مستقبل الدور السعودي بالمنطقة من وجهة نظر إسرائيلية

يتفق المسؤولون والمحللون الإسرائيليون على أن السعودية هي الوحيدة القادرة على أن تعطي إسرائيل الشرعية والاعتراف الإقليمي مقابل الانسحاب من المناطق العربية، ورغم هذا تعارض إسرائيل أي صفقة سلاح متطور للسعودية وأي دور اقتصادي لها في المنطقة.








إعداد/ سمير الشمايلة


النتائج والتوصيات
التحليل




النتائج والتوصيات




  1. إسرائيل ترحب بدور سياسي سعودي أوسع في المنطقة في الوقت الحالي، لاعتبارات إقليمية عديدة.


  2. إسرائيل تنظر بإيجابية للدور السعودي للأسباب التالية:



    • طرح السعودية لمبادرة السلام العربية.


    • قدرة السعودية على الضغط على الجانب الفلسطيني.


    • السعودية طرف مهم من أطراف الإستراتيجية الأميركية في المنطقة.


  3. يعبر المسؤولون الإسرائيليون عن قناعتهم بقدرة السعودية على قيادة التوجه العربي الرسمي للدخول في مفاوضات مع إسرائيل، ويرون أن السعودية وحدها هي القادرة على إعطاء إسرائيل الشرعية والاعتراف الإقليمي.


  4. تحرص كل من السعودية وإسرائيل على إدامة قنوات الاتصال الرسمية وغير الرسمية بينهما وعلى أعلى المستويات، كما بادرت السعودية إلى تقديم عدد من الإشارات الإيجابية على المستويين السياسي والاقتصادي تجاه إسرائيل، مما يضمن قبول إسرائيل بهذا الدور.


  5. يرى الإسرائيليون أن الأزمات المتتالية في المنطقة هي التي تدفع السعودية لأخذ هذا الدور، حتى لا تؤثر هذه الأزمات على استقرارها الداخلي.


  6. الترحيب الإسرائيلي بدور سعودي متنام سياسياً لا يصاحبه ترحيب على المستويين العسكري والاقتصادي لاعتبارات التنافس بين الطرفين.


التحليل





"
يرى كثير من السياسيين والعسكريين الإسرائيليين أن مبادرة السلام العربية التي هي في الأصل مبادرة سعودية تشكل تطورا أساسيا مهما في النظرة الإيجابية لتنامي الدور السعودي في المنطقة
"
السعودية وحدها هي القادرة على أن تعطي إسرائيل الشرعية والاعتراف الإقليمي مقابل الانسحاب من المناطق العربية. هذه القناعة بات يرددها عدد متزايد من المسؤولين والمحللين الإسرائيليين في الآونة الأخيرة.

المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس" ألوف بن اعتبر أن المبادرة السعودية تحظى بدعم قوي من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ومن القيادة الإسرائيلية بشكل عام لاعتبارات إقليمية أهمها:




  1. انسداد الأفق على مسار التسوية مع سوريا.


  2. ضعف حركة فتح وعدم قدرتها على القيام بدور الشريك السياسي مع إسرائيل من جهة، وتشدد حركة حماس من جهة أخرى.


  3. نجاح السعودية تاريخياً في الضغط على الجانب الفلسطيني.


  4. قدرة السعودية على قيادة التوجه العربي الرسمي نحو الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل لحل القضية الفلسطينية، وباقي القضايا العربية العالقة.


  5. سعي إسرائيل لإيجاد مزيد من نقاط الالتقاء بينها وبين دول الخليج، وعلى رأسها السعودية وذلك من خلال رغبتها في إقامة محور تسميه "محور الدول المعتدلة" في المنطقة، مقابل ما تعتبره محور القوى "الراديكالية" و"المتطرفة".

ويرى كثير من السياسيين والعسكريين في إسرائيل أن مبادرة السلام العربية، التي هي في الأصل مبادرة سعودية، تشكل تطورا أساسيا مهما في النظرة الإيجابية لتنامي الدور السعودي في المنطقة. ويمثل هذا الأمر نقطة إجماع في إسرائيل على أهمية الدور السعودي في المنطقة، بما في ذلك الجناح اليميني المتطرف، حيث عبر قائده بنيامين نتنياهو عن أهمية هذا الدور من خلال عدم رفضه لمبادرة السلام العربية، واكتفى بوصفها بأنها "غير قابلة للتطبيق"... فقط.


ومن جهته دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إلى لقاء يجمعه بكل القادة العرب، بمن فيهم الملك السعودي الذي يرى فيه "زعيماً كبيراً"، على حد تعبيره. كما أشار إلى ضرورة فتح حوار مع السعودية، واعدا بأنه سيفكر بإيجابية في عقد قمة سعودية/إسرائيلية، حيث سيفاجئ، حسب تعبيره، العاهل السعودي بما سيقوله فيها.


وبالرغم من هذا الترحيب الإسرائيلي بالمبادرة، فإن الإسرائيليين يرون أنها تمثل مدخلاً -ليس أكثر- للعملية السياسية في المنطقة، وبالتالي يتمسكون بحقهم في البدء من النقطة الخاصة بهم للوصول إلى حل وسط من وجهة نظرهم. ويأخذ الإسرائيليون على السعودية أنها غير مستعدة للإعلان صراحة عن موقفها بشأن المفاوضات المباشرة مع إسرائيل.


لا تمثل مبادرة السلام العربية الإشارة الرئيسية الوحيدة التي تقدمت بها السعودية تجاه إسرائيل، بل سبقها العديد من الإشارات، كان من أهمها، على المستوى السياسي، الموقف السعودي من الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف عام 2006، وهو أول موقف عربي يشذ عن ثوابت السياسة العربية الرسمية تجاه الصراع مع إسرائيل، بحيث تنكر لطرف عربي في هذا الصراع.


وهذا ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ليصف الموقف بـ"الرائع جداً". وأما على المستوى الاقتصادي، فقد تعهدت السعودية رسمياً وخطياً بعدم تفعيل المقاطعة الاقتصادية العربية لإسرائيل، وهو الشرط الذي وُضِع لانضمامها إلى منظمة التجارة العالمية بعد عشر سنوات من المفاوضات.


إن ما يدل على أهمية الدور السعودي في السير باتجاه التسوية السياسية مع إسرائيل، هو اهتمام الدول الثلاث -السعودية وإسرائيل وأمريكا- غير التقليدي بالملف. ففي الولايات المتحدة يحظى هذا الملف بمتابعة شخصية من نائب الرئيس ديك تشيني، وليس من وزارة الخارجية؛ أما في السعودية فإن الذي يتابع الملف فهو الديوان الملكي عبر المستشار الشخصي للملك عبد الله بن عبد العزيز الأمير بندر بن عبد العزيز؛ وأما في إسرائيل، فإن الملف يحظى بمتابعة مباشرة من رئيس الوزراء إيهود أولمرت، وليس من خلال وزيرة الخارجية تسيبي ليفيني.


إن مراجعة مضمون تصريحات المسؤولين الإسرائيليين فيما يخص "مستقبل الدور السعودي"، تفيد بأنها تصريحات تنطلق من ثلاثة منطلقات رئيسية، وهي:




  • المبادرة السعودية لحل الصراع العربي/الإسرائيلي التي تمثل خطوة جريئة وتقدما في الموقف السعودي، ثم نجاح السعودية في فرض هذه المبادرة على بقية الحكومات العربية (مع تعديلات طفيفة).


  • السعودية بثقلها الاقتصادي والمعنوي مؤهلة للتأثير في السياسة الفلسطينية في عهد حركة فتح، ويؤمل لها مثل هذا الدور في عهد حركة حماس، حيث شكل توقيع اتفاق مكة بين الحركتين أحد هذه المؤشرات.


  • تمثل السعودية طرفاً مهما من أطراف الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، وهي دولة صديقة للدول الغربية، وتشكل قطبا مهما في مواجهة المد الإيراني في المنطقة، وهو المد الذي تعتبره إسرائيل الخطر الأول الذي يهددها حالياً.




"
تعارض إسرائيل أي صفقة سلاح متطور بين أميركا والسعودية خوفاً من وقوع هذا السلاح في أيدي "متطرفين" حسب التعبير الإسرائيلي، كما تعارض أي دور اقتصادي للسعودية حتى لا تؤثر على الدور الاقتصادي المركزي الذي تسعى إسرائيل للقيام به
"
ومن جهة أخرى أشار المحللون الإسرائيليون في معرض تحليلهم لمستقبل الدور السعودي إلى نقاط الضعف ونقاط القوة عند السعودية. فمن أبرز نقاط الضعف التي يرونها:


  1. افتقار الاقتصاد السعودي (رغم أنه أكبر اقتصاد في المنطقة) للقواعد والأسس القوية واعتماده شبه الكلي على الغرب في تلبية احتياجات السعودية الاستهلاكية.


  2. ضعف البنية التقنية والتعليمية.


  3. عدم وجود جيش قوي.

بينما تتمثل نقاط القوة، التي ستؤهلها للقيام بدور سياسي مهم في المنطقة، فيما يلي:




  • مكانة السعودية الدينية وما تتمتع به من نفوذ وقدرة على التأثير في كثير من الدول والمنظمات العربية والإسلامية.


  • القدرة المالية العالية.


  • كونها مصدرا أساسيا للطاقة والنفط على المستوى العالمي.


  • العلاقات المتميزة مع الولايات المتحدة.

يرى الإسرائيليون أن الأزمات المتتالية في منطقة الشرق الأوسط والتي تشكل مصدر قلق كبير للنظام السعودي، هي المحرك الأساسي لتفعيل هذا الدور السعودي النشط على الساحة، حيث تسعى الرياض من خلال هذا التحرك لحل هذه الأزمات حتى لا تؤثر على استقرارها، ويرون أنه لا ضمانة لاستمرار قدرة السعودية في معالجة كافة التحديات في المنطقة.


أخيراً وبالرغم من ترحيب إسرائيل بتطور الدور السعودي سياسياً في المنطقة، فإن موقفها من تطور قدرات السعودية العسكرية والاقتصادية باق كما هو، حيث تعارض بشكل قاطع أي صفقة سلاح متطور بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، خوفاً من وقوع هذا السلاح في أيدي "متطرفين" بحسب التعبير الإسرائيلي، كما تعارض أي دور اقتصادي مركزي للسعودية حتى لا تؤثر على الدور الاقتصادي المركزي الذي تسعى إسرائيل للقيام به في المنطقة.
_______________
مركز الجزيرة للدراسات