تستقصي الدراسة تجارب الهيئات التنظيمية للإعلام السمعي البصري بالمجال العربي ودورها في دَمَقْرَطَةِ منظومة الإعلام والنهوض بالخدمة العمومية، وتبحث في مدى قدرة هذه التجارب على ترسيخ قيم التعددية والتنوُّع والاستقلالية التحريرية، وحرية التعبير والإعلام، فضلًا عن دراسة السياقات العامة لتأسيسها وآليات اختيار أعضائها وطرق وأساليب اشتغالها وعلاقتها بالأنظمة الحاكمة والفاعلين السياسيين ودورها في المجال العام، والأُطُر القانونية والضوابط السياسية لتنظيم الإعلام السمعي البصري.
وتهدف الورقة إلى فَحْص المؤسسات التنظيمية للإعلام السمعي البصري في 11 بلدًا عربيًّا (الجزائر، والبحرين، ومصر، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وموريتانيا، والمغرب، وتونس، والسعودية) باعتبارها أطلقت مبادرات لإصلاح منظومات الإعلام السمعي البصري. وتتبنَّى الدراسة منهجية بحث نوعي تعتمد على مصادر أولية تشمل وثائق قانونية كالدساتير وقوانين الإعلام، وأيضًا مقابلات مع إعلاميين ومديرين وموظفي هيئات تنظيمية عربية، ثم هناك المصادر الثانوية التي تشمل تقارير منظمات دولية تهتم بحريات الإعلام والصحافة. كما تنطلق الدراسة من مقاربة نظرية في دراسة الإنتاج والمضامين الإعلاميَّيْن، تهتم بالقوى الاقتصادية والسياسية الـمُؤَثِّرَة في صناعة الإعلام.
وتخلص الدراسة إلى أن هياكل المؤسسات التنظيمية للإعلام السمعي البصري تنبني على تضارب المصالح ولا تخلو من تناقضات عديدة؛ إذ إن تركيبتها تتراوح بين السيطرة الجزئية والسيطرة المطلقة للحكومة، كما أن الإعلام السمعي البصري العربي، الذي يجب أن يقوم بمراقبة العمل الحكومي، يخضع إلى وصاية هيئات تسيطر فيها الحكومات على دواليب اتخاذ القرار. ويرى الباحث أن الهيئات التنظيمية وإِنْ كانت تفتح الباب أمام التعددية والتنوع في البث، فإنها تُخوِّل الحكومات صلاحيات التدخُّل في السياسة التحريرية وقمع حرية التعبير، بل "إن كل ما حصل هو تحويل نظام البث الإذاعي والتليفزيوني من نظام حكومي صرف إلى نظام مُتَحَكَّم فيه"، وإن "الثقافة اللاديمقراطية" داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُحَدِّد وتحسم نوعية وجودة الأداء الإعلاميين.
مقدمة
يعتبر الإعلام السمعي البصري المصدر الأساسي الذي يعتمد عليه المواطنون في المجتمعات العربية للوصول إلى المعلومة ولاستهلاك البرامج الترفيهية، ويتميز عن باقي الوسائط المكتوبة أو الرقمية بقدرته على تجاوز عراقيل ومشاكل تواجه هذه المجتمعات، مثل: الأمية وضعف مهارات استعمال الحاسوب والأجهزة الرقمية الأخرى. لذلك ظل هذا القطاع خلال عقود يخضع لمراقبة الحكومات العربية؛ التي تقوم بفرض سياسات الإعلام والتدخل في السياسية التحريرية للمؤسسات الإعلامية. وليست هذه الرقابة الحكومية سوى انعكاس لطبيعة الأنظمة السياسية السلطوية في المجال العربي. لكن ومند أواسط التسعينات، قامت بعض الدول العربية بإحداث هيئات تنظيمية من أجل وضع إطار قانوني لتحرير القطاع السمعي البصري والإشراف على قطاع الخدمة العمومية.
وقد دفع الربيع العربي أيضًا عددًا من الدول العربية إلى القيام بإصلاح قوانين الإعلام، وخاصة القطاع الإذاعي والتليفزيوني(1)، وكان تأسيس الهيئات التنظيمية الحديثة يهدف إلى تحرير القطاع السمعي البصري وضمان الخدمة العمومية وتشجيع وتطوير الإنتاج السمعي البصري الوطني والرقي بالثقافة الوطنية والقيم الأخلاقية. وتقوم هذه الهيئات بإصدار قوانين وإنشاء مؤسسات غير حكومية من أجل إدارة محطات الإذاعة والتليفزيون التي كانت تملكها وتتحكَّم فيها الدولة من قبل، وإصدار رخص البثِّ للخواص، ومراقبة مراعاة محطات الإذاعة والتليفزيون لشروط الترخيص (دفاتر التحملات).
ولتقييم أداء هذه المؤسسات التنظيمية، تتناول الورقة السياق العام لتأسيسها وتنظر في تنظيمها الداخلي ودورها في دَمَقْرَطَةِ منظومة الإعلام والنهوض بالخدمة العمومية، وتستقصي مدى قدرة هذه المبادرات على ترسيخ قيم التعددية والتنوُّع والاستقلالية التحريرية، وحرية التعبير والإعلام والخدمة العمومية. وتهدف الدراسة أيضًا إلى فحص دقيق لهيئات تنظيمية في 11 بلدًا عربيًّا (الجزائر، والبحرين، ومصر، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وموريتانيا، والمغرب، وتونس، والسعودية) باعتبارها أطلقت مبادرات لإصلاح منظومات الإعلام السمعي البصري. وتتبنى الدراسة منهجية بحث نوعي تعتمد على مصادر أولية وأخرى ثانوية. فالمصادر الأولية تشمل وثائق قانونية كالدساتير وقوانين الإعلام، وأيضًا مقابلات مع إعلاميين ومدراء وموظفي هيئات تنظيمية عربية. أما المصادر الثانوية، فتشمل تقارير منظمات دولية تهتم بحريات الإعلام والصحافة. كما تنطلق الدراسة من مقاربة نظرية في دراسة الإنتاج والمضامين الإعلاميَّيْن، والتي تهتم بالقوى الاقتصادية والسياسية التي تُؤَثِّر في صناعة الإعلام. هذه النظرية التي تُوصَف بـ"نظرية الاقتصاد السياسي" تُرَكِّز على القيود السياسية والاقتصادية التي تحدد مدى جودة المحتوى والمضامين الإعلاميين، وتُعْنَى بترسيخ ثقافة ديمقراطية داخل المجتمعات.
المناخ السياسي والإعلام السمعي البصري في المجال العربي
هناك العديد من نقاط التشابه في تاريخ الإعلام السمعي البصري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فالبث الإذاعي والتليفزيوني أولًا جاء به المستعمر، وكان يُوظِّفه كوسيلة من وسائل الهيمنة الاستعمارية، لكن بعد الاستقلال قامت الدول الاستعمارية (بخاصة الفرنسيون والبريطانيون) بتسليم محطات الإذاعة والتليفزيون للحكومات الجديدة عوض تسليمها للخواص، وذلك بسبب تجربتهم مع الإعلام الحكومي في الوطن الأم(2). وقد وَثَّق أمارتيا سين (Amartya Sen) ومؤرخون آخرون ممارسة البريطانيين لرقابة صارمة في مستوطناتهم باعتبارها وسيلة للتَّحكُّم في الجماهير المحلية وإخضاعها لهيمنتهم(3). وكان البريطانيون في بعض الحالات يُصرُّون عند جلائهم على المساهمة في إعداد دساتير وقوانين إعلامية قمعية في الدول المستقلة الجديدة، وكان الحكُّام الجدد الذين جاؤوا للسلطة عبر آلية غير ديمقراطية يجدون هذه القوانين مُغْرِية؛ لأنها تخدم مصالحهم السلطوية.
وكانت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا -كغيرها من دول ما بعد الاستعمار- ترى أن وظيفة الإعلام تتمثَّل في خدمة بناء الوطن(4). وحتى في الدول الغربية الديمقراطية، فإن عملية بناء الوطن كانت أيضًا مبررًا لتدخل الحكومات في تدبير شؤون الإعلام السمعي البصري وكذلك إنشاء الخدمة العمومية. لكن الدول المستقلة الجديدة في المنطقة اعتبرت المبادئ المعيارية، مثل: حرية الصحافة والمسؤولية الاجتماعية والإعلام في خدمة المصلحة العمومية، مسائل ثانوية. ولأن السياقات السياسية والتاريخية للدول المستقلة الجديدة خلال فترة الحرب الباردة كانت تتميز بوجود حركات أيديولوجية تتنافس حول السلطة السياسية والمساندة الشعبية، فإن هذه الحكومات ارتأت ضرورة التَّحكُّم في الإعلام من أجل التَّحكُّم في السلطة والحفاظ على النظام العام والاستقرار(5). أما الدول الغربية فقد انصبَّ اهتمامها بسبب الحرب الباردة على التحالفات الشرقية/الغربية ولم تكن تهتم بمحاسبة هذه الحكومات العربية على التزاماتها في الحفاظ على الحريات الإعلامية وحقوق الإنسان(6).
وتجدر الإشارة هنا إلى جهود منظمات دولية، مثل اليونسكو، ومبادرات حكومية كالقمة الفرنسية-الإفريقية بمدينة لابول في يونيو/حزيران 1990، التي دعت إلى الالتزام بالنظام الإعلامي العالمي الجديد ودَمَقْرَطَة الأنظمة السياسية وتخليق المجال العام والالتزام بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وحرية التعبير(7).
وبالرغم من هذه الجهود والمبادرات فقد ظلت المنظومة الإعلامية السائدة في العالم العربي هي المنظومة الإعلامية الحكومية. وكانت الحكومات العربية تُفَسِّر سيطرتها على الأنظمة الإعلامية بدورها المهم في تحديث الاقتصاد وخدمة التربية والتعليم والتغيير الاجتماعي(8). وكان يُعْتَقَد أن الإعلام الخاص لن يخدم المصالح العليا للدولة؛ لأنه سيسعى وراء تحقيق الربح المالي عوض خدمة المصالح التربوية والمعلوماتية للمواطنين(9).
السياق العام لإنشاء هيئات تنظيمية
ليس يسيرًا التعرف على أسباب إنشاء هذه المؤسسات في المجال العربي؛ لأنها أُنْشِئَت عبر فترات مختلفة وفي ظروف متباينة. ففي أوروبا، مثلًا، فإن عملية تحرير قطاع السمعي البصري، التي بدأت في الثمانينات من القرن العشرين تحت رعاية الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات (GATT)، جاءت نتيجة تحرير الأنظمة التجارية العالمية وتَقَدُّم تكنولوجيات الاتصال الجديدة(10). وبينما كانت الولايات المتحدة تتَّجه نحو المزيد من تحرير القطاع السمعي البصري، فإن الدول الأوروبية ظلت مُتَحَفِّظَة تجاه تحرير هذا القطاع، وكانت تخشى هيمنةَ شركات الإنتاج الأميركية في أسواقها الإعلامية وتهديدَها لصناعات القطاع السمعي البصري وأنظمة الخدمة العمومية في أوروبا(11).
أما في العالم العربي، فقد أُنْشِئ في لبنان "المجلس الوطني للإعلام المرئي المسموع" عام 1994، وفي المغرب "الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري"، والأردن "هيئة الإعلام المرئي والمسموع" عام 2002، وفي العراق "هيئة الإعلام والاتصالات" عام 2004(12)، وفي موريتانيا "السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية" عام 2006، ثم السعودية "الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع" عام 2012، وفي تونس "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري"، والبحرين "الهيئة العليا للإعلام والاتصال" عام 2013، والكويت "هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات" عام 2015، ثم الجزائر "هيئة ضبط السمعي البصري" عام 2016. أمَّا مصر فهي بصدد تأسيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. وكان الهدف من إصدار قانون الإعلام السمعي البصري في لبنان عام 1994 هو إعادة تنظيم هذا القطاع نتيجة تزايد محطات الإذاعة والتليفزيون بعد الحرب الأهلية(13). أما بالنسبة للمغرب والأردن، فإن الإصلاحات الإعلامية كانت جزءًا من وعود الإصلاحات السياسية التي وعد بها عاهلا البلدين بعد استلامهما السلطة عام 1999. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المطالبة بالإصلاحات في المغرب جاءت في ظل حكومة "التناوب التوافقي" برئاسة عبد الرحمن اليوسفي عام 1997، وتجسَّدت في إصلاح قانون الصحافة وإحداث "الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري" بعد ثلات سنوات على وصول الملك محمد السادس إلى الحكم.
وفيما يخص باقي دول العالم العربي، فيمكن أن نذكر عاملين أساسيين أسهما في تحرير القطاع السمعي البصري:
أولًا: تزايد القنوات الفضائية الإخبارية العربية أواسط التسعينات من القرن العشرين، والتي غيَّرت صورة البث في المنطقة العربية(14)؛ إذ كانت تخضع حينها لسيطرة ورقابة الحكومة. وكانت هذه القنوات، خصوصًا قناة الجزيرة التي "غَزَت" البيوت العربية، تتمتع بحرية واستقلالية في نقل الخبر لم يسبق لها مثيل في المنطقة؛ حيث كانت بعض البرامج تَبُثُّ بشكل منتظم آراءَ متضاربةً، وتقوم بتجاوز الطابوهات (المحرمات) الاجتماعية، وتفسح المجال للفئات السياسية المتعارضة في المنطقة. كل هذا أدى إلى منافسة بين القنوات الفضائية الإخبارية والإعلام الحكومي، ومن ثم لجأت الحكومات العربية إلى إحداث أجهزة تنظيمية من أجل إرساء إطار قانوني لتحرير هذا القطاع والسماح بتأسيس محطات إذاعية وتليفزيونية جديدة خاصة.
ثانيًا: إن معظم الهيئات التنظيمية تم إحداثها بعد ثورات الربيع العربي، وكان هذا التأسيس استجابة لمطالبة الشارع العربي بالمزيد من الشفافية في التدبير والجودة في المضامين الإعلامية؛ ففي غضون احتجاجات الربيع العربي كانت اللافتات والشعارات تدين الحالة السيئة التي يعاني منها الإعلام السمعي البصري الرسمي؛ ففي تونس مثلًا، وبعد الثورة بأشهر قليلة، أعلن المرسوم الوزاري عدد 116 بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 عن تأسيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري(15) لتشجيع التنوُّع والتعددية خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي.
وسواء كانت هذه الهيئات وليدة الظروف السياسية الداخلية، أو تناسل المحطات الفضائية التليفزيونية، أو ثورات الربيع العربي، فإن تحرير قطاع السمعي البصري في العالم العربي جاء نتيجة عوامل سياسية، أي كردِّ فعل على أزمات سياسية وليس محاولة لتحرير القطاع. وفي الحالة الجزائرية، فـإن تأسيس هيئة ضبط السمعي البصري جاء في خضم الجدل حول المحطة التليفزيونية "الأخبار" وفي سياق الإدانات الموجهة للدولة بسبب سياسة قمع حرية الإعلام(16).
اعتبارات نظرية
هناك مقاربة سائدة في دراسات الإنتاج والمضامين الإعلاميين تهتم بالقوى الاقتصادية والسياسية التي تُؤَثِّر في صناعة الإعلام، مثل: أدورنو وهوركهيمر (Adorno and Horkheimer، 1972) ، وهرمان وتشومسكي (Herman and Chomsky، 1988)، وشيلر (Schiller، 1976 و2000)، وألتشول (Altschull ، 1995)، وويليامز (Williams ، 1974)، وكوران (Curran، 2002)(17). وتهدف هذه المقاربة، التي توصف بنظرية الاقتصاد السياسي، إلى ترسيخ الثقافة الديمقراطية داخل المجتمعات. وتشير الدراسات إلى أن القيود السياسية والاقتصادية معًا تُحَدِّد جودة المحتوى والمضامين الإعلاميين. وتتجلَّى القيود السياسية بصفة عامة في نزعة الحكومة إلى فرض قيود قانونية على حرية التعبير والمضامين الإعلامية. أما القيود الاقتصادية فتُرَكِّز على مدى تأثير مسألة ملكية وسائل الإعلام والسعي وراء تحقيق الأرباح في المضمون الإعلامي. فعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك قوانين تمنع الصحفي من تناول بعض المواضيع وكانت المؤسسة الإعلامية ملكًا لرجل أعمال موالٍ للسلطة ويتوخَّى الربح من المؤسسة فإن المضامين الإعلامية الصحفية سوف تعكس هذه الظروف والإكراهات.
وبخلاف الإعلام المكتوب، فإن القطاع الإذاعي والتليفزيوني يمنح الحكومة صلاحيات واسعة للإشراف على أنشطته ووظائفه، لذلك فإن تدخل الدولة في المجال السمعي البصري لا يعني بالأساس سيطرتها السياسية. والشاهد على ذلك هو تاريخ القطاع الإذاعي والتليفزيوني في أوروبا. فمنذ البداية كانت الدول الأوروبية بحاجة إلى إدارة وتسيير الموجات الراديوية، لاسيما أن ذلك كان يُمثِّل مشكلة في أوائل القرن العشرين عندما كانت الموجات الراديوية موردًا عموميًّا نادرًا. ولهذا كانت عملية الحصول على ترخيص البث الإذاعي والتليفزيوني تستوجب شروطًا صارمة لتوفير خدمة عمومية حقيقية(18). وتشمل هذه الخدمة برامج إخبارية وحوارية، وتنظيم الإعلانات الإشهارية...إلخ. إذًا، كان إشراف الدولة على تنظيم الإعلام السمعي البصري شيئًا ضروريًا، لكنه لم يتحوَّل إلى سيطرة على المضامين أو الحدِّ من حرية الصحافة. وكيفما كانت المراقبة الحكومية، فالمسألة ليست في ممارسة الدولة سلطتها على البث الإذاعي والتليفزيوني، ولكن في حجم وأشكال هذه السلطة. ففي الديمقراطيات الناضجة، تمارس الدولة السلطة في أمور الترخيص وصنع السياسات وإصدار القوانين وتعيين المديرين التنفيذيين (للمحطات/الشركات/الهيئات التنظيمية)، بيد أنها لا تمارس هذه السلطة على المضمون الإعلامي والسياسة التحريرية للمؤسسات السمعية البصرية. فاستقلالية السياسة التحريرية مرتكز أساسي في إعلام الدول الديمقراطية مع استثناءات واسعة فيما يتعلق بالأمن القومي والقذف والمضمون "غير الأخلاقي" كالعنف والعري، أو كل مضمون يتعارض مع القانون، مثل: التمييز العنصري وخطاب الكراهية. ونلاحظ مما تقدم أن مسؤولية السلطة تجاه البث الإذاعي والتليفزيوني تشمل الترخيص ووضع السياسات، ولا تتعداها إلى اتخاذ قرارات تتعلق بالسياسة التحريرية للمؤسسات الإعلامية وحرية الصحافة.
وبما أن تدخل الدولة في المجال السمعي البصري شيء متداول حتى في الدول الديمقراطية، فإن دراسة موضوع الهيئات التنظيمية العربية لهذا المجال يجب أن تتناول حجم استقلالية هذه المؤسسات ومدى استعمال الدولة لها في التدخل أو توجيه المضمون الإعلامي والسياسة التحريرية للإعلام السمعي البصري وذلك من خلال فحص البنيات الداخلية التنظيمية للهيئات والقوانين والتنظيمات وهامش الحرية التي تخولها هذه القوانين.
استقلالية هيئات السمعي البصري
باستثناء الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري في تونس، تكشف البنيات الداخلية التنظيمية لهيئات الاتصال السمعي البصري في العالم العربي عن افتقارها للاستقلالية عن الحكومة، ويتضح أن الهيئة التونسية أكثر المؤسسات مصداقية من حيث تركيبة أعضاء مجلسها الأعلى وعملية ترشيحهم. ويتكون المجلس الأعلى للهيئة من تسعة أعضاء(19)، يتم تعيين رئيس المجلس من قِبَل رئيس الجمهورية وذلك بعد استشارة أعضاء المجلس، وهو العضو الوحيد الذي يُعَيِّنُه رئيس الدولة. أما باقي أعضاء المجلس فيتم تعيينهم على النحو الآتي: قاضيان اثنان ويشغل واحد منهما منصب نائب الرئيس، اثنان يتم تعيينهما من قِبَل رئيس البرلمان، اثنان من جمعيات الصحفيين المهنيين، عضو واحد (غير صحفي) ينتمي إلى مؤسسات الاتصال السمعي البصري، عضو واحد يمثل جمعيات إعلامية مهنية. ويُشترط في أعضاء المجلس عدم العمل من قبلُ في مناصب حكومية أو برلمانية أو الانتماء إلى الأحزاب السياسية خلال السنتين الأخيرتين، كما يُشترط فيهم عدم توفرهم على مصلحة مالية مباشرة أو غير مباشرة في المؤسسات الإعلامية. وباستثناء رئيس المجلس فإن جميع أعضاء المجلس ينتمون إلى مؤسسات إعلامية وقضائية وتشريعية. أما الحكومة، باعتبارها سلطة تنفيذية، فحضورها في المجلس يظل ثانويًّا وبالتالي لا يُؤَثِّر على مستوى اتخاذ القرار. ولأن هذه المبادرات حديثة العهد، فإن النتائج المتوخاة لا تزال تحتاج إلى بعض الوقت من أجل تقييم شامل ومعمق.
أما في باقي دول المجال العربي، فإن تركيبة المجالس العليا تتراوح بين السيطرة الجزئية والسيطرة المطلقة للحكومة؛ ففي المغرب، مثلًا، يتكوَّن المجلس الأعلى لهيئة الاتصال السمعي البصري من تسعة أعضاء كالآتي: خمسة أعضاء يُعَيِّنُهُم الملك بما في ذلك رئيس المجلس، اثنين يتم تعيينهما من قِبَل الوزير الأول، اثنين يُعَيِّنُهُما رئيسا غرفتي البرلمان. إذن، السلطة التنفيذية مُمَثَّلَةً في الملك ورئيس الحكومة تُعَيِّن 7 من أصل 9 أعضاء يُشكِّلون الهيئة، بل إن مرسوم إنشاء الهيئة يجعلها مُلْحَقَةً بالمؤسسة الملكية؛ إذ إن الهيئة "مؤسسة خاصة توضع بجانب جلالتنا الشريفة وفي ظل رعايتنا السامية"(20).
وفي لبنان، تم تأسيس المجلس الوطني للإعلام السمعي البصري بموجب قانون البث الإذاعي والتليفزيوني لسنة 1994(21). وتنص المادتان 17 و18 من هذا القانون على أن يتكوَّن المجلس من عشرة أعضاء، خمسة منهم يُعَيِّنُهُم مجلس الوزراء والباقين من قِبَل البرلمان طبقًا لإجراءات التعيين المتبعة في اختيار المجلس الدستوري اللبناني؛ حيث تتم مراعاة الحساسية الطائفية. وللمجلس دور استشاري فقط وتُتخذ جميع القرارات كالترخيص على مستوى مجلس الوزراء.
أمَّا في موريتانيا فيتكوَّن المجلس الأعلى للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية من ستة أعضاء، بينهم امرأة واحدة على الأقل. ويعيِّن رئيس الجمهورية ثلاثة أعضاء بمن في ذلك رئيس المجلس، وعضوان يُعَيِّنُهُما رئيس الجمعية الوطنية، وعضو واحد يُعَيِّنُه رئيس مجلس الشيوخ(22). وفي الجزائر يُعَيِّن رئيس الجمهورية خمسة أعضاء بمن في ذلك رئيس المجلس، واثنين يُعَيِّنُهُما مــجلس الأمة، واثنين من قِبَل رئيس المــجلس الشعبـي الـوطنـي(23). وفي الكويت يُعَيِّن المجلس الوزاري للحكومة خمسة أعضاء كل أربع سنوات، ويُعَيِّن وزير الاتصال أربعة أعضاء من اتحاد الصحفيين المهنيين كل سنتين(24). أما في السعودية، فيتولَّى وزير الثقافة والإعلام منصب رئيس مجلس الإدارة المتكوِّن من خمسة أعضاء، يُمَثِّلُون خمس وكالات حكومية، وخبيرين في مجال الإعلام(25).
ويعتبر الأردن نموذجًا آخر في سيطرة الدولة المطلقة على الهيئات التنظيمية للإعلام السمعي البصري؛ حيث يقوم الوزير الأول والمجلس الوزاري بترشيح وتعيين مدير هيئة الإعلام(26). ويتولَّى هذا الأخير منصب المدير العام التنفيذي للهيئة ويتمتع بالعديد من الصلاحيات -(المادة 6 (د) والمادة 8 (ب) من القانون المؤقت رقم 71 لسنة 2002- التي تتضمن منح الترخيص وإغلاق محطات البث الإذاعي والتليفزيوني واتخاذ القرارات بشأن العقوبات وحذف بعض المضامين الإعلامية...إلخ. ويمارس المدير مهامه تحت مراقبة الوزير الأول.
إن السلطة القانونية لهذه الهيئات التنظيمية تكمن في استقلاليتها عن السيطرة السياسية للحكومة؛ حيث تمثِّل المجالس هيئات عليا داخل هذه المؤسسات التي تتخذ القرارات النهائية بشأن الترخيص أو أي إجراء قانوني. لكن الملاحظ أن إجراءات ترشيح أعضاء المجالس العليا ومعايير تعيينهم تحمل في طياتها تضارب المصالح وتناقضات عدَّة؛ إذ يخضع الإعلام السمعي البصري العربي، الذي يجب أن يقوم بمراقبة العمل الحكومي، إلى وصاية هيئات تسيطر فيها الحكومات على دواليب اتخاذ القرار. فباستثناء تونس، تسيطر الحكومات العربية على جميع السلطات داخل الأجهزة العليا لاتخاذ القرار في الهيئات التنظيمية للإعلام السمعي البصري.
قوانين الاتصال السمعي البصري في خدمة السلطة
إن سيطرة الدولة على آلية تعيين الهيئات التنظيمية ليست ممارسة جديدة في معظم ديمقراطيات العالم؛ ففي الولايات المتحدة الأميركية، يُعَيِّن الرئيس الأميركي بمصادقة مجلس الشيوخ خمسة أعضاء في لجنة الاتصال الفيدرالية (The Federal Communications Commission (FCC). ولكن في الديمقراطيات الناضجة توجد أنظمة الضوابط والتوازنات بحيث لا تتركَّز السلطة السياسية في أيدي أي جهاز من أجهزة الدولة، بينما ليس هذا هو واقع الحال في معظم البلدان العربية. وكما ذكرت آنفًا، فصلاحيات السلطة التنظيمية في المجال العربي لا تقتصر فقط على الترخيص وصنع السياسات، بل تمتد إلى التدخل في المضمون وحريات الصحافة. إذًا، فما دامت هناك قوانين إعلامية سلطوية، فلن تتمكَّن المؤسسات الإعلامية من القيام بمهامها ووظائفها في إعلام المواطنين وتنوير الرأي العام. وبعبارة أدق، فإن فهم وظيفة هذه الهيئات التنظيمية من خلال دورها في دَمَقْرَطَة الإعلام والنهوض بالخدمة العمومية يتطلَّب النظر إلى مدى سيطرتها على المضامين الإعلامية. فعندما تتمتع الهيئات التنظيمية التي تسيطر عليها الدولة بسلطة التدخُّل في المحتوى الإعلامي، فسينتهي بها الأمر إلى خدمة المصالح السياسية للدولة وليس مصالح المواطنين.
وتفرض المعايير الدولية المتعلقة بتقنين المحتوى الإعلامي قيودًا على المضمون، وذلك مع مراعاة التوافق بين حماية النظام العام وضمانات حرية الصحافة. وتتعلق هذه القيود بمسائل الأمن القومي والنظام العام واستخدام الأطفال في إنتاج المواد الإباحية وحماية الأخلاق والآداب العامة والقذف وحقوق الملكية(27). وبالنظر إلى قوانين الإعلام في العالم العربي، يتضح أن أحكام الحرية الإعلامية تقع خارج فضاء المعايير الدولية؛ إذ تشير "أفضل الممارسات" المتفق عليها عامة في تنظيم الإعلام والمعايير الدولية إلى وجوب وضع قوانين خاصة ومحددة لحماية الأمن القومي والنظام العام تمنع الحكومة من استعمال سلطها لكبح حرية التعبير وحرية الإعلام"(28). وعليه، إذا لم تتوفر دلائل قاطعة وصريحة حول تهديد أمن الدولة مثلًا، فالقانون يضمن للصحفي الحق في أداء وظيفته بحرية دون التهديد بالغرامات أو السجن. ويتضح من خلال هذه الدراسة أن القوانين التي تُنَظِّم الإعلام في العالم العربي لا تراعي التوافق بين حماية النظام العام وضمانات حرية الصحافة.
إن دساتير جميع الدول العربية -باستثناء السعودية- تتضمن أحكامًا تضمن حرية التعبير بالإضافة إلى مقتضيات تَحُدُّ منها. كما تعتمد هذه الدول ترسانة قانونية تتمثَّل في قوانين الصحافة والاتصال السمعي البصري والقوانين الجنائية وقوانين مكافحة الإرهاب، لكنها لا تراعي الضمانات الدستورية لحرية التعبير ولم يتم بعد تعديلها لتنسجم مع الضمانات الدستورية. فالمادة 25 من الدستور المغربي لسنة 2011 تضمن لجميع المواطنين حرية الرأي والتعبير بكل أشكالها(29). لكن خلال الفترة ما قبل دستور 2011، كانت السلطة قد تبنَّت عدة قوانين تَحُدُّ من حرية التعبير من بينها قانون الصحافة لسنة 2002 وقانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003 وقانون الاتصال السمعي البصري لسنة 2005. وتنص هذه القوانين على عقوبات قانونية ضد أي انتقادات موجهة ضد القضايا "المقدسة" كالنظام الملكي والإسلام والوحدة الترابية. وتنص المادة 9 من قانون الاتصال السمعي البصري لسنة 2005 على أن البرامج الإذاعية والتليفزيونية لا يجب أن تطعن في القضايا المقدسة للمملكة(30). فهذا القانون لا ينص على عقوبات حبسية في حالة حدوث مخالفة، لكن القانون الجنائي ينص على ذلك.
وفي الأردن، فإن قانون المطبوعات والنشر لسنة 2012 يمنع نشر كل "ما يتعارض مع مبادئ الحرية والواجب الوطني وحقوق الإنسان والقيم العربية والإسلامية" وأيِّ مضمون يمس بالتعاليم الدينية ويسيء إلى الرسل ويحرِّض على الفوضى العِرقية والطائفية أو يقذف الأشخاص 31). فبينما أنهى القانون رقم 71 لسنة 2002 (المعدَّل سنة 2015) -والمتعلق بالإعلام السمعي البصري- رسميًّا احتكار الدولة لقطاع البث الإذاعي والتليفزيوني وأنشأ إطارًا قانونيًّا لتحرير القطاع، فإن القانون يتضمن مواد تفرض قيودًا مماثلة وغرامات ثقيلة. ويلزم هذا القانون الحاصلين على رخص البث الإذاعي والتليفزيوني بالامتناع عن بثِّ كل ما يحرِّض على الانحياز الطائفي أو العِرقي ويضعف الوحدة الوطنية ويحرض على الإرهاب والتمييز العنصري والطائفي أو يحط من علاقات المملكة بدول أخرى (المادة 20 (ن))(32). فقانون المطبوعات والنشر وقانون الاتصال السمعي البصري معًا لا يشملان العقوبات الحبسية؛ لأن ذلك منصوص عليه في القانون الجنائي. وتُعتبر دولة الكويت نموذجًا مماثلًا؛ فالمادتان 36 و37 من الدستور تحميان حريات التعبير وحرية الصحافة(33)، لكن قانون المطبوعات والنشر لسنة 2006 يمنع كل ما يسيء للإسلام أو انتقاد مُوَجَّه ضد الأمير(34). وبينما ينص قانون المطبوعات على عقوبة السجن سنة واحدة من أجل هذه المخالفات، فإن المادة 25 من القانون الجنائي تنص على عقوبة السجن مدة خمسة أعوام إذا تعلق الأمر بانتقاد الأمير(35).
وبالإضافة إلى الطبيعة القمعية لقوانين الصحافة، فاللغة التي تستعمل لكتابة القوانين تتميز بعدم الدقة والوضوح وتسمح بخلق مجال واسع للتأويلات؛ إذ يمكن مثلًا إعطاء كلمتي "المس" و"التحريض" تفسيرات شتى. ويبقى من الصعب تفسير المادة 9 من قانون الاتصال السمعي البصري المغربي التي تنص على أن مضمون البث الإذاعي والتليفزيوني يجب أن لا "يسيء" إلى أو "يقذف" مقدَّسات الدولة (الملكية والوحدة الترابية والإسلام). فليس من اليسير تحديد إذا ما كانت عبارةٌ ما تحمل معنى "إيذاء" أو إذا ما كانت "مُهينة" بشكل موضوعي. كما توجد مفاهيم أخرى في العديد من الوثائق القانونية، مثل: مفهوم "الحرية المسؤولة " الذي يُتوخى منه إدراج كلمة الحرية في القانون والحد من تأثيره في آن واحد. ويفتح هذا المفهوم الباب أمام العديد من التأويلات حول ماهية المسؤولية ويخول الدولة السلطة الأخلاقية لقمع حرية التعبير.
وتكمن قدرة الهيئات التنظيمية لِدَمَقْرَطَة القطاع السمعي البصري في حمايتها لحرية التعبير والصحافة والنهوض بالتنوع والتعددية. ولكي تعمل الديمقراطية بشكل صحيح؛ فالمواطنون بحاجة إلى معرفة كيف تُدَبِّر الحكومات شؤونهم وكيف يتم إنفاق عائدات الضرائب وكيف تتم الصفقات العمومية...إلخ، والإعلام هو الوسيلة الوحيدة والأساسية لإيصال المعلومة الصحيحة إلى المواطنين وتمكينهم من توظيف هذه المعلومات للمشاركة في المجال العام؛ حيث يتواصل المواطنون فيما بينهم ويُخلَق الرأي العام(36). والحكومات المنتخبة في الدول الديمقراطية تعلم جيدًا أن آراء المواطنين مهمة وعليها أن تستجيب لها إذا كانت تطمح للترشيح مرة أخرى. كما أن المواطنين بدورهم يستعملون هذه المعرفة لتقييم أداء عمل الحكومة واتخاذ القرار المناسب في الاستحقاقات الانتخابية. وقد أظهرت هذه الدراسة أن الهيئات التنظيمية في العالم العربي تخدم المصالح السياسية للحكومات وليس المصالح العامة؛ باعتبارها تسيطر على مراكز اتخاذ القرار في هذه الهيئات وتستعمل ترسانة قانونية لكبح حرية التعبير والتدخل في المضامين الإعلامية.
الهيئات التنظيمية والأنظمة السياسية العربية
تُبيِّن الدراسة أن الإصلاحات الإعلامية -باستثناء التجربة التونسية كما ذكرت آنفًا- تتخلَّلها تناقضات ومغالطات عميقة؛ فمن جهة تسعى هذه الإصلاحات إلى تخليص قطاع البث الإذاعي والتليفزيوني من السيطرة السياسية عبر تحويل أنظمة البث الحكومية إلى قطاعات عمومية مع فتح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في الإعلام السمعي البصري، لكنها تحافظ من جهة أخرى على البيئة القانونية التي تَحُدُّ من تأثير هذه الإصلاحات مخافة أن تؤدي إلى زعزعة الوضع الراهن. وتُعَدُّ هذه التناقضات العميقة إفرازًا لطبيعة الأنظمة السياسية العربية التي تعتبر أنظمة "سلطوية متنافسة" وليست ديمقراطيات انتقالية كما يزعم معظمها. وقام ليفتسكي وواي (Levitsky and Way) بإدراج هذا المفهوم في الدراسة المقارنة للأنظمة السلطوية؛ حيث طعنا في "الانحياز الديمقراطي" الموجود في الكثير مما كُتب عن أنظمة ما بعد الحرب الباردة(37). فحينما ندرس الأنظمة السياسية من زاوية ديمقراطية، فإن هذه الأنظمة، وخصوصًا الهجينة منها، تبدو إما "ناقصة" أو "غير مكتملة" أو "ديمقراطيات انتقالية". وهناك العديد من العبارات المتداولة لوصف هذه الديمقراطيات الانتقالية، من بينها: "الديمقراطية الناشئة" و"الديمقراطية المستمرة" و"الديمقراطية المستقبلية" و"الديمقراطية النامية". ويرى ليفتسكي وواي أن هذه الصفات تَضْلِيلِيَّة، لذلك وانسجامًا مع آراء خبراء، مثل: جيلرمو وأودونيل (Guillermo O’Donnell) وتوماس كاروتيرز (Thomas Carothers) ، فهما يقترحان الكفَّ عن اعتبار هذه الأنظمة انتقالية ونعتها في المقابل بما هي عليه، وهو مفهوم أنظمة غير ديمقراطية واضحة المعالم(38).
ويرى ليفتسكي وواي أن الأنظمة السلطوية المتنافسة "تعتمد على مؤسسات ديمقراطية للوصول إلى السلطة واكتساب المشروعية، غير أن التزوير وانتهاكات الحريات المدنية والتعسُّف في استعمال موارد الدولة وقمع الإعلام يغمر العمل السياسي لدرجة يستحيل معها وصف هذه الأنظمة بالديمقراطية"(39). وتُوَظِّف الأنظمة السلطوية المتنافسة أساليب الديمقراطية لضمان السيطرة على القوى المعارضة في البلاد. فهذه الأنظمة متنافسة بمعنى أن المؤسسات الديمقراطية حقيقية ويمكن لقوى المعارضة أن تخلق طرقًا قانونية للمنافسة بجدية على السلطة والوصول إليها أحيانًا، لكن تظلُّ هذه الأنظمة سلطوية؛ لأن المعارضة السياسية لا تتوفر لديها فرص متساوية للنجاح في حقل سياسي غير عادل وربما خطير؛ "فالمنافسة إذن حقيقية، لكنها غير عادلة"(40). وتتميز الأنظمة السلطوية المتنافسة بوجود بعض المؤسسات الديمقراطية وبعض الممارسات الديمقراطية كالانتخابات والتعددية الحزبية، وفي هذا السياق تَتَنَزَّل الهيئات التنظيمية الإعلامية في علاقتها بالأنظمة السلطوية. فالإصلاحات الإعلامية في الدول العربية تتواءم مع هذه الرؤية للحَكَامَة التي بموجبها تقوم الدولة بإحداث مؤسسات ديمقراطية وتوظيفها في الصراع مع القوى المعارضة، بينما تحافظ على سيطرتها عبر إرساء مجال غير متساوٍ للنجاح.
ويمثِّل الإعلام مجالًا مهمًّا في التنافس والصراع؛ ففي الأنظمة السلطوية المتنافسة يوجد نظام إعلامي خاص ونظام إعلامي عام، وللأحزاب السياسية والفئات المعارضة حق الولوج للإعلام المكتوب والإنترنت. وفي عالمنا الرقمي، يمكن أن يقوم المدونون ومستعملو الإنترنت بدور المراقبين والعمل كـسلطة رابعة في متابعة وانتقاد العمل الحكومي. وهنا، تسعى الأنظمة السلطوية للحد من ولوج المواطنين للمعلومة والآراء البديلة عبر فرض قيود على وسائل الاتصال والمضمون الإعلامي واستهلاكه(41)؛ إذ تتوفر على العديد من الاختيارات فيما يتعلق بكيفية احتواء تدفُّق المعلومات بطرق استراتيجية، وتتراوح هذه الاختيارات بين إصدار القوانين السلطوية وقيود تنظيمية ومنع أو تصفية المضمون الذي يأتي عن طريق الإنترنت وسجن الصحفيين. وفي هذا الاتجاه قامت الدول العربية بإحداث هيئات تنظيمية للإعلام السمعي البصري عبر هياكل تنظيمية غير ديمقراطية وقوانين قمعية تُمكِّنها من ترجيح فرص النجاح لصالحها. وباعتبارها أنظمة سلطوية متنافسة، تقوم الدول العربية بتوظيف هذه المؤسسات لإصلاح الأنظمة الإعلامية وترسيخها من خلال القوانين السلطوية حفاظًا على الوضع الراهن والتظاهر بأن عملية الدَّمَقْرَطَة تمضي في الطريق الصحيح.
ومن أجل أن نوضح سيرورة الأنظمة السلطوية المتنافسة وكيفية تعاملها مع الإعلام، سننظر في تجربتين عربيتين مرَّت عليهما مدة طويلة نسبيًّا، وهما: المغرب وموريتانيا. لقد كان الغرض من وضع إطار تنظيمي وقانوني للبث الإذاعي والتليفزيوني في المغرب هو تشجيع الاستثمار في القطاع الخاص ومن ثم تحفيز البث الإذاعي والتليفزيوني المستقل والخاص لكن الممارسات التنظيمية الراهنة أخفقت في تشجيع التعددية في امتلاك وسائل الإعلام. ففي المرحلتين الأولى والثانية (2006 و2009) من الترخيص بالبث الإذاعي والتليفزيوني، منحت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالمغرب رخصًا فقط لمحطات التليفزيون الحكومية وبعض المحطات الإذاعية الحكومية والخاصة(42). وفي دراسة حول مالكي المحطات الإذاعية التي حصلت على التراخيص تَبَيَّن أن أصحابها مُقَرَّبون من دواليب سلطة النظام(43). وتشمل لائحة مالكي المؤسسات الإذاعية شخصيات تملك صحفًا ومجلات تتميز بسياستها التحريرية المساندة للسلطة، كما تشمل أعضاء أحزاب سياسية محافظة ومساندة للمؤسسة الملكية وموظفين سابقين في محطات إذاعية وتليفزيونية حكومية. وفي المرحلة الثانية من الترخيص سنة 2009، رفضت الهيئة الترخيص لخمس محطات تليفزيونية خاصة، وكانت الحُجة التي قدَّمتها: "انهيار سوق الإعلانات" و"ضرورة الحفاظ على استقرار المؤسسات الإعلامية العمومية"، وهو تبرير يقوم حصريًّا على أساس مالي.
لكن بعد استجواب ثلاثة مديرين في قسم مراقبة البرامج الإذاعية والتليفزيونية بالهيئة، اتضح أن "الوضع المتدهور" لسوق الإعلانات لا علاقة له بهذه القرارات؛ فضمان النجاح المالي لمحطة إذاعية أو تليفزيونية ليس من صلاحيات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري(44). إن منح الترخيص لمحطات تليفزيونية خاصة يمكن أن يُشكِّل أمرًا خطيرًا بالنسبة للدولة؛ لأن ذلك -يقول أحد المستجوَبين- سيفتح الباب أمام آخرين لطلب الترخيص ومن ثم يُضْعِف سيطرة الدولة على البث التليفزيوني. وإذا نجحت المحطات الجديدة في مهامها فيمكن -بحسب رأي مستجوَب آخر- أن تصبح منافِسة للقناتين الحكوميتين: الأولى والقناة الثانية (2M). ورغم تحقيق بعض التقدُّم في الترخيص لمحطات البث الإذاعي الذي شهد تزايدًا متنوِّعًا، فإن المرحلة الثانية من الترخيص شهدت بعض التدهور؛ فالإطار القانوني والتنظيمي يخضع لتدخل الدولة ولا يُكَرِّس بصفة نهائية التعددية في الإعلام. وترى الحكومة أن التليفزيون أهم وأخطر أدوات التواصل ولا يجب أن يُتْرَك التحكم فيه للقطاع الخاص(45).
أما بالنسبة للمضمون الإعلامي، فالممارسات السائدة في استعمال البث الإذاعي والتليفزيوني كأداة أو آلية من آليات القمع والتَّحكُّم لا تزال مستمرة؛ فالمنتج الإخباري لمحطات الخدمة العمومية التليفزيونية لم يتغير مع تحرير القطاع السمعي البصري. وتتدخل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أيضًا في محطات البث الإذاعي الخاصة التي تحاول خلق مجال لحوارات سياسية مفتوحة، كما تتدخل في خطها التحريري للقضاء على المبادرات التي من شأنها أن تفتح فضاءات للنقاش السياسي الهادف(46). ويرى الكثير من المستجوبين أن "قداسة" الأنشطة الملكية، والمدة الزمنية الطويلة التي تحتكرها على الهواء في قنوات الخدمة العمومية، تُعَدُّ خرقًا واضحًا للمقتضيات الخاصة بالخدمة العمومية.
وتستعمل الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المزيد من النفوذ في تتبعها للحوارات السياسية على المحطات الإذاعية الخاصة؛ ففي 30 مايو/أيار 2010، قامت مصلحة مراقبة البرامج الإذاعية والتليفزيونية برصد تصريح لأحد المخرجين السينمائيين المغاربة على قناة راديو مارس، وهي إذاعة متخصصة في الرياضية والترفيه. فعندما سُئِل الضيف عن وظيفة أحلامه، أعرب عن رغبته في أن يكون أول رئيس مغربي إذا أصبح المغرب دولة جمهورية. فأرسلت المصلحة للإذاعة أمرًا بإيقاف الإرسال مدة 48 ساعة (من 3 إلى 5 يونيو/حزيران)، وغرامة مالية بلغت حوالي 5600 دولار، وألزمت المحطة بالاعتذار علنًا.
بالنسبة لموريتانيا، فقد بَيَّنت دراسة حول الفضاء السمعي البصري الموريتاني وعلاقته بالمنظومة السياسية وبنية السلطة والمجتمع أن السلطة السياسية تهيمن على الاعلام السمعي البصري(47). ومن تجليات هذه الهيمنة هو حفاظ الإعلام العمومي على السياسة التحريرية المساندة للسلطة بالرغم من مرور خمسة أعوام على بدء تحويله إلى "إعلام عمومي"، وكذا التحكم في عملية الترخيص للمحطات الإذاعية والقنوات التليفزيونية؛ حيث مُنِحت معظم التراخيص للمقرَّبين من الرئيس محمد ولد عبد العزيز. كما أن التحكم في الإعلام "يعكس أيضًا تحكُّمًا في المجال العام، وأن بنية النظام السياسي لم تستطع أن تُكَرِّس عبر هذه المؤسسات نفسها قواعد التواصل السياسي الشفَّاف الـمُنْتِج لقيم الديمقراطية.
ويتضح جليًّا من خلال تجربتي المغرب وموريتانيا في تنظيم الإعلام السمعي البصري وهيكلته غياب إرادة سياسية حقيقية لتحرير الإعلام السمعي البصري ودَمَقْرَطَة منظومته؛ لأن ما يعترض طريق هاتين التجربتين -وباقي التجارب الأخرى- هو طبيعة النظام السياسي السلطوي المتنافس؛ ولذلك يستمران في تكريس دور الإعلام السمعي البصري كوسيلة للدعاية والسيطرة السياسية.
خاتمة
من منظور منهج الاقتصاد السياسي، فأية دراسة للإصلاحات الإعلامية في الدول غير الديمقراطية يجب أن تتطرق إلى طبيعة النظام السياسي لفهم تمركز السلطة، وحجم ممارسة هذه السلطة في إدارتها للقطاع الإعلامي. ورغم حداثة المبادرات الإصلاحية للإعلام التونسي، يمكن اعتبار هذه التجربة نموذجًا مثاليًّا على المستوى المؤسساتي، كما أن قانون الصحافة التونسي لسنة 2011 ودستور 2014 يوفران بيئة قانونية ملائمة لتواجد إعلام حر ومستقل ومتنوع وخدمة عمومية. ولأن تجربة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري لا تزال في مرحلتها الجنينية، فيجب انتظار النتائج قبل تقييم مدى نجاح هذه التجربة. وبعبارة أخرى يمكن للإطار القانوني والبِنية المؤسساتية أن توفرا المناخ المناسب لتحقيق الخدمة العمومية، لكنهما لا يضمنان جودة ونوعية الأداء. أما بالنسبة لباقي دول العالم العربي، فتأسيس هيئات تنظيمية يحمل في طياته تناقضات عديدة. وعلى الرغم من أن الهيئات التنظيمية وقوانين الاتصال السمعي البصري تفتح الباب أمام التعددية والتنوع في البث، فإنها تخوِّل الحكومات صلاحيات التدخل في السياسة التحريرية وقمع حرية التعبير. وتوصلت الدراسة إلى أن كل ما حصل هو تحويل نظام البث الإذاعي والتليفزيوني من نظام حكومي صرف إلى نظام مُتَحَكَّم فيه، وأن الثقافة غير الديمقراطية داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُحَدِّد وتحسم نوعية وجودة الأداء الإعلاميَّيْن.
ويجب التأكيد هنا على أن تأسيس هيئات تنظيمية ووضع إطارات قانونية لتحرير قطاع الاتصال السمعي البصري يمثِّل خطوات إيجابية تستحق التقدير؛ لأن وجود مؤسسات وإطارات قانونية خير من عدم وجودها؛ فهذه الهيئات التنظيمية لها القدرة على خلق بيئة مناسبة لتواجد إعلام حر ومستقل ومتنوع وخدمة عمومية، لكن ذلك يقتضي دَمَقْرَطَة حقيقية للنظام السياسي. فإذا لم تكن هناك إرادة سياسية في أعلى الهرم السياسي، فلا يمكن الحديث عن إصلاحات إعلامية؛ لأن النتيجة تكون دائمًا عبارة عن إصلاحات زائفة يتدحرج فيها النظام السياسي بين أشكال معتدلة وقوية للسيطرة السلطوية.
__________________________________
زايد بوزيان، أستاذ الإعلام والتواصل بجامعة الأخوين بإفران-المغرب
1- Sakr, N., “Public Service Initiatives in Arab Media Today,” in Gregory Ferrell Lowe, Jeanette Steemers (eds.) Regaining the Initiative for Public Service Media, (Nordicom, Sweden, 2012).
2- Rugh, W. Arab Mass Media: Newspapers, Radio, and Television in Arab Politics, (Praeger Publishers, Connecticut, 2004).
3- Sen, A. The Idea of Justice, (Harvard University Press, Massachusetts, 2011).
4- Mowlana, H. International Flow of Information: A Global Report and Analysis, (UNESCO Press, Paris, 1985).
5- Masmoudi, Mustapha, “The New World Information Order,” Journal of Communication, (29 (2), 1979), p. 172-185.
6- Thussu, D. K. International Communication: Continuity and Change. (Arnold Publishers, London, 2004).
7- Kitchen, J. C., Paddack, J. P., “The 1990 Franco-African Summit- August 1990”, 30 August 1990, Center for strategic and international studies, (Visited on 20 August 2016):
https://csis-prod.s3.amazonaws.com/s3fs-public/legacy_files/files/publi…
8- Rugh, W. Arab Mass Media: Newspapers, Radio, and Television in Arab Politics
10- Thussu, D. K. News as Entertainment: The Rise of Global Infotainment, (Sage, London, 2007).
11- Puppis, M. “National Media Regulation in The Era of Free Trade: The Role of Global Media Governance”, European Journal of Communication, (Vol 23 (4), 2008), p. 405–424.
12- صدر هذا القانون في 2004 من قِبَل سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق ووقَّعه رئيسها بول بريمر. وتم تأسيس لجنة الاتصالات والإعلام في العراق على غرار لجنة هيئة الاتصالات الفيدرالية الأميركية، وتتمتع بصلاحيات تشمل قطاعي الإعلام والاتصالات". 20 مارس/آذار 2004، (تاريخ الدخول: 20 يوليو/تموز 2016):
http://www.cmc.iq/ar-iq/wp-content/uploads/2009/05/order65.pdf
13- Melki, J., Dabbous, Y., Nasser, K., and Mallat, S, “Mapping Digital Media”, (Lebanon, 2012), (Visited on: 12 August 2016):
14- Sakr, N., “Public Service Initiatives in Arab Media Today”, op. cit.
15- "المرسوم الوزاري عدد 116 المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري والمؤرَّخ في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2011"، الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، (تاريخ الدخول: 14 يوليو/تموز 2016):
16- "ضغوطات ضد الوطن والأخبار"، منظمة مراسلون بلا حدود، 24 يونيو/حزيران 2016، (تاريخ الدخول: 14 يوليو/تموز 2016):
17- تعتبر هذه المراجع من أهم وأعمق المداخل النظرية في فهم علاقة السلطة السياسية والاقتصادية بالصناعة الإعلامية ومدى تأثيرهما في المضامين الإعلامية وبالتالي في المجال العام وصناعة الرأي العام:
- Adorno, T., Horkheimer, M. The Culture Industry: Enlightenment as Mass Deception. Trans. John Cumming, (Herder and Herder, New York, 1972).
- Altschull, J. H. Agents of Power: The Media and Public Policy, (Longman, New York, 1995).
- Curran, J. Media and Power. (Routledge, New York, 2002).
- Herman, E. S., Chomsky, N. Manufacturing Consent: The Political Economy of the Mass Media, (Pantheon Books, New York, 1988).
- Schiller, H. Communication and Cultural Domination. (International Arts and Sciences Press, New York, 1976).
- Williams, R. Television: Technology and Cultural Form, (Fontana/ Collins, London, 1974).
18- Christians, C., Glasser, T., McQuail, D., Nordenstreng, K., White, R. Normative Theories of the Media Journalism in Democratic Societies, (University of Illinois Press, Urbana, 2009).
19- "المرسوم الوزاري عدد 116 المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري والمؤرخ في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2011"، مرجع سابق.
20- "ظهير شريف يقضي بإحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري"، (تاريخ الدخول: 24 أغسطس/آب 2016):
http://haca.m0a/pdf/Dahir0102212Ar.pdf
21- Ciacchitano, Francesco, “Assessment of Media Legislation in Lebanon, 2014”, (Visited on 24 August 2016):
http://www.med-media.eu/wp-content/uploads/2015/09/MEDMEDIA_LEBANON.pdf
22- "السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية"، (تاريخ الدخول: 14 يوليو/تموز 2016):
23- "سلطة ضبط السمعي البصري تصادق على دفتر الشروط الذي أعدته الحكومة"، وكالة الأنباء الجزائرية،27 يونيو/حزيران 2016، (تاريخ الدخول: 18 يوليو/تموز 2016):
24- الدويسان، فيصل، "إنشاء هيئة عامة للإعلام المرئي والمسموع تتبع وزير الإعلام"، الأنباء، يوليو/تموز 2015، (تاريخ الدخول: 24 أغسطس/آب 2016)
25- "قرار رقم 236 القاضي بإنشاء وتنظيم الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع"، الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، (تاريخ الدخول: 29 يوليو/تموز 2016):
http://www.gcam.gov.sa/abouts/view/zag04bt99v?lang=ar
26- "قانون الإعلام المرئي والمسموع"، mc.gov.jo، (تاريخ الدخول: 17 يوليو/تموز 2016):
http://mc.gov.jo/echobusv3.0/SystemAssets/212075fa-a9e1-4291-8b3a-f9ad4d3c3093.pdf
27- "مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، ohchr.org، (تاريخ الدخول: 17 يوليو/تموز 2016):
http://www.ohchr.org/en/professionalinterest/pages/ccpr.aspx
28- Duffy, M. “Arab Media Regulations: Identifying Restraints on Freedom of the Press in the Laws of Six Arabian Peninsula Countries”, Berkeley Journal of Middle East & Islamic Law, (vol 2, Article 2, 2014), p. 2-31.
29- "الدستور المغربي لسنة 2011"، (تاريخ الدخول: 6 أغسطس/آب 2016):
http://www.maroc.ma/en/system/files/documents_page/bo_5964bis_fr_3.pdf
30- "القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري"، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، (تاريخ الدخول: 6 أغسطس/آب 2016):
http://www.haca.ma/pdf/commaudiovisuelle.pdf
31- "قانون المطبوعات والنشر لسنة 2012"، مرصد الإعلام الأردني، (تاريخ الدخول: 7 أغسطس/آب 2016): إضغط هنا.
32- "قانون الإعلام المرئي والمسموع"، mc.gov.jo، (تاريخ الدخول، 7 أغسطس/آب 2016):
http://mc.gov.jo/echobusv3.0/SystemAssets/212075fa-a9e1-4291-8b3a-f9ad4d3c3093.pdf
33- "دستور دولة الكويت"، بوابة الكويت الإلكترونية، (تاريخ الدخول، 7 أغسطس/آب 2016):
http://www.kt.com.kw/ba/dostour.htm
34- "قانون المطبوعات والنشر بالكويت"، gcc-legal.org، (تاريخ الدخول: 7 أغسطس/آب 2016):
http://www.gcc-legal.org/LawAsPDF.aspx?country=0&LawID=3280
35- "قانون الجزاء بالكويت"، gcc-legal.org، (تاريخ الدخول: 7 أغسطس/آب 2016):
http://www.gcc-legal.org/LawAsPDF.aspx?country=1&LawID=1065
36- Habermas, J. The structural Transformation of the Public Sphere: An Inquiry into a Category of Bourgeois Society, (MIT Press, Cambridge Massachusetts, 1989).
37- Levitsky, S., & Way, L. “Elections without Democracy: The Rise of Competitive Authoritarianism” Journal of Democracy, (Vol 13 (2), 2002), p. 51–65.
38- Carothers, T. “The End of the Transition Paradigm,” Journal of Democracy, (vol 13 (1), 2002), p. 5-21.
O'Donnell, G. “Illusions about Consolidation”, Journal of Democracy, (vol 7, (2), 1996), p. 34-51.
39- Levitsky, S., & Way, L. “Elections without Democracy: The Rise of Competitive Authoritarianism”, P. 40.
41- Schedler, A. (2009). “The new institutionalism in the study of authoritarian regimes”, Totalitarianism and Democracy, (vol 6 (2), 2009), p. 327–344.
42- "بلغ مجموع المحطات الإذاعية الخاصة في المغرب 18 محطة في العام 2009، بينما لم يتجاوز ثلاث محطات سنة 2005، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، (تاريخ الدخول: 20 أغسطس/آب 2016):
http://haca.ma/indexFr.jsp?id=65&1534-D83A_1933715A=c628a46fbd08ffa23f4a3b7667e198587cf20487
43- مجدي، ياسين، ملكية الإعلام الإذاعي بالمغرب، (رسالة ماجستير)، جامعة الأخوين بإفران، 2008.
44- أجرى الباحث 14 مقابلة مع موظفين في مصلحة مراقبة البرامج الإذاعية والتليفزيونية بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في المغرب خلال الفترة الممتدة بين شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2013. ونظرًا لنوعية المعلومات المنتقاة لم يكشف الباحث عن هوية المستجوَبين بالهيئة.
45- تم منح مِدِي1 رخصة للبَثِّ التليفزيوني الخاص سنة 2014. وكانت مِدِي1 قناة إذاعية خاصة أُنْشِئَت سنة 1980 بظهير ملكي، ويتميز الخط التحريري للمؤسسة بانحيازها الراسخ للسلطة.
46- Zaid, B. “State-Administered Public Service Broadcasting in Morocco” in Greg Lowe and NobutoYamamotu (eds.), Public Service Media Across Boundaries, (Nordicom, Sweden, 2016).
47- الراجي، محمد، "الفضاء السمعي البصري الموريتاني وبنية السلطة والمجتمع"، 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، مركز الجزيرة للدراسات، (تاريخ الدخول: 20 أغسطس/آب 2016):
http://studies.aljazeera.net/ar/mediastudies/2015/11/2015111790258911.html