تنهمك الدبلوماسية الفلسطينية في نشاط يخالطه أمل كبير يتمثل في الترويج لفكرة اعتراف دولي عبر القبول بعضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة في 13 سبتمبر/أيلول القادم، وتأتي هذه الإستراتيجية الفلسطينية كبديل عن التفاوض المباشر بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في ظل إصرار إسرائيلي على عدم التوقف عن بناء المستوطنات كشرط لاستئناف المفاوضات رغم كل الضغوط الدولية في هذا الاتجاه، ورغم عدم اعتراف أية دولة في العالم بشرعية المستوطنات.
ذلك يعني أن السلطة الفلسطينية أدركت أن المفاوضات بالطريقة التي تمت منذ أوسلو حتى الآن لم تعد مجدية، لكنها رغم هذه القناعة لم تغادر دائرة التفاوض، بل إنها تريد إدارة المفاوضات بين الطرفين بواسطة خلق بيئة تفاوضية جديدة، من خلال تحسين المركز القانوني على المستوى الدولي عبر العضوية في الأمم المتحدة بكل ما يتضمنه ذلك من مكاسب "مفترضة" تتمثل في الآتي:
- يؤدي الاعتراف الدولي من خلال العضوية الكاملة في الأمم المتحدة إلى تحويل التفاوض مع كيان سياسي لا يعترف به العديد من الدول إلى تفاوض مع دولة تتحصن بكل ما يمنحه القانون الدولي للدول الأعضاء من حقوق، مثل السيادة، والاستقلال، وعدم التدخل في شأنها الداخلي، وعدم جواز الاحتلال، إلى غير ذلك من مبادئ قانونية دولية.
- إن عضوية الأمم المتحدة تعني مباشرة أن كل وجود إسرائيلي-سواء كمواقع عسكرية أو مراكز استيطانية أو منشآت اقتصادية أو سياحية، أو حتى طرق للمرور عليها أو أية مرافق أخرى- هو أمر غير قانوني، طالما أنه موجود دون موافقة السلطة السياسية القائمة في هذه الدولة الفلسطينية العضو في المنظمة الدولية.
- إن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة تفترض أن هذه الدولة قُبِلت عضوًا وقد تحدد إقليمها الجغرافي، وهو ما يعني أن حدود عام 1967(كما يفترض الطرف الفلسطيني) تصبح أمرًا خارج النقاش، وهو أمر يشمل القدس الشرقية التي لم تعترف أية دولة من الدول بضمها، بينما تريد إسرائيل أن يبقى موضوع الحدود بندًا من بنود التفاوض بين الجانبين؛ الأمر الذي تساندها فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي.
الاعتراف بالدولة: الجدوى والعقبات
لكن هذه الصورة المفترضة والتي فيها من الغواية القانونية الكثير، تواجه واقعًا سياسيًّا يجعل قيمتها الفعلية أقل كثيرًا مما يبدو للوهلة الأولى، ويكفي التوقف عند المشكلات التالية:
أولاً: العقبات القانونية: تسير إجراءات قبول العضوية في الأمم المتحدة عبر ثلاث مراحل:
- تقديم طلب العضوية للأمين العام للأمم المتحدة.
- يحول الأمين العام الطلب إلى رئيس مجلس الأمن الدولي الذي يحوله بدوره للجنة العضوية في المجلس، ليتخذ المجلس توصية في الموضوع، ويُشترط أن يوافق تسعة أعضاء على الأقل لصدور التوصية، على أن لا يعترض أي من أعضاء المجلس الدائمين على التوصية.
- تُرسل توصية مجلس الأمن إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يحولها للجنة السياسية في الجمعية، وتعد اللجنة تقريرًا يقدم للجمعية العامة للتصويت على الموضوع، ويُشتَرَط موافقة ثلثي الأعضاء باعتبار مسألة "مهمة" وليست مسألة "إجرائية" وفقًا لقواعد العمل في الأمم المتحدة.
وفي حالة رفض مجلس الأمن للطلب، فإن الجمعية العامة تدرس أسباب الرفض، وإذا لم تقبل توصية الرفض من المجلس، فإنها تعيد الموضوع للمجلس.
وأمام هذه الإجراءات ستجد السلطة الفلسطينية العديد من المشكلات:
- ضمان عدم استخدام الولايات المتحدة تحديدا حق النقض (الفيتو)، وهو أمر لا تلوح في الأفق أية بوادر على إمكانيته، ناهيك عن الاعتراض الأميركي الصريح على المشروع الفلسطيني، وقد يكون امتناع الولايات المتحدة عن التصويت هو الأمل الوحيد للسلطة الفلسطينية، وما يبرر المراهنة من قبل الطرف الفلسطيني على موقف أميركي من هذا القبيل، هو بعض المؤشرات التي تغري بمثل هذا التوقع، ومنها: الصورة السلبية للولايات المتحدة في الشارع العربي (رغم التعاطف السياسي مع ثورات الربيع العربي) والتي يحرص الرئيس أوباما منذ خطابه في جامعة القاهرة على تغييرها نحو الأفضل، كما أن أوباما قد أعلن بشكل صريح عن تأييده لفكرة إقامة دولة فلسطينية. وقد يتبادر للذهن الفلسطيني أمل بأن الرئيس الأميركي سيجد من الحرج الشديد ما يمنعه من استخدام الفيتو من ناحية، أو القبول بالمشروع من ناحية أخرى؛ لذا فقد يختار موقفًا وسطًا كالامتناع عن التصويت.
لكن التجربة التاريخية القصيرة في التعامل مع سياسات أوباما كشفت عن هوة واسعة بين أقواله وأفعاله؛ فرغم وعوده المعروفة بتحقيق السلام وبتصالحه مع المسلمين وبرفضه للاستيطان الإسرائيلي، فإننا ما زلنا نسمع منه جعجعة ولا نرى طحنًا.
ومن الممكن تفسير تراجعات أوباما من الناحية السياسية بأنها نتيجة للتجربة التاريخية في التعامل مع المفاوض العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص؛ فقد دلَّت التجربة التاريخية منذ أوسلو حتى الآن على أن الطرف الفلسطيني تراجع عن مواقف عديدة سابقًا بفعل اختلال موازين القوى من ناحية وبفعل تغييبه لأية بدائل غير التفاوض (كالعودة للمقاومة بكل أشكالها)، وقد تكون إستراتيجية الولايات المتحدة خلال الفترة المتبقية حتى سبتمبر/أيلول هي محاولة دفع الفلسطينيين نحو بديل آخر غير التوجه للجمعية، فإذا ذهب الفلسطينيون إلى مجلس الأمن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض، وقد تمارس ضغطًا هائلاً على دول أخرى لتعطيل صدور قرار من الجمعية، لينفتح الباب من جديد على طريق التفاوض مع إسرائيل.
- يبدو أن فكرة اللجوء لإعلان "الاتحاد من أجل السلام" تمثل بديلاً من وجهة النظر الفلسطينية في حالة استخدام واشنطن لحق النقض، وقد تستند الدبلوماسية الفلسطينية في احتمال لجوئها للإعلان إلى أن الوضع فيه تهديد للأمن والسلم الدوليين على غرار ما تذرَّعت به واشنطن في الأزمة الكورية والتي كانت سببًا في إعلان الاتحاد من أجل السلام.
ومع أن الطرف الفلسطيني استفاد من هذه المسألة في موضوع الجدار العنصري مما ساهم في إحالة الموضوع إلى المحكمة الدولية، إلا أن الرأي الاستشاري للمحكمة لم يمنع من استمرار إسرائيل في بناء الجدار، أي أن قرارات الأمم المتحدة لا تعدو أن تكون عامل ضغط أدبي أكثر منها عامل ضغط فعلي طالما أن هذه القرارات تنقصها إرادة التنفيذ من قبل القوى المركزية في النظام الدولي.
- أشرنا لضرورة الحصول على موافقة ثلثي أعضاء الجمعية العامة، فإذا علمنا أن عدد الأعضاء هو 193 دولة (بعد قبول جنوب السودان)؛ فإن ذلك يعني ضرورة الحصول على موافقة 129 دولة، وهو أمر قد لا يكون مضمونًا بشكل كبير؛ فطبقا لما أبلغته السلطة الفلسطينية لسفرائها في مؤتمر إستانبول الأخير، هناك 117 صوتًا يمكن اعتبارها مضمونة.
ثانيا: إذا انتقلنا إلى المستوى السياسي بعيدًا عن المماحكات القانونية -التي لها أهميتها أحيانا- لا بد من التوقف عند بعض الموضوعات:
- الدولة الفلسطينية: لعل مصطلح الدولة الفلسطينية من أكثر المصطلحات المتداولة غموضا؛ إذ أن استخدام المفهوم من قبل كافة الأطراف خلق اعتقادًا زائفًا بأنه أصبح مقبولاً؛ فالقوى الرئيسية كإسرائيل والولايات المتحدة والدول المركزية في أوربا بل وحتى روسيا والصين تستخدم المفهوم بمعنى لا يتطابق مع المفهوم لدى الفلسطينيين أو العرب؛ فإسرائيل تضع مواصفات معينة للدولة (فهي منزوعة السلاح، ولإسرائيل حق التواجد العسكري على نهر الأردن أي على الحدود الشرقية للدولة، وتعمل على بقاء بعض المستوطنات وضم بعضها، وهي دولة بدون القدس الشرقية، وبحدود أوسع من حدود القدس الشرقية بالتعريف الفلسطيني). أما الولايات المتحدة وأوربا، فإنهما يشيران إلى دولة فلسطينية يتم تحديد حدودها من خلال "التفاوض" بين الطرفين على قاعدة حدود عام 1967، أي دولة غير محددة الحدود مسبقًا؛ لذا يُخشى أن توافق بعض الدول على التصويت لصالح العضوية وتربط ذلك باتفاق ضمني أو سري مع السلطة الفلسطينية على أن الدولة الفلسطينية قابلة "للتأويل" السياسي في مرحلة لاحقة، وهو أمر لا نجد أن الموقف الأميركي بعيد عنه.
- ألم تعترف الأمم المتحدة عام 1947 بدولتين في قرار التقسيم إحداهما يهودية (وهي حُجَّة يتذرع بها نتنياهو) وأخرى عربية (لاحظ غياب مصطلح فلسطينية)؟ ورغم هذا الاعتراف فإن الدولة لم تر النور بل ذابت في كيانات عربية (الأردن ومصر) وبحدود أقل كثيرًا من قرار التقسيم؛ فهل سيعيد التاريخ نفسه؟
إن مشاريع اليمين الإسرائيلي والعديد من دراسات مراكز البحوث الإسرائيلية تتجه نحو تفسير الدولة الفلسطينية بشكل يسمح للتاريخ بأن يعيد نفسه؛ ففكرة الحل الأردني وفكرة تبادل الأراضي ليست بعيدة عن هذه الصورة.
كذلك سبق للرئيس ياسر عرفات أن أعلن عن الدولة الفلسطينية في الجزائر عام 1988، ولم تتجسد هذه الدولة، كما هدد عام 1999 بأنه سيعلنها من طرف واحد إذا لم يتم حل موضوعات الحل النهائي ولكن ذلك لم يحدث أيضًا، كما أن فياض أعلن في سبتمبر/أيلول عام 2009 أن الدولة ستُعلَن خلال عامين، وأكَّد ذلك أوباما في سبتمبر/أيلول 2010، وقال: إنه يأمل أن تُعلَن الدولة الفلسطينية خلال عام، ويبدو أن هناك خلطًا بين الإعلان عن الدولة وتجسيدها.
- إن اعتماد السلطة الفلسطينية على الدعم المالي الأوربي والأميركي والعربي "المعتدل"، يجعل الموقف الفلسطيني قابلاً للتطويع أو لإعادة النظر لاسيما في اللحظة الأخيرة، وقد كانت آخر تجليات هذا الجانب في عجز السلطة الفلسطينية عن دفع رواتب موظفيها خلال شهر يوليو/تموز الماضي؛ فقد نقلت نيويورك تايمز عن سلام فياض إقراره بأن من أصل 971 مليون دولار تعهدت بها الدول المانحة لم يتسلم هذا العام سوى 330 مليون دولار (أي أقل من ثلث المطلوب)، وقد كشف لنا تاريخ الصراع العربي-الصهيوني أن التقتير المالي ليس إلا أداة ضغط سياسية تنتهي أحيانًا بلقاءات سرية تفتح المجال لتغيرات إستراتيجية.
فإذا أضفنا لذلك تأثير اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية، وقدرته على استثمار هذه الدول للضغط على العديد من الدول الإفريقية والآسيوية والأميركية اللاتينية، تزداد الصورة قتامة.
- الانقسام الداخلي الفلسطيني بين فتح وحماس؛ فإلى جانب انتكاس المصالحة الفلسطينية، فإن انقسام السلطة الفلسطينية وعدم سيطرة أي من الطرفين على الإقليم الفلسطيني المفترض يجعل الطرف الإسرائيلي والأميركي يتكئ على انتفاء شرط وجود وحدة الإقليم ووحدة السلطة كأحد الشروط التقليدية لتعريف الدولة؛ ففي حالتنا هذه لدينا ثلاث سلطات في إقليم الدولة المقترحة لا يعترف أي منها بحدود إقليم الأخرى؛ فحدود الدولة الفلسطينية في التصور الإسرائيلي هي أقل كثيرًا من الحدود التي تفترضها السلطة، وحدود كل منهما لا تتسق مع حدود الدولة الفلسطينية في تصور حماس، كما أن الإقليم -كأحد أركان الدولة- خاضع لسلطات ثلاث، وهو ما يثير إشكالية سياسية مهمة.
- لا شك أن الظواهر الاجتماعية ظواهر جدلية، فهي ليست بالخير المطلق أو الشر المطلق؛ فرغم فضائل الثورات العربية المعاصرة، إلا أنها أدت لانكفاء الدول العربية على أوضاعها الداخلية سواء لمواجهة الثورات أو تداعياتها أو الهواجس من تكرارها. وقد ترك هذا الانكفاء الطرف الفلسطيني دون الحد الأدنى من الدعم. كما أن هذه الثورات عززت الهواجس الأمنية الإسرائيلية من احتمالات تغير البنية السياسية لإقليم الشرق الأوسط في اتجاهات قد تكون غير مواتية لإسرائيل، وسواء أكانت هذه الهواجس حقيقية أم تستثمرها إسرائيل لأغراض تفاوضية، فإنها ستجعل الموقف الإسرائيلي أكثر عنادًا.
الصورة المستقبلية: نحو أزمة جديدة
يمكننا تصور عدة احتمالات بخصوص ما سيحدث في سبتمبر/أيلول أو قبله:
أولاً: عرض الموضوع على الأمم المتحدة، وفي حالة التصويت، يمكن افتراض أن أغلب دول العالم النامي ستميل نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، غير أن كعب أخيل في الدبلوماسية الفلسطينية سيكون الموقف الأوربي، بخاصة الدول المركزية كفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وهنا سنجد عدة احتمالات فرعية:
- أن تمتنع الدول الأوربية عن التصويت.
- أن تنقسم مواقف الدول الأوربية؛ إذ يمكن أن تصوِّت بعض الدول وترفض بعض الدول وتمتنع دول أخرى عن التصويت.
- أن تضغط الدول الأوربية باتجاه صدور بيان من مجلس الأمن بدلاً من توصية أو صدور قرار من الجمعية العامة، وقد تساندها في هذا التوجه الولايات المتحدة، وقد يتضمن البيان، بعض النقاط التوفيقية مثل:
- الإشارة إلى حق الفلسطينيين في إقامة دولة، مع التأكيد على بيانات البنك الدولي وصندوق النقد عن جاهزية الدولة الفلسطينية.
- التأكيد على حق إسرائيل في إجراءات تضمن أمنها، وإدانة الإرهاب.
- التأكيد على أن يبدأ الطرفان المفاوضات استنادًا على هذين المبدأين.
وسيجنِّب هذا الموقف الولايات المتحدة اللجوء إلى حق النقض من ناحية، ويغري بعض الأطراف الفلسطينية ذات النزعة التفاوضية بالتراجع عن عرض الموضوع على الجمعية من ناحية ثانية، ويقدم نوعًا من النجاح النسبي لعباس في وقت تقترب فيه الانتخابات الفلسطينية رغم إعلانه أنه لن يخوضها.
ثانيًا: منح فلسطين مركز الدولة غير العضو؛ ففي الأمم المتحدة مستويات ثلاثة للعضوية؛ فهناك الدولة العضو كاملة العضوية، وهناك مركز المراقب (كحال منظمة التحرير الفلسطينية)، وهناك الدولة غير العضو (مثل مركز الفاتيكان، أو سويسرا حتى عام 2002)، وهو مركز لا يمنحها العضوية الكاملة، ولكنه يمنحها الحق في المشاركة في أعمال الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وقد تعتبر السلطة الفلسطينية انتقال المركز الفلسطيني لمستوى الدولة غير العضو خطوة للأمام رغم أنها أقل من الطموح الفلسطيني.
ومن الضروري التنبه إلى أن هناك فرقًا بين الاعتراف بالدولة (Recognition) والعضوية (admittance)، مع أن الأول يمهد للثاني لكنه لا يكفله بالضرورة. واستنادًا إلى ذلك قد تتحول إستراتيجية الدبلوماسية الفلسطينية إلى التحول في المركز القانوني من عضو مراقب إلى دولة مراقب، وبالتالي تصبح الضفة الغربية دولة تحت الاحتلال.
ثالثًا: أن تقوم اللجنة الرباعية بإصدار بيان يسبق انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، تؤكد فيه على ما ورد في خطابات الرئيس أوباما وبيانات البنك الدولي وصندوق النقد، والإشارة إلى أن التفاوض هو الطريق الأنسب للوصول إلى تحقيق الدولة الفلسطينية وضمان أمن إسرائيل.
رابعًا: أن تصِرَّ السلطة الفلسطينية على طرح الموضوع على الأمم المتحدة، ومن غير المحتمل أن لا تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو، وفي حال الحصول على العضوية، فإن ذلك يفتح المجال للمعركة الكبرى لتجسيد هذا الوجود فعليًّا على أرض الواقع، فلا يتحول الحق القانوني إلى إنجاز مادي ملموس دون الاتِّكاء على موازين القوى، وهنا تكمن المشكلة الكبرى للطرف الفلسطيني.
نحن نعتقد أن الحركة الوطنية الفلسطينية في طريقها إلى أزمة جديدة، قد تؤدي -أيًّا كانت نتائج معركة سبتمبر/أيلول في الجمعية العامة- إلى تزايد أزمة حركة فتح تحديدًا، وقد نشهد انتفاضة جديدة ضد السلطة الفلسطينية أو ضد سلطة الاحتلال، لاسيما أن الاستيطان قائم على قدم وساق، وليس هناك أية إشارات لتغير في موقف الحكومة الإسرائيلية تجاه القدس أو اللاجئين أو الاستيطان، وقد يكون للهيب الثورات العربية انعكاساته على الساحة الفلسطينية.
__________________
خبير في الدراسات المستقبلية