نشرت "راند" (1) في 21 فبراير/شباط 2011 تقريرا من 125 صفحة، يحمل عنوان "المرشد الأعلى القادم: عملية الاستخلاف في الجمهورية الإسلامية الإيرانية" (2). ويلفت التقرير الانتباه إلى أن هناك الكثير من الشائعات التي تتحدث عن أن صحة المرشد الأعلى الحالي آية الله علي خامنئي البالغ من العمر 71 عاما ليست على ما يرام.
ويعد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية الركيزة الأساسية للنظام الإيراني، فهو الذي يحدد طابعها العام وسياساتها ورؤيتها تجاه العالم الخارجي، فإذا ما توفي في هذه المرحلة وفتحت معركة خلافته، فإن نتيجتها قد تغير إيران نحو الأسوأ أو نحو الأفضل بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية.
يؤكد التقرير أنه من الصعب جدا التنبؤ بنتيجة هذا المسار، لذا اكتفى معدوه بإلقاء الضوء على السيناريوات الممكنة لعملية الاستخلاف في إطارها الواسع، وحاولوا تبيان العوامل المؤثرة في عملية الاستخلاف، إضافة إلى رصد المؤشرات التي تسبق مثل هذه العملية وتعطي رؤية عن المسار أو السيناريو الذي من الممكن أن تذهب إليه.
وزمنيا، يقصر التقرير قراءته لمسألة الاستخلاف واحتمالاتها على المدى القصير عموما، أي ما بين سنتين وثلاث سنوات، لأن تناول البعد المستقبلي للقضية بمعناه الواسع يجعل الأمر أكثر غموضا وتعقيدا. لكن في المقابل لا يتوانى عن إعطاء ترجيحات حول التغييرات أو الاحتمالات الأكثر ترجيحا في حال بقاء السيد خامنئي في منصبه لعشر سنوات أو أكثر.
العناصر المؤثرة في عملية الاستخلاف
مؤشرات تحدد اتجاه عملية الاستخلاف
تقييم السيناريوات على المدى القريب والبعيد
العناصر المؤثرة في عملية الاستخلاف
تشهد الساحة الإيرانية اليوم العديد من التحولات على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وهناك حراك ناجم عن موقف الحركة الخضراء وعن حركة النساء الحقوقية وعن تدهور الاقتصاد الإيراني وتدهور العلاقة مع أميركا.
ولا يمكن الاستخفاف بدور هذه العناصر في عملية الاستخلاف، لكنها تبقى ثانوية على المدى القصير مقارنة بثلاثة عناصر تؤثر بشكل حاسم في صياغة عملية الاستخلاف القادمة، وفي مصير منصب المرشد الأعلى، وهي:
أولا: توازن القوى بين المجموعات في السلطة
يعد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية الركيزة الأساسية للنظام الإيراني، فهو الذي يحدد طابعها العام وسياساتها ورؤيتها تجاه العالم الخارجي. |
ويمكن تقسيم القوى في إيران اليوم بشكل عام وواسع بين اليمين الإسلامي واليسار الإسلامي، حيث لا يكمن الصراع بين هذه المجموعات فقط بل داخل كل منها أيضا، وهو العنصر الطاغي في السياسة الإيرانية المعاصرة، خاصة أن التنافس الأكثر أهمية الذي يحصل اليوم هو بين المحافظين البراغماتيين والمتشددين.
وقد لعبت هذه القوى سابقا دورا في اختيار خامنئي مرشدا أعلى خلفا لآية الله روح الله الخميني، وذلك بدلا من آية الله حسين علي منتظري الذي كان نائبا للإمام الخميني. ومن المنتظر أن تلعب هذه القوى دورا أكبر من الدور الذي لعبته عام 1989، وذلك لأن الخميني كان يملك السلطة المطلقة والهالة العظمى التي تخوله عزل نائبه "منتظري" دون أن يلقى ذلك اعتراضات كبرى من القوى الإسلامية المتنافسة. لكن موت الخميني ومجيء خامنئي عزز هذا الانقسام داخل النظام، وقد بدا ذلك واضحا فيما بعد في فترة رئاسة محمد خاتمي وأحمدي نجاد، وقد أصبح أكثر عمقا مع انحياز خامنئي إلى معسكر المحافظين المتشددين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة 2009، وهو ما سيتيح لهذا المعسكر تموضعا أفضل في عملية اختيار المرشد القادم حال موت خامنئي.
ثانيا: مدارس تفسير مفهوم "ولاية الفقيه"
يستمد النظام الإيراني شرعيته الدينية والسياسية من مفهوم ولاية الفقيه الذي يحدد سلطات المرشد الأعلى. ومنذ صاغ الخميني مفهوم ولاية الفقيه وأعاد تفسيره وقولبته بما يتناسب مع ما يتطلع إليه، برزت مدرستان فكريتان، الأولى "مطلقة" ترى سلطات الولي الفقيه مطلقة ومستمدة من الإرادة المقدسة لله، والثانية "ديمقراطية" ترى أن على الولي الفقيه أن يحوز رضا شعبيا أيضا وأن يستمد سلطاته أيضا من الشعب.
إذا ما مات السيد خامنئي فلا شك أن الصراع بين المدرستين سيحتدم، علما بأن اعتماد حكم خامنئي وسلطته على المدرسة المطلقة وارتباطه بالمتشددين من إسلام اليمين لتبرير مواقفه جعل شرعيته تتآكل وتضعف بين طبقة رجال الدين العامة والنخب السياسية الأساسية كما بالنسبة إلى شريحة واسعة من الشعب الإيراني، خاصة أن السيد خامنئي كان قد كسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة تقليدا يقضي ببقاء المرشد على مسافة واحدة من المتنافسين، وأن يكون حكما يسمو فوق الخلافات التي تحصل بين مختلف الأطراف، لكن المرشد انحاز إلى أحمدي نجاد وتحول إلى طرف في الصراع الدائر.
ثالثا: شبكة خامنئي الخاصة (الدائرة المحيطة به)
لأن السيد خامنئي كان "يفتقد إلى الشرعية الدينية والسياسية التي كان يمتلكها سلفه السيد الخميني، فقد اعتمد للحفاظ على سلطته وتأثيره على شبكة خاصة من المحيطين به، تمتد من المكتب التابع للمرشد الأعلى مرورا بشبكة من الممثلين الشخصيين الخاصين، في الحكومة وفي الجيش وفي المجتمع وفي المؤسسات الأخرى الأكثر أهمية، الدينية والعسكرية، كالحرس الثوري".
واستعرضت هذه الشبكة قوتها في الانتخابات الرئاسية عام 2009، عندما "أظهر المرشد انحيازه إلى أحمدي نجاد رئيسا" في ظروف خلقت جدلا واسعا، فعملت بشكل حاسم وحازم على تعزيز حالة الستاتيكوأي "بقاء الوضع القائم" الذي قرره المرشد ضد ما سمته "الثورة المخملية" التي تقودها المعارضة. وقد استخدم الحرس الثوري وأيضا قوات الباسيج "بشكل عنيف في قمع الاحتجاجات" التي تولدت بعد الانتخابات في "استعراض واضح للقوة في إمساك الأمن الداخلي".
وبسبب هذا الوضع، أصبح "المتشددون" داخل الحرس الثوري العناصر الأكثر قوة في "شبكة خامنئي الشخصية". لذلك من المرجح أن يتدخلوا بشكل حاسم إلى جانب العناصر الأخرى داخل دائرة خامنئي الخاصة لمنع اختيار مرشد لا يتناسب معهم حتى وإن اختار هذا المرشد الجديد مجلس الخبراء، فقد أصبح لهذه المجموعة "شبكة مصالح واسعة وخاصة بهم"، ولا شك أنها ستسعى إلى حماية هذه المصالح في أي عملية استخلاف قادمة للمرشد الأعلى.
مؤشرات تحدد اتجاه عملية الاستخلاف
من شأن التطورات والتفاعلات التي تحصل في هذه العناصر الثلاثة الحاسمة السابقة الذكر وعلاقتها بعضها مع بعض أن تؤدي إلى حسم السيناريو المتوقع للاستخلاف في إيران حالما تدق ساعة المناسبة، علما بأن أي تغيير في طبيعة هذه العناصر وعلاقتها بعضها مع بعض من شأنه أن يؤثر في:
- طبيعة المرشد الأعلى ومصدر شرعيته وسلطته التنفيذية.
- دوره في عملية اتخاذ القرار ومدى تأثيره على مختلف شؤون الدولة والمجتمع الإيراني.
- أيديولوجيته وميوله تجاه مختلف التيارات ورؤيته للعالم.
- متطلبات تعديل أو تغيير دستور عام 1989.
- الخلفية الشخصية للمرشح المناسب وقدراته القيادية.
- التداعيات المحتملة لنوع القيادة المتوقع للنظام السياسي الإيراني الداخلي.
كما يمكن لنا الاستدلال بشكل أو بآخر على شكل المرشد القادم وأي السيناريوات الأقرب إلى الواقع من خلال متابعة المؤشرات التي تسبق مرحلة الاستخلاف أو تترافق معها والمرتبطة بالعناصر الثلاثة المؤثرة السابقة الذكر:
أولا: فيما يتعلق بالتنافس بين المجموعات
- سيطرة أحد التيارات على الحكومة.
- سيطرة أحد التيارات على مجلس الخبراء والمؤسسات الرئيسة الأخرى.
- العلاقة بين مختلف التيارات والمرشد الأعلى.
- تمثيل التيارات داخل النظام.
- وضع ومدى تأثير المجموعات الموجودة خارج النظام.
- وضع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
ثانيا: فيما يتعلق بمدارس تفسير مفهوم ولاية الفقيه
- تصريحات رجال الدين.
- المواقف السياسية والدينية تجاه التصريحات أعلاه.
- ردود فعل الحكومة تجاه المواقف من ولاية الفقيه.
- مدى استخدام الحكومة لولاية الفقيه في خطاباتها.
ثالثا: فيما يتعلق بشبكة خامنئي الخاصة والدائرة المحيطة به
- وضع الحرس الثوري وطبيعة أدواره المتعددة داخل إيران.
- مدى تناسق وتماسك خطاب الممثلين الشخصيين للمرشد خامنئي.
- وضع ونشاط بعض الشخصيات الرئيسة المقربة من المرشد.
- مجلس صيانة الدستور.
- حجم وسلطات مكتب المرشد الأعلى.
- استخدام المجموعات الأمنية الخاصة.
السيناريوات المحتملة لعملية الاستخلاف
ويتوصل التقرير إلى خمسة سيناريوات اعتمادا على المحددات التاريخية للنقاش حول موضوع الاستخلاف والعوامل المؤثرة في هذا الموضوع وفي الاتجاه الذي من الممكن أن تؤول إليه الأمور، وهي:
أولا: سيناريو "بقاء الوضع القائم"
لا شك أنه سيكون من الصعب بمكان توقع طبيعة وشكل عملية الاستخلاف إذا تمت بعد 15 أو حتى 20 عاما. |
ولا شك أن هذا السيناريو يعني بقاء الأمور على ما هي عليه من ناحية دور المرشد وصلاحياته وموقعه ودائرة علاقاته ونفوذه وتأثيراته في النظام الإيراني ككل.
ثانيا: سيناريو "المطلق"
وفي هذا السيناريو يأتي مرشد أعلى جديد مكان خامنئي ويكون ديكتاتوريا مطلقا يتمتع بخصائص ومؤهلات سياسية ودينية تعطيه هذه السلطات، ويكون هناك شبه تقديس لشخصه، فيجمع بين "الشرعية الدينية للخميني وسلطة حكم الرجل الواحد، فيكون أكثر تسلطا من المرشدين السابقين". ولهذه الرؤية المطلقة للولي الفقيه وللحكم أنصار ومؤيدون في الأوساط الإيرانية خاصة لدى آية الله مصباح يزدي والعناصر الراديكالية المنضوية تحت تيار اليمين الإسلامي التي تشكل أساس هذا الخيار.
ويتم اختيار المرشد الجديد في هذا السيناريو إما عبر السيد خامنئي سرا تمهيدا لتقديمه عندما يحين الوقت وإما يفرض نفسه عندما تصعد أسهم سلطته ونفوذه فيتم استمالته من قبل خامنئي لتقديمه. ومن المرجح أن يكون رجل دين متشددا ذا شخصية كارزمية ولديه نفوذ وشخصية قوية وبعض الشهرة لدى دوائر النظام الخاصة وأنصار في المجتمع، وهو قد يكون في إحدى دوائر السلطة حاليا وقد يتم التمهيد له أو تعزيز شعبيته من خلال إيصاله إلى منصب علني كأن يخلف الرئيس أحمدي نجاد بداية ويقوم بعدد من المبادرات الاقتصادية والاجتماعية التي تلقى ترحيب جميع القوى في الحكومة والمؤسسات. وإذا ما التقت دوائر نفوذ هكذا شخصية مع الدائرة الخاصة بالمرشد الأعلى علي خامنئي فقد يمهد ذلك لسيناريو استخلاف سريع ونافذ.
ثالثا: سيناريو "الديمقراطي"
ويأتي في هذا السيناريو مرشد أعلى إصلاحي يكون "أكثر مسؤولية وأكثر احتراما لمؤسسات الجمهورية وللنظام الانتخابي مما هو عليه خامنئي اليوم". يبقى المرشد الأعلى الجديد بطبيعة الحال المرجع الأعلى في إيران سياسيا ودينيا، ولكن سلطاته ستتقلص عما كانت عليه في عهد السيد خامنئي أو في سيناريو "بقاء الوضع القائم".
ويتحقق هذا السيناريو في حال امتلك اليسار الإسلامي (الإصلاحيون) القدرة على التأثير في المعطيات عبر الاستمرار في المطالبة بالإصلاح والضغط على الحكومة، بحيث تصبح في موقع ضعيف نتيجة تحالفات جديدة بين أصحاب هذا التوجه وآخرين ينضمون إليهم كالمحافظين التكنوقراط والمحافظين البراغماتيين أيضا بناء على نقاط توافق معينة مترافقة مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية مما يؤدي إلى بروز تسوية بين الحكومة والإصلاحيين تحت عنوان الحفاظ على الجمهورية الإسلامية، تؤدي إلى تغييرات في الديناميات السياسية للدولة.
وقد يلعب مجلس الخبراء الذي يترأسه رفسنجاني دورا في هذا السيناريو الذي يفترض أيضا أنه في هذه الحالة ستكون الشبكة الخاصة بالمرشد خامنئي في حالة ضعف وتخضع للضغوط السياسية والشعبية المتزايدة بحيث تفقد التأثير المطلوب للتلاعب بعملية الاستخلاف.
رابعا: سيناريو "مجلس القيادة"
ويعكس هذا السيناريو أيضا توجها ديمقراطيا لناحية أنه ينقل السلطة وتأثيراتها على الدولة بعيدا عن المرشد الأعلى باتجاه المؤسسات الإيرانية المنتخبة والإرادة الشعبية. وفي هذا السيناريو يتولى مجلس قيادي تنفيذي مهام الولي الفقيه ويحل محله ويستبدل من السلطة الفردية سلطة أخرى جماعية.
لقد طرحت هذه الفكرة مرارا عبر العقود الثلاثة الماضية في تاريخ الجمهورية الإيرانية، خاصة من قبل رفسنجاني والراحل آية الله منتظري اللذين سبق لهما أن طرحا فكرة إنشاء مجلس قيادة يكون الهدف منه التخفيف من المفهوم المطلق لولاية الفقيه، ويسمح لهما ولأتباعهما بلعب دور أكبر في عملية صنع القرار.
أما شروط تحقق هذا السيناريو فهي نفسها تقريبا المتوافرة في السيناريو السابق، وقد ينشأ عنها مجلس تنفيذي يضم ثلاثة رجال دين أو خمسة يكونون مسؤولين تجاه المؤسسة الدينية بقدر ما يكونون مسؤولين أمام المؤسسات المنتخبة، ويكون لمجلس الخبراء أيضا دور في اختيار هؤلاء والإشراف عليهم، بحيث يحظى مجلس القيادة هذا بنفس صلاحيات المرشد الأعلى في السيناريو الديمقراطي، ولكن سيتشارك مع الآخرين في عملية صنع القرار بنسبة أكبر مما هي عليه في سيناريو "بقاء الوضع القائم".
خامسا: سيناريو "الزوال"
وفي هذا السيناريو يزول منصب المرشد الأعلى للجمهورية لصالح النظام الجمهوري الذي قد يولد فيكون إما علمانيا وإما إسلاميا لا يقوده رجال دين، قد تقوم المجموعات السياسية المختلفة باصطفافات شبيهة بتلك التي قامت بها المجموعات التي ساعدت الخميني على الإطاحة بنظام الشاه قبل أن يتم قمعها وإسكاتها بعد الثورة لأنها أصبحت تشكل عقبة في وجه تطبيق رؤية الخميني لمفهوم ولاية الفقيه. هذه المجموعات هي:
- القوميون العلمانيون: خاصة أولئك المنضوين تحت يافطة جبهة دعم مصدق القومية، وهم من أقدم التيارات المعارضة للشاه.
- القوميون الإسلاميون: وهم الذين يملؤون الفراغ بين القوميين والإسلاميين، وشكلوا في فترة من الفترات المجموعة الأساسية لمستشاري السيد الخميني في فترة منفاه، ولعبوا دورا أساسيا في التحضير للثورة، ولكنهم عارضوا فيما بعد مفهوم ولاية الفقيه.
- الإسلاميون واليساريون العلمانيون/الماركسيون: مثل مجموعة مجاهدي خلق المعارضة.
- رجال الدين الشيعة التقليديون: الذين رفضوا مبدأ ولاية الفقيه كمبدأ شيعي للحكم.
تقييم السيناريوات على المدى القريب والبعيد
يشير الوضع الإيراني اليوم إلى أن شبكة المرشد الأعلى ودائرته الخاصة تدافع بشراسة عن "بقاء الوضع القائم" على ما هو عليه. |
ويشير الوضع الإيراني اليوم إلى أن شبكة المرشد الأعلى ودائرته الخاصة تدافع بشراسة عن "بقاء الوضع القائم" على ما هو عليه، وهو الأمر الذي يدفع بقوة إلى القول بأن احتمال حصول السيناريو الأول هو الأكثر رجحانا فيما لو حصلت عملية استخلاف مرشد أعلى جديد بدلا عن آية الله علي خامنئي خلال السنتين أو الثلاث سنوات القادمة.
أما السيناريو الثاني فيأتي في المرتبة الثانية من حيث الترجيح في الفترة نفسها القصيرة الأجل. ورغم أن السيناريوات الثلاثة الأخرى تبقى ضعيفة الاحتمال إلى حد كبير على المدى القصير، لا يمكن حذفها كليا من قائمة الاحتمالات على المدى البعيد.
لا شك أنه سيكون من الصعب بمكان توقع طبيعة وشكل عملية الاستخلاف إذا تمت بعد 15 أو حتى 20 عاما، لكن الأكيد أن العناصر الثلاثة التي ذكرناها سابقا والتي تلعب دورا حاسما في هذه العملية ستتغير وتتبدل، وستترك الانعكاسات التي خلفتها الانتخابات الرئاسية العام 2009 أثرها بوضوح على المدى البعيد في إعادة تشكيل هذه المحددات الثلاثة بحيث يضعف تأثيرها وتبرز عناصر أخرى معها، ولا سيما مع:
- أفول الحرس القديم: حيث ستختفي الشخصيات والقيادات المعروفة التي كان لها إسهام كبير في ولادة الثورة الإيرانية الذين تولوا مناصب هامة ومؤثرة في النظام منذ حينه. وسينشأ مكانها خلال 10 إلى 20 سنة قيادات جديدة شابة سيكون لديها منظور مختلف، ولا شك أن طريقة تفكيرها ورؤيتها للأمور ستنعكس على دور المرشد الأعلى.
- تفاعل القضايا الداخلية وصعودها: بشكل حتمي يفرض على النظام أن يتأقلم معها ويتجاوب لتغيير الواقع مع صعود القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى الواجهة، لاسيما فيما يتعلق بمطالب الشباب وتطلعاتهم وتأمين فرص عمل لهم، وهو الأمر الذي سيضع ضغوطا على النظام من دون شك لا يمكن تجاهلها.
- العلاقة مع الولايات المتحدة: ستستمر في لعب دور في هذا المجال، لأنها قد تؤثر في نوع المرشد الأعلى الذي سيخلف السيد خامنئي، وقد يكون للمواجهة الحالية فيما يتعلق بالبرنامج النووي دور دقيق في تحديد العلاقة بين الطرفين على المدى البعيد إلى جانب قضايا أخرى مثل حقوق الإنسان والنظرة إلى السلام والصراع بين إسرائيل والفلسطينيين والعرب سيكون له تأثير أيضا.
___________________
باحث في العلاقات الدولية
هامش
1- "راند": مؤسسة بحثية أميركية تأسست في العام 1948، ولها نفوذ كبير وتأثير عال على سياسة الولايات المتحدة الأميركية الخارجية، ولها علاقات وروابط مع وزارة الدفاع الأميركية، فهي تشرف على ثلاثة مراكز أبحاث تمولها وزارة الدفاع وغالبا يتم العمل بتوجيهاتها بناء على التقارير والأبحاث التي تقدمها للإدارة الأميركية.
2- لمطالعة النص الكامل للتقرير، إضغط هنا