تقوم نظرية العلاقات المدنية العسكرية على الفصل بشكل واضح بين المجال العسكري ونظيره المدني. فالجيش في المجتمعات الديمقراطية ينحصر دوره في الأمور المهنية الاحترافية التي أنشئ أساسا من أجلها. ويمكن تعريفه على أنه نظام من الأشخاص المؤهلين والمدربين على استراتيجيات وتكتيكات الحرب من أجل فعالية ميدانية ضد العدو لصد أي تهديد داخلي أو خارجي، محتمل أو حقيقي، ضد السيادة والوحدة الترابية وحياة وأمن السكان. ومن أجل أن تبقى المؤسسة العسكرية منضبطة ووفية لهذه المثل، فإن ذلك يستوجب خضوعها للسلطة المدنية باعتبار ذلك أهم مقياس على استقلاليتها واحترافيتها، إذ ينحصر دور المؤسسة العسكرية في ترشيد وتنفيذ القرارات التي تتخذها السلطة السياسية، ويتم الربط بين المجال المدني والعسكري عبر جهاز وزارة الدفاع.
بات مؤكدا منذ سقوط نظام "بن علي" أن الجيش التونسي قد لعب دورا محوريا في تسريع هذا السقوط. |
إن هذا الانتقال ما كان له أن ينجح بهذا الأسلوب السلمي لولا الدور التاريخي الذي قامت به المؤسسة العسكرية في التدخل لإجبار "بن علي" على الرحيل أمام تزايد الغضب الشعبي ضد نظام حكمه. وهذا ما يدفعنا إلى دراسة علاقة الجيش التونسي بالمجال السياسي، وطبيعة العلاقات المدنية العسكرية بتونس التي تشكل خصوصية مقارنة مع الدول المغاربية الأخرى. وأهم تساؤل يطرح بهذا الخصوص: لماذا تعتبر المؤسسة العسكرية المسهل الرئيسي لعملية التحول الديمقراطي بعد الانتفاضة الشعبية؟ وهل يمكن الحديث عن احتمال سيطرة الجيش التونسي على السلطة عقب انهيار نظام "بن علي"؟
الجيش والسلطة في عهد الرئيس بورقيبة
علاقة "بن علي" بالمؤسسة العسكرية
دور الجيش في إزاحة "بن علي" عن السلطة
استبعاد سيطرة الجيش التونسي على الحكم
الجيش والسلطة في عهد الرئيس بورقيبة
تأسس الجيش التونسي سنة 1956 عقب استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي. وتحول إلى رمز من رموز السيادة والاستقلال. وقد شكل هذا الجيش (الذي كان عدده حوالي 9500 جندي خلال بداية التأسيس) مرحلة انتقالية بين السلطة الاستعمارية والسلطة الوطنية الناشئة. فخلال هذه المرحلة، حاول الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة (1957-1987)، الذي نصب نفسه زعيما علمانيا وتحديثيا على شاكلة الزعيم التركي كمال أتاتورك، بناء جيش جمهوري على غرار النموذج الفرنسي، مما اقتضى إبعاد الجيش عن المجال السياسي، وساهم في تقويته عبر برامج التعاون العسكري بين تونس وفرنسا.
ويعتبر خطاب بورقيبة بتاريخ 14 أكتوبر/ تشرين الأول 1965 مرجعا أساسيا في فهم ملامح دور الجيش ومحددات السياسة الدفاعية التونسية. فهو كان يعتقد أنه مهما بلغت قوة الجيش التونسي ودرجة فعاليته، فإنه لا يمكن أن يصل إلى المستوى الذي يسمح له بتأمين وحدة الدولة وسيادتها دون دبلوماسية منفتحة على الخارج وتحالفات أمنية خاصة مع المعسكر الغربي، وبدون تلاحم بين الجيش والشعب، غير أن تعامله مع الجيش تميز بالحيطة والحذر خلال فترة حكمه، حيث عمل على إبقاء هذه المؤسسة متواضعة من حيث العدد والعتاد من أجل تحجيم طموحات العسكريين المرتبطة بالتدخل في السياسة، وكذا من أجل إحداث توازن بين مراكز السلطة السياسية بالاعتماد أساسا على دور أجهزة الأمن الداخلي. بيد أن التهديدات الخارجية التي واجهتها تونس والمنبعثة من محيطها الإقليمي فرضت الاهتمام بالجيش وبناء نظام دفاعي في حدود الإمكانيات المادية.
وصول الزعيم الليبي معمر القذافي إلى السلطة سنة 1969 بعد انقلابه العسكري على النظام الملكي لإدريس الأول، شكل عامل عدم استقرار بالنسبة لتونس بحكم الاختلافات الإيديولوجية والسياسية بين نظام علماني ليبرالي موال للغرب ونظام ثوري عروبي اشتراكي له طموحات في الزعامة الإقليمية و القومية. خلال هذه المرحلة كان نظام الحكم التونسي يعتبر أن للقذافي موقفا معاديا لتونس بدعمه للمعارضة التونسية التي كان يقودها صالح بن يوسف، والتوجه الاستفزازي الذي اتخذه النظام الليبي بعد فشل معاهدة الإتحاد بين البلدين لسنة 1974 ، كما كانت الحال في المشاكل الحدودية والدعم الخفي للإتحاد العام للعمال التونسيين، وطرد العمال التونسيين من ليبيا، وأحداث قفصة سنة 1980، إلى جانب الاتهامات التونسية لليبيا باغتيال الوزير الأول الهادي نويرة (1970-1980).
هذا التوجس من الجوار التونسي الذي كانت تغذيه كذلك الاختلافات على مستوى السياسة الخارجية، لاسيما الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي، كان محددا أساسيا في المعادلة الدفاعية التونسية، التي كانت تأخذ بعين الاعتبار كذلك العلاقات المتوجسة مع الجزائر بحكم نفس الاعتبارات المرتبطة بالتوجهات الإيديولوجية لكل نظام سياسي على حدة، وكذلك بسبب مشكل ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
واتساقا مع المعطيات السابق ذكرها، يمكن القول بأن السياسة الدفاعية التونسية خلال مرحلة بورقيبة كانت محددة بشروط الوحدة الترابية والتهديدات الصادرة عن النظام الإقليمي المغاربي، الشيء الذي برر الارتفاع الملحوظ بميزانية الدفاع والتسلح خلال فترة السبعينات والثمانينات للحصول على العتاد اللازم لتدريب الجيش وتطوير كفاءاته الميدانية. غير أن ضعف إمكانياتها المادية وتواضع مواردها النفطية لم يسمح لتونس بإحداث التوازن العسكري، وظل مجهودها التسلحي الأضعف في المنطقة مقارنة مع الدول المغاربية الكبرى، لأن هذه التهديدات كانت بالأساس ذات طبيعة سياسية ولم تتحول إلى مواجهة عسكرية تهدد سيادة الدولة. كما أن تونس لم تكن لها أية طموحات فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل خلافا للجزائر وليبيا، وكانت تنظر دائما بعين الريبة والحذر إلى أنشطة الدول المجاورة في هذا الميدان.
وعلى المستوى الداخلي، تدخل الجيش عددا من المرات لتقديم المساعدة لأجهزة الأمن الداخلي في قمع الاضطرابات التي عرفتها تونس، حيث ارتبط اسمه بالقمع الذي تعرض له النقابيون سنة 1978، وبالتدخل العنيف لصد الاضطرابات الاجتماعية التي عرفتها البلاد خلال سنة1981 و1984. أما عن القمع الذي تعرضت له حركة الاتجاه الإسلامي (النهضة) خلال نفس الفترة، فقد كان صادرا أساسا عن جهاز الأمن الداخلي الذي كان مكلفا كذلك بمراقبة تحركات كبار العسكريين ورصد اختراق مؤسسة الجيش من طرف الإسلاميين.
وهنا برزت القدرات الأمنية للجنرال "بن علي" الذي كان يدرك بأن تهميش الجيش وإضعافه لصالح الأمن الداخلي سيحدث توازنا داخل السلطة وسيساعده على تحقيق طموحاته في السيطرة على الحكم.
علاقة "بن علي" بالمؤسسة العسكرية
تدخل الجيش التونسي لتسريع نهاية نظام "بن علي" تحكمه إرادة إعادة الاعتبار لهذه المؤسسة وبناء التوازن بين مراكز القرار السياسي الأمني والعسكري. |
وبحكم هذه الاعتبارات، تمكن من الانقلاب على السلطة بتاريخ 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، ونصب نفسه رئيسا للدولة بمقتضى الفصل 57 من الدستور وبدعم من المؤسسات الأمنية التي كان يشرف عليها، حيث كان مديرا للأمن الوطني ما بين 1977 و1980، ثم ما بين 1984و1986، السنة التي عيّن فيها وزيرا للداخلية ثم أصبح بعد ذلك وزيرا أولا محتفظا بحقيبة الداخلية سنة 1987. كما استفاد من دعم المؤسسة العسكرية في فترة كانت فيها تونس على أعتاب حرب أهلية بسبب تدهور الأوضاع المعيشية والحرب المعلنة على الإسلاميين، فكان للعسكريين رغبة في التخلص من نظام بورقيبة الذي كان ضحية تناقضات نظام يدعي الحداثة، لكنه سلطوي وقائم على العلاقات الزبونية. ولهذا فان وصول "بن علي" إلى السلطة بدون عنف في ظل استمرار اشتغال مؤسسات الدولة وتنظيم انتخابات كان محل توافق داخل مؤسسة الجيش. وبناء عليه، يمكن القول أن الانقلاب على بورقيبة كان معدا له بشكل محكم من طرف ثلاثة محاور: الوزير الأول "بن علي"، رئيس الحرس الرئاسي "الحبيب بن عمار"، ورئيس هيئة الأركان "عبد الحميد الشيخ". وهذا التوافق يمكن معاينته من خلال تركيبة الحكومة التي أعلن عنها "بن علي"غداة وصوله إلى السلطة حيث تقلد عبد الحميد الشيخ عدة مناصب وزارية ودبلوماسية في عهد "بن علي" كوزير داخلية وخارجية وسفير بفرنسا، كما أنه تم تعيين بعض العسكريين في مناصب على مستوى الولايات. لكن هذا الدور سرعان ما سيختفي مع تصاعد نفوذ أجهزة الأمن الداخلي، خاصة جهاز الحرس الرئاسي. فبعد فترة انفتاح سياسي نسبي ما بين 1987 و1989، جعل "بن علي" من تونس دولة "بوليسية" ترتكز على جهاز أمني يضم أكثر من 120 ألف فرد، بمعدل 1.3 من عناصر الأمن لكل 100 تونسي، دون الحديث عن دور الشرطة السرية المتخصصة في ملاحقة الناشطين السياسيين والنقابيين.
وعلى غرار بورقيبة، استمر "بن علي" في سياسة تهميش الجيش وإبعاده عن المجال العام. فالشعب لا يعرف الشيء الكثير عن هذه المؤسسة، ما عدا الدور الذي تقوم به فيما يتعلق بقضايا الدفاع المدني، وما تتناوله الصحافة عن مشاركته في عمليات حفظ السلام، ومع ذلك كان يتمتع بقدر من التقدير الشعبي على خلاف جهاز الأمن الذي كان في نظر الشعب مرادفا للاستعمال المفرط للقوة. وفي الوقت الذي ارتبط فيه الفساد بعائلة الرئيس وعائلة زوجته، فإن الجيش لم تلحقه اتهامات الفساد والتورط في الصفقات المشبوهة, و لم ترد لحد الآن أسماء كبار الجنرالات في ملفات الفساد أو امتلاك مقاولات تجارية كبرى أو ادخار ثروات هائلة خلافا لكبار المسؤولين في جهاز الأمن. وفي هذه النقطة تحديدا، يختلف الجيش التونسي عن مثيله في الدول المجاورة في نظر الرأي العام التونسي.
دور الجيش في إزاحة "بن علي" عن السلطة
بات مؤكدا منذ سقوط نظام "بن علي" أن الجيش التونسي قد لعب دورا محوريا في تسريع هذا السقوط، ويمكن القول بهذا الخصوص، أنه ما كان لهذا النظام أن ينتهي لولا قرار الجيش خاصة موقف رئيس هيئة أركان الجيش البري الجنرال "رشيد عمار" بعدم التدخل لمواجهة المتظاهرين وإطلاق النار عليهم، حيث رفض الخضوع للأوامر التي تلقاها من الرئيس "بن علي" باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة بمقتضى الفصل 44 من الدستور.
الجيش لا يبدي استعداده لاستلام السلطة السياسية خلال المرحلة الحرجة الراهنة، لكنه في الوقت نفسه يرفض انهيار مؤسسات الدولة. |
ويمكن تفسير هذا السلوك بعدة اعتبارات: أولها، التزام الجيش التونسي بالبقاء بعيدا عن المجال السياسي وعدم التورط في مواجهة مباشرة مع الشعب يكون ثمنها فقدان مصداقيته. ثانيا: كانت قيادة الجيش تدرك أنه بعد الفشل في تهدئة الشارع التونسي وضمان أمن الدولة ومؤسساتها، أصبح الرئيس "بن علي" يشكل عبئا على استقرار الدولة، وبالتالي لا بد من التضحية به والإعلان عن انتهاء مرحلته. ثالثا: لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن مؤسسة الجيش بدورها كانت ضحية نظام "بن علي"، وعانت من التهميش وضعف التجهيز والصراع الخفي بينها وبين جهاز الحرس الرئاسي، وهنا يجب التذكير بالظروف المريبة التي قتل فيها قائد أركان الجيش البري في حادث المروحية رفقة 13 من كبار قادة الجيش، من بينهم قائد الأركان الجنرال عبد العزيز رشيد سكيك خلال شهر نيسان/أبريل 2002. وعليه، فإن تدخل الجيش التونسي لتسريع نهاية نظام "بن علي" تحكمه إرادة إعادة الاعتبار لهذه المؤسسة وبناء التوازن بين مراكز القرار السياسي الأمني والعسكري.
ورغم صغر حجم الجيش التونسي فإن هذا لم يشكل نقطة ضعف حقيقية (حيث يبلغ عدد أفراده 35.800 فرد موزعين على الجيش البري ب 27.000 والبحرية العسكرية ب4800 والجيش الجوي ب 400 فرد. هذا العدد هو بالتأكيد الأصغر حجما في منطقة المغرب العربي. إذ يبلغ قوام الجيش الليبي النظامي 76.000 فرد والاحتياطي 40.000 فرد. أما الجيش الجزائري فيصل قوامه إلى 147.000 فرد يضاف إليه 150.000 من جنود الاحتياط. بينما يعتبر الجيش المغربي الأكبر حجما إذ يقدر ب 195.000 إلى جانب 150.000 جندي احتياط)، غير أن قوة الجيش لا تقاس بنسبة عدد أفراده ولكن بكفاءته وقدرته على استيعاب تقنيات الحرب الحديثة والمتطورة.
فالعدد القليل المكون للجيش التونسي يمكن أن يلبي الاحتياجات الأمنية لتونس إذا ما تم تطوير أداء الجيش ومهاراته الدفاعية.
استبعاد سيطرة الجيش التونسي على الحكم
إن الدور المركزي الذي يقوم به الجيش التونسي في هذه المرحلة الانتقالية يدفع إلى التساؤل حول إمكانية ظهور أطماع لديه للسيطرة على الحكم إذا ما تدهورت الأوضاع الأمنية وفشلت عملية الانتقال السياسي، في ظل انقسام المعارضة بين تيار ينادي بالتعامل مع الحرس الرئاسي للنظام السابق نظرا لهشاشة الوضع الذي أعقب فرار "بن علي"، وبين تيار يطالب بالقطيعة مع رموز ذلك الحرس الذي دعم وكرس الاستبداد.
وباستقراء المعطيات الواقعية ومجمل التطورات التي أعقبت مغادرة "بن علي" البلاد، نخلص إلى القول بأن الجيش لا يبدي استعداده لاستلام السلطة السياسية خلال المرحلة الحرجة الراهنة، لكنه في الوقت نفسه يرفض انهيار مؤسسات الدولة. ويظل احتمال سيطرة الجيش التونسي على الحكم ضعيفا بالنظر إلى عدد من الاعتبارات، أهمها: أن الجيش يضطلع حاليا بمهمة دقيقة جدا من أجل تهدئة الأوضاع، وإعادة الاستقرار لمؤسسات الدولة، ودعم الشرعية الدستورية لهذا التحول. ويتجلى هذا الأمر تحديدا في ملاحقة أفراد الأمن الرئاسي وعدد من مساعدي الرئيس المخلوع، وملاحقة الأشخاص المتهمين بإذكاء العنف وتهديد الأمن خاصة الميلشيات المكونة من أتباع النظام السابق أو العصابات الإجرامية التي تستغل الأوضاع لتحقيق مكاسب مادية، كما أن هناك تعاونا بين الجيش والشرطة التونسية ولجان أهلية لحماية الأرواح والممتلكات في عدد من المدن والأحياء، إضافة إلى دور الجيش في مراقبة الحدود البرية مع ليبيا (459 كلم) والحدود مع الجزائر(965 كلم) لمراقبة حركة الأشخاص ومنع تسرب جماعات يكون هدفها إثارة الفتنة الداخلية.
الجيش له مصلحة أكيدة في انتقال سلس للسلطة السياسية وتطوير أدائه للسيطرة على الوضع الأمني، وبالتالي استرجاع هيبته ودوره الحقيقي في استتباب الأمن والاستقرار بتونس. |
وخلاصة القول، أن سياسة تهميش الجيش وعزله ضمن سلم النخب التونسية كان لها أثر سلبي على أصحابها، حيث أبانت التحولات الكبرى التي عرفها النظام السياسي التونسي أن المؤسسة العسكرية كانت رقما أساسيا في صنع هذه التحولات فيما يتعلق بالإطاحة بنظام "بورقيبة" وبعده" بن علي".
كما أبانت أن الجيش التونسي ليس ذا طبيعة انقلابية تتحكم فيه هواجس الانقضاض على السلطة واحتكارها، حيث اقتصر دوره على ضمان الانتقال السلمي للسلطة بدون عنف بالشكل الذي يضمن استمرار اشتغال مؤسسات الدولة، مؤسسا بذلك لتجربة منفردة في العلاقات المدنية العسكرية في العالم العربي العسكرية.
_______________
أستاذ محاضر في العلاقات الدولية- كندا