ما زال الغموض يلف تاريخ الانتخابات الرئاسية الكينية القادمة ويعود ذلك بشكل كبير لاعتماد دستور جديد في 2010 الذي تم إقراره بعد إجراء استفتاء شعبي قبل الانتخابات السابقة، لكن تفسيرات هذا الدستور بقيت محل انقسام وإثارة للجدل في كينيا، هذا عدا عن التعقيدات الكبيرة التي تطرحها قضية محكمة الجنايات الدولية والتي تجعل من الانتخابات المقبلة قضية ذات رهانات عالية جدا. لذلك بدأت هذه الانتخابات في جلب توترات حقيقية حتى قبل بدايتها تماما كما حدث في الانتخابات التعددية الأخيرة وأبرز مؤشر على ذلك هو الارتباك الذي يسود الطبقة السياسية حول البحث عن أفضل الطرق السياسية للحصول على ثقة مجموعاتهم "الإثنية"(1)
بدءا بأول انتخابات تعددية نظمت في كينيا في 1992، كانت للمعارك الانتخابية تأثيرات مدمرة لحياة الناس، وقد برزت حدة تلك المعارك في الصراع ما بين المعارضة وبين حزب "كانو" الحاكم؛ لكن سرعان ما اكتسبت هذه الصراعات بعدا إثنيا في مناطق معينة، وذلك في سعي واضح لتنظيف مناطق جغرافية معينة من المعارضة. كما كان من الواضح أيضا أن هذه الهجمات استهدفت مواطنين من إثنيات معينة تشكل دعامة انتخابية للمعارضة؛ مما شكل دليلا آخر على دخول العامل العرقي بشكل جدي على أجندات العملية السياسية.
ستقام الانتخابات الرئاسية المقبلة في جو مختلف تماما على ضوء الانتخابات العامة المثيرة للجدل عام 2007 التي شابتها تناقضات من نواحٍ عديدة؛ حيث كانت سلمية إلى غاية إعلان النتائج التي أدت لفوز المرشح كيباكي وهو الأمر الذي أدى لتحول مأساوي تمثل في عنف رهيب ومستويات غير مسبوقة من إراقة الدماء. ولأزيد من شهر تقريبا سادت فوضى عارمة كل البلد، وتمخض عنها دمار أقل ما يقال عنه إنه كان مروعا أسفر عن موت أكثر من ألف وثلاثمائة شخص وتشريد أكثر من ستمائة ألف إضافة لدمار واسع للممتلكات.
أسفرت هذه الأزمة عن تشكيل لجنة تضمن شخصيات إفريقية بارزة مثل الأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد كوفي عنان رئيسا، والرئيس التانزاني السابق بنيامين مكابا والسيدة الأولى السابقة لجنوب إفريقيا كراكا ماشيل. وقد ساعد هذا الفريق في إعادة بعض التوازن للبلد، وذلك من خلال إعادة صياغة دستور جديد مما أدي لإعادة هيكلة طريقة الحكم في البلد من خلال عملية انتقال وإعادة توزيع للسلطة كأبرز إنجاز في العملية. وكما يبدو، فقد كان الدستور الجديد متقدما للغاية بما نص عليه من حقوق كما تضمن من بين أمور أخرى إعادة هيكلة جهاز القضاء ومهام البرلمان والجهاز التنفيذي للحكومة بصفة متساوية بين الأطراف.
من المستفيد من حالة اللايقين حول الانتخابات المقبلة؟
تسود حالة كبيرة من اللايقين حول ظروف انعقاد الانتخابات الرئاسية الكينية المقبلة بالنسبة للمتورطين في أعمال العنف السابقة وأصحاب الحصانة، وتطال هذه الضبابية اللعبة السياسية الجديدة بأكملها؛ حيث تقلل التعديلات الجديدة من جاذبية منصب الرئاسة فهي تقتر الموارد التي يمكن إنفاقها على المساندين والمتملقين على حد سواء، هذا عدا عن كونها تضيق الخناق على زعماء الجماعات الإثنية للعمل في نطاق محدود داخل المجموعات العرقية التي ينتمون إليها. في هذا الصدد وكما يقول معلقون من المرجح أن تكون الانتخابات الرئاسية 2012/2013 تاريخية من حيث خلق نقلة سياسية كبيرة في البلد.
ينضاف إلى ذلك التدخل الأخير لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة المشتبه بهم في ما بات يعرف بعنف ما بعد (PEV = post-election violence)، ومن المتوقع أن يساهم ذلك التدخل في تغيير المشهد السياسي للبلد؛ وذلك لكون دعوى الجنائية الدولية تدين مسئولين كبارا في الحكومة السابقة والحالية والخطير في الأمر هو أن من بين هؤلاء المتهمين مرشحيْن محتمليْن بارزيْن يتمتعان بدعم سياسي معتبر في الأوساط الإثنية التي ينتميان إليها.
من المثير للاهتمام كون استطلاعات الرأي ما زالت تشير إلى رضا غالبية الكينيين عن قرار الملاحقة الذي أصدرته محكمة الجنايات الدولية بحق مرتكبي أعمال العنف التي اندلعت ما بين ديسمبر /كانون الأول 2007 وفبراير /شباط 2008. ورغم أن هذه النسب بدأت تقل، إلا أنه لا يزال هناك دعم لدعوى الجنائية الدولية وما زالت الضبابية تلف الوضع سواء بالنسبة للمواطن الكيني العادي أو بالنسبة للطبقة السياسية بشكل أعم. وبشكل خاص، عزز الخطاب المتداول بين الأوساط السياسية الرسمية الذي يربط بين دعوى محكمة الجنايات الدولية وعملية الانتقال السياسي في كينيا، الانسداد العام والضبابية حول تأثيرات دعوى الجنائية الدولية على الانتخابات الرئاسية 2012/2013. كما يساهم بطء التقدم في تطبيق مجريات الدستور واستمرار الإفلات من العقاب فضلا عن بطء الإصلاحات الرامية لمنع تكرار أعمال العنف التي أعقبت انتخابات 2008 في رفع مستوى التشكك والضبابية عند المواطنين.
ديناميات الانتخابات الرئاسية في كينيا
تركز الحملات الانتخابية الكينية في الغالب على الشؤون الداخلية، وهي شؤون تحركها في أغلب الأحيان عوامل عرقية دون التركيز على الأبعاد الإقليمية والجيوسياسية. وبالفعل فقد كشفت مناقشات أجريت مؤخرا مع بعض المتحمسين الأفارقة تجاهل النقاشات السياسية الكينية للأمور التي ينبغي أن تكون جوهرية لتنمية البلاد وتطورها فيما يخص الجغرافيا السياسية. وفي هذا الخصوص يثير التدخل الكيني في الصومال ردود فعل متباينة من طرف المحللين الذين يرى بعضهم في ذلك التدخل خطوة إيجابية واستثمارا يمكن أن يأتي بمردودات كبيرة على البلد وعلى المنطقة. في المقابل يجادل آخرون في أن هذا النوع من التدخل من طرف دولة ليس لها سياسات عسكرية من هذا القبيل يشكل دعوة متهورة لحركة عنيفة مثل حركة الشباب لاستهداف كينيا.
ووسط الديناميات الإقليمية المعقدة بدأت ديناميات سياسية واقعية في الظهور مع جيل جديد من الشباب القاطنين في المدن والذين يعتبرون أنفسهم على اختلاف جوهري مع جيل الكبار؛ لكونهم أقل اهتماما بمسألة الإثنيات، وبالتالي يصعب التعامل معهم باستخدام عوامل عرقية أو قبلية. ومن المؤشرات الإيجابية لهذا التحول إجبار السياسيين على إعادة النظر وعلى تقويم أيديولوجياتهم وتكتيكاتهم في الحملات الانتخابية؛ لذلك من المرجح أن تكون الرسائل السياسية الصادرة عن السياسيين في الحملات الانتخابية أكثر واقعية. وقد كانت زيادة استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات مثل الإنترنت، والفيسبوك، وتويتر ومنصات تفاعل أخرى. لذلك سيكون لتكنولوجيا المعلومات دور حاسم في سباق الانتخابات الرئاسية الكينية القادمة. ومما يثير الاهتمام أن هذه الفئة من المصوتين كان يتم تجاهلها بشكل كبير في الانتخابات الماضية، ومما لا شك فيه أن الانتخابات المقبلة في الدول المجاورة ستتأثر بشكل كبير بما سيحدث في كينيا.
على أنه في بلد تعتمد فيه الأحزاب السياسية تاريخيا على العامل العرقي من أجل كسب ود الناخبين لا يمكن لعملية مدفوعة من الخارج مثل دعوى الجنائية الدولية أن تفلت من الأمر؛ حيث يعتبر السياسي جومو كينياتا أولا وأخيرا عضوا من مجتمع "الكيكويو" التي تعتبر أكبر مجموعة عرقية في كينيا، في حين يتمتع ريتو وهو من مجموعة "كالنجين" بدعم كبير من نفس المجموعة. وفي سعي من بعض السياسيين لدفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتأجيل دعوى محكمة الجنايات الدولية قام كل من ريتو (من الكالانجين)، وكينياتا (من الكيكويو) ونائب الرئيس ميسيوكا (من الكامبا) بإنشاء تحالف سياسي باسم "ك. ك. ك" قبل أن يتم توسيع هذا التحالف ليضم لاعبين سياسيين جددا تحت اسم جديد هو "مجموعة 7" والهدف الرئيسي من هذا التحالف هو تسهيل فوز أعضاء هذا التحالف على منافسهم رايلا أودينغا في الانتخابات الرئاسية المقبلة حيث تشكل التحالفات التي تعتمد على تشكيلات متحولة أبرز حيلة لصياغة تشكلة عرقية يمكنها القبض على زمام الأمور في الدولة. وكما يقول المعلقون الاجتماعيون مثل الأستاذ أوجيدي من جامعة ويتواترسراند فإن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستتأثر إلى حد كبير بالعوامل العرقية في البلد.
وفي خضم المنافسة السياسية الشديدة، ومع العوامل المتعددة التي سيكون لها دور حاسم في حسم السباق الرئاسي، سيكون للانتخابات الرئاسية القادمة تداعيات إقليمية بعيدة المدى. وكغيرها من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء تعتبر كينيا موطنا لمجموعات عرقية مختلفة. ففي كثير من البلدان الإفريقية، خلفت مرحلة الصراع ضد الاستعمار صراعات عرقية داخلية كبيرة أدت لظهور مشاكل من قبيل عدم الاستقرار السياسي، الحروب الأهلية، عمليات القتل الجماعي بما فيها جرائم الإبادة الجماعية. ولعدة عقود بعد استقلالها بقيت الجمهورية الكينية بعيدا عن هذه الصراعات بشكل نسبي إذ كانت تعتبر إحدى أكثر الدول استقرارا في منطقة مضطربة، لكن هذه السمعة بدأت تتغير منذ بداية التحول إلى النظام التعددي في التسعينات حيث شكلت المنافسة السياسية متمثلة في الانتخابات متنفسا للصراعات العرقية التاريخية التي ظهرت على السطح وهو أمر أصبح يهدد بتصعيد دوائر العنف بشكل دوري بين الجماعات العرقية، وهذا ما يدفعنا للتساؤل هل يمكن تصنيف أحداث العنف 2007/2008 في نفس السياق.
يشكل العامل الشخصي عنصرا رئيسيا في الانتخابات الرئاسية الكينية حيث كان للمرشحين في السابق تأثير قوي في الحملات الانتخابية وعملية التصويت؛ إلا أن السباق الرئاسي المقبل سيكون مختلفا تماما عن أي سباق رئاسي لاحق ويعود ذلك إلى أن قواعد الانتخابات المقبلة قد تمت حياكتها بعناية. فعلى سبيل المثال لن يكون هناك مرشحون يحسمون السباق مسبقا، بل على العكس سيتمكن الكينيون من التصويت على حزمة من المرشحين تتكون من رئيس ونائب أو نائبة للرئيس. والسبب في استحداث منصب نائب للرئيس يمكن في خلق شخص مؤهل لخلافة الرئيس بصورة تلقائية في حالة وفاة أو عجز الرئيس عن القيام بمهامه خلافا لما كان عليه الوضع قبل التعديلات الدستورية الجديدة.
التأثيرات الإقليمية المتوقعة للانتخابات الرئاسية الكينية 2012/2013
ومن المتوقع أن يكون للشباب الصومالي الذي يسكن ويدرس في كينا تأثير كبير على مستقبل الصومال للتأثير المتوقع لما سيرونه من تنظيم انتخابات سلمية تشرف عليها لجنة انتخابات مستقلة في ظل دستور متقدم مما سيسهم في تقدم البلد إلى الأمام. لكن هذه الأطروحات قد تكون آراء وطنية أكثر من اللازم لأنه غداة الغزو الكيني للصومال يبدو أنه كانت توجد تناقضات صارخة حول التعاون بين المنظمات الإقليمية وكينيا. على سبيل المثال أعقب الترحيب الحذر للرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد بعملية التدخل الكيني بتصريح آخر قال فيه أن حكومته ترفض تواجد أية قوة أجنبية على الأراضي الصومالية. وتشكل الموافقة التي حصلت عليها الحكومة الكينية بضم القوات الكينية لقوات حفظ السلام في الصومال "الأميسوم" دليلا على أن الحكومة الكينية لم تكن لديها أية أهداف محددة تسعى لتحقيقها من وراء نشر هذه القوات في الصومال سواء بإعلان النصر أو الانسحاب وهذا ما يخلق دينامية مهمة حول الموضوع في الانتخابات الكينية.
يبقى الدور الذي لعبته كينا في تحرير جنوب السودان ذا أهمية بالغة فيما يستمر جنوب السودان في البحث عن الاستقرار كدولة مستقلة ذات سيادة وسط توتر متصاعد مع دولة السودان وهذا ما يبرز أهمية وجود طرف ثالث للعب دور الوساطة في هذه الأزمة. استضافت إثيوبيا اجتماعا لعملية حل أزمة السودان وجنوب السودان بإشراف من رئيس جنوب إفريقيا السابق ثابو مبكي مفوضا رئيسا في الأزمة، إلا أن حكومات المنطقة بحاجة للعب دور أكثر أهمية للتأثير على الدولتين لإيجاد حل سلمي لخلافاتهما. ويبقى الدور الكيني مركزيا في هذا الصدد، لكن ذلك يعتمد بشكل كبير على نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة في كينيا. في هذه الأثناء يبقى التركيز في الانتخابات الرئاسية الكينية على الشؤون الداخلية وهذا ما يترك دولا تحتاج لدعم كينيا مثل الصومال وجنوب السودان بدون أي داعم لقضاياهما.
وسيكون استقرار كينيا ما بعد الانتخابات الرئاسية 2012/2013 عاملا حيويا للتنمية الاقتصادية للسودان بأكمله؛ لكون كينيا تقدم دعما فعليا في مجالات الموارد البشرية، المهارات التقنية إضافة للعديد من المساعدات الحكومية الأخرى خصوصا لجمهورية جنوب السودان. ومعظم الدول المجاورة لكينيا والمنضوية تحت إطار مجموعة شرق إفريقيا لها مصالح على المحك ستتأثر بشكل مباشر باستقرار كينيا أو عدمه بعد الانتخابات المقبلة. ويشكل العنف الذي أعقب الانتخابات في أوغندا 2007 أبرز مثال على هذا الوضع إضافة لعدد معتبر من الدول الأخرى في مجموعة شرق إفريقيا. وتبرز الأهمية الاستراتيجية لكينيا في الدمار الذي وقع لخط السكة الحديدية بين كينيا وأوغندا والواصل إلى كيبيرا بضواحي نيروبي عاصمة كينيا. والأهم من ذلك هو المصالح الكبيرة التي تمتلكها كينيا في جنوب السودان لقيادتها لعملية السلام التي رعتها منظمة الإيغاد والتي أشرفت على اتفاقية السلام الشامل بين جنوب السودان وشماله. وكقوة اقتصادية في المنطقة ومع مرور الوقت بدأت كينيا في الاستفادة من تطور سوق معتبرة وبنى تحتية رئيسية في جنوب السودان من بينها خط أنابيب للنفط.
وقد نجحت كينيا في الماضي في أن تكون مؤيدة لجنوب السودان دون أن يكون ذلك على حساب صداقتها مع دولة السودان لكن العلاقات الدبلوماسية مع الخرطوم بدأ يشوبها بعض التوتر لأن التوجه الكيني نحو الجنوب أصبح واضحا للعيان مؤخرا. وسيعزز تنظيم انتخابات سلمية في جو استقرار سياسي فرص تحسين العلاقات مع الجنوب خصوصا لكونه يعد مصدرا أساسيا للنفط بالنسبة لكينيا. ومن الملاحظ أن كينيا وجنوب السودان بصدد تطوير بنية تحتية ضخمة لنقل النفط فضلا عن خلق شبكات أخرى مع بقية دول مجموعة شرق إفريقيا بما فيها إثيوبيا. كما تشكل مسألة حرية الحركة بين الحدود مسألة مطروحة لكنها متعلقة بالرئيس الكيني الجديد. وستكون مشكلة الأمن الإقليمي أبرز مشكلة تواجد كينيا ما بعد الانتخابات خصوصا ما يتعلق بالوضع المتفجر في الصومال. ومن أجل تحقيق مصالحها المحتملة، ومن أجل ضمان التعايش السلمي في المنطقة، ستدرك كينيا بشكل متزايد مدى أهمية التنسيق بين منظمة الإيغاد ومنظمة الاتحاد الإفريقي للثقل الذي يلعبه الاتحاد الإفريقي كمنظمة وحدوية لا يمكن تجاهلها في أية خطوة تقدم عليها دول المنطقة، في حين أن مسألة العلاقة بين جنوب السودان وشماله تعتبر مسألة حاسمة. إلا أن السياق الإقليمي الأوسع يعتبر مهما أيضا ويعود ذلك لكون الدولتين لا توجدان في فراغ جيوسياسي حيث تطرح القضايا المتعلقة بالانفصال والعلاقات الثنائية في سياق إقليمي عام.
وتسعى كينيا لتفادى استعداء النظام في الخرطوم بشكل مباشر، ولذلك سعت نيروبي للنأي بنفسها عن قرار المحكمة العليا الكينية في استصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير لمنع تدهور العلاقات الثنائية بين الدولتين. وسبب هذا القرار خلاف دبلوماسي بين البلدين هددت بموجبه الخرطوم بطرد السفير الكيني لديها رغم ذلك فقد أيدت المحكمة هذا القرار رغم مطالبة الحكومة الكينية بالتخلي عنه. ويقضي هذا القرار بتوقيف الرئيس السوداني حالما تطأ قدماه الأراضي الكينية. بحكم كونها الجارة التي تمتلك أكبر نسبة مصالح مع السودان، إضافة لكونها الأكثر قدرة على التأثير على طبيعة العلاقات الثنائية بين دولتي السودان. وتلعب كينيا دورا رياديا في قيادة وتنسيق الجهود الإقليمية والدولية الساعية لإصلاح الوضع بين السودان وجنوب السودان. لذلك على الحكومة الكينية الجديدة مواصلة هذه الجهود بالتنسيق مع الهيئات الإقليمية المعنية مثل الاتحاد الإفريقي ومبادرة حوض النيل بخصوص القضايا ذات البعد الإقليمي مثل قضايا الأمن الحدودي وقضية تسيير وإدارة مياه نهر النيل. كما يتوجب على الحكومة الجديدة بعد الانتخابات المقبلة التحرك من أجل خفض العنف وإيجاد حلول دائمة للصراعات في دارفور، النيل الأزرق وجنوب كردفان.
خاتمة
ما زالت الجراح التي سببتها أعمال العنف الفظيعة التي اندلعت بعد انتخابات 2007/2008 لم تندمل بعد، وهي تتطلب إجراءات عاجلة لمعالجتها. وقد شهدت كينيا محاولات تسعى لتحول الدولة نحو الحكم الرشيد كما شهدت بعض التحسن في المجال السياسي والاجتماعي بعد الفوضى التي أعقبت انتخابات 2007/2008. مع ذلك ما زال العامل العرقي عاملا رئيسيا في العمل السياسي مع انتشار كبير للفساد والإفلات من العقاب. ولا يزال الدور الذي تلعبه النخب السياسية الكينية في هذا الصراع غير كاف لمعالجة الاختلالات الهيكلية التي تعانيها الحياة السياسية الكينية. ولا شك أنه توجد حاجة لتضافر الجهود بين المجتمع المدني والقطاع الخاص لحشد الدعم لتأمين مسار إيجابي للعملية من خلال خلق وعي بين المواطنين المحليين وضمان احترام القوانين المنبثقة عن الدستور الجديد عن آخرها. كما توجد حاجة أخرى لتقدير الدور الذي تقوم به هذه الهيئات في سبيل نشر وتعميم الوعي حول أهمية هذه المؤسسات والبدء في التحولات اللازمة المتعلقة بها. وفي النهاية تحتاج الهيئات المحلية والدولية إلى تضافر الجهود لتحقيق النتائج المرجوة من تنظيم الانتخابات ويشمل ذلك متابعة سلمية الانتخابات إضافة لمسائلة ومراقبة القادة السياسيين. وبشكل عام تبشر الانتخابات الرئاسية الكينية المقبلة بتنافسية كبيرة من المرجح أن تأثر على الدول المجاورة.
____________________________
د لوك أوبالا: محاضر في جامعة نيروبي
ترجم المادة إلى اللغة العربية الحاج ولد إبراهيم: باحث موريتاني متخصص في الإعلام.
الإحالات
1- كثيرا ما يستخدم الساسة في كينيا العامل الإثني من أجل بقائهم السياسي لكون هذا العامل يساهم في استغلال والحصول على دعم مجموعاتهم الإثنية.