فرص العلاقات بين كينيا وجنوب السودان ليست على حساب الخرطوم

تسير كينيا وجنوب السودان نحو بناء شراكة قوية خصوصا في المجال التعاوني وفي تطوير قدرات جنوب السودان التقنية من أجل إدارة حكومته، وتبقى المسائل الأمنية والسياسية ذات حساسية بالغة بين البلدين في نظر الخرطوم وهو أمر لا ترى كينيا أن فيه خطرا على شمال السودان.
2012429122517481734_2.jpg
نظمت كل من جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا قبل شهرين حفلا في لامو بكينيا، تم في مراسمه وضع الحجر الأساس لبناء الميناء الجديد المقترح مكملا بمصفاة لتكرير النفط من أجل معالجة النفط الجنوب السوداني (الجزيرة)

مقدمة

تعتبر كينيا دولة قيادية في منطقة شرق إفريقيا لما تتمتع به من صناعة وبنى تحتية متطورة نسبيا وتعتبر نيروبي مقصدا إقليميا لدول الجيران بمثابة لندن شرق إفريقيا. تحتل كينيا موقعا استراتيجيا في مجموعة شرق إفريقيا مع ما يُلاحظ فيها من استقرار نسبي وبني تحتية متطورة نسبيا وهذا ما يجعل البلد ذا تأثير في دول المنطقة. يضاف إلى ذلك الدبلوماسية الهادئة للبلد وعدم تدخله في الشؤون الداخلية لدول الجوار مما جعل كينيا تحتل مكانة مرموقة بين دول الجوار في المنطقة.

وتبقى دولة جنوب السودان على علاقة خاصة بكينيا استنادا إلى عوامل تختلف من عوامل ثقافية، اجتماعية، سياسية واقتصادية من بين عوامل إستراتيجية أخرى. ثقافيا: يرتبط الكثير من الجنوب/سودانيين بصلات قرابة مع العديد من المجتمعات المحلية الكينية حيث تجمعهم اللغة والثقافة والتاريخ المشترك الطويل وتعززت هذه العلاقات من خلال الدعم الذي قدمته كينيا للاجئين من جنوب السودان الذين فروا إليها، وهذا ما جعل من السهل على البلدين إقامة علاقات أخرى على المستويين الرسمي والفردي. فبالفعل وبعيد إعلان استقلال جنوب السودان ظهرت مبادرات عديدة لتعزيز وترسيم العلاقات الثنائية بين البلدين إضافة للدور الكبير الذي تلعبه كينيا لدعم الحكومة في إنشاء نظام حكم جديد في جنوب السودان.

في الواقع أدى تسهيل عملية السلام بين جنوب السودان وشماله  وما نتج عنه من قيام دولة جنوب السودان إلى تعميق العلاقات بين البلدين. وشكل توقيع اتفاقية السلام الشامل في نيروبي أمرا ذا دلالة في هذه العلاقة. إضافة لذلك تبدوا العلاقات الثنائية بين البلدين في تحسن مضطرد يوما بعد يوم ويمكن المجادلة بان ذلك عائد للاحترام المتبادل بينهما. ومن المهم التأكيد على الإكراه الذي يشكله العامل التاريخي  في هذه العلاقة. ومن المتوقع أن يستفيد جنوب السودان بشكل أعمق من الدعم الكيني لتطوير وبناء كيان مستقر، مزدهر ومسالم. ويقطن الكثير من المواطنين الكينيين في جنوب السودان ويديرون مشاريع اقتصادية كما يقدمون خبرات تقنية ويشكلون مصادر بشرية هامة هذا عدا عن عديد الشركات الكينية التي تعمل في هذا البلد الجديد. تعد الصفقات الأخيرة للتطوير الواسع للبنى التحتية النفطية لتمر من جنوب السودان إلى كينيا، مؤشرا هاما لتعميق العلاقات بين البلدين.

أسهل المسالك لتحقيق الطموحات الإفريقية القديمة

يعتبر تاريخ جنوب السودان تاريخ حروب لا تبدو في الأفق لها نهاية واضحة؛ فقد أعقب استقلالَ الجنوب حروبٌ قبلية طاحنة، إضافة لكون السودان بقيادة البشير لم ينته بعد فيما يبدو من حربه مع الجنوب لاستمرار وجود اشتباكات على طول الحدود بين البلدين. وتتحدث التقارير الصحفية باستمرار عن مواجهات بين البلدين غالبا باستخدام ميليشيات لكن في بعض الأحيان باستخدام قوات عسكرية ولهذا يبقى الموت والدمار والتشرد وسيلة كل طرف لاستعراض عضلاته ضد الطرف الأخر؛ ولهذا يبقى الغموض هو السمة الأبرز في العلاقة بين البلدين. وسط كل هذه الإحباطات والالتباسات يبدو من الواضح أن كينيا وجنوب السودان تسيران في اتجاه بناء شراكة بينهما على طريق التقدم والتنمية. فبعيد استقلال جنوب السودان دخلت حكومة كينيا وجنوب السودان في مجال تعاون تقني يهدف إلى مساعدة جنوب السودان في تطوير قدراته التقنية من أجل إدارة حكومته وعليه التزمت الحكومة الكينية بدعم وتدريب الحكومة في جنوب السودان ومسئوليها من خلال المعهد الكيني للخدمات الخارجية الذي قام بدورات تدريبية لمسئولين في الخدمة الخارجية لجنوب السودان. ومن المتوقع أن يركز برنامج التدريب على تطوير قدرات المسئولين من أجل تحقيق التنمية المستديمة في جنوب السودان. ويشمل الدعم الكيني لجنوب السودان معالجة القضايا المتعلقة بالسلام وانعدام الأمن وقضايا إعادة إعمار ما بعد الصراع من بين قضايا أخرى.

وتجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين كينيا وجنوب السودان تعود لفترة ما قبل الاستقلال هذا إضافة للدور المحوري الذي لعبته كينيا في استضافة محادثات السلام بين الجنوب وحكومة الشمال الذي أدى لنهاية للحرب الأهلية التي دامت لأكثر من عقدين من الزمن مما ساهم في تعميق العلاقات بين البلدين. علاوة على ذلك اتخذ عديد كبير من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان من كينيا مقرا لسكنهم طيلة فترة الصراع مما أضفى حميمية أكثر لعلاقات البلدين. كما واصلت كينيا تقديم المساعدة للدولة الجديدة من اجل معالجة التحديات الكبرى التي تواجهها كتطوير قاعدة مصادر بشرية قوية وتوسيع البني التحتية للبلد.

من ناحية أخرى تبقى المسائل الأمنية والسياسية ذات حساسية بالغة بين البلدين وقد اتهمت كينيا من طرف الخرطوم في هذا الصدد بتزويد حكومة جنوب السودان بالأسلحة مما أثار حنقا من دور الطرف الكيني. وتبقى الأطروحة المضادة أقل اعتذارية حيث كيف بإمكان حكومة شمال السودان أن تمتلك الحق في تسليح نفسها وتزيد ترسانتها العسكرية من الأسلحة الصينية  والروسية والإيرانية؛ بينما يبقى جنوب السودان مكتوف الأيدي. هذا عدا عن كون الجيش الكيني يقوم بتدريب ضباط الجيش الجنوب السوداني إضافة لتوفير الدعم التقني في التدريب وإزالة الألغام  مما يزيد اشتباك العلاقات الأمنية بين البلدين، ومما يثير الاهتمام كون كينيا تشارك بكتيبة مناوبة ضمن قوات حفظ السلام في جنوب السودان كجزء من بعثة الأمم المتحدة . تشير كل هذه العوامل إلى تعقيد العلاقة بين البلدين والتي يمكن القول إنها تستند إلى صلات سياسية واجتماعية جوهرية منذ زمن طويل ولهذا السبب يجادل الكثيرون أن القيادة في البلدين بنت شراكة متينة بين البلدين اعتمادا على الاحترام المتبادل والقيم المشتركة.

شراكة إقليمية في غياب الخرطوم

نظمت كل من جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا قبل شهرين حفلا في لامو بكينيا، تم في مراسمه وضع الحجر الأساس لبناء الميناء الجديد المقترح مكملا بمصفاة لتكرير النفط من أجل معالجة النفط الجنوب السوداني فضلا عن استغلال الاكتشافات النفطية الكينية الجديدة. يتكون هذا المشروع من خط للسكك الحديدية يربط جنوب السودان بإثيوبيا وصولا للكامرون. ومن المتوقع أن يساعد المشروع الذي أطلق عليه اسم "لابست" كل من جنوب السودان وإثيوبيا على الحصول على منفذ بحري لكون البلدين لا يتوفران على أي منفذ. من ناحية أخرى سيخفف هذا الإجراء من التوتر الحاصل بين جنوب السودان وشماله وكذلك التوتر بين جنوب السودان وإثيوبيا وهذا من شأنه تحقيق السلام المستدام في قرن إفريقيا ظاهريا على الأقل.

تحرص كل من كينيا وجنوب السودان على تطوير علاقتهما بشكل يضمن تحقيق تطوير بلديهما، وتوجد مجالات عدة للتعاون بين البلدين كما توجد على الطاولة شراكات بينهما. وتكشف التفاعلات المختلفة عن مزيد من الفرص الجديدة لدفع هذا التعاون بين البلدين على المستويين السياسي والاقتصادي. وتقوم وفود من البلدين بتبادل للزيارات لعاصمتي البلدين مما يشير إلى مزيد من التفاوض حول هذا الموضوع والحجة التي تقدم بشكل مستمر هي أن هذه العلاقات الناشئة هي مجرد تأكيد للعلاقات القائمة بين البلدين. وتتجاوز العلاقات بين البلدين الاستثمارات الجديدة، فعلى سبيل المثال وكما لاحظ عدة مراقبين، قام جنوب السودان باستثمار الجهد والعزم اللازمين، وبتشجيع إقليمي من كينيا، بمراجعة دستور الدولة المؤقت من أجل جعل المنطقة أكثر جذبا للاستثمار، إضافة للسعي المستمر من طرف جنوب السودان لتعزيز فرص التعاون والاستثمارات المحتملة مع السلطات الكينية المختصة. يرجع ذلك في الأساس للقبول الواسع النطاق الذي تلقاه كينيا كجسر بين مجموعة شرق إفريقيا وبقية العالم.

كما لاحظ بعض المعلقين، تمحور العلاقات الكينية الجنوب سودانية حول ثلاثة مجالات رئيسية تتمثل في تعزيز التجارة عبر الحدود، وتعزيز القدرة التصنيعية للجنوب وتنفيذ البني التحتية التي تربط بين كينيا وجنوب السودان. وتم تعزيز هذا الجهد من خلال الاعتراف الكيني باحتمالية كون جنوب السودان شريكا أساسيا له وعليه كانت المساهمة الكينية في الاستثمارات في البنية التحتية في جنوب السودان، ويشمل ذلك بالطبع خط السكة الحديدية المقترح واتفاقية خط أنابيب النفط. ويعد ميناء لامو وممر النقل بين جنوب السودان وإثيوبيا المعروف اختصارا بـ"لابست" مشروعا ضخما سيفضي إلى تطوير مطارات وأنشاء سكك حديدية وشق طرق، والأكثر من ذلك إنشاء خط أنابيب نفطية بين لامو -حيث سيتم بناء مصفاة تكرير جديدة- وجنوب السودان. وتهدف وسائل المواصلات في المشروع إلى ربط المدن في كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان، ويهدف ممر نقل الوادي المتصدع لربط مومباسا وأوغندا بجنوب السودان تاركا السودان كأبرز غائب عن مشروع البني التحتية الكيني الذي يسعى للرفع من مستوى التجارة البينية في المنطقة. كلاعب رئيسي ومقر لمنظمة الإيجاد إضافة لكونها مكان توقيع اتفاقية السلام الشامل، تمتلك كينيا مصلحة خاصة كبيرة في الحرص على التنفيذ الفعال لهذا المشروع. إضافة لكونها العملاق الاقتصادي في المنطقة، تستفيد كينيا من نمو سوق كبير جديد وبني تحتية في الجنوب بما في ذلك أنبوب لنقل النفط.

يجري تعزيز العلاقات الاقتصادية بين كينيا وجنوب السودان يوما بعد يوم مركزين على التطور والتنمية في كل من البلدين. ومن المرجح أن تكون فوائد هذا التعاون عظيمة وأن تشمل خلق فرص عمل، وفرص تجارية وكذا فوائد للمستهلكين في كلا البلدين. ويشير المراقبون أيضا إلى الدور النشط الذي يلعبه المواطنون الكينيون في القطاع الخاص في جنوب السودان مما يسهم في تقديم مهارات وخبرات في مجلات الإنشاءات، والنقل الجوي، والتأمينات، وتطوير البني التحتية والسلع غير الرسمية إضافة لقطاع المنظمات غير الحكومية. وفي هذا المجال قام البنك التجاري الكيني بافتتاح ثمانية فروع في مختلف أنحاء جنوب السودان منذ 2006. وبغض النظر عن هذا كله توجد مؤشرات لمزيد من التوسع في هذا المجال حتى مع دخول فاعلين رئيسيين في مجال التحويلات والصناعة البنكية مثل دخول بنك أكويتي وباركليز على الخط. وبالفعل قام بنك أكويتي، المملوك للحكومة الكينية، بالتفاوض مع حكومة جنوب السودان حول رغبة البنك في تطوير حقول النفط، كما قامت مؤسسات استثمارية أجنبية متعددة بالاستكشاف في جنوب السودان مستخدمين البنوك الكينية كوسطاء لمشاريعهم. إضافة لذلك ينوي القادة الكينيون إيجاد أسواق رئيسية للصادرات الكينية في جنوب السودان.

كينيا من أكبر داعمي الحركة الشعبية في الماضي

تعتمد كينيا في علاقاتها بكل دول الجوار على التعايش السلمي، واعتمادا على هذا المبدأ حاولت كينيا التصالح بين شمال وجنوب السودان طيلة عقدين من حرب لا طائل من ورائها وفي النهاية استطاعت كينيا تسهيل المفاوضات التي رعتها منظمة الإيغاد والتي أسفرت عن اتفاق السلام الشامل. وكما لاحظ عدة معلقين لم تفشل كينيا في تحقيق رغبتها في تحقيق السلام بين البلدين. وتعتمد هذه الجهود، من ناحية، على كون كينيا تحتضن عددا كبيرا من الطبقة السياسية لجنوب السودان، وتعتمد من ناحية أخرى على الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي على كينيا بوصفها مؤهلة أكثر من غيرها للعب دور في هذه العملية. إضافة لذلك أصبحت قضية الأمن والسلام في  جنوب السودان مشكلة كينية مع الدعوات التي يرفعها المواطنون لإيجاد حل لهذه المشكلة.

لا يخفى على أحد أن كينيا ظلت أكبر داعم للحركة الشعبية لتحرير السودان وقد فتح حدودها لاستقبال أكثر مائة ألف لاجئ سوداني في ذروة الحرب. ورغم أن دعم اللاجئين جاء من مصادر متنوعة إلا أن الأزمة سببت تكاليف وضغوطا مالية وإنسانية غير محسوبة. وعلى الرغم من الضغوط على البلد سمحت كينيا للحركة الشعبية لتحرير السودان باتخاذ كينيا قاعدة لعملياتها بعد طردها من إثيوبيا؛ ولهذا تعتبر كينيا اليوم موطنا للطبقة الحاكمة في جنوب السودان. وكما لاحظ معلقون فإن تعاطف وعلاقة الكينيين بجنوب السودان تجلت أكثر أثناء الحداد على الدكتور جون غرنغ الذي كانت وفاته حدثا هاما في كينيا كما هو الشعور دائما تجاه كل ما يحدث في جنوب السودان اليوم.

كان للماضي حضور دائم في تشكيل العلاقة بين الدول في شرق إفريقيا وتستمر كينيا بالخصوص في توفير الدعم القوي إضافة للالتزام والوساطة باسم جنوب السودان لتسهيل اندماجه مع بقية دول شرق إفريقيا، وكذا تشجيع فرص التعايش السلمي مع السودان من أجل الاستقرار في المنطقة. وتم تشجيع ذلك من خلال العلاقات الوثيقة سواء السياسية، الاجتماعية أو الاقتصادية السائدة بين البلدين ويتوقع أن تتطور العلاقات بين البلدين أكثر زيادة على ما هي عليه الآن.

من الواضح أنه على كينيا مواصلة دفع الجهود الرامية لإيجاد حكومة مستقرة في جنوب السودان ويتم تحقيق ذلك اليوم من خلال ممارسة الضغوط السياسية، الاقتصادية والاجتماعية داخل كل من كينيا وجنوب السودان. الفوائد التي يجنيها الطرفين من الاستقرار في جنوب السودان كبيرة جدا على وبعض هذه الفوائد ناتج عن التوتر الحاصل بين جوبا والخرطوم. مع ذلك فإنه من المتوقع أن يواجه الطرفان تحديا تتعلق بتنفيذ هذه المشاريع نظرا لكون المشروع الرئيسي -خط الأنابيب- كان طموحا للغاية فيما يبدو؛ حيث من المؤمل له أن ينتهي في فترة 11 شهرا وهذا ما قد يكون تفاؤلا غير واقعي يصعب تحقيقه ما لم يتم إتباع طرق أكثر ابتكارا لتنفيذ المشروع لكنه سيدفع بلا شك في اتجاه تقوية وتدعيم العلاقات بين البلدين.

يبقى القرن الإفريقي منطقة هشة: فالوضع في جنوب السودان ممزق نظرا لاستمرارية الحرب، والصومال في حالة حرب داخلية دائمة. وتشير الدراسات التي أجريت في المنطقة إلى وجود اعتقاد شعبي بأن هذه الصراعات لها أثار ضارة على الدول المجاورة والحالة الأكثر وضوحا في هذا السياق هي تأثير الحرب في الصومال على الوضع في كينيا؛ فبعد سنوات طويلة من خطف السفن في المياه الصومالية، وما تبعه من مراقبة مكثفة لهذه المياه من طرف المجتمع الدولي للحد من عمليات خطف السفن، يعتقد القراصنة أنهم أصبحوا هدفا سهلا في هذا الصراع وقد كانوا فعلا كذلك لبعض الوقت قبل أن يتمكنوا من خطف سياح من الشواطئ والفنادق في كينيا. وفي النهاية كان على كينيا دخول الصومال  والعواقب لا تزال كبيرة من حيث الأرواح والموارد التي خصصت لحرب كان يمكن تفاديها لهذا يجب النظر إلى العلاقة بين كينيا وجنوب السودان أيضا من هذا المنظور.

يبقى السلم والاستقرار في المنطقة رهيني علاقات التعاون بين دول المنطقة؛ لذلك تلعب التجمعات الإقليمية مثل مجموعة شرق إفريقيا، ومبادرة حوض النيل، ومنظمة الإيغاد ومنظمة الاتحاد الإفريقي دورا مركزيا في تسهيل وتعزيز علاقات التعاون بين دول المنطقة. ويجب النظر الى العلاقة بين كينيا وجنوب السودان من هذا المنظور كذلك، كما يجب النظر إليها أيضا في ضوء مكاسبها الإيجابية على البلدين التي تفوق سلبياتها. الفوائد التي تعود بها العلاقة بين البلدين والمنطقة كبيرة جدا ويستفيد كل طرف من هذه العلاقة انطلاقا مما يمتلكه من قدرات. تستفيد كينيا من سوق ضخمة تضم 140 مليون نسمة إضافة لكون جنوب السودان يشكل قاعدة لاستيراد البضائع من كينيا وأوغندا نظرا لكون القطاع الصناعي في جنوب السودان لا يزال في مراحله الأولى. وينوي أعضاء مجموعة شرق إفريقيا الاستفادة من الإمكانات والموارد الكبيرة الغير مستقلة في جنوب السودان.

من ناحية أخرى ورغم الاعتراف الإثيوبي الشعبي باستقلال جنوب السودان ظلت العلاقة الرسمية بالكيان الجديد متوترة نظرا للمخاوف الإثيوبية من المطامع الانفصالية لحركة أوغادين. ومن المثير للاهتمام أنه لا يوجد أي تهديد حقيقي لإثيوبيا رغم استقلال جنوب السودان. وعلى العموم فإنه من المتوقع أن تستفيد جميع دول المنطقة من الإمكانات النفطية والزراعية الهائلة لجنوب السودان رغم الصعوبة التي سيواجهها  جنوب السودان في منافسة اقتصاديات متقدمة مثل الاقتصاد الكيني على سبيل المثال. وبات من الواضح بشكل متزايد أن المنطقة ستحتاج لبذل جهود تعاون مشترك في سبيل تحقيق الأهداف التنموية وكذلك من أجل تحقيق السلام في المنطقة. وفي هذا الصدد تعتبر العلاقة بين كينيا وجنوب السودان مثالا جيدا لعلاقات التعاون المبنية على عوامل متعددة ولكنها موجهة تحديدا نحو تحقيق التنمية والاحترام المتبادل استنادا على التاريخ والثقافة المشتركين بعيدا عن مبادئ التلاعب الاستغلال.
_________________________________
د. لوك أوبالا - كاتب ومحلل سياسي كيني
ترجمة: الحاج ولد إبراهيم - باحث وإعلامي موريتاني

المراجع
Collins, R. (2006). The southern Sudan in historical perspective. New Jersey, NJ: Transaction Publishers.
Gabriel, P. (2012). Can new Kenyan pipeline save South Sudan’s oil? Retrieved on 19 March, 2012 from http://blog.maplecroft.com/2012/03/02/can-new-kenyan-pipeline-save-south-sudans-oil/
Howes, P. (2012). Kenyan-Sudanese Relations: heading for a collision. Retrieved on 19 march, 2012 from http://africanarguments.org/2012/02/09/kenyan-sudanese-relations-heading-for-a- collision-by-peter-howes/
International Crisis Group, (ICG) (2010). Sudan: Regional Perspectives on the Prospects of Southern   Sudan Independence. Retrieved on 19 March, 2012 from http://www.crisisgroup.org /media /Files /africa/
Muwanga, D. (2012). EAC, COMESA, SADC pact signing for 2014. Retrieved on 20 March,  2012 from http://www.busiweek.com/index.php?option=com_content&view=article&id=2354:eac- comesa-sadc-pact-signing-for-2014&catid=95:eac-news&Itemid=1414
Natha, B. (2011). Kenya, Uganda salivating at South Sudan prospects. Retrieved on 20 March, 2012 from http://thecitizen.co.tz/magazines/32-political-platform/9698-kenya-uganda-salivating-at-south-sudan-prospects.html
Okot, J. (2008). GOSS urges Kenyan Leaders to embrace Peace and Unity. Retrieved on 20  March,  2012 from http://www.gossmission.org/goss/index.php?option=com_content&task=view&id=363&I temid=192
PPS, (2012). Kenya roots for cordial relations between Sudan and South Sudan. Retrieved on 20 March, 2012 from http://www.kbc.co.ke/news.asp?nid=75421
Shyaka, A. (2011).Country's Bid to Join EAC Rejected As South Sudan's Deferred. Retrieved on  20 March, 2012 from http://the-chronicles.net/index.php/region/257-countrys-bid-to-join-eac-rejected-as-south-sudans-deferred.html
TradeMark Southern Africa, (TMSA) (2011). Regional blocs threaten Uganda's grip on South Sudan Market. Retrieved on 20 March, 2012 from http://www.trademarksa.org/news/regional-blocs-threaten-ugandas-grip-south-sudan-market

نبذة عن الكاتب