محافظة ديالى.. هدف الجميع

يركز هذا التحليل على محافظة ديالي العراقية التي تتصل حدودها مع كثير من المناطق العراقية الساخنة ويمر بها الطريقان الرئيسيان الرابطان إيران وتركيا وشمال العراق ببغداد وبباقي محافظات العراق وبها أكبر قاعدة أميركية وتنشط بها المقاومة.








 

إعداد/وليد الزبيدي



النتائج والتوصيات
التحليل
طرق ديالي الحيوية
خطط جديدة


النتائج والتوصيات










  • وليد الزبيدي
    تتمتع محافظة ديالى بموقع إستراتيجي مميز وذلك لاتصال حدودها مع كثير من المناطق العراقية الساخنة، كما أن الطريقين الرئيسيين اللذين يربطان كلا من إيران وتركيا ومناطق شمالي العراق ببغداد وبباقي محافظات العراق يَمُرّان في هذه المحافظة، بالإضافة إلى أنه تتواجد فيها أكبر وأهم قاعدة عسكرية أميركية في العرق.



  • يعمل في محافظة ديالى العديد من فصائل المقاومة النشطة من أهمها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، وجيش الراشدين، وغيرها، التي استطاعت فرض سيطرتها على مناطق واسعة في محافظة ديالى مع غياب شبه كامل لأجهزة الحكومة العراقية.



  • الحكومة العراقية والقوات الأميركية، ومن منطلق إدراكها لأهمية هذه المنطقة وفي سبيل تقليص نشاط فصائل المقاومة فيها، لجأت إلى اتخاذ عدة خطوات كرفد القوات الموجودة فيها بثلاثة آلاف جدني أميركي، أو العمل على محاولة اختراق بعض وجوه العشائر في المنطقة من خلال تشكيل ما عُرِف بـ"مجلس إنقاذ الأنبار".


التحليل






"
ترتبط مناطق ديالى مع أهم المفاصل الساخنة التي تشهد حربا متواصلة ضد القوات الأميركية والقوات الحكومية
"
مخاوف الحكومة من استمرار تدهور الأوضاع
ما هي أهمية محافظة (ديالى) العراقية ووجه الخطورة التي تشكلها؟ ومن هي الأطراف المعنية بمستقبل المدينة؟ ولماذا تضع فصائل المقاومة العراقية ثقلها في مدينة بعقوبة -مركز المحافظة- إضافة إلى المدن والقرى التابعة لها؟


إن الإجابة عن هذه الأسئلة بصورة علمية ودقيقة تكشف عن سبب الاهتمام الكبير الذي توليه حكومة المالكي بجميع أطرافها، خاصة الرئيسية منها (الائتلاف الشيعي والتحالف الكردستاني) لمنطقة ديالى، وتخوف القوات الأميركية من تطور الأوضاع فيها.



وقبل أن نجيب عن هذه الأسئلة الحيوية، لا بد من رسم الخارطة الجغرافية والسكانية لمنطقة ديالى، التي أصبحت أحد مصادر القلق الرئيسية لحكومة المالكي وللقوات الأميركية، التي تعمل على الزج بقوات إضافية هناك في محاولة للسيطرة على الأوضاع المنفلتة.



تقع محافظة ديالى في شمال شرق العاصمة بغداد، وترتبط من الشرق بحدود طويلة مع إيران، ومن الشمال مع المناطق الشمالية التي تسيطر عليها الأحزاب الكردية، خاصة تلك التي تخضع لنفوذ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني -الذي يتزعمه جلال الطلباني- كما أنها ترتبط بحدود مع كركوك، وتحاذيها على امتداد نهر دجلة من الضفة الغربية مناطق تابعة لمحافظة صلاح الدين، ومن أبرزها ناحية "يثرب"، التي تقع فيها واحدة من أكبر القواعد العسكرية الأميركية في العراق، والتي تتخذها مقرا رئيسيا لها: قاعدة "البكر" الجوية السابقة، ويقع في هذه القاعدة المستشفى الرئيسي الذي يستقبل جرحى القوات الأميركية والمترجمين العراقيين والعاملين مع هذه القوات، كما توجد فيها مدارج ضخمة لهبوط طائرات النقل الكبيرة، التي تنْقل المؤن والمعدات السريعة للقوات الأميركية، ويتم منها نقل الجرحى والضباط والمسؤولين، إلى القواعد الأميركية في أوروبا وبالأخص في ألمانيا وإسبانيا.



وتعد منطقة "يثرب" من المناطق الساخنة جدا، وهي تشهد هجمات يومية ضد قاعدة "البكر" وأرتال القوات الأميركية. ترتبط المساحة الساخنة في هذه المنطقة بمفاصل مهمة تتواجد فيها فصائل المقاومة بكثافة، ابتداء من "الضلوعية" و"سامراء" و"بيجي" وصولا إلى "الموصل" شمالا، وتلتقي تلك المفاصل مع منطقة "الراشدية" وهي امتداد لأرض "ديالى"، وهي منطقة ساخنة جدا أيضا، وتلتقي مع "الطارمية"، على الضفة الغربية من نهر دجلة، لتمتد داخل منطقة "النباعي" عبر ذراع "دجلة" وصولا إلى "الفلوجة" وصعودا إلى المناطق الأخرى من "الرمادي".


وتمتد حدودها المحاذية للعاصمة على طول المناطق الشرقية من أحياء "الشعب والثورة" (الصدر) وصولا إلى جسر ديالى، لتلتقي مع حدود محافظة "الكوت". وتتصل أراضي ديالى في تلك المناطق بمفاصل ساخنة أيضا، وتشمل "المدائن" و"حي الوحدة"، التي تقابل منطقة "الدورة" على الضفة الشرقية لنهر دجلة، لتكمل اتصالها بمفصل "اللطيفية" و"اليوسفية"، التي تمتد أراضيها الزراعية المتشعبة إلى المناطق الغربية من العراق.


وبهذا نجد أن مناطق ديالى، ترتبط مع أهم المفاصل الساخنة، التي تشهد حربا متواصلة ضد القوات الأميركية والقوات الحكومية.



طرق ديالي الحيوية






"
من بين الفصائل المسلحة بديالى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وجيش الراشدين وجيش المجاهدين والجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين والقيادة العامة للقوات المسلحة المجاهدة وأنصار السنة
"
إن الطرق الرئيسية، التي تمر عبر مناطق ديالى، طريقان حيويان: الأول يربط بين بغداد والمحافظات الشمالية (أربيل، والسليمانية) والذي يمر عبر مدينة "كركوك"، وهو الطريق الوحيد الذي يسلكه المسؤولون الأكراد، وطالما تعرضت قوافلهم إلى هجمات عنيفة، مما اضطرهم إلى تقليل حركتهم إلى أقصى ما يمكن، ولم تنفع نقاط التفتيش الكثيرة، التي وضعوها قرب منطقة جبال "حمرين" على الطريق المؤدي من كركوك إلى ديالى باتجاه بغداد، إذ غالبا ما تتم إبادة العشرات من الشرطة والجيش، الذين يمسكون بنقاط التفتيش تلك.


والطريق الثاني، يربط بين العاصمة بغداد وإيران عبر منفذ منطقة "المنذرية"، وهو الطريق البري الرئيسي، الذي يسلكه الإيرانيون والمسؤولون العراقيون في طريقهم إلى طهران، وأصبح هذا الطريق من أخطر المناطق، بسبب الانتشار الكثيف للمقاومين في المناطق القريبة منه والمحاذية له. كما أن القوات الأميركية المتحركة على هذا الطريق تواجه مخاطر كبيرة، حيث تعتمد في الدعم اللوجستي على هذا المسار، خاصة تلك التي تأتي عن طريق تركيا مرورا بالمنطقة الشمالية من العراق.



لقد اهتمت إدارة الاحتلال في وقت مبكر بمنطقة ديالى، واستدعت أحد المتعاونين معها منذ تأسيس مجلس الحكم، ونصبت (عبد الله الجبوري) محافظا على ديالى، وهو خريج معهد تقني في مدينة مانشستر البريطانية، سبق أن أرسلته الحكومة في عهد صدام حسين خلال ثمانينيات القرن الماضي، للدراسة على نفقتها، فتزوج من بريطانية وبقي هناك، ولم يكن معارضا للنظام السابق، وكان يزور العراق باستمرار، وينتمي المحافظ إلى قبيلة الجبور، وهي واحدة من أكثر من ست عشرة عشيرة في هذه المحافظة تتوزع بين الطائفتين، ويقدر البعض النسبة بالتساوي تقريبا، ومن أبرز هذه العشائر (العزة، وبني زيد، وبني تميم، والجبور، والمجمع، وزبيد، والعبيد، والدايني، والقيسي والجنابيين).



ولم يتمكن المحافظ ولا المجالس المحلية من مد جسور مع الفصائل المسلحة، التي استهدفت مقره ومنزله بالكثير من الهجمات، ورغم استبدال المحافظ عدة مرات فإن ذلك لم يغير من الواقع شيئا. فالمقاومة تنظر إليهم على أنهم أدوات بيد قوات الاحتلال.



أما أكثر الفصائل المسلحة حضورا في منطقة ديالى، فهي كالتالي (وهذا التقييم يستند إلى ما يتداوله الناس هناك أولا، والمنشورات التي يتم لصقها أو توزيعها في بعقوبة والمناطق الأخرى ثانيا، إضافة إلى البيانات، التي تصدر عن تلك الفصائل ويتم تداولها عبر وسائل الإعلام، خاصة شبكة الإنترنت):




  • تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، أو ما يسمى الآن بـ(دولة العراق الإسلامية).


  • جيش الراشدين، وهو أحد الفصائل الإسلامية العراقية.


  • جيش المجاهدين، وهو فصيل إسلامي عراقي، تمكن من الظهور علنا أكثر من مرة وفرض سيطرته على عدة مناطق قبل أن ينسحب مقاتلوه.


  • الجيش الإسلامي، وهو فصيل إسلامي عراقي.


  • كتائب ثورة العشرين، فصيل إسلامي عراقي.


  • القيادة العامة للقوات المسلحة المجاهدة، فصيل تابع لتنظيمات حزب البعث الذي يقوده الآن عزت الدوري.


  • أنصار السنة، قريب من تنظيم القاعدة.


  • فصائل أخرى تعلن بين فترة وأخرى عن تنفيذ هجمات ضمن قاطع منطقة ديالى ومنها جيش أبو بكر السلفي.

تمكنت هذه الفصائل من فرض سيطرتها على مناطق واسعة من ديالى، ويتضح ذلك من خلال البيانات التي تصدرها، ومنذ أكثر من عام أصبح حضورها هو الأكثر في الساحة.


فعند صدور منشورات تحذر المواطنين من الخروج أو الذهاب في هذا الطريق أو ذاك، فإن الناس يلتزمون فورا، لأنهم يدركون حجم الهجمات التي تنفذها المقاومة هناك، وعدم قدرة القوات الأميركية والحكومية على التصدي لها ومنعها من تنفيذ هجماتها.


تستفيد هذه الفصائل من البساتين الكثيفة، خاصة بساتين البرتقال -التي تشتهر بها ديالى- وأشجار النخيل، إضافة إلى الأنهر والأحراش والفضاءات المفتوحة، ومفاصل الاتصال الكثيرة مع المناطق الساخنة الأخرى في مختلف أنحاء العراق وبالأخص التي تقع إلى الشمال الغربي منها ومناطق غربي العاصمة وجنوبيها.



خطط جديدة



بعد أن أدرك الأميركيون وحكومة المالكي، حجم الخطر الذي تشكله منطقة ديالى، وازدياد ثقل المقاومة وتواجدها هناك، واحتمال فرض سيطرتها بالكامل في أي وقت على هذه المنطقة الحيوية والحساسة، توجهت لحشد كل ما تستطيع حشده، ضد فصائل المقاومة هناك، وسارت لتحقيق ذلك باتجاهين أساسيين هما:





  • الأول: الإعلان عن رفد قواتها المتواجدة هناك بثلاثة آلاف جندي أميركي معززين بالدبابات والطائرات المروحية المقاتلة وطائرات التجسس المسيرة، ودفع المزيد من قوات الشرطة والحرس الحكومي إلى تلك المناطق.



  • الثاني: محاولة اختراق بعض وجوه العشائر، ليشكلوا مجلسا مشابها لما يجري في الأنبار، حيث تَشكَّل مجلس (إنقاذ الأنبار)، والذي يعتمد على ضخ أكبر كمية ممكنة من الأموال، في محاولة لتجنيد بعض العشائر وتزويدها بالأسلحة والأموال الطائلة، لتقاتل تنظيم القاعدة والفصائل المسلحة الأخرى، ويجري الأميركيون وحكومة المالكي اتصالات مكثفة وواسعة، في محاولة للتسلل إلى داخل هذه العشائر. وتفيد المعلومات التي يتم تداولها في مناطق ديالى، أن فصائل المقاومة ترصد من خلال جهدها الاستخباري هذه التحركات، ووجهت تحذيرات عبر قنوات خاصة لبعض الشخصيات والوجهاء، الذين اتصلت بهم القوات الأميركية وحكومة المالكي، وحذرتهم من مغبة الانجرار وراء هذه المحاولات، التي تحاول شراء الذمم والنفوس، وضرب فصائل المقاومة، من داخل أبناء العشائر.


وبينما تعلن القوات الأميركية وحكومة المالكي عن خططها على هذا الصعيد، فإن فصائل المقاومة لم تتحدث عن ذلك، ما يعني أنها تتخذ الإجراءات اللازمة لإفشال أية محاولة تستهدف التأثير على النشاط المتصاعد لهذه الفصائل في مناطق محافظة ديالى، التي يكاد يغيب عن أراضيها أي شكل من أشكال سلطة حكومة المالكي.
_______________
باحث متعاون