مقدونيا واليونان..من يوقف دوامات الصراع؟

أدت الصراعات المتكررة بين اليونان ومقدونيا وآخرها الخلاف بشأن اسم "جمهورية مقدونيا" إلى تأخر الأخيرة في الانضمام إلى الاتحاد الأوربي. فما عوامل وأسباب هذه الصراعات؟ ولماذا تعثرت سبل حلها طوال هذه السنوات؟ وهل من آليات جديدة تجنب البلدين مزيدا من الخلاف؟



 


 


 


 


 


 


 


 


 


محمد الأرناؤوط


جذور الصراع
مسار المفاوضات وآفاق الحل


أدت الصراعات المتكررة والأزمات المزمنة بين اليونان ومقدونيا والتي كان آخرها الخلاف العميق بشأن اسم "جمهورية مقدونيا" إلى تأخر الأخيرة في الانضمام إلى الاتحاد الأوربي.
فما أسباب وعوامل هذا الصراع؟ ولماذا يبرز عدم الاتفاق بين الجارتين على اسم للجمهورية المستقلة عن الاتحاد اليوغسلافي السابق كعقبة كؤود تحول دون إحلال السلام ولغة التعاون المشترك بينهما محل "الحرب الباردة" الدائرة رحاها منذ سنوات طويلة؟

تمهيد:
كان تصريحا لافتا للنظر ذلك الذي أدلى به رئيس وزراء جمهوية سلوفينيا (إحدى جمهوريات يوغسلافيا السابقة) بوروت باهور في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية (7 مارس/آذار 2011) عشية سفره إلى فرنسا حيث قال: "إن السلام في البلقان يتهدّده عدم حل الخلاف بين مقدونيا واليونان، وبين صربيا وكوسوفا وعدم حلّ المسائل الحساسة في البوسنة".

وفي الواقع إن هذا التصريح يأتي عشية الذكرى العشرين لانهيار يوغسلافيا ليبيّن الفرق الكبير بين جمهوريات يوغسلافيا السابقة الآن؛ حيث إن سلوفينيا كانت الأسرع في التخلص من الإرث اليوغسلافي الأخير (الصراع القومي) لتنضم إلى الاتحاد الأوربي في 2005، ولحقتها في ذلك كرواتيا التي حصلت على وضعية "دولة مرشحة" في 2007، ويُنتظر الآن أن تنضم إلى الاتحاد الأوربي في 2012، بينما تبدو على النقيض "جمهورية فيروم" (كما تُسمَّى في الأمم المتحدة) أو "جمهورية مقدونيا" (كما هي على أرض الواقع) و"جمهورية البوسن





ة والهرسك".

جذور الصراع





كانت مقدونيا دائمًا -وبالأخص منذ مطلع القرن العشرين- منطقة حيوية تتصارع للسيطرة عليها الدول المجاورة (اليونان وبلغاريا وصربيا) وترغب في تقاسمها، وقد تسبب هذا الصراع في الحرب البلقانية الثانية (1913)، كما كان أحد جوانب الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، والحرب العالمية الثانية (1939-1945)
كانت مقدونيا دائمًا -وبالأخص منذ مطلع القرن العشرين- منطقة حيوية تتصارع للسيطرة عليها الدول المجاورة (اليونان وبلغاريا وصربيا) وترغب في تقاسمها، وقد تسبب هذا الصراع في الحرب البلقانية الثانية (1913)، كما كان أحد جوانب الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، والحرب العالمية الثانية (1939-1945)، و"الحرب الباردة" بين الأحزاب الشيوعية الحاكمة (الاتحاد السوفييتي وبلغاريا ويوغسلافيا) في النصف الثاني للقرن العشرين.

وكانت "جمهورية مقدونيا" قد ظهرت في 1945 كإحدى جمهوريات الاتحاد اليوغسلافي وتضم بين جنباتها خليطا من السلاف والألبان و الأتراك والغجر.. إلخ، وبقيت كذلك مع بعض التوترات الإثنية حتى انهيار الاتحاد اليوغسلافي في صيف 1991 حين أُجري استفتاء على الاستقلال عن يوغسلافيا الفيدرالية في سبتمبر /أيلول1991 ضَمِن لها الانسحاب دون حرب بالمقارنة مع الوحدات الفيدرالية الأخرى (سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة وكوسوفا).

ولكن هذه الحرب التي سلمت منها "جمهورية مقدونيا" في عام 1991 لم تُنجها من "حربين" أخريين: الأولى: كانت دبلوماسية مع اليونان وحرمتها من اسم "مكدونيا"، والثانية كانت أهلية في 2001 وانتهت بتدخل دولي ولكن رمادها لا يزال ساخنا.

ففي خريف 1989 ومع التحول الديموقراطي والاندفاع القومي الذي ميّز أواخر عهد يوغسلافيا "التيتوية" قامت الغالبية السلافية في البرلمان المكدوني بفرض تعديل للدستور ينصّ على أن "جمهورية مكدونيا هي الدولة القومية للشعب المقدوني" بعد أن كان النص الدستوري في العهد التيتوي يقول: إنها "الدولة القومية للشعب المكدوني والقوميتين: الألبانية والتركية"، كما أُدخل في خريف 1990 تعديل آخر ينصّ على أن "جمهورية مقدونيا تهتم بوضع وحقوق أطراف الشعب المكدوني التي تعيش في الدول المجاورة". وإذا كان التعديل الأول قد أوصل الجمهورية إلى حافة حرب أهلية في 2001 لم تنته إلا بتدخل دولي فإن التعديل الثاني أدَّى إلى حرب دبلوماسية لا تزال قائمة حتى يومنا هذا مع اليونان على الرغم من التدخل الدولي.

هذه الحرب الدبلوماسية هي التي حرمت "جمهورية مقدونيا" من الاستقرار والانضمام إلى الاتحاد الأوربي وحلف الأطلسي مثل سلوفينيا وكرواتيا مثلا.

وكانت تجربة "جيش  تحرير كوسوفا" في 1997-1998 والتدخل الدولي في 1999 قد ألهمت الطرف الألباني في "جمهورية مقدونيا" في أواخر سنة 2000؛ فكوَّن "جيش التحرير القومي" الذي دخل في نزاع مسلح مع الحكومة التي كان يقودها آنذاك لوبتشو غيورغيفسكي والذي كان رمزًا للتيار المتشدد في "حزب الوحدة القومية المكدونية"، وهو ما أوصل البلاد إلى حافة حرب أهلية في صيف 2001 بين  السلاف الأرثوذكس (حوالي 65%) وبين الألبان المسلمين (حوالي 30%). ومع التدخل الفاعل للاتحاد الأوربي والولايات المتحدة أمكن التوصل إلى "اتفاق أوهريد" في أغسطس/آب الذي صاغ مفهوم دولة جديدة تقوم على الشراكة والمواطنية، وهو ما تبلور في التعديلات الدستورية التي أُعلن عنها في 15 أكتوبر/تشرين الأول،2001 والقوانين الجديدة المنبثقة عن الدستور الجديد.

أما اليونان فقد اعترضت على استقلال الجمهورية الجديدة وحملها لاسم "جمهورية مقدونيا" لأنها تعتبر ذلك اعتداء على التراث القومي اليوناني. وقد نجحت اليونان آنذاك في فرض موقفها على "الجماعة الأوربية"، التي تركت الأمر للتفاوض بين الدولتين المتجاورتين. وقد أثار التعديل الدستوري الثاني في خريف 1990 حفيظة اليونان لأنها كانت المقصودة به؛ إذ إن اليونان لا تعترف أساسا بوجود أقلية سلافية في القسم اليوناني من مقدونيا التاريخية (شمال اليونان حاليًا).

ومع اندلاع الحروب بين جمهوريات يوغسلافيا السابقة (صربيا وكرواتيا والبوسنة) فرضت اليونان حصارًا اقتصاديًا على "جمهورية مكدونيا"؛ وذلك بإغلاق ميناء سالونيك الأقرب مما مثل صعوبة إضافية على مقدونيا لأنها كانت تعتمد على موانىء يوغسلافيا السابقة التي اندلعت فيها الحرب كما سبق القول.

وقد استمرّت الحرب الدبلوماسية بين اليونان ومقدونيا حتى 1993 حين تمّ التوصل إلى "حل مؤقت" يقضي بقبول "جمهورية مكدونيا" في الأمم المتحدة باسم "فيروم" FYROMالذي هو اختصار لـ "جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة"، وذلك في انتظار توصل الطرفين إلى اتفاق عن طريق التفاوض.











مسار المفاوضات وآفاق الحل


ما إن بدأت المفاوضات بين اليونان ومقدونيا حتى تعثرت بسبب تشدّد الطرفين في مواقفهما، وبسبب التقلبات السياسية في كل دولة بناءً على نتائج الانتخابات البرلمانية هنا وهناك؛ حيث كان اليسار ينجح في دولة منهما (الحزب الاشتراكي في اليونان والحزب الاشتراكي الديموقراطي في جمهورية مقدونيا)، بينما يفوز اليمين في الدولة الأخرى (حزب الديموقراطية الجديدة في اليونان وحزب الوحدة القومية المقدونية في جمهورية مقدونيا)، بالإضافة إلى الأزمات المحلية المفاجئة هنا وهناك (النزاع المسلح في 2001 وتداعياته إلى الآن في "جمهورية مقدونيا"، والأزمة الاقتصادية الكبرى التي ضربت اليونان في 2008؛ مما أبقى هذه الدولة باسم "فيروم" في وثائق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية حتى الآن.

وفي غضون ذلك، وبسبب تفاقم الأمر وتداعياته على المنطقة (البلقان)، فقد عيّنت الأمم المتحدة وسيطًا خاصًا (ماثيو نيميتش) لمساعدة الدولتين على التوصل إلى حل للخلاف على اسم الدولة؛ فقد اتضح أن "الاسم المؤقت" (فيروم) قد تحوّل إلى عامل توتر محلي وإقليمي بعد أن اندلع النزاع المسلح في كوسوفا المجاورة عام 1998، وما أسفر عنه من نزوح حوالي 300 ألف لاجىء إلى "جمهورية مقدونيا" ثم عاد النزاع المسلح ليندلع فيها مرة أخرى 2001؛ مما أعاد إلى الأذهان "برميل البارود" الذي لم ينطفئ. ومع ذلك فقد فشلت الجولات العديدة من التفاوض حول الاسم المقبول للطرفين بعد أن رُفض أكثر من اقتراح؛ فقد رفضت اليونان اسم "جمهورية مقدونيا الشمالية" لأنه يعني تقسيم مكدونيا التي تعتبرها اليونان كيانا موحدا وجزءًا لا يتجزأ من تراثها القومي، بينما رفض الألبان اسم "جمهورية مقدونيا السلافية" لأنه يعني التسليم بالطابع السلافي للدولة وهو ما يتناقض مع الدستور الجديد الذي يؤكد على الطابع المشترك.




ما إن بدأت المفاوضات بين اليونان ومقدونيا حتى تعثرت بسبب تشدّد الطرفين في مواقفهما، وبسبب التقلبات السياسية في كل دولة بناءً على نتائج الانتخابات البرلمانية هنا وهناك؛ حيث كان اليسار ينجح في دولة منهما، بينما يفوز اليمين في الدولة الأخرى
وفي هذا السياق فقد أدى فوز الحزب اليميني القومي في الانتخابات المقدونية في يونيو/حزيران 2008 إلى تشدد في الموقف بعد أن كان الاعتقاد سائدا بأن اليونان يمكن أن تلين مواقفها بسبب الأزمة المالية التي ألمت بها عام 2008، لكن وقوف الاتحاد الأوربي معها في تلك الأزمة منعًا لانهيار اليورو جعلها تتخذ مواقف متشددة بالتوازي مع ضغط الاتحاد الأوربي نفسه على الطرف المقابل المتمثل في حكومة سكوبيه لتليين موقفها.

ومع تفاقم التوتر الداخلي في الشهور الأخيرة الذي وصل إلى ذروته في شهر فبراير/شباط المنصرم، تسربت أنباء في 20فبراير/شباط 2011 عن استعداد الوسيط الدولي لطرح اقتراحات جديدة خلال شهر مارس/آذار الحالي.

وكان الوضع الداخلي قد تفاقم في "جمهورية مقدونيا" خلال الشهور الأخيرة سواء بين المعارضة الممثلة في الحزب الاشتراكي الديموقراطي والحزب الديموقراطي الألباني والموالاة الممثلة في حزب الوحدة القومية المكدونية وحزب اتحاد الاندماج الديموقراطي، أو بين طرفي الموالاة نفسها.

فقد كان الاتحاد الأوربي قد تدخل بقوة في 2001 لإنهاء النزاع المسلح، ووضع دستور جديد للدولة، ومنح الدولة معاملة تفضيلية في 2005 باعتبارها "دولة مرشحة" للانضمام إلى الاتحاد الأوربي، كما قدّم المساعدة لها للانضمام إلى حلف الأطلسي، وهو ما كان سيساعد "فيروم" على حل مشاكلها وتنمية اقتصادها الذي لم يتخلص بعدُ من الإرث اليوغسلافي.

ولكن حكومة سكوبيه التي يقودها نيقولا غرويفسكي رئيس "حزب الوحدة القومية المقدونية" لم تذهب إلى أكثر من تعديل دستوري محدود وتغيير بعض رموز الدولة، التي كانت اليونان تعتبرها من تراثها القومي؛ ولذلك فقد فوتت الفرصة في 2008 عندما أوصت قمة حلف الأطلسي في بوخارست بتأجيل قبول "فيروم" في عضوية الحلف إلى أن تتوصل إلى اتفاق مع اليونان حول الاسم.

وفي موازاة ذلك كانت المفاوضات مع الاتحاد الاوربي قد تجمّدت في الوقت التي انطلقت فيه مع كرواتيا؛ مما أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الاجتماعي (متوسط الدخل سنويا حوالي 4500 دولار على الرغم من مساحة مكدونيا الغنية بالمعادن والغابات والأنهار والسهول الزرعية التي تبلغ 25.713 كم وعدد سكانها الذي لا يتجاوز المليونين إلا بقليل).

وقد تفاقمت الأزمة بين المعارضة والمولاة إلى حد أن المعارضة قاطعت البرلمان المقدوني منذ شهور للضغط على رئيس الحكومة غرويفسكي، الذي أعلن في نهاية فبراير/شباط المنصرم عن قبوله بالدعوة إلى انتخابات مبكرة في صيف 2011، وهذا يعني ترحيل التفاوض مع اليونان إلى الحكومة التي ستفوز في الانتخابات القادمة. ويبدو أن غرويفسكي أخذ يستعد من الآن للانتخابات؛ حيث إن المؤتمر الرابع عشر لحزبه القومي اليميني (الوحدة القومية المقدونية) قد أعاد انتخابه رئيسا في مطلع مارس/آذار الحالي لأربع سنوات أخرى.












ولكن المشكلة الكبرى كانت بين طرفي الحكومة الائتلافية حزب "الوحدة القومية المقدونية" وحزب "اتحاد الاندماج الديموقراطي" الوريث السياسي لـ "جبهة التحرير القومي" التي أعادت إلى الأذهان شبح الحرب الأهلية التي كادت تنزلق إليها "جمهورية مقدونيا" في 2001؛ فقد بنى غرويفسكي شعبيته على تحالف وثيق مع الكنيسة الأرثوذكسية، وعلى خطاب قومي ديني ضمن له الفوز في الانتخابات السابقة، وتقدّم بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة في يونيو/حزيران 2008  بمشروع "سكوبيه 2014" الذي أراد به أن يعطي مركز العاصمة طابعا قوميا أرثوذكسيا واضحا على الرغم من انتقاد المعارضة له سواء بسبب نفقات المشروع أو بسبب الطابع الديني الذي يستفز الشريك الآخر في الحكومة والدولة (المسلمين).

وفي هذا السياق المتوتر الذي كان يخيّم على العاصمة في الشهور الأخيرة حول هذا الموضوع فقد فوجىء سكان سكوبيه الشمالية (ذات الغالبية الألبانية المسلمة) في مطلع فبراير/شباط المنصرم بقيام السلطات الرسمية ببناء كنيسة أرثوذكسية في قلب القلعة العثمانية التي تطل على المدينة. وقد قيل في البداية: إن المبنى عبارة عن متحف، ولكن رأس الكنيسة الأرثوذكسية اعترف لاحقا أن المبنى هو كنيسة أيضا تُقام هناك عوضا عن كنيسة قديمة كانت موجودة هناك في القرون الوسطى. ونظرا لاعتراض الشريك الحكومي (حزب "اتحاد الاندماج الديموقراطي") على ذلك فقد انتهى الامر إلى اتفاق حكومي بتجميد البناء في الموقع.




مع أن الاتحاد الأوربي أرسل في السنوات الأخيرة رسائل كثيرة إلى سكوبيه بأن "المفتاح" في يدها، وبالتحديد في الاتفاق مع اليونان حول الاسم؛ فإن تباطؤ حكومة سكوبيه في الاستجابة والمبادرة لذلك كان وراء الكثير من المشاكل الاقتصادية الاجتماعية التي تأخذ للأسف طابعا قوميا دينيا بين الطرفين الرئيسيين المكوّنين للدولة
ولكن في مساء 12فبراير/ شباط 2011 استمر العمل بوتيرة متسارعة خلال الليل مما أدى في اليوم التالي إلى قيام أعضاء في حزب "اتحاد الاندماج القومي" بالهجوم على الموقع  وتدمير ما بُني حتى ذلك الحين، وهو ما أدى إلى اشتباك قومي ديني بين الطرف السلافي الأرثوذكسي والطرف الألباني المسلم أدى أسفر عن جرحى وأدى إلى تدخل قوات الأمن؛ مما أعاد إلى الأذهان شبح الحرب الأهلية التي كادت البلاد تنزلق إليها في صيف 2011.

وكما في 2001 فقد كان من الملاحظ بروز قلق دولي على تفاقم الوضع هناك. وعلى حين أن تركيا تدخلت لأول مرة للاحتجاج على الإساءة إلى التراث العثماني معتبرة أن "بناء كنيسة/متحف في الجانب الأبرز من القلعة يمكن أن يثير حساسيات جدية في المجتمع"؛ فقد سارعت الولايات المتحدة والاتحاد  الأوربي إلى دعوة الأطراف إلى ضبط النفس ومعالجة المشاكل عن طريق الحوار.

ومع أن الحكومة الائتلافية أعادت الاتفاق حول تجميد البناء إلى أن يتم التوصل إلى حلّ إلا أن الحلّ الحقيقي للوضع لا يقوم فقط حول هذا المبنى؛ لأن هذا المبنى مجرد رمز للمشكلة الكبرى التي تعاني منها "جمهورية مقدونيا" منذ سنوات بسبب تخلفها عن الدول المجاورة في التطور الاقتصادي والتقدم في مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوربي.

ومع أن الاتحاد الأوربي أرسل في السنوات الأخيرة رسائل كثيرة إلى سكوبيه بأن "المفتاح" في يدها، وبالتحديد في الاتفاق مع اليونان حول الاسم؛ فإن تباطؤ حكومة سكوبيه في الاستجابة والمبادرة لذلك كان وراء الكثير من المشاكل الاقتصادية الاجتماعية التي تأخذ للأسف طابعا قوميا دينيا بين الطرفين الرئيسيين المكوّنين للدولة (السلاف الأرثوذكس والألبان المسلمين).

ولذلك يمكن القول: إن لدى غرويفسكي فرصة متاحة الآن قبل أن يذهب إلى الانتخابات المبكرة في صيف 2011؛ حيث إنه قال بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا للحزب في 5 مارس/آذار الجاري: إن الانضمام إلى الاتحاد الأوربي يشكل "أفضلية" له ولحزبه. وطالما أن غرويفسكي يعرف "مفتاح" الانضمام إلى الاتحاد الأوربي فمن المأمول أن يتقدم خطوة إلى الأمام مع الاقتراحات الجديدة التي سيقدمها الوسيط الدولي نيميتش في نهاية هذا الشهر أو خلال الشهر القادم، ويفتح لهذه الدولة المتعثرة منذ 1991 طريقا واعدا.
_________________
أستاذ التاريخ الحديث بجامعة آل البيت بالأردن.





نبذة عن الكاتب