أطر المعالجة الإعلامية لظاهرة الإرهاب في الإعلام المصري

ترصد الدراسة محددات المعالجة الإعلامية لظاهرة الإرهاب في الإعلام المصري، واستراتيجيات تأطيرها الإخباري، ومدى علاقتها بالسياق السياسي والاجتماعي، كما تعالج القواعد المهنية الحاكمة للتغطية، وحجم الضغوط التي يتعرض لها القائم بالاتصال، وحدود إسهام التغطية في تشكيل رأي عام تجاه ظاهرة تتميز بالتعقيد.
20151595830516580_20.jpg
(الجزيرة)

ملخص
تعالج الدراسة أطر التغطية الإخبارية لظاهرة الإرهاب في الإعلام المصري، ومدى إسهام تلك التغطية في تشكيل رأي عام تجاه الظاهرة؛ وذلك من خلال التعرف على حجم اهتمامها (التغطية الإخبارية) في تناول قضايا الإرهاب، وطبيعتها ومحدداتها في تلبية الاحتياجات المعرفية للمتلقي، ودراسة استراتيجية القائم بالاتصال في بناء رسالته الإعلامية وطبيعة وحجم الضغوط التي يتعرض لها في إعدادها، وتكشف الدراسة أهم أطر التغطية الإخبارية للظاهرة، ومدى ارتباطها بالسياق السياسي والاجتماعي والثقافي، كما ترصد القواعد المهنية الحاكمة للتغطية.

وفي ظل ندرة الدراسات التي تناولت قضايا الإرهاب بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني بوجه عام، والدراسات التي حاولت تحليل تلك القضايا من خلال مدخل أو نظرية الأطر الإعلامية، تأتي أهمية هذه الدراسة التي اعتمدت على تحليل مضمون عينة عشوائية من البرنامج اليومي الإخباري الشامل بانوراما النيل (قناة النيل للأخبار)، والبرنامج الإخباري اليومي الحياة الآن (قناة الحياة 1)، وموقع الهيئة العامة للاستعلامات، كما اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي، ثم المنهج المسحي لرصد أطر التغطية الإخبارية لقضايا الإرهاب، ومسح آليات واستراتيجيات التأطير الإخباري لها، كما استخدمت المنهج المقارن.

وتكشف الدراسة عبر تحليل أطر التغطية الإخبارية لظاهرة الإرهاب عن اتجاه الإعلام المصري للاعتماد على أطر مُحدَّدة بالحدَّين السياسي والأمني؛ لأن المعالجة الإعلامية تركز على مظاهر الأزمة، وليس على الأطر العامة التي تميل إلى البحث في أسباب الظاهرة وكيفية مواجهتها وعلاج آثارها السلبية على المجتمع؛ الأمر الذي ينعكس في تغطية إخبارية وإعلامية سطحية ومبتورة تفتقد إلى العمق والشرح والتحليل والتفسير اللازم في قضايا معقدة مثل قضايا الإرهاب.

كما لا يظهر أثر واضح للاختلاف بين الوسائل أو لنمط الملكية في التأثير على استراتيجية القائم بالاتصال بشأن بناء الرسالة الإعلامية؛ فالاستراتيجية تنطلق من توجُّه محدود يعتمد على تقديم حدٍّ أدنى من المعلومات والمعارف، وترتكز على أهداف وأحداث بعينها لرغبة القائمين بالاتصال في تنظيم المحتوى بأسلوب يعتمد على شحن المتلقي عاطفيًّا بدلاً من إمداده بالمعارف اللازمة لتكوين رأيه.

وتعكس نتائج الدراسة صعوبة التأثير الكبير لوسائل الإعلام محل الدراسة في تشكيل الرأي العام؛ لافتقارها إلى العمق والخلفية اللازمة في مثل هذه القضايا، وانطلاقها من أطر تقليدية تتمثَّل في الصراع والاهتمامات الإنسانية، وهي أطر رغم أهميتها؛ فإنها لا تحقق الفهم والوعي الكافي واللازم للجمهور.

مقدمة

شهدت مصر منذ ثورة 25 من يناير/كانون الثاني 2011 ما يقرب من 100 حادث إرهابي، منها 92 حادثًا في سيناء وحدها؛ وقع 80 منها منذ أحداث 30 من يونيو/حزيران 2013؛ فضلاً عن حوادث الاعتداء على مديريات الأمن في القاهرة والدقهلية، ومحاولة الاعتداء على عدد من مديريات الأمن الأخرى، وتفجير عدد من الأماكن بجوار محطات مترو الأنفاق والمدارس وأقسام الشرطة؛ مما أدَّى إلى إعلان حظر التجوُّل في سيناء، وتعديل قانون القضاء العسكري وإضافة قضايا الإرهاب إليه، ويعكس ذلك زيادة معدلات التحريض الإعلامي.

وقامت وسائل الإعلام –خلافًا لما تنادي به نظرية المسؤولية الاجتماعية للإعلام(1)- بتجسيد وتكريس التحزُّب والتشرذم والاستقطاب السياسي؛ مستخدمة كافَّة الأساليب والممارسات غير الأخلاقية، وانتهاك خصوصيات الأفراد وصعوبة الضبط الأخلاقي لها؛ حيث حشد كلُّ فريق، وكلُّ جماعة أسلحته وكتائبه الإلكترونية في إطار من الانقسام والاستقطاب والتحيُّز والتخوين والرؤية الأحادية؛ بل وصل الأمر إلى حدِّ التكفير، وغاب الحوار العقلاني والهادئ والمنطقي، وأصبح كل فريق يُدافع ويهاجم بضراوة في ظلِّ غياب وتغييب العقل والمصلحة العامة لحساب العاطفة والمصلحة الخاصة.

وتكمن الصعوبة العملية في تناول موضوع الإرهاب في الطريقة أو الإطار الذي يُقَدَّم به الموضوع؛ فنظرية التهيئة المعرفية تدعم تأثير وسائل الاتصال على الموضوعات التي تحظى بتغطية مكثفة؛ فكلما زاد حجم التغطية الإعلامية ارتفع احتمال تأثيرها على الموضوعات والقضايا التي يعتمد عليها الجمهور في إصدار أحكامه السياسية(2).

ويزداد تأثير نظرية التهيئة المعرفية مع نشاط نموذج الاتساق والتنافر المعرفي؛ "الذي يقضي بأن الفرد في الغالب يتعرَّض ويُدرك ويفهم ويتذكَّر بشكل انتقائي ما يتفق مع قيمه ومعتقداته السائدة"(3). وعلى الرغم من وجود العديد من النظريات التي تسعى لتفسير علاقة الجمهور بوسائل الاتصال؛ مثل: نظرية التماس المعلومات، ونظرية الاعتماد على وسائل الاتصال؛ لكن نظرية الأطر تبقى أكثر النظريات تأثيرًا في فهم الجمهور للمعلومات المقدمة عن موضوع ما، وتكوين أحكامه واتجاهاته بشأنها(4).

1. الإطار المنهجي للدراسة

أ‌. مشكلة الدراسة
إن الصعوبة العملية التي يجسِّدها الإطار الذي يُعالج أو يُقدَّم فيه موضوع الإرهاب، تطرح مشكلة محدِّدات وأطر التغطية الإخبارية للقضايا المرتبطة بالظاهرة، ودورها في تشكيل الرأي العام؛ لذلك تسعى الدراسة إلى معالجة طبيعة ومحددات التغطية الإخبارية لظاهرة الإرهاب في الإعلام المصري؛ وذلك من خلال التعرُّف على مدى تلبيتها للحاجات المعرفية للمتلقِّي، وحدود ومدى تركيز تلك التغطية على أهداف وأحداث بعينها. كما تعالج استراتيجية القائم بالاتصال في بناء الرسالة الإعلامية، ومدى اهتمامه بمواقف أطراف سياسية داخلية أو دول معينة، ودوره في بناء وتشكيل الأخبار من حيث انتقاؤها، واختيار المصادر، وزوايا المعالجة، وهل التغطية محكومة بالأطر التي تنظِّم النسق المعرفي والضغوط المهنية التي يعمل فيها القائم بالاتصال، أم أنها تعمل وفق أجندة واعتبارات معينة، تدفع القائم بالاتصال أو على الأقل تحدِّد له طبيعة وزاوية التناول أو إطاره؟

وهنا تركِّز الدراسة على استراتيجيات بناء النصِّ من حيث الاختيارات اللغوية، والاقتباسات والمعلومات والصور؛ التي تقود للتأكيد على عناصر أو جوانب معينة في المعالجة مقابل إغفال جوانب أخرى؛ وذلك مع تحديد طبيعة ومدى إسهام هذا البناء في تشويه صورة بعض الأطراف السياسية الداخلية، وممارسة التحريض ضدها، وكذلك مدى طغيان البعد الدعائي على حساب البعد الإعلامي الموضوعي في معالجة الظاهرة، ومدى معالجة التغطية الإخبارية لجذور المشكلة وأسبابها العميقة؛ سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وكذلك مدى ارتباطها بالسياق الاجتماعي والسياسي والثقافي. وتتطرق الدراسة -كذلك- إلى تحديد الأطر الثقافية للتغطية والقواعد المهنية الحاكمة لها من خلال طرح أربعة فروض عن أثر اختلاف نوع الوسيلة ونمط الملكية على معدلات الاهتمام، ونوعية الأطر، واستراتيجية القائم بالاتصال والقواعد المهنية الحاكمة للتغطية الإخبارية المتعلقة بقضايا الإرهاب.

ب‌. أهمية الدراسة

  1. زيادة معدلات التحريض الإعلامي، واستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.
  2. حظر نشاط بعض الجماعات وإعلانها إرهابية، واتجاه تلك الجماعات للتصعيد.
  3. ندرة الدراسات التي تناولت قضايا الإرهاب من خلال مدخل أو نظرية الأطر الإعلامية.
  4. تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية؛ خاصة في ظلِّ تدنِّي مستوى الخدمات؛ مما سمح لوسائل الإعلام بممارسة دورها في خلق حالة من النقاش بين أفراد الجمهور؛ سواء بالسخرية أو بالانتقاد الحادِّ.
  5. قامت وسائل الإعلام بتجسيد وتكريس التحزُّب والتشرذم والاستقطاب السياسي مستخدمة كافَّة الأساليب والممارسات غير الأخلاقية؛ حيث حشد كلُّ فريق وكلُّ جماعة أسلحته وكتائبه الإلكترونية في إطار من الانقسام والاستقطاب والتحيُّز والتخوين والرؤية الأحادية.

ج‌. أهداف الدراسة
يتمثَّل الهدف العامُّ للدراسة في التعرُّف على أطر ومحدِّدات التغطية الإخبارية لظاهرة الإرهاب في الإعلام المصري بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، ومدى قدرتها على الإسهام في تكوين رأي عامٍّ نحو قضايا الإرهاب؛ وتتفرع عن هذا الهدف العامِّ أهداف فرعية؛ وتشمل:

  1. التعرُّف على طبيعة ومحددات التغطية الإخبارية واستراتيجية القائم بالاتصال في بناء الرسالة.
  2. تحديد أهمِّ أطر التغطية الإخبارية، ومدى ارتباطها بالسياق السياسي والاجتماعي والثقافي.
  3. تحديد طبيعة ومدى الضغوط التي يتعرَّض لها القائم بالاتصال في إعداد رسالته الإعلامية.
  4. الكشف عن أهمِّ القواعد المهنية الحاكمة للتغطية الإخبارية عن قضايا الإرهاب.

د‌. الإطار النظري للدراسة
تعتمد الدراسة في بنائها النظري وفي تطوير فروضها على نظرية الأطر الخبرية؛ إذ أثبتت دراسات نظرية حارس البوابة أن القائمين بالاتصال يتدخَّلُون في تحديد ما يُنشر وما لا يُنشر؛ الأمر الذي سمح لهم بالقيام بهذه المهمَّة بطريقة سهلة ومنتظمة وسريعة(5)؛ ومن ثَمَّ فهم يقومون بتشكيل الأطر والسياقات المعرفية للجمهور؛ وهذا يُؤَثِّر بدوره على الطريقة التي يُدرك بها الجمهور المحتوى الذي يتعرَّض له(6). والسؤال: هل تقوم كل وسائل الإعلام بذلك بمهنية تشمل تحقيق الفورية والعدالة والحياد والتوازن؛ لأن ذلك هو السبيل الأساسي لمساعدة الجماهير على تكوين آرائها وأحكامها(7).

1. المقصود بالإطار
الإطار الخبري الذي يقوم به القائم بالاتصال قد يبلغ درجة من القوة والأهمية التي تُلغي أحيانًا شخصية القائم بالاتصال؛ ليُصبح في النهاية قائمًا بوظيفة فقط، وليس لديه ملامح مميزة أو طابع عامٌّ يميِّزه في الاختيار أو يُحَدِّد أسلوبه، ويكون في النهاية مجرَّد ترس يعمل في آلة المنظمة الإعلامية الكبيرة؛ التي تفرض أنماطها وقوالبها عليه أثناء العمل(8). فالإطار قد يتمُّ من خلال اختيار سياقات ومفردات معينة لوصف الحدث؛ سواء بالتهويل أو التهوين، كما قد يتمُّ بالإضافة، أو الحذف، أو التشويه، أو السماح بذكر تفاصيل معيَّنة دون أخرى؛ وهو ما يمثِّل وجهة نظر محدَّدة بالقدر الذي يجعل ما يصل من معلومات هو ما يرغب فيه القائم بالاتصال؛ وليس بالضرورة ما حدث بالفعل؛ وهو ما قد يُؤَثِّر في فهم الجمهور لذلك الحدث وحكمه عليه(9)؛ فالقائم بالاتصال يعتمد على أطر مرجعية في اختيار وصياغة الأخبار، ويركِّز على هذه الأطر لإبراز جوانب معيَّنة في الخبر على حساب جوانب أخرى كي يبدو الخبر صحيحًا؛ ولكنه في الحقيقة ليس كاملاً(10).

2. خصائص الإطار

  • يُضفي الإطارُ المعنى أو المغزى على الخبر لتكون له دلالة أو أهمية لدى الجمهور، ويحدِّد لهم المدخل، أو الزاوية التي يمكن رؤية الخبر من خلالها(11).
  • يُعَدُّ أداة مساعدة لتفسير الأحداث الإعلامية بطريقة تساعد المتلقِّي على فهمها(12).

3. أنواع الإطار(13)

شكل (1) يُبيِّن أنواع الأطر الخبرية

 

4. العوامل المؤثِّرة في بناء الإطار

  • أولاً: المستوى الفردي: الآراء والقيم الشخصية ومستوى التعليم ونوعه والخلفية المعرفية وسنوات الخبرة.
  • ثانيًا: المستوى المُؤسَّسي: سياسة المنظمة وتأثير رؤساء وزملاء العمل والرضا الوظيفي.
  • ثالثًا: المستوى المهني: معايير القيم المهنية ومواثيق الشرف وطبيعة الدور المهني.
  • رابعًا: المستوى الاجتماعي: السلطة والقيود التشريعية والأيديولوجية والجمهور العام وجماعات الضغط(14).

5. أهم الأطر الخبرية
هناك خمسة أطر؛ هي: الصراع، والجوانب الأخلاقية، والإنسانية، والاقتصادية، والمسؤولية(15).

6. كيفية استخدام الإطار
هناك مستويان: الأول يهتم بقياس المحتوى غير الواضح أو ما يُعرف بالمحتوى الضمني(16)، والثاني المؤثِّر في تشكيل اتجاهات الجمهور نحو القضية موضع الدراسة؛ حيث إن وسائل الإعلام من خلال تركيزها على جوانب معيَّنة تُحَدِّد لنفسها أطرًا خبرية تستطيع في النهاية أن تؤثِّر في تشكيل معايير الجمهور بشأن بعض القضايا؛ الأمر الذي ينعكس في تحديد آراء واتجاهات الجماهير نحو هذه القضايا(17).

ه‌. فروض الدراسة

  1. هناك فروق معنوية دالَّة في معدلات الاهتمام بتغطية قضايا الإرهاب ونوع الوسيلة، نمط الملكية.
  2. ليس هناك فروق معنوية دالَّة بين الأطر الإخبارية المستخدمة في قضايا الإرهاب ونوع الوسيلة، نمط الملكية.
  3. ليس هناك فروق معنوية دالَّة بين استراتيجية القائم بالاتصال في بناء الرسالة الإخبارية ونوع الوسيلة، نمط الملكية.
  4. ليس هناك فروق معنوية دالَّة بين القواعد المهنية الحاكمة للتغطية الإخبارية ونوع الوسيلة، نمط الملكية.

و‌. تساؤلات الدراسة
‌أ. ما حجم اهتمام وسائل الإعلام بتغطية قضايا الإرهاب؟
‌ب. ما أهم الأطر المستخدمة في التغطية؟ ومدى ارتباطها بالسياق الاجتماعي والسياسي والثقافي؟
‌ج. ما مدى تلبية التغطية للحاجات المعرفية للمتلقِّي؟ وما حدود تركيزها على أهداف وأحداث ودول بعينها؟
‌د. ما استراتيجية القائم بالاتصال في بناء الرسالة الإعلامية؟
‌ه. ما القواعد المهنية الحاكمة للتغطية الإخبارية من حيث مستوى السرعة والعمق والتوازن والحياد والمصداقية؟
‌و. هل يمكن أن تسهم التغطية الإخبارية في تشكيل رأي عامٍّ تجاه الإرهاب؟

‌ز. مقاييس الدراسة

جدول (1) يُبيِّن المقاييس الثلاثة للدراسة

مقياس الفرض الأول: الاهتمام بتغطية قضايا الإرهاب

مرتفع

منخفض

1. عدد الأخبار

 

 

2. زمن الأخبار

 

 

3. موقع الأخبار

 

 

4. التنويه عن الأخبار

 

 

5. الإشارة في الشريط إلى الأخبار

 

 

مقياس الفرض الثالث: استراتيجية القائم بالاتصال في بناء الرسالة

مرتفع

متوسط

منخفض

1. تلبية التغطية للحاجات المعرفية للمتلقي

 

 

 

2. تركيز التغطية على أهداف وأحداث بعينها

 

 

 

3. معالجة التغطية لجذور المشكلة وأسبابها

 

 

 

4. تنظيم المحتوى ووضعه في إطار اهتمامات المتلقي

 

 

 

5. اعتماد التغطية على الخبراء

 

 

 

6. دور القائم بالاتصال في انتقاء الأخبار

 

 

 

7. اختيار المصادر

 

 

 

8. تحديد زوايا المعالجة

 

 

 

9. اهتمامه بمواقف أطراف سياسية أو دول معينة

 

 

 

مقياس الفرض الرابع: القواعد المهنية الحاكمة للتغطية الإخبارية

مرتفع

متوسط

منخفض

1. الاختيارات اللغوية

 

 

 

2. الاقتباسات

 

 

 

3. المعلومات

 

 

 

4. الصور

 

 

 

5. تأكيد عناصر أو جوانب معينة

 

 

 

6. إسهام النص في التشويه السياسي

 

 

 

7. طغيان البعد الدعائي على البعد الإعلامي

 

 

 

ح‌. مجتمع الدراسة
الأخبار والتقارير الإخبارية التي بثَّها التليفزيون المصري بقنواته الحكومية والخاصة؛ إضافة إلى الأخبار المنشورة على موقع الهيئة العامة للاستعلامات (http://www.sis.gov ).

1. عينة الدراسة
عينة عشوائية من الأخبار والتقارير بلغ حجمها 242 خبرًا وتقريرًا موزعة كالآتي:

 

2. المصادر
تتمثَّل في قناة النيل للأخبار باعتبارها وسيلة تمثِّل التليفزيون الحكومي، وقناة الحياة 1 (الحمراء) التي تمثِّل التليفزيون الخاص؛ حيث تحتلُّ مرتبة متقدِّمة في إحصائيات المشاهدة(18)، ثم موقع الهيئة العامة للاستعلامات؛ وهي هيئة حكومية تتبع رئاسة الجمهورية "كجهاز الإعلام الرسمي والعلاقات العامة للدولة"(19).

3. المحتوى
يتمثَّل في برنامج "بانوراما النيل" لقناة النيل، وبرنامج "الحياة الآن" لقناة الحياة، وموقع الهيئة العامة للاستعلامات؛ ويتضمن 24 حلقة من بانوراما النيل، و24 نشرة من الحياة الآن، ومتابعة لموقع الاستعلامات بنظام الأسبوع الصناعي على مدار 24 أسبوع.

4. الإطار الزمني
يمتدُّ من 8 من يونيو/حزيران 2014 إلى 8 من ديسمبر/كانون الأول 2014، أي ما يقارب ستة أشهر.

ط‌. منهج الدراسة وأدواتها
اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي من خلال مسح عينة من الأخبار والتقارير الإخبارية؛ التي بثَّها الإعلام المصري الحكومي والخاص، ثم المنهج المسحي لرصد أطر التغطية الإخبارية لقضايا الإرهاب ومسح آليات واستراتيجيات التأطير الإخباري لها، كما استخدمت الدراسة المنهج المقارن؛ وذلك للمقارنة بين أطر التغطية، ثم الوسائل التي تختلف من حيث طبيعتها وملكيتها.

1. أداة جمع البيانات
صحيفة تحليل مضمون تضمَّنت الأبعاد والفئات الرئيسية، وقد تمَّ إخضاعها لمقاييس الصدق والثبات فبلغت 94% و92% على التوالي.

2. وحدة التحليل
وحدة المفردة (الخبر أو التقرير).

ك‌. المفاهيم الإجرائية

  1. الأطر الإعلامية: قيام القائم بالاتصال بوضع مُحدِّدات معينة تجعل هذا الخبر له معنى ومغزى لدى الجمهور عبر مجموعة من الفئات المحددة والمعروفة أسهم في تكوينها الخبرات السابقة وظروف العمل واستقراء الواقع الاجتماعي للمجتمع ذاته(20).
  2. الإرهاب: كل فعل من أفعال العنف أو التهديد أيًّا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف لإفشاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم، أو حرياتهم، أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة، أو بأحد المرافق، أو الأملاك العامَّة أو الخاصَّة، أو احتلالها، أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر(21).

2. نتائج الدراسة

نتيجة الفرض الأول: هناك فروق معنوية دالَّة في معدلات الاهتمام بتغطية قضايا الإرهاب ونوع الوسيلة، ونمط الملكية.

جدول (2) يُوَضِّح تحليل التباين للفروق بين معدلات تغطية قضايا الإرهاب حسب الوسيلة

المصدر

المجموع

المتوسط

قيمة ف

الدلالة

بين المجموعات

81.320

40.660

88.178

0.000

داخلها

110.205

0.461

الفروق الكلية

191.525

 

يتَّضح من الجدول وجود فروق معنوية ذات دلالة إحصائية في تغطية قضايا الإرهاب ترجع للوسيلة الإعلامية؛ وهو ما يُشير إلى صحة الفرض الأول جزئيًّا.

جدول (3) يُبيِّن تحليل التباين للفروق بين معدلات تغطية قضايا الإرهاب حسب نمط الملكية

المصدر

المجموع

المتوسط

قيمة ف

الدلالة

بين المجموعات

32.387

32.387

48.844

0.000

داخلها

159.138

0.663

الفروق الكلية

191.525

 

يتَّضح من الجدول وجود فروق معنوية ذات دلالة إحصائية في تغطية قضايا الإرهاب ترجع إلى نمط الملكية؛ وهو ما يُشير إلى صحة الفرض الأول كليًّا، وبذلك يتَّضح أن هناك اهتمامًا متزايدًا من قناة النيل بتغطية قضايا الإرهاب بشكل أكبر من قناة الحياة وموقع الاستعلامات؛ لأن قناة النيل حكومية إخبارية متخصِّصة تعمل على تحقيق أهداف وأجندة الدولة من جانب؛ فضلاً عمَّا تتمتَّع به قضايا الإرهاب من فرص للبروز الإخباري والإعلامي؛ أمَّا قناة الحياة فهي قناة خاصَّة الملكية، عامَّة المحتوى، وتمثِّل الأخبار فيها جزءًا من خدماتها، أمَّا موقع الاستعلامات فيغلب عليه عدم التحديث وضعف المحتوى لارتباطه الوثيق بالدولة كأحد أجهزتها الرسمية.

نتيجة الفرض الثاني: ليس هناك فروق معنوية دالة بين الأطر الإخبارية المستخدمة في قضايا الإرهاب ونوع الوسيلة، ونمط الملكية.

تمَّ تحديد عدد من الأطر استخدمتها الأخبار كالآتي:

جدول (4) يوضح أطر التغطية لقضايا الإرهاب

الأطر

التكرار

%

الصراع

163

67.4

الاهتمامات الإنسانية

52

21.5

الجوانب الاقتصادية

12

5

أكثر من إطار

15

6.2

المجموع

242

100

وفيما يلي شرح لهذه الأُطُر:

1- الصراع: ويتمثَّل في:

  • تأكيد المعركة التي تخوضها الدولة مع مختلف قوى الإرهاب؛ خاصَّة بعد تعمُّدها استهداف الجيش والشرطة.
  • تأكيد صراع الدولة مع التنظيمات المختلفة؛ مثل: جيش النصرة، وجماعة أصحاب رايات الحق، وجماعة جنود الحق، وجماعة أنصار بيت المقدس؛ التي تحالفت فيما بعد مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
  • تأكيد الصراع بين السلطة الرسمية للدولة ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبين جماعة الإخوان المسلمين.

2- الاهتمامات الإنسانية: وهو إطار يُغَلِّف القصَّة الإخبارية بشحنات معنوية عاطفية تُثير الحزن والتعاطف والشفقة، وتستثير مشاعر السخط والغضب والكراهية، وقد استُخدم هذا الإطار بمهارة بالغة؛ ساعد في ذلك قسوة الحوادث، التي تصفها عينة الدراسة بـ"الإرهابية"، وحصدها لأرواح الأبرياء؛ خاصة في الحوادث الكبرى التي راح ضحيتها أكثر من عشرين شخصًا.

3- الجوانب الاقتصادية: لم يُستخدم هذا الإطار كثيرًا على الرغم من أهميته وقدرته على إبراز خطورة موضوع الإرهاب؛ حيث تأثَّرت السياحة وتضرَّرت كثيرًا بعد الحوادث الإرهابية، وربما يكون تأثير الإرهاب امتدَّ إلى حياة كل المواطنين؛ لكن سعي القصص الإخبارية للتركيز على البعد العاطفي وتأكيد الصراع مع الجماعات الإرهابية، أدَّى إلى إغفال هذا الجانب؛ الذي يتطلَّب المزيد من المعلومات والتحليلات المتعمقة.

4- أكثر من إطار: تمَّ الجمع بين إطاري الصراع والاهتمامات الإنسانية في بعض القصص الإخبارية، خاصَّة في التقارير التي بثَّتْهَا قناة الحياة.

وقد تمَّ تحديد علاقة هذه الأطر كمتغيِّر تابع بالوسائل موضع الدراسة كمتغير مستقل، وكانت النتائج كما يلي:

جدول (5) يُبيِّن تحليل الفروق بين الأطر حسب الوسيلة

المتغيرات

المصدر

المجموع

المتوسط

 

قيمة ف

 

المعنوية

الدلالة

 

الأطر الإخبارية

بين المجموعات

1.058

0.529

0.783

0.458

غير

داخلها

161.405

0.675

الفروق الكلية

162.463

جدول (6) يوضح تحليل الفروق بين الأطر حسب نمط الملكية

المتغيرات

الارتباط

قيمة ت

المعنوية

الدلالة

نمط الملكية والأطر الإخبارية

0.64

1.082

0.323

غير دال

من الجدولين السابقين يتَّضح أن نمط الملكية لم يكن مؤثِّرًا في طبيعة الأطر الإخبارية؛ حيث إن الفروق بين الأطر في الوسائل الحكومية والخاصة غير معنوية؛ مما يُشير إلى صحَّة الفرض الثاني، ويرجع ذلك إلى أسباب متعدِّدة منها ارتباط أطر التغطية الإخبارية بالسياق الاجتماعي والسياسي والثقافي للجمهور المصري؛ الذي يشهد حالة غير مسبوقة من الاستقطاب السياسي بعد 30 من يونيو/حزيران؛ حيث أصبح هناك ثلاث قوى يتقدَّمها المجلس العسكري بإعلانه خارطة الطريق، والإخوان المسلمين؛ الذين يَرَوْنَ أن سلطتهم قد تمَّ اغتصابها في انقضاض على شرعية الصندوق، وأنصار النظام السابق الذين يَرَوْنَ أن فرصة عودتهم صارت قائمة؛ حتى إنْ كان هناك رئيس من الجيش على رأس السلطة، وقد تعزَّز هذا الاتجاه بإعلان براءة مبارك وأغلب رموز النظام السابق؛ خاصَّة مع حالة الفوضى الإعلامية، واختلاط الرؤى بين ما هو إسلامي أو جهاد أو تنظيمات إسلامية متشددة؛ كتنظيم الدولة الإسلامية والنصرة وغيرهما، واستمرار حالات الاعتصام والتظاهر، والتفجيرات المتعدِّدة للدرجة التي فقد فيها بعض الجمهور ليس فقط أمانه؛ وإنما حماسه للثورة، وأصبحت أبنيته المعرفية مجهزة للصراع والحزن والتعاطف والشفقة، وأصبح الرأي العام في أغلبيته مهيَّأ لتقبُّل الصراع مع الإخوان، وتحميلهم مسؤولية ما يحدث من إرهاب.

كما أن الضغوط المهنية للقائم بالاتصال لها أثر في تبني أطر الصراع والاهتمامات الإنسانية؛ فبساطة وسهولة هذه الأطر تجعلها تنسجم بسرعة مع القوالب والأنماط الفكرية، وعمليات التهيئة المعرفية التي قد يكون الجمهور مهيَّأ لها، كما أن الأطر التي تنظِّم النسق المعرفي للقائم بالاتصال وخصوصية المشهد الإعلامي المصري؛ الذي يشهد حالة من التأثير الكبير لمدرسة الإعلام الحكومي، فأغلب العاملين في القنوات الخاصة داخل البلاد -وحتى خارجها- ينتمون للتليفزيون الحكومي، وبالتالي تظلُّ الخلفية والأيديولوجية المهنية حاكمة إلى حدٍّ كبير، وتنعكس بشكل أو بآخر على المخرجات الإعلامية للأخبار.

فكل الوسائل موضع الدراسة قد اتجهت إلى الاعتماد على أطر محدَّدة بالحدَّيْنِ السياسي والأمني؛ لأنها تركِّز على مظاهر الأزمة وليس الأطر العامة؛ التي تميل إلى البحث في أسباب الظاهرة وكيفية مواجهتها، وعلاج آثارها السلبية على المجتمع؛ فالإطار المحدَّد يسمح إلى حدٍّ كبير بعزل الحدث عن سياقه الاجتماعي والسياسي والثقافي؛ نتيجة الاهتمام بتحقيق الإخبار والإعلام أكثر من تحقيق الوعي والإدراك والفهم؛ الأمر الذي ينعكس في تغطية إخبارية وإعلامية سطحية تفتقد إلى العمق والشرح والتحليل والتفسير اللازم في قضايا معقَّدة مثل قضايا الإرهاب، وتطرح تلك النتيجة سؤالاً مهمًّا: هل مِثل هذه الممارسات الإعلامية يمكن أن تحقِّق الأمن الإعلامي القومي؟ وهل لنا أن نلوم الجمهور كله أو بعضه على الانصراف عن وسائله القومية لوسائل أخرى قد يجد فيها إيضاحًا وفهمًا أكثر؛ حتى إن كان لها أجندة خاصَّة ترغب في تمريرها إلى عقول المشاهدين؟

إذا كان الصراع يعكس الإطار الأمني، والاهتمامات الإنسانية تعكس الإطار العاطفي؛ فأين باقي الأطر الكفيلة بتحقيق الفهم والإدراك والوعي؛ مثل: الأطر الأخلاقية، والحقوقية، والجنائية، والقانونية؟ إن غياب مثل هذه الأطر قد يُفَسِّر لنا جانبًا كبيرًا من حالة الاحتقان والاستقطاب السياسي والاجتماعي؛ الذي يشهده المجتمع من جانب، كما أنه يُعيد طرح طبيعة وحدود المسؤولية الاجتماعية والمهنية لوسائل الإعلام من جانب آخر؛ بصرف النظر عن نمط ملكيتها؛ سواء كانت حكومية خالصة أو خاصَّة (مقنَّعة).

نتيجة الفرض الثالث: ليس هناك فروق معنوية دالة بين استراتيجية القائم بالاتصال في بناء الرسالة الإعلامية ونوع الوسيلة، ونمط الملكية.

جدول (7) يوضِّح تحليل التباين للفروق بين استراتيجية القائم بالاتصال في بناء الرسالة حسب الوسيلة

استراتيجية القائم بالاتصال

المصدر

المجموع

المتوسط

قيمة ف

المعنوية

الدلالة

تلبية التغطية للحاجات المعرفية للمتلقي

بين المجموعات

0.573

0.287

0.545

0.581

غير دال

داخلها

125.741

0.526

الفروق الكلية

126.314

تركيز التغطية على أهداف وأحداث بعينها

بين المجموعات

0.289

0.144

0.267

0.766

غير دال

داخلها

129.149

0.540

الفروق الكلية

129.438

معالجة التغطية لجذور المشكلة وأسبابها

بين المجموعات

14.062

7.031

13.233

0.000

* دال

داخلها

127.083

0.532

الفروق الكلية

141.145

تنظيم المحتوى ووضعه في إطار اهتمامات المتلقي

بين المجموعات

0.201

0.101

0.182

0.843

غير دال

داخلها

132.282

0.533

الفروق الكلية

132.483

اعتماد التغطية على الخبراء

بين المجموعات

4.419

2.209

4.569

0.011

غير دال

داخلها

115.581

.0484

الفروق الكلية

120.000

دور القائم بالاتصال في انتقاء الأخبار

بين المجموعات

4.341

2.171

4.139

0.017

غير دال

داخلها

125.349

0.524

الفروق الكلية

129.690

دور القائم بالاتصال في اختيار المصادر

بين المجموعات

0.706

0.353

0.924

0.398

غير دال

داخلها

91.199

.0382

الفروق الكلية

91.905

دور القائم بالاتصال في تحديد زوايا المعالجة

بين المجموعات

0.118

5.0924

0.173

0.841

غير دال

داخلها

81.968

.0343

الفروق الكلية

82.087

اهتمام القائم بالاتصال بمواقف أطراف سياسية داخلية أو دول معينة

بين المجموعات

0.319

0.160

0.641

0.527

غير دال

داخلها

59.482

0.249

الفروق الكلية

59.802

جدول (8) يُبيِّن تحليل الفروق لاستراتيجية القائم بالاتصال في بناء الرسالة حسب نمط الملكية

المتغيرات

الارتباط

ت

المعنوية

الدلالة

تلبية التغطية الإخبارية للحاجات المعرفية للمتلقي

0.032

3.776

0.617

غير دال

تركيز التغطية على أهداف وأحداث بعينها

0.008

4.695

0.900

غير دال

معالجة التغطية الإخبارية لجذور المشكلة وأسبابها العميقة

0.126

4.896

0.050

غير دال

تنظيم المحتوى الإخباري ووضعه في إطار اهتمامات المتلقي

-0.009

19.711

0.892

غير دال

اعتماد التغطية الإخبارية على الخبراء

-0.067

4.511

0.299

غير دال

دور القائم بالاتصال في انتقاء الأخبار

0.093

12.145

0.151

غير دال

دور القائم بالاتصال في اختيار المصادر

0.008

1.395

0.904

غير دال

دور القائم بالاتصال في تحديد زوايا المعالجة

-0.003

1.605

0.964

غير دال

اهتمام القائم بالاتصال بمواقف أطراف سياسية داخلية أو دول معينة

-0.073

1.168

0.258

غير دال

تحددت جوانب التغطية في:

  1. استراتيجية القائم بالاتصال في بناء الرسالة: ثبت صحة الفرض الثالث بعدم وجود فروق معنوية بين الوسائل موضع الدراسة؛ وذلك باستثناء معالجة التغطية لجذور المشكلة وأسبابها العميقة في قناة النيل، بحكم أنها حكومية إخبارية متخصصة، وقد يهمها تقديم المزيد من التحليلات المتعمِّقة حول أسباب وجذور المشكلة. وتعكس النتيجة السابقة حالة التغطية الإخبارية التي جاءت سطحية ومبتورة؛ إذ لا تستطيع أن تقدِّم كافَّة الحقائق والمعلومات الكفيلة بتحقيق المعرفة والوعي اللازمين لتكوين رأي ما؛ وهو ما يُعَدُّ إخلالاً بحقِّ الجمهور في المعرفة الكافية والكاملة.
  2. كيفية تحقيقه لتلك الاستراتيجية: ثبت عدم وجود فروق معنوية بين الوسائل موضع الدراسة؛ مما يُشير إلى وجود حالة عامَّة لدى القائمين بالاتصال في مختلف الوسائل بما يلي:
  • تعمُّد اختيار أخبار معينة: (حالة الاعتداء على قوات الجيش والشرطة، وتورط بعض التنظيمات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين في تلك الاعتداءات).
  • من مصادر محدِّدة: (وكالة أنباء الشرق الأوسط كوكالة حكومية، ومصادر أخبار التليفزيون المصري).
  • معالجة الأخبار من زوايا محددة: (وجود مخطط لزعزعة الأمن والاستقرار بمصر باستهداف قوات الجيش والشرطة، وجود مخطط لاختراق مصر عبر سيناء، الاعتداءات استمرار لتهديد وإرهاب الجماعة المحظورة).
  • الاهتمام بمواقف أطراف سياسية أو دول معينة: (الإرهاب يتمُّ تنفيذًا للمخطط الدولي للجماعة، هناك أطراف خارجية ضالعة في الإرهاب منها حماس وتركيا).

ويتضح مما سبق أن استراتيجية القائم بالاتصال في كافَّة الوسائل موضع الدراسة تنتهج الخط الرسمي الحكومي المصري؛ وذلك بأن مصر تخوض حربًا عالمية ضدَّ الإرهاب؛ حيث إن هذا النهج يوفر غطاءً مشروعًا لما تقوم به الدولة من جهود المكافحة، كما أن علينا ألاَّ نُغفل الانتماء السياسي للوسائل محلِّ الدراسة؛ فالتليفزيون الحكومي وموقع الهيئة العامة للاستعلامات وسائل حكومية تتبع الخط السياسي للدولة بشكل معلن وواضح، أمَّا قناة الحياة فينتمي رأس المال الخاص بها إلى رئيس أكبر الأحزاب المصرية الليبرالية؛ وهو حزب الوفد، ومن الطبيعي أن ينعكس هذا التوجُّه السياسي فيما تُقَدِّمه القناة من أخبار وموضوعات تعكس هذا الفكر.

الفرض الرابع: ليس هناك فروق معنوية دالة إحصائيًّا بين القواعد المهنية الحاكمة للتغطية الإخبارية كمتغير تابع ونوع الوسيلة، نمط الملكية كمتغيرات مستقلة.

تشكِّل القواعد المهنية في جوهرها خطوطًا حمراء لكافة وسائل الإعلام، ولا ينبغي تخطيها أو تجاوزها لأي مبرِّر، وتدور حول الأمانة والعدالة والاستقلالية وحماية حقوق الآخرين(22)، كما يُؤَكِّد ميثاق الشرف الصحفي المصري أن حقَّ المواطنين في المعرفة هو جوهر العمل الصحفي وغايته، وهو ما يستوجب ضمان التدفُّق الحرِّ للمعلومات، وتمكين الصحفيين من الحصول عليها من مصادرها(23)، وقد قام الباحث بقياس هذا الفرض كما يلي:

جدول (9) يوضِّح تحليل التباين للفروق بين القواعد المهنية حسب الوسيلة

القواعد المهنية

 

المصدر

المجموع

 

المتوسط

 

قيمة ف

المعنوية

الدلالة

 

الاختيارات اللغوية

بين المجموعات

3.510

1.755

7.990

0.000

* دال

داخلها

52.490

0.220

              

الفروق الكلية

56.000

الاقتباسات

بين المجموعات

4.365

2.183

10.534

0.000

* دال

داخلها

49.523

0.207

الفروق الكلية

53.888

المعلومات

 

 

بين المجموعات

14.955

7.477

13.934

0.000

* دال

داخلها

128.256

0.537

الفروق الكلية

143.211

الصور

 

 

بين المجموعات

0.148

7.396

0.417

0.659

غير دال

داخلها

42.352

.0177

الفروق الكلية

42.500

تأكيد عناصر معينة

بين المجموعات

0.245

0.122

0.215

0.807

غير دال

داخلها

136.106

0.569

الفروق الكلية

136.351

إسهام النص في التشويه السياسي

بين المجموعات

9.709

4.855

0.220

0.803

غير دال

داخلها

52.762

0.221

الفروق الكلية

52.860

طغيان البعد الدعائي على الإعلامي

بين المجموعات

0.377

0.189

.0358

0.700

غير دال

داخلها

126.019

0.527

الفروق الكلية

126.397

جدول (10) يُبيِّن تحليل التباين للفروق بين القواعد المهنية حسب نمط الملكية

القواعد المهنية الحاكمة للتغطية

الارتباط

قيمة
  ت

المعنوية

الدلالة
 

الاختيارات اللغوية

0.061

6.006

0.344

غير دال

الاقتباسات

.0141

7.053

0.029

غير دال

المعلومات

0.100

5.250

0.121

غير دال

الصور

0.018

9.591

0.755

غير دال

تأكيد عناصر معينة

0.037

19.348

0.565

غير دال

إسهام النص في التشويه السياسي

-0.043

6.712

0.565

غير دال

طغيان البعد الدعائي على الإعلامي

0.013

20.460

0.508

غير دال

ثبتت صحَّة الفرض الرابع بعدم وجود فروق في القواعد المهنية ترجع إلى الوسيلة أو نمط الملكية، وإن كانت الفروق موجودة إلى حدٍّ ما في البرنامج الإخباري "الحياة الآن" مقارنة ببرنامج "بانوراما النيل"، وفي كليهما مقارنة بموقع هيئة الاستعلامات؛ ربما بحكم المرونة في التعامل مع الأخبار في القطاع الخاص في الاختيارات اللغوية والاقتباسات والمعلومات، وكانت الفروق دالة إحصائيًّا في حين لم تظهر فروق بين الوسائل الثلاث أو بين نمطي الملكية في باقي الأبعاد.

فأغلب الأخبار والتقارير تتحدِّث عن عدوان وعنف وإرهاب جديد؛ بما في ذلك من صراع واهتمامات إنسانية، واختفت أخبار المواجهة والخطوات التي تمَّ اتخاذها لمواجهة الإرهاب، أو تأمين الحدود، أو التعامل الإيجابي - بمعناه الفاعل والمبادر- مع الموقف أو المسؤولية الاجتماعية للشعب، كما اختفت الدعوات الإصلاحية المطالبة بحلِّ مشكلة الإرهاب الفكري من جذورها من خلال إعلام وتعليم وتوعية مستنيرة؛ إذ ما زالت معالجة قضايا الإرهاب تتمُّ مع السطح فقط.

الخلاصة

  1. رغم أهمية قضايا الإرهاب فإن هذه القضايا لم تحظَ بالتغطية الإخبارية المهنية الضرورية؛ حيث تنطلق هذه التغطية من أطر محدودة، ومحدَّدة تركِّز على الصراع والاهتمامات الإنسانية؛ وهي أطر على الرغم من أهميتها؛ فإنها لا تنقل كافَّة الحقائق اللازمة لتكوين الآراء.
  2. لا يظهر أثر واضح للاختلاف بين الوسائل أو لنمط الملكية في التأثير في استراتيجية القائم بالاتصال في بناء الرسالة الإعلامية، فالاستراتيجية تنطلق من توجُّه محدود يعتمد على تقديم حدٍّ أدنى من المعلومات والمعارف، وترتكز على أهداف وأحداث بعينها، وعلى مظاهر المشكلة دون أسبابها وجذورها؛ وذلك لرغبة القائمين بالاتصال في تنظيم المحتوى بأسلوب يعتمد على شحن المتلقي عاطفيًّا؛ بدلاً من إمداده بالمعارف اللازمة لتكوين رأيه.
  3. لا يظهر أثر واضح للاختلاف بين الوسائل أو لنمط الملكية في التأثير على الطريقة التي يبني بها القائم بالاتصال استراتيجيته الإعلامية.
  4. هناك تجاوز للقواعد المهنية للتغطية الإخبارية بين كلِّ الوسائل موضع الدراسة؛ مما يعكس حالة محدودة من المهنية الإعلامية، ومن الصعب تكوين رأي عام نوعي واعٍ في ظلِّ تغطية إخبارية ناقصة ومبتورة ومؤطَّرة بأطر محدَّدة؛ وهو ما يفسر حالة الغموض والإرباك المعرفي لدى الجمهور.

لذلك يرى الباحث أن هناك:

  • ضرورة عاجلة لإعادة النظر في الخطاب الإعلامي المصري؛ سواء الحكومي أو الخاص بشأن قضايا الإرهاب؛ فالخطاب الحالي لا يُساعد ولا يدعم تكوين رأي عامٍّ موضوعي؛ لأنه يعتمد على معلومات منقوصة ومبتورة تُقَدَّم من خلال أطر محدَّدة.
  • الإعلام الرسمي بحاجة إلى استعادة الثقة شبه المفقودة بينه وبين الجمهور؛ فهو يعيش محنة حقيقية لا يكفي معها مجرَّد تطبيق القواعد المهنية؛ بل لابُدَّ من حملة تصحيح وإعادة بناء صورته الذهنية.
  • أهمية اضطلاع وسائل الإعلام المصرية بمسؤوليتها في توفير المعلومات للجمهور عن قضايا الإرهاب في خطاب متنوِّع ومختلف ومتكامل؛ لأن الخطاب الإقصائي لا يمكن أن يُحَقِّق الهدف منه.
  • حتى الآن ليس هناك دور أو اختلاف ملحوظ للإعلام الخاصِّ؛ فالمسؤولية الاجتماعية لهذا النمط من الإعلام في توفير إعلام حرٍّ متنوِّع ومختلف غائبة؛ وهو ما يمكن أن يُفقد الجمهور الثقة فيه.
  • لابُدَّ من إجراء دراسة مكبَّرة (ماكرو) على باقي وسائل الإعلام المصرية، ومن بينها الصحف بأنواعها، وباقي القنوات الخاصَّة من تيارات مختلفة لمعرفة الأطر التي تنطلق منها تلك الوسائل في تغطية قضايا الإرهاب، وهل ما يُقَدَّم خلالها من أطر يعكس أزمة بنيوية، أم أنه يرتبط بوسائل محدَّدة؟
  • من المهمِّ توفير التدريب الكافي والملائم واللازم للإعلاميين المصريين في تغطية قضايا الإرهاب؛ بما تتميز به من تركيب وتعقيد وحساسية بالغة؛ خاصَّة في مجال الصحافة الاستقصائية.
  • يجب أن يكون لنقابة الصحفيين دور واضح مع المجلس الأعلى للصحافة في رصد وتقييم وتقويم ما يتمُّ من ممارسات إعلامية تجنح للإثارة والأحادية والتحيز؛ وهو ما يحرم الجمهور من حقِّه في المعرفة، ويمنعه في الوقت نفسه من تكوين الرأي المستمدِّ من معلومات كاملة وغير مشوَّهة أو متحيِّزة.

_________________________________
د. أشرف جلال - أستاذ الإعلام بجامعة قطر

المصادر والمراجع
1. B.k. Ravi, “Media and social responsibility: A critical perspective with special reference to Television”, Academic Research International, (2012): Vol. 2, No 1.
2. Scott L. Althaus, Young Mie Kim, “Priming Effects In Complex Information Environments: Reassessing the Impact of News Discourse on Presidential Approval”, The Journal Of Politics, (2006): Vol.68, No.4, p 960.
3. Eddie Harmon-Jones and Cindy Harmon-Jones, “Cognitive Dissonance Theory After 50 Years of Development ZeitschriftfürSozialpsychologie, Texas A&M University, College Station, TX, USA, (2007): 38 (1), p 7–16
4. Stephen Reese, Oscar Gandy, and August Grant (eds.), “Framing Public Life: A bridging model for media research Perspectives on Media and Our Understanding of the Social World”, Mahwah NJ: Erlbaum, (1991): p 7-31.
5. http:www.cultstock.indirect.co.uk.MuHame/cshtm1/popups/gatekeep.html&nb…;
6. William A. Gamson, “Taking Politics”, New York, Cambridge University Press, (1992).
7. Heather E. Bullock, Karen Fraser Wyche and Wendy R. Williams, “Media Images of the poor”, Journal of Social Issues, (2001):57 (2), p 229-246.
8. Black J.Braynt, Thompon J.S, “Introduction to Media Communication”, New York, McGraw Companies Inc, 5th Eds (1998): p30.
9. Yehudith Auerbach, Yaeli Bloch-Elkon, “Media framing and foreign policy: The elite press visavis US policy in Bosnia, 1992-1995”, Journal of Peace Research, (2005): 42 (1), p 83-99.
10. Mark Miller, Bonnie P. Riechert, “Concept Mapping and Framing Analysis of News: Linking Traditional Conceptualization to New Quantitative Method” (Paper presented to the Inaugural Conference for the Centre of Mass Communication Research) University of South Carolina, Colombia, October 12 - 14, (1997): p3.
11. WestertahForgen, Folke Johnson, “Foreign News: New Values and Ideologies”, European Journal of Communication, (March 1994): Vol 9, p 71-89.
12. Stephen Reese, Oscar Gandy, and August Grant (eds.), “Prologue--Framing public life A bridging model for media research” ,Chapter in Framing Public Life Perspectives on Media and our Understanding of the Social World Mahwah, Lawrence Erlbaum, (2001): p 7-31
13. John Galtung, Ruge Marie, “The Structure of Foreign News, in Stanley Cohen and Jack Young eds, The Manufacture of New: Social Problems, Deviance and the mass media”, London: Constable, (1973): p 62-73.
14. Pamela Shoemaker, “Gatekeeping: Communication Concept 3”, Newbury Park, London, New Delhi, Sage Publications, (1991): p 3.
15. Semetko Valkenburg “Framing European politics: A content analysis of press and TV news”, Journal of Communication, (2000): 50 (2), p 93-110.
16. William Gamson, Andre Madigliami, “Media Discourse and Public Opinion and Nuclear Power: A Contraction Approach”, American Journal of Sociology, (July 1989): Vol 95, p 1- 37.
17. Laurent Ucker, Ernie Wiggin, “Making Connections: Framing as Discursive Strategy of Realer Response to Newspaper Coverage of Allusion Wedding”, (Paper presented to the Inaugural Conference for the Centre of Mass Communication Research), University of South Carolina, Colombia, 12 -14 October 1997: p 3.
18. 44% من المصريين يفضلون مشاهدة التليفزيون وقت الإفطار في رمضان.. و"رامز" يتصدر البرامج والمسلسلات"، بوابة الأهرام، 5 أغسطس/آب 2013.
http://gate.ahram.org.eg/News/379924.aspx
19. عن الهيئة العامة للاستعلامات، 12 أبريل/نيسان 2010.
http://www.sis.gov.eg/Ar/Default.aspx
20. Gerlad Kosicki, “Problem and Opportunities in Agenda Setting Research” Journal of Communication, (Spring 1993): Vol 43, No. 2, p. 3.
21. "الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب"، شبكة المعلومات القانونية لدول مجلس التعاون الخليجي، 25 مايو/أيار 1998.
www.gcc-sg.org/indexd2c3-2.html?action=Sec-Show&ID=351
22. “Media Entertainment & Arts Alliance - Journalists' Code of Ethics publishing”
http://www.alliance.org.au/documents/codeofethics.pdf

23. "ميثاق الشرف الصحفي في مصر المبادرة العربية لأنترنت حر"، تاريخ النشر غير محدد.
http://old.openarab.net/ar/node/248

نبذة عن الكاتب