجاوز عدد مرات الطرح للقضايا المتعلقة بوقائع الفساد عن " 857 " مادة بالصحف المصرية الثلاث، وهذا بدوره لا يعكس الواقع الفعلي لحجم هذه القضايا.



  • رغم الانخفاض النسبي في معدلات اهتمام صحف الدراسة في التعبير عن قضايا الفساد بشكل عام، إلا أن الدراسة المقارنة أظهرت وجود تباين في معدلات هذا الاهتمام بين الصحف الثلاث، موضع التحليل، حيث جاءت جريدة الأهرام، والوفد، أكثر اهتماما على المستوى الكمي في التعبير عن وقائع الفساد، فمعدل تكرار النشر حول هذه القضايا في جريدة الوفد بلغ (372تكرار) بنسبة (43.4%) من الوقائع الإجمالية، والأهرام (251 تكرار) بنسبة (29.3%) مقابل (234تكرار) لصحيفة الأسبوع بمعدل بنسبة(27.3) من الإجمالي، الأمر الذي يوضح تفوق الوفد في معدل الاهتمام الكمي بقضايا الفساد.



  • كشفت الدراسة، أن قضايا الاستيلاء على المال العام، كانت من أكثر أنواع القضايا ظهوراً خلال فترة البحث من حيث حجم التناول على صفحات الصحف الثلاث محل التحليل بنسبة(20.53%)، تلاها من حيث الاهتمام، قضايا الرشوة بنسبة (17.03%)، ثم التهرب والتهريب الضريبي والجمركي، بنسبة (10.38%)، بينما تراجع إلى حد كبير ظهور قضايا مثل المحسوبية والمحاباة، والتربح بنسب، ( 0.23%)، (0.11%).



  • اعتمد النشر حول قضايا الفساد على صفحات الصحف المصرية في المقام الأول على "المصدر المسئول" بنسبة (67.10%) ثم " البحوث والتقارير " بنسبة (13.11%)، ثم "فئة غير محدد المصدر" بنسبة (9.12%)، وتراجعت بعد ذلك مساهمة باقي المصادر الأخرى حيث لم تتجاوز مساهمة أعلى مصدر منها نسبة (4.62%)، الأمر الذي يكشف عن الروتينية، والافتقار إلى عنصر المبادأة التي تتسم بها المعالجة الصحفية للقضايا على صفحات تلك الصحف، ورغم الارتفاع النسبي لمصدر "مسؤول" ألا أن مساهمة المصادر غير الرسمية في مصدر الحصول على المعلومات جاءت مرتفعة إلى حد كبير بصحيفتي، الأسبوع، والوفد، عكس جريدة الأهرام، حيث بلغت مساهمة هذه المصادر بجريدة الأسبوع نسبة (32.9%)، والوفد بنسبة (22.8%) مقابل نسبة (14.8%) للأهرام، الأمر الذي يعكس تمسك الأهرام بسياستها وأيديولوجيتها وتوجهها الرسمي في اعتمادها على المسئولين الرسميين في المقام الأول دون السعي لبيان الوقائع والملابسات التي شابت تلك القضايا، خلافاً للأسبوع، والوفد باعتبارهما، صحف خاصة، وحزبية، يسعيان للتفرد والمنافسة وتبنى الاتجاه النقدي.



  • أظهرت نتائج التحليل غلبة طابع سرد الوقائع على المادة المنشورة حول وقائع الفساد بالصحف المصرية خلال مدة التحليل، حيث بلغت نسبتها (64.86%) مما يشير إلى غلبة عقلية النقل والتوصيل في تغطية الوقائع المختلفة لقضايا الفساد، في الوقت الذي أهملت فيه بقية الأهداف الخاصة، بالكشف عن انحراف، أو تأييد اتهام، أو دفع اتهام، أو مناداة بقانون، وهى أهداف تسعى إلى كشف الفساد، وتوعية الرأي العام بحجمه وأبعاده وخطورته على المجتمع، ورغم هذا الاهتمام النسبي بالطابع السردي لأهداف النشر، ألا أن هناك تباين بين صحف الدراسة الثلاث، حيث تكشف الدراسة المقارنة عن وجود تميز واضح للأسبوع، والوفد في الهروب من الطابع الروتيني لأهداف النشر، حيث جاءت فئة، الكشف عن انحراف في المرتبة الأولى من أهداف التناول في الأسبوع بنسبة (37.87%)، في حين تنخفض أهداف الاقتصار على سرد الوقائع لتصل إلى نسبة (26.38%)، كما تأتى فئة الكشف عن انحراف في المرتبة الثانية من اهتمامات الوفد، بنسبة (14.81%) من إجمالي المعالجات، في حين لم تتجاوز نسبة التعبير عن هذا الهدف بصحيفة الأهرام نسبة (1.31%).



  • أوضحت نتائج التحليل، أن النسبة الغالبة من الوقائع المنشورة حول قضايا الفساد قد ظهر لفئة محاكمة بنسبة (30.77%)، وأن نسبة (23.24%) من إجمالي المواد المنشورة قد أشار إلى الدعوة لاتخاذ إجراء، وأن نسبة (20.85%) منها قد ظهر بدون تصرف، في حين لم تتجاوز نسبة ظهور قضايا الفساد مصحوبة بصدور أحكام ضد مرتكبي هذه الوقائع بنسبة (12.18%). واقتصرت البلاغات الموجهة من الصحف الثلاث للجهات المسئولة على نسبة (5.15%) من إجمالي المعالجات، في حين تراجع إلى أدنى حد نمط الحفظ، والهروب للخارج، والبراءة، ومع ذلك فقد أظهرت الدراسة المقارنة تباين ملحوظ في مسلك الصحف الثلاث محل التحليل في هذا الشأن، حيث ارتفعت نسبة الإشارة إلى أن الواقعة قيد المحاكمة في جريدة الأهرام لتصل إلى نسبة (37.55%)، ويلي ذلك نسبة المواد المصحوبة بصدور أحكام، والدعوة لاتخاذ إجراء بنسبة (18.34%)، ونسبة (18.34%)، وفى مرتبة ثالثة وبفارق كبير تأتى حالات نشر الوقائع بدون تصرف، والبراءة، والحفظ، وفى المقابل نجد ارتفاع نسبة ورود المضامين المرتبطة بقضايا الفساد على صفحات الأسبوع وهى تدعو لاتخاذ إجراء، وبلغت هذه النسبة(36.72%)، ويلي ذلك نسبة المواد التي يصاحبها الإشارة إلى أن الموضوع قد أحيل للمحاكمة وبلغت هذه النسبة (19.46%) من إجمالي المواد المنشورة على صفحاتها، وبلغت نسبة المواد الدالة على صدور أحكام، وبدون تصرف، والبلاغ، نسب (7.079%)، و(12.83%)، و(15.48%) حسب الترتيب وهى نسبة تنسجم مع المنحنى النقدي الذي تتبناه الصحيفة في تغطية وقائع الفساد. وفى جريدة الوفد اتفقت مع الأهرام في المضامين التي تشير إلى أن الوقائع قد أحيلت للمحاكمة بنسبة (33.72%)، ثم بدون تصرف بنسبة (30.20%) تلاها الدعوة لاتخاذ إجراء بنسبة (17.59%) وهذه المعطيات تعطى دلالات واضحة عن مدى التغيير الذي طرأ على السياسة التحريرية لصحيفة الوفد خلال الفترة الأخيرة وخروجها عن النسق النقدي المعارض إلى الصحافة المستأنسة.



  • أظهر البحث أن الجانب الأكبر من مرتكبي قضايا الفساد ينتمون إلى الصفوة، فقد بلغت نسبة مرتكبي الوقائع من أعضاء هذه الفئة نسبة (50.42%) من إجمالي المتهمين في القضايا التي عكستها الصحف المصرية على امتداد فترة التحليل، في حين لم تتجاوز نسبة مساهمة فئة، الوسط، في ارتكاب القضايا بالصحف المصرية نسبة (5.41%) من إجمالي المتهمين مقابل نسبة (21.058%) للفئة الدنيا، بينما بلغت الفئات المختلطة والتي يكون أعضاءها من الصفوة والوسطى أو الدنيا نسبة (23.10%) من إجمالي تلك القضايا.


وتكتشف المقارنة بين الصحف الثلاث عن تغييرات طفيفة في معدلات تعرض كل صحيفة لقضايا الفساد تبعا لهويتها والطابع المميز لها، حيث تلاحظ وجود ارتفاع نسبى في تناول جريدة الأهرام، والأسبوع لفساد الصفوة، مقارنة بصحيفة الوفد، وهو أمر لا يعد منطقيا بالنسبة لجريدة معارضة يومية في حجم جريدة الوفد، مقارنة بصحيفة الأهرام الرسمية ذات التوجه الحكومي.




  • أظهر التحليل أن الجانب الأكبر من قضايا الفساد التي عكستها صحف البحث جرى ارتكابه بشكل جماعي وذلك بنسبة(38.11%) من إجمالي القضايا المنشورة بالصحف الثلاث، ويلي ذلك، النمط الفردي بنسبة (35.45%)، وجاء في المرتبة الثالثة النمط المؤسسي أي القضايا التي ترتكبها الجهات والأجهزة المختلفة كمجالس إدارات الهيئات والشركات وغيرها بنسبة (26.42%) من إجمالي القضايا بالصحف المصرية، وقد خلص البحث في هذا الجانب إلى أنه إذا كانت قضايا الفساد الجماعية أي التي يتم ارتكابها باشتراك عدة أفراد لا تختلف كثيرا في ملاحها وتوجهاتها عن القضايا المؤسسية فإن الطابع الجماعي يصبح هو النمط السائد في ارتكاب هذه القضايا بنسبة (64.54%)، وقد كشفت المقارنة بين الصحف المصرية عن وجود بعض أوجه التباين بين الجريدة اليومية القومية والحزبية من جانب، وبين الجريدة الأسبوعية من جانب أخر، في التعبير عن نمط ارتكاب وقائع الفساد، حيث تظهر الجريدة الأسبوعية ممثلة في "الأسبوع " تميزا واضحا في هذا المجال، ففي الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة ارتكاب الوقائع بشكل فردى في جريدتي، الأهرام، والوفد وذلك بنسبة (40%)، و(41.44%) على الترتيب، نجد أن النمط الجماعي هو الغالب في الوقائع المنشورة بالأسبوع بنسبة(59.90%) من إجمالي الوقائع المنشورة بها. مما يؤكد المنحنى الشمولي والنقدي في تعامل جريدة الأسبوع مع قضايا الفساد من خلال مصادرها المختلفة.



  • أوضح البحث أن أسلوب المعالجة المستخدمة في تغطية وقائع الفساد المنشورة بالصحف المصرية قد جاءت متسمة بالصراحة والوضوح، معتمدة في ذلك على الوقائع المأخوذة من المحاكم وسرايا النيابة حيث جاءت التغطية أو المعالجة المجردة في حجم الاهتمام الأول للصحف الثلاث بنسبة (67.84%) من الإجمالي، ثم المعالجات المفسرة بنسبة ( 25.94%) وفى مرتبة ثالثة المعالجات المتحيزة بنسبة ( 6.20%)، وتوضح الدراسة المقارنة عن وجود نوع من التباين، بين الصحيفة القومية، والحزبية، والخاصة في هذا المجال، ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أنماط المعالجات المجردة بالأهرام بنسبة(85.13%)، والوفد، بنسبة (78.37%)، وتدنت المعالجات المفسرة إلى نسبة(14.86%) في الأهرام، ونسبة (19.21%) في الوفد، تميزت جريدة الأسبوع بحجم الاهتمام الأكبر للمعالجات المفسرة بنسبة(45.95%) من إجمالي معالجاتها، الأمر الذي يكشف عن الجهد الذي تبذله الجريدة في تتبع قضايا الفساد وكشفها لدى المسئولين والرأي العام.



  • أظهرت نتائج الدراسة تمركز قضايا الفساد بالمناطق الحضرية، مقارنة بالريف، حيث بلغت نسبة الوقائع المنشورة بالحضر بنسبة(89.41%) من إجمالي هذه الوقائع، مقابل نسبة (10.58%) للريف، ويرجع ذلك إلى الطبيعة المختلفة للريف عن الحضر وتمسكه بالنسق القيمي الذي يقف حائلاً للوقوع تحت ضغط الانحراف.



  • أظهر التحليل الكمي للبيانات، أن النسبة الغالبة لقضايا الفساد بالصحف المصرية قد تم تركيب مضمونها وعرض وقائعها بطريقة متسقة وواضحة ومنطقية، حيث تشير مسارات البرهنة والإقناع التي سادت تلك الصحف عن تفوق المسارات المنطقية بشكل كبير بنسبة(93.6%) من إجمالي الوقائع المنشورة بالصحف الثلاث، في حين لم تتجاوز نسبة ورود هذه الوقائع وهى في حالة عدم اتساق أو تنافر مصحوبة بمسارات وأدلة غير منطقية بنسبة(6.4%) من الإجمالي، ولا توجد أية فروق واضحة بين الصحف الثلاث في هذا المجال، باستثناء ارتفاع ملحوظ في نسبة ورود المواد غير متسقة على صفحات جريدة الأسبوع، حيث اعتمدت على البلاغة والإنشاء، وعرض جهة النظر الواحدة من المسارات غير المنطقية في بعض الوقائع المنشورة بها بنسبة(4.57%) في حين أنها لم تتجاوز في جريدة الأهرام نسبة (0.12%)، والوفد نسبة (1.68%) من إجمالي المواد المنشورة بكل صحيفة.



  • أظهر البحث سيادة استخدام قالب " الخبر الصحفي " في النشر حول قضايا الفساد بالصحف الثلاث، فقد وصلت نسبة استخدام هذا القالب الصحفي بنسبة(72.62%) من إجمالي قوالب التحرير المستخدمة في تغطية وقائع الفساد بالصحف الثلاث، ولم يكشف التحليل عن وجود فروق بين الصحف القومية والمعارضة في هذا المجال من جانب، والجريدة الأسبوعية من جانب آخر، حيث ظلت نسبة استخدام قالب الخبر الصحفي في تغطية قضايا الفساد على صفحات جريدة الأسبوع، مرتفعة ووصلت إلى نسبة (44.78%) وإن كانت النسبة قد بلغت أقصى ارتفاعها في الأهرام، والوفد، بنسب، (84.41%)، و(83.38%) على الترتيب.



  • أوضح البحث، أن مصادر الحصول على معلومات المضامين المثارة في الصحف المصرية حول وقائع الفساد تمثل على التوالي في، " محرر صحفي " في الترتيب الأول بنسبة (63.45%)، تلاه مباشرة، فئة " بدون مصدر محدد، بنسبة (18.92%)، ثم " مراسل " بنسبة (10.95%)، بينما تدنت مساهمة باقي المصادر، واختفت فئة "وكالات الأنباء" في الصحف المصرية مما يوضح اعتماد تلك الصحف في نقل الوقائع على محرريها.



  • أظهر التحليل لفئات وسائل الإبراز عن تدعيم الانخفاض النسبي لصحف البحث في الاهتمام بوقائع الفساد، حيث ظهر الجانب الأكبر من هذه القضايا على صفحات الصحف وهو يحمل عناوين ممتدة، بنسبة (68.42%)، ثم العناوين العمودية بنسبة(21.1%)، في حين لم تتجاوز ظهور العناوين المانشت، بنسبة (10.23%) رغم كونها الأكثر إبرازاً وجذبا للانتباه وكذلك، فقط ظهرت النسبة الغالبة من الوقائع على صفحات الصحف المصرية غير مصحوبة بصور، ولم تتجاوز نسبة مصاحبة الصور لهذه القضايا بنسبة(36.2%) من إجمالي المواد المنشورة بصحف الدراسة، ومع الانخفاض النسبي للصور بشكل عام، جاءت النسبة الغالبة من الصور المنشورة "شخصية" بنسبة (77.28%)، وتدنت إلى أدنى حد استخدام الصور الموضوعية وذلك بنسبة(22.71%)، رغم حيويتها، وجذبها للانتباه، ولم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لاستخدام الرسوم والأشكال، حيث ارتفعت نسبة ظهور وقائع الفساد وهى غير مصحوبة بهذه الرسوم والأشكال ووصلت هذه النسبة إلى نسبة (75.029%)، الأمر الذي يشير إلى انخفاض اهتمام صحف الدراسة بإبراز مضامين قضايا الفساد على صفحاتها.



  • أكدت فئة نوع الصفحة، والموقع على الصفحة، تدعيم حقيقة انخفاض معدل الاهتمام النسبي لصحف البحث بقضايا الفساد، فالجانب الأكبر من هذه القضايا ظهر على الصفحات الداخلية، والصفحات المتخصصة وذلك بنسبة (46.12%)، ونسبة (42.52%) على الترتيب، في حين لم تتجاوز إثارة هذه المواد على الصفحات الأولى، والأخيرة نسب (8.46%)، ونسبة (2.88%) على التوالي، مما يوضح مدى ضعف توجه اهتمام الصحف المصرية في إبرازها للقضايا المتعلقة بوقائع الفساد وعلى مستوى الموقع على الصفحة، ظهرت النسبة الأكبر من مواد وقائع الفساد بنسبة (37.24%) على الموقع " النصف السفلى" وهو من المواقع الأقل أهمية، في حين جاء الموقع " النصف العلوي" في المرتبة الثانية بنسبة (35.82%) وهو من أهم المواقع أهمية على الصفحة، ثم موقع " قلب الصفحة "، بنسبة (22.93%).



  • على الرغم من الانخفاض النسبي في معدلات اهتمام صحف البحث بالتعبير عن وقائع الفساد من حيث نوع وموقع الصفحة، إلا أن نتائج البحث أظهرت وجود تباين في معدلات هذا الاهتمام بين الصحف المصرية موضع التحليل، حيث أظهر البحث أن نسبة (12.94%) من إجمالي المواد المنشورة حول وقائع الفساد، ظهر على الصفحة الأولى بجريدة الوفد، في حين لم تتجاوز هذه النسبة لدى جريدتي، الأهرام، والأسبوع، بنسب(3.12%)، (8.88%) حسب الترتيب كما تصل المواد المنشورة بالصفحات المتخصصة للجريمة بصحف الأهرام، والوفد، بنسب، (81.25%)، و(51.17%) حسب الترتيب، مقابل نسبة (8.44%) للأسبوع، الأمر الذي يوضح عدم قصر النشر حول هذه القضايا في جريدة الأسبوع على صفحات معينة، وإقرار جميع صفحاتها الداخلية لنشر وقائع الفساد، حيث تصل نسبة المواد المنشورة بالصفحات الداخلية غير المتخصصة حول قضايا الفساد نسب (81.33%) من إجمالي المواد المنشورة بالجريدة.



  • أوضح التحليل الكيفي للمنتج الصحفي بالصحف المصرية حول وقائع الفساد عن وجود قدر من التباين في المعالجات والتوجهات الأيديولوجية لكل صحيفة من صحف الدراسة ساعد على تشكيل شخصيتها المستقلة، فقد تميزت صحيفة الوفد خلال فترة الدراسة بتقديم ملفات لقضايا الفساد قبل إحالتها للمحاكمة وذلك من خلال تحقيقات صحفية ذات تكاملية الموضوع في القضية التي تثيرها فقد تعودت تخصيص أكثر من صفحة لإبلاغ الجهات الرسمية، والرأي العام بوقائع الفساد متضمنة صور موضوعية تعطى القضايا نوعا من الأهمية كلما أمكن(*) وذلك كما حدث في فتح ملفات المغارة، وأبو طرطور، ومن النماذج الدالة على ذلك موضوعات حول" السقوط في المغارة وأبو طرطور: النهاية الطبيعية في مكتب النائب العام"، حيث غالبا ما يصاحب الوقائع خبر مركب على صدر الصفحة الأولى، وكذلك تعتمد الوفد في معالجاتها لقضايا الفساد على الرسوم الكاريكاتورية الساخرة وذلك بشكل ملفت للنظر الأمر الذي جعل هذا الفن من سماتها التحريرية، ويحتل في الغالب صدر الصفحة الأولى، خاصة عندما يتعلق بفساد الحكومة، ورغم هذه المعطيات إلا أن التحليل الكيفي يكشف عن تراجع الدور الرقابي المعارض والمناهض للفساد والذي مارسته صحيفة الوفد خلال السنوات السابقة والذي جعلها تحتل المرتبة الأولى في وسط الصحف الحزبية، ويرجع ذلك إلى التراجع الملحوظ في التوجهات والأيديولوجيات المطروحة لحزب الوفد وهو ما انعكس على الجريدة بشكل عام، الأمر الذي أفقدها جزء من حريتها ونقدها المتميز.






  • "
    أظهرت نتائج تحليل مضمون الصحف المصرية حول قضايا الفساد زيادة عنصر التشابه في عمليات التغطية الصحفية مقابل ضآلة جوانب التمايز والتنوع

    "
    غلب على معالجات صحيفة الأهرام خلال فترة الدراسة الطابع الرسمي والحكومي والشخصية المحافظة، حيث جاءت معظم معالجاتها داخل الصفحة المتخصصة للجريمة، وذلك باستثناء بعض المعالجات الطارئة التي تناولت وقائع الفساد ومن هذه النماذج، صفحة أحزاب ونواب التي أشارت إلى بعض ملامح وقائع الفساد بشكل تحليلي عكس النقل والسرد الغالب على الأهرام، مثل تقرير شريف العبد بعنوان "حينما تبقى رؤوس الفساد في مواقعها"(*) وهذا يدعم ما ذهب إليه، محرز حسين غالى( ) من أن الملامح العامة للسياسة التحريرية للأهرام تعد عامل مهما في توجه الصحيفة نحو معالجة قضايا الفساد، حيث ترتكز السياسة التحريرية للأهرام على إبراز توجهات القيادة السياسية المصرية والدفاع عن مواقفها، وإبراز الجهود الحكومية في عمليات التنمية وتحسن أحوال المواطنين، وهى بطبيعة الحال تتعارض مع كشف وقائع الفساد داخل المجتمع.



  • أوجدت صحيفة الأسبوع شخصية مستقلة لها في معالجاتها لوقائع الفساد، حيث يكشف التحليل الكيفي عن تميز المعالجة المطروحة حول هذه الوقائع بها، حيث نستطيع أن نطلق على معالجات الأسبوع، "المعالجة المتكاملة" التي تطوع فيها الصحيفة جميع الفنون التحريرية ومختلف صفحاتها لمناقشة الوقائع، كما اتجهت الصحيفة إلى تخصيص أعداد كاملة لنقل وقائع قضايا الفساد إلى الرأي العام، كما تبنت مفهوم الحملة الصحفية في معالجتها ومن نماذج ذلك تخصيص العدد (287) بتاريخ 2/9/2002 بأكمله لقضية الفساد الكبرى والتي أطلُق عليها "المبيدات المتسرطنة"، والمتهم فيها يوسف عبد الرحمن، ورندا الشامي، حيث جاء العدد يحمل عنوان " فضيحة العصر.. منهوبة يا مصر" متضمنا ملف كامل عن القضية، وكذلك العدد (288) بعنوان" مصر المسمومة تنتظر حساب المفسدين ".


كما تميزت معالجات الأسبوع بعنصر الاستمرارية في متابعة قضايا الفساد بالنسبة للقضية الواحدة، ومن نماذج ذلك قضية فساد وإهدار المال بشركة عمر أفندي، كما تميزت الأسبوع بدورها في تقديم قضايا فساد متعددة للرأي العام والأجهزة الرقابية قبل أن تصل إلى أيدي القضاء، ومن هذه القضايا، "فساد إسكان البحر الأحمر"، ورغم هذا التميز جاءت بعض المعالجات بها غير مركبة وتفتقد إلى الموضوعية، معتمدة على الأسلوب الإنشائي خاصة القضايا التي تنُشر مجهولة المصدر في باب "المنطقة الحرة".




  • أظهرت نتائج تحليل مضمون الصحف المصرية حول قضايا الفساد زيادة عنصر التشابه في عمليات التغطية الصحفية مقابل ضآلة جوانب التمايز والتنوع، فعلى الرغم من أن صحيفة الأهرام تختلف عن صحيفتي الوفد، والأسبوع في جوانب عديدة مؤسسية ومهنية، فإن سياسات الصحف الثلاث ظهرت متقاربة إلى حد كبير في التعامل مع الظاهرة المدروسة، ويرجع هذا التشابه إلى القواعد المهنية التي تحدد ماهية الأخبار وأهميتها، فإذا كانت الأخبار المتعلقة بالفساد تتضمن عناصر جذب وإثارة للجمهور فإنها تعطى قيمة ترويجية لوسائل الإعلام، خاصة الصحف المعارضة والخاصة، وتعزيزاً لهذه القيمة فإن بعض هذه الوسائل قد تلجأ إلى المبالغة وفي الوقت نفسه تحاول أن تظهر للرأي العام أنها محايدة في تناول قضايا الفساد وهنا تسهم تلك الوسائل في تشويه الواقع الاجتماعي.

الصحافة وحق الرأي العام في المعرفة


من خلال استخلاص النتائج السابقة للدراسة التحليلية تدور عدة تساؤلات تتعلق بأي مدى قد أوفت سمات المعالجة الصحفية بحق الجماهير والرأي العام في المعرفة؟ وهل نقلت المناقشة الحرة حول ظاهرة الفساد في المجتمع المصري؟ فمن حيث حق الجماهير في المعرفة فقد قدمت صحف الدراسة (857) وحدة تحليل تمثل 288 عددا في ثلاث صحف مصرية لتمثل مجتمع الدراسة في عامين، لذا يمكن القول أنه من الناحية الكمية تعطى التغطية مؤشرا مقبولا إلى حد ما، ولكن الاستقراء الكيفي للنتائج يفيد بأن الصحافة لم تف حقا بواجبها في الإعلام والتفسير فقد بلغت نسبة المواد الخبرية (72.62%)، مقابل (13.5%) لأشكال الرأي والتفسير، ومن حيث الاعتماد على المصادر الرسمية كان الاعتماد بنسبة(67.10%) مقابل اعتماد ضئيل على المتخصصين والدراسات العلمية، وهكذا افتقدت الصحافة إلى المناقشة العميقة لظاهرة الفساد، وافتقدت إلى المبادرة في كشف الانحراف.


كما جاء أسلوب التعبير المستخدم في تغطية الجانب الأكبر من المضامين الواردة حول قضايا الفساد بالصحف متسم بالصراحة والوضوح سواء على مستوى الإفصاح عن هوية مرتكب القضايا والوقائع المطروحة، ولا توجد اختلافات أو فروق واضحة بين الصحف الثلاث في هذا المجال، ويعد ذلك منطقيا بالنظر إلى أن الجانب الأكبر من النشر حول قضايا الفساد بالصحف الثلاث كثيرا ما جاء من خلال وصف وتسجيل وقائع ما يجرى في المحاكم وسرايا النيابة وبالتالي فهي وقائع أصبحت معروفة ومتداولة ويمكن النشر حولها دون حاجة إلى محاولة تفادى جرائم النشر وذلك باللجوء إلى أسلوب التورية والإيحاء خصوصا حول الوقائع التي لا تتوافر لدى الصحف مستندات وأدلة حولها، وفى المقابل جاءت نسب استخدام التورية والإيحاء في تغطية وقائع الفساد منخفضة إلى حد ما من إجمالي ما هو منشور بالصحف المصرية.


لذا تخلص نتائج تحليل مضمون الصحف المصرية إلى أن الصحف المصرية لم تبالغ في معدلات النشر حول قضايا الفساد، وربما جاءت أقل من الوقائع التي تم ضبطها بكثير ولكن في ظل الظروف التي تحكم النشر حول هذه النوعية من القضايا قد تبدو هذه المعدلات للباحث أنها معتدلة ومنطقية، وربما يكون الخطر والتأثير السلبي يكمن في طريقة معالجة الصحف لهذه النوعية من القضايا، خاصة فيما يتعلق بتجاهل العناية بإجراءات التصرف في الوقائع المطروحة حيث تميل الصحف إلى نشر الوقائع والتضخم فيها بعض الأحيان دون بيان أو تحديد ما ينبغي اتخاذه بشأنها من إجراءات لمنع تكرارها أي غياب عنصر التوجيه والتفسير والتصدي في النشر حول تلك الوقائع مما ينعكس أثره على الرأي العام وبالذات في تفاقم الإحساس بالتسيب والخلل، كما ينتهي البحث إلى أن الصحف المصرية لم تقم بأية أدوار اجتماعية حقيقية في مجال مكافحة الفساد، بل على العكس أنها تعد بممارساتها الراهنة عنصرا من العناصر المعوقة يساهم في انتشار الآثار السلبية لهذه الوقائع وفى ترسيخ مجموع من القيم السلبية على رأسها اللامبالاة، وعدم احترام القانون، والتسيب، والاغتراب، وتعظيم المادة.


نتائج الدراسة الميدانية







  • "
    أظهرت النتائج حرص الصفوة المصرية على متابعة قضايا الفساد التي تنشرها الصحف المصرية بدرجة مرتفعة، بما يعكس درجة الوعي لدى جمهور الصفوة وأهمية تعرضه لمختلف القضايا التي تهم المجتمع، حتى يتثنى لها المساهمة في وقف تداعياتها المختلفة

    "
    استهدفت الدراسة الميدانية التعرف على تأثير المعالجة الصحفية لقضايا الفساد على جمهور الصفوة من خلال نموذج الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام والنظم الاجتماعية، ولم يكن تحقيق هذا الهدف ممكنا بدون البعد المقارن بين أنماط الصحف المصرية المختلفة، وبين الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، وذلك من منظور عينة قوامها 100 مفردة من الصفوة المصرية، باعتبارها الأكثر استخداماً لوسائل الإعلام، وأكثر احتكاكا بها كقراء، وكقائمين بالاتصال في بعض الأحيان، وكمادة لتلك الوسائل، وقد تم تحديد الصفوة بعيدا عن المنظور السياسي باعتبارها نخبة السلطة أو القوة، وذلك استنادا إلى منظور العلوم الاجتماعية باعتبارها مجموعة من الأفراد معروفة اجتماعيا، وذات خصائص لها قيمة محددة تؤدى إلى درجة عالية من المكانة والهيبة والنفوذ.



  • وقد أظهرت نتائج الدراسة الميدانية ارتفاع نسبة تعرض الصفوة المصرية عينة البحث للصحف المصرية بمختلف أنماطها، القومية، والحزبية، والخاصة، وأيضا أن تعرض الصفوة بشكل أساسي ينصب على وسائل الإعلام المصرية مقارنة بوسائل الإعلام العربية والأجنبية في متابعة وقائع الفساد بشكل خاص، وقد تتباين هذه النتيجة مع ما توصل إليه "دوجلاس بويد" (1987)، من أن أعضاء الصفوة المصرية يفضلون وسائل الإعلام الدولية في استقاء الأخبار المحلية، ويمكن تفسير ذلك في ضوء التغيرات التي شهدها المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة وما تبعها من زيادة مساحة الحرية للصحافة وظهور أنماط جديدة من أشكال الملكية لا ترتبط بالدولة، فضلاً عن القضايا المطروحة وهي قضايا الفساد باعتبارها قضايا داخلية تستوجب زيادة اهتمام وسائل الإعلام المصرية المحلية بها.



  • كما تكشف النتائج عن تقدم الصحف المصرية الحزبية، والخاصة على غيرها من وسائل الإعلام المصرية الأخرى بما فيها الصحف القومية كمصادر للمعلومات عن الفساد لعينة الدراسة من الصفوة، فعلى الرغم من الاعتقاد الشائع من أن الصفوة في المجتمع المصري تعتمد على التليفزيون والصحف القومية بشكل أساسي في الحصول على المعلومات، وما أكدته دراسات عديدة في هذا المجال، إلا أن نوع القضايا، وطبيعتها يحددان بشكل كبير اختيار الوسيلة المناسبة لدى جمهور الصفوة، حيث جاءت الصحف القومية في الترتيب الثالث بينما احتل التليفزيون المصري الترتيب العاشر كمصدر للمعلومات لدى عينة الدراسة, متأخراً عن القنوات الفضائية العربية، والإذاعات العربية التي جاءت في الترتيب الرابع والخامس، وتعطى هذه النتائج مؤشرات قوية بأن نمط الملكية واحتكار الدولة للإعلام المسموع والمرئي في مصر يضعف بشكل كبير من دور هذه الوسائل كأداة رقابية تساهم في الدفاع الاجتماعي ضد ما يحيط بالمجتمع من أخطار داخلية قد يكون الحزب الحاكم طرفا فيها.


وهذا يتطلب ضرورة البحث عن شكل جديد للإعلام المملوك للدولة والمتمثل في الصحف القومية، والإذاعة والتليفزيون، يستعيدان به مصداقية الصفوة، ويلبيان احتياجات الرأي العام في تزويده بالحقائق مهما بلغت دقتها، وتعلقها بالنظام السياسي القائم.




  • ويدعم ذلك ما أسفرت عنه النتائج المتعلقة بدوافع الصفوة لقراءة الصحف المصرية الحزبية، والخاصة، حيث احتلت الدوافع النفعية الأهمية الأكبر مقارنة بالدوافع الطقوسية الروتينية المتعارف عليها، حيث جاءت دوافع التعرف على وجهات النظر الأخرى، ومحاربة الفساد، ونشرها ما لم تنشره صحف الحكومة، وشجاعتها في تناولها الموضوعات المختلفة وتكوين رأى متوازن، وبعدها عن التوجه الحكومي في الترتيب الأول لإقبال الصفوة على قراءة تلك الصحف، وقد تأكد ذلك من خلال ما أسفرت عنه النتائج المتعلقة بالمواد والمضامين الصحفية المفضلة لدى عينة الدراسة، حيث جاءت أخبار رجال الأعمال الهاربين، ومحاكمة المتهمين في قضايا الفساد، وأخبار الانتخابات البرلمانية في مصر على رأس المواد المفضلة لعينة الدراسة في قراءة الصحف الحزبية والخاصة، بينما احتلت مواد الرياضة، والفن، والأخبار الاقتصادية، على قائمة المواد المفضلة لدى عينة الصفوة بالنسبة للصحف القومية.



  • أظهرت النتائج حرص الصفوة المصرية على متابعة قضايا الفساد التي تنشرها الصحف المصرية بدرجة مرتفعة، بما يعكس درجة الوعي لدى جمهور الصفوة وأهمية تعرضه لمختلف القضايا التي تهم المجتمع، حتى يتثنى لها المساهمة في وقف تداعياتها المختلفة.



  • كشفت النتائج عن النمط الرسمي الذي تقوم به الصحف القومية في معالجة وقائع الفساد، حيث غلب على معالجاتها سرد الوقائع مجردة بدون إبراز دور حقيقي ومسئول يهابها المسئولون كسلطة رابعة، عكس الصحف الحزبية والخاصة التي غلب الطابع التفسيري على معظم معالجاتها، ويتسم ذلك مع الاتجاه النقدي والسياسة المعارضة والمستقلة لهذه الصحف، ويدعم ذلك مع ما أوضحه جمهور الصفوة من وجود اختلاق كبير في نمط المعالجة لوقائع الفساد بين أنماط الصحف المصرية الثلاث.



  • أظهرت نتائج الدراسة الميدانية أن نمط وأسلوب المعالجة الصحفية لقضايا الفساد هو الذي يحدد أهمية التناول الصحفي لهذه الوقائع من عدمه، ويدعم ما ذهب إليه جمهور الصفوة عينة الدراسة، ما أكده الاتجاه الوسط، في تفسير نشر أخبار الجرائم والفساد والانحرافات بمختلف أنماطها، حيث يرى أنصار هذا الاتجاه، أن نشر وقائع هذه القضايا يعد من الحقوق الواجبة تجاه الصحافة نحو الرأي العام، ولكن في ضوء ضوابط والتزامات معينة تلتزم بها الصحف من حيث أسلوب التناول والمعالجة الموضوعية وتحرى الصدق والحقائق.



  • كشفت نتائج الدراسة استحواذ "الأهرام" على أعلى معدلات القراءة المنتظمة لدى الصفوة بين الصحف القومية المصرية، تليها الأخبار، ثم أخبار اليوم، فالجمهورية، كما جاءت "الأهرام" أيضا على قائمة أعلى نسب التفضيلات للصحف القومية، تليها الأخبار، ثم أخبار اليوم، فالجمهورية، وهو ما يفسر ويؤكد الاتساق الملحوظ بين معدلات التعرض المرتفعة ونسب التفضيلات التي جاءت مؤكدة بعضها البعض، ويرجع ذلك لكون الأهرام صحيفة محافظة، تلتزم الاعتدال والموضوعية في معالجاتها، وهو ما يلق قبولا لدى الصفوة ذات المستوى التعليمي والثقافي المرتفع.



  • أوضحت نتائج الدراسة الميدانية احتلال صحيفة الوفد، أعلى معدلات التعرض للصحف الحزبية، تليها على التوالي، العربي، ثم الأهالي، فالأحرار، كما أظهرت النتائج أن تفضيلات الصفوة المصرية للصحف الحزبية جاءت متقاربة ومتسقة مع معدلات قراءتها، حيث حازت صحيفة "الوفد" أعلى معدلات التفضيل، تليها "العربي" ثم "الأهالي" "فالأحرار" ويمكن تفسير ذلك في ضوء نجاح الوفد في أحداث توازن بين الجانبين المهني والسياسي، الأمر الذي جنبها الكثير من عثرات بعض الصحف الحزبية الأخرى، كما تعكس هذه النتائج مدى حرص الصفوة المصرية على التعرض لتيارات ورؤيا سياسية وحزبية متعددة.



  • أكدت النتائج تفوق صحيفة "الأسبوع" واحتلالها الترتيب الأول في معدلات تعرض جمهور الصفوة للصحف الخاصة، يليها "صوت الأمة" ثم "الميدان" وجاءت تفضيلات الصفوة للصحف الخاصة متسقة تماما مع معدلات قراءتها، ويرجع ذلك إلى اتباع الأسبوع، لسياسة تحريرية أقرب إلى الصحف الحزبية المعارضة، وبعدها عن الإثارة الجنسية، بجانب نجاحها في تشكيل أيديولوجية خاصة بها، تحدد ملامحها بشكل كبير.



  • أظهرت النتائج أن الغالبية العظمى من الصفوة المصرية لديهم اتجاهات إيجابية إزاء المعالجات الصحفية لقضايا الفساد بالصحف المصرية، القومية، والحزبية، والخاصة، حيث ارتفعت نسبة المؤيدين للحياد والموضوعية في المعالجة كتوجه عام لأنماط الصحف المصرية، وإن جاءت الصحف الحزبية في المقدمة، وفى الوقت نفسه أيدت غالبية الصفوة عينة الدراسة درجة عمق المعالجة لوقائع الفساد خاصة بالنسبة للصحف الحزبية والخاصة كما ارتفعت نسبة المؤيدين لبعض السلبيات التي تكتنف هذه المعالجة من حيث الطابع الموسمي للمعالجات الصحفية، وغياب عنصر المتابعة المستمرة في المعالجة لهذه النوعية من القضايا، حيث جاءت نسبة الموافقة مرتفعة على نسبة عدم الموافقة بين عينة الدراسة، وقد جاءت الصحف القومية في مقدمة الصحف التي تشوبها هذه السلبيات.. وتشير هذه النتائج إلى ضرورة مراجعة الصحف المصرية القومية، والحزبية، والخاصة لسياساتها التحريرية تجاه مثل هذه النوعية من المعالجات بما يضمن العمق في المعالجة، والمتابعة المستمرة للقضايا التي تثيرها بما يضمن أيضا تحقيق رغبات الرأي العام في معرفة ما يحدث في المجتمع، وتفسير الوقائع لمعرفة التداعيات والعوامل التي أدت لمثل هذه القضايا.



  • أوضحت النتائج اتفاق آراء الصفوة عينة الدراسة مع نتائج الدراسة التحليلية في تحديد هوية مرتكبي قضايا الفساد حسب درجة التكرار، حيث جاءت النخبة في الترتيب الأول من حيث ارتكاب هذه القضايا، والفئة الوسط، والدنيا في الترتيب الثاني، مما يوضح بشكل كبير عملية الاعتماد المتبادل بين الوسيلة الإعلامية " الصحف " والجمهور الملتقى "الصفوة" لمعلومات تلك الوسيلة، وأن هناك درجة من التأثير قد حدثت بفعل هذا التعرض.



  • كشفت الدراسة أن العلاقات المشبوهة واستغلال النفوذ، وسهولة الإفلات من القضايا، والخلل الإداري والقيم والثقافي، وغياب الديمقراطية الحقيقية، تعد من أهم عوامل انتشار الفساد داخل المجتمع المصري، كما أوضح جمهور الصفوة مما يعنى أن السياسة التي تتبعها الحكومة خلال المرحة الراهنة تحتاج إلى إعادة صياغة ومراجعة على المستوى الإداري، والهيكلي، وتفعيل دور القانون كما ينبغي، قبل أن يتشعب الفساد ويصعب السيطرة عليه.



  • كشفت نتائج الدراسة الميدانية أن حظر النشر في بعض القضايا، وتقييد حرية الصحافة، وتدنى تدفق المعلومات، وعلاقة النظام بالصحافة، وضعف الكفاءة المهنية، والسياسة التحريرية للصحف تعد من العوامل الأساسية التي تعوق دور الصحف في الكشف عن قضايا الفساد في مصر وبالتالي ممارسة دورها الرقابي في تحذير المجتمع من عواقب هذه القضايا، وإرشاد الجهات الرقابية لمثل هذه النوعية من القضايا، ويمكن تفسير هذه النتائج كما أوضحها جمهور الصفوة في ضوء التناقض والازدواجية في الموقف الرسمي من مثل هذه الوقائع والذي يجمع بين المناداة بالطهارة وكشف الفساد من خلال تأكيدات القيادة السياسية، وعرقلة هذا التوجه من جانب أخر عبر الخطاب العام الذي ينادى بالمحافظة على الاستقرار، وعدم تجريح الشرفاء، والتوسع في قرارات حظر النشر لمثل هذه النوعية من القضايا، مما يحرم الرأي العام من حقه الطبيعي في معرفة ما يحدث داخل المجتمع.



  • أظهرت النتائج تفوق الصحف القومية على الصحف الحزبية، والخاصة في درجة الالتزام بأخلاقيات النشر في قضايا الفساد، وأوضحت النتائج، احتلال الأهرام، الترتيب الأول بين الصحف المصرية في درجة الالتزام بأخلاقيات النشر كما يراها جمهور الصفوة عينة الدراسة يليها في الترتيب، جريدة الأخبار، ثم أخبار اليوم، فالأسبوع، فالوفد، ثم جريدة الأهالي، بينما جاءت جريدة الجمهورية في الترتيب السابع من حيث الالتزام في أخلاقيات النشر، وتشير هذه النتائج إلى خطأ تعميم النتائج بالنسبة للصحف من حيث درجة الالتزام الأخلاقي وفقا لنمط الملكية، حيث أظهرت النتائج تفوق صحف، الوفد، والأسبوع كصحف حزبية، وخاصة على بعض الصحف القومية في أخلاقيات النشر حول وقائع الفساد، وتأتى هذه النتائج متفقة تماما مع ما ذهب إليه، عبد العظيم خضر، من تفوق الأهرام على الأخبار، والوفد، في الالتزام بأصول الممارسة الصحفية في مجال نشرها لأخبار الجريمة، إلى جانب تقارير الممارسة الصحفية التي يعدها المجلس الأعلى للصحافة بشكل دوري.



  • أظهرت نتائج الدراسة الميدانية أن الرشوة، واستغلال المنصب العام، وإهدار المال العام، والاستيلاء على المال العام، والمحسوبية والمحاباة، جاءت في مقدمة صور الفساد المنتشرة داخل المجتمع المصري كما يراها الصفوة، وتنسجم هذه النتائج مع نتائج الدراسة التحليلية لمضمون صحف الدراسة إلى حد كبير، حيث اتفقت الدراسة، التحليلية والميدانية في ترتيب الرشوة، والاستيلاء على المال العام باعتبارهما أكثر صور الفساد ظهورا في المجتمع المصري خلال فترة البحث، الأمر الذي يعطى مؤشرا قويا لمدى تأثير الوسيلة الإعلامية على جمهور الصفوة ووجود نوع من التأثير والتأثر في إطار مرجعيات وفرضيات نظرية الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام والجمهور والمجتمع، حيث ساعدت الخلفيات التي نتجت عن متابعة جمهور الصفوة لقضايا الفساد في الصحف المصرية، أثرا عاليا في إدراكهم وتحديدهم لقضايا الفساد حسب أهميتها في المجتمع ودرجة انتشارها.



  • أوضح جمهور الصفوة المصرية عينة الدراسة أن هناك مجموعة من المآخذ تعترض أداء الصحف المصرية في معالجتها لقضايا الفساد، وتتمثل هذه المأخذ في: افتقاد معظم معالجات تلك الصحف لعنصر المتابعة المستمرة فيما تنشره، كما تفتقد الشجاعة في عرض موضوعات ووقائع الفساد المختلفة، كما تفتقد تلك الصحف إلى عنصر الاستمرار في نشر القضايا، كما أنها تعتمد على أسلوب الهجوم بدون طرح الحلول وبيان التداعيات، وكشفت النتائج أيضاً وجود نوع من التداخل والمصالح المشتركة التي تربط بين المسئولين عن الصحف ومجموعات رجال الأعمال وأصحاب النفوذ، الأمر الذي يجعل المعالجة غير كاملة وتعمد الصحف إلى إخفاء بعض الجوانب الهامة في القضية، بجانب غياب الرؤية الشاملة التي تجعل من معالجة قضايا الفساد هدف ورسالة للصحيفة، والخضوع في بعض الأحيان للتوجهات القومية.



  • أشار جمهور الصفوة عينة الدراسة إلى بعض العوامل التي ترفع من أداء الصحف في معالجة قضايا الفساد وتشمل: إطلاق حرية تداول المعلومات، وربط هذه القضايا بشكل أكبر بالمنظومة الاجتماعية والثقافية والنظام الاجتماعي العام الذي يظهر المسببات ويقترح العلاج، والارتقاء بالمستوى المهني للصحفيين، والتوسع في مجال حرية النشر، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وتحديد رؤية شاملة وإلزام المحررين بها، وعدم وضع خطوط حمراء في محاربة الفساد، والتوسع في معدلات النشر في هذه القضايا، والاستمرارية في نشر الوقائع، والالتزام بقاعدة المتهم برئ حتى تثبت أدانته، وعدم التعرض للحياة الشخصية للمتهمين.

نتائج اختبار فروض الدراسة


أثبتت النتائج التحليلية لعلاقات الارتباط بين استخدامات واعتماد وتعرض الصفوة للصحف المصرية ومتغيرات الدراسة تبايناً ملموساً في تأثيرات المتغيرات الوسيطة المتمثلة في أنماط الصحف المصرية، ونوع الصفوة، في مقابل متغيرات معدلات التعرض والاهتمام والمتابعة على النحو التالي:




  • أكدت النتائج صحة الفرض الأول للدراسة الميدانية المتعلق بتعرض الصفوة للصحف المصرية والاهتمام بقضايا الفساد وذلك بالنسبة للصحف الحزبية والخاصة، على حين لم تثبت صحة هذا الفرض فيما يتعلق بالصحف القومية.



  • أكدت نتائج الدراسة صحة الفرض الثاني والخاص بوجود علاقة ارتباط بين اعتماد الصفوة على الصحف المصرية كمصدر للمعلومات وبين متابعة قضايا الفساد.



  • ثبت صحة الفرض الثالث والمتعلق بوجود فروق معنوية بين أنواع الصفوة والتأثيرات المعرفية والسلوكية الناتجة عن التعرض للصحف المصرية في متابعة قضايا الفساد، في حين لم تثبت صحة هذا الفرض بالنسبة للتأثيرات الوجدانية. 



  • أثبتت نتائج الدراسة صحة الفرض الرابع بوجود فروق معنوية ذات دلاله بين أنواع الصفوة والاتجاهات الإيجابية الناتجة إزاء المعالجة الصحفية لقضايا الفساد.



  • أثبتت نتائج الدراسة صحة الفرض الخامس الخاص بوجود فروق معنوية بين أنواع الصفوة والاعتماد على الصحف كمصدر للحصول على معلومات على الفساد.

المقترحات والقضايا البحثية التي تثيرها الدراسة


يعتقد الباحث أن هناك العديد من المقترحات يجب مراعاتها لضمان نجاح فاعلية دور الصحافة في محاربة الفساد وإحداث التأثير المنشود على جمهورها، خاصة في ظل التطورات المتلاحقة لتزايد هذه القضايا محلياً وعالمياً في ظل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية المتلاحقة، ويمكن بلورتها كما يلي:



1 - الاهتمام بالأحكام والإجراءات التي تفيد التصرف في وقائع قضايا الفساد المنشورة على صفحات الصحف وإذا كانت المادة تستهدف الكشف عن انحرافات أو البلاغ عنها، والاستمرار في متابعة هذه القضايا حتى نهايتها ووضع حد لها وما انتهت إليه، الأمر الذي ينعكس دور على الرأي العام.


2 - الالتزام بقاعدة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، بحيث يتم التعامل مع هذه المسألة من منظور يراعى ظروف المجتمع وحقوق الأفراد يستهدف التنوير والتبصير وكشف الأسباب والتداعيات وليس من منظور ترويجي تسويقي يسعى للربح والإثارة وزيادة الدخل للصحيفة، أي يجب تقديم الحقيقة كاملة وبطريقة سليمة ونزيهة بعيدة عن الانفعال والأهواء الشخصية.


3 - العمل على رفع معدلات استخدام الأشكال الصحفية الاستقصائية في تغطية وقائع وقضايا الفساد مثل التحقيق، والمقال، والتقرير، والحديث، والتخلي عن القالب الخبري مما يعطى المعالجة طابع التوجيه والتفسير وليس مجرد السرد والنقل من المصادر خاصة، وأن الصحافة الدولية قد قطعت شوطا كبيرا في تفعيل الصحافة الاستقصائية لمعالجة قضايا الفساد.


4 - إطلاق جميع القيود التي تعرقل دور الصحف المصرية في معالجة قضايا الفساد، سواء من النواحي القانونية، وإلغاء قرارات حظر النشر ومعوقات تداول المعلومات، وفك وطأة التوجيه والسياسة التحريرية التي تقيد عمل الصحف القومية، والأيديولوجية الحزبية التي تشكل ملامح وتوجهات الصحف الحزبية، والبعد عن الإثارة بالنسبة للصحف الخاصة، الأمر الذي يؤدى إلى وجود رأى عام واعي لأبعاد الظاهرة بكل مقوماتها وتداعياتها.


5 - إنشاء وحدات متخصصة داخل المؤسسات الصحفية المصرية تكون مهمتها تقييم معالجات الصحف لهذه النوعية من القضايا وتعديل الإطار الذي تسلكه الصحف بما يخلق دور تنموي وتأثيري لهذه الصحف يتفق مع توجهات المجتمع والرأي العام.


6 - دعم الكفاءة المهنية للمحررين الذي يكلفون بتغطية هذه النوعية من القضايا عن طريق عقد دورات متخصصة من قبل الخبراء المتخصصين تتناول الاتجاهات المتطورة في تغطية هذه الوقائع واستخدام بعض أدوات قياس الرأي العام لإعطاء معالجات تجمع بين الطابع التوجيهي والتفسيري والخبري للصحافة بما يضمن خلق رأى عام مستنير تجاه ما يحيط بالمجتمع من تداعيات فساد، والبعد عن المعلومات المشوهة والمبتورة.


7 - الاهتمام بالدور الهام للصحافة في الدفاع الاجتماعي ضد الفساد بمعنى محاصرة الظاهرة ولفت نظر السلطات المسئولة بمدى خطورتها، ووسائل المواجهة والعلاج قبل وصول تلك القضايا للسلطات القضائية، الأمر الذي يبرز الدور المهم للصحافة في عمليات الضبط الاجتماعي.


8 - إنشاء أقسام متخصصة داخل الهيكل التحريري للصحف والمجلات ووكالات الأنباء المصرية يطلق عليه قسم الصحافة الاستقصائية" Investigative Journalism ", مستقلاَ عن قسم التحقيقات الموجود بالفعل, على أن يتم اختيار أفراده من الصحفيين الممارسين, ذوى الكفاءة العالية بحيث تكون مهمته تتبع قضايا الفساد والانحراف في المجتمع وتقديمها للرأي العام والجهات الرسمية بأدلة ومستندات، أو متابعة تلك القضايا عند وصولها لجهات التحقيق وبيان تداعياتها، ودوافعها، والأسباب الكفيلة بعدم تكرارها، بحيث يعتمد هذا الفريق في عمله على مسوح الرأي العام، وفتح قضايا قد تأخذ فترات طويلة حتى يمكن تقديمها مكتملة الأركان، ويراعى في هذا الفريق توافر الثقافة القانونية، والقواعد الأخلاقية للعمل الصحفي، والقدرة على استخدام التكنولوجيا المتطورة في مجال العمل الصحفي، خاصة وأن الصحف الدولية ووكالات الأنباء العالمية قد بدأت منذ سنوات في إنشاء مثل هذه الأقسام بهدف تغطية وقائع الانحراف والفساد على المستوى الدولي والقومي والمحلى.


حدود الدراسة وما تثيره من دراسات مستقبلية


تفتح هذه الدراسة مجالاً واسعاً لدراسات علمية جادة حول: أخلاقيات نشر حملات الفساد في الصحافة المصرية، دراسة للمضمون والقائم بالاتصال، وتأثير نشر قضايا الفساد على صور الأجهزة الرقابية، دراسة تحليلية وميدانية، وصورة الأجهزة الرقابية في الصحافة المصرية، دراسة تطبيقية لقضايا الفساد، وتأثير السياسية التحريرية على المعالجة الصحفية لقضايا الفساد، دراسة للمضمون والقائم بالاتصال، ودور الصحافة في الدفاع الاجتماعي ضد الفساد، دراسة تحليلية ميدانية.


الفهرس